nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223nindex.php?page=treesubj&link=28973_24719نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم
هذه الجملة تذييل ثان لجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222فأتوهن من حيث أمركم الله قصد به الارتفاق بالمخاطبين والتأنس لهم لإشعارهم بأن منعهم من قربان النساء في مدة المحيض منع مؤقت لفائدتهم وأن الله
[ ص: 371 ] يعلم أن نساءهم محل تعهدهم وملابستهم ليس منعهم منهن في بعض الأحوال بأمر هين عليهم لولا إرادة حفظهم من الأذى ، كقول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب لما حمى الحمى : لولا المال الذي أحمل عليه في سبيل الله ما حميت عليهم من بلادهم شبرا إنها لبلادهم . وتعتبر جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223نساؤكم حرث مقدمة لجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223فأتوا حرثكم أنى شئتم وفيها معنى التعليل للإذن بإتيانهن أنى شاءوا ، والعلة قد تجعل مقدمة فلو أوثر معنى التعليل لأخرت عن جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223فأتوا حرثكم أنى شئتم ولكن أوثر أن تكون مقدمة للتي بعدها لأنه أحكم نسيج نظم ولتتأتى عقبه الفاء الفصيحة . والحرث مصدر حرث الأرض إذا شقها بآلة تشق التراب ليزرع في شقوقه زريعة أو تغرس أشجار . وهو هنا مطلق على معنى اسم المفعول .
وإطلاق الحرث على المحروث وأنواعه إطلاق متعدد فيطلق على الأرض المجعولة للزرع أو الغرس ، كما قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=138وقالوا هذه أنعام وحرث حجر أي أرض زرع محجورة على الناس أن يزرعوها .
وقال
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=14والخيل المسومة والأنعام والحرث أي الجنات والحوائط والحقول . وقال
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=117كمثل ريح فيها صر أصابت حرث قوم ظلموا أنفسهم فأهلكته أي أهلكت زرعهم . وقال
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=21فتنادوا مصبحين أن اغدوا على حرثكم إن كنتم صارمين يعنون به جنتهم أي صارمين عراجين التمر .
والحرث في هذه الآية مراد به المحروث بقرينة كونه مفعولا لفعل
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223فأتوا حرثكم وليس المراد به المصدر لأن المقام ينبو عنه ، وتشبيه النساء بالحرث تشبيه لطيف كما شبه النسل بالزرع في قول
أبي طالب في خطبته
nindex.php?page=showalam&ids=10640خديجة للنبيء صلى الله عليه وسلم : الحمد لله الذي جعلنا من ذرية
إبراهيم وزرع
إسماعيل .
والفاء في
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223فأتوا حرثكم أنى شئتم فاء فصيحة لابتناء ما بعدها على تقرر أن النساء حرث لهم ، لا سيما إذا كانوا قد سألوا عن ذلك بلسان المقال أو بلسان الحال .
وكلمة أنى اسم لمكان مبهم تبينه جملة مضاف هو إليها ، وقد كثر استعماله مجازا في معنى كيف بتشبيه حال الشيء بمكانه ، لأن كيف اسم للحال المبهمة يبينها عاملها نحو كيف
[ ص: 372 ] يشاء وقال في لسان العرب : إن ( أنى ) تكون بمعنى ( متى ) ، وقد أضيف ( أنى ) في هذه الآية إلى جملة شئتم والمشيئات شتى فتأوله كثير من المفسرين على حمل ( أنى ) على المعنى المجازي وفسروه بكيف شئتم وهو تأويل الجمهور الذي عضدوه بما رووه في سبب نزول الآية وفيها روايتان . إحداهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله والأخرى عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وتأوله
الضحاك على معنى : متى شئتم وتأوله جمع على معناه الحقيقي من كونه اسم مكان مبهم ، فمنهم من جعلوه ظرفا لأنه الأصل في أسماء المكان إذا لم يصرح فيها بما يصرف عن معنى الظرفية وفسروه بمعنى : في أي مكان من المرأة شئتم وهو المروي في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري تفسيرا من
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، ومنهم من جعلوه اسم مكان غير ظرف وقدروا أنه مجرور بـ ( من ) ففسروه من أي مكان أو جهة شئتم وهو يئول إلى تفسيره بمعنى كيف ، ونسب
القرطبي هذين التأويلين إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه .
فالذي يتبادر من موقع الآية وتساعد عليه معاني ألفاظها أنها تذييل وارد بعد النهي عن قربان النساء في حال الحيض .
فتحمل ( أنى ) على معنى " متى " ويكون المعنى : فأتوا نساءكم متى شئتم إذا تطهرن فوزانها وزان قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=2وإذا حللتم فاصطادوا بعد قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1غير محلي الصيد وأنتم حرم .
ولا مناسبة تبعث لصرف الآية عن هذا المعنى إلا أن ما طار بين علماء السلف ومن بعدهم من الخوض في محامل أخرى لهذه الآية ، وما رووه من آثار في أسباب النزول يضطرنا إلى استفصال البيان في مختلف الأقوال والمحامل مقتنعين بذلك ، لما فيه من إشارة إلى اختلاف الفقهاء في معاني الآية ، وإنها لمسألة جديرة بالاهتمام ، على ثقل في جريانها ، على الألسنة والأقلام . روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم في صحيحيهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله : أن اليهود قالوا إذا أتى الرجل امرأته مجبية جاء الولد أحول ، فسأل المسلمون عن ذلك فنزلت
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223نساؤكم حرث لكم الآية ، وأخرج
أبو داود عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : كان هذا الحي من الأنصار وهم أهل وثن مع هذا الحي من اليهود وهم أهل كتاب وكانوا يرون لهم فضلا عليهم في العلم فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم ، وكان من أمر أهل الكتاب ألا يأتوا النساء إلا على حرف وذلك أستر ما تكون المرأة ، فكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك ، وكان هذا الحي من قريش
[ ص: 373 ] يشرحون النساء شرحا أي يطئونهن وهن مستلقيات عن أقفيتهن ، ومقبلات ومدبرات ومستلقيات ، فلما قدم المهاجرون
المدينة تزوج رجل منهم امرأة من الأنصار فذهب يصنع بها ذلك فأنكرته عليه ، وقالت : إنما كنا نؤتى على حرف فاصنع ذلك وإلا فاجتنبني حتى شرى أمرهما أي تفاقم اللجاج فبلغ ذلك النبيء فأنزل الله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223فأتوا حرثكم أنى شئتم أي مقبلات كن أو مدبرات أو مستلقيات يعني بذلك في موضع الولد ، وروي مثله عن
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة زوج النبيء صلى الله عليه وسلم في
الترمذي ، وما أخرجه
الترمذي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : جاء
عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله هلكت قال ، وما أهلكك ؟ قال : حولت رحلي الليلة يريد أنه أتى امرأته وهي مستدبرة فلم يرد عليه رسول الله شيئا فأوحى الله إلى رسوله هذه الآية
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223نساؤكم حرث لكم الآية . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
نافع قال : كان
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه فأخذت عليه المصحف يوما فقرأ سورة البقرة حتى انتهى إلى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223nindex.php?page=treesubj&link=28973_28861فأتوا حرثكم أنى شئتم قال : تدري فيم أنزلت ؟ قلت : لا قال : أنزلت في كذا وكذا وفي رواية عن
نافع في
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : يأتيها في . . . ، ولم يزد وهو يعني في كلتا الروايتين عنه إتيان النساء في أدبارهن كما صرح بذلك في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه : أنزلت إتيان النساء في أدبارهن ، وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في غرائب
مالك nindex.php?page=showalam&ids=16935والطبري عن
نافع عن
عبد الله بن عمر أن رجلا أتى امرأته في دبرها فوجد في نفسه من ذلك فأنزل الله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقد روي أن ذلك الرجل هو
عبد الله بن عمر ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار أن رجلا أصاب امرأته في دبرها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم . فأنكر الناس عليه وقالوا : أثفرها فأنزل الله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223نساؤكم حرث لكم ، فعلى تأويل هؤلاء يكون قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم تشبيها للمرأة بالحرث أي بأرض الحرث وأطلق
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223فأتوا حرثكم على معنى : فاحرثوا في أي مكان شئتم .
أقول : قد أجمل كلام الله تعالى هنا ، وأبهم وبين المبهمات بمبهمات من جهة أخرى لاحتمال ( أمركم الله ) معاني ليس معنى الإيجاب والتشريع منها ، إذ لم يعهد سبق تشريع من الله في هذا كما قدمناه ، ثم أتبع بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222يحب التوابين فربما أشعر بأن فعلا في هذا البيان كان يرتكب والله يدعو إلى الانكفاف عنه وأتبع بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222ويحب المتطهرين فأشعر بأن فعلا
[ ص: 374 ] في هذا الشأن قد يلتبس بغير التنزه والله يحب التنزه عنه ، مع احتمال المحبة عنه لمعنى التفضيل والتكرمة مثل
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين ، واحتمالها لمعنى : ويبغض غير ذلك ، ثم جاء ما هو كالدليل وهو قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223نساؤكم حرث لكم فجعلن حرثا على احتمال وجوه في الشبه; فقد قال : إنه وكل للمعروف ، وقد يقال : إنه جعل شائعا في المرأة ، فلذلك نيط الحكم بذات النساء كلها ، ثم قال
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223فأتوا حرثكم أنى شئتم فجاء بأنى المحتملة للكيفيات وللأمكنة وهي أصل في الأمكنة ووردت في الكيفيات ، وقد قيل : إنها ترد للأزمنة فاحتمل كونها أمكنة الوصول من هذا الإتيان ، أو أمكنة الورود إلى مكان آخر مقصود فهي أمكنة ابتداء الإتيان أو أمكنة الاستقرار فأجمل في هذا كله إجمال بديع وأثني ثناء حسن .
واختلاف محامل الآية في أنظار المفسرين والفقهاء طوع علم المتأمل ، وفيها أقوال كثيرة ومذاهب مختلفة لفقهاء الأمصار مستقصاة في كتب أحكام القرآن ، وكتب السنة ، وفي دواوين الفقه ، وقد اقتصرنا على الآثار التي تمت إلى الآية بسبب نزول ، وتركنا ما عداه إلى أفهام العقول .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223nindex.php?page=treesubj&link=28973_24719نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ
هَذِهِ الْجُمْلَةُ تَذْيِيلٌ ثَانٍ لِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ قُصِدَ بِهِ الِارْتِفَاقُ بِالْمُخَاطَبِينَ وَالتَّأَنُّسُ لَهُمْ لِإِشْعَارِهِمْ بِأَنَّ مَنْعَهُمْ مِنْ قِرْبَانِ النِّسَاءِ فِي مُدَّةِ الْمَحِيضِ مَنْعٌ مُؤَقَّتٌ لِفَائِدَتِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ
[ ص: 371 ] يَعْلَمُ أَنَّ نِسَاءَهُمْ مَحَلُّ تَعَهُّدِهِمْ وَمُلَابَسَتِهِمْ لَيْسَ مَنْعُهُمْ مِنْهُنَّ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ بِأَمْرٍ هَيِّنٍ عَلَيْهِمْ لَوْلَا إِرَادَةُ حِفْظِهِمْ مِنَ الْأَذَى ، كَقَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ لَمَّا حَمَى الْحِمَى : لَوْلَا الْمَالُ الَّذِي أَحْمِلُ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا حَمَيْتُ عَلَيْهِمْ مِنْ بِلَادِهِمْ شِبْرًا إِنَّهَا لَبِلَادُهُمْ . وَتُعْتَبَرُ جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ مُقَدِّمَةً لِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَفِيهَا مَعْنَى التَّعْلِيلِ لِلْإِذْنِ بِإِتْيَانِهِنَّ أَنَّى شَاءُوا ، وَالْعِلَّةُ قَدْ تُجْعَلُ مُقَدِّمَةً فَلَوْ أُوثِرَ مَعْنَى التَّعْلِيلِ لَأُخِّرَتْ عَنْ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَلَكِنْ أُوثِرَ أَنْ تَكُونَ مُقَدِّمَةً لِلَّتِي بَعْدَهَا لِأَنَّهُ أَحْكَمُ نَسِيجٍ نُظِمَ وَلِتَتَأَتَّى عَقِبَهُ الْفَاءُ الْفَصِيحَةُ . وَالْحَرْثُ مَصْدَرُ حَرَثَ الْأَرْضَ إِذَا شَقَّهَا بِآلَةٍ تَشُقُّ التُّرَابَ لِيُزْرَعَ فِي شُقُوقِهِ زَرِيعَةٌ أَوْ تُغْرَسَ أَشْجَارٌ . وَهُوَ هَنَا مُطْلَقٌ عَلَى مَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ .
وَإِطْلَاقُ الْحَرْثِ عَلَى الْمَحْرُوثِ وَأَنْوَاعِهِ إِطْلَاقٌ مُتَعَدِّدٌ فَيُطْلَقُ عَلَى الْأَرْضِ الْمَجْعُولَةِ لِلزَّرْعِ أَوِ الْغَرْسِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=138وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ أَيْ أَرْضُ زَرْعٍ مَحْجُورَةٌ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَزْرَعُوهَا .
وَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=14وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ أَيِ الْجَنَّاتِ وَالْحَوَائِطِ وَالْحُقُولِ . وَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=117كَمَثَلِ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ أَيْ أَهْلَكَتْ زَرْعَهُمْ . وَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=21فَتَنَادَوْا مُصْبِحِينَ أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ يَعْنُونَ بِهِ جَنَّتَهُمْ أَيْ صَارِمِينَ عَرَاجِينَ التَّمْرِ .
وَالْحَرْثُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ مُرَادٌ بِهِ الْمَحْرُوثُ بِقَرِينَةِ كَوْنِهِ مَفْعُولًا لِفِعْلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223فَأْتُوا حَرْثَكُمْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْمَصْدَرَ لِأَنَّ الْمَقَامَ يَنْبُو عَنْهُ ، وَتَشْبِيهُ النِّسَاءِ بِالْحَرْثِ تَشْبِيهٌ لَطِيفٌ كَمَا شُبِّهَ النَّسْلُ بِالزَّرْعِ فِي قَوْلِ
أَبِي طَالِبٍ فِي خِطْبَتِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=10640خَدِيجَةَ لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَنَا مِنْ ذُرِّيَّةِ
إِبْرَاهِيمَ وَزَرْعِ
إِسْمَاعِيلَ .
وَالْفَاءُ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ فَاءٌ فَصِيحَةٌ لِابْتِنَاءِ مَا بَعْدَهَا عَلَى تَقَرُّرِ أَنَّ النِّسَاءَ حَرْثٌ لَهُمْ ، لَا سِيَّمَا إِذَا كَانُوا قَدْ سَأَلُوا عَنْ ذَلِكَ بِلِسَانِ الْمَقَالِ أَوْ بِلِسَانِ الْحَالِ .
وَكَلِمَةُ أَنَّى اسْمٌ لِمَكَانٍ مُبْهَمٍ تُبَيِّنُهُ جُمْلَةٌ مُضَافٌ هُوَ إِلَيْهَا ، وَقَدْ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُ مَجَازًا فِي مَعْنَى كَيْفَ بِتَشْبِيهِ حَالِ الشَّيْءِ بِمَكَانِهِ ، لِأَنَّ كَيْفَ اسْمٌ لِلْحَالِ الْمُبْهَمَةِ يُبَيِّنُهَا عَامِلُهَا نَحْوَ كَيْفَ
[ ص: 372 ] يَشَاءُ وَقَالَ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ : إِنَّ ( أَنَّى ) تَكُونُ بِمَعْنَى ( مَتَى ) ، وَقَدْ أُضِيفَ ( أَنَّى ) فِي هَذِهِ الْآيَةِ إِلَى جُمْلَةِ شِئْتُمْ وَالْمَشِيئَاتُ شَتَّى فَتَأَوَّلَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى حَمْلِ ( أَنَّى ) عَلَى الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ وَفَسَّرُوهُ بِكَيْفَ شِئْتُمْ وَهُوَ تَأْوِيلُ الْجُمْهُورِ الَّذِي عَضَّدُوهُ بِمَا رَوَوْهُ فِي سَبَبِ نُزُولِ الْآيَةِ وَفِيهَا رِوَايَتَانِ . إِحْدَاهُمَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَالْأُخْرَى عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ وَتَأَوَّلَهُ
الضَّحَّاكُ عَلَى مَعْنَى : مَتَى شِئْتُمْ وَتَأَوَّلَهُ جَمْعٌ عَلَى مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ مِنْ كَوْنِهِ اسْمَ مَكَانٍ مُبْهَمٍ ، فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلُوهُ ظَرْفًا لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي أَسْمَاءِ الْمَكَانِ إِذَا لَمْ يُصَرَّحُ فِيهَا بِمَا يَصْرِفُ عَنْ مَعْنَى الظَّرْفِيَّةِ وَفَسَّرُوهُ بِمَعْنَى : فِي أَيِّ مَكَانٍ مِنَ الْمَرْأَةِ شِئْتُمْ وَهُوَ الْمَرْوِيُّ فِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ تَفْسِيرًا مِنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلُوهُ اسْمَ مَكَانٍ غَيْرَ ظَرْفٍ وَقَدَّرُوا أَنَّهُ مَجْرُورٌ بِـ ( مِنْ ) فَفَسَّرُوهُ مِنْ أَيِّ مَكَانٍ أَوْ جِهَةٍ شِئْتُمْ وَهُوَ يَئُولُ إِلَى تَفْسِيرِهِ بِمَعْنَى كَيْفَ ، وَنَسَبَ
الْقُرْطُبِيُّ هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ .
فَالَّذِي يَتَبَادَرُ مِنْ مَوْقِعِ الْآيَةِ وَتُسَاعِدُ عَلَيْهِ مَعَانِي أَلْفَاظِهَا أَنَّهَا تَذْيِيلٌ وَارِدٌ بَعْدَ النَّهْيِ عَنْ قِرْبَانِ النِّسَاءِ فِي حَالِ الْحَيْضِ .
فَتُحْمَلُ ( أَنَّى ) عَلَى مَعْنَى " مَتَى " وَيَكُونُ الْمَعْنَى : فَأْتُوا نِسَاءَكُمْ مَتَى شِئْتُمْ إِذَا تَطَهَّرْنَ فَوِزَانُهَا وِزَانُ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=2وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا بَعْدَ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ .
وَلَا مُنَاسَبَةَ تَبْعَثُ لِصَرْفِ الْآيَةِ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى إِلَّا أَنَّ مَا طَارَ بَيْنَ عُلَمَاءِ السَّلَفِ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْخَوْضِ فِي مَحَامِلَ أُخْرَى لِهَذِهِ الْآيَةِ ، وَمَا رَوَوْهُ مِنْ آثَارٍ فِي أَسْبَابِ النُّزُولِ يَضْطَرُّنَا إِلَى اسْتِفْصَالِ الْبَيَانِ فِي مُخْتَلَفِ الْأَقْوَالِ وَالْمَحَامِلِ مُقْتَنِعِينَ بِذَلِكَ ، لِمَا فِيهِ مِنْ إِشَارَةٍ إِلَى اخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ فِي مَعَانِي الْآيَةِ ، وَإِنَّهَا لَمَسْأَلَةٌ جَدِيرَةٌ بِالِاهْتِمَامِ ، عَلَى ثِقَلٍ فِي جَرَيَانِهَا ، عَلَى الْأَلْسِنَةِ وَالْأَقْلَامِ . رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحَيْهِمَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ : أَنَّ الْيَهُودَ قَالُوا إِذَا أَتَى الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ مُجْبِيَةً جَاءَ الْوَلَدُ أُحْوَلَ ، فَسَأَلَ الْمُسْلِمُونَ عَنْ ذَلِكَ فَنَزَلَتْ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ الْآيَةَ ، وَأَخْرَجَ
أَبُو دَاوُدَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَ هَذَا الْحَيُّ مِنَ الْأَنْصَارِ وَهُمْ أَهْلُ وَثَنٍ مَعَ هَذَا الْحَيِّ مِنَ الْيَهُودِ وَهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ وَكَانُوا يَرَوْنَ لَهُمْ فَضْلًا عَلَيْهِمْ فِي الْعِلْمِ فَكَانُوا يَقْتَدُونَ بِكَثِيرٍ مِنْ فِعْلِهِمْ ، وَكَانَ مِنْ أَمْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَلَّا يَأْتُوا النِّسَاءَ إِلَّا عَلَى حَرْفٍ وَذَلِكَ أَسْتَرُ مَا تَكُونُ الْمَرْأَةُ ، فَكَانَ هَذَا الْحَيُّ مِنَ الْأَنْصَارِ قَدْ أَخَذُوا بِذَلِكَ ، وَكَانَ هَذَا الْحَيُّ مِنْ قُرَيْشٍ
[ ص: 373 ] يَشْرَحُونَ النِّسَاءَ شَرْحًا أَيْ يَطَئُونَهُنَّ وَهُنَّ مُسْتَلْقِيَاتٍ عَنْ أَقَفِيَتِهِنَّ ، وَمُقْبِلَاتٍ وَمُدْبِرَاتٍ وَمُسْتَلْقِيَاتٍ ، فَلَمَّا قَدِمَ الْمُهَاجِرُونَ
الْمَدِينَةَ تَزَوَّجَ رَجُلٌ مِنْهُمُ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ فَذَهَبَ يَصْنَعُ بِهَا ذَلِكَ فَأَنْكَرَتْهُ عَلَيْهِ ، وَقَالَتْ : إِنَّمَا كُنَّا نُؤْتَى عَلَى حَرْفٍ فَاصْنَعْ ذَلِكَ وَإِلَّا فَاجْتَنِبْنِي حَتَّى شَرَى أَمْرُهُمَا أَيْ تَفَاقَمَ اللَّجَاجُ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيءَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ أَيْ مُقْبِلَاتٍ كُنَّ أَوْ مُدْبِرَاتٍ أَوْ مُسْتَلْقِيَاتٍ يَعْنِي بِذَلِكَ فِي مَوْضِعِ الْوَلَدِ ، وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=54أُمِّ سَلَمَةَ زَوْجِ النَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
التِّرْمِذِيِّ ، وَمَا أَخْرَجَهُ
التِّرْمِذِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : جَاءَ
عُمَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلَكْتُ قَالَ ، وَمَا أَهْلَكَكَ ؟ قَالَ : حَوَّلْتُ رَحْلِي اللَّيْلَةَ يُرِيدُ أَنَّهُ أَتَى امْرَأَتَهُ وَهِيَ مُسْتَدْبِرَةٌ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ شَيْئًا فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى رَسُولِهِ هَذِهِ الْآيَةَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ الْآيَةَ . وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ عَنْ
نَافِعٍ قَالَ : كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ لَمْ يَتَكَلَّمْ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهُ فَأَخَذْتُ عَلَيْهِ الْمُصْحَفَ يَوْمًا فَقَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223nindex.php?page=treesubj&link=28973_28861فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ قَالَ : تَدْرِي فِيمَ أُنْزِلَتْ ؟ قُلْتُ : لَا قَالَ : أُنْزِلَتْ فِي كَذَا وَكَذَا وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ
نَافِعٍ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ : يَأْتِيهَا فِي . . . ، وَلَمْ يَزِدْ وَهُوَ يَعْنِي فِي كِلْتَا الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ إِتْيَانَ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيِّ nindex.php?page=showalam&ids=12418وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ : أُنْزِلَتْ إِتْيَانَ النِّسَاءِ فِي أَدْبَارِهِنَّ ، وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدَّارَقُطْنِيُّ فِي غَرَائِبَ
مَالِكٍ nindex.php?page=showalam&ids=16935وَالطَّبَرِيِّ عَنْ
نَافِعٍ عَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا فَوَجَدَ فِي نَفْسِهِ مِنْ ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ هُوَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16572عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَأَنْكَرَ النَّاسُ عَلَيْهِ وَقَالُوا : أَثْفَرَهَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ ، فَعَلَى تَأْوِيلِ هَؤُلَاءِ يَكُونُ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ تَشْبِيهًا لِلْمَرْأَةِ بِالْحَرْثِ أَيْ بِأَرْضِ الْحَرْثِ وَأَطْلَقَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223فَأْتُوا حَرْثَكُمْ عَلَى مَعْنَى : فَاحْرُثُوا فِي أَيِّ مَكَانٍ شِئْتُمْ .
أَقُولُ : قَدْ أُجْمِلَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى هُنَا ، وَأُبْهِمَ وَبَيَّنَ الْمُبْهَمَاتِ بِمُبْهَمَاتٍ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى لِاحْتِمَالِ ( أَمَرَكُمُ اللَّهُ ) مَعَانِيَ لَيْسَ مَعْنَى الْإِيجَابِ وَالتَّشْرِيعِ مِنْهَا ، إِذْ لَمْ يُعْهَدْ سَبْقُ تَشْرِيعٍ مِنَ اللَّهِ فِي هَذَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ ، ثُمَّ أُتْبِعَ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222يُحِبُّ التَّوَّابِينَ فَرُبَّمَا أَشْعَرَ بِأَنَّ فِعْلًا فِي هَذَا الْبَيَانِ كَانَ يُرْتَكَبُ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الِانْكِفَافِ عَنْهُ وَأُتْبِعَ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=222وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ فَأَشْعَرَ بِأَنَّ فِعْلًا
[ ص: 374 ] فِي هَذَا الشَّأْنِ قَدْ يَلْتَبِسُ بِغَيْرِ التَّنَزُّهِ وَاللَّهُ يُحِبُّ التَّنَزُّهَ عَنْهُ ، مَعَ احْتِمَالِ الْمَحَبَّةِ عَنْهُ لِمَعْنَى التَّفْضِيلِ وَالتَّكْرِمَةِ مِثْلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=108يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ، وَاحْتِمَالُهَا لِمَعْنَى : وَيُبْغِضُ غَيْرَ ذَلِكَ ، ثُمَّ جَاءَ مَا هُوَ كَالدَّلِيلِ وَهُوَ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَجُعِلْنَ حَرْثًا عَلَى احْتِمَالِ وُجُوهٍ فِي الشَّبَهِ; فَقَدْ قَالَ : إِنَّهُ وُكِّلَ لِلْمَعْرُوفِ ، وَقَدْ يُقَالُ : إِنَّهُ جُعِلَ شَائِعًا فِي الْمَرْأَةِ ، فَلِذَلِكَ نِيطَ الْحُكْمُ بِذَاتِ النِّسَاءِ كُلِّهَا ، ثُمَّ قَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=223فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ فَجَاءَ بِأَنَّى الْمُحْتَمِلَةِ لِلْكَيْفِيَّاتِ وَلِلْأَمْكِنَةِ وَهِيَ أَصْلٌ فِي الْأَمْكِنَةِ وَوَرَدَتْ فِي الْكَيْفِيَّاتِ ، وَقَدْ قِيلَ : إِنَّهَا تَرِدُ لِلْأَزْمِنَةِ فَاحْتُمِلَ كَوْنُهَا أَمْكِنَةَ الْوُصُولِ مِنْ هَذَا الْإِتْيَانِ ، أَوْ أَمْكِنَةَ الْوُرُودِ إِلَى مَكَانٍ آخَرَ مَقْصُودٍ فَهِيَ أَمْكِنَةُ ابْتِدَاءِ الْإِتْيَانِ أَوْ أَمْكِنَةُ الِاسْتِقْرَارِ فَأُجْمِلَ فِي هَذَا كُلِّهِ إِجْمَالٌ بَدِيعٌ وَأُثْنِيَ ثَنَاءٌ حَسَنٌ .
وَاخْتِلَافُ مَحَامِلِ الْآيَةِ فِي أَنْظَارِ الْمُفَسِّرِينَ وَالْفُقَهَاءِ طَوْعُ عِلْمِ الْمُتَأَمِّلِ ، وَفِيهَا أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ وَمَذَاهِبُ مُخْتَلِفَةٌ لِفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ مُسْتَقْصَاةٌ فِي كُتُبِ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ ، وَكُتُبِ السُّنَّةِ ، وَفِي دَوَاوِينِ الْفِقْهِ ، وَقَدِ اقْتَصَرْنَا عَلَى الْآثَارِ الَّتِي تَمَّتْ إِلَى الْآيَةِ بِسَبَبِ نُزُولٍ ، وَتَرَكْنَا مَا عَدَاهُ إِلَى أَفْهَامِ الْعُقُولِ .