[ ص: 505 ] القول في
nindex.php?page=treesubj&link=28973_30531_25208_32946تأويل قوله تعالى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=110وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله )
قال
أبو جعفر : قد دللنا فيما مضى على معنى : "إقامة الصلاة" ، وأنها أداؤها بحدودها وفروضها ، وعلى تأويل "الصلاة" وما أصلها ، وعلى معنى "إيتاء الزكاة" ، وأنه إعطاؤها بطيب نفس على ما فرضت ووجبت ، وعلى معنى "الزكاة" واختلاف المختلفين فيها ، والشواهد الدالة على صحة القول الذي اخترنا في ذلك ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع .
وأما قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=110وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله ) ، فإنه - يعني جل ثناؤه - بذلك : ومهما تعملوا من عمل صالح في أيام حياتكم ، فتقدموه قبل وفاتكم ذخرا لأنفسكم في معادكم ، تجدوا ثوابه عند ربكم يوم القيامة ، فيجازيكم به .
و"الخير" هو العمل الذي يرضاه الله . وإنما قال : ( تجدوه ) ، والمعنى : تجدوا ثوابه ، كما : -
1801 - حدثت عن
عمار بن الحسن قال : حدثنا
ابن أبي جعفر ، عن أبيه ، عن
الربيع قوله : ( تجدوه ) يعني : تجدوا ثوابه عند الله .
قال
أبو جعفر : لاستغناء سامعي ذلك بدليل ظاهر على معنى المراد منه ، كما قال
عمر بن لجأ :
وسبحت المدينة لا تلمها رأت قمرا بسوقهم نهارا
وإنما أراد : وسبح أهل المدينة .
[ ص: 506 ]
وإنما أمرهم - جل ثناؤه - في هذا الموضع بما أمرهم به ، من إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وتقديم الخيرات لأنفسهم ، ليطهروا بذلك من الخطأ الذي سلف منهم في استنصاحهم
اليهود ، وركون من كان ركن منهم إليهم ، وجفاء من كان جفا منهم في خطابه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : ( راعنا ) ، إذ كانت إقامة الصلوات كفارة للذنوب ، وإيتاء الزكاة تطهيرا للنفوس والأبدان من أدناس الآثام ، وفي تقديم الخيرات إدراك الفوز برضوان الله .
[ ص: 505 ] الْقَوْلُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28973_30531_25208_32946تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى : ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=110وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : قَدْ دَلَّلْنَا فِيمَا مَضَى عَلَى مَعْنَى : "إِقَامَةِ الصَّلَاةِ" ، وَأَنَّهَا أَدَاؤُهَا بِحُدُودِهَا وَفُرُوضِهَا ، وَعَلَى تَأْوِيلِ "الصَّلَاةِ" وَمَا أَصْلُهَا ، وَعَلَى مَعْنَى "إِيتَاءِ الزَّكَاةِ" ، وَأَنَّهُ إِعْطَاؤُهَا بِطِيبِ نَفْسٍ عَلَى مَا فُرِضَتْ وَوَجَبَتْ ، وَعَلَى مَعْنَى "الزَّكَاةِ" وَاخْتِلَافِ الْمُخْتَلِفِينَ فِيهَا ، وَالشَّوَاهِدِ الدَّالَّةِ عَلَى صِحَّةِ الْقَوْلِ الَّذِي اخْتَرْنَا فِي ذَلِكَ ، بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=110وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ ) ، فَإِنَّهُ - يَعْنِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ - بِذَلِكَ : وَمَهْمَا تَعْمَلُوا مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ فِي أَيَّامِ حَيَاتِكُمْ ، فَتُقَدِّمُوهُ قَبْلَ وَفَاتِكُمْ ذُخْرًا لِأَنْفُسِكُمْ فِي مَعَادِكُمْ ، تَجِدُوا ثَوَابَهُ عِنْدَ رَبِّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَيُجَازِيكُمْ بِهِ .
وَ"الْخَيْرُ" هُوَ الْعَمَلُ الَّذِي يَرْضَاهُ اللَّهُ . وَإِنَّمَا قَالَ : ( تَجِدُوهُ ) ، وَالْمَعْنَى : تَجِدُوا ثَوَابَهُ ، كَمَا : -
1801 - حُدِّثْتُ عَنْ
عَمَّارِ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ : حَدَّثَنَا
ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
الرَّبِيعِ قَوْلُهُ : ( تَجِدُوهُ ) يَعْنِي : تَجِدُوا ثَوَابَهُ عِنْدَ اللَّهِ .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : لِاسْتِغْنَاءِ سَامِعِي ذَلِكَ بِدَلِيلٍ ظَاهِرٍ عَلَى مَعْنَى الْمُرَادِ مِنْهُ ، كَمَا قَالَ
عُمَرُ بْنُ لَجَأٍ :
وَسَبَّحَتِ الْمَدِينَةُ لَا تَلُمْهَا رَأَتْ قَمَرًا بِسُوقِهِمُ نَهَارَا
وَإِنَّمَا أَرَادَ : وَسَبَّحَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ .
[ ص: 506 ]
وَإِنَّمَا أَمَرَهُمْ - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِمَا أَمَرَهُمْ بِهِ ، مِنْ إِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَتَقْدِيمِ الْخَيْرَاتِ لِأَنْفُسِهِمْ ، لِيَطَّهَّرُوا بِذَلِكَ مِنَ الْخَطَأِ الَّذِي سَلَفَ مِنْهُمْ فِي اسْتِنْصَاحِهِمُ
الْيَهُودَ ، وَرُكُونِ مَنْ كَانَ رَكَنَ مِنْهُمْ إِلَيْهِمْ ، وَجَفَاءِ مَنْ كَانَ جَفَا مِنْهُمْ فِي خِطَابِهِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ : ( رَاعِنَا ) ، إِذْ كَانَتْ إِقَامَةُ الصَّلَوَاتِ كَفَّارَةً لِلذُّنُوبِ ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ تَطْهِيرًا لِلنُّفُوسِ وَالْأَبْدَانِ مِنْ أَدْنَاسِ الْآثَامِ ، وَفِي تَقْدِيمِ الْخَيْرَاتِ إِدْرَاكُ الْفَوْزِ بِرِضْوَانِ اللَّهِ .