nindex.php?page=treesubj&link=30936ذكر بعثه إلى كسرى ملك الفرس
روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من حديث
الليث ، عن
يونس ، عن
الزهري ، عن
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ، عن
ابن عباس nindex.php?page=hadith&LINKID=3510693أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بكتابه مع رجل إلى كسرى ، وأمره أن يدفعه إلى عظيم البحرين فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى ، فلما قرأه كسرى مزقه . قال : فحسبت أن ابن المسيب قال : فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمزقوا كل ممزق .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب ، عن
يونس ، عن
الزهري ، حدثني
عبد الرحمن [ ص: 484 ] بن عبد القاري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام ذات يوم على المنبر خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه وتشهد ثم قال : " أما بعد ، فإني أريد أن أبعث بعضكم إلى ملوك الأعاجم ، فلا تختلفوا علي كما اختلفت بنو إسرائيل على
عيسى ابن مريم " . فقال المهاجرون : يا رسول الله ، إنا لا نختلف عليك في شيء أبدا فمرنا وابعثنا . فبعث
شجاع بن وهب إلى كسرى ، فأمر كسرى بإيوانه أن يزين ، ثم أذن لعظماء فارس ثم أذن
لشجاع بن وهب ، فلما أن دخل عليه أمر كسرى بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقبض منه ، فقال
شجاع بن وهب : لا ، حتى أدفعه أنا إليك كما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كسرى : ادنه . فدنا فناوله الكتاب ، ثم دعا كاتبا له من أهل
الحيرة فقرأه ، فإذا فيه : " من
محمد عبد الله ورسوله إلى كسرى عظيم فارس " قال : فأغضبه حين بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه ، وصاح وغضب ومزق الكتاب قبل أن يعلم ما فيه ، وأمر
بشجاع بن وهب فأخرج ، فلما رأى ذلك قعد على راحلته ، ثم سار ، ثم قال : والله ما أبالي على أي الطريقين أكون إذ أديت كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : ولما ذهب عن كسرى سورة غضبه بعث إلى
شجاع ، ليدخل عليه ، فالتمس فلم يوجد ، فطلب إلى
الحيرة فسبق ، فلما قدم
شجاع على النبي صلى الله عليه وسلم أخبره بما كان من أمر كسرى وتمزيقه لكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مزق كسرى ملكه
[ ص: 485 ] .
وروى
محمد بن إسحاق ، عن
عبد الله بن أبي بكر ، عن
الزهري ، عن أبي سلمة
، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن حذافة بكتابه إلى كسرى ، فلما قرأه مزقه ، فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " مزق ملكه .
وقال
ابن جرير : حدثنا
أحمد بن حميد ، ثنا
سلمة ، ثنا
ابن إسحاق ، عن
يزيد بن أبي حبيب ، قال : وبعث
عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16848كسرى بن هرمز ملك فارس وكتب معه : "
بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كسرى عظيم فارس ، سلام على من اتبع الهدى ، وآمن بالله ورسوله ، وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وأدعوك بدعاء الله ، فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة ، لأنذر من كان حيا ، ويحق القول على الكافرين ، فإن تسلم تسلم ، وإن أبيت فإن إثم المجوس عليك " . قال : فلما قرأه شقه ، وقال : يكتب إلي بهذا وهو عبدي ؟! قال : ثم كتب كسرى إلى
باذام ، وهو نائبه على
اليمن ، أن ابعث إلى هذا الرجل
بالحجاز رجلين من عندك جلدين فليأتياني به . فبعث
باذام قهرمانه ، وكان كاتبا حاسبا بكتاب فارس ، وبعث
[ ص: 486 ] معه رجلا من الفرس يقال له :
خرخرة . وكتب معهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمره أن ينصرف معهما إلى كسرى ، وقال
لأباذويه : ائت بلاد هذا الرجل وكلمه وأتني بخبره . فخرجا حتى قدما
الطائف ، فوجدا رجلا من
قريش في أرض
الطائف ، فسألوه عنه فقال : هو
بالمدينة . واستبشر أهل
الطائف - يعني
وقريش بهما - وفرحوا ، وقال بعضهم لبعض : أبشروا ، فقد نصب له كسرى ملك الملوك ، كفيتم الرجل . فخرجا حتى قدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكلمه
أباذويه فقال : شاهنشاه ملك الملوك كسرى ، قد كتب إلى الملك
باذام يأمره أن يبعث إليك من يأتيه بك ، وقد بعثني إليك لتنطلق معي ، فإن فعلت كتب لك إلى ملك الملوك ينفعك ويكفه عنك ، وإن أبيت فهو من قد علمت ، فهو مهلكك ومهلك قومك ومخرب بلادك . ودخلا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد حلقا لحاهما وأعفيا شواربهما ، فكره النظر إليهما ، وقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510695ويلكما! من أمركما بهذا ؟! " قالا : أمرنا ربنا . يعنيان كسرى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ولكن ربي أمرني بإعفاء لحيتي وقص شاربي " . ثم قال : " ارجعا حتى تأتياني غدا " . قال : وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء ، بأن الله قد سلط على كسرى ابنه شيرويه ، فقتله في شهر كذا وكذا ، في ليلة كذا وكذا ، من الليل ، سلط عليه ابنه شيرويه فقتله . قال : فدعاهما [ ص: 487 ] فأخبرهما فقالا : هل تدري ما تقول ؟! إنا قد نقمنا عليك ما هو أيسر من هذا ، فنكتب عنك بهذا ونخبر الملك باذام ؟ قال : " نعم أخبراه ذلك عني ، وقولا له : إن ديني وسلطاني سيبلغ ما بلغ ملك كسرى ، وينتهي إلى منتهى الخف والحافر ، وقولا له : إن أسلمت أعطيتك ما تحت يديك ، وملكتك على قومك من الأبناء " . ثم أعطى خرخرة منطقة فيها ذهب وفضة كان أهداها له بعض الملوك ، فخرجا من عنده حتى قدما على باذام فأخبراه الخبر ، فقال : والله ما هذا بكلام ملك ، وإني لأرى الرجل نبيا كما يقول ، وليكونن ما قد قال ، فلئن كان هذا حقا فإنه نبي مرسل ، وإن لم يكن فسنرى فيه رأينا . فلم ينشب باذام أن قدم عليه كتاب شيرويه : أما بعد ، فإني قد قتلت كسرى ، ولم أقتله إلا غضبا لفارس ، لما كان استحل من قتل أشرافهم ونحرهم في ثغورهم ، فإذا جاءك كتابي هذا فخذ لي الطاعة ممن قبلك ، وانطلق إلى الرجل الذي كان كسرى قد كتب فيه ، فلا تهجه حتى يأتيك أمري فيه . فلما انتهى كتاب شيرويه إلى باذام قال : إن هذا الرجل لرسول . فأسلم وأسلمت الأبناء من فارس من كان منهم باليمن . قال : وقد قال باذويه لباذام : ما كلمت أحدا أهيب عندي منه . فقال له باذام : هل معه شرط ؟ قال : لا .
قال
الواقدي ، رحمه الله : وكان قتل كسرى على يدي ابنه
شيرويه ليلة
[ ص: 488 ] الثلاثاء ، لعشر ليال مضين من جمادى الأولى من سنة سبع من الهجرة ، لست ساعات مضت منها .
قلت : وفي شعر بعضهم ما يرشد أن قتله كان في شهر حرام ، وهو قول بعض الشعراء :
قتلوا كسرى بليل محرما فتولى لم يمتع بكفن
وقال بعض شعراء العرب :
وكسرى إذ تقاسمه بنوه بأسياف كما اقتسم اللحام
تمخضت المنون له بيوم أنى ولكل حاملة تمام
وروى الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من حديث
حماد بن سلمة ، عن
حميد ، عن
الحسن ، عن
أبي بكرة nindex.php?page=hadith&LINKID=3510696، أن رجلا من أهل فارس أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن ربي قد قتل الليلة ربك " . قال : وقيل له - يعني النبي صلى الله عليه وسلم - : إنه قد استخلف ابنته . فقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510697لا يفلح قوم تملكهم امرأة " . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي : وروي في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=202دحية بن خليفة ، أنه لما رجع من عند قيصر وجد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم رسل عامل كسرى ، وذلك أن كسرى بعث ، يتوعد صاحب
صنعاء ، ويقول له : ألا تكفيني أمر رجل قد ظهر بأرضك
[ ص: 489 ] يدعوني إلى دينه ؟ لتكفينه أو لأفعلن بك . فبعث إليه ، فقال لرسله : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510698أخبروه أن ربي قد قتل ربه الليلة " . فوجدوه كما قال . قال : وروى
nindex.php?page=showalam&ids=15854داود بن أبي هند ، عن
عامر الشعبي نحو هذا .
ثم روى
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=11948أبي بكر بن عياش ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15854داود بن أبي هند ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال :
أقبل سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " إن في وجه سعد خبرا " فقال : يا رسول الله ، هلك كسرى ، فقال : " لعن الله كسرى ، أول الناس هلاكا فارس ثم العرب .
قلت : الظاهر أنه لما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهلاك كسرى لذينك الرجلين ، يعني الأميرين اللذين قدما من نائب
اليمن باذام ، فلما جاء الخبر بوفق ما أخبر به ، عليه الصلاة والسلام ، وشاع في البلاد ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص أول من سمع ، جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بوفق إخباره ، عليه السلام ، وهكذا بنحو هذا التقدير ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي ، رحمه الله .
ثم روى
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من غير وجه ، عن
الزهري ، أخبرني
أبو سلمة بن عبد الرحمن ، أنه بلغه أن كسرى بينما هو في دسكرة ملكه بعث له - أو قيض له - عارض يعرض عليه الحق فلم يفجأ كسرى إلا برجل يمشي وفي يده عصا ، فقال : يا كسرى ، هل لك في الإسلام قبل أن أكسر هذه العصا ؟ فقال كسرى : نعم ، لا تكسرها ، فولى الرجل ، فلما ذهب ، أرسل كسرى إلى
[ ص: 490 ] حجابه فقال : من أذن لهذا الرجل علي ؟ فقالوا : ما دخل عليك أحد . فقال : كذبتم . قال : فغضب عليهم وتهددهم ، ثم تركهم . قال : فلما كان رأس الحول ، أتى ذلك الرجل ومعه العصا ، قال : يا كسرى ، هل لك في الإسلام قبل أن أكسر هذه العصا ؟ قال : نعم ، لا تكسرها . فلما انصرف عنه دعا حجابه ، قال لهم كالمرة الأولى ، فلما كان العام المستقبل أتاه ذلك الرجل ، معه العصا ، فقال له : هل لك يا كسرى في الإسلام قبل أن أكسر هذه العصا ؟ فقال : لا تكسرها . فكسرها ، فأهلك الله كسرى عند ذلك .
وقال الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : أنبأنا
ابن عيينة ، عن
الزهري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510699إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده ، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده ، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله " . أخرجه
مسلم من حديث
ابن عيينة ، وأخرجاه من حديث
الزهري ، به .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510700ولما أتي كسرى بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مزقه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " تمزق ملكه " . وحفظنا أن قيصر أكرم كتاب رسول الله
[ ص: 491 ] صلى الله عليه وسلم ووضعه في مسك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" ثبت ملكه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وغيره من العلماء :
ولما كانت العرب تأتي الشام والعراق للتجارة ، فأسلم من أسلم منهم ، شكوا خوفهم من ملكي العراق والشام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده ، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده قال : فباد ملك الأكاسرة بالكلية ، وزال ملك قيصر عن
الشام بالكلية ، وإن ثبت لهم ملك في الجملة ببركة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم حين عظموا كتابه والله أعلم .
قلت : وفي هذا بشارة عظيمة بأن ملك الروم لا يعود أبدا إلى أرض
الشام ، وكانت العرب تسمي قيصر لمن ملك الشام مع الجزيرة من الروم ، وكسرى لمن ملك الفرس ، والنجاشي لمن ملك الحبشة ، والمقوقس لمن ملك الإسكندرية وفرعون لمن ملك مصر كافرا ، وبطليموس لمن ملك الهند ، ولهم أعلام أجناس غير ذلك ، وقد ذكرناها في غير هذا الموضع . والله أعلم .
وروى
مسلم ، عن
قتيبة وغيره ، عن
أبي عوانة ، عن
سماك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لتفتحن عصابة من المسلمين كنوز كسرى في القصر الأبيض وروى
أسباط ، عن
سماك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=98جابر بن سمرة مثل ذلك ، وزاد : وكنت أنا وأبي فيهم ، فأصبنا من ذلك ألف درهم .
nindex.php?page=treesubj&link=30936ذِكْرُ بَعْثِهِ إِلَى كِسْرَى مِلْكِ الْفُرْسِ
رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ
اللَّيْثِ ، عَنْ
يُونُسَ ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ ، عَنْ
عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=3510693أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ بِكِتَابِهِ مَعَ رَجُلٍ إِلَى كِسْرَى ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى عَظِيمِ الْبَحْرَيْنِ فَدَفَعَهُ عَظِيمُ الْبَحْرَيْنِ إِلَى كِسْرَى ، فَلَمَّا قَرَأَهُ كِسْرَى مَزَّقَهُ . قَالَ : فَحَسِبْتُ أَنَّ ابْنَ الْمُسَيَّبِ قَالَ : فَدَعَا عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُمَزَّقُوا كُلَّ مُمَزَّقٍ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16472عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، عَنْ
يُونُسَ ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ ، حَدَّثَنِي
عَبْدُ الرَّحْمَنِ [ ص: 484 ] بْنُ عَبْدٍ الْقَارِيُّ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى الْمِنْبَرِ خَطِيبًا ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَتَشَهَّدَ ثُمَّ قَالَ : " أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَبْعَثَ بَعْضَكُمْ إِلَى مُلُوكِ الْأَعَاجِمِ ، فَلَا تَخْتَلِفُوا عَلَيَّ كَمَا اخْتَلَفَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ عَلَى
عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ " . فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّا لَا نَخْتَلِفُ عَلَيْكَ فِي شَيْءٍ أَبَدًا فَمُرْنَا وَابْعَثْنَا . فَبَعَثَ
شُجَاعَ بْنَ وَهْبٍ إِلَى كِسْرَى ، فَأَمَرَ كِسْرَى بِإِيوَانِهِ أَنْ يُزَيَّنَ ، ثُمَّ أَذِنَ لِعُظَمَاءِ فَارِسَ ثُمَّ أَذِنَ
لِشُجَاعِ بْنِ وَهْبٍ ، فَلَمَّا أَنْ دَخَلَ عَلَيْهِ أَمَرَ كِسْرَى بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُقْبَضَ مِنْهُ ، فَقَالَ
شُجَاعُ بْنُ وَهْبٍ : لَا ، حَتَّى أَدْفَعَهُ أَنَا إِلَيْكَ كَمَا أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ كِسْرَى : ادْنُهْ . فَدَنَا فَنَاوَلَهُ الْكِتَابَ ، ثُمَّ دَعَا كَاتِبًا لَهُ مِنْ أَهْلِ
الْحِيرَةِ فَقَرَأَهُ ، فَإِذَا فِيهِ : " مِنْ
مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى كِسْرَى عَظِيمِ فَارِسَ " قَالَ : فَأَغْضَبَهُ حِينَ بَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَفْسِهِ ، وَصَاحَ وَغَضِبَ وَمَزَّقَ الْكِتَابَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ مَا فِيهِ ، وَأَمَرَ
بِشُجَاعِ بْنِ وَهْبٍ فَأُخْرِجَ ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَعَدَ عَلَى رَاحِلَتِهِ ، ثُمَّ سَارَ ، ثُمَّ قَالَ : وَاللَّهِ مَا أُبَالِي عَلَى أَيِّ الطَّرِيقَيْنِ أَكُونُ إِذْ أَدَّيْتُ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ : وَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ كِسْرَى سَوْرَةُ غَضَبِهِ بَعَثَ إِلَى
شُجَاعٍ ، لِيَدْخُلَ عَلَيْهِ ، فَالْتُمِسَ فَلَمْ يُوجَدْ ، فَطُلِبَ إِلَى
الْحِيرَةِ فَسَبَقَ ، فَلَمَّا قَدِمَ
شُجَاعٌ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَهُ بِمَا كَانَ مِنْ أَمْرِ كِسْرَى وَتَمْزِيقِهِ لِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَزَّقَ كِسْرَى مُلْكَهُ
[ ص: 485 ] .
وَرَوَى
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ
، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ بِكِتَابِهِ إِلَى كِسْرَى ، فَلَمَّا قَرَأَهُ مَزَّقَهُ ، فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَزَّقَ مُلْكَهُ .
وَقَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ : حَدَّثَنَا
أَحْمَدُ بْنُ حُمَيْدٍ ، ثَنَا
سَلَمَةُ ، ثَنَا
ابْنُ إِسْحَاقَ ، عَنْ
يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ ، قَالَ : وَبَعَثَ
عَبْدَ اللَّهِ بْنَ حُذَافَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَهْمٍ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=16848كِسْرَى بْنِ هُرْمُزَ مَلِكِ فَارِسَ وَكَتَبَ مَعَهُ : "
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ، مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى كِسْرَى عَظِيمِ فَارِسَ ، سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى ، وَآمَنَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَشَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، وَأَدْعُوكَ بِدُعَاءِ اللَّهِ ، فَإِنِّي أَنَا رَسُولُ اللَّهِ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً ، لِأُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا ، وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ ، فَإِنْ تُسْلِمْ تَسْلَمْ ، وَإِنْ أَبَيْتَ فَإِنَّ إِثْمَ الْمَجُوسِ عَلَيْكَ " . قَالَ : فَلَمَّا قَرَأَهُ شَقَّهُ ، وَقَالَ : يَكْتُبُ إِلَيَّ بِهَذَا وَهُوَ عَبْدِي ؟! قَالَ : ثُمَّ كَتَبَ كِسْرَى إِلَى
بَاذَامَ ، وَهُوَ نَائِبُهُ عَلَى
الْيَمَنِ ، أَنِ ابْعَثْ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ
بِالْحِجَازِ رَجُلَيْنِ مِنْ عِنْدِكَ جَلْدَيْنِ فَلْيَأْتِيَانِي بِهِ . فَبَعَثَ
بَاذَامُ قَهْرَمَانَهُ ، وَكَانَ كَاتِبًا حَاسِبًا بِكِتَابِ فَارِسَ ، وَبَعَثَ
[ ص: 486 ] مَعَهُ رَجُلًا مِنَ الْفُرْسِ يُقَالُ لَهُ :
خُرْخَرَةُ . وَكَتَبَ مَعَهُمَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُهُ أَنْ يَنْصَرِفَ مَعَهُمَا إِلَى كِسْرَى ، وَقَالَ
لِأَبَاذَوَيْهِ : ائْتِ بِلَادَ هَذَا الرَّجُلِ وَكَلِّمْهُ وَأْتِنِي بِخَبَرِهِ . فَخَرَجَا حَتَّى قَدِمَا
الطَّائِفَ ، فَوَجَدَا رَجُلًا مِنْ
قُرَيْشٍ فِي أَرْضِ
الطَّائِفِ ، فَسَأَلُوهُ عَنْهُ فَقَالَ : هُوَ
بِالْمَدِينَةِ . وَاسْتَبْشَرَ أَهْلُ
الطَّائِفِ - يَعْنِي
وَقُرَيْشٌ بِهِمَا - وَفَرِحُوا ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ : أَبْشِرُوا ، فَقَدْ نَصَبَ لَهُ كِسْرَى مَلِكُ الْمُلُوكِ ، كُفِيتُمُ الرَّجُلَ . فَخَرَجَا حَتَّى قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكَلَّمَهُ
أَبَاذَوَيْهِ فَقَالَ : شَاهِنْشَاهُ مَلِكُ الْمُلُوكِ كِسْرَى ، قَدْ كَتَبَ إِلَى الْمَلِكِ
بَاذَامَ يَأْمُرُهُ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْكَ مَنْ يَأْتِيهِ بِكَ ، وَقَدْ بَعَثَنِي إِلَيْكَ لِتَنْطَلِقَ مَعِي ، فَإِنْ فَعَلْتَ كَتَبَ لَكَ إِلَى مَلِكِ الْمُلُوكِ يَنْفَعُكَ وَيَكُفُّهُ عَنْكَ ، وَإِنْ أَبَيْتَ فَهُوَ مَنْ قَدْ عَلِمْتَ ، فَهُوَ مُهْلِكُكَ وَمُهْلِكُ قَوْمِكَ وَمُخَرِّبُ بِلَادِكَ . وَدَخَلَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ حَلَقَا لِحَاهُمَا وَأَعْفَيَا شَوَارِبَهُمَا ، فَكَرِهَ النَّظَرَ إِلَيْهِمَا ، وَقَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510695وَيْلَكُمَا! مَنْ أَمَرَكُمَا بِهَذَا ؟! " قَالَا : أَمَرَنَا رَبُّنَا . يَعْنِيَانِ كِسْرَى ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَلَكِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي بِإِعْفَاءِ لِحْيَتِي وَقَصِّ شَارِبِي " . ثُمَّ قَالَ : " ارْجِعَا حَتَّى تَأْتِيَانِي غَدًا " . قَالَ : وَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَبَرُ مِنَ السَّمَاءِ ، بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ سَلَّطَ عَلَى كِسْرَى ابْنَهُ شِيرَوَيْهِ ، فَقَتَلَهُ فِي شَهْرِ كَذَا وَكَذَا ، فِي لَيْلَةِ كَذَا وَكَذَا ، مِنَ اللَّيْلِ ، سُلِّطَ عَلَيْهِ ابْنُهُ شِيرَوَيْهِ فَقَتَلَهُ . قَالَ : فَدَعَاهُمَا [ ص: 487 ] فَأَخْبَرَهُمَا فَقَالَا : هَلْ تَدْرِي مَا تَقُولُ ؟! إِنَّا قَدْ نَقَمْنَا عَلَيْكَ مَا هُوَ أَيْسَرُ مِنْ هَذَا ، فَنَكْتُبُ عَنْكَ بِهَذَا وَنُخْبِرُ الْمَلِكَ بَاذَامَ ؟ قَالَ : " نَعَمْ أَخْبِرَاهُ ذَلِكَ عَنِّي ، وَقُولَا لَهُ : إِنَّ دِينِي وَسُلْطَانِي سَيَبْلُغُ مَا بَلَغَ مُلْكُ كِسْرَى ، وَيَنْتَهِي إِلَى مُنْتَهَى الْخُفِّ وَالْحَافِرِ ، وَقُولَا لَهُ : إِنْ أَسْلَمْتَ أَعْطَيْتُكَ مَا تَحْتَ يَدَيْكَ ، وَمَلَّكْتُكَ عَلَى قَوْمِكَ مِنَ الْأَبْنَاءِ " . ثُمَّ أَعْطَى خُرْخَرَةَ مِنْطَقَةً فِيهَا ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ كَانَ أَهْدَاهَا لَهُ بَعْضُ الْمُلُوكِ ، فَخَرَجَا مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى قَدِمَا عَلَى بَاذَامَ فَأَخْبَرَاهُ الْخَبَرَ ، فَقَالَ : وَاللَّهِ مَا هَذَا بِكَلَامِ مَلِكٍ ، وَإِنِّي لَأَرَى الرَّجُلَ نَبِيًّا كَمَا يَقُولُ ، وَلَيَكُونَنَّ مَا قَدْ قَالَ ، فَلَئِنْ كَانَ هَذَا حَقًّا فَإِنَّهُ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَسَنَرَى فِيهِ رَأْيَنَا . فَلَمْ يَنْشَبْ بَاذَامُ أَنْ قِدِمَ عَلَيْهِ كِتَابُ شِيرَوَيْهِ : أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنِّي قَدْ قَتَلْتُ كِسْرَى ، وَلَمْ أَقْتُلْهُ إِلَّا غَضَبًا لِفَارِسَ ، لِمَا كَانَ اسْتَحَلَّ مِنْ قَتْلِ أَشْرَافِهِمْ وَنَحْرِهِمْ فِي ثُغُورِهِمْ ، فَإِذَا جَاءَكَ كِتَابِي هَذَا فَخُذْ لِيَ الطَّاعَةَ مِمَنْ قِبَلَكَ ، وَانْطَلِقْ إِلَى الرَّجُلِ الَّذِي كَانَ كِسْرَى قَدْ كَتَبَ فِيهِ ، فَلَا تُهِجْهُ حَتَّى يَأْتِيَكَ أَمْرِي فِيهِ . فَلَمَّا انْتَهَى كِتَابُ شِيرَوَيْهِ إِلَى بَاذَامَ قَالَ : إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ لَرَسُولٌ . فَأَسْلَمَ وَأَسْلَمَتِ الْأَبْنَاءُ مِنْ فَارِسَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ بِالْيَمَنِ . قَالَ : وَقَدْ قَالَ بَاذَوَيْهِ لِبَاذَامَ : مَا كَلَّمْتُ أَحَدًا أَهْيَبَ عِنْدِي مِنْهُ . فَقَالَ لَهُ بَاذَامُ : هَلْ مَعَهُ شُرَطٌ ؟ قَالَ : لَا .
قَالَ
الْوَاقِدِيُّ ، رَحِمَهُ اللَّهُ : وَكَانَ قَتْلُ كِسْرَى عَلَى يَدَيِ ابْنِهِ
شِيرَوَيْهِ لَيْلَةَ
[ ص: 488 ] الثُّلَاثَاءِ ، لِعَشْرِ لَيَالٍ مَضَيْنَ مِنْ جُمَادَى الْأُولَى مِنْ سَنَةِ سَبْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ ، لِسِتِّ سَاعَاتٍ مَضَتْ مِنْهَا .
قُلْتُ : وَفِي شِعْرِ بَعْضِهِمْ مَا يُرْشِدُ أَنَّ قَتْلَهُ كَانَ فِي شَهْرٍ حَرَامٍ ، وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِ الشُّعَرَاءِ :
قَتَلُوا كِسْرَى بِلَيْلٍ مُحْرِمًا فَتَوَلَّى لَمْ يُمَتَّعْ بِكَفَنْ
وَقَالَ بَعْضُ شُعَرَاءِ الْعَرَبِ :
وَكِسْرَى إِذْ تَقَاسَمُهُ بَنُوهُ بِأَسْيَافٍ كَمَا اقْتُسِمَ اللِّحَامُ
تَمَخَّضَتِ الْمَنُونُ لَهُ بِيَوْمٍ أَنَى وَلِكُلِّ حَامِلَةٍ تَمَامُ
وَرَوَى الْحَافِظُ
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ
حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ
حُمَيْدٍ ، عَنِ
الْحَسَنِ ، عَنْ
أَبِي بَكْرَةَ nindex.php?page=hadith&LINKID=3510696، أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ فَارِسَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ رَبِّي قَدْ قَتَلَ اللَّيْلَةَ رَبَّكَ " . قَالَ : وَقِيلَ لَهُ - يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : إِنَّهُ قَدِ اسْتَخْلَفَ ابْنَتَهُ . فَقَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510697لَا يُفْلِحُ قَوْمٌ تَمْلِكُهُمُ امْرَأَةٌ " . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ : وَرُوِيَ فِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=202دِحْيَةَ بْنِ خَلِيفَةَ ، أَنَّهُ لَمَّا رَجَعَ مِنْ عِنْدِ قَيْصَرَ وَجَدَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُسُلَ عَامِلِ كِسْرَى ، وَذَلِكَ أَنَّ كِسْرَى بَعَثَ ، يَتَوَعَّدُ صَاحِبَ
صَنْعَاءَ ، وَيَقُولُ لَهُ : أَلَا تَكْفِينِي أَمْرَ رَجُلٍ قَدْ ظَهَرَ بِأَرْضِكَ
[ ص: 489 ] يَدْعُونِي إِلَى دِينِهِ ؟ لَتَكْفِيَنَّهُ أَوْ لَأَفْعَلَنَّ بِكَ . فَبَعَثَ إِلَيْهِ ، فَقَالَ لِرُسُلِهِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510698أَخْبِرُوهُ أَنَّ رَبِّي قَدْ قَتَلَ رَبَّهُ اللَّيْلَةَ " . فَوَجَدُوهُ كَمَا قَالَ . قَالَ : وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=15854دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدٍ ، عَنْ
عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ نَحْوَ هَذَا .
ثُمَّ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=11948أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15854دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ :
أَقْبَلَ سَعْدٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " إِنَّ فِي وَجْهِ سَعْدٍ خَبَرًا " فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَلَكَ كِسْرَى ، فَقَالَ : " لَعَنَ اللَّهُ كِسْرَى ، أَوَّلُ النَّاسِ هَلَاكًا فَارِسُ ثُمَّ الْعَرَبُ .
قُلْتُ : الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمَّا أَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَلَاكِ كِسْرَى لِذَيْنِكَ الرَّجُلَيْنِ ، يَعْنِي الْأَمِيرَيْنِ اللَّذَيْنِ قَدِمَا مِنْ نَائِبِ
الْيَمَنِ بَاذَامَ ، فَلَمَّا جَاءَ الْخَبَرُ بِوَفْقِ مَا أَخْبَرَ بِهِ ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَشَاعَ فِي الْبِلَادِ ، وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=37سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ أَوَّلَ مَنْ سَمِعَ ، جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ بِوَفْقِ إِخْبَارِهِ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَهَكَذَا بِنَحْوِ هَذَا التَّقْدِيرِ ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ ، رَحِمَهُ اللَّهُ .
ثُمَّ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ ، أَخْبَرَنِي
أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ كِسْرَى بَيْنَمَا هُوَ فِي دَسْكَرَةِ مُلْكِهِ بُعِثَ لَهُ - أَوْ قُيِّضَ لَهُ - عَارِضٌ يَعْرِضُ عَلَيْهِ الْحَقَّ فَلَمْ يَفْجَأْ كِسْرَى إِلَّا بِرَجُلٍ يَمْشِي وَفِي يَدِهِ عَصًا ، فَقَالَ : يَا كِسْرَى ، هَلْ لَكَ فِي الْإِسْلَامِ قَبْلَ أَنْ أَكْسِرَ هَذِهِ الْعَصَا ؟ فَقَالَ كِسْرَى : نَعَمْ ، لَا تَكْسِرْهَا ، فَوَلَّى الرَّجُلُ ، فَلَمَّا ذَهَبَ ، أَرْسَلَ كِسْرَى إِلَى
[ ص: 490 ] حُجَّابِهِ فَقَالَ : مَنْ أَذِنَ لِهَذَا الرَّجُلِ عَلَيَّ ؟ فَقَالُوا : مَا دَخَلَ عَلَيْكَ أَحَدٌ . فَقَالَ : كَذَبْتُمْ . قَالَ : فَغَضِبَ عَلَيْهِمْ وَتَهَدَّدَهُمْ ، ثُمَّ تَرَكَهُمْ . قَالَ : فَلَمَّا كَانَ رَأْسُ الْحَوْلِ ، أَتَى ذَلِكَ الرَّجُلُ وَمَعَهُ الْعَصَا ، قَالَ : يَا كِسْرَى ، هَلْ لَكَ فِي الْإِسْلَامِ قَبْلَ أَنْ أَكْسِرَ هَذِهِ الْعَصَا ؟ قَالَ : نَعَمْ ، لَا تَكْسِرْهَا . فَلَمَّا انْصَرَفَ عَنْهُ دَعَا حُجَّابَهُ ، قَالَ لَهُمْ كَالْمَرَّةِ الْأُولَى ، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الْمُسْتَقْبَلُ أَتَاهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ ، مَعَهُ الْعَصَا ، فَقَالَ لَهُ : هَلْ لَكَ يَا كِسْرَى فِي الْإِسْلَامِ قَبْلَ أَنْ أَكْسِرَ هَذِهِ الْعَصَا ؟ فَقَالَ : لَا تَكْسِرْهَا . فَكَسَرَهَا ، فَأَهْلَكَ اللَّهُ كِسْرَى عِنْدَ ذَلِكَ .
وَقَالَ الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : أَنْبَأَنَا
ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ
الزُّهْرِيِّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510699إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ ، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لِتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ " . أَخْرَجَهُ
مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ
ابْنِ عُيَيْنَةَ ، وَأَخْرَجَاهُ مِنْ حَدِيثِ
الزُّهْرِيِّ ، بِهِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3510700وَلَمَّا أُتِيَ كِسْرَى بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَزَّقَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " تَمَزَّقَ مُلْكُهُ " . وَحَفِظْنَا أَنَّ قَيْصَرَ أَكْرَمَ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ
[ ص: 491 ] صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَوَضَعَهُ فِي مِسْكٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" ثَبَتَ مُلْكُهُ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ مِنَ الْعُلَمَاءِ :
وَلَمَّا كَانَتِ الْعَرَبُ تَأْتِي الشَّامَ وَالْعِرَاقَ لِلتِّجَارَةِ ، فَأَسْلَمَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ ، شَكَوْا خَوْفَهُمْ مِنْ مَلِكَيِ الْعِرَاقِ وَالشَّامِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " إِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ ، وَإِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ قَالَ : فَبَادَ مُلْكُ الْأَكَاسِرَةِ بِالْكُلِّيَّةِ ، وَزَالَ مُلْكُ قَيْصَرَ عَنِ
الشَّامِ بِالْكُلِّيَّةِ ، وَإِنْ ثَبَتَ لَهُمْ مُلْكٌ فِي الْجُمْلَةِ بِبَرَكَةِ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُمْ حِينَ عَظَّمُوا كِتَابَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قُلْتُ : وَفِي هَذَا بِشَارَةٌ عَظِيمَةٌ بِأَنَّ مُلْكَ الرُّومِ لَا يَعُودُ أَبَدًا إِلَى أَرْضِ
الشَّامِ ، وَكَانَتِ الْعَرَبُ تُسَمِّي قَيْصَرَ لِمَنْ مَلَكَ الشَّامَ مَعَ الْجَزِيرَةِ مِنَ الرُّومِ ، وَكِسْرَى لِمَنْ مَلَكَ الْفُرْسَ ، وَالنَّجَاشِيَّ لِمَنْ مَلَكَ الْحَبَشَةَ ، وَالْمُقَوْقِسَ لِمَنْ مَلَكَ الْإِسْكَنْدَرِيَّةَ وَفِرْعَوْنَ لِمَنْ مَلَكَ مِصْرَ كَافِرًا ، وَبَطْلَيْمُوسَ لِمَنْ مَلَكَ الْهِنْدَ ، وَلَهُمْ أَعْلَامُ أَجْنَاسٍ غَيْرُ ذَلِكَ ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَرَوَى
مُسْلِمٌ ، عَنْ
قُتَيْبَةَ وَغَيْرِهِ ، عَنْ
أَبِي عَوَانَةَ ، عَنْ
سِمَاكٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=98جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ :
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَتَفْتَحَنَّ عِصَابَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ كُنُوزَ كِسْرَى فِي الْقَصْرِ الْأَبْيَضِ وَرَوَى
أَسْبَاطٌ ، عَنْ
سِمَاكٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=98جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ مِثْلَ ذَلِكَ ، وَزَادَ : وَكُنْتُ أَنَا وَأَبِي فِيهِمْ ، فَأَصَبْنَا مِنْ ذَلِكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ .