(
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=8التي لم يخلق مثلها في البلاد ( 8 )
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=9nindex.php?page=treesubj&link=29060_31847وثمود الذين جابوا الصخر بالواد ( 9 )
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=10وفرعون ذي الأوتاد ( 10 ) )
(
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=8التي لم يخلق مثلها في البلاد ) وسموا ذات العماد [ لهذا ] لأنهم كانوا أهل عمد سيارة ، وهو قول
قتادة ومجاهد والكلبي ، ورواية
عطاء عن
ابن عباس ، وقال بعضهم : سموا ذات العماد لطول قامتهم . قال
ابن عباس : يعني طولهم مثل العماد . وقال
مقاتل : كان طول أحدهم اثني عشر ذراعا . وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=8لم يخلق مثلها في البلاد ) أي لم يخلق مثل تلك القبيلة في الطول والقوة ، وهم الذين قالوا : "
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=15من أشد منا قوة " .
وقيل : سموا ذات العماد لبناء بناه بعضهم فشيد [ عنده ] ورفع بناءه ، يقال : بناه
شداد بن عاد على صفة لم يخلق في الدنيا مثله ، وسار إليه في قومه ، فلما كان منه على مسيرة يوم وليلة بعث الله عليه وعلى من معه صيحة من السماء فأهلكتهم جميعا .
( وثمود ) أي :
وبثمود ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=9الذين جابوا الصخر ) قطعوا الحجر ، واحدتها : صخرة ، ( بالواد ) يعني [
وادي القرى ] كانوا يقطعون الجبال فيجعلون فيها بيوتا . وأثبت
ابن كثير ويعقوب الياء في الوادي وصلا ووقفا على الأصل ، وأثبتها ورش وصلا والآخرون بحذفها في الحالين على وفق رءوس الآي .
(
nindex.php?page=treesubj&link=29060_31916_31914nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=10وفرعون ذي الأوتاد ) سمي بذلك لأنه كان يعذب الناس بالأوتاد ، وقد
[ ص: 419 ] ذكرناه في سورة ( ص ) .
أخبرنا
أبوسعيد الشريحي ، أخبرنا
أبوإسحاق الثعلبي ، أخبرنا
ابن فنجويه ، حدثنا
مخلد بن جعفر ، حدثنا
الحسين بن علويه ، حدثنا
إسماعيل بن عيسى ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11979إسحاق بن بشر عن
ابن سمعان عن
عطاء عن
ابن عباس : أن
فرعون إنما سمي "
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=10ذي الأوتاد " لأنه كانت امرأة ، وهي امرأة خازن
فرعون حزبيل وكان مؤمنا كتم إيمانه مائة سنة ، وكانت امرأته
ماشطة بنت فرعون ، فبينما هي ذات يوم تمشط رأس بنت
فرعون إذ سقط المشط من يدها ، فقالت : تعس من كفر بالله ، فقالت بنت
فرعون : وهل لك من إله غير أبي ؟ فقالت : إلهي وإله أبيك وإله السماوات والأرض واحد لا شريك له ، فقامت فدخلت على أبيها وهي تبكي ، فقال : ما يبكيك ؟ قالت : الماشطة امرأة خازنك تزعم أن إلهك وإلهها وإله السماوات والأرض واحد لا شريك له . فأرسل إليها فسألها عن ذلك ، فقالت : صدقت ، فقال لها : ويحك اكفري بإلهك وأقري بأني إلهك ، قالت : لا أفعل فمدها بين أربعة أوتاد ، ثم أرسل عليها الحيات والعقارب ، وقال لها : اكفري بإلهك وإلا عذبتك بهذا العذاب شهرين ، فقالت له : ولو عذبتني سبعين شهرا ما كفرت بالله . وكان لها ابنتان فجاء بابنتها الكبرى فذبحها على قرب منها . وقال لها : اكفري بالله وإلا ذبحت الصغرى على قلبك ، وكانت رضيعا ، فقالت : لو ذبحت من على وجه الأرض على في ما كفرت بالله - عز وجل - ، فأتى بابنتها الصغرى فلما أضجعت على صدرها وأرادوا ذبحها جزعت المرأة ، فأطلق الله لسان ابنتها فتكلمت ، وهي من الأربعة الذين تكلموا أطفالا وقالت : يا أماه لا تجزعي فإن الله قد بنى لك بيتا في الجنة . اصبري فإنك تفضين إلى رحمة الله وكرامته ، فذبحت فلم تلبث أن ماتت فأسكنها الله الجنة ، قال : وبعث في طلب زوجها حزبيل فلم يقدروا عليه ، فقيل
لفرعون : إنه قد رئي في موضع كذا وكذا في جبل كذا ، فبعث رجلين في طلبه فانتهيا إليه وهو يصلي ويليه صفوف من الوحوش خلفه يصلون ، فلما رأيا ذلك انصرفا ، فقال حزبيل : اللهم إنك تعلم أني كتمت إيماني مائة سنة ، ولم يظهر علي أحد ، فأيما هذين الرجلين كتم علي فاهده إلى دينك وأعطه من الدنيا سؤله ، وأيما هذين الرجلين أظهر علي فعجل عقوبته في الدنيا واجعل مصيره في الآخرة إلى النار ، فانصرف الرجلان إلى
فرعون فأما أحدهما فاعتبر وآمن ، وأما الآخر فأخبر
فرعون بالقصة على رءوس الملأ فقال له
فرعون : وهل كان معك غيرك ؟ قال : نعم فلان ، فدعا به فقال : أحق ما يقول هذا ؟ قال : لا ما رأيت مما قال شيئا فأعطاه
فرعون وأجزل ، وأما الآخر فقتله ، ثم صلبه .
[ ص: 420 ]
قال : وكان
فرعون قد تزوج امرأة من نساء
بني إسرائيل يقال لها "
آسية بنت مزاحم " فرأت ما صنع
فرعون بالماشطة ، فقالت : وكيف يسعني أن أصبر على ما يأتي به
فرعون ، وأنا مسلمة وهو كافر ؟ فبينما هي كذلك تؤامر نفسها إذ دخل عليها
فرعون فجلس قريبا منها ، فقالت : يا
فرعون أنت شر الخلق وأخبثهم عمدت إلى الماشطة فقتلتها ، قال : فلعل بك الجنون الذي كان بها قالت : ما بي من جنون ، وإن إلهي وإلهها وإلهك وإله السماوات والأرض واحد لا شريك له ، فمزق عليها ثيابها وضربها وأرسل إلى أبويها فدعاهما ، فقال لهما : ألا تريان أن الجنون الذي كان بالماشطة أصابها ؟ قالت : أعوذ بالله من ذلك ، إني أشهد أن ربي وربك ورب السماوات والأرض واحد لا شريك له ، فقال لها أبوها : يا
آسية ألست من خير نساء [ العماليق ] وزوجك إله العماليق ؟ قالت أعوذ بالله من ذلك ، إن كان ما يقول حقا فقولا له أن يتوجني تاجا تكون الشمس أمامه والقمر خلفه والكواكب حوله ، فقال لهما
فرعون : اخرجا عني ، فمدها بين أربعة أوتاد يعذبها ، ففتح الله لها بابا إلى الجنة ليهون عليها ما يصنع بها
فرعون ، فعند ذلك قالت : "
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=11رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين " ( التحريم - 11 ) فقبض الله روحها وأسكنها الجنة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=8الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ ( 8 )
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=9nindex.php?page=treesubj&link=29060_31847وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ ( 9 )
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=10وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ ( 10 ) )
(
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=8الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ ) وَسُمُّوا ذَاتَ الْعِمَادِ [ لِهَذَا ] لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ عُمُدٍ سَيَّارَةٍ ، وَهُوَ قَوْلُ
قَتَادَةَ وَمُجَاهِدٍ وَالْكَلْبِيِّ ، وَرِوَايَةُ
عَطَاءٍ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : سُمُّوا ذَاتَ الْعِمَادِ لِطُولِ قَامَتِهِمْ . قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : يَعْنِي طُولَهُمْ مِثْلَ الْعِمَادِ . وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : كَانَ طُولُ أَحَدِهِمُ اثْنَيْ عَشَرَ ذِرَاعًا . وَقَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=8لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ ) أَيْ لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُ تِلْكَ الْقَبِيلَةِ فِي الطُّولِ وَالْقُوَّةِ ، وَهُمُ الَّذِينَ قَالُوا : "
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=15مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً " .
وَقِيلَ : سُمُّوا ذَاتَ الْعِمَادِ لِبِنَاءٍ بَنَاهُ بَعْضُهُمْ فَشَيَّدَ [ عِنْدَهُ ] وَرَفَعَ بِنَاءَهُ ، يُقَالُ : بَنَاهُ
شَدَّادُ بْنُ عَادٍ عَلَى صِفَةٍ لَمْ يُخْلَقْ فِي الدُّنْيَا مِثْلُهُ ، وَسَارَ إِلَيْهِ فِي قَوْمِهِ ، فَلَمَّا كَانَ مِنْهُ عَلَى مَسِيرَةِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ مَعَهُ صَيْحَةً مِنَ السَّمَاءِ فَأَهْلَكَتْهُمْ جَمِيعًا .
( وَثَمُودَ ) أَيْ :
وَبِثَمُودَ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=9الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ ) قَطَّعُوا الْحَجَرَ ، وَاحِدَتُهَا : صَخْرَةٌ ، ( بِالْوَادِ ) يَعْنِي [
وَادِي الْقُرَى ] كَانُوا يَقْطَعُونَ الْجِبَالَ فَيَجْعَلُونَ فِيهَا بُيُوتًا . وَأَثْبَتَ
ابْنُ كَثِيرٍ وَيَعْقُوبُ الْيَاءَ فِي الْوَادِي وَصْلًا وَوَقْفًا عَلَى الْأَصْلِ ، وَأَثْبَتَهَا وَرْشٌ وَصْلًا وَالْآخَرُونَ بِحَذْفِهَا فِي الْحَالَيْنِ عَلَى وَفْقِ رُءُوسِ الْآيِ .
(
nindex.php?page=treesubj&link=29060_31916_31914nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=10وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ ) سُمِّي بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ يُعَذِّبُ النَّاسَ بِالْأَوْتَادِ ، وَقَدْ
[ ص: 419 ] ذَكَرْنَاهُ فِي سُورَةِ ( ص ) .
أَخْبَرَنَا
أَبُوسَعِيدٍ الشُّرَيْحِيُّ ، أَخْبَرَنَا
أَبُوإِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ ، أَخْبَرَنَا
ابْنُ فَنْجَوَيْهِ ، حَدَّثَنَا
مَخْلَدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا
الْحُسَيْنُ بْنُ عَلَوَيْهِ ، حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=11979إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ عَنِ
ابْنِ سَمْعَانَ عَنْ
عَطَاءٍ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ
فِرْعَوْنَ إِنَّمَا سُمِّيَ "
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=10ذِي الْأَوْتَادِ " لِأَنَّهُ كَانَتِ امْرَأَةٌ ، وَهِيَ امْرَأَةُ خَازِنِ
فِرْعَوْنَ حِزْبِيلَ وَكَانَ مُؤْمِنًا كَتَمَ إِيمَانَهُ مِائَةَ سَنَةٍ ، وَكَانَتِ امْرَأَتُهُ
مَاشِطَةُ بِنْتِ فِرْعَوْنَ ، فَبَيْنَمَا هِيَ ذَاتَ يَوْمٍ تُمَشِّطُ رَأْسَ بِنْتِ
فِرْعَوْنَ إِذْ سَقَطَ الْمُشْطُ مِنْ يَدِهَا ، فَقَالَتْ : تَعِسَ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ ، فَقَالَتْ بِنْتُ
فِرْعَوْنَ : وَهَلْ لَكِ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُ أَبِي ؟ فَقَالَتْ : إِلَهِي وَإِلَهُ أَبِيكِ وَإِلَهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ ، فَقَامَتْ فَدَخَلَتْ عَلَى أَبِيهَا وَهِيَ تَبْكِي ، فَقَالَ : مَا يُبْكِيكِ ؟ قَالَتْ : الْمَاشِطَةُ امْرَأَةُ خَازِنِكَ تَزْعُمُ أَنَّ إِلَهَكَ وَإِلَهَهَا وَإِلَهَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ . فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَتْ : صَدَقَتْ ، فَقَالَ لَهَا : وَيْحَكِ اكْفُرِي بِإِلَهِكِ وَأَقِرِّي بِأَنِّي إِلَهُكِ ، قَالَتْ : لَا أَفْعَلُ فَمَدَّهَا بَيْنَ أَرْبَعَةِ أَوْتَادٍ ، ثُمَّ أَرْسَلَ عَلَيْهَا الْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبَ ، وَقَالَ لَهَا : اُكْفُرِي بِإِلَهِكِ وَإِلَّا عَذَّبْتُكِ بِهَذَا الْعَذَابِ شَهْرَيْنِ ، فَقَالَتْ لَهُ : وَلَوْ عَذَّبَتْنِي سَبْعِينَ شَهْرًا مَا كَفَرْتُ بِاللَّهِ . وَكَانَ لَهَا ابْنَتَانِ فَجَاءَ بِابْنَتِهَا الْكُبْرَى فَذَبَحَهَا عَلَى قُرْبٍ مِنْهَا . وَقَالَ لَهَا : اُكْفُرِي بِاللَّهِ وَإِلَّا ذَبَحْتُ الصُّغْرَى عَلَى قَلْبِكِ ، وَكَانَتْ رَضِيعًا ، فَقَالَتْ : لَوْ ذَبَحْتَ مَنْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ عَلَى فِيِّ مَا كَفَرْتُ بِاللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ، فَأَتَى بِابْنَتِهَا الصُّغْرَى فَلَمَّا أُضْجِعَتْ عَلَى صَدْرِهَا وَأَرَادُوا ذَبْحَهَا جَزِعَتِ الْمَرْأَةُ ، فَأَطْلَقَ اللَّهُ لِسَانَ ابْنَتِهَا فَتَكَلَّمَتْ ، وَهِيَ مِنَ الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا أَطْفَالًا وَقَالَتْ : يَا أُمَّاهُ لَا تَجْزَعِي فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ بَنَى لَكِ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ . اصْبِرِي فَإِنَّكِ تُفْضِينَ إِلَى رَحْمَةِ اللَّهِ وَكَرَامَتِهِ ، فَذُبِحَتْ فَلَمْ تَلْبَثْ أَنْ مَاتَتْ فَأَسْكَنَهَا اللَّهُ الْجَنَّةَ ، قَالَ : وَبَعَثَ فِي طَلَبِ زَوْجِهَا حِزْبِيلَ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ ، فَقِيلَ
لِفِرْعَوْنَ : إِنَّهُ قَدْ رُئِيَ فِي مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا فِي جَبَلِ كَذَا ، فَبَعَثَ رَجُلَيْنِ فِي طَلَبِهِ فَانْتَهَيَا إِلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي وَيَلِيهِ صُفُوفٌ مِنَ الْوُحُوشِ خَلْفَهُ يُصَلُّونَ ، فَلَمَّا رَأَيَا ذَلِكَ انْصَرَفَا ، فَقَالَ حِزْبِيلُ : اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنِّي كَتَمْتُ إِيمَانِي مِائَةَ سَنَةٍ ، وَلَمْ يَظْهَرْ عَلَيَّ أَحَدٌ ، فَأَيُّمَا هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ كَتَمَ عَلَيَّ فَاهْدِهِ إِلَى دِينِكَ وَأَعْطِهِ مِنَ الدُّنْيَا سُؤْلَهُ ، وَأَيُّمَا هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ أَظْهَرَ عَلَيَّ فَعَجِّلْ عُقُوبَتَهُ فِي الدُّنْيَا وَاجْعَلْ مَصِيرَهُ فِي الْآخِرَةِ إِلَى النَّارِ ، فَانْصَرَفَ الرَّجُلَانِ إِلَى
فِرْعَوْنَ فَأَمَّا أَحَدُهُمَا فَاعْتَبَرَ وَآمَنَ ، وَأَمَّا الْآخَرَ فَأَخْبَرَ
فِرْعَوْنَ بِالْقِصَّةِ عَلَى رُءُوسِ الْمَلَأِ فَقَالَ لَهُ
فِرْعَوْنُ : وَهَلْ كَانَ مَعَكَ غَيْرُكَ ؟ قَالَ : نَعَمْ فُلَانٌ ، فَدَعَا بِهِ فَقَالَ : أَحَقٌّ مَا يَقُولُ هَذَا ؟ قَالَ : لَا مَا رَأَيْتُ مِمَّا قَالَ شَيْئًا فَأَعْطَاهُ
فِرْعَوْنُ وَأَجْزَلَ ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَقَتَلَهُ ، ثُمَّ صَلَبَهُ .
[ ص: 420 ]
قَالَ : وَكَانَ
فِرْعَوْنُ قَدْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ نِسَاءِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ يُقَالُ لَهَا "
آسِيَةُ بِنْتُ مُزَاحِمٍ " فَرَأَتْ مَا صَنَعَ
فِرْعَوْنُ بِالْمَاشِطَةِ ، فَقَالَتْ : وَكَيْفَ يَسَعُنِي أَنْ أَصْبِرَ عَلَى مَا يَأْتِي بِهِ
فِرْعَوْنُ ، وَأَنَا مُسْلِمَةٌ وَهُوَ كَافِرٌ ؟ فَبَيْنَمَا هِيَ كَذَلِكَ تُؤَامِرُ نَفْسَهَا إِذْ دَخَلَ عَلَيْهَا
فِرْعَوْنُ فَجَلَسَ قَرِيبًا مِنْهَا ، فَقَالَتْ : يَا
فِرْعَوْنُ أَنْتَ شَرُّ الْخَلْقِ وَأَخْبَثُهُمْ عَمَدْتَ إِلَى الْمَاشِطَةِ فَقَتَلْتَهَا ، قَالَ : فَلَعَلَّ بِكِ الْجُنُونَ الَّذِي كَانَ بِهَا قَالَتْ : مَا بِي مِنْ جُنُونٍ ، وَإِنَّ إِلَهِي وَإِلَهَهَا وَإِلَهَكَ وَإِلَهَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ ، فَمَزَّقَ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا وَضَرَبَهَا وَأَرْسَلَ إِلَى أَبَوَيْهَا فَدَعَاهُمَا ، فَقَالَ لَهُمَا : أَلَّا تَرَيَانِ أَنَّ الْجُنُونَ الَّذِي كَانَ بِالْمَاشِطَةِ أَصَابَهَا ؟ قَالَتْ : أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ ، إِنِّي أَشْهَدُ أَنَّ رَبِّي وَرَبَّكَ وَرَبَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاحِدٌ لَا شَرِيكَ لَهُ ، فَقَالَ لَهَا أَبُوهَا : يَا
آسِيَةُ أَلَسْتِ مِنْ خَيْرِ نِسَاءِ [ الْعَمَالِيقِ ] وَزَوْجُكِ إِلَهُ الْعَمَالِيقِ ؟ قَالَتْ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ ، إِنْ كَانَ مَا يَقُولُ حَقًّا فَقُولَا لَهُ أَنْ يُتَوِّجَنِي تَاجًا تَكُونُ الشَّمْسُ أَمَامَهُ وَالْقَمَرُ خَلْفَهُ وَالْكَوَاكِبُ حَوْلَهُ ، فَقَالَ لَهُمَا
فِرْعَوْنُ : اخْرُجَا عَنِّي ، فَمَدَّهَا بَيْنَ أَرْبَعَةِ أَوْتَادٍ يُعَذِّبُهَا ، فَفَتَحَ اللَّهُ لَهَا بَابًا إِلَى الْجَنَّةِ لِيُهَوِّنَ عَلَيْهَا مَا يَصْنَعُ بِهَا
فِرْعَوْنُ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَتْ : "
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=11رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ " ( التَّحْرِيمِ - 11 ) فَقَبَضَ اللَّهُ رُوحَهَا وَأَسْكَنَهَا الْجَنَّةَ .