nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=34nindex.php?page=treesubj&link=28996_30351_30437الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلا .
استئناف ابتدائي لتسلية الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولوعيد المشركين وذمهم .
والموصول واقع موقع الضمير كأنه قيل : هم يحشرون على وجوههم ، فيكون الضمير عائدا إلى الذين كفروا من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=32وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة ) إظهارا في مقام الإضمار لتحصيل فائدة أن أصحاب الضمير ثبت لهم مضمون الصلة ، وليبني على الصلة موقع اسم الإشارة ، ومقتضى ظاهر النظم أن يقال : ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا هم شر مكانا وأضل سبيلا ونحشرهم على وجوههم إلى جهنم ، كما قال في سورة الإسراء (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=97ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم ) عقب قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=94وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا ) ويعلم من السياق بطريق التعريض أن الذين يحشرون على وجوههم هم الذين يأتون بالأمثال تكذيبا
[ ص: 24 ] للنبيء صلى الله عليه وسلم . وإذ كان قصدهم مما يأتون به من الأمثال تنقيص شأن النبيء ذكروا بأنهم أهل شر المكان وضلال السبيل دون النبيء صلى الله عليه وسلم . فالموصول مبتدأ واسم الإشارة خبر عنه .
وقد تقدم معنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=34يحشرون على وجوههم ) في سورة الإسراء عند قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=97ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم ) . وتقدم ذكر الحديث في السؤال عن كيف يمشون على وجوههم .
وشر : اسم تفضيل . وأصله أشر وصيغتا التفضيل في قوله : ( شر ، وأضل ) مستعملتان للمبالغة في الاتصاف بالشر والضلال كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=77قال أنتم شر مكانا ) في جواب قول
إخوة يوسف : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=77إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل ) .
وتعريف جزأي الجملة يفيد القصر وهو قصر للمبالغة بتنزيلهم منزلة من انحصر الشر والضلال فيهم . وروي عن
مقاتل أن الكفار قالوا للمسلمين : هم شر الخلق فنزلت هذه الآية فيكون القصر قصر قلب ، أي : هم شر مكانا وأضل سبيلا لا المسلمون ، وصيغتا التفضيل مسلوبتا المفاضلة على كلا الوجهين .
والمكان : المقر . والسبيل : الطريق ، مكانهم جهنم ، وطريقهم الطريق الموصول إليها وهو الذي يحشرون فيه على وجوههم .
والإتيان باسم الإشارة عقب ما تقدم للتنبيه على أن المشار إليهم أحرياء بالمكان الأشر والسبيل الأضل ، لأجل ما سبق من أحوالهم التي منها قولهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=32لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة ) .
و ( سبيلا ) تمييز محول عن الفاعل ، فأصله : وضل سبيلهم . وإسناد الضلال إلى السبيل في التركيب المحول عنه مجاز عقلي ؛ لأن السبيل سبب ضلالهم .
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=34nindex.php?page=treesubj&link=28996_30351_30437الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا .
اسْتِئْنَافٌ ابْتِدَائِيٌّ لِتَسْلِيَةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلِوَعِيدِ الْمُشْرِكِينَ وَذَمِّهِمْ .
وَالْمَوْصُولُ وَاقِعٌ مَوْقِعَ الضَّمِيرِ كَأَنَّهُ قِيلَ : هُمْ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ ، فَيَكُونُ الضَّمِيرُ عَائِدًا إِلَى الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=32وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ) إِظْهَارًا فِي مَقَامِ الْإِضْمَارِ لِتَحْصِيلِ فَائِدَةِ أَنَّ أَصْحَابَ الضَّمِيرِ ثَبَتَ لَهُمْ مَضْمُونُ الصِّلَةِ ، وَلِيَبْنِيَ عَلَى الصِّلَةِ مَوْقِعَ اسْمِ الْإِشَارَةِ ، وَمُقْتَضَى ظَاهِرِ النَّظْمِ أَنْ يُقَالَ : وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا هُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا وَنَحْشُرُهُمْ عَلَى وُجُوهِهِمْ إِلَى جَهَنَّمَ ، كَمَا قَالَ فِي سُورَةِ الْإِسْرَاءِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=97وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ) عَقِبَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=94وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا ) وَيُعْلَمُ مِنَ السِّيَاقِ بِطَرِيقِ التَّعْرِيضِ أَنَّ الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ هُمُ الَّذِينَ يَأْتُونَ بِالْأَمْثَالِ تَكْذِيبًا
[ ص: 24 ] لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَإِذْ كَانَ قَصْدُهُمْ مِمَّا يَأْتُونَ بِهِ مِنَ الْأَمْثَالِ تَنْقِيصَ شَأْنِ النَّبِيءِ ذُكِّرُوا بِأَنَّهُمْ أَهْلُ شَرِّ الْمَكَانِ وَضَلَالِ السَّبِيلِ دُونَ النَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَالْمَوْصُولُ مُبْتَدَأٌ وَاسْمُ الْإِشَارَةِ خَبَرٌ عَنْهُ .
وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=34يُحْشَرُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ ) فِي سُورَةِ الْإِسْرَاءِ عِنْدَ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=97وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ) . وَتَقدَّمَ ذِكْرُ الْحَدِيثِ فِي السُّؤَالِ عَنْ كَيْفَ يَمْشُونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ .
وَشَرٌّ : اسْمُ تَفْضِيلٍ . وَأَصْلُهُ أَشَرُّ وَصِيغَتَا التَّفْضِيلِ فِي قَوْلِهِ : ( شَرٌّ ، وَأَضَلُّ ) مُسْتَعْمَلَتَانِ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الِاتِّصَافِ بِالشَّرِّ وَالضَّلَالِ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=77قَالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا ) فِي جَوَابِ قَوْلِ
إِخْوَةِ يُوسُفَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=77إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ ) .
وَتَعْرِيفُ جُزْأَيِ الْجُمْلَةِ يُفِيدُ الْقَصْرَ وَهُوَ قَصْرٌ لِلْمُبَالِغَةِ بِتَنْزِيلِهِمْ مَنْزِلَةَ مَنِ انْحَصَرَ الشَّرُّ وَالضَّلَالُ فِيهِمْ . وَرُوِيَ عَنْ
مُقَاتِلٍ أَنَّ الْكُفَّارَ قَالُوا لِلْمُسْلِمِينَ : هُمْ شَرُّ الْخُلُقِ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَيَكُونُ الْقَصْرُ قَصْرَ قَلْبٍ ، أَيْ : هُمْ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ سَبِيلًا لَا الْمُسْلِمُونَ ، وَصِيغَتَا التَّفْضِيلِ مَسْلُوبَتَا الْمُفَاضَلَةِ عَلَى كِلَا الْوَجْهَيْنِ .
وَالْمَكَانُ : الْمَقَرُّ . وَالسَّبِيلُ : الطَّرِيقُ ، مَكَانُهُمْ جَهَنَّمُ ، وَطَرِيقُهُمُ الطَّرِيقُ الْمَوْصُولُ إِلَيْهَا وَهُوَ الَّذِي يُحْشَرُونَ فِيهِ عَلَى وُجُوهِهِمْ .
وَالْإِتْيَانُ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ عَقِبَ مَا تَقَدَّمَ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ الْمُشَارَ إِلَيْهِمْ أَحْرِيَاءُ بِالْمَكَانِ الْأَشِرِ وَالسَّبِيلِ الْأَضَلِّ ، لِأَجْلِ مَا سَبَقَ مِنْ أَحْوَالِهِمُ الَّتِي مِنْهَا قَوْلُهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=32لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ) .
وَ ( سَبِيلًا ) تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنِ الْفَاعِلِ ، فَأَصْلُهُ : وَضَلَّ سَبِيلُهُمْ . وَإِسْنَادُ الضَّلَالِ إِلَى السَّبِيلِ فِي التَّرْكِيبِ الْمُحَوَّلِ عَنْهُ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ ؛ لِأَنَّ السَّبِيلَ سَبَبُ ضَلَالِهِمْ .