[ ص: 388 ] nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=15nindex.php?page=treesubj&link=29028_30532_30531_30525_30530فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير يجوز أن يكون هذا الكلام من تتمة خطاب المؤمنين للمنافقين استمرارا في التوبيخ والتنديم . وهذا ما جرى عليه المفسرون ، فموقع فاء التفريع بين والعلم للمؤمنين بأن لا تؤخذ فدية من المنافقين والذين كفروا حاصل مما يسمعون في ذلك اليوم من الأقضية الإلهية بين الخلق بحيث صار معلوما لأهل المحشر ، أو هو علم متقرر في نفوسهم مما علموه في الدنيا من أخبار القرآن وكلام النبيء - صلى الله عليه وسلم - وذلك موجب عطف
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=15ولا من الذين كفروا تعبيرا عما علموه بأسره وهو عطف معترض جرته المناسبة .
ويجوز أن يكون كلاما صادرا من جانب الله تعالى للمنافقين تأييسا لهم من الطمع في نوال حظ من نور المؤمنين ، فيكون الفاء من عطف التلقين عاطفة كلام أحد على كلام غيره لأجل اتحاد مكان المخاطبة على نحو قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=124قال ومن ذريتي .
ويكون عطف
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=15ولا من الذين كفروا جمعا للفريقين في توبيخ وتنديم واحد لاتحادهما في الكفر .
وإقحام كلمة " فاليوم " لتذكيرهم بما كانوا يضمرونه في الدنيا حين ينفقون مع المؤمنين رياء وتقية . وهو ما حكاه الله عنهم بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=98ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما ويتربص بكم الدوائر .
nindex.php?page=treesubj&link=28919وقرأ الجمهور " لا يؤخذ " بياء الغائب المذكر لأن تأنيث " فدية " غير حقيقي ، وقد فصل بين الفعل وفاعله بالظرف فحصل مسوغان لترك اقتران الفعل بعلامة المؤنث .
nindex.php?page=treesubj&link=28929_28941_28942وقرأه ابن عامر ، وأبو جعفر ، ويعقوب بمثناة فوقية جريا على تأنيث الفاعل في اللفظ ، والقراءتان سواء .
وكنى بنفي أخذ الفدية عن تحقق جزائهم على الكفر ، وإلا فإنهم لم يبذلوا فدية ، ولا كان النفاق من أنواع الفدية ولكن الكلام جرى على الكناية لما هو
[ ص: 389 ] مشهور من أن
nindex.php?page=treesubj&link=33468الأسير والجاني قد يتخلصان من المؤاخذة بفدية تبذل عنهما .
فعطف
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=15ولا من الذين كفروا قصد منه تعليل أن لا محيص لهم من عذاب الكفر ، مثل الذين كفروا ، أي : الذين أعلنوا الكفر حتى كان حالة يعرفون بها . وهذا يقتضي أن المنافقين كانوا هم والكافرون في صعيد واحد عند أبواب جهنم ، ففيه احتراس من أن يتوهم الكافرون الصرحاء من ضمير
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=15لا يؤخذ منكم فدية أن ذلك حكم خاص بالمنافقين تعلقا بأقل طمع ، فليس ذكر
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=15ولا من الذين كفروا مجرد استطراد .
والمأوى : المكان الذي يؤوى إليه ، أي : يصار إليه ويرجع ، وكني به عن الاستمرار والخلود .
وأكد ذلك بالصريح بجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=15مأواكم النار هي مولاكم أي ترجعون إليها كما يرجع المستنصر إلى مولاه لينصره أو يفادي عنه ، فاستعير المولى للمقر على طريقة التهكم .
ويجوز مع ذلك أن يجعل المولى اسم مكان الولي ، وهو القرب والدنو ، أي : مقركم ، كقول
لبيد :
فغدت كلا الفرجين تحسب أنه مولى المخافة خلفها وأمامها
أي : مكان المخافة ومقرها .
و " بئس المصير " تذييل يشمل جميع ما يصيرون إليه من العذاب . وقد يحصل العلم للمؤمنين بما أجابوا به أهل النفاق لأنهم صاروا إلى دار الحقائق .
[ ص: 388 ] nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=15nindex.php?page=treesubj&link=29028_30532_30531_30525_30530فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْكَلَامُ مِنْ تَتِمَّةِ خِطَابِ الْمُؤْمِنِينَ لِلْمُنَافِقِينَ اسْتِمْرَارًا فِي التَّوْبِيخِ وَالتَّنْدِيمِ . وَهَذَا مَا جَرَى عَلَيْهِ الْمُفَسِّرُونَ ، فَمَوْقِعُ فَاءِ التَّفْرِيعِ بَيِّنٌ وَالْعِلْمُ لِلْمُؤْمِنِينَ بِأَنْ لَا تُؤْخَذَ فِدْيَةٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا حَاصِلٌ مِمَّا يَسْمَعُونَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مِنَ الْأَقْضِيَةِ الْإِلَهِيَّةِ بَيْنَ الْخَلْقِ بِحَيْثُ صَارَ مَعْلُومًا لِأَهْلِ الْمَحْشَرِ ، أَوْ هُوَ عِلْمٌ مُتَقَرِّرٌ فِي نُفُوسِهِمْ مِمَّا عَلِمُوهُ فِي الدُّنْيَا مِنْ أَخْبَارِ الْقُرْآنِ وَكَلَامِ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَلِكَ مُوجِبُ عَطْفَ
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=15وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا تَعْبِيرًا عَمَّا عَلِمُوهُ بِأَسْرِهِ وَهُوَ عَطْفٌ مُعْتَرِضٌ جَرَّتْهُ الْمُنَاسَبَةُ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ كَلَامًا صَادِرًا مِنْ جَانِبِ اللَّهِ تَعَالَى لِلْمُنَافِقِينَ تَأْيِيسًا لَهُمْ مِنَ الطَّمَعِ فِي نَوَالِ حَظٍّ مِنْ نُورِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَيَكُونُ الْفَاءُ مِنْ عَطْفِ التَّلْقِينِ عَاطِفَةً كَلَامَ أَحَدٍ عَلَى كَلَامِ غَيْرِهِ لِأَجْلِ اتِّحَادِ مَكَانِ الْمُخَاطَبَةِ عَلَى نَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=124قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي .
وَيَكُونُ عَطْفُ
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=15وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا جَمْعًا لِلْفَرِيقَيْنِ فِي تَوْبِيخٍ وَتَنْدِيمٍ وَاحِدٍ لِاتِّحَادِهِمَا فِي الْكُفْرِ .
وَإِقْحَامُ كَلِمَةِ " فَالْيَوْمَ " لِتَذْكِيرِهِمْ بِمَا كَانُوا يُضْمِرُونَهُ فِي الدُّنْيَا حِينَ يُنْفِقُونَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ رِيَاءً وَتَقِيَّةً . وَهُوَ مَا حَكَاهُ اللَّهُ عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=98وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ .
nindex.php?page=treesubj&link=28919وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ " لَا يُؤْخَذُ " بِيَاءِ الْغَائِبِ الْمُذَكَّرِ لِأَنَّ تَأْنِيثَ " فِدْيَةٌ " غَيْرُ حَقِيقِيٍّ ، وَقَدْ فَصَلَ بَيْنَ الْفِعْلِ وَفَاعِلِهِ بِالظَّرْفِ فَحَصَلَ مُسَوِّغَانِ لِتَرْكِ اقْتِرَانِ الْفِعْلِ بِعَلَامَةِ الْمُؤَنَّثِ .
nindex.php?page=treesubj&link=28929_28941_28942وَقَرَأَهُ ابْنُ عَامِرٍ ، وَأَبُو جَعْفَرٍ ، وَيَعْقُوبُ بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ جَرْيًا عَلَى تَأْنِيثِ الْفَاعِلِ فِي اللَّفْظِ ، وَالْقِرَاءَتَانِ سَوَاءٌ .
وَكَنَّى بِنَفْيِ أَخْذِ الْفِدْيَةِ عَنْ تَحَقُّقِ جَزَائِهِمْ عَلَى الْكُفْرِ ، وَإِلَّا فَإِنَّهُمْ لَمْ يَبْذُلُوا فِدْيَةً ، وَلَا كَانَ النِّفَاقُ مِنْ أَنْوَاعِ الْفِدْيَةِ وَلَكِنَّ الْكَلَامَ جَرَى عَلَى الْكِنَايَةِ لِمَا هُوَ
[ ص: 389 ] مَشْهُورٌ مِنْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=33468الْأَسِيرَ وَالْجَانِي قَدْ يَتَخَلَّصَانِ مِنَ الْمُؤَاخَذَةِ بِفِدْيَةٍ تُبْذَلُ عَنْهُمَا .
فَعَطْفُ
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=15وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا قُصِدَ مِنْهُ تَعْلِيلُ أَنْ لَا مَحِيصَ لَهُمْ مِنْ عَذَابِ الْكُفْرِ ، مِثْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا ، أَيِ : الَّذِينَ أَعْلَنُوا الْكُفْرَ حَتَّى كَانَ حَالَةً يُعْرَفُونَ بِهَا . وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُنَافِقِينَ كَانُوا هُمْ وَالْكَافِرُونَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ عِنْدَ أَبْوَابِ جَهَنَّمَ ، فَفِيهِ احْتِرَاسٌ مِنْ أَنْ يَتَوَهَّمَ الْكَافِرُونَ الصُّرَحَاءُ مِنْ ضَمِيرِ
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=15لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ أَنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ خَاصٌّ بِالْمُنَافِقِينَ تَعَلُّقًا بِأَقَلِ طَمَعٍ ، فَلَيْسَ ذِكْرُ
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=15وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مُجَرَّدَ اسْتِطْرَادٍ .
وَالْمَأْوَى : الْمَكَانُ الَّذِي يُؤْوَى إِلَيْهِ ، أَيْ : يُصَارُ إِلَيْهِ وَيُرْجَعُ ، وَكُنِّيَ بِهِ عَنِ الِاسْتِمْرَارِ وَالْخُلُودِ .
وَأَكَّدَ ذَلِكَ بِالصَّرِيحِ بِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=15مَأْوَاكُمُ النَّارُ هِيَ مَوْلَاكُمْ أَيْ تَرْجِعُونَ إِلَيْهَا كَمَا يَرْجِعُ الْمُسْتَنْصِرُ إِلَى مَوْلَاهُ لِيَنْصُرَهُ أَوْ يُفَادِي عَنْهُ ، فَاسْتُعِيرَ الْمَوْلَى لِلْمَقَرِّ عَلَى طَرِيقَةِ التَّهَكُّمِ .
وَيَجُوزُ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يُجْعَلَ الْمَوْلَى اسْمَ مَكَانِ الْوَلْيِ ، وَهُوَ الْقُرْبُ وَالدُّنُوُّ ، أَيْ : مَقَرُّكُمْ ، كَقَوْلِ
لَبِيدٍ :
فَغَدَتْ كِلَا الْفَرْجَيْنِ تَحْسَبُ أَنَّهُ مَوْلَى الْمَخَافَةِ خَلْفُهَا وَأَمَامُهَا
أَيْ : مَكَانُ الْمَخَافَةِ وَمَقَرُّهَا .
وَ " بِئْسَ الْمَصِيرُ " تَذْيِيلٌ يَشْمَلُ جَمِيعَ مَا يَصِيرُونَ إِلَيْهِ مِنَ الْعَذَابِ . وَقَدْ يَحْصُلُ الْعِلْمُ لِلْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَجَابُوا بِهِ أَهْلَ النِّفَاقِ لِأَنَّهُمْ صَارُوا إِلَى دَارِ الْحَقَائِقِ .