[ ص: 481 ] القول في تأويل قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=106نأت بخير منها أو مثلها )
قال
أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في
nindex.php?page=treesubj&link=28973_27881تأويل قوله : ( نأت بخير منها أو مثلها ) . فقال بعضهم بما : -
1771 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
عبد الله بن صالح قال : حدثني
معاوية بن صالح ، عن
علي بن أبي طلحة ، عن
ابن عباس : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=106نأت بخير منها أو مثلها ) ، يقول : خير لكم في المنفعة ، وأرفق بكم .
وقال آخرون بما :
1772 - حدثني به
الحسن بن يحيى قال : أخبرنا
عبد الرزاق قال : أخبرنا
معمر ، عن
قتادة في قوله : ( نأت بخير منها أو مثلها ) ، يقول : آية فيها تخفيف ، فيها رحمة ، فيها أمر ، فيها نهي .
وقال آخرون : نأت بخير من التي نسخناها ، أو بخير من التي تركناها فلم ننسخها .
ذكر من قال ذلك :
1773 - حدثني
موسى قال : حدثنا
عمرو قال : حدثنا
أسباط ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : ( نأت بخير منها ) ، يقول : نأت بخير من التي نسخناها ، أو مثلها ، أو مثل التي تركناها .
"فالهاء والألف" اللتان في قوله : ( منها ) - عائدتان على هذه المقالة - على الآية في قوله : ( ما ننسخ من آية ) . و"الهاء والألف" اللتان في قوله : ( أو مثلها ) ، عائدتان على"الهاء والألف" اللتين في قوله : ( أو ننسها ) .
وقال آخرون بما : -
1774 - حدثني به
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل ، عن
[ ص: 482 ] ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد قال : كان
nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير يقول : ( ننسها ) : نرفعها من عندكم ، نأت بمثلها أو خير منها .
1775 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
الربيع : ( أو ننسها ) ، نرفعها ، نأت بخير منها أو بمثلها .
1776 - وحدثني
المثنى قال : حدثنا
إسحاق قال : حدثنا
بكر بن شوذب ، عن
ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، عن أصحاب
ابن مسعود مثله .
والصواب من القول في معنى ذلك عندنا : ما نبدل من حكم آية فنغيره ، أو نترك تبديله فنقره بحاله ، نأت بخير منها لكم - من حكم الآية التي نسخنا فغيرنا حكمها - إما في العاجل لخفته عليكم ، من أجل أنه وضع فرض كان عليكم ، فأسقط ثقله عنكم ، وذلك كالذي كان على المؤمنين من فرض قيام الليل ، ثم نسخ ذلك فوضع عنهم ، فكان ذلك خيرا لهم في عاجلهم ، لسقوط عبء ذلك وثقل حمله عنهم ، وإما في الآجل لعظم ثوابه ، من أجل مشقة حمله ، وثقل عبئه على الأبدان ، كالذي كان عليهم من صيام أيام معدودات في السنة ، فنسخ وفرض عليهم مكانه صوم شهر كامل في كل حول ، فكان فرض صوم شهر كامل كل سنة أثقل على الأبدان من صيام أيام معدودات غير أن ذلك ، وإن كان كذلك ، فالثواب عليه أجزل ، والأجر عليه أكثر؛ لفضل مشقته على مكلفيه من صوم أيام معدودات ، فذلك وإن كان على الأبدان أشق ، فهو خير من الأول في الآجل لفضل ثوابه وعظم أجره ، الذي لم يكن مثله لصوم الأيام المعدودات ، فذلك معنى قوله : ( نأت بخير منها ) ؛ لأنه إما بخير منها في العاجل لخفته على من كلفه ، أو في الآجل لعظم ثوابه وكثرة أجره .
أو يكون مثلها في المشقة على البدن واستواء الأجر والثواب عليه ، نظير نسخ الله تعالى ذكره فرض الصلاة شطر
بيت المقدس ، إلى فرضها شطر المسجد الحرام .
[ ص: 483 ] فالتوجه شطر
بيت المقدس ، وإن خالف التوجه شطر المسجد ، فكلفة التوجه - شطر أيهما توجه شطره - واحدة؛ لأن الذي على المتوجه شطر بيت المقدس من مئونة توجهه شطره ، نظير الذي على بدنه مؤنة توجهه شطر
الكعبة ، سواء ، فذلك هو معنى "المثل" الذي قال جل ثناؤه : ( أو مثلها ) .
وإنما عنى جل ثناؤه بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=106ما ننسخ من آية أو ننسها ) : ما ننسخ من حكم آية أو ننسه ، غير أن المخاطبين بالآية لما كان مفهوما عندهم معناها ، اكتفي بدلالة ذكر "الآية" من ذكر "حكمها" ، وذلك نظير سائر ما ذكرنا من نظائره فيما مضى من كتابنا هذا ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=93وأشربوا في قلوبهم العجل ) [ البقرة : 93 ] ، بمعنى حب العجل ، ونحو ذلك .
فتأويل الآية إذا : ما نغير من حكم آية فنبدله ، أو نتركه فلا نبدله ، نأت بخير لكم - أيها المؤمنون - حكما منها ، أو مثل حكمها في الخفة والثقل والأجر والثواب .
فإن قال قائل : فإنا قد علمنا أن العجل لا يشرب في القلوب ، وأنه لا يلتبس على من سمع قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=93وأشربوا في قلوبهم العجل ) ، أن معناه : وأشربوا في قلوبهم حب العجل ، فما الذي يدل على أن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=106ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها ) - لذلك نظير؟
قيل : الذي دل على أن ذلك كذلك قوله : ( نأت بخير منها أو مثلها ) ، وغير جائز أن يكون من القرآن شيء خير من شيء؛ لأن جميعه كلام الله ، ولا يجوز في صفات الله تعالى ذكره أن يقال : بعضها أفضل من بعض ، وبعضها خير من بعض .
[ ص: 481 ] الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=106نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28973_27881تَأْوِيلِ قَوْلِهِ : ( نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ) . فَقَالَ بَعْضُهُمْ بِمَا : -
1771 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ : حَدَّثَنِي
مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ، عَنْ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=106نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ) ، يَقُولُ : خَيْرٌ لَكُمْ فِي الْمَنْفَعَةِ ، وَأَرْفَقُ بِكُمْ .
وَقَالَ آخَرُونَ بِمَا :
1772 - حَدَّثَنِي بِهِ
الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى قَالَ : أَخْبَرَنَا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ : أَخْبَرَنَا
مَعْمَرٌ ، عَنْ
قَتَادَةَ فِي قَوْلِهِ : ( نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مَثَلِهَا ) ، يَقُولُ : آيَةٌ فِيهَا تَخْفِيفٌ ، فِيهَا رَحْمَةٌ ، فِيهَا أَمْرٌ ، فِيهَا نَهْيٌ .
وَقَالَ آخَرُونَ : نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنَ الَّتِي نَسَخْنَاهَا ، أَوْ بِخَيْرٍ مِنَ الَّتِي تَرَكْنَاهَا فَلَمْ نَنْسَخْهَا .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
1773 - حَدَّثَنِي
مُوسَى قَالَ : حَدَّثَنَا
عَمْرٌو قَالَ : حَدَّثَنَا
أَسْبَاطٌ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ : ( نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا ) ، يَقُولُ : نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنَ الَّتِي نَسَخْنَاهَا ، أَوْ مِثْلِهَا ، أَوْ مِثْلِ الَّتِي تَرَكْنَاهَا .
"فَالْهَاءُ وَالْأَلِفُ" اللَّتَانِ فِي قَوْلِهِ : ( مِنْهَا ) - عَائِدَتَانِ عَلَى هَذِهِ الْمَقَالَةِ - عَلَى الْآيَةِ فِي قَوْلِهِ : ( مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ ) . وَ"الْهَاءُ وَالْأَلِفُ" اللَّتَانِ فِي قَوْلِهِ : ( أَوْ مِثْلِهَا ) ، عَائِدَتَانِ عَلَى"الْهَاءِ وَالْأَلِفِ" اللَّتَيْنِ فِي قَوْلِهِ : ( أَوْ نُنْسِهَا ) .
وَقَالَ آخَرُونَ بِمَا : -
1774 - حَدَّثَنِي بِهِ
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا
شِبْلٌ ، عَنِ
[ ص: 482 ] ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ قَالَ : كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=16531عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ يَقُولُ : ( نُنْسِهَا ) : نَرْفَعْهَا مِنْ عِنْدِكُمْ ، نَأْتِ بِمِثْلِهَا أَوْ خَيْرٍ مِنْهَا .
1775 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ قَالَ : حَدَّثَنَا
ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
الرَّبِيعِ : ( أَوْ نُنْسِهَا ) ، نَرْفَعْهَا ، نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ بِمِثْلِهَا .
1776 - وَحَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ قَالَ : حَدَّثَنَا
بَكْرُ بْنُ شَوْذَبٍ ، عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ
مُجَاهِدٍ ، عَنْ أَصْحَابِ
ابْنِ مَسْعُودٍ مِثْلَهُ .
وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي مَعْنَى ذَلِكَ عِنْدَنَا : مَا نُبَدِّلْ مِنْ حُكْمِ آيَةٍ فَنُغَيِّرْهُ ، أَوْ نَتْرُكْ تَبْدِيلَهُ فَنُقِرَّهُ بِحَالِهِ ، نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا لَكُمْ - مَنْ حُكْمِ الْآيَةِ الَّتِي نَسَخْنَا فَغَيَّرْنَا حُكْمَهَا - إِمَّا فِي الْعَاجِلِ لِخِفَّتِهِ عَلَيْكُمْ ، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ وَضْعُ فَرْضٍ كَانَ عَلَيْكُمْ ، فَأُسْقِطَ ثِقْلُهُ عَنْكُمْ ، وَذَلِكَ كَالَّذِي كَانَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ مِنْ فَرْضِ قِيَامِ اللَّيْلِ ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ فَوُضِعَ عَنْهُمْ ، فَكَانَ ذَلِكَ خَيْرًا لَهُمْ فِي عَاجَلِهُمْ ، لِسُقُوطِ عِبْءِ ذَلِكَ وَثِقْلِ حَمْلِهِ عَنْهُمْ ، وَإِمَّا فِي الْآجِلِ لِعِظَمِ ثَوَابِهِ ، مِنْ أَجْلِ مَشَقَّةِ حَمْلِهِ ، وَثِقْلِ عِبْئِهِ عَلَى الْأَبْدَانِ ، كَالَّذِي كَانَ عَلَيْهِمْ مِنْ صِيَامِ أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فِي السَّنَةِ ، فَنُسِخَ وَفُرِضَ عَلَيْهِمْ مَكَانَهُ صَوْمُ شَهْرٍ كَامِلٍ فِي كُلِّ حَوْلٍ ، فَكَانَ فَرْضُ صَوْمِ شَهْرٍ كَامِلٍ كُلَّ سَنَةٍ أَثْقَلَ عَلَى الْأَبْدَانِ مِنْ صِيَامِ أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ غَيْرَ أَنَّ ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ ، فَالثَّوَابُ عَلَيْهِ أَجْزَلُ ، وَالْأَجْرُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ؛ لِفَضْلِ مَشَقَّتِهِ عَلَى مُكَلَّفِيهِ مِنْ صَوْمِ أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ ، فَذَلِكَ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْأَبْدَانِ أَشَقَّ ، فَهُوَ خَيْرٌ مِنَ الْأَوَّلِ فِي الْآجِلِ لِفَضْلِ ثَوَابِهِ وَعِظَمِ أَجْرِهِ ، الَّذِي لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ لِصَوْمِ الْأَيَّامِ الْمَعْدُودَاتِ ، فَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ : ( نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا ) ؛ لِأَنَّهُ إِمَّا بِخَيْرٍ مِنْهَا فِي الْعَاجِلِ لِخِفَّتِهِ عَلَى مَنْ كُلِّفَهُ ، أَوْ فِي الْآجِلِ لِعِظَمِ ثَوَابِهِ وَكَثْرَةِ أَجْرِهِ .
أَوْ يَكُونُ مِثْلَهَا فِي الْمَشَقَّةِ عَلَى الْبَدَنِ وَاسْتِوَاءِ الْأَجْرِ وَالثَّوَابِ عَلَيْهِ ، نَظِيرَ نَسْخِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ فَرْضَ الصَّلَاةِ شَطْرَ
بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، إِلَى فَرْضِهَا شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ .
[ ص: 483 ] فَالتَّوَجُّهُ شَطْرَ
بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، وَإِنْ خَالَفَ التَّوَجُّهَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ ، فَكُلْفَةُ التَّوَجُّهِ - شَطْرَ أَيِّهِمَا تُوُجِّهَ شَطْرَهُ - وَاحِدَةٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي عَلَى الْمُتَوَجِّهِ شَطْرَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ مِنْ مُئُونَةِ تَوَجُّهِهِ شَطْرَهُ ، نَظِيرُ الَّذِي عَلَى بَدَنِهِ مُؤْنَةُ تُوَجُّهِهِ شَطْرَ
الْكَعْبَةِ ، سَوَاءً ، فَذَلِكَ هُوَ مَعْنَى "الْمِثْلِ" الَّذِي قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : ( أَوْ مِثْلِهَا ) .
وَإِنَّمَا عَنَى جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=106مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا ) : مَا نَنْسَخْ مِنْ حُكْمِ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهِ ، غَيْرَ أَنَّ الْمُخَاطَبِينَ بِالْآيَةِ لَمَّا كَانَ مَفْهُومًا عِنْدَهُمْ مَعْنَاهَا ، اكْتُفِيَ بِدِلَالَةِ ذِكْرِ "الْآيَةِ" مِنْ ذِكْرِ "حُكْمِهَا" ، وَذَلِكَ نَظِيرُ سَائِرِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ نَظَائِرِهِ فِيمَا مَضَى مِنْ كِتَابِنَا هَذَا ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=93وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ ) [ الْبَقَرَةِ : 93 ] ، بِمَعْنَى حُبِّ الْعِجْلِ ، وَنَحْوَ ذَلِكَ .
فَتَأْوِيلُ الْآيَةِ إِذًا : مَا نُغَيِّرْ مِنْ حُكْمِ آيَةٍ فَنُبَدِّلْهُ ، أَوْ نَتْرُكْهُ فَلَا نُبَدِّلْهُ ، نَأْتِ بِخَيْرٍ لَكُمْ - أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ - حُكْمًا مِنْهَا ، أَوْ مِثْلَ حُكْمِهَا فِي الْخِفَّةِ وَالثِّقَلِ وَالْأَجْرِ وَالثَّوَابِ .
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَإِنَّا قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ الْعِجْلَ لَا يُشْرَبُ فِي الْقُلُوبِ ، وَأَنَّهُ لَا يَلْتَبِسُ عَلَى مَنْ سَمِعَ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=93وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ ) ، أَنَّ مَعْنَاهُ : وَأَشْرَبُوا فِي قُلُوبِهِمْ حُبَّ الْعِجْلِ ، فَمَا الَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=106مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا ) - لِذَلِكَ نَظِيرٌ؟
قِيلَ : الَّذِي دَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ : ( نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ) ، وَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْقُرْآنِ شَيْءٌ خَيِّرٌ مِنْ شَيْءٍ؛ لِأَنَّ جَمِيعَهُ كَلَامُ اللَّهِ ، وَلَا يَجُوزُ فِي صِفَاتِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَنْ يُقَالَ : بَعْضُهَا أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ ، وَبَعْضُهَا خَيْرٌ مِنْ بَعْضٍ .