[ ص: 206 ] جعفر بن أبي طالب
السيد الشهيد ، الكبير الشأن ، علم المجاهدين أبو عبد الله ، ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي الهاشمي ، أخو
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، وهو أسن من
علي بعشر سنين .
هاجر الهجرتين ، وهاجر من
الحبشة إلى
المدينة ، فوافى المسلمين وهم على
خيبر إثر أخذها ، فأقام
بالمدينة أشهرا ، ثم أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جيش غزوة
مؤتة بناحية
الكرك ، فاستشهد . وقد سر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كثيرا بقدومه ، وحزن - والله - لوفاته .
روى شيئا يسيرا ، وروى عنه
ابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=59وعمرو بن العاص ،
nindex.php?page=showalam&ids=54وأم سلمة ، وابنه
عبد الله .
حديج بن معاوية : عن
أبي إسحاق ، عن
عبد الله بن عتبة ، عن
ابن مسعود ، قال : بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى
النجاشي ثمانين رجلا : أنا ،
وجعفر ،
وأبو موسى ،
وعبد الله بن عرفطة ،
nindex.php?page=showalam&ids=5559وعثمان بن مظعون . وبعثت
قريش عمرو بن العاص ،
وعمارة بن الوليد بهدية . فقدما على
النجاشي ، فلما دخلا سجدا
[ ص: 207 ] له وابتدراه ، فقعد واحد عن يمينه ، والآخر عن شماله ، فقالا : إن نفرا من قومنا نزلوا بأرضك ، فرغبوا عن ملتنا . قال : وأين هم ؟ قالوا : بأرضك .
فأرسل في طلبهم ، فقال
جعفر : أنا خطيبكم . فاتبعوه ، فدخل فسلم ، فقالوا : ما لك لا تسجد للملك ؟ قال : إنا لا نسجد إلا لله . قالوا : ولم ذاك ؟ قال : إن الله أرسل فينا رسولا ، وأمرنا أن لا نسجد إلا لله ، وأمرنا بالصلاة والزكاة . فقال
عمرو : إنهم يخالفونك في ابن
مريم وأمه . قال : ما تقولون في ابن
مريم وأمه ؟ قال
جعفر : نقول كما قال الله : روح الله ، وكلمته ألقاها إلى العذراء البتول التي لم يمسها بشر .
قال : فرفع
النجاشي عودا من الأرض وقال : يا معشر
الحبشة والقسيسين والرهبان ، ما تريدون ، ما يسوءني هذا ، أشهد أنه رسول الله ، وأنه الذي بشر به
عيسى في الإنجيل ، والله لولا ما أنا فيه من الملك لأتيته ، فأكون أنا الذي أحمل نعليه وأوضئه .
وقال : انزلوا حيث شئتم . وأمر بهدية الآخرين فردت عليهما ، قال : وتعجل
ابن مسعود ، فشهد
بدرا .
وروى نحوا منه
مجالد ، عن
الشعبي ، عن
عبد الله بن جعفر ، عن أبيه . وروى نحوه
ابن عون ، عن
عمير بن إسحاق ، عن
عمرو بن العاص .
محمد بن إسحاق : عن
الزهري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11947أبي بكر بن عبد الرحمن ، عن
أم [ ص: 208 ] سلمة ، قالت :
لما ضاقت علينا مكة وأوذي أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفتنوا ، ورأوا ما يصيبهم من البلاء ، وأن رسول الله لا يستطيع دفع ذلك عنهم ، وكان هو في منعة من قومه وعمه ، لا يصل إليه شيء مما يكره مما ينال أصحابه ، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن بأرض الحبشة ملكا لا يظلم أحد عنده ; فالحقوا ببلاده حتى يجعل الله لكم فرجا ومخرجا " .
فخرجنا إليه أرسالا ، حتى اجتمعنا فنزلنا بخير دار إلى خير جار أمنا على ديننا .
قال
الشعبي : تزوج علي
nindex.php?page=showalam&ids=116أسماء بنت عميس ، فتفاخر ابناها
محمد بن جعفر ومحمد بن أبي بكر ، فقال كل منهما : أبي خير من أبيك . فقال
علي : يا
أسماء ، اقضي بينهما . فقالت : ما رأيت شابا كان خيرا من
جعفر ، ولا كهلا خيرا من
أبي بكر . فقال
علي : ما تركت لنا شيئا ، ولو قلت غير هذا لمقتك . فقالت : والله إن ثلاثة أنت أخسهم لخيار .
مجالد : عن
الشعبي ، عن
عبد الله بن جعفر ، قال : ما سألت
عليا شيئا بحق
جعفر إلا أعطانيه .
ابن مهدي ، حدثنا
الأسود بن شيبان ، عن
خالد بن شمير ، قال : قدم علينا
عبد الله بن رباح ، فاجتمع إليه ناس ، فقال : حدثنا
أبو قتادة ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=878753بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جيش الأمراء ، وقال : " عليكم زيد ، فإن أصيب فجعفر ، فإن أصيب جعفر ، فابن رواحة " . فوثب جعفر ، وقال : بأبي أنت وأمي ، ما كنت أرهب أن [ ص: 209 ] تستعمل زيدا علي . قال : امضوا ; فإنك لا تدري أي ذلك خير .
فانطلق الجيش ، فلبثوا ما شاء الله ، ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صعد المنبر ، وأمر أن ينادى : " الصلاة جامعة " . قال - صلى الله عليه وسلم - : " ألا أخبركم عن جيشكم ، إنهم لقوا العدو ، فأصيب زيد شهيدا ، فاستغفروا له ، ثم أخذ اللواء جعفر ، فشد على الناس حتى قتل ، ثم أخذه ابن رواحة ، فأثبت قدميه حتى أصيب شهيدا ، ثم أخذ اللواء خالد ، ولم يكن من الأمراء - هو أمر نفسه - فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصبعيه وقال : اللهم هو سيف من سيوفك فانصره - فيومئذ سمي سيف الله - . ثم قال : انفروا فامددوا إخوانكم ، ولا يتخلفن أحد " فنفر الناس في حر شديد .
ابن إسحاق : حدثنا
يحيى بن عباد ، عن أبيه ، قال : حدثني أبي الذي أرضعني - وكان من
بني مرة بن عوف - قال : لكأني أنظر إلى
جعفر يوم
مؤتة حين اقتحم عن فرس له شقراء فعقرها ثم قاتل حتى قتل .
قال
ابن إسحاق : وهو أول من عقر في الإسلام ، وقال :
[ ص: 210 ] يا حبذا الجنة واقترابها طيبة وبارد شرابها والروم روم قد دنا عذابها
علي إن لاقيتها ضرابها
الواقدي : حدثنا
عبد الله بن محمد بن عمر بن علي ، عن أبيه ، قال : ضربه رومي فقطعه بنصفين . فوجد في نصفه بضعة وثلاثون جرحا .
أبو أويس عن
عبد الله ، عن
نافع ، عن
ابن عمر ، قال : فقدنا
جعفرا يوم
مؤتة ، فوجدنا بين طعنة ورمية بضعا وتسعين ، وجدنا ذلك فيما أقبل من جسده .
nindex.php?page=showalam&ids=12308أسامة بن زيد الليثي ، عن
نافع ، أن
ابن عمر قال : جمعت
جعفرا على صدري يوم
مؤتة ، فوجدت في مقدم جسده بضعا وأربعين من بين ضربة وطعنة .
[ ص: 211 ] أبو أحمد الزبيري ، عن
عمرو بن ثابت ، عن أبيه :
سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن جعفر ، فقال رجل : رأيته حين طعنه رجل ، فمشى إليه في الرمح ، فضربه ، فماتا جميعا .
سعدان بن الوليد : عن
عطاء ، عن
ابن عباس : بينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس
nindex.php?page=showalam&ids=116وأسماء بنت عميس قريبة إذ قال :
" يا أسماء ، هذا جعفر مع جبريل وميكائيل مر ، فأخبرني أنه لقي المشركين يوم كذا وكذا فسلم ، فردي عليه السلام ، وقال : إنه لقي المشركين ، فأصابه في مقاديمه ثلاث وسبعون ، فأخذ اللواء بيده اليمنى فقطعت ، ثم أخذ باليسرى فقطعت . قال : فعوضني الله من يدي جناحين أطير بهما مع جبريل وميكائيل في الجنة آكل من ثمارها " .
وعن
أسماء ، قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=878756دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فدعا بني جعفر ، فرأيته شمهم ، وذرفت عيناه ، فقلت : يا رسول الله ، أبلغك عن جعفر شيء ؟ قال : " نعم ، قتل اليوم . فقمنا نبكي ، ورجع ، فقال : اصنعوا لآل جعفر طعاما ; فقد شغلوا عن أنفسهم " .
[ ص: 212 ]
وعن
عائشة ، قالت : لما جاءت وفاة
جعفر ، عرفنا في وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - الحزن .
أبو شيبة العبسي : حدثنا
الحكم ، عن
مقسم ، عن
ابن عباس ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=878757 " رأيت nindex.php?page=showalam&ids=315جعفر بن أبي طالب ملكا في الجنة ، مضرجة قوادمه بالدماء ، يطير في الجنة " .
عبد الله بن جعفر المديني : عن
العلاء ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مرفوعا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=878758 " رأيت جعفرا له جناحان في الجنة " .
وجاء نحوه عن
ابن عباس والبراء عن النبي - صلى الله عليه وسلم .
ويقال عاش بضعا وثلاثين سنة - رضي الله عنه .
[ ص: 213 ] nindex.php?page=showalam&ids=16421عبد الله بن نمير : عن
الأجلح ، عن
الشعبي ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=878759لما رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من خيبر تلقاه جعفر ، فالتزمه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقبل بين عينيه ، وقال : " ما أدري بأيهما أنا أفرح : بقدوم جعفر ، أم بفتح خيبر " .
وفي رواية
محمد بن ربيعة ، عن
أجلح : فقبل ما بين عينيه ، وضمه واعتنقه .
[ ص: 206 ] جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ
السَّيِّدُ الشَّهِيدُ ، الْكَبِيرُ الشَّأْنِ ، عَلَمُ الْمُجَاهِدِينَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، ابْنُ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، عَبْدِ مَنَافِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ الْهَاشِمِيُّ ، أَخُو
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، وَهُوَ أَسَنُّ مِنْ
عَلِيٍّ بِعَشْرِ سِنِينَ .
هَاجَرَ الْهِجْرَتَيْنِ ، وَهَاجَرَ مِنَ
الْحَبَشَةِ إِلَى
الْمَدِينَةِ ، فَوَافَى الْمُسْلِمِينَ وَهُمْ عَلَى
خَيْبَرَ إِثْرَ أَخْذِهَا ، فَأَقَامَ
بِالْمَدِينَةِ أَشْهُرًا ، ثُمَّ أَمَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى جَيْشِ غَزْوَةِ
مُؤْتَةَ بِنَاحِيَةِ
الْكَرَكِ ، فَاسْتُشْهِدَ . وَقَدْ سُرَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَثِيرًا بِقَدُّومِهِ ، وَحَزِنَ - وَاللَّهِ - لِوَفَاتِهِ .
رَوَى شَيْئًا يَسِيرًا ، وَرَوَى عَنْهُ
ابْنُ مَسْعُودٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=59وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=54وَأُمُّ سَلَمَةَ ، وَابْنُهُ
عَبْدُ اللَّهِ .
حُدَيْجُ بْنُ مُعَاوِيَةَ : عَنْ
أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى
النَّجَاشِيِّ ثَمَانِينَ رَجُلًا : أَنَا ،
وَجَعْفَرٌ ،
وَأَبُو مُوسَى ،
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُرْفُطَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=5559وَعُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ . وَبَعَثَتْ
قُرَيْشٌ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ ،
وَعُمَارَةَ بْنَ الْوَلِيدِ بِهَدِيَّةٍ . فَقَدِمَا عَلَى
النَّجَاشِيِّ ، فَلَمَّا دَخَلَا سَجَدَا
[ ص: 207 ] لَهُ وَابْتَدَرَاهُ ، فَقَعَدَ وَاحِدٌ عَنْ يَمِينِهِ ، وَالْآخَرُ عَنْ شِمَالِهِ ، فَقَالَا : إِنْ نَفَرًا مِنْ قَوْمِنَا نَزَلُوا بِأَرْضِكَ ، فَرَغِبُوا عَنْ مِلَّتِنَا . قَالَ : وَأَيْنَ هُمْ ؟ قَالُوا : بِأَرْضِكَ .
فَأَرْسَلَ فِي طَلَبِهِمْ ، فَقَالَ
جَعْفَرٌ : أَنَا خَطِيبُكُمْ . فَاتَّبَعُوهُ ، فَدَخَلَ فَسَلَّمَ ، فَقَالُوا : مَا لَكَ لَا تَسْجُدُ لِلْمَلِكِ ؟ قَالَ : إِنَّا لَا نَسْجُدُ إِلَّا لِلَّهِ . قَالُوا : وَلِمَ ذَاكَ ؟ قَالَ : إِنَّ اللَّهَ أَرْسَلَ فِينَا رَسُولًا ، وَأَمَرَنَا أَنْ لَا نَسْجُدَ إِلَّا لِلَّهِ ، وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ . فَقَالَ
عَمْرٌو : إِنَّهُمْ يُخَالِفُونَكَ فِي ابْنِ
مَرْيَمَ وَأُمِّهِ . قَالَ : مَا تَقُولُونَ فِي ابْنِ
مَرْيَمَ وَأُمِّهِ ؟ قَالَ
جَعْفَرٌ : نَقُولُ كَمَا قَالَ اللَّهُ : رُوحُ اللَّهِ ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى الْعَذْرَاءِ الْبَتُولِ الَّتِي لَمْ يَمَسَّهَا بَشَرٌ .
قَالَ : فَرَفَعَ
النَّجَاشِيُّ عُودًا مِنَ الْأَرْضِ وَقَالَ : يَا مَعْشَرَ
الْحَبَشَةِ وَالْقِسِّيسِينَ وَالرُّهْبَانِ ، مَا تُرِيدُونَ ، مَا يَسُوءُنِي هَذَا ، أَشْهَدُ أَنَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ، وَأَنَّهُ الَّذِي بَشَّرَ بِهِ
عِيسَى فِي الْإِنْجِيلِ ، وَاللَّهِ لَوْلَا مَا أَنَا فِيهِ مِنَ الْمُلْكِ لَأَتَيْتُهُ ، فَأَكُونَ أَنَا الَّذِي أَحْمِلُ نَعْلَيْهِ وَأُوَضِّئُهُ .
وَقَالَ : انْزِلُوا حَيْثُ شِئْتُمْ . وَأَمَرَ بِهَدِيَّةِ الْآخَرِينَ فَرُدَّتْ عَلَيْهِمَا ، قَالَ : وَتَعَجَّلَ
ابْنُ مَسْعُودٍ ، فَشَهِدَ
بَدْرًا .
وَرَوَى نَحْوًا مِنْهُ
مُجَالِدٌ ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ ، عَنْ أَبِيهِ . وَرَوَى نَحْوَهُ
ابْنُ عَوْنٍ ، عَنْ
عُمَيْرِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ
عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ .
مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ : عَنِ
الزُّهْرِيِّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11947أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ
أُمِّ [ ص: 208 ] سَلَمَةَ ، قَالَتْ :
لَمَّا ضَاقَتْ عَلَيْنَا مَكَّةُ وَأُوذِيَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفُتِنُوا ، وَرَأَوْا مَا يُصِيبُهُمْ مِنَ الْبَلَاءِ ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ لَا يَسْتَطِيعُ دَفْعَ ذَلِكَ عَنْهُمْ ، وَكَانَ هُوَ فِي مَنَعَةٍ مِنْ قَوْمِهِ وَعَمِّهِ ، لَا يَصِلُ إِلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا يَكْرَهُ مِمَّا يَنَالُ أَصْحَابَهُ ، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " إِنَّ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ مَلِكًا لَا يُظْلَمُ أَحَدٌ عِنْدَهُ ; فَالْحَقُوا بِبِلَادِهِ حَتَّى يَجْعَلَ اللَّهُ لَكُمْ فَرَجًا وَمَخْرَجًا " .
فَخَرَجْنَا إِلَيْهِ أَرْسَالًا ، حَتَّى اجْتَمَعْنَا فَنَزَلْنَا بِخَيْرِ دَارٍ إِلَى خَيْرِ جَارٍ أَمِنَّا عَلَى دِينِنَا .
قَالَ
الشَّعْبِيُّ : تَزَوَّجَ عَلِيٌّ
nindex.php?page=showalam&ids=116أَسْمَاءَ بِنْتَ عُمَيْسٍ ، فَتَفَاخَرَ ابْنَاهَا
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ ، فَقَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا : أَبِي خَيْرٌ مِنْ أَبِيكَ . فَقَالَ
عَلِيٌّ : يَا
أَسْمَاءُ ، اقْضِي بَيْنَهُمَا . فَقَالَتْ : مَا رَأَيْتُ شَابًّا كَانَ خَيْرًا مِنْ
جَعْفَرٍ ، وَلَا كَهْلًا خَيْرًا مِنْ
أَبِي بَكْرٍ . فَقَالَ
عَلِيٌّ : مَا تَرَكْتِ لَنَا شَيْئًا ، وَلَوْ قُلْتِ غَيْرَ هَذَا لَمَقَتُّكِ . فَقَالَتْ : وَاللَّهِ إِنَّ ثَلَاثَةً أَنْتَ أَخَسُّهُمْ لَخِيَارٌ .
مُجَالِدٌ : عَنِ
الشَّعْبِيِّ ، عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ ، قَالَ : مَا سَأَلْتُ
عَلِيًّا شَيْئًا بِحَقِّ
جَعْفَرٍ إِلَّا أَعْطَانِيهِ .
ابْنُ مَهْدِيٍّ ، حَدَّثَنَا
الْأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ ، عَنْ
خَالِدِ بْنِ شُمَيْرٍ ، قَالَ : قَدِمَ عَلَيْنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبَاحٍ ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ نَاسٌ ، فَقَالَ : حَدَّثَنَا
أَبُو قَتَادَةَ ، قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=878753بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَيْشَ الْأُمَرَاءِ ، وَقَالَ : " عَلَيْكُمْ زَيْدٌ ، فَإِنْ أُصِيبَ فَجَعْفَرٌ ، فَإِنْ أُصِيبَ جَعْفَرٌ ، فَابْنُ رَوَاحَةَ " . فَوَثَبَ جَعْفَرٌ ، وَقَالَ : بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي ، مَا كُنْتُ أَرْهَبُ أَنْ [ ص: 209 ] تَسْتَعْمِلَ زَيْدًا عَلَيَّ . قَالَ : امْضُوا ; فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَيُّ ذَلِكَ خَيْرٌ .
فَانْطَلَقَ الْجَيْشُ ، فَلَبِثُوا مَا شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَعِدَ الْمِنْبَرَ ، وَأَمَرَ أَنْ يُنَادَى : " الصَّلَاةُ جَامِعَةٌ " . قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " أَلَا أُخْبِرُكُمْ عَنْ جَيْشِكُمْ ، إِنَّهُمْ لَقُوا الْعَدُوَّ ، فَأُصِيبَ زَيْدٌ شَهِيدًا ، فَاسْتَغْفِرُوا لَهُ ، ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ جَعْفَرٌ ، فَشَدَّ عَلَى النَّاسِ حَتَّى قُتِلَ ، ثُمَّ أَخَذَهُ ابْنُ رَوَاحَةَ ، فَأَثْبَتَ قَدَمَيْهِ حَتَّى أُصِيبَ شَهِيدًا ، ثُمَّ أَخَذَ اللِّوَاءَ خَالِدٌ ، وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْأُمَرَاءِ - هُوَ أَمَّرَ نَفْسَهُ - فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُصْبُعَيْهِ وَقَالَ : اللَّهُمَّ هُوَ سَيْفٌ مِنْ سُيُوفِكَ فَانْصُرْهُ - فَيَوْمَئِذٍ سُمِّيَ سَيْفَ اللَّهِ - . ثُمَّ قَالَ : انْفَرُوا فَامْدُدُوا إِخْوَانَكُمْ ، وَلَا يَتَخَلَّفْنَ أَحَدٌ " فَنَفَرَ النَّاسُ فِي حَرٍّ شَدِيدٍ .
ابْنُ إِسْحَاقَ : حَدَّثَنَا
يَحْيَى بْنُ عَبَّادٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي الَّذِي أَرْضَعَنِي - وَكَانَ مِنْ
بَنِي مُرَّةَ بْنِ عَوْفٍ - قَالَ : لَكَأَنِيٍّ أَنْظُرُ إِلَى
جَعْفَرٍ يَوْمَ
مُؤْتَةَ حِينَ اقْتَحَمَ عَنْ فَرَسٍ لَهُ شَقْرَاءُ فَعَقَرَهَا ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ .
قَالَ
ابْنُ إِسْحَاقَ : وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ عَقَرَ فِي الْإِسْلَامِ ، وَقَالَ :
[ ص: 210 ] يَا حَبَّذَا الْجَنَّةُ وَاقْتِرَابُهَا طَيِّبَةٌ وَبَارِدٌ شَرَابُهَا وَالرُّومُ رُومٌ قَدْ دَنَا عَذَابُهَا
عَلَيَّ إِنْ لَاقِيتُهَا ضَرَابُهَا
الْوَاقِدِيُّ : حَدَّثَنَا
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : ضَرَبُهُ رُومِيٌّ فَقَطَعَهُ بِنِصْفَيْنِ . فَوُجِدَ فِي نِصْفِهِ بِضْعَةٌ وَثَلَاثُونَ جُرْحًا .
أَبُو أُوَيْسٍ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ
نَافِعٍ ، عَنِ
ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : فَقَدْنَا
جَعْفَرًا يَوْمَ
مُؤْتَةَ ، فَوَجَدْنَا بَيْنَ طَعْنَةٍ وَرَمْيَةٍ بِضْعًا وَتِسْعِينَ ، وَجَدْنَا ذَلِكَ فِيمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ .
nindex.php?page=showalam&ids=12308أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ ، عَنْ
نَافِعٍ ، أَنَّ
ابْنَ عُمَرَ قَالَ : جَمَعْتُ
جَعْفَرًا عَلَى صَدْرِي يَوْمَ
مُؤْتَةَ ، فَوَجَدْتُ فِي مُقَدَّمِ جَسَدِهِ بِضْعًا وَأَرْبَعِينَ مِنْ بَيْنِ ضَرْبَةٍ وَطَعْنَةٍ .
[ ص: 211 ] أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ ، عَنْ
عَمْرِو بْنِ ثَابِتٍ ، عَنْ أَبِيهِ :
سَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ جَعْفَرٍ ، فَقَالَ رَجُلٌ : رَأَيْتُهُ حِينَ طَعَنَهُ رَجُلٌ ، فَمَشَى إِلَيْهِ فِي الرُّمْحِ ، فَضَرَبَهُ ، فَمَاتَا جَمِيعًا .
سَعْدَانُ بْنُ الْوَلِيدِ : عَنْ
عَطَاءٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ : بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَالِسٌ
nindex.php?page=showalam&ids=116وَأَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ قَرِيبَةٌ إِذْ قَالَ :
" يَا أَسْمَاءُ ، هَذَا جَعْفَرٌ مَعَ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ مَرَّ ، فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ لَقِيَ الْمُشْرِكِينَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا فَسَلَّمَ ، فَرُدِّي عَلَيْهِ السَّلَامَ ، وَقَالَ : إِنَّهُ لَقِيَ الْمُشْرِكِينَ ، فَأَصَابَهُ فِي مَقَادِيمِهِ ثَلَاثٌ وَسَبْعُونَ ، فَأَخَذَ اللِّوَاءَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى فَقُطِعَتْ ، ثُمَّ أَخَذَ بِالْيُسْرَى فَقُطِعَتْ . قَالَ : فَعَوَّضَنِي اللَّهُ مِنْ يَدَيْ جَنَاحَيْنِ أَطِيرُ بِهِمَا مَعَ جِبْرِيلَ وَمِيكَائِيلَ فِي الْجَنَّةِ آكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا " .
وَعَنْ
أَسْمَاءَ ، قَالَتْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=878756دَخْلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَدَعَا بَنِي جَعْفَرٍ ، فَرَأَيْتُهُ شَمَّهُمْ ، وَذَرَفَتْ عَيْنَاهُ ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَبْلَغَكَ عَنْ جَعْفَرٍ شَيْءٌ ؟ قَالَ : " نَعَمْ ، قُتِلَ الْيَوْمَ . فَقُمْنَا نَبْكِي ، وَرَجَعَ ، فَقَالَ : اصْنَعُوا لِآلِ جَعْفَرٍ طَعَامًا ; فَقَدْ شُغِلُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ " .
[ ص: 212 ]
وَعَنْ
عَائِشَةَ ، قَالَتْ : لَمَّا جَاءَتْ وَفَاةُ
جَعْفَرٍ ، عَرَفْنَا فِي وَجْهِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْحُزْنَ .
أَبُو شَيْبَةَ الْعَبْسِيُّ : حَدَّثَنَا
الْحَكَمُ ، عَنْ
مِقْسَمٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=878757 " رَأَيْتُ nindex.php?page=showalam&ids=315جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ مَلَكًا فِي الْجَنَّةِ ، مُضَرَّجَةً قَوَادِمُهُ بِالدِّمَاءِ ، يَطِيرُ فِي الْجَنَّةِ " .
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَدِينِيُّ : عَنِ
الْعَلَاءِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=878758 " رَأَيْتُ جَعْفَرًا لَهُ جَنَاحَانِ فِي الْجَنَّةِ " .
وَجَاءَ نَحْوُهُ عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْبَرَاءِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَيُقَالُ عَاشَ بِضْعًا وَثَلَاثِينَ سَنَةً - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
[ ص: 213 ] nindex.php?page=showalam&ids=16421عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ : عَنِ
الْأَجْلَحِ ، عَنِ
الشَّعْبِيِّ ، قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=878759لَمَّا رَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ خَيْبَرَ تَلَقَّاهُ جَعْفَرٌ ، فَالْتَزَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ ، وَقَالَ : " مَا أَدْرِي بِأَيِّهِمَا أَنَا أَفْرَحُ : بِقُدُومِ جَعْفَرٍ ، أَمْ بِفَتْحِ خَيْبَرَ " .
وَفِي رِوَايَةِ
مُحَمَّدِ بْنِ رَبِيعَةَ ، عَنْ
أَجْلَحَ : فَقَبَّلَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ ، وَضَمَّهُ وَاعْتَنَقَهُ .