nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=129nindex.php?page=treesubj&link=28977وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون
هو من تمام الاعتراض ، أو من تمام التذييل ، على ما تقدم من الاحتمالين ، الواو للحال اعتراضية كما تقدم ، أو للعطف على قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=128إن ربك حكيم عليم .
والإشارة إلى التولية المأخوذة من : ( نولي ) وجاء اسم الإشارة بالتذكير ؛ لأن تأنيث التولية لفظي لا حقيقي ، فيجوز في إشارته ما جاز في فعله الرافع للظاهر ، والمعنى : وكما ولينا ما بين هؤلاء المشركين وبين أوليائهم نولي بين الظالمين كلهم بعضهم مع بعض .
والتولية يجيء من الولاء ومن الولاية ؛ لأن كليهما يقال في فعله المتعدي : ولى ، بمعنى جعل وليا ، فهو من باب أعطى يتعدى إلى مفعولين ، كذا فسروه ، وظاهر كلامهم أنه يقال : وليت ضبة تميما إذا حالفت بينهم ، وذلك أنه يقال : تولت ضبة تميما بمعنى حالفتهم ، فإذا عدي الفعل بالتضعيف قيل : وليت ضبة تميما ، فهو من قبيل قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=115نوله ما تولى أي : نلزمه ما ألزم نفسه فيكون معنى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=129نولي بعض الظالمين بعضا نجعل بعضهم أولياء بعض ، ويكون ناظرا إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=128وقال أولياؤهم من الإنس وجعل الفريقين ظالمين ؛ لأن الذي يتولى قوما يصير منهم .
[ ص: 74 ] فإذا جعل الله فريقا أولياء للظالمين فقد جعلهم ظالمين بالأخارة ، قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=113ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ، وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=51بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين .
ويقال : ولى ، بمعنى جعل واليا ، فيتعدى إلى مفعولين من باب أعطى أيضا ، يقال : ولى
عمر أبا عبيدة الشام ، كما يقال : أولاه ؛ لأنه يقال ولي
أبو عبيدة الشام ، ولذلك قال المفسرون : يجوز أن يكون معنى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=129نولي بعض الظالمين بعضا نجعل بعضهم ولاة على بعض ؛ أي : نسلط بعضهم على بعض ، والمعنى أنه جعل الجن وهم ظالمون مسلطين على المشركين ، والمشركون ظالمون ، فكل يظلم بمقدار سلطانه ، والمراد بـ ( الظالمين ) في الآية المشركون ، كما هو مقتضى التشبيه في قوله : ( وكذلك ) .
وقد تشمل الآية بطريق الإشارة كل ظالم ، فتدل على أن الله سلط على الظالم من يظلمه ، وقد تأولها على ذلك
عبد الله بن الزبير أيام دعوته
بمكة ، فإنه لما بلغه أن
nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان قتل
nindex.php?page=showalam&ids=16695عمرو بن سعيد الأشدق بعد أن خرج
عمرو عليه ، صعد المنبر فقال : ألا إن
ابن الزرقاء - يعني
nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان ؛ لأن
مروان كان يلقب
بالأزرق وبالزرقاء ؛ لأنه أزرق العينين - قد قتل
لطيم الشيطان nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=129وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون ومن أجل ذلك قيل : إن لم يقلع الظالم عن ظلمه سلط عليه ظالم آخر ، قال
الفخر : إن أراد الرعية أن يتخلصوا من أمير ظالم فليتركوا الظلم ، وقد قيل :
وما ظالم إلا سيبلى بظالم
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=129بما كانوا يكسبون الباء للسببية ؛ أي : جزاء على استمرار شركهم .
[ ص: 75 ] والمقصود من الآية الاعتبار والموعظة ، والتحذير من الاغترار بولاية الظالمين ، وتوخي الأتباع صلاح المتبوعين ، وبيان سنة من سنن الله في العالمين .
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=129nindex.php?page=treesubj&link=28977وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ
هُوَ مِنْ تَمَامِ الِاعْتِرَاضِ ، أَوْ مِنْ تَمَامِ التَّذْيِيلِ ، عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الِاحْتِمَالَيْنِ ، الْوَاوُ لِلْحَالِ اعْتِرَاضِيَّةٌ كَمَا تَقَدَّمَ ، أَوْ لِلْعَطْفِ عَلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=128إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ .
وَالْإِشَارَةُ إِلَى التَّوْلِيَةِ الْمَأْخُوذَةِ مِنْ : ( نُوَلِّي ) وَجَاءَ اسْمُ الْإِشَارَةِ بِالتَّذْكِيرِ ؛ لِأَنَّ تَأْنِيثَ التَّوْلِيَةِ لَفْظِيٌّ لَا حَقِيقِيٌّ ، فَيَجُوزُ فِي إِشَارَتِهِ مَا جَازَ فِي فِعْلِهِ الرَّافِعِ لِلظَّاهِرِ ، وَالْمَعْنَى : وَكَمَا وَلَّيْنَا مَا بَيْنَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ وَبَيْنَ أَوْلِيَائِهِمْ نُوَلِّي بَيْنَ الظَّالِمِينَ كُلِّهِمْ بَعْضُهُمْ مَعَ بَعْضٍ .
وَالتَّوْلِيَةُ يَجِيءُ مِنَ الْوَلَاءِ وَمِنَ الْوِلَايَةِ ؛ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا يُقَالُ فِي فِعْلِهِ الْمُتَعَدِّي : وَلَّى ، بِمَعْنَى جَعَلَ وَلِيًّا ، فَهُوَ مِنْ بَابِ أَعْطَى يَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ ، كَذَا فَسَّرُوهُ ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يُقَالُ : وَلَّيْتُ ضَبَّةَ تَمِيمًا إِذَا حَالَفْتُ بَيْنَهُمْ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يُقَالُ : تَوَلَّتْ ضَبَّةُ تَمِيمًا بِمَعْنَى حَالَفَتْهُمْ ، فَإِذَا عُدِّيَ الْفِعْلُ بِالتَّضْعِيفِ قِيلَ : وَلَّيْتُ ضَبَّةَ تَمِيمًا ، فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=115نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى أَيْ : نُلْزِمُهُ مَا أَلْزَمَ نَفْسَهُ فَيَكُونُ مَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=129نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا نَجْعَلُ بَعْضَهُمْ أَوْلِيَاءَ بَعْضٍ ، وَيَكُونُ نَاظِرًا إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=128وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَجَعَلَ الْفَرِيقَيْنِ ظَالِمِينَ ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَتَوَلَّى قَوْمًا يَصِيرُ مِنْهُمْ .
[ ص: 74 ] فَإِذَا جَعَلَ اللَّهُ فَرِيقًا أَوْلِيَاءً لِلظَّالِمِينَ فَقَدْ جَعَلَهُمْ ظَالِمِينَ بِالْأُخَارَةِ ، قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=113وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ، وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=51بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ .
وَيُقَالُ : وَلَّى ، بِمَعْنَى جَعَلَ وَالِيًا ، فَيَتَعَدَّى إِلَى مَفْعُولَيْنِ مِنْ بَابِ أَعْطَى أَيْضًا ، يُقَالُ : وَلَّى
عُمَرُ أَبَا عُبَيْدَةَ الشَّامَ ، كَمَا يُقَالُ : أَوْلَاهُ ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ وَلِيَ
أَبُو عُبَيْدَةَ الشَّامَ ، وَلِذَلِكَ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ : يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=129نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا نَجْعَلُ بَعْضَهُمْ وُلَاةً عَلَى بَعْضٍ ؛ أَيْ : نُسَلِّطُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ جَعَلَ الْجِنَّ وَهُمْ ظَالِمُونَ مُسَلَّطِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ، وَالْمُشْرِكُونَ ظَالِمُونَ ، فَكُلٌّ يَظْلِمُ بِمِقْدَارِ سُلْطَانِهِ ، وَالْمُرَادُ بِـ ( الظَّالِمِينَ ) فِي الْآيَةِ الْمُشْرِكُونَ ، كَمَا هُوَ مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ فِي قَوْلِهِ : ( وَكَذَلِكَ ) .
وَقَدْ تَشْمَلُ الْآيَةُ بِطَرِيقِ الْإِشَارَةِ كُلَّ ظَالِمٍ ، فَتَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ سَلَّطَ عَلَى الظَّالِمِ مَنْ يَظْلِمُهُ ، وَقَدْ تَأَوَّلَهَا عَلَى ذَلِكَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ أَيَّامَ دَعْوَتِهِ
بِمَكَّةَ ، فَإِنَّهُ لَمَّا بَلَغَهُ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16491عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ قَتَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=16695عَمْرَو بْنَ سَعِيدٍ الْأَشْدَقَ بَعْدَ أَنْ خَرَجَ
عَمْرٌو عَلَيْهِ ، صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ : أَلَا إِنَّ
ابْنَ الزَّرْقَاءِ - يَعْنِي
nindex.php?page=showalam&ids=16491عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ ؛ لِأَنَّ
مَرْوَانَ كَانَ يُلَقَّبُ
بِالْأَزْرَقِ وَبِالزَّرْقَاءِ ؛ لِأَنَّهُ أَزْرَقُ الْعَيْنَيْنِ - قَدْ قَتَلَ
لَطِيمَ الشَّيْطَانِ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=129وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ قِيلَ : إِنْ لَمْ يُقْلِعِ الظَّالِمُ عَنْ ظُلْمِهِ سُلِّطَ عَلَيْهِ ظَالِمٌ آخَرُ ، قَالَ
الْفَخْرُ : إِنْ أَرَادَ الرَّعِيَّةُ أَنْ يَتَخَلَّصُوا مِنْ أَمِيرٍ ظَالِمٍ فَلْيَتْرُكُوا الظُّلْمَ ، وَقَدْ قِيلَ :
وَمَا ظَالِمٌ إِلَّا سَيُبْلَى بِظَالِمٍ
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=129بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ الْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ ؛ أَيْ : جَزَاءٌ عَلَى اسْتِمْرَارِ شِرْكِهِمْ .
[ ص: 75 ] وَالْمَقْصُودُ مِنَ الْآيَةِ الِاعْتِبَارُ وَالْمَوْعِظَةُ ، وَالتَّحْذِيرُ مِنَ الِاغْتِرَارِ بِوِلَايَةِ الظَّالِمِينَ ، وَتَوَخِّي الْأَتْبَاعِ صَلَاحَ الْمَتْبُوعِينَ ، وَبَيَانُ سُنَّةً مِنْ سُنَنِ اللَّهِ فِي الْعَالَمِينَ .