[ ص: 480 ] القول في
nindex.php?page=treesubj&link=28974_28653تأويل قوله تعالى ( nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=193ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار ( 193 ) )
قال
أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في تأويل"المنادي" الذي ذكره الله تعالى في هذه الآية .
فقال بعضهم : "المنادي" في هذا الموضع ، القرآن .
ذكر من قال ذلك :
8361 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
قبيصة بن عقبة قال : حدثنا
سفيان ، عن
موسى بن عبيدة ، عن
محمد بن كعب : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=193إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان " ، قال : هو الكتاب ، ليس كلهم لقي النبي صلى الله عليه وسلم .
8362 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
منصور بن حكيم ، عن
خارجة ، عن
موسى بن عبيدة ، عن
محمد بن كعب القرظي في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=193ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان " ، قال : ليس كل الناس سمع النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن المنادي القرآن .
وقال آخرون : بل هو
محمد صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 481 ] ذكر من قال ذلك :
8363 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=193إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان " : قال : هو
محمد صلى الله عليه وسلم .
8364 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=193ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان " ، قال : ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم .
قال
أبو جعفر : وأولى القولين في ذلك بالصواب ، قول
محمد بن كعب ، وهو أن يكون"المنادي" القرآن . لأن كثيرا ممن وصفهم الله بهذه الصفة في هذه الآيات ، ليسوا ممن رأى النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عاينه فسمعوا دعاءه إلى الله تبارك وتعالى ونداءه ، ولكنه القرآن ، وهو نظير قوله جل ثناؤه مخبرا عن الجن إذ سمعوا كلام الله يتلى عليهم أنهم قالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=1إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد ) [ سورة الجن : 1 ، 2 ]
وبنحو ذلك : -
8365 - حدثنا بشر قال : حدثنا
يزيد قال : حدثنا
سعيد ، عن
قتادة قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=193ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان " إلى قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=193وتوفنا مع الأبرار " ، سمعوا دعوة من الله فأجابوها فأحسنوا الإجابة فيها ، وصبروا عليها . ينبئكم الله عن مؤمن الإنس كيف قال : وعن مؤمن الجن كيف قال . فأما مؤمن الجن فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=1إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا ) وأما مؤمن الإنس فقال : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=193إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا ربنا فاغفر لنا ذنوبنا " ، الآية .
وقيل : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=193إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان " ، يعني : ينادي إلى الإيمان ، كما
[ ص: 482 ] قال تعالى ذكره : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=43الحمد لله الذي هدانا لهذا ) [ سورة الأعراف : 43 ] بمعنى : هدانا إلى هذا ، وكما قال الراجز :
أوحى لها القرار فاستقرت وشدها بالراسيات الثبت
بمعنى : أوحى إليها ، ومنه قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=5بأن ربك أوحى لها ) [ سورة الزلزلة : 5 ]
وقيل : يحتمل أن يكون معناه : إننا سمعنا مناديا للإيمان ، ينادي أن آمنوا بربكم .
فتأويل الآية إذا : ربنا سمعنا داعيا يدعو إلى الإيمان يقول : إلى التصديق بك ، والإقرار بوحدانيتك ، واتباع رسولك ، وطاعته فيما أمرنا به ونهانا عنه مما جاء به من عندك" فآمنا ربنا" ، يقول : فصدقنا بذلك يا ربنا . "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=193فاغفر لنا ذنوبنا " ، يقول : فاستر علينا خطايانا ، ولا تفضحنا بها في القيامة على رءوس الأشهاد ، بعقوبتك إيانا عليها ، ولكن كفرها عنا ، وسيئات أعمالنا ، فامحها بفضلك ورحمتك إيانا"
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=193وتوفنا مع الأبرار " ، يعني بذلك : واقبضنا إليك إذا قبضتنا إليك ، في عداد الأبرار ، واحشرنا محشرهم ومعهم .
و"الأبرار" جمع"بر" ، وهم الذين بروا الله تبارك وتعالى بطاعتهم إياه وخدمتهم له ، حتى أرضوه فرضي عنهم .
[ ص: 480 ] الْقَوْلُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28974_28653تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى ( nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=193رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ ( 193 ) )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ"الْمُنَادِي" الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ .
فَقَالَ بَعْضُهُمُ : "الْمُنَادِي" فِي هَذَا الْمَوْضِعِ ، الْقُرْآنُ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
8361 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا
سُفْيَانُ ، عَنْ
مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=193إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ " ، قَالَ : هُوَ الْكِتَابُ ، لَيْسَ كُلُّهُمْ لَقِيَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
8362 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ قَالَ : حَدَّثَنَا
مَنْصُورُ بْنُ حَكِيمٍ ، عَنْ
خَارِجَةَ ، عَنْ
مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=193رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ " ، قَالَ : لَيْسَ كُلُّ النَّاسِ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَكِنَّ الْمُنَادِيَ الْقُرْآنُ .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ هُوَ
مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
[ ص: 481 ] ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
8363 - حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ قَالَ : حَدَّثَنِي
حَجَّاجٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ قَوْلُهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=193إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ " : قَالَ : هُوَ
مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
8364 - حَدَّثَنِي
يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=193رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ " ، قَالَ : ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَأَوْلَى الْقَوْلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ ، قَوْلُ
مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ"الْمُنَادِي" الْقُرْآنَ . لِأَنَّ كَثِيرًا مِمَّنْ وَصَفَهُمُ اللَّهُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ ، لَيْسُوا مِمَّنْ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَا عَايَنَهُ فَسَمِعُوا دُعَاءَهُ إِلَى اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَنِدَاءَهُ ، وَلَكِنَّهُ الْقُرْآنُ ، وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مُخْبِرًا عَنِ الْجِنِّ إِذْ سَمِعُوا كَلَامَ اللَّهِ يُتْلَى عَلَيْهِمْ أَنَّهُمْ قَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=1إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ ) [ سُورَةُ الْجِنِّ : 1 ، 2 ]
وَبِنَحْوِ ذَلِكَ : -
8365 - حَدَّثَنَا بِشْرٌ قَالَ : حَدَّثَنَا
يَزِيدُ قَالَ : حَدَّثَنَا
سَعِيدٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ قَوْلُهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=193رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ " إِلَى قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=193وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ " ، سَمِعُوا دَعْوَةً مِنَ اللَّهِ فَأَجَابُوهَا فَأَحْسَنُوا الْإِجَابَةَ فِيهَا ، وَصَبَرُوا عَلَيْهَا . يُنْبِئُكُمُ اللَّهُ عَنْ مُؤْمِنِ الْإِنْسِ كَيْفَ قَالَ : وَعَنْ مُؤْمِنِ الْجِنِّ كَيْفَ قَالَ . فَأَمَّا مُؤْمِنُ الْجِنِّ فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=1إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا ) وَأَمَّا مُؤْمِنُ الْإِنْسِ فَقَالَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=193إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا " ، الْآيَةَ .
وَقِيلَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=193إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ " ، يَعْنِي : يُنَادِي إِلَى الْإِيمَانِ ، كَمَا
[ ص: 482 ] قَالَ تَعَالَى ذِكْرُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=43الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا ) [ سُورَةُ الْأَعْرَافِ : 43 ] بِمَعْنَى : هَدَانَا إِلَى هَذَا ، وَكَمَا قَالَ الرَّاجِزُ :
أَوْحَى لَهَا الْقَرَارَ فَاسْتَقَرَّتِ وَشَدَّهَا بِالرَّاسِيَاتِ الثُّبَّتِ
بِمَعْنَى : أَوْحَى إِلَيْهَا ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=5بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ) [ سُورَةُ الزَّلْزَلَةِ : 5 ]
وَقِيلَ : يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ : إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا لِلْإِيمَانِ ، يُنَادِي أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ .
فَتَأْوِيلُ الْآيَةِ إِذًا : رَبَّنَا سَمِعْنَا دَاعِيًا يَدْعُو إِلَى الْإِيمَانِ يَقُولُ : إِلَى التَّصْدِيقِ بِكَ ، وَالْإِقْرَارِ بِوَحْدَانِيَّتِكَ ، وَاتِّبَاعِ رَسُولِكَ ، وَطَاعَتِهِ فِيمَا أَمَرَنَا بِهِ وَنَهَانَا عَنْهُ مِمَّا جَاءَ بِهِ مِنْ عِنْدِكَ" فَآمَنَّا رَبَّنَا" ، يَقُولُ : فَصَدَّقْنَا بِذَلِكَ يَا رَبَّنَا . "
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=193فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا " ، يَقُولُ : فَاسْتُرْ عَلَيْنَا خَطَايَانَا ، وَلَا تَفْضَحْنَا بِهَا فِي الْقِيَامَةِ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ ، بِعُقُوبَتِكَ إِيَّانَا عَلَيْهَا ، وَلَكِنْ كَفِّرْهَا عَنَّا ، وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا ، فَامْحُهَا بِفَضْلِكَ وَرَحْمَتِكَ إِيَّانَا"
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=193وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ " ، يَعْنِي بِذَلِكَ : وَاقْبِضْنَا إِلَيْكَ إِذَا قَبَضْتَنَا إِلَيْكَ ، فِي عِدَادِ الْأَبْرَارِ ، وَاحْشُرْنَا مَحْشَرَهُمْ وَمَعَهُمْ .
وَ"الْأَبْرَارُ" جَمْعُ"بَرٍّ" ، وَهُمُ الَّذِينَ بَرُّوا اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِطَاعَتِهِمْ إِيَّاهُ وَخِدْمَتِهِمْ لَهُ ، حَتَّى أَرْضَوْهُ فَرَضِيَ عَنْهُمْ .