nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=76nindex.php?page=treesubj&link=28994_30549ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=77حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون
استدلال على مضمون قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=75ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون بسابق إصرارهم على الشرك والإعراض عن الالتجاء إلى الله وعدم الاتعاظ بأن ما حل بهم من العذاب هو جزاء شركهم .
والجملة المتقدمة خطاب للنبيء صلى الله عليه وسلم وهو يعلم صدقه فلم يكن بحاجة إلى الاستظهار عليه . ولكنه لما كان متعلقا بالمشركين وكان بحيث يبلغ أسماعهم وهم لا يؤمنون بأنه كلام من لا شك في صدقه ، كان المقام محفوفا بما يقتضي الاستدلال عليهم بشواهد أحوالهم فيما مضى; ولذلك وقع قبله
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=54فذرهم في غمرتهم حتى حين ، ووقع بعده
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=84قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون . والتعريف في قوله ( بالعذاب ) للعهد ، أي : بالعذاب المذكور آنفا في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=64حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إلخ . ومصب الحال هو ما عطف على جملتها من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=76فما استكانوا لربهم ، فلا تتوهمن أن إعادة ذكر
[ ص: 101 ] العذاب هنا تدل على أنه عذاب آخر غير المذكور آنفا مستندا إلى أن إعادة ذكر الأول لا طائل تحتها . وهذه الآية في معنى قوله في سورة الدخان :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=13أنى لهم الذكرى وقد جاءهم رسول مبين ثم تولوا عنه إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=15إنا كاشفو العذاب قليلا إنكم عائدون . والمعنى فلم يكن حظهم حين أخذناهم بالعذاب إلا العويل والجوار دون التوبة والاستغفار .
وقيل : هذا عذاب آخر سابق للعذاب المذكور آنفا فيتركب هذا على التفاسير المتقدمة أنه عذاب الجوع الأول أو عذاب الجوع الثاني بالنسبة لعذاب يوم
بدر .
والاستكانة : مصدر بمعنى الخضوع مشتقة من السكون ; لأن الذي يخضع يقطع الحركة أمام من خضع له ، فهو افتعال من السكون للدلالة على تمكن السكون وقوته . وألفه ألف الافتعال مثل الاضطراب ، والتاء زائدة كزيادتها في استعاذة .
وقيل : الألف للإشباع ، أي : زيدت في الاشتقاق فلازمت الكلمة . وليس ذلك من الإشباع الذي يستعمله المستعملون شذوذا كقول
طرفة :
ينباع من ذفري غضوب جسرة
أي : ينبع . وأشار في الكشاف إلى الاستشهاد على الإشباع في نحوه إلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=12401ابن هرمة :
وأنت من الغوائل حين ترمى ومن ذم الرجال بمنتـزاح
أراد : بمنتزح ، فأشبع الفتحة .
ويبعد أن يكون ( استكانوا ) استفعالا من الكون من جهتين : جهة مادته فإن معنى الكون فيه غير وجيه ، وجهة صيغته ; لأن حمل السين والتاء فيه على معنى الطلب غير واضح .
والتعبير بالمضارع في ( يتضرعون ) لدلالته على تجدد انتفاء تضرعهم . والتضرع : الدعاء بتذلل ، وتقدم في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=42لعلهم يتضرعون في سورة
[ ص: 102 ] الأنعام . والقول في جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=77حتى إذا فتحنا عليهم بابا كالقول في
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=64حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب .
و ( إذا ) من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=77حتى إذا فتحنا عليهم بابا مثل ( إذا ) التي تقدمت في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=64حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إلخ .
وفتح الباب تمثيل لمفاجأتهم بالعذاب بعد أن كان محجوزا عنه حسب قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=33وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم . وقريب من هذا التمثيل قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=14ولو دخلت عليهم من أقطارها .
شبهت هيئة إصابتهم بالعذاب بعد أن كانوا في سلامة وعافية بهيئة ناس في بيت مغلق عليهم ففتح عليهم باب البيت من عدو مكروه ، أو تقول : شبهت هيئة تسليط العذاب عليهم بهيئة فتح باب اختزن فيه العذاب فلما فتح الباب انهال العذاب عليهم . وهذا كما مثل بقوله : وفار التنور وقولهم : طفحت الكأس بأعمال فلان ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=59فإن للذين ظلموا ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم وقول
علقمة :
فحق لشاس من نداك ذنوب
ومنه قول الكتاب : فتح باب كذا على مصراعيه ، تمثيلا لكثرة ذلك وأفاض عليه سجلا من الإحسان ، وقول
أبي تمام :
من شاعر وقف الكلام ببابـه واكتن في كنفي ذراه المنطق
ووصف ( بابا ) بكونه (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=77ذا عذاب شديد ) دون أن يضاف باب إلى عذاب فيقال : باب عذاب كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=13فصب عليهم ربك سوط عذاب ; لأن ( ذا عذاب ) يفيد من شدة انتساب العذاب إلى الباب ما لا تفيده إضافة باب إلى عذاب ، وليتأتى بذلك وصف ( عذاب ) بـ ( شديد ) بخلاف قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=13سوط عذاب فقد استغني عن وصفه بـ ( شديد ) بأنه معمول لفعل ( صب ) الدال على الوفرة .
[ ص: 103 ] والمراد بالعذاب الشديد : عذاب مستقبل . والأرجح : أن المراد به عذاب السيف يوم
بدر . وعن
مجاهد : أنه عذاب الجوع .
وقيل : عذاب الآخرة . وعلى هذا الوجه يجوز أن يكون الباب حقيقة وهو باب من أبواب جهنم كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=71حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها .
والإبلاس : شدة اليأس من النجاة . يقال : أبلس ، إذا ذل ويئس من التخلص ، وهو ملازم للهمزة ولم يذكروا له فعلا مجردا . فالظاهر أنه مشتق من البلاس كسحاب وهو المسح ، وأن أصل أبلس صار ذا بلاس . وكان شعار من زهدوا في النعيم . يقال : لبس المسوح ، إذا ترهب .
وهنا انتهت الجمل المعترضة المبتدأة بجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=23ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه وما تفرع عليها من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=54فذرهم في غمرتهم حتى حين إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=77إذا هم فيه مبلسون .
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=76nindex.php?page=treesubj&link=28994_30549وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=77حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ
اسْتِدْلَالٌ عَلَى مَضْمُونِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=75وَلَوْ رَحِمْنَاهُمْ وَكَشَفْنَا مَا بِهِمْ مِنْ ضُرٍّ لَلَجُّوا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ بِسَابِقِ إِصْرَارِهِمْ عَلَى الشِّرْكِ وَالْإِعْرَاضِ عَنِ الِالْتِجَاءِ إِلَى اللَّهِ وَعَدَمِ الِاتِّعَاظِ بِأَنَّ مَا حَلَّ بِهِمْ مِنَ الْعَذَابِ هُوَ جَزَاءُ شِرْكِهِمْ .
وَالْجُمْلَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ خِطَابٌ لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَعْلَمُ صِدْقَهُ فَلَمْ يَكُنْ بِحَاجَةٍ إِلَى الِاسْتِظْهَارِ عَلَيْهِ . وَلَكِنَّهُ لَمَا كَانَ مُتَعَلِّقًا بِالْمُشْرِكِينَ وَكَانَ بِحَيْثُ يَبْلُغُ أَسْمَاعَهُمْ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِأَنَّهُ كَلَامُ مَنْ لَا شَكَّ فِي صِدْقِهِ ، كَانَ الْمَقَامُ مَحْفُوفًا بِمَا يَقْتَضِي الِاسْتِدْلَالَ عَلَيْهِمْ بِشَوَاهِدِ أَحْوَالِهِمْ فِيمَا مَضَى; وَلِذَلِكَ وَقَعَ قَبْلَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=54فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ ، وَوَقَعَ بَعْدَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=84قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ . وَالتَّعْرِيفُ فِي قَوْلِهِ ( بِالْعَذَابِ ) لِلْعَهْدِ ، أَيْ : بِالْعَذَابِ الْمَذْكُورِ آنِفًا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=64حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِلَخْ . وَمَصَبُّ الْحَالِ هُوَ مَا عُطِفَ عَلَى جُمْلَتِهَا مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=76فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ ، فَلَا تَتَوَهَّمَنَّ أَنَّ إِعَادَةَ ذِكْرِ
[ ص: 101 ] الْعَذَابِ هُنَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَذَابٌ آخَرُ غَيْرُ الْمَذْكُورِ آنِفًا مُسْتَنِدًا إِلَى أَنَّ إِعَادَةَ ذِكْرِ الْأَوَّلِ لَا طَائِلَ تَحْتَهَا . وَهَذِهِ الْآيَةُ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ فِي سُورَةِ الدُّخَانِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=13أَنَّى لَهُمُ الذِّكْرَى وَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مُبِينٌ ثُمَّ تَوَلَّوْا عَنْهُ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=15إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ . وَالْمَعْنَى فَلَمْ يَكُنْ حَظُّهُمْ حِينَ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ إِلَّا الْعَوِيلَ وَالْجُوَارَ دُونَ التَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ .
وَقِيلَ : هَذَا عَذَابٌ آخَرُ سَابِقٌ لِلْعَذَابِ الْمَذْكُورِ آنِفًا فَيَتَرَكَّبُ هَذَا عَلَى التَّفَاسِيرِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَنَّهُ عَذَابُ الْجُوعِ الْأَوَّلِ أَوْ عَذَابُ الْجُوعِ الثَّانِي بِالنِّسْبَةِ لِعَذَابِ يَوْمِ
بَدْرٍ .
وَالِاسْتِكَانَةُ : مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الْخُضُوعِ مُشْتَقَّةٌ مِنَ السُّكُونِ ; لِأَنَّ الَّذِي يَخْضَعُ يَقْطَعُ الْحَرَكَةَ أَمَامَ مَنْ خَضَعَ لَهُ ، فَهُوَ افْتِعَالٌ مِنَ السُّكُونِ لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَمَكُّنِ السُّكُونِ وَقُوَّتِهِ . وَأَلِفُهُ أَلِفُ الِافْتِعَالِ مِثْلُ الِاضْطِرَابِ ، وَالتَّاءُ زَائِدَةٌ كَزِيَادَتِهَا فِي اسْتِعَاذَةٍ .
وَقِيلَ : الْأَلِفُ لِلْإِشْبَاعِ ، أَيْ : زِيدَتْ فِي الِاشْتِقَاقِ فَلَازَمَتِ الْكَلِمَةَ . وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنَ الْإِشْبَاعِ الَّذِي يَسْتَعْمِلُهُ الْمُسْتَعْمِلُونَ شُذُوذًا كَقَوْلِ
طَرَفَةَ :
يَنْبَاعُ مِنْ ذِفْرَيْ غَضُوبٍ جَسْرَةٍ
أَيْ : يَنْبُعُ . وَأَشَارَ فِي الْكَشَّافِ إِلَى الِاسْتِشْهَادِ عَلَى الْإِشْبَاعِ فِي نَحْوِهِ إِلَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=12401ابْنِ هَرْمَةَ :
وَأَنْتَ مِنَ الْغَوَائِلِ حِينَ تُرْمَى وَمِنْ ذَمِّ الرِّجَالِ بِمُنْتَـزَاحِ
أَرَادَ : بِمُنْتَزَحٍ ، فَأَشْبَعَ الْفَتْحَةَ .
وَيَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ ( اسْتَكَانُوا ) اسْتِفْعَالًا مِنَ الْكَوْنِ مِنْ جِهَتَيْنِ : جِهَةِ مَادَّتِهِ فَإِنَّ مَعْنَى الْكَوْنِ فِيهِ غَيْرُ وَجِيهٍ ، وَجِهَةِ صِيغَتِهِ ; لِأَنَّ حَمْلَ السِّينِ وَالتَّاءِ فِيهِ عَلَى مَعْنَى الطَّلَبِ غَيْرُ وَاضِحٍ .
وَالتَّعْبِيرُ بِالْمُضَارِعِ فِي ( يَتَضَرَّعُونَ ) لِدَلَالَتِهِ عَلَى تَجَدُّدِ انْتِفَاءِ تَضَرُّعِهِمْ . وَالتَّضَرُّعُ : الدُّعَاءُ بِتَذَلُّلٍ ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=42لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ فِي سُورَةِ
[ ص: 102 ] الْأَنْعَامِ . وَالْقَوْلُ فِي جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=77حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا كَالْقَوْلِ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=64حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ .
وَ ( إِذَا ) مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=77حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِثْلُ ( إِذَا ) الَّتِي تَقَدَّمَتْ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=64حَتَّى إِذَا أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِالْعَذَابِ إِلَخْ .
وَفَتْحُ الْبَابِ تَمْثِيلٌ لِمُفَاجَأَتِهِمْ بِالْعَذَابِ بَعْدَ أَنْ كَانَ مَحْجُوزًا عَنْهُ حَسَبَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=33وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ . وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا التَّمْثِيلِ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=14وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطَارِهَا .
شُبِّهَتْ هَيْئَةُ إِصَابَتِهِمْ بِالْعَذَابِ بَعْدَ أَنْ كَانُوا فِي سَلَامَةٍ وَعَافِيَةٍ بِهَيْئَةِ نَاسٍ فِي بَيْتٍ مُغْلَقٍ عَلَيْهِمْ فَفُتِحَ عَلَيْهِمْ بَابُ الْبَيْتِ مِنْ عَدُوٍّ مَكْرُوهٍ ، أَوْ تَقُولُ : شُبِّهَتْ هَيْئَةُ تَسْلِيطِ الْعَذَابِ عَلَيْهِمْ بِهَيْئَةِ فَتْحِ بَابٍ اخْتُزِنَ فِيهِ الْعَذَابُ فَلَمَّا فُتِحَ الْبَابُ انْهَالَ الْعَذَابُ عَلَيْهِمْ . وَهَذَا كَمَا مُثِّلَ بِقَوْلِهِ : وَفَارَ التَّنُّورُ وَقَوْلِهِمْ : طَفَحَتِ الْكَأْسُ بِأَعْمَالِ فُلَانٍ ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=59فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحَابِهِمْ وَقَوْلِ
عَلْقَمَةَ :
فَحَقٌّ لِشَاسٍ مِنْ نَدَاكَ ذَنُوبُ
وَمِنْهُ قَوْلُ الْكُتَّابِ : فُتِحَ بَابُ كَذَا عَلَى مِصْرَاعَيْهِ ، تَمْثِيلًا لِكَثْرَةِ ذَلِكَ وَأَفَاضَ عَلَيْهِ سِجِلًّا مِنَ الْإِحْسَانِ ، وَقَوْلُ
أَبِي تَمَّامٍ :
مِنْ شَاعِرٍ وَقَفَ الْكَلَامُ بِبَابِـهِ وَاكْتَنَّ فِي كَنَفَيْ ذَرَاهُ الْمَنْطِقُ
وَوَصَفَ ( بَابًا ) بِكَوْنِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=77ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ ) دُونَ أَنْ يُضَافَ بَابٌ إِلَى عَذَابٍ فَيُقَالُ : بَابُ عَذَابٍ كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=13فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ ; لِأَنَّ ( ذَا عَذَابٍ ) يُفِيدُ مِنْ شِدَّةِ انْتِسَابِ الْعَذَابِ إِلَى الْبَابِ مَا لَا تُفِيدُهُ إِضَافَةُ بَابٍ إِلَى عَذَابٍ ، وَلِيَتَأَتَّى بِذَلِكَ وَصْفُ ( عَذَابٍ ) بِـ ( شَدِيدٍ ) بِخِلَافِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=13سَوْطَ عَذَابٍ فَقَدِ اسْتُغْنِيَ عَنْ وَصْفِهِ بِـ ( شَدِيدٍ ) بِأَنَّهُ مَعْمُولٌ لِفِعْلِ ( صَبَّ ) الدَّالِّ عَلَى الْوَفْرَةِ .
[ ص: 103 ] وَالْمُرَادُ بِالْعَذَابِ الشَّدِيدِ : عَذَابٌ مُسْتَقْبَلٌ . وَالْأَرْجَحُ : أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ عَذَابُ السَّيْفِ يَوْمَ
بَدْرٍ . وَعَنْ
مُجَاهِدٍ : أَنَّهُ عَذَابُ الْجُوعِ .
وَقِيلَ : عَذَابُ الْآخِرَةِ . وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْبَابُ حَقِيقَةً وَهُوَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ جَهَنَّمَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=71حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا .
وَالْإِبْلَاسُ : شِدَّةُ الْيَأْسِ مِنَ النَّجَاةِ . يُقَالُ : أَبْلَسَ ، إِذَا ذَلَّ وَيَئِسَ مِنَ التَّخَلُّصِ ، وَهُوَ مُلَازِمٌ لِلْهَمْزَةِ وَلَمْ يَذْكُرُوا لَهُ فِعْلًا مُجَرَّدًا . فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِنَ الْبَلَاسِ كَسَحَابٍ وَهُوَ الْمِسْحُ ، وَأَنَّ أَصْلَ أَبْلَسَ صَارَ ذَا بَلَاسٍ . وَكَانَ شِعَارَ مَنْ زَهِدُوا فِي النَّعِيمِ . يُقَالُ : لَبِسَ الْمُسُوحَ ، إِذَا تَرَهَّبَ .
وَهُنَا انْتَهَتِ الْجُمَلُ الْمُعْتَرِضَةُ الْمُبْتَدَأَةُ بِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=23وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ وَمَا تَفَرَّعَ عَلَيْهَا مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=54فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=77إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ .