القول في تأويل
nindex.php?page=treesubj&link=28973_16461_26485قوله تعالى ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم )
قال
أبو جعفر : اختلف أهل التأويل في المعنى الذي أوعد الله تعالى ذكره بقوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم " عباده أنه مؤاخذهم به ، بعد إجماع جميعهم على أن معنى قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225بما كسبت قلوبكم " ، ما تعمدت .
فقال بعضهم : المعنى الذي أوعد الله عباده مؤاخذتهم به : هو حلف الحالف منهم على كذب وباطل .
ذكر من قال ذلك :
4466 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
جرير عن
منصور عن
إبراهيم قال : إذا حلف الرجل على اليمين وهو يرى أنه صادق وهو كاذب فلا يؤاخذ بها . وإذا حلف وهو يعلم أنه كاذب ، فذاك الذي يؤاخذ به .
[ ص: 450 ]
4467 - حدثني
موسى بن عبد الرحمن المسروقي قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14129حسين الجعفي عن
زائدة عن
منصور قال : قال
إبراهيم : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم " ، قال : أن يحلف على الشيء وهو يعلم أنه كاذب ، فذاك الذي يؤاخذ به .
4468 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
حكام عن
عمرو عن
منصور عن
إبراهيم : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم " ، أن تحلف وأنت كاذب .
4469 - حدثني
المثنى قال : [ حدثنا
عبد الله بن صالح ] حدثني
معاوية بن صالح عن
علي بن أبي طلحة عن
ابن عباس : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان ) [ سورة المائدة : 89 ] ، وذلك اليمين الصبر الكاذبة ، يحلف بها الرجل على ظلم أو قطيعة ، فتلك لا كفارة لها إلا أن يترك ذلك الظلم ، أو يرد ذلك المال إلى أهله ، وهو قوله تعالى ذكره : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=77إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا ) إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=77ولهم عذاب أليم ) [ سورة آل عمران : 77 ] .
4470 - حدثني
محمد بن عمرو قال : حدثنا
أبو عاصم عن
عيسى عن
ابن أبي نجيح عن
مجاهد : " ولكن
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم " ، ما عقدت عليه .
4471 - حدثني
المثنى قال : حدثنا
أبو حذيفة قال : حدثنا
شبل عن
ابن أبي نجيح عن
مجاهد مثله .
4472 - حدثنا
ابن حميد قال : حدثنا
جرير عن
عبد الملك عن
عطاء قال :
[ ص: 451 ] لا تؤاخذ حتى تصعد للأمر ، ثم تحلف عليه بالله الذي لا إله إلا هو ، فتعقد عليه يمينك .
قال
أبو جعفر : والواجب على هذا التأويل أن يكون قوله تعالى ذكره : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم " ، في الآخرة بها بما شاء من العقوبات - وأن تكون
nindex.php?page=treesubj&link=16540الكفارة إنما تلزم الحالف في الأيمان التي هي لغو . وكذلك روي عن
علي بن أبي طلحة عن
ابن عباس : أنه كان لا يرى الكفارة إلا في الأيمان التي تكون لغوا فأما ما كسبته القلوب وعقدت فيه على الإثم ، فلم يكن يوجب فيه الكفارة . وقد ذكرنا الرواية عنهم بذلك فيما مضى قبل .
وإذ كان ذلك تأويل الآية عندهم ، فالواجب على مذهبهم أن يكون معنى الآية في سورة المائدة : لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة ، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم ، ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان ، واحفظوا أيمانكم .
وبنحو ما ذكرناه عن
ابن عباس من القول في ذلك ، كان
سعيد بن جبير nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك بن مزاحم وجماعة أخر غيرهم يقولون ، وقد ذكرنا الرواية عنهم بذلك آنفا .
[ ص: 452 ] وقال آخرون : المعنى الذي أوعد الله تعالى عباده المؤاخذة بهذه الآية ، هو حلف الحالف على باطل يعلمه باطلا . وفي ذلك أوجب الله عندهم الكفارة ، دون اللغو الذي يحلف به الحالف وهو مخطئ في حلفه ، يحسب أن الذي حلف عليه كما حلف ، وليس ذلك كذلك .
ذكر من قال ذلك :
4473 - حدثنا
بشر بن معاذ قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد بن زريع قال : حدثنا
سعيد عن
قتادة : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم " ، يقول : بما تعمدت قلوبكم ، وما تعمدت فيه المأثم ، فهذا عليك فيه الكفارة .
4473 - حدثت عن
عمار قال : حدثنا
ابن أبي جعفر عن أبيه ، عن
الربيع مثله سواء .
[ ص: 453 ]
وكأن قائلي هذه المقالة ، وجهوا تأويل مؤاخذة الله عبده على ما كسبه قلبه من الأيمان الفاجرة ، إلى أنها مؤاخذة منه له بها بإلزامه الكفارة فيه . وقال بنحو قول
قتادة جماعة أخر ، في
nindex.php?page=treesubj&link=16540إيجاب الكفارة على الحالف اليمين الفاجرة منهم
عطاء والحكم .
4474 - حدثنا
أبو كريب ويعقوب قالا حدثنا
هشيم قال : أخبرنا
حجاج عن
عطاء والحكم أنهما كانا يقولان فيمن حلف كاذبا متعمدا : يكفر .
وقال آخرون : بل ذلك معنيان : أحدهما مؤاخذ به العبد في حال الدنيا بإلزام الله إياه الكفارة منه ، والآخر منهما مؤاخذ به في الآخرة إلا أن يعفو .
ذكر من قال ذلك :
4475 - حدثني
موسى بن هارون قال : حدثنا
عمرو بن حماد قال : حدثنا
أسباط عن
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : " ولكن
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم " أما " ما كسبت قلوبكم " فما عقدت قلوبكم ، فالرجل يحلف على اليمين يعلم أنها كاذبة - إرادة أن يقضي أمره .
nindex.php?page=treesubj&link=16459والأيمان ثلاثة : " اللغو ، والعمد ، والغموس " . والرجل يحلف على اليمين وهو يريد أن يفعل ، ثم يرى خيرا من ذلك ، فهذه اليمين التي قال الله تعالى ذكره : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان " ، فهذه لها كفارة .
وكأن قائل هذه المقالة ، وجه تأويل قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم " ، إلى غير ما وجه إليه تأويل قوله : " ولكن
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان " ، وجعل قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225بما كسبت قلوبكم ، الغموس من الأيمان التي يحلف بها الحالف على علم منه بأنه في حلفه بها مبطل - وقوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89بما عقدتم الأيمان " ، اليمين التي يستأنف فيها الحنث أو البر ، وهو في حال حلفه بها عازم على أن يبر فيها .
وقال آخرون : بل ذلك : هو اعتقاد الشرك بالله والكفر .
ذكر من قال ذلك :
[ ص: 454 ]
4476 - حدثني
محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال : حدثنا
إسماعيل بن مرزوق قال : حدثني
يحيى بن أيوب عن
nindex.php?page=showalam&ids=17000محمد - يعني ابن عجلان - : أن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم كان يقول في قول الله تعالى ذكره : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم " ، مثل قول الرجل : " هو كافر ، هو مشرك " ، قال : لا يؤاخذه الله حتى يكون ذلك من قلبه .
4477 - حدثني
يونس قال : أخبرنا
ابن وهب قال : قال
ابن زيد في قوله : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم " ، قال : اللغو في هذا ، الحلف بالله ما كان بالألسن ، فجعله لغوا ، وهو أن يقول : " هو كافر بالله ، وهو إذا يشرك بالله ، وهو يدعو مع الله إلها " ، فهذا اللغو الذي قال الله تعالى في " سورة البقرة " : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم " ، قال : بما كان في قلوبكم صدقا ، واخذك به . فإن لم يكن في قلبك صدق لم يؤاخذك به ، وإن أثمت .
قال
أبو جعفر : والصواب من القول في ذلك ، أن يقال : إن الله تعالى ذكره أوعد عباده أن يؤاخذهم بما كسبت قلوبهم من الأيمان ، فالذي تكسبه قلوبهم من الأيمان هو ما قصدته وعزمت عليه على علم ومعرفة منها بما تقصده وتريده ، وذلك يكون منها على وجهين :
أحدهما : على وجه العزم على ما يكون به العازم عليه في حال عزمه بالعزم عليه آثما ، وبفعله مستحقا المؤاخذة من الله عليها . وذلك كالحالف على الشيء الذي لم يفعله أنه قد فعله ، وعلى الشيء الذي قد فعله أنه لم يفعله ، قاصدا قيل الكذب ، وذاكرا أنه قد فعل ما حلف
[ ص: 455 ] عليه أنه لم يفعله ، أو أنه لم يفعل ما حلف عليه أنه قد فعل . فيكون الحالف بذلك - إن كان من أهل الإيمان بالله وبرسوله - في مشيئة الله يوم القيامة ، إن شاء واخذه به في الآخرة ، وإن شاء عفا عنه بتفضله ، ولا كفارة عليه فيها في العاجل ، لأنها ليست من الأيمان التي يحنث فيها . وإنما تجب الكفارة في الأيمان بالحنث فيها . والحالف الكاذب في يمينه ، ليست يمينه مما يتبدأ فيه الحنث ، فتلزم فيه الكفارة .
والوجه الآخر منهما : على وجه العزم على إيجاب عقد اليمين في حال عزمه على ذلك . فذلك مما لا يؤاخذ به صاحبه حتى يحنث فيه بعد حلفه . فإذا حنث فيه بعد حلفه ، كان مؤاخذا بما كان اكتسبه قلبه - من الحلف بالله على إثم وكذب - في العاجل بالكفارة التي جعلها الله كفارة لذنبه .
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ
nindex.php?page=treesubj&link=28973_16461_26485قَوْلِهِ تَعَالَى ( nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ )
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْمَعْنَى الَّذِي أَوْعَدَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ " عِبَادَهُ أَنَّهُ مُؤَاخِذُهُمْ بِهِ ، بَعْدَ إِجْمَاعِ جَمِيعِهِمْ عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ " ، مَا تَعَمَّدَتْ .
فَقَالَ بَعْضُهُمُ : الْمَعْنَى الَّذِي أَوْعَدَ اللَّهُ عِبَادَهُ مُؤَاخَذَتَهُمْ بِهِ : هُوَ حَلِفُ الْحَالِفِ مِنْهُمْ عَلَى كَذِبٍ وَبَاطِلٍ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
4466 - حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
جَرِيرٌ عَنْ
مَنْصُورٍ عَنْ
إِبْرَاهِيمَ قَالَ : إِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ عَلَى الْيَمِينِ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ صَادَقٌ وَهُوَ كَاذِبٌ فَلَا يُؤَاخِذُ بِهَا . وَإِذَا حَلَفَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ ، فَذَاكَ الَّذِي يُؤَاخِذُ بِهِ .
[ ص: 450 ]
4467 - حَدَّثَنِي
مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=14129حُسَيْنٌ الْجُعْفِيُّ عَنْ
زَائِدَةَ عَنْ
مَنْصُورٍ قَالَ : قَالَ
إِبْرَاهِيمُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ " ، قَالَ : أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الشَّيْءِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ ، فَذَاكَ الَّذِي يُؤَاخِذُ بِهِ .
4468 - حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
حَكَّامٌ عَنْ
عَمْرٍو عَنْ
مَنْصُورٍ عَنْ
إِبْرَاهِيمَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ " ، أَنْ تَحْلِفَ وَأَنْتَ كَاذِبٌ .
4469 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : [ حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ ] حَدَّثَنِي
مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ ) [ سُورَةُ الْمَائِدَةِ : 89 ] ، وَذَلِكَ الْيَمِينُ الصَّبْرُ الْكَاذِبَةُ ، يَحْلِفُ بِهَا الرَّجُلَ عَلَى ظُلْمٍ أَوْ قَطِيعَةٍ ، فَتِلْكَ لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا أَنْ يَتْرُكَ ذَلِكَ الظُّلْمَ ، أَوْ يَرُدَّ ذَلِكَ الْمَالَ إِلَى أَهْلِهِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=77إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا ) إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=77وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) [ سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ : 77 ] .
4470 - حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو عَاصِمٍ عَنْ
عِيسَى عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ
مُجَاهِدٍ : " وَلَكِنْ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ " ، مَا عَقَدَتْ عَلَيْهِ .
4471 - حَدَّثَنِي
الْمُثَنَّى قَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا
شِبْلٌ عَنِ
ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ
مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ .
4472 - حَدَّثَنَا
ابْنُ حُمَيْدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
جَرِيرٌ عَنْ
عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ
عَطَاءٍ قَالَ :
[ ص: 451 ] لَا تُؤَاخِذُ حَتَّى تَصْعَدَ لِلْأَمْرِ ، ثُمَّ تَحْلِفَ عَلَيْهِ بِاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ، فَتَعْقِدُ عَلَيْهِ يَمِينَكَ .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَالْوَاجِبُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ " ، فِي الْآخِرَةِ بِهَا بِمَا شَاءَ مِنَ الْعُقُوبَاتِ - وَأَنْ تَكُونَ
nindex.php?page=treesubj&link=16540الْكَفَّارَةُ إِنَّمَا تَلْزَمُ الْحَالِفَ فِي الْأَيْمَانِ الَّتِي هِيَ لَغْوٌ . وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ
عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى الْكَفَّارَةَ إِلَّا فِي الْأَيْمَانِ الَّتِي تَكُونُ لَغْوًا فَأَمَّا مَا كَسَبَتْهُ الْقُلُوبُ وَعَقَدَتْ فِيهِ عَلَى الْإِثْمِ ، فَلَمْ يَكُنْ يُوجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةَ . وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَةَ عَنْهُمْ بِذَلِكَ فِيمَا مَضَى قَبْلُ .
وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ تَأْوِيلَ الْآيَةِ عِنْدَهُمْ ، فَالْوَاجِبُ عَلَى مَذْهَبِهِمْ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْآيَةِ فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ : لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ ، وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ ، وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ .
وَبِنَحْوِ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ ، كَانَ
سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=14676وَالضَّحَّاكُ بْنُ مُزَاحِمٍ وَجَمَاعَةٌ أُخَرُ غَيْرُهُمْ يَقُولُونَ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَةَ عَنْهُمْ بِذَلِكَ آنِفًا .
[ ص: 452 ] وَقَالَ آخَرُونَ : الْمَعْنَى الَّذِي أَوْعَدَ اللَّهُ تَعَالَى عِبَادَهُ الْمُؤَاخَذَةَ بِهَذِهِ الْآيَةِ ، هُوَ حَلِفُ الْحَالِفِ عَلَى بَاطِلٍ يَعْلَمُهُ بَاطِلًا . وَفِي ذَلِكَ أَوْجَبَ اللَّهُ عِنْدَهُمُ الْكَفَّارَةَ ، دُونَ اللَّغْوِ الَّذِي يَحْلِفُ بِهِ الْحَالِفُ وَهُوَ مُخْطِئٌ فِي حَلِفِهِ ، يَحْسَبُ أَنَّ الَّذِي حَلَفَ عَلَيْهِ كَمَا حَلَفَ ، وَلَيْسَ ذَلِكَ كَذَلِكَ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
4473 - حَدَّثَنَا
بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17360يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
سَعِيدٌ عَنْ
قَتَادَةَ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ " ، يَقُولُ : بِمَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ، وَمَا تَعَمَّدَتْ فِيهِ الْمَأْثَمَ ، فَهَذَا عَلَيْكَ فِيهِ الْكَفَّارَةُ .
4473 - حُدِّثْتُ عَنْ
عَمَّارٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
ابْنُ أَبِي جَعْفَرٍ عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ
الرَّبِيعِ مِثْلَهُ سَوَاءٌ .
[ ص: 453 ]
وَكَأَنَّ قَائِلِي هَذِهِ الْمَقَالَةِ ، وَجَّهُوا تَأْوِيلَ مُؤَاخَذَةِ اللَّهِ عَبْدَهُ عَلَى مَا كَسَبَهُ قَلْبُهُ مِنَ الْأَيْمَانِ الْفَاجِرَةِ ، إِلَى أَنَّهَا مُؤَاخَذَةٌ مِنْهُ لَهُ بِهَا بِإِلْزَامِهِ الْكَفَّارَةَ فِيهِ . وَقَالَ بِنَحْوِ قَوْلِ
قَتَادَةَ جَمَاعَةٌ أُخَرُ ، فِي
nindex.php?page=treesubj&link=16540إِيجَابِ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْحَالِفِ الْيَمِينَ الْفَاجِرَةَ مِنْهُمْ
عَطَاءٌ وَالْحَكَمُ .
4474 - حَدَّثَنَا
أَبُو كُرَيْبٍ وَيَعْقُوبُ قَالَا حَدَّثَنَا
هُشَيْمٌ قَالَ : أَخْبَرَنَا
حَجَّاجٌ عَنْ
عَطَاءٍ وَالْحَكَمِ أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ فِيمَنْ حَلَفَ كَاذِبًا مُتَعَمِّدًا : يُكَفِّرُ .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ مَعْنَيَانِ : أَحَدُهُمَا مُؤَاخَذٌ بِهِ الْعَبْدُ فِي حَالِ الدُّنْيَا بِإِلْزَامِ اللَّهِ إِيَّاهُ الْكَفَّارَةَ مِنْهُ ، وَالْآخِرُ مِنْهُمَا مُؤَاخَذٌ بِهِ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا أَنْ يَعْفُوَ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
4475 - حَدَّثَنِي
مُوسَى بْنُ هَارُونَ قَالَ : حَدَّثَنَا
عَمْرُو بْنُ حَمَّادٍ قَالَ : حَدَّثَنَا
أَسْبَاطٌ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيِّ : " وَلَكِنْ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ " أَمَّا " مَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ " فَمَا عَقَدَتْ قُلُوبُكُمْ ، فَالرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الْيَمِينِ يَعْلَمُ أَنَّهَا كَاذِبَةٌ - إِرَادَةَ أَنْ يَقْضِيَ أَمْرَهُ .
nindex.php?page=treesubj&link=16459وَالْأَيْمَانُ ثَلَاثَةٌ : " اللَّغْوُ ، وَالْعَمْدُ ، وَالْغَمُوسُ " . وَالرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الْيَمِينِ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَفْعَلَ ، ثُمَّ يَرَى خَيْرًا مِنْ ذَلِكَ ، فَهَذِهِ الْيَمِينُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ " ، فَهَذِهِ لَهَا كَفَّارَةٌ .
وَكَأَنَّ قَائِلَ هَذِهِ الْمَقَالَةِ ، وَجَّهَ تَأْوِيلَ قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ " ، إِلَى غَيْرِ مَا وَجَّهَ إِلَيْهِ تَأْوِيلَ قَوْلِهِ : " وَلَكِنْ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ " ، وَجَعَلَ قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ، الْغَمُوسَ مِنَ الْأَيْمَانِ الَّتِي يَحْلِفُ بِهَا الْحَالِفُ عَلَى عِلْمٍ مِنْهُ بِأَنَّهُ فِي حَلِفِهِ بِهَا مُبْطِلٌ - وَقَوْلَهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ " ، الْيَمِينَ الَّتِي يَسْتَأْنِفُ فِيهَا الْحِنْثَ أَوِ الْبِرَّ ، وَهُوَ فِي حَالِ حَلِفِهِ بِهَا عَازِمٌ عَلَى أَنْ يَبَرَّ فِيهَا .
وَقَالَ آخَرُونَ : بَلْ ذَلِكَ : هُوَ اعْتِقَادُ الشِّرْكِ بِاللَّهِ وَالْكَفْرِ .
ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ :
[ ص: 454 ]
4476 - حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ : حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ : حَدَّثَنِي
يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17000مُحَمَّدٍ - يَعْنِي ابْنَ عَجْلَانِ - : أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=15944زَيْدَ بْنَ أَسْلَمَ كَانَ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ " ، مِثْلَ قَوْلِ الرَّجُلِ : " هُوَ كَافِرٌ ، هُوَ مُشْرِكٌ " ، قَالَ : لَا يُؤَاخِذُهُ اللَّهُ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ قَلْبِهِ .
4477 - حَدَّثَنِي
يُونُسُ قَالَ : أَخْبَرَنَا
ابْنُ وَهْبٍ قَالَ : قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ " ، قَالَ : اللَّغْوُ فِي هَذَا ، الْحَلِفُ بِاللَّهِ مَا كَانَ بِالْأَلْسُنِ ، فَجَعَلَهُ لَغْوًا ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ : " هُوَ كَافِرٌ بِاللَّهِ ، وَهُوَ إذًا يُشْرِكُ بِاللَّهِ ، وَهُوَ يَدْعُو مَعَ اللَّهِ إِلَهًا " ، فَهَذَا اللَّغْوُ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي " سُورَةِ الْبَقَرَةِ " : "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=225وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ " ، قَالَ : بِمَا كَانَ فِي قُلُوبِكُمْ صِدْقًا ، وَاخِذُكَ بِهِ . فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي قَلْبِكَ صِدْقٌ لَمْ يُؤَاخِذْكَ بِهِ ، وَإِنْ أَثِمْتَ .
قَالَ
أَبُو جَعْفَرٍ : وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ ، أَنْ يُقَالَ : إِنِ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَوْعَدَ عِبَادَهُ أَنْ يُؤَاخِذَهُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُهُمْ مِنَ الْأَيْمَانِ ، فَالَّذِي تَكْسِبُهُ قُلُوبُهُمْ مِنَ الْأَيْمَانِ هُوَ مَا قَصَدَتْهُ وَعَزَمَتْ عَلَيْهِ عَلَى عِلْمٍ وَمَعْرِفَةٍ مِنْهَا بِمَا تَقْصِدُهُ وَتُرِيدُهُ ، وَذَلِكَ يَكُونُ مِنْهَا عَلَى وَجْهَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : عَلَى وَجْهِ الْعَزْمِ عَلَى مَا يَكُونُ بِهِ الْعَازِمُ عَلَيْهِ فِي حَالِ عَزْمِهِ بِالْعَزْمِ عَلَيْهِ آثِمًا ، وَبِفِعْلِهِ مُسْتَحِقًّا الْمُؤَاخَذَةَ مِنَ اللَّهِ عَلَيْهَا . وَذَلِكَ كَالْحَالِفِ عَلَى الشَّيْءِ الَّذِي لَمْ يَفْعَلْهُ أَنَّهُ قَدْ فَعَلَهُ ، وَعَلَى الشَّيْءِ الَّذِي قَدْ فَعَلَهُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ ، قَاصِدًا قِيلَ الْكَذِبِ ، وَذَاكِرًا أَنَّهُ قَدْ فَعَلَ مَا حَلَفَ
[ ص: 455 ] عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ ، أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَدْ فَعَلَ . فَيَكُونُ الْحَالِفُ بِذَلِكَ - إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ - فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، إِنْ شَاءَ وَاخَذَهُ بِهِ فِي الْآخِرَةِ ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ بِتَفَضُّلِهِ ، وَلَا كَفَارَّةَ عَلَيْهِ فِيهَا فِي الْعَاجِلِ ، لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الْأَيْمَانِ الَّتِي يَحْنَثُ فِيهَا . وَإِنَّمَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ فِي الْأَيْمَانِ بِالْحِنْثِ فِيهَا . وَالْحَالِفُ الْكَاذِبُ فِي يَمِينِهِ ، لَيْسَتْ يَمِينُهُ مِمَّا يُتْبَدَأُ فِيهِ الْحِنْثُ ، فَتَلْزَمُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ .
وَالْوَجْهُ الْآخَرُ مِنْهُمَا : عَلَى وَجْهِ الْعَزْمِ عَلَى إِيجَابِ عَقْدِ الْيَمِينِ فِي حَالِ عَزْمِهِ عَلَى ذَلِكَ . فَذَلِكَ مِمَّا لَا يُؤَاخِذُ بِهِ صَاحِبَهُ حَتَّى يَحْنَثَ فِيهِ بَعْدَ حَلِفِهِ . فَإِذَا حَنِثَ فِيهِ بَعْدَ حَلِفِهِ ، كَانَ مُؤَاخَذًا بِمَا كَانَ اكْتَسَبَهُ قَلْبُهُ - مِنَ الْحَلِفِ بِاللَّهِ عَلَى إِثْمٍ وَكَذِبٍ - فِي الْعَاجِلِ بِالْكَفَّارَةِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ كَفَّارَةً لِذَنْبِهِ .