nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=150nindex.php?page=treesubj&link=28975إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=151أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكفرين عذابا مهينا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=152والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف نؤتيهم أجورهم وكان الله غفورا رحيما .
عادة القرآن عند التعرض إلى أحوال من أظهروا النواء للمسلمين أن ينتقل من صفات المنافقين ، أو أهل الكتاب ، أو المشركين إلى صفات الآخرين ، فالمراد من الذين يكفرون بالله ورسله هنا هم
اليهود والنصارى ، قاله أهل التفسير . والأظهر أن المراد به
اليهود خاصة لأنهم المختلطون بالمسلمين والمنافقين ، وكان كثير من المنافقين يهودا وعبر عنهم بطريق الموصول دون الاسم لما في الصلة من الإيماء إلى وجه الخبر ، ومن شناعة صنيعهم ليناسب الإخبار عنهم باسم الإشارة بعد ذلك .
وجمع الرسل لأن
اليهود كفروا
بعيسى ومحمد عليهما السلام ،
والنصارى كفروا
بمحمد - صلى الله عليه وسلم - فجمع الرسل باعتبار مجموع الكفار ، أو أراد بالجمع الاثنين ، أو أراد بالإضافة معنى الجنس فاستوى فيه صيغة الإفراد والجمع ، لأن المقصود ذم من هذه صفتهم بدون تعيين فريق ، وطريقة العرب في مثل هذا أن يعبروا بصيغ الجموع وإن كان المعرض به واحدا كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=54أم يحسدون الناس وقوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=37الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل )
[ ص: 9 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=44يحكم بها النبيئون الذين أسلموا للذين هادوا ) وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341537ما بال أقوام يشترطون شروطا .
وجيء بالمضارع هنا للدلالة على أن هذا أمر متجدد فيهم مستمر ، لأنهم لو كفروا في الماضي ثم رجعوا لما كانوا أحرياء بالذم .
ومعنى كفرهم بالله : أنهم لما آمنوا به ووصفوه بصفات غير صفاته من التجسيم واتخاذ الصاحبة والولد والحلول ونحو ذلك ، فقد آمنوا بالاسم لا بالمسمى ، وهم في الحقيقة كفروا بالمسمى ، كما إذا كان أحد يظن أنه يعرف فلانا فقلت له : صفه لي ، فوصفه بغير صفاته ، تقول له : أنت لا تعرفه ، على أنهم لما كفروا
بمحمد - صلى الله عليه وسلم - فقد كفروا بما جاء به من توحيد الله وتنزيهه عن مماثلة الحوادث ، فقد كفروا بإلهيته الحقة ; إذ منهم من جسم ومنهم من ثلث .
ومعنى قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=150ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله أنهم يحاولون ذلك فأطلقت الإرادة على المحاولة ، وفيه إيذان بأنه أمر صعب المنال ، وأنهم لم يبلغوا ما أرادوا من ذلك ، لأنهم لم يزالوا يحاولونه ، كما دل عليه التعبير بالمضارع في قوله ويريدون ولو بلغوا إليه لقال : وفرقوا بين الله ورسله .
ومعنى التفريق بين الله ورسله أنهم ينكرون صدق بعض الرسل الذين أرسلهم الله ، ويعترفون بصدق بعض الرسل دون بعض ، ويزعمون أنهم يؤمنون بالله ، فقد فرقوا بين الله ورسله إذ نفوا رسالتهم فأبعدوهم منه ، وهذا استعارة تمثيلية ، شبه الأمر المتخيل في نفوسهم بما يضمره مريد التفريق بين الأولياء والأحباب ، فهي تشبيه هيئة معقولة بهيئة معقولة ، والغرض من التشبيه تشويه المشبه ، إذ قد علم الناس أن التفرقة بين المتصلين ذميمة .
وهذه الآية في معنى الآيات التي تقدمت في سورة البقرة
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=136لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون -
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=285لا نفرق بين أحد من رسله ،
[ ص: 10 ] وفي سورة آل عمران
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=84لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون إلا أن تلك الآيات في التحذير من التفريق بين الرسل ، والآية هذه في
nindex.php?page=treesubj&link=30172التحذير من التفريق بين الله وبعض رسله ، ومآل الجميع واحد ; لأن التفريق بين الرسل يستلزم التفريق بين الله وبعض رسله .
وإضافة الجمع إلى الضمير هنا للعهد لا للعموم بالقرينة ، وهي قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=150ويقولون نؤمن ببعض .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=150ويقولون نؤمن ببعض واقعة في معنى الاستئناف البياني للتفريق بين الله ورسله ، ولكنها عطفت ; لأنها شأن خاص من شئونهم ، إذ مدلولها قول من أقوالهم الشنيعة ، ومدلول ( يريدون ) هيئة حاصلة من كفرهم ، فلذلك حسن العطف باعتبار المغايرة ولو في الجملة ، ولو فصلت لكان صحيحا . ومعنى ( يقولون نؤمن ) الخ
nindex.php?page=treesubj&link=32423_32424أن اليهود يقولون : نؤمن بالله وبموسى ونكفر بعيسى ومحمد ،
والنصارى يقولون : نؤمن بالله
وبموسى وعيسى ونكفر
بمحمد ، فآمنوا بالله وبعض رسله ظاهرا وفرقوا بينه وبين بعض رسله .
والإرادة في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=150ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا إرادة حقيقية . والسبيل يحتمل أن يراد به سبيل النجاة من المؤاخذة في الآخرة توهما أن تلك حيلة تحقق لهم السلامة على تقدير سلامة المؤمنين ، أو سبيل التنصل من الكفر ببعض الرسل ، أو سبيلا بين دينين ، وهذان الوجهان الأخيران يناسبان انتقالهم من الكفر الظاهر إلى النفاق ، فكأنهما تهيئة للنفاق .
وهذا التفسير جار على ظاهر نظم الكلام ، وهو أن يكون حرف العطف مشركا بين المتعاطفات في حكم المعطوف عليه ، وإذ قد كان المعطوف عليه الأول صلة لـ ( الذين ) ، كان ما عطف عليه صلات لذلك الموصول وكان ذلك الموصول صاحب تلك الصلات كلها .
[ ص: 11 ] ونسب إلى بعض المفسرين أنه جعل الواوات فيها بمعنى ( أو ) وجعل الموصول شاملا لفرق من الكفار تعددت أحوال كفرهم على توزيع الصلات المتعاطفة ، فجعل المراد بالذين يكفرون بالله ورسله المشركين ، والذين يريدون أن يفرقوا بين الله ورسله قوما أثبتوا الخالق وأنكروا النبوءات كلها ، والذين يقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض
اليهود والنصارى . وسكت عن المراد من قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=150ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا ، ولو شاء لجعل أولئك فريقا آخر : وهم المنافقون المترددون الذين لم يثبتوا على إيمان ولا على كفر ، بل كانوا بين الحالين ، كما قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=143مذبذبين بين ذلك . والذي دعاه إلى هذا التأويل أنه لم يجد فريقا جمع هذه الأحوال كلها على ظاهرها لأن
اليهود لم يكفروا بالله ورسله ، وقد علمت أن تأويل الكفر بالله الكفر بالصفات التي يستلزم الكفر بها نفي الإلهية .
وهذا الأسلوب نادر الاستعمال في فصيح الكلام ، إذ لو أريد ذلك لكان الشأن أن يقال : والذين يريدون أن يفرقوا بين الله ورسله والذين يقولون : نؤمن ببعض ونكفر ببعض ، كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=72إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك بعضهم أولياء بعض والذين آمنوا ولم يهاجروا .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=151أولئك هم الكافرون حقا الجملة خبر ( إن ) والإشارة إلى أصحاب تلك الصلة الماضية ، وموقع الإشارة هنا لقصد التنبيه على أن المشار إليهم لاستحضارهم بتلك الأوصاف أحرياء بما سيحكم عليهم من الحكم المعاقب لاسم الإشارة .
وأفاد تعريف جزأي الجملة والإتيان بضمير الفصل تأكيد قصر صفة الكفر عليهم ، وهو قصر ادعائي مجازي بتنزيل كفر غيرهم في جانب كفرهم منزلة العدم ، كقوله تعالى في المنافقين : (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=4هم العدو ) . ومثل هذا القصر يدل على كمال الموصوف في تلك الصفة المقصورة .
[ ص: 12 ] ووجه هذه المبالغة : أن كفرهم قد اشتمل على أحوال عديدة من الكفر ، وعلى سفالة في الخلق ، أو سفاهة في الرأي بمجموع ما حكي عنهم من تلك الصلات ، فإن كل خصلة منها إذا انفردت هي كفر ، فكيف بها إذا اجتمعت .
و ( حقا ) مصدر مؤكد لمضمون الجملة التي قبله ، أي حقهم حقا أيها السامع بالغين النهاية في الكفر ، ونظير هذا قولهم ( جدا ) . والتوكيد في مثل هذا لمضمون الجملة التي قبله على ما أفادته الجملة ، وليس هو لرفع المجاز ، فهو تأكيد لما أفادته الجملة من الدلالة على معنى النهاية لأن القصر مستعمل في ذلك المعنى ، ولم يقصد بالتوكيد أن يصير القصر حقيقيا لظهور أن ذلك لا يستقيم ، فقول بعض النحاة في المصدر المؤكد لمضمون الجملة : إنه يفيد رفع احتمال المجاز ، بناء منهم على الغالب في مفاد التأكيد .
و ( أعتدنا ) معناه هيأنا وقدرنا ، والتاء في ( أعتدنا ) بدل من الدال عند كثير من علماء اللغة ، وقال كثير منهم : التاء أصلية ، وأنه بناء على حدة هو غير بناء ( عد ) . وقال بعضهم : إن ( عتد ) هو الأصل وأن ( عد ) أدغمت منه التاء في الدال ، وقد ورد البناءان كثيرا في كلامهم وفي القرآن .
وجيء بجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=152والذين آمنوا بالله ورسله إلى آخرها لمقابلة المسيئين بالمحسنين ، والنذارة بالبشارة على عادة القرآن .
والمراد بالذين آمنوا المؤمنون كلهم وخاصة من آمنوا من أهل الكتاب
nindex.php?page=showalam&ids=106كعبد الله بن سلام . فهم مقصودون ابتداء لما أشعر به موقع هذه الجملة بعد ذكر ضلالهم ولما اقتضاه تذييل الجملة بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=152وكان الله غفورا رحيما أي غفورا لهم ما سلف من كفرهم ، رحيما بهم .
والقول في الإتيان بالموصول وباسم الإشارة في هذه الجملة كالقول في مقابله .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=152بين أحد منهم تقدم الكلام على مثله في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=136لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون في سورة البقرة .
[ ص: 13 ] وقرأ الجمهور : نؤتيهم بنون العظمة . وقرأه حفص عن عاصم بياء الغائب والضمير عائد إلى اسم الجلالة في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=152والذين آمنوا بالله ورسله .
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=150nindex.php?page=treesubj&link=28975إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=151أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَفَرَيْنِ عَذَابًا مُهِينًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=152وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ نُؤْتِيهِمُ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا .
عَادَةُ الْقُرْآنِ عِنْدَ التَّعَرُّضِ إِلَى أَحْوَالِ مَنْ أَظْهَرُوا النِّوَاءَ لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَنْتَقِلَ مِنْ صِفَاتِ الْمُنَافِقِينَ ، أَوْ أَهْلِ الْكِتَابِ ، أَوِ الْمُشْرِكِينَ إِلَى صِفَاتِ الْآخَرِينَ ، فَالْمُرَادُ مِنَ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ هُنَا هُمُ
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى ، قَالَهُ أَهْلُ التَّفْسِيرِ . وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ
الْيَهُودُ خَاصَّةً لِأَنَّهُمُ الْمُخْتَلِطُونَ بِالْمُسْلِمِينَ وَالْمُنَافِقِينَ ، وَكَانَ كَثِيرٌ مِنَ الْمُنَافِقِينَ يَهُودًا وَعَبَّرَ عَنْهُمْ بِطَرِيقِ الْمَوْصُولِ دُونَ الِاسْمِ لِمَا فِي الصِّلَةِ مِنَ الْإِيمَاءِ إِلَى وَجْهِ الْخَبَرِ ، وَمِنْ شَنَاعَةِ صَنِيعِهِمْ لِيُنَاسِبَ الْإِخْبَارَ عَنْهُمْ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ بَعْدَ ذَلِكَ .
وَجَمَعَ الرُّسُلَ لِأَنَّ
الْيَهُودَ كَفَرُوا
بِعِيسَى وَمُحَمَّدٍ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ ،
وَالنَّصَارَى كَفَرُوا
بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَجَمَعَ الرُّسُلَ بِاعْتِبَارِ مَجْمُوعِ الْكُفَّارِ ، أَوْ أَرَادَ بِالْجَمْعِ الِاثْنَيْنِ ، أَوْ أَرَادَ بِالْإِضَافَةِ مَعْنَى الْجِنْسِ فَاسْتَوَى فِيهِ صِيغَةُ الْإِفْرَادِ وَالْجَمْعِ ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ ذَمُّ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُمْ بِدُونِ تَعْيِينِ فَرِيقٍ ، وَطَرِيقَةُ الْعَرَبِ فِي مِثْلِ هَذَا أَنْ يُعَبِّرُوا بِصِيَغِ الْجُمُوعِ وَإِنْ كَانَ الْمُعَرَّضُ بِهِ وَاحِدًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=54أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ وَقَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=37الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ )
[ ص: 9 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=44يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيئُونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا ) وَقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341537مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا .
وَجِيءَ بِالْمُضَارِعِ هُنَا لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ هَذَا أَمْرٌ مُتَجَدِّدٌ فِيهِمْ مُسْتَمِرٌّ ، لِأَنَّهُمْ لَوْ كَفَرُوا فِي الْمَاضِي ثُمَّ رَجَعُوا لَمَا كَانُوا أَحْرِيَاءَ بِالذَّمِّ .
وَمَعْنَى كُفْرِهِمْ بِاللَّهِ : أَنَّهُمْ لَمَّا آمَنُوا بِهِ وَوَصَفُوهُ بِصِفَاتٍ غَيْرِ صِفَاتِهِ مِنَ التَّجْسِيمِ وَاتِّخَاذِ الصَّاحِبَةِ وَالْوَلَدِ وَالْحُلُولِ وَنَحْوِ ذَلِكَ ، فَقَدْ آمَنُوا بِالِاسْمِ لَا بِالْمُسَمَّى ، وَهُمْ فِي الْحَقِيقَةِ كَفَرُوا بِالْمُسَمَّى ، كَمَا إِذَا كَانَ أَحَدٌ يَظُنُّ أَنَّهُ يَعْرِفُ فُلَانًا فَقُلْتَ لَهُ : صِفْهُ لِي ، فَوَصَفَهُ بِغَيْرِ صِفَاتِهِ ، تَقُولُ لَهُ : أَنْتَ لَا تَعْرِفُهُ ، عَلَى أَنَّهُمْ لَمَّا كَفَرُوا
بِمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ تَوْحِيدِ اللَّهِ وَتَنْزِيهِهِ عَنْ مُمَاثَلَةِ الْحَوَادِثِ ، فَقَدْ كَفَرُوا بِإِلَهِيَّتِهِ الْحَقَّةِ ; إِذْ مِنْهُمْ مَنْ جَسَّمَ وَمِنْهُمْ مَنْ ثَلَّثَ .
وَمَعْنَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=150وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ أَنَّهُمْ يُحَاوِلُونَ ذَلِكَ فَأُطْلِقَتِ الْإِرَادَةُ عَلَى الْمُحَاوَلَةِ ، وَفِيهِ إِيذَانٌ بِأَنَّهُ أَمْرٌ صَعْبُ الْمَنَالِ ، وَأَنَّهُمْ لَمْ يَبْلُغُوا مَا أَرَادُوا مِنْ ذَلِكَ ، لِأَنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا يُحَاوِلُونَهُ ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ التَّعْبِيرُ بِالْمُضَارِعِ فِي قَوْلِهِ وَيُرِيدُونَ وَلَوْ بَلَغُوا إِلَيْهِ لَقَالَ : وَفَرَّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ .
وَمَعْنَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ أَنَّهُمْ يُنْكِرُونَ صِدْقَ بَعْضِ الرُّسُلِ الَّذِينَ أَرْسَلَهُمُ اللَّهُ ، وَيَعْتَرِفُونَ بِصِدْقِ بَعْضِ الرُّسُلِ دُونَ بَعْضٍ ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ، فَقَدْ فَرَّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ إِذْ نَفَوْا رِسَالَتَهُمْ فَأَبْعَدُوهُمْ مِنْهُ ، وَهَذَا اسْتِعَارَةٌ تَمْثِيلِيَّةٌ ، شَبَّهَ الْأَمْرَ الْمُتَخَيَّلَ فِي نُفُوسِهِمْ بِمَا يُضْمِرُهُ مُرِيدُ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْأَوْلِيَاءِ وَالْأَحْبَابِ ، فَهِيَ تَشْبِيهُ هَيْئَةٍ مَعْقُولَةٍ بِهَيْئَةٍ مَعْقُولَةٍ ، وَالْغَرَضُ مِنَ التَّشْبِيهِ تَشْوِيهُ الْمُشَبَّهِ ، إِذْ قَدْ عَلِمَ النَّاسُ أَنَّ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الْمُتَّصِلِينَ ذَمِيمَةٌ .
وَهَذِهِ الْآيَةُ فِي مَعْنَى الْآيَاتِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=136لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ -
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=285لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ،
[ ص: 10 ] وَفِي سُورَةِ آلِ عِمْرَانَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=84لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ إِلَّا أَنَّ تِلْكَ الْآيَاتِ فِي التَّحْذِيرِ مِنَ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الرُّسُلِ ، وَالْآيَةُ هَذِهِ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=30172التَّحْذِيرِ مِنَ التَّفْرِيقِ بَيْنَ اللَّهِ وَبَعْضِ رُسُلِهِ ، وَمَآلُ الْجَمِيعِ وَاحِدٌ ; لِأَنَّ التَّفْرِيقَ بَيْنَ الرُّسُلِ يَسْتَلْزِمُ التَّفْرِيقَ بَيْنَ اللَّهِ وَبَعْضِ رُسُلِهِ .
وَإِضَافَةُ الْجَمْعِ إِلَى الضَّمِيرِ هُنَا لِلْعَهْدِ لَا لِلْعُمُومِ بِالْقَرِينَةِ ، وَهِيَ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=150وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=150وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَاقِعَةٌ فِي مَعْنَى الِاسْتِئْنَافِ الْبَيَانِيِّ لِلتَّفْرِيقِ بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ ، وَلَكِنَّهَا عُطِفَتْ ; لِأَنَّهَا شَأْنٌ خَاصٌّ مِنْ شُئُونِهِمْ ، إِذْ مَدْلُولُهَا قَوْلٌ مِنْ أَقْوَالِهِمُ الشَّنِيعَةِ ، وَمَدْلُولُ ( يُرِيدُونَ ) هَيْئَةٌ حَاصِلَةٌ مِنْ كُفْرِهِمْ ، فَلِذَلِكَ حَسُنَ الْعَطْفُ بِاعْتِبَارِ الْمُغَايَرَةِ وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ ، وَلَوْ فُصِلَتْ لَكَانَ صَحِيحًا . وَمَعْنَى ( يَقُولُونَ نُؤْمِنُ ) الْخَ
nindex.php?page=treesubj&link=32423_32424أَنَّ الْيَهُودَ يَقُولُونَ : نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَبِمُوسَى وَنَكْفُرُ بِعِيسَى وَمُحَمَّدٍ ،
وَالنَّصَارَى يَقُولُونَ : نُؤْمِنُ بِاللَّهِ
وَبِمُوسَى وَعِيسَى وَنَكْفُرُ
بِمُحَمَّدٍ ، فَآمَنُوا بِاللَّهِ وَبَعْضِ رُسُلِهِ ظَاهِرًا وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَعْضِ رُسُلِهِ .
وَالْإِرَادَةُ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=150وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا إِرَادَةٌ حَقِيقِيَّةٌ . وَالسَّبِيلُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ سَبِيلَ النَّجَاةِ مِنَ الْمُؤَاخَذَةِ فِي الْآخِرَةِ تَوَهُّمًا أَنَّ تِلْكَ حِيلَةٌ تُحَقِّقُ لَهُمُ السَّلَامَةَ عَلَى تَقْدِيرِ سَلَامَةِ الْمُؤْمِنِينَ ، أَوْ سَبِيلَ التَّنَصُّلِ مِنَ الْكُفْرِ بِبَعْضِ الرُّسُلِ ، أَوْ سَبِيلًا بَيْنَ دِينَيْنِ ، وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ الْأَخِيرَانِ يُنَاسِبَانِ انْتِقَالَهُمْ مِنَ الْكُفْرِ الظَّاهِرِ إِلَى النِّفَاقِ ، فَكَأَنَّهُمَا تَهْيِئَةٌ لِلنِّفَاقِ .
وَهَذَا التَّفْسِيرُ جَارٍ عَلَى ظَاهِرِ نَظْمِ الْكَلَامِ ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ حَرْفُ الْعَطْفِ مُشَرِّكًا بَيْنَ الْمُتَعَاطِفَاتِ فِي حُكْمِ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ ، وَإِذْ قَدْ كَانَ الْمَعْطُوفُ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ صِلَةً لِـ ( الَّذِينَ ) ، كَانَ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ صِلَاتٍ لِذَلِكَ الْمَوْصُولِ وَكَانَ ذَلِكَ الْمَوْصُولُ صَاحِبَ تِلْكَ الصِّلَاتِ كُلِّهَا .
[ ص: 11 ] وَنُسِبَ إِلَى بَعْضِ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّهُ جَعَلَ الْوَاوَاتِ فِيهَا بِمَعْنَى ( أَوْ ) وَجَعَلَ الْمَوْصُولَ شَامِلًا لِفِرَقٍ مِنَ الْكُفَّارِ تَعَدَّدَتْ أَحْوَالُ كُفْرِهِمْ عَلَى تَوْزِيعِ الصِّلَاتِ الْمُتَعَاطِفَةِ ، فَجَعَلَ الْمُرَادَ بِالَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ الْمُشْرِكِينَ ، وَالَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ قَوْمًا أَثْبَتُوا الْخَالِقَ وَأَنْكَرُوا النُّبُوءَاتِ كُلَّهَا ، وَالَّذِينَ يَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى . وَسَكَتَ عَنِ الْمُرَادِ مِنْ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=150وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا ، وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَ أُولَئِكَ فَرِيقًا آخَرَ : وَهُمُ الْمُنَافِقُونَ الْمُتَرَدِّدُونَ الَّذِينَ لَمْ يَثْبُتُوا عَلَى إِيمَانٍ وَلَا عَلَى كُفْرٍ ، بَلْ كَانُوا بَيْنَ الْحَالَيْنِ ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=143مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ . وَالَّذِي دَعَاهُ إِلَى هَذَا التَّأْوِيلِ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ فَرِيقًا جَمَعَ هَذِهِ الْأَحْوَالَ كُلَّهَا عَلَى ظَاهِرِهَا لِأَنَّ
الْيَهُودَ لَمْ يَكْفُرُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ، وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ تَأْوِيلَ الْكُفْرِ بِاللَّهِ الْكُفْرُ بِالصِّفَاتِ الَّتِي يَسْتَلْزِمُ الْكُفْرُ بِهَا نَفْيَ الْإِلَهِيَّةِ .
وَهَذَا الْأُسْلُوبُ نَادِرُ الِاسْتِعْمَالِ فِي فَصِيحِ الْكَلَامِ ، إِذْ لَوْ أُرِيدَ ذَلِكَ لَكَانَ الشَّأْنُ أَنْ يُقَالَ : وَالَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَالَّذِينَ يَقُولُونَ : نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ ، كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=72إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=151أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا الْجُمْلَةُ خَبَرُ ( إِنَّ ) وَالْإِشَارَةُ إِلَى أَصْحَابِ تِلْكَ الصِّلَةِ الْمَاضِيَةِ ، وَمَوْقِعُ الْإِشَارَةِ هُنَا لِقَصْدِ التَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ الْمُشَارَ إِلَيْهِمْ لِاسْتِحْضَارِهِمْ بِتِلْكَ الْأَوْصَافِ أَحْرِيَاءٌ بِمَا سَيُحْكَمُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْحُكْمِ الْمُعَاقِبِ لِاسْمِ الْإِشَارَةِ .
وَأَفَادَ تَعْرِيفُ جُزْأَيِ الْجُمْلَةِ وَالْإِتْيَانُ بِضَمِيرِ الْفَصْلِ تَأْكِيدَ قَصْرِ صِفَةِ الْكُفْرِ عَلَيْهِمْ ، وَهُوَ قَصْرٌ ادِّعَائِيٌّ مَجَازِيٌّ بِتَنْزِيلِ كُفْرِ غَيْرِهِمْ فِي جَانِبِ كُفْرِهِمْ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْمُنَافِقِينَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=63&ayano=4هُمُ الْعَدُوُّ ) . وَمِثْلُ هَذَا الْقَصْرِ يَدُلُّ عَلَى كَمَالِ الْمَوْصُوفِ فِي تِلْكَ الصِّفَةِ الْمَقْصُورَةِ .
[ ص: 12 ] وَوَجْهُ هَذِهِ الْمُبَالَغَةِ : أَنَّ كُفْرَهُمْ قَدِ اشْتَمَلَ عَلَى أَحْوَالٍ عَدِيدَةٍ مِنَ الْكُفْرِ ، وَعَلَى سَفَالَةٍ فِي الْخُلُقِ ، أَوْ سَفَاهَةٍ فِي الرَّأْيِ بِمَجْمُوعِ مَا حُكِيَ عَنْهُمْ مِنْ تِلْكَ الصِّلَاتِ ، فَإِنَّ كُلَّ خَصْلَةٍ مِنْهَا إِذَا انْفَرَدَتْ هِيَ كُفْرٌ ، فَكَيْفَ بِهَا إِذَا اجْتَمَعَتْ .
وَ ( حَقًّا ) مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِمَضْمُونِ الْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهُ ، أَيْ حُقَّهُمْ حَقًّا أَيُّهَا السَّامِعُ بِالِغِينَ النِّهَايَةَ فِي الْكُفْرِ ، وَنَظِيرُ هَذَا قَوْلُهُمْ ( جِدًّا ) . وَالتَّوْكِيدُ فِي مِثْلِ هَذَا لِمَضْمُونِ الْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهُ عَلَى مَا أَفَادَتْهُ الْجُمْلَةُ ، وَلَيْسَ هُوَ لِرَفْعِ الْمَجَازِ ، فَهُوَ تَأْكِيدٌ لِمَا أَفَادَتْهُ الْجُمْلَةُ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى مَعْنَى النِّهَايَةِ لِأَنَّ الْقَصْرَ مُسْتَعْمَلٌ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى ، وَلَمْ يَقْصِدْ بِالتَّوْكِيدِ أَنْ يَصِيرَ الْقَصْرُ حَقِيقِيًّا لِظُهُورِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَسْتَقِيمُ ، فَقَوْلُ بَعْضِ النُّحَاةِ فِي الْمَصْدَرِ الْمُؤَكِّدِ لِمَضْمُونِ الْجُمْلَةِ : إِنَّهُ يُفِيدُ رَفْعَ احْتِمَالِ الْمَجَازِ ، بِنَاءً مِنْهُمْ عَلَى الْغَالِبِ فِي مُفَادِ التَّأْكِيدِ .
وَ ( أَعْتَدْنَا ) مَعْنَاهُ هَيَّأْنَا وَقَدَّرْنَا ، وَالتَّاءُ فِي ( أَعْتَدْنَا ) بَدَلٌ مِنَ الدَّالِ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ عُلَمَاءِ اللُّغَةِ ، وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ : التَّاءُ أَصْلِيَّةٌ ، وَأَنَّهُ بِنَاءٌ عَلَى حِدَةٍ هُوَ غَيْرُ بِنَاءِ ( عَدَّ ) . وَقَالَ بَعْضُهُمْ : إِنَّ ( عَتُدَ ) هُوَ الْأَصْلُ وَأَنَّ ( عَدَّ ) أُدْغِمَتْ مِنْهُ التَّاءُ فِي الدَّالِ ، وَقَدْ وَرَدَ الْبِنَاءَانِ كَثِيرًا فِي كَلَامِهِمْ وَفِي الْقُرْآنِ .
وَجِيءَ بِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=152وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ إِلَى آخِرِهَا لِمُقَابَلَةِ الْمُسِيئِينَ بِالْمُحْسِنِينَ ، وَالنِّذَارَةِ بِالْبِشَارَةِ عَلَى عَادَةِ الْقُرْآنِ .
وَالْمُرَادُ بِالَّذِينَ آمَنُوا الْمُؤْمِنُونَ كُلُّهُمْ وَخَاصَّةً مَنْ آمَنُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=106كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ . فَهُمْ مَقْصُودُونَ ابْتِدَاءً لِمَا أَشْعَرَ بِهِ مَوْقِعُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ بَعْدَ ذِكْرِ ضَلَالِهِمْ وَلِمَا اقْتَضَاهُ تَذْيِيلُ الْجُمْلَةِ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=152وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا أَيْ غَفُورًا لَهُمْ مَا سَلَفَ مِنْ كُفْرِهِمْ ، رَحِيمًا بِهِمْ .
وَالْقَوْلُ فِي الْإِتْيَانِ بِالْمَوْصُولِ وَبِاسْمِ الْإِشَارَةِ فِي هَذِهِ الْجُمْلَةِ كَالْقَوْلِ فِي مُقَابِلِهِ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=152بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مِثْلِهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=136لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
[ ص: 13 ] وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : نُؤْتِيهِمْ بِنُونِ الْعَظَمَةِ . وَقَرَأَهُ حَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ بِيَاءِ الْغَائِبِ وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ إِلَى اسْمِ الْجَلَالَةِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=152وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ .