nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=29007_32026_29674إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فبشره بمغفرة وأجر كريم لما تضمن قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=10وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم أن الإنذار في جانب الذين حق عليهم القول أنهم لا يؤمنون هو وعدمه سواء ، وكان ذلك قد يوهم انتفاء الجدوى من الغير وبعض من فضل أهل الإيمان أعقب ببيان جدوى الإنذار بالنسبة لمن اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب .
والذكر : القرآن .
والاتباع : حقيقته الاقتفاء والسير وراء سائر ، وهو هنا مستعار للإقبال على
[ ص: 353 ] الشيء والعناية به لأن المتبع شيئا يعتني باقتفائه ،
nindex.php?page=treesubj&link=28738فاتباع الذكر تصديقه والإيمان بما فيه لأن التدبر فيه يفضي إلى العمل به ، كما ورد في
nindex.php?page=treesubj&link=31200قصة إيمان nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه فإنه وجد لوحا فيه سورة طه عند أخته فأخذ يقرأ ويتدبر فآمن .
وكان المشركون يعرضون عن سماع القرآن ويصدون الناس عن سماعه ، ويبين ذلك ما في قصة
عبد الله بن أبي ابن سلول في مبدأ حلول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
بالمدينة nindex.php?page=hadith&LINKID=2002176أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر بمجلس عبد الله بن أبي فنزل فسلم وتلا عليهم القرآن حتى إذا فرغ ، قال عبد الله بن أبي : يا هذا إنه أحسن من حديثك إن كان حقا ، فاجلس في بيتك فمن جاءك فحدثه ومن لم يأتك فلا تغته به ، ولما كان الإقبال على سماع القرآن مفضيا إلى الإيمان بما فيه لأنه يداخل القلب كما قال
الوليد بن المغيرة إن له لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإن أسفله لمغدق ، وإن أعلاه لمثمر . أتبعت صلة " اتبع الذكر " بجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=11وخشي الرحمن بالغيب ، فكان المراد من اتباع الذكر أكمل أنواعه الذي لا يعقبه إعراض ، فهو مؤد إلى امتثال المتبعين ما يدعوهم إليه .
وخشية الرحمن : تقواه في خويصة أنفسهم ، وهؤلاء هم المؤمنون تنويها بشأنهم وبشأن الإنذار ، فهذا قسيم قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=7لقد حق القول على أكثرهم وهو بقية تفصيل قوله لتنذر قوما ، والغرض تقوية داعية الرسول - صلى الله عليه وسلم - في الإنذار ، والثناء على الذين قبلوا نذارته فآمنوا .
فمعنى فعل " تنذر " هو الإنذار المترتب عليه أثره من الخشية والامتثال ، كأنه قيل : إنما تنذر فينتذر من اتبع الذكر ، أي من ذلك شأنهم لأنهم آمنوا ويتقون .
والتعبير بفعل المضي للدلالة على تحقيق الاتباع والخشية . والمراد : ابتداء الاتباع .
ثم فرع على هذا التنويه الأمر بتبشير هؤلاء بمغفرة ما كان في زمن الجاهلية وما يقترفون من اللمم .
والجمع بين تنذر و " بشر " فيه محسن الطباق ، مع بيان أن أول أمرهم الإنذار وعاقبته التبشير .
[ ص: 354 ] nindex.php?page=treesubj&link=29680والأجر : الثواب على الإيمان والطاعات ، ووصفه بالكريم لأنه الأفضل في نوعه كما تقدم عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=29إني ألقي إلي كتاب كريم في سورة النمل .
والتعبير بوصف الرحمن دون اسم الجلالة لوجهين : أحدهما : أن المشركين كانوا ينكرون اسم الرحمن ، كما قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=60قالوا وما الرحمن .
والثاني : الإشارة إلى رحمته لا تقتضي عدم خشيته ، فالمؤمن يخشى الله مع علمه برحمته فهو يرجو الرحمة .
فالقصر المستفاد من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=11إنما تنذر من اتبع الذكر وهو قصر الإنذار على التعلق بـ ( من اتبع الذكر ) وخشي الله هو بالتأويل الذي تؤول به معنى فعل " تنذر " ، أي حصول فائدة الإنذار يكون قصرا حقيقيا ، وإن أبيت إلا إبقاء فعل " تنذر " على ظاهر استعمال الأفعال وهو الدلالة على وقوع مصادرها ، فالقصر ادعائي بتنزيل إنذار الذين لم يتبعوا الذكر ولم يخشوا منزلة عدم الإنذار في انتفاء فائدته .
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=29007_32026_29674إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ لَمَّا تَضَمَّنَ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=10وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ أَنَّ الْإِنْذَارَ فِي جَانِبِ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ هُوَ وَعَدَمُهُ سَوَاءٌ ، وَكَانَ ذَلِكَ قَدْ يُوهِمُ انْتِفَاءَ الْجَدْوَى مِنَ الْغَيْرِ وَبَعْضٍ مِنْ فَضْلِ أَهَلِ الْإِيمَانِ أَعْقَبَ بِبَيَانِ جَدْوَى الْإِنْذَارِ بِالنِّسْبَةِ لِمَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ .
وَالذِّكْرُ : الْقُرْآنُ .
وَالِاتِّبَاعُ : حَقِيقَتُهُ الِاقْتِفَاءُ وَالسَّيْرُ وَرَاءَ سَائِرٍ ، وَهُوَ هُنَا مُسْتَعَارٌ لِلْإِقْبَالِ عَلَى
[ ص: 353 ] الشَّيْءِ وَالْعِنَايَةِ بِهِ لِأَنَّ الْمُتَّبِعَ شَيْئًا يَعْتَنِي بِاقْتِفَائِهِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=28738فَاتِّبَاعُ الذِّكْرِ تَصْدِيقُهُ وَالْإِيمَانُ بِمَا فِيهِ لِأَنَّ التَّدَبُّرَ فِيهِ يُفْضِي إِلَى الْعَمَلِ بِهِ ، كَمَا وَرَدَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=31200قِصَّةِ إِيمَانِ nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَإِنَّهُ وَجَدَ لَوْحًا فِيهِ سُورَةُ طه عِنْدَ أُخْتِهِ فَأَخَذَ يَقْرَأُ وَيَتَدَبَّرُ فَآمَنَ .
وَكَانَ الْمُشْرِكُونَ يُعْرِضُونَ عَنْ سَمَاعِ الْقُرْآنِ وَيَصُدُّونَ النَّاسَ عَنْ سَمَاعِهِ ، وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ مَا فِي قِصَّةِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبِيٍّ ابْنِ سَلُولَ فِي مَبْدَأِ حُلُولِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
بِالْمَدِينَةِ nindex.php?page=hadith&LINKID=2002176أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَرَّ بِمَجْلِسِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبِيٍّ فَنَزَلَ فَسَلَّمَ وَتَلَا عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ حَتَّى إِذَا فَرَغَ ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبِيٍّ : يَا هَذَا إِنَّهُ أَحْسَنُ مِنْ حَدِيثِكَ إِنْ كَانَ حَقًّا ، فَاجْلِسْ فِي بَيْتِكَ فَمَنْ جَاءَكَ فَحَدِّثْهُ وَمَنْ لَمْ يَأْتِكَ فَلَا تَغُتَّهُ بِهِ ، وَلَمَّا كَانَ الْإِقْبَالُ عَلَى سَمَاعِ الْقُرْآنِ مُفْضِيًا إِلَى الْإِيمَانِ بِمَا فِيهِ لِأَنَّهُ يُدَاخِلُ الْقَلْبَ كَمَا قَالَ
الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ إِنَّ لَهُ لَحَلَاوَةً ، وَإِنَّ عَلَيْهِ لَطَلَاوَةً ، وَإِنَّ أَسْفَلَهُ لَمُغْدِقٌ ، وَإِنَّ أَعْلَاهُ لَمُثْمِرٌ . أُتْبِعَتْ صِلَةُ " اتَّبَعَ الذِّكْرَ " بِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=11وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ ، فَكَانَ الْمُرَادُ مِنِ اتِّبَاعِ الذِّكْرِ أَكْمَلَ أَنْوَاعِهِ الَّذِي لَا يَعْقُبُهُ إِعْرَاضٌ ، فَهُوَ مُؤَدٍّ إِلَى امْتِثَالِ الْمُتَّبِعِينَ مَا يَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ .
وَخَشْيَةُ الرَّحْمَنِ : تَقْوَاهُ فِي خُوَيْصَّةِ أَنْفُسِهِمْ ، وَهَؤُلَاءِ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ تَنْوِيهًا بِشَأْنِهِمْ وَبِشَأْنِ الْإِنْذَارِ ، فَهَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=7لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ وَهُوَ بَقِيَّةُ تَفْصِيلِ قَوْلِهِ لِتُنْذِرَ قَوْمًا ، وَالْغَرَضُ تَقْوِيَةُ دَاعِيَةِ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْإِنْذَارِ ، وَالثَّنَاءِ عَلَى الَّذِينَ قَبِلُوا نِذَارَتَهُ فَآمَنُوا .
فَمَعْنَى فِعْلِ " تُنْذِرَ " هُوَ الْإِنْذَارُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ أَثَرُهُ مِنَ الْخَشْيَةِ وَالِامْتِثَالِ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : إِنَّمَا تُنْذِرُ فَيَنْتَذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ ، أَيْ مِنْ ذَلِكَ شَأْنُهُمْ لِأَنَّهُمْ آمَنُوا وَيَتَّقُونَ .
وَالتَّعْبِيرُ بِفِعْلِ الْمُضِيِّ لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَحْقِيقِ الِاتِّبَاعِ وَالْخَشْيَةِ . وَالْمُرَادُ : ابْتِدَاءُ الِاتِّبَاعِ .
ثُمَّ فُرِّعَ عَلَى هَذَا التَّنْوِيهِ الْأَمْرُ بِتَبْشِيرِ هَؤُلَاءِ بِمَغْفِرَةِ مَا كَانَ فِي زَمَنِ الْجَاهِلِيَّةِ وَمَا يَقْتَرِفُونَ مِنَ اللَّمَمِ .
وَالْجَمْعُ بَيْنَ تُنْذِرُ وَ " بَشِّرْ " فِيهِ مُحَسِّنُ الطِّبَاقِ ، مَعَ بَيَانِ أَنَّ أَوَّلَ أَمْرِهِمُ الْإِنْذَارُ وَعَاقِبَتَهُ التَّبْشِيرُ .
[ ص: 354 ] nindex.php?page=treesubj&link=29680وَالْأَجْرُ : الثَّوَابُ عَلَى الْإِيمَانِ وَالطَّاعَاتِ ، وَوَصْفُهُ بِالْكَرِيمِ لِأَنَّهُ الْأَفْضَلُ فِي نَوْعِهِ كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=29إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ فِي سُورَةِ النَّمْلِ .
وَالتَّعْبِيرُ بِوَصْفِ الرَّحْمَنِ دُونَ اسْمِ الْجَلَالَةِ لِوَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يُنَكِرُونَ اسْمَ الرَّحْمَنِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=60قَالُوا وَمَا الرَّحْمَنُ .
وَالثَّانِي : الْإِشَارَةُ إِلَى رَحْمَتِهِ لَا تَقْتَضِي عَدَمَ خَشْيَتِهِ ، فَالْمُؤْمِنُ يَخْشَى اللَّهَ مَعَ عِلْمِهِ بِرَحْمَتِهِ فَهُوَ يَرْجُو الرَّحْمَةَ .
فَالْقَصْرُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=11إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَهُوَ قَصْرُ الْإِنْذَارِ عَلَى التَّعَلُّقِ بِـ ( مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ ) وَخَشِيَ اللَّهَ هُوَ بِالتَّأْوِيلِ الَّذِي تُؤُوِّلَ بِهِ مَعْنَى فِعْلِ " تُنْذِرُ " ، أَيْ حُصُولُ فَائِدَةِ الْإِنْذَارِ يَكُونُ قَصْرًا حَقِيقِيًّا ، وَإِنْ أَبَيْتَ إِلَّا إِبْقَاءَ فِعْلِ " تُنْذِرُ " عَلَى ظَاهِرِ اسْتِعْمَالِ الْأَفْعَالِ وَهُوَ الدَّلَالَةُ عَلَى وُقُوعِ مَصَادِرِهَا ، فَالْقَصْرُ ادِّعَائِيٌّ بِتَنْزِيلِ إِنْذَارِ الَّذِينَ لَمْ يَتْبِعُوا الذِّكْرَ وَلَمْ يَخْشَوْا مَنْزِلَةَ عَدَمِ الْإِنْذَارِ فِي انْتِفَاءِ فَائِدَتِهِ .