nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=62nindex.php?page=treesubj&link=29024فاسجدوا لله واعبدوا تفريع على الإنكار والتوبيخ المفرعين على الإنذار بالوعيد ، فرع عليه أمرهم بالسجود لله لأن ذلك التوبيخ من شأنه أن يعمق في قلوبهم فيكفهم عما هم فيه من البطر والاستخفاف بالداعي إلى الله . ومقتضى تناسق الضمائر أن الخطاب في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=62فاسجدوا لله واعبدوا موجه إلى المشركين .
والسجود يجوز أن يراد به الخشية كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=6والنجم والشجر يسجدان . والمعنى :
nindex.php?page=treesubj&link=30550أمرهم بالخضوع إلى الله والكف عن تكذيب رسوله وعن إعراضهم عن القرآن لأن ذلك كله استخفاف بحق الله وكان عليهم لما دعوا إلى الله أن يتدبروا وينظروا في دلائل صدق الرسول والقرآن .
ويجوز أن يكون المراد سجود الصلاة والأمر به كناية عن الأمر بأن يسلموا فإن الصلاة شعار الإسلام ، ألا ترى إلى قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=42ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين ، أي من الذين شأنهم الصلاة . وقد جاء نظيره الأمر بالركوع في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=48وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون في سورة المرسلات فيجوز فيه المحملان .
وعطف على ذلك أمرهم بعبادة الله لأنهم إذا خضعوا له حق الخضوع عبدوه وتركوا عبادة الأصنام ، وقد كان المشركون يعبدون الأصنام بالطواف حولها ومعرضين عن عبادة الله ، ألا ترى أنهم عمدوا إلى
الكعبة فوضعوا فيها الأصنام ليكون طوافهم
بالكعبة طوافا بما فيها من الأصنام .
أو المراد : واعبدوه العبادة الكاملة وهي التي يفرد بها لأن إشراك غيره في
[ ص: 162 ] العبادة التي لا يستحقها إلا هو كعدم العبادة ، إذ الإشراك إخلال كبير بعبادة الله قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=36واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا .
وقد ثبت في الأخبار الصحيحة أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - قرأ النجم فسجد فيها أي عند قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=62فاسجدوا لله واعبدوا وسجد من كان معه من المسلمين والمشركين إلا شيخا مشركا هو
أمية بن خلف أخذ كفا من تراب أو حصى فرفعه إلى جبهته . قال : يكفيني هذا . وروي أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله بن مسعود كانا يسجدان عند هذه الآية في القراءة في الصلاة .
وفي أحكام
ابن العربي أن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر سجد فيها ، وفي الصحيحين والسنن عن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت قال قرأت : النجم عند النبيء - صلى الله عليه وسلم - فلم يسجد فيها . وفي سنن
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه عن
nindex.php?page=showalam&ids=4أبي الدرداء سجدت مع النبيء - صلى الله عليه وسلم - إحدى عشرة سجدة ليس فيها من المفصل شيء . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب : كان آخر فعل النبيء - صلى الله عليه وسلم - ترك السجود في المفصل . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - لم يسجد في المفصل منذ تحول إلى
المدينة ، وسورة النجم من المفصل .
واختلف العلماء في السجود عند هذه الآية فقال
مالك : سجدة النجم ليست من عزائم القرآن أي ليست مما يسن السجود عندها . هذا مراده بالعزائم وليس المراد أن من
nindex.php?page=treesubj&link=1900سجود القرآن عزائم ومنه غير عزائم ف ( عزائم ) وصف كاشف ولم ير سجود القرآن في شيء من المفصل ، ووافقه أصحابه عدا
ابن وهب قرأها من عزائم السجود ، هي وسجدة سورة الانشقاق وسجدة سورة العلق مثل قول
أبي حنيفة . وفي المنتقى : أنه قول
ابن وهب ،
وابن نافع .
وقال
أبو حنيفة : هي من عزائم السجود . ونسب
ابن العربي في أحكام القرآن مثله إلى
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وهو المعروف في كتب الشافعية والحنابلة .
وإنما سجد النبيء - صلى الله عليه وسلم - فيها وإن كان الأمر في قوله فاسجدوا مفرعا على خطاب المشركين بالتوبيخ ، لأن المسلمين أولى بالسجود لله ، وليعضد الأمر القولي بالفعل ليبادر به المشركون . وقد كان ذلك مذكرا للمشركين بالسجود لله
[ ص: 163 ] فسجدوا مع النبيء - صلى الله عليه وسلم - ثم نسخ السجود فيها بعد ذلك فلم يرو عن النبيء - صلى الله عليه وسلم - بعد الهجرة ، ولخبر
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت ،
nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب وعمل معظم أصحاب النبيء - صلى الله عليه وسلم - من
أهل المدينة .
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=62nindex.php?page=treesubj&link=29024فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا تَفْرِيعٌ عَلَى الْإِنْكَارِ وَالتَّوْبِيخِ الْمُفَرَّعَيْنِ عَلَى الْإِنْذَارِ بِالْوَعِيدِ ، فَرَّعَ عَلَيْهِ أَمْرَهُمْ بِالسِّجُودِ لِلَّهِ لِأَنَّ ذَلِكَ التَّوْبِيخَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَعْمُقَ فِي قُلُوبِهِمْ فَيَكُفَّهُمْ عَمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ الْبَطَرِ وَالِاسْتِخْفَافِ بِالدَّاعِي إِلَى اللَّهِ . وَمُقْتَضَى تَنَاسُقِ الضَّمَائِرِ أَنَّ الْخِطَابَ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=62فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا مُوَجَّهٌ إِلَى الْمُشْرِكِينَ .
وَالسُّجُودُ يَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْخَشْيَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=6وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ . وَالْمَعْنَى :
nindex.php?page=treesubj&link=30550أَمَرَهُمْ بِالْخُضُوعِ إِلَى اللَّهِ وَالْكَفِّ عَنْ تَكْذِيبِ رَسُولِهِ وَعَنْ إِعْرَاضِهِمْ عَنِ الْقُرْآنِ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ اسْتِخْفَافٌ بِحَقِّ اللَّهِ وَكَانَ عَلَيْهِمْ لَمَّا دُعُوا إِلَى اللَّهِ أَنْ يَتَدَبَّرُوا وَيَنْظُرُوا فِي دَلَائِلِ صِدْقِ الرَّسُولِ وَالْقُرْآنِ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ سُجُودَ الصَّلَاةِ وَالْأَمْرُ بِهِ كِنَايَةٌ عَنِ الْأَمْرِ بِأَنْ يُسْلِمُوا فَإِنَّ الصَّلَاةَ شِعَارُ الْإِسْلَامِ ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=42مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ، أَيْ مِنَ الَّذِينَ شَأْنُهُمُ الصَّلَاةُ . وَقَدْ جَاءَ نَظِيرُهُ الْأَمْرُ بِالرِّكُوعِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=77&ayano=48وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ فِي سُورَةِ الْمُرْسَلَاتِ فَيَجُوزُ فِيهِ الْمَحْمَلَانِ .
وَعَطَفَ عَلَى ذَلِكَ أَمْرَهُمْ بِعِبَادَةِ اللَّهِ لِأَنَّهُمْ إِذَا خَضَعُوا لَهُ حَقَّ الْخُضُوعِ عَبَدُوهُ وَتَرَكُوا عِبَادَةَ الْأَصْنَامِ ، وَقَدْ كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ بِالطَّوَافِ حَوْلَهَا وَمُعْرِضِينَ عَنْ عِبَادَةِ اللَّهِ ، أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ عَمَدُوا إِلَى
الْكَعْبَةِ فَوَضَعُوا فِيهَا الْأَصْنَامَ لِيَكُونَ طَوَافُهُمْ
بِالْكَعْبَةِ طَوَافًا بِمَا فِيهَا مِنَ الْأَصْنَامِ .
أَوِ الْمُرَادُ : وَاعْبُدُوهُ الْعِبَادَةَ الْكَامِلَةَ وَهِيَ الَّتِي يُفْرَدُ بِهَا لِأَنَّ إِشْرَاكَ غَيْرِهِ فِي
[ ص: 162 ] الْعِبَادَةِ الَّتِي لَا يَسْتَحِقُّهَا إِلَّا هُوَ كَعَدَمِ الْعِبَادَةِ ، إِذِ الْإِشْرَاكُ إِخْلَالٌ كَبِيرٌ بِعِبَادَةِ اللَّهِ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=36وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا .
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ أَنَّ النَّبِيءَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَرَأَ النَّجْمَ فَسَجَدَ فِيهَا أَيْ عِنْدِ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=62فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا وَسَجَدَ مَنْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ إِلَّا شَيْخًا مُشْرِكًا هُوَ
أُمَيَّةُ بْنُ خَلَفٍ أَخَذَ كَفًّا مِنْ تُرَابٍ أَوْ حَصًى فَرَفَعَهُ إِلَى جَبْهَتِهِ . قَالَ : يَكْفِينِي هَذَا . وَرُوِيَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ كَانَا يَسْجُدَانِ عِنْدَ هَذِهِ الْآيَةِ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ .
وَفِي أَحْكَامِ
ابْنِ الْعَرَبِيِّ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنَ عُمَرَ سَجَدَ فِيهَا ، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَالسُّنَنِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ قَرَأَتُ : النَّجْمَ عِنْدَ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَسْجُدْ فِيهَا . وَفِي سُنَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابْنِ مَاجَهْ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=4أَبِي الدَّرْدَاءِ سَجَدْتُ مَعَ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِحْدَى عَشْرَةَ سَجْدَةً لَيْسَ فِيهَا مِنَ الْمُفَصَّلِ شَيْءٌ . وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ : كَانَ آخِرُ فِعْلِ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَرْكَ السُّجُودِ فِي الْمُفَصَّلِ . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ النَّبِيءَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَسْجُدْ فِي الْمُفَصَّلِ مُنْذُ تَحَوَّلَ إِلَى
الْمَدِينَةِ ، وَسُورَةُ النَّجْمِ مِنَ الْمُفَصَّلِ .
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي السُّجُودِ عِنْدَ هَذِهِ الْآيَةِ فَقَالَ
مَالِكٌ : سَجْدَةُ النَّجْمِ لَيْسَتْ مِنْ عَزَائِمِ الْقُرْآنِ أَيْ لَيْسَتْ مِمَّا يُسَنُّ السُّجُودُ عِنْدَهَا . هَذَا مُرَادُهُ بِالْعَزَائِمِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=1900سُجُودِ الْقُرْآنِ عَزَائِمَ وَمِنْهُ غَيْرَ عَزَائِمَ فَ ( عَزَائِمُ ) وَصْفٌ كَاشِفٌ وَلَمْ يَرَ سُجُودَ الْقُرْآنِ فِي شَيْءٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ ، وَوَافَقَهُ أَصْحَابُهُ عَدَا
ابْنِ وَهْبٍ قَرَأَهَا مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ ، هِيَ وَسَجْدَةُ سُورَةِ الِانْشِقَاقِ وَسَجْدَةُ سُورَةِ الْعَلَقِ مِثْلُ قَوْلِ
أَبِي حَنِيفَةَ . وَفِي الْمُنْتَقَى : أَنَّهُ قَوْلُ
ابْنِ وَهْبٍ ،
وَابْنِ نَافِعٍ .
وَقَالَ
أَبُو حَنِيفَةَ : هِيَ مِنْ عَزَائِمِ السُّجُودِ . وَنَسَبَ
ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ مِثْلَهُ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ .
وَإِنَّمَا سَجَدَ النَّبِيءُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ فِي قَوْلِهِ فَاسْجُدُوا مُفَرَّعًا عَلَى خِطَابِ الْمُشْرِكِينَ بِالتَّوْبِيخِ ، لِأَنَّ الْمُسْلِمِينَ أَوْلَى بِالسِّجُودِ لِلَّهِ ، وَلِيُعَضَّدَ الْأَمْرُ الْقَوْلِيُّ بِالْفِعْلِ لِيُبَادِرَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ . وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ مُذَكِّرًا لِلْمُشْرِكِينَ بِالسِّجُودِ لِلَّهِ
[ ص: 163 ] فَسَجَدُوا مَعَ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ نُسِخَ السُّجُودُ فِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَلَمْ يُرْوَ عَنِ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ الْهِجْرَةِ ، وَلِخَبَرِ
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=34وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَعَمَلِ مُعْظَمِ أَصْحَابِ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ
أَهْلِ الْمَدِينَةِ .