القول في تأويل قوله عز ذكره (
nindex.php?page=treesubj&link=28976_31931_29379_30726_32416nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم )
قال
أبو جعفر : يقول تبارك وتعالى لنبيه
محمد صلى الله عليه وسلم : ولا تزال يا
محمد تطلع من
اليهود الذين أنبأتك نبأهم ، من نقضهم ميثاقي ، ونكثهم
[ ص: 131 ] عهدي ، مع أيادي عندهم ، ونعمتي عليهم على مثل ذلك من الغدر والخيانة "إلا قليلا منهم" ، إلا قليلا منهم [ لم يخونوا ] .
و"الخائنة" في هذا الموضع : الخيانة ، وضع - وهو اسم - موضع المصدر ، كما قيل : "خاطئة" ، للخطيئة و"قائلة" للقيلولة .
وقوله : "إلا قليلا منهم" استثناء من "الهاء والميم" اللتين في قوله : "على خائنة منهم" .
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
ذكر من قال ذلك :
11589 - حدثنا
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة في قوله : "ولا تزال تطلع على خائنة منهم" قال : على خيانة وكذب وفجور .
11590 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم قال : حدثنا
عيسى ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد في قول الله جل وعز : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13ولا تزال تطلع على خائنة منهم " قال : هم يهود ، مثل الذي هموا به من النبي صلى الله عليه وسلم يوم دخل حائطهم .
[ ص: 132 ]
11591 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، بنحوه .
11592 - حدثنا
القاسم قال : حدثنا
الحسين قال : حدثني
حجاج قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، قال
مجاهد وعكرمة قوله : "ولا تزال تطلع على خائنة منهم" من يهود ، مثل الذي هموا بالنبي صلى الله عليه وسلم يوم دخل عليهم .
وقال بعض القائلين : معنى ذلك : ولا تزال تطلع على خائن منهم ، قال : والعرب تزيد "الهاء" في آخر المذكر كقولهم : "هو راوية للشعر" ، و"رجل علامة" ، وأنشد :
حدثت نفسك بالوفاء ولم تكن للغدر خائنة مغل الإصبع
[ ص: 133 ] فقال : "خائنة" ، وهو يخاطب رجلا .
قال
أبو جعفر : والصواب من التأويل في ذلك القول الذي رويناه عن أهل التأويل . لأن الله عنى بهذه الآية القوم من يهود
بني النضير الذين هموا بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، إذ أتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعينهم في دية
العامريين ، فأطلعه الله عز ذكره على ما قد هموا به . ثم قال جل ثناؤه بعد تعريفه أخبار أوائلهم ، وإعلامه منهج أسلافهم ، وأن آخرهم على منهاج أولهم في الغدر والخيانة ، لئلا يكبر فعلهم ذلك على نبي الله صلى الله عليه وسلم ، فقال جل ثناؤه : ولا تزال تطلع من اليهود على خيانة وغدر ونقض عهد ولم يرد أنه لا يزال يطلع على رجل منهم خائن . وذلك أن الخبر ابتدئ به عن جماعتهم فقيل : "يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم" ، ثم قيل : "ولا تزال تطلع على خائنة منهم" ، فإذ كان الابتداء عن الجماعة ، فالختم بالجماعة أولى .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ عَزَّ ذِكْرُهُ (
nindex.php?page=treesubj&link=28976_31931_29379_30726_32416nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : يَقُولُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِنَبِيِّهِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَلَا تَزَالُ يَا
مُحَمَّدُ تَطَّلِعُ مِنَ
الْيَهُودِ الَّذِينَ أَنْبَأْتُكَ نَبَأَهُمْ ، مِنْ نَقْضِهِمْ مِيثَاقِي ، وَنَكْثِهِمْ
[ ص: 131 ] عَهْدِي ، مَعَ أَيَادِيَّ عِنْدَهُمْ ، وَنِعْمَتِي عَلَيْهِمْ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ مِنَ الْغَدْرِ وَالْخِيَانَةِ "إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ" ، إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ [ لَمْ يَخُونُوا ] .
وَ"الْخَائِنَةُ" فِي هَذَا الْمَوْضِعِ : الْخِيَانَةُ ، وُضِعَ - وَهُوَ اسْمٌ - مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ ، كَمَا قِيلَ : "خَاطِئَةً" ، لِلْخَطِيئَةِ وَ"قَائِلَةً" لِلْقَيْلُولَةِ .
وَقَوْلُهُ : "إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ" اسْتِثْنَاءٌ مِنْ "الْهَاءِ وَالْمِيمِ" اللَّتَيْنِ فِي قَوْلِهِ : "عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ" .
وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
11589 - حَدَّثَنَا
الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ : أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ : أَخْبَرَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ : "وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ" قَالَ : عَلَى خِيَانَةٍ وَكَذِبٍ وَفُجُورٍ .
11590 - حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
عِيسَى ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=13وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ " قَالَ : هُمْ يَهُودُ ، مِثْلُ الَّذِي هَمُّوا بِهِ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ دَخْلَ حَائِطَهُمْ .
[ ص: 132 ]
11591 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا
شِبْلٌ ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، بِنَحْوِهِ .
11592 - حَدَّثَنَا
الْقَاسِمُ قَالَ : حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ قَالَ : حَدَّثَنِي
حَجَّاجٌ قَالَ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ ، قَالَ
مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ قَوْلُهُ : "وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ" مِنْ يَهُودَ ، مِثْلُ الَّذِي هَمُّوا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ دَخَلَ عَلَيْهِمْ .
وَقَالَ بَعْضُ الْقَائِلِينَ : مَعْنَى ذَلِكَ : وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنٍ مِنْهُمْ ، قَالَ : وَالْعَرَبُ تَزِيدُ "الْهَاءَ" فِي آخِرِ الْمُذَكَّرِ كَقَوْلِهِمْ : "هُوَ رَاوِيَةٌ لِلشِّعْرِ" ، وَ"رَجُلٌ عَلَّامَةَ" ، وَأَنْشَدَ :
حَدَّثْتَ نَفْسَكَ بِالْوَفَاءِ ولَمْ تَكُنْ لِلْغَدْرِ خَائِنَةً مُغِلَّ الْإِصْبَعِ
[ ص: 133 ] فَقَالَ : "خَائِنَةً" ، وَهُوَ يُخَاطِبُ رَجُلًا .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَالصَّوَابُ مِنَ التَّأْوِيلِ فِي ذَلِكَ الْقَوْلُ الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْ أَهْلِ التَّأْوِيلِ . لِأَنَّ اللَّهَ عَنَى بِهَذِهِ الْآيَةِ الْقَوْمَ مِنْ يَهُودِ
بَنِي النَّضِيرِ الَّذِينَ هَمُّوا بِقَتْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ ، إِذْ أَتَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَعِينُهُمْ فِي دِيَةِ
الْعَامِرِيَّيْنِ ، فَأَطْلَعَهُ اللَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ عَلَى مَا قَدْ هَمُّوا بِهِ . ثُمَّ قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بَعْدَ تَعْرِيفِهِ أَخْبَارَ أَوَائِلِهِمْ ، وَإِعْلَامِهِ مَنْهَجَ أَسْلَافِهِمْ ، وَأَنَّ آخِرَهُمْ عَلَى مِنْهَاجِ أَوَّلِهِمْ فِي الْغَدْرِ وَالْخِيَانَةِ ، لِئَلَّا يَكْبُرَ فِعْلُهُمْ ذَلِكَ عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ مِنَ الْيَهُودِ عَلَى خِيَانَةٍ وَغَدْرٍ وَنَقْضِ عَهْدٍ وَلَمْ يَرِدْ أَنَّهُ لَا يَزَالُ يَطَّلِعُ عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ خَائِنٍ . وَذَلِكَ أَنَّ الْخَبَرَ ابْتُدِئَ بِهِ عَنْ جَمَاعَتِهِمْ فَقِيلَ : "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ" ، ثُمَّ قِيلَ : "وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ" ، فَإِذْ كَانَ الِابْتِدَاءُ عَنِ الْجَمَاعَةِ ، فَالْخَتْمُ بِالْجَمَاعَةِ أَوْلَى .