(
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7صراط الذين ) اسم موصول ، والأفصح كونه بالياء في أحواله الثلاثة ، وبعض العرب يجعله بالواو في حالة الرفع ، واستعماله بحذف النون جائز ، وخص بعضهم ذلك بالضرورة ، إلا إن كان لغير تخصيص فيجوز في غيرها ، وسمع حذف أل منه فقالوا الذين ، وفيما تعرف به خلاف ذكر في النحو ، ويخص العقلاء بخلاف الذي ، فإنه ينطلق على ذي العلم وغيره .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7أنعمت ) النعمة : لين العيش وخفضه ، ولذلك قيل للجنوب النعامى للين هبوبها ، وسميت النعامة للين سهمها ، نعم إذا كان في نعمة ، وأنعمت عينه أي سررتها ، وأنعم عليه بالغ في التفضيل عليه ، أي والهمزة في أنعم بجعل الشيء صاحب ما صيغ منه ، إلا أنه ضمن معنى التفضل ، فعدي بعلى ، وأصله التعدية بنفسه . أنعمته أي جعلته صاحب نعمة ، وهذا أحد المعاني التي لأفعل ، وهي أربعة وعشرون معنى ، هذا أحدها . والتعدية ، والكثرة ، والصيرورة ، والإعانة ، والتعريض ، والسلب ، وإصابة الشيء بمعنى ما صيغ منه ، وبلوغ عدد أو زمان أو مكان ، وموافقة ثلاثي ، وإغناء عنه ، ومطاوعة فعل وفعل ، والهجوم ، ونفي الغريزة ، والتسمية ، والدعاء ، والاستحقاق ، والوصول ، والاستقبال ، والمجيء بالشيء والتفرقة ( مثل ذلك ) أدنيته وأعجبني المكان ، وأغد البعير وأحليت فلانا ، وأقبلت فلانا ، واشتكيت الرجل ، وأحمدت فلانا ، وأعشرت الدراهم ، وأصبحنا ، وأشأم القوم ، وأحزنه بمعنى حزنه ، وأرقل ، وأقشع السحاب مطاوع قشع الريح السحاب ، وأفطر مطاوع فطرته ، واطلعت عليهم ، وأستريح ، وأخطيته سميته مخطئا ، وأسقيته ، وأحصد الزرع ، وأغفلته وصلت غفلتي إليه ، وأففته استقبلته بأف هكذا مثل هذا . وذكر بعضهم أن أفعل فعل ، ومثل الاستقبال أيضا بقولهم : أسقيته أي استقبلته بقولك سقيا لك ، وكثرت جئت بالكثير ، وأشرقت الشمس أضاءت ، وشرقت طلعت . التاء المتصلة بأنعم ضمير المخاطب المذكر المفرد ، وهي حرف في أنت ، والضميران فهو مركب .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7عليهم ) على : حرف جر عند الأكثرين ، إلا إذا جرت بمن ، أو كانت في نحو هون عليك . ومذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه أنها إذا جرت اسم ظرف ; ولذلك لم يعدها في حروف الجر ، ووافقه جماعة من متأخري أصحابنا ، ومعناها الاستعلاء حقيقة أو مجازا ،
وزيد أن تكون بمعنى عن ، وبمعنى الباء ، وبمعنى في ، وللمصاحبة ، وللتعليل ، وبمعنى من ، وزائدة ، مثل ذلك (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=26كل من عليها فان ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=253فضلنا بعضهم على بعض ) ، بعد على كذا (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=105حقيق على أن لا أقول ) على ملك سليمان (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177وآتى المال على حبه ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185ولتكبروا الله على ما هداكم ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=5حافظون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=6إلا على أزواجهم ) .
أبى الله إلا أن سرحة مالك على كل أفنان العضاه تروق .
أي تروق كل أفنان العضاه . هم ضمير جمع غائب مذكر عاقل ، ويكون في موضع رفع ونصب وجر . وحكى اللغويون في عليهم عشر لغات ضم الهاء ، وإسكان الميم ، وهي قراءة
حمزة . وكسرها وإسكان الميم ، وهي قراءة الجمهور . وكسر الهاء والميم وياء بعدها ، وهي قراءة
الحسن . وزاد
ابن مجاهد أنها قراءة
عمر بن فائد وكذلك بغير ياء ، وهي قراءة
عمرو بن فائد . وكسر الهاء وضم الميم وواو بعدها ، وهي قراءة
ابن كثير ،
وقالون بخلاف عنه . وكسر الهاء وضم الميم بغير واو وضم الهاء والميم وواو بعدها ، وهي قراءة
[ ص: 27 ] الأعرج والخفاف عن
أبي عمرو . وكذلك بدون واو وضم الهاء وكسر الميم بياء بعدها . كذلك بغير ياء . وقرئ بهما ، ( وتوضيح هذه القراءات بالخط والشكل ) : عليهم عليهم عليهموا عليهم عليهمي عليهم عليهم عليهمي عليهم عليهموا . وملخصها ضم الهاء مع سكون الميم ، أو ضمها بإشباع ، أو دونه ، أو كسرها بإشباع ، أو دونه وكسر الهاء مع سكون الميم ، أو كسرها بإشباع ، أو دونه ، أو ضمها بإشباع ، أو دونه ، وتوجيه هذه القراءات ذكر في النحو . اهدنا صورته صورة الأمر ، ومعناه الطلب والرغبة ، وقد ذكر الأصوليون لنحو هذه الصيغة خمسة عشر محملا ، وأصل هذه الصيغة أن تدل على الطلب ، لا على فور ولا تكرار ولا تحتم ، وهل معنى اهدنا أرشدنا أو وفقنا أو قدمنا أو ألهمنا أو بين لنا أو ثبتنا ؟ أقوال أكثرها عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وآخرها عن
علي وأبي . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15603ثابت البناني بصرنا الصراط ، ومعنى الصراط القرآن ، قاله
علي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس . وذكر
المهدوي أنه روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه فسره بكتاب الله أو الإيمان وتوابعه ، أو الإسلام وشرائعه ، أو السبيل المعتدل ، أو طريق النبي - صلى الله عليه وسلم -
وأبي بكر وعمر ، قاله
أبو العالية والحسن ، أو طريق الحج ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14919فضيل بن عياض ، أو السنن ، قاله
عثمان ، أو طريق الجنة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، أو طريق السنة والجماعة ، قاله
القشيري ، أو طريق الخوف والرجاء ، قاله
الترمذي ، أو جسر جهنم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16711عمرو بن عبيد .
وروي عن
المتصوفة في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6nindex.php?page=treesubj&link=28972اهدنا الصراط المستقيم ) أقوال ، منها : قول بعضهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهدنا الصراط المستقيم ) بالغيبوبة عن الصراط لئلا يكون مربوطا بالصراط ، وقول
الجنيد إن سؤال الهداية عند الحيرة من إشهار الصفات الأزلية ، فسألوا الهداية إلى أوصاف العبودية لئلا يستغرقوا في الصفات الأزلية . وهذه الأقوال ينبو عنها اللفظ ، ولهم فيما يذكرون ذوق وإدراك لم نصل نحن إليه بعد . وقد شحنت التفاسير بأقوالهم ، ونحن نلم بشيء منها لئلا يظن أنا إنما تركنا ذكرها لكوننا لم نطلع عليها . وقد رد
nindex.php?page=showalam&ids=16785الفخر الرازي على من قال إن الصراط المستقيم هو القرآن أو الإسلام وشرائعه ، قال : لأن المراد "
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7صراط الذين أنعمت عليهم " من المتقدمين ولم يكن لهم القرآن ولا الإسلام ، يعني بالإسلام هذه الملة الإسلامية المختصة بتكاليف لم تكن تقدمتها . وهذا الرد لا يتأتى له إلا إذا صح أن الذين أنعم الله عليهم هم متقدمون ، وستأتي الأقاويل في تفسير الذين أنعم الله عليهم ، واتصال نا باهد مناسب لنعبد ونستعين لأنه لما أخبر المتكلم أنه هو ومن معه يعبدون الله ويستعينونه سأل له ولهم الهداية إلى الطريق الواضح ; لأنهم بالهداية إليه تصح منهم العبادة . ألا ترى أن من لم يهتد إلى السبيل الموصلة لمقصوده لا يصح له بلوغ مقصوده ؟ وقرأ
الحسن والضحاك : صراطا مستقيما دون تعريف . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر الصادق : صراط مستقيم بالإضافة ، أي الدين المستقيم . فعلى قراءة
الحسن والضحاك يكون (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7صراط الذين ) بدل معرفة من نكرة ، كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=53صراط الله ) ، وعلى قراءة
الصادق وقراءات الجمهور تكون بدل معرفة من معرفة (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7صراط الذين ) بدل شيء من شيء ، وهما بعين واحدة ، وجيء بها للبيان لأنه لما ذكر قبل (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهدنا الصراط المستقيم ) كان فيه بعض إبهام ، فعينه بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7صراط الذين ) ليكون المسئول الهداية إليه قد جرى ذكره مرتين ، وصار بذلك البدل فيه حوالة على طريق من أنعم الله عليهم ، فيكون ذلك أثبت وأوكد ، وهذه هي فائدة نحو هذا البدل ، ولأنه على تكرار العامل ، فيصير في التقدير جملتين ، ولا يخفى ما في الجملتين من التأكيد ، فكأنهم كرروا طلب الهداية .
ومن غريب القول أن الصراط الثاني ليس الأول بل هو غيره ، وكأنه قرئ فيه حرف العطف ، وفي تعيين ذلك اختلاف . قيل : هو العلم بالله والفهم عنه ، قاله
جعفر بن [ ص: 28 ] محمد ، وقيل : التزام الفرائض واتباع السنن ، وقيل : هو موافقة الباطن للظاهر في إسباغ النعمة . قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=20وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ) وقرأ : صراط من أنعمت عليهم ،
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود وعمر وابن الزبير nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي . والمنعم عليهم هنا الأنبياء أو الملائكة أو أمة
موسى وعيسى الذين لم يغيروا ، أو النبي - صلى الله عليه وسلم - أو النبيون والصديقون والشهداء والصالحون ، أو المؤمنون ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . أو الأنبياء والمؤمنون ، أو المسلمون ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=17277وكيع ، أقوال ، وعزا كثيرا منها إلى قائلها
ابن عطية ، فقال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس والجمهور : أراد صراط النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، انتزعوا ذلك من آية النساء . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا : هم المؤمنون . وقال
الحسن : أصحاب
محمد - صلى الله عليه وسلم - . وقالت فرقة : مؤمنو بني إسرائيل . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أصحاب
موسى قبل أن يبدلوا . وقال
قتادة : الأنبياء خاصة . وقال
أبو العالية :
محمد - صلى الله عليه وسلم -
وأبو بكر وعمر ، انتهى ملخصا . ولم يقيد الأنعام ليعم جميع الأنعام ، أعني عموم البدل . وقيل : أنعم عليهم بخلقهم للسعادة ، وقيل : بأن نجاهم من الهلكة ، وقيل : بالهداية واتباع الرسول ، وروي عن
المتصوفة تقييدات كثيرة غير هذه ، وليس في اللفظ ما يدل على تعيين قيد . واختلف
nindex.php?page=treesubj&link=29485هل لله نعمة على الكافر ؟ فأثبتها
المعتزلة ونفاها غيرهم . وموضع عليهم نصب ، وكذا كل حرف جر تعلق بفعل ، أو ما جرى مجراه غير مبني للمفعول . وبناء أنعمت للفاعل استعطاف لقبول التوسل بالدعاء في الهداية وتحصيلها ، أي طلبنا منك الهداية ، إذ سبق إنعامك ، فمن إنعامك إجابة سؤالنا ورغبتنا ، كمثل أن تسأل من شخص قضاء حاجة وتذكره بأن من عادته الإحسان بقضاء الحوائج ، فيكون ذلك آكد في اقتضائها وأدعى إلى قضائه . وانقلاب الفاعل مع المضمر هي اللغة الشهرى ، ويجوز إقرارها معه على لغة ، ومضمون هذه الجملة طلب استمرار الهداية إلى طريق من أنعم الله عليهم ; لأن من صدر منه حمد الله وأخبر بأنه يعبده ويستعينه فقد حصلت له الهداية ، لكن يسأل دوامها واستمرارها .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7غير ) مفرد مذكر دائما ، وإذا أريد به المؤنث جاز تذكير الفعل حملا على اللفظ ، وتأنيثه حملا على المعنى ، ومدلوله المخالفة بوجه ما ، وأصله الوصف ، ويستثنى به ويلزم الإضافة لفظا أو معنى ، وإدخال أل عليه خطأ ولا يتعرف ، وإن أضيف إلى معرفة . ومذهب
ابن السراج أنه إذا كان المغاير واحدا تعرف بإضافته إليه ، وتقدم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه أن كل ما إضافته غير محضة قد يقصد بها التعريف ، فتصير محضة ، فتتعرف إذ ذاك غير بما تضاف إليه إذا كان معرفة ، وتقرير هذا كله في كتب النحو . وزعم البيانيون أن غيرا أو مثلا في باب الإسناد إليهما مما يكاد يلزم تقديمه ، قالوا نحو قولك غيرك يخشى ظلمه ، ومثلك يكون للمكرمات ونحو ذلك مما لا يقصد فيه بمثل إلى إنسان سوى الذي أضيف إليه ، ولكنهم يعنون أن كل من كان مثله في الصفة كان من مقتضى القياس ، وموجب العرف أن يفعل ما ذكر ، وقوله :
غيري بأكثر هذا الناس ينخدع
غرضه أنه ليس ممن ينخدع ويغتر ، وهذا المعنى لا يستقيم فيهما إذا لم يقدما نحو : يكون للمكرمات مثلك ، وينخدع بأكثر هذا الناس غيري ، فأنت ترى الكلام مقلوبا على جهته .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7المغضوب عليهم ) الغضب : تغير الطبع لمكروه ، وقد يطلق على الإعراض لأنه من ثمرته . لا حرف يكون للنفي وللطلب وزائدا ، ولا يكون اسما خلافا للكوفيين .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7ولا الضالين ) والضلال : الهلاك والخفاء ، ضل اللبن في الماء ، وقيل : أصله الغيبوبة ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=52في كتاب لا يضل ربي ) ، وضللت الشيء جهلت المكان الذي وضعته فيه ، وأضللت الشيء ضيعته ، وأضل أعمالهم ، وضل غفل ونسي ، وأنا من الضالين ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أن تضل إحداهما ) ، والضلال سلوك غير القصد ، ضل عن الطريق سلك غير جادتها ، والضلال الحيرة
[ ص: 29 ] والتردد ، ومنه قيل لحجر أملس يردده الماء في الوادي ضلضله ، وقد فسر الضلال في القرآن بعدم العلم بتفصيل الأمور وبالمحبة ، وسيأتي ذلك في مواضعه ، والجر في ( غير ) قراءة الجمهور . وروى
الخليل عن
ابن كثير النصب ، وهي قراءة
عمر nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود وعلي nindex.php?page=showalam&ids=16414وعبد الله بن الزبير . فالجر على البدل من الذين ، عن
أبي علي ، أو من الضمير في عليهم ، وكلاهما ضعيف ; لأن غيرا أصل وضعه الوصف ، والبدل بالوصف ضعيف ، أو على النعت عن
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ، ويكون إذ ذاك غير تعرفت بما أضيفت إليه ، إذ هو معرفة على ما نقله
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه ، في أن كل ما إضافته غير محضة قد تتمحض فيتعرف إلا في الصفة المشبهة ، أو على ما ذهب إليه
ابن السراج ، إذ وقعت غير على مخصوص لا شائع ، أو على أن الذين أريد بهم الجنس لا قوم بأعيانهم . قالوا : كما وصفوا المعرف بأل الجنسية بالجملة ، وهذا هدم لما اعتزموا عليه من أن المعرفة لا تنعت إلا بالمعرفة ، ولا أختار هذا المذهب وتقرير فساده في النحو والنصب على الحال من الضمير في عليهم ، وهو الوجه أو من الذين قاله
المهدوي وغيره ، وهو خطأ ; لأن الحال من المضاف إليه الذي لا موضع له لا يجوز ، أو على الاستثناء ، قاله
الأخفش والزجاج وغيرهما ، وهو استثناء منقطع إذ لم يتناوله اللفظ السابق ، ومنعه الفراء من أجل لا في قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7ولا الضالين ) ، ولم يسوغ في النصب غير الحال ، قال : لأن لا لا تزاد إلا إذا تقدم النفي ، نحو قول الشاعر :
ما كان يرضى رسول الله فعلهم والطيبان أبو بكر ولا عمر .
ومن ذهب إلى الاستثناء جعل لا صلة ، أي زائدة مثلها في قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=12ما منعك ألا تسجد ) ، وقول الراجز :
فما ألوم البيض أن لا تسخرا
وقول
الأحوص :
ويلحينني في اللهو أن لا أحبه وللهو داع دائب غير غافل .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري : أي أن تسخر وأن أحبه ، وقال غيره : معناه إرادة أن لا أحبه ، فلا فيه متمكنة ، يعني في كونها نافية لا زائدة ، واستدلوا أيضا على زيادتها ببيت أنشده المفسرون ، وهو :
أبى جوده لا البخل واستعجلت به نعم من فتى لا يمنع الجود قاتله .
وزعموا أن " لا " زائدة ، والبخل مفعول بأبى ، أي أبى جوده البخل ، ولا دليل في ذلك ، بل الأظهر أن لا مفعول بأبى ، وأن لفظة " لا " لا تتعلق بها ، وصار إسنادا لفظيا ، ولذلك قال : واستعجلت به نعم ، فجعل نعم فاعلة بقوله استعجلت ، وهو إسناد لفظي ، والبخل بدل من لا أو مفعول من أجله ، وقيل : انتصب غير بإضمار أعني وعزى إلى الخليل ، وهذا تقدير سهل ، وعليهم في موضع رفع بالمغضوب على أنه مفعول لم يسم فاعله ، وفي إقامة الجار والمجرور مقام الفاعل ، إذا حذف خلاف ذكر في النحو . ومن دقائق مسائله مسألة يغني فيها عن خبر المبتدأ ذكرت في النحو ، و " لا " في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7ولا الضالين ) لتأكيد معنى النفي ، لأن غير فيه النفي ، كأنه قيل : لا المغضوب عليهم ولا الضالين ، وعين دخولها العطف على قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7المغضوب عليهم ) لمناسبة غير ، ولئلا يتوهم بتركها عطف الضالين على الذين . وقرأ
عمر وأبي : وغير الضالين ، وروي عنهما في الراء في الحرفين النصب والخفض ، ويدل على أن المغضوب عليهم هم غير الضالين ، والتأكيد فيها أبعد ، والتأكيد في لا أقرب ، ولتقارب معنى غير من معنى لا ، أتى
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري بمسألة ليبين بها تقاربهما فقال : وتقول أنا
زيدا غير ضارب ، مع امتناع قولك أنا
زيدا مثل ضارب ; لأنه بمنزلة قولك أنا
زيدا لا ضارب ، يريد أن العامل إذا كان مجرورا بالإضافة فمعموله لا يجوز أن يتقدم عليه ولا على المضاف ، لكنهم تسمحوا في العامل المضاف إليه غير ، فأجازوا تقديم معموله على غير إجراء لغير مجرى لا ، فكما أن لا يجوز تقديم معمول
[ ص: 30 ] ما بعدها عليها ، فكذلك غير . وأوردها
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري على أنها مسألة مقررة مفروغ منها ; ليقوي بها التناسب بين غير ولا ، إذ لم يذكر فيها خلافا . وهذا الذي ذهب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري مذهب ضعيف جدا ، بناه على جواز أنا
زيدا لا ضارب ، وفي تقديم معمول ما بعد لا عليها ثلاثة مذاهب ذكرت في النحو ، وكون اللفظ يقارب اللفظ في المعنى لا يقضي له بأن يجرى أحكامه عليه ، ولا يثبت تركيب إلا بسماع من العرب ، ولم يسمع أنا
زيدا غير ضارب . وقد ذكر أصحابنا قول من ذهب إلى جواز ذلك وردوه ، وقدر بعضهم في (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7غير المغضوب ) محذوفا ، قال : التقدير غير صراط المغضوب عليهم ، وأطلق هذا التقدير فلم يقيده بجر غير ولا نصبه ، وهذا لا يتأتى إلا بنصب غير ، فيكون صفة لقوله ( الصراط ) ، وهو ضعيف لتقدم البدل على الوصف ، والأصل العكس ، أو صفة للبدل ، وهو
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7صراط الذين ، أو بدلا من الصراط ، أو من (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7صراط الذين ) ، وفيه تكرار الإبدال ، وهي مسألة لم أقف على كلام أحد فيها ، إلا أنهم ذكروا ذلك في بدل النداء ، أو حالا من الصراط الأول أو الثاني . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني : ولا الضألين ، بإبدال الألف همزة فرارا من التقاء الساكنين . وحكى
أبو زيد دأبة وشأبة في كتاب الهمز ، وجاءت منه أليفاظ ، ومع ذلك فلا ينقاس هذا الإبدال لأنه لم يكثر كثرة توجب القياس ، نص على أنه لا ينقاس النحويون ، قال
أبو زيد : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16711عمرو بن عبيد يقرأ (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=39فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان ) ، فظننته قد لحن حتى سمعت من العرب دأبة وشأبة . قال
أبو الفتح : وعلى هذه اللغة قول
كثير :
إذا ما العوالي بالعبيط احمأرت
وقول الآخر :
وللأرض إما سودها فتجلت بياضا وإما بيضها فادهأمت .
وعلى ما قال
أبو الفتح إنها لغة ينبغي أن ينقاس ذلك ، وجعل الإنعام في صلة الذين ، والغضب في صلة أل ; لأن صلة الذين تكون فعلا فيتعين زمانه ، وصلة أل تكون اسما فينبهم زمانه ، والمقصود طلب الهداية إلى صراط من ثبت إنعام الله عليه وتحقق ذلك ، وكذلك أتى بالفعل ماضيا وأتى بالاسم في صلة أن ليشمل سائر الأزمان ، وبناه للمفعول لأن من طلب منه الهداية ونسب الإنعام إليه لا يناسب نسبة الغضب إليه ، لأنه مقام تلطف وترفق وتذلل لطلب الإحسان ، فلا يناسب مواجهته بوصف الانتقام ، وليكون المغضوب توطئة لختم السورة بالضالين لعطف موصول على موصول مثله لتوافق آخر الآي . والمراد بالإنعام الإنعام الديني ، والمغضوب عليهم والضالين عام في كل من غضب عليه وضل . وقيل : المغضوب عليهم اليهود ، والضالون النصارى ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ومجاهد والسدي وابن زيد . وروي هذا عن
nindex.php?page=showalam&ids=76عدي بن حاتم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإذا صح هذا وجب المصير إليه ، وقيل : اليهود والمشركون ، وقيل غير ذلك . وقد روي في كتب التفسير في الغضب والضلال قيود من
المتصوفة لا يدل اللفظ عليها ، كقول بعضهم
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7غير المغضوب عليهم ، بترك حسن الأدب في أوقات القيام بخدمته ،
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7ولا الضالين ، برؤية ذلك ، وقيل غير هذا . والغضب من الله - تعالى - إرادة الانتقام من العاصي لأنه عالم بالعبد قبل خلقه وقبل صدور المعصية منه ، فيكون من صفات الذات ، أو إحلال العقوبة به فيكون من صفات الأفعال ، وقدم الغضب على الضلال وإن كان الغضب من نتيجة الضلال ضل عن الحق فغضب عليه لمجاورة الإنعام ، ومناسبة ذكره قرينة ، لأن الإنعام يقابل بالانتقام ، ولا يقابل الضلال الإنعام ، فالإنعام إيصال الخير إلى المنعم عليه ، والانتقام إيصال الشر إلى المغضوب عليه ، فبينهما تطابق معنوي ، وفيه أيضا تناسب التسجيع ; لأن قوله ولا الضالين تمام السورة ، فناسب أواخر الآي ، ولو تأخر الغضب ومتعلقه لما ناسب أواخر الآي . وكان العطف بالواو الجامعة التي لا دلالة فيها على التقديم والتأخير لحصول هذا
[ ص: 31 ] المعنى من مغايرة جمع الوصفين الغضب عليه والضلال لمن أنعم الله عليه ، وإن فسر اليهود والنصارى ، فالتقديم إما للزمان أو لشدة العداوة ; لأن اليهود أقدم وأشد عداوة من النصارى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7صِرَاطَ الَّذِينَ ) اسْمٌ مَوْصُولٌ ، وَالْأَفْصَحُ كَوْنُهُ بِالْيَاءِ فِي أَحْوَالِهِ الثَّلَاثَةِ ، وَبَعْضُ الْعَرَبِ يَجْعَلُهُ بِالْوَاوِ فِي حَالَةِ الرَّفْعِ ، وَاسْتِعْمَالُهُ بِحَذْفِ النُّونِ جَائِزٌ ، وَخَصَّ بَعْضُهُمْ ذَلِكَ بِالضَّرُورَةِ ، إِلَّا إِنْ كَانَ لِغَيْرِ تَخْصِيصٍ فَيَجُوزُ فِي غَيْرِهَا ، وَسُمِعَ حَذْفُ أَلْ مِنْهُ فَقَالُوا الَّذِينَ ، وَفِيمَا تُعَرَّفُ بِهِ خِلَافٌ ذُكِرَ فِي النَّحْوِ ، وَيُخَصُّ الْعُقَلَاءُ بِخِلَافِ الَّذِي ، فَإِنَّهُ يَنْطَلِقُ عَلَى ذِي الْعِلْمِ وَغَيْرِهِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7أَنْعَمْتَ ) النِّعْمَةُ : لِينُ الْعَيْشِ وَخَفْضُهُ ، وَلِذَلِكَ قِيلَ لِلْجَنُوبِ النُّعَامَى لِلِينِ هُبُوبِهَا ، وَسُمِّيَتِ النَّعَامَةُ لِلِينِ سَهْمِهَا ، نَعِمَ إِذَا كَانَ فِي نِعْمَةٍ ، وَأَنْعَمْتُ عَيْنَهُ أَيْ سَرَرْتُهَا ، وَأَنْعَمَ عَلَيْهِ بَالَغَ فِي التَّفْضِيلِ عَلَيْهِ ، أَيْ وَالْهَمْزَةُ فِي أَنْعَمَ بِجَعْلِ الشَّيْءِ صَاحِبَ مَا صِيغَ مِنْهُ ، إِلَّا أَنَّهُ ضُمِّنَ مَعْنَى التَّفَضُّلِ ، فَعُدِّيَ بِعَلَى ، وَأَصْلُهُ التَّعْدِيَةُ بِنَفْسِهِ . أَنْعَمْتُهُ أَيْ جَعَلْتُهُ صَاحِبَ نِعْمَةٍ ، وَهَذَا أَحَدُ الْمَعَانِي الَّتِي لِأَفْعَلَ ، وَهِيَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ مَعْنًى ، هَذَا أَحَدُهَا . وَالتَّعْدِيَةُ ، وَالْكَثْرَةُ ، وَالصَّيْرُورَةُ ، وَالْإِعَانَةُ ، وَالتَّعْرِيضُ ، وَالسَّلْبُ ، وَإِصَابَةُ الشَّيْءِ بِمَعْنَى مَا صِيغَ مِنْهُ ، وَبُلُوغُ عَدَدٍ أَوْ زَمَانٍ أَوْ مَكَانٍ ، وَمُوَافَقَةُ ثُلَاثِيٍّ ، وَإِغْنَاءٌ عَنْهُ ، وَمُطَاوَعَةُ فِعْلٍ وَفِعْلٍ ، وَالْهُجُومُ ، وَنَفْيُ الْغَرِيزَةِ ، وَالتَّسْمِيَةُ ، وَالدُّعَاءُ ، وَالِاسْتِحْقَاقُ ، وَالْوُصُولُ ، وَالِاسْتِقْبَالُ ، وَالْمَجِيءُ بِالشَّيْءِ وَالتَّفْرِقَةُ ( مِثْلَ ذَلِكَ ) أَدْنَيْتُهُ وَأَعْجَبَنِي الْمَكَانَ ، وَأَغَدَّ الْبَعِيرُ وَأَحْلَيْتُ فُلَانًا ، وَأَقْبَلْتُ فُلَانًا ، وَاشْتَكَيْتُ الرَّجُلَ ، وَأَحْمَدْتُ فُلَانًا ، وَأَعْشَرْتُ الدَّرَاهِمَ ، وَأَصْبَحْنَا ، وَأَشْأَمَ الْقَوْمُ ، وَأَحْزَنَهُ بِمَعْنَى حَزَّنَهُ ، وَأَرْقَلَ ، وَأَقْشَعَ السَّحَابُ مُطَاوِعُ قَشَعَ الرِّيحُ السَّحَابَ ، وَأَفْطَرَ مُطَاوِعُ فَطَّرْتُهُ ، وَاطَّلَعْتُ عَلَيْهِمْ ، وَأَسْتَرِيحُ ، وَأَخْطَيْتُهُ سَمَّيْتُهُ مُخْطِئًا ، وَأَسْقَيْتُهُ ، وَأَحْصَدَ الزَّرْعُ ، وَأَغْفَلْتُهُ وَصَلَتْ غَفْلَتِي إِلَيْهِ ، وَأَفَّفْتُهُ اسْتَقْبَلْتُهُ بِأُفٍّ هَكَذَا مِثْلُ هَذَا . وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ أَفْعَلَ فَعَلَ ، وَمُثِّلَ الِاسْتِقْبَالُ أَيْضًا بِقَوْلِهِمْ : أَسْقَيْتُهُ أَيِ اسْتَقْبَلْتُهُ بِقَوْلِكَ سُقْيًا لَكَ ، وَكَثَّرْتُ جِئْتُ بِالْكَثِيرِ ، وَأَشْرَقَتِ الشَّمْسُ أَضَاءَتْ ، وَشَرَقَتْ طَلَعَتْ . التَّاءُ الْمُتَّصِلَةُ بِأَنْعَمَ ضَمِيرُ الْمُخَاطَبِ الْمُذَكَّرِ الْمُفْرَدِ ، وَهِي حَرْفٌ فِي أَنْتَ ، وَالضَّمِيرَانِ فَهُوَ مُرَكَّبٌ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7عَلَيْهِمْ ) عَلَى : حَرْفُ جَرٍّ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ ، إِلَّا إِذَا جُرَّتْ بِمَنْ ، أَوْ كَانَتْ فِي نَحْوِ هَوِّنْ عَلَيْكَ . وَمَذْهَبُ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ أَنَّهَا إِذَا جُرَّتِ اسْمُ ظَرْفٍ ; وَلِذَلِكَ لَمْ يَعُدَّهَا فِي حُرُوفِ الْجَرِّ ، وَوَافَقَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا ، وَمَعْنَاهَا الِاسْتِعْلَاءُ حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا ،
وَزَيْدٌ أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى عَنْ ، وَبِمَعْنَى الْبَاءِ ، وَبِمَعْنَى فِي ، وَلِلْمُصَاحِبَةِ ، وَلِلتَّعْلِيلِ ، وَبِمَعْنَى مِنْ ، وَزَائِدَةٌ ، مِثْلَ ذَلِكَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=26كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=253فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ ) ، بَعْدَ عَلَى كَذَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=105حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ ) عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=177وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ ) ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=5حَافِظُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=6إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ ) .
أَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنَّ سَرْحَةَ مَالِكٍ عَلَى كُلِّ أَفْنَانِ الْعِضَاهِ تَرُوقُ .
أَيْ تَرُوقُ كُلُّ أَفْنَانِ الْعِضَاهِ . هُمْ ضَمِيرُ جَمْعٍ غَائِبٍ مُذَكَّرٍ عَاقِلٍ ، وَيَكُونُ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ وَنَصْبٍ وَجَرٍّ . وَحَكَى اللُّغَوِيُّونَ فِي عَلَيْهِمْ عَشْرَ لُغَاتٍ ضَمُّ الْهَاءِ ، وَإِسْكَانُ الْمِيمِ ، وَهِيَ قِرَاءَةُ
حَمْزَةَ . وَكَسْرُهَا وَإِسْكَانُ الْمِيمِ ، وَهِي قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ . وَكَسْرُ الْهَاءِ وَالْمِيمِ وَيَاءٌ بَعْدَهَا ، وَهِي قِرَاءَةُ
الْحَسَنِ . وَزَادَ
ابْنُ مُجَاهِدٍ أَنَّهَا قِرَاءَةُ
عُمَرَ بْنِ فَائِدٍ وَكَذَلِكَ بِغَيْرِ يَاءٍ ، وَهِيَ قِرَاءَةُ
عَمْرِو بْنِ فَائِدٍ . وَكَسْرُ الْهَاءِ وَضَمُّ الْمِيمِ وَوَاوٌ بَعْدَهَا ، وَهِيَ قِرَاءَةُ
ابْنِ كَثِيرٍ ،
وَقَالُونَ بِخِلَافٍ عَنْهُ . وَكَسْرُ الْهَاءِ وَضَمُّ الْمِيمِ بِغَيْرِ وَاوٍ وَضَمُّ الْهَاءِ وَالْمِيمِ وَوَاوٌ بَعْدَهَا ، وَهِيَ قِرَاءَةُ
[ ص: 27 ] الْأَعْرَجِ وَالْخَفَّافِ عَنْ
أَبِي عَمْرٍو . وَكَذَلِكَ بِدُونِ وَاوٍ وَضَمِّ الْهَاءِ وَكَسْرِ الْمِيمِ بِيَاءٍ بَعْدَهَا . كَذَلِكَ بِغَيْرِ يَاءٍ . وَقُرِئَ بِهِمَا ، ( وَتَوْضِيحُ هَذِهِ الْقِرَاءَاتِ بِالْخَطِّ وَالشَّكْلِ ) : عَلَيْهُمْ عَلَيْهِمْ عَلَيْهِمُوا عَلَيْهِمُ عَلَيْهِمِي عَلَيْهِمِ عَلَيْهُمُ عَلَيْهُمِي عَلَيْهُمِ عَلَيْهُمُوا . وَمُلَخَّصُهَا ضَمُّ الْهَاءِ مَعَ سُكُونِ الْمِيمِ ، أَوْ ضَمُّهَا بِإِشْبَاعٍ ، أَوْ دُونَهُ ، أَوْ كَسْرُهَا بِإِشْبَاعٍ ، أَوْ دُونَهُ وَكَسْرُ الْهَاءِ مَعَ سُكُونِ الْمِيمِ ، أَوْ كَسْرُهَا بِإِشْبَاعٍ ، أَوْ دُونَهُ ، أَوْ ضَمُّهَا بِإِشْبَاعٍ ، أَوْ دُونَهُ ، وَتَوْجِيهُ هَذِهِ الْقِرَاءَاتِ ذُكِرَ فِي النَّحْوِ . اهْدِنَا صُورَتُهُ صُورَةُ الْأَمْرِ ، وَمَعْنَاهُ الطَّلَبُ وَالرَّغْبَةُ ، وَقَدْ ذَكَرَ الْأُصُولِيُّونَ لِنَحْوِ هَذِهِ الصِّيغَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ مَحْمَلًا ، وَأَصْلُ هَذِهِ الصِّيغَةِ أَنْ تَدُلَّ عَلَى الطَّلَبِ ، لَا عَلَى فَوْرٍ وَلَا تَكْرَارٍ وَلَا تَحَتُّمٍ ، وَهَلْ مَعْنَى اهْدِنَا أَرْشِدْنَا أَوْ وَفِّقْنَا أَوْ قَدِّمْنَا أَوْ أَلْهِمْنَا أَوْ بَيِّنْ لَنَا أَوْ ثَبِّتْنَا ؟ أَقْوَالٌ أَكْثَرُهَا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَآخِرُهَا عَنْ
عَلِيٍّ وَأُبَيٍّ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15603ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ بَصِّرْنَا الصِّرَاطَ ، وَمَعْنَى الصِّرَاطِ الْقُرْآنُ ، قَالَهُ
عَلِيٌّ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ . وَذَكَرَ
الْمَهْدَوِيُّ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ فَسَّرَهُ بِكِتَابِ اللَّهِ أَوِ الْإِيمَانِ وَتَوَابِعِهِ ، أَوِ الْإِسْلَامِ وَشَرَائِعِهِ ، أَوِ السَّبِيلِ الْمُعْتَدِلِ ، أَوْ طَرِيقِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ ، قَالَهُ
أَبُو الْعَالِيَةِ وَالْحَسَنُ ، أَوْ طَرِيقِ الْحَجِّ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14919فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ ، أَوِ السُّنَنِ ، قَالَهُ
عُثْمَانُ ، أَوْ طَرِيقِ الْجَنَّةِ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ، أَوْ طَرِيقِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ ، قَالَهُ
الْقُشَيْرِيُّ ، أَوْ طَرِيقِ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ ، قَالَهُ
التِّرْمِذِيُّ ، أَوْ جِسْرِ جَهَنَّمَ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16711عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ .
وَرُوِيَ عَنِ
الْمُتَصَوِّفَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6nindex.php?page=treesubj&link=28972اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) أَقْوَالٌ ، مِنْهَا : قَوْلُ بَعْضِهِمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) بِالْغَيْبُوبَةِ عَنِ الصِّرَاطِ لِئَلَّا يَكُونَ مَرْبُوطًا بِالصِّرَاطِ ، وَقَوْلُ
الْجُنَيْدِ إِنَّ سُؤَالَ الْهِدَايَةِ عِنْدَ الْحَيْرَةِ مِنْ إِشْهَارِ الصِّفَاتِ الْأَزَلِيَّةِ ، فَسَأَلُوا الْهِدَايَةَ إِلَى أَوْصَافِ الْعُبُودِيَّةِ لِئَلَّا يَسْتَغْرِقُوا فِي الصِّفَاتِ الْأَزَلِيَّةِ . وَهَذِهِ الْأَقْوَالُ يَنْبُو عَنْهَا اللَّفْظُ ، وَلَهُمْ فِيمَا يَذْكُرُونَ ذَوْقٌ وَإِدْرَاكٌ لَمْ نَصِلْ نَحْنُ إِلَيْهِ بَعْدُ . وَقَدْ شُحِنَتِ التَّفَاسِيرُ بِأَقْوَالِهِمْ ، وَنَحْنُ نُلِمُّ بِشَيْءٍ مِنْهَا لِئَلَّا يُظَنَّ أَنَّا إِنَّمَا تَرَكْنَا ذِكْرَهَا لِكَوْنِنَا لَمْ نَطَّلِعْ عَلَيْهَا . وَقَدْ رَدَّ
nindex.php?page=showalam&ids=16785الْفَخْرُ الرَّازِيُّ عَلَى مَنْ قَالَ إِنَّ الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ هُوَ الْقُرْآنُ أَوِ الْإِسْلَامُ وَشَرَائِعُهُ ، قَالَ : لِأَنَّ الْمُرَادَ "
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ " مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمُ الْقُرْآنُ وَلَا الْإِسْلَامُ ، يَعْنِي بِالْإِسْلَامِ هَذِهِ الْمِلَّةَ الْإِسْلَامِيَّةَ الْمُخْتَصَّةَ بِتَكَالِيفَ لَمْ تَكُنْ تَقَدَّمَتْهَا . وَهَذَا الرَّدُّ لَا يَتَأَتَّى لَهُ إِلَّا إِذَا صَحَّ أَنَّ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ هُمْ مُتَقَدِّمُونَ ، وَسَتَأْتِي الْأَقَاوِيلُ فِي تَفْسِيرِ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ، وَاتِّصَالُ نَا بِاهْدِ مُنَاسِبٌ لِنَعْبُدَ وَنَسْتَعِينَ لِأَنَّهُ لَمَّا أَخْبَرَ الْمُتَكَلِّمُ أَنَّهُ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ يَعْبُدُونَ اللَّهَ وَيَسْتَعِينُونَهُ سَأَلَ لَهُ وَلَهُمُ الْهِدَايَةَ إِلَى الطَّرِيقِ الْوَاضِحِ ; لِأَنَّهُمْ بِالْهِدَايَةِ إِلَيْهِ تَصِحُّ مِنْهُمُ الْعِبَادَةُ . أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ لَمْ يَهْتَدِ إِلَى السَّبِيلِ الْمُوَصِّلَةِ لِمَقْصُودِهِ لَا يَصِحُّ لَهُ بُلُوغَ مَقْصُودِهِ ؟ وَقَرَأَ
الْحَسَنُ وَالضَّحَّاكُ : صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا دُونَ تَعْرِيفٍ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=15639جَعْفَرٌ الصَّادِقُ : صِرَاطَ مُسْتَقِيمٍ بِالْإِضَافَةِ ، أَيِ الدِّينَ الْمُسْتَقِيمَ . فَعَلَى قِرَاءَةِ
الْحَسَنِ وَالضَّحَّاكِ يَكُونُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7صِرَاطَ الَّذِينَ ) بَدَلُ مَعْرِفَةٍ مِنْ نَكِرَةٍ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=52وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=53صِرَاطِ اللَّهِ ) ، وَعَلَى قِرَاءَةِ
الصَّادِقِ وَقِرَاءَاتِ الْجُمْهُورِ تَكُونُ بَدَلَ مَعْرِفَةٍ مِنْ مَعْرِفَةِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7صِرَاطَ الَّذِينَ ) بَدَلُ شَيْءٍ مِنْ شَيْءٍ ، وَهَمَا بِعَيْنٍ وَاحِدَةٍ ، وَجِيءَ بِهَا لِلْبَيَانِ لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ قَبْلَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ) كَانَ فِيهِ بَعْضُ إِبْهَامٍ ، فَعَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7صِرَاطَ الَّذِينَ ) لِيَكُونَ الْمَسْئُولُ الْهِدَايَةَ إِلَيْهِ قَدْ جَرَى ذِكْرُهُ مَرَّتَيْنِ ، وَصَارَ بِذَلِكَ الْبَدَلُ فِيهِ حَوَالَةً عَلَى طَرِيقٍ مِنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ أَثْبَتُ وَأَوْكَدُ ، وَهَذِهِ هِيَ فَائِدَةُ نَحْوِ هَذَا الْبَدَلِ ، وَلِأَنَّهُ عَلَى تَكْرَارِ الْعَامِلِ ، فَيَصِيرُ فِي التَّقْدِيرِ جُمْلَتَيْنِ ، وَلَا يَخْفَى مَا فِي الْجُمْلَتَيْنِ مِنَ التَّأْكِيدِ ، فَكَأَنَّهُمْ كَرَّرُوا طَلَبَ الْهِدَايَةِ .
وَمِنْ غَرِيبِ الْقَوْلِ أَنَّ الصِّرَاطَ الثَّانِيَ لَيْسَ الْأَوَّلَ بَلْ هُوَ غَيْرُهُ ، وَكَأَنَّهُ قُرِئَ فِيهِ حَرْفُ الْعَطْفِ ، وَفِي تَعْيِينِ ذَلِكَ اخْتِلَافٌ . قِيلَ : هُوَ الْعِلْمُ بِاللَّهِ وَالْفَهْمُ عَنْهُ ، قَالَهُ
جَعْفَرُ بْنُ [ ص: 28 ] مُحَمَّدٍ ، وَقِيلَ : الْتِزَامُ الْفَرَائِضِ وَاتِّبَاعُ السُّنَنِ ، وَقِيلَ : هُوَ مُوَافَقَةُ الْبَاطِنِ لِلظَّاهِرِ فِي إِسْبَاغِ النِّعْمَةِ . قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=20وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ) وَقَرَأَ : صِرَاطَ مَنْ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ،
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ وَعُمَرُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ . وَالْمُنْعَمِ عَلَيْهِمْ هُنَا الْأَنْبِيَاءُ أَوِ الْمَلَائِكَةُ أَوْ أُمَّةُ
مُوسَى وَعِيسَى الَّذِينَ لَمْ يُغَيِّرُوا ، أَوِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوِ النَّبِيُّونَ وَالصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ وَالصَّالِحُونَ ، أَوِ الْمُؤْمِنُونَ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ . أَوِ الْأَنْبِيَاءُ وَالْمُؤْمِنُونَ ، أَوِ الْمُسْلِمُونَ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17277وَكِيعٌ ، أَقْوَالٌ ، وَعَزَا كَثِيرًا مِنْهَا إِلَى قَائِلِهَا
ابْنُ عَطِيَّةَ ، فَقَالَ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْجُمْهُورُ : أَرَادَ صِرَاطَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ ، انْتَزَعُوا ذَلِكَ مِنْ آيَةِ النِّسَاءِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْضًا : هُمُ الْمُؤْمِنُونَ . وَقَالَ
الْحَسَنُ : أَصْحَابُ
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . وَقَالَتْ فِرْقَةٌ : مُؤْمِنُو بَنِي إِسْرَائِيلَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : أَصْحَابُ
مُوسَى قَبْلَ أَنْ يُبَدِّلُوا . وَقَالَ
قَتَادَةُ : الْأَنْبِيَاءُ خَاصَّةً . وَقَالَ
أَبُو الْعَالِيَةِ :
مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ، انْتَهَى مُلَخَّصًا . وَلَمْ يُقَيِّدِ الْأَنْعَامَ لِيَعُمَّ جَمِيعَ الْأَنْعَامِ ، أَعْنِي عُمُومَ الْبَدَلِ . وَقِيلَ : أَنْعَمَ عَلَيْهِمْ بِخَلْقِهِمْ لِلسَّعَادَةِ ، وَقِيلَ : بِأَنْ نَجَّاهُمْ مِنَ الْهَلَكَةِ ، وَقِيلَ : بِالْهِدَايَةِ وَاتِّبَاعِ الرَّسُولِ ، وَرُوِيَ عَنِ
الْمُتَصَوِّفَةِ تَقْيِيدَاتٌ كَثِيرَةٌ غَيْرُ هَذِهِ ، وَلَيْسَ فِي اللَّفْظِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَعْيِينِ قَيْدٍ . وَاخْتُلِفَ
nindex.php?page=treesubj&link=29485هَلْ لِلَّهِ نِعْمَةٌ عَلَى الْكَافِرِ ؟ فَأَثْبَتَهَا
الْمُعْتَزِلَةُ وَنَفَاهَا غَيْرُهُمْ . وَمَوْضِعُ عَلَيْهِمْ نَصْبٌ ، وَكَذَا كُلُّ حَرْفِ جَرٍّ تَعَلَّقَ بِفِعْلٍ ، أَوْ مَا جَرَى مَجْرَاهُ غَيْرَ مَبْنِيٍّ لِلْمَفْعُولِ . وَبِنَاءُ أَنْعَمْتُ لِلْفَاعِلِ اسْتِعْطَافٌ لِقَبُولِ التَّوَسُّلِ بِالدُّعَاءِ فِي الْهِدَايَةِ وَتَحْصِيلِهَا ، أَيْ طَلَبْنَا مِنْكَ الْهِدَايَةَ ، إِذْ سَبَقَ إِنْعَامُكَ ، فَمِنْ إِنْعَامِكَ إِجَابَةُ سُؤالِنَا وَرَغْبَتِنَا ، كَمِثْلِ أَنْ تَسْأَلَ مِنْ شَخْصٍ قَضَاءَ حَاجَةٍ وَتُذَكِّرَهُ بِأَنَّ مِنْ عَادَتِهِ الْإِحْسَانُ بِقَضَاءِ الْحَوَائِجِ ، فَيَكُونُ ذَلِكَ آكَدُ فِي اقْتِضَائِهَا وَأَدْعَى إِلَى قَضَائِهِ . وَانْقِلَابُ الْفَاعِلِ مَعَ الْمُضْمَرِ هِيَ اللُّغَةُ الشُّهْرَى ، وَيَجُوزُ إِقْرَارُهَا مَعَهُ عَلَى لُغَةٍ ، وَمَضْمُونُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ طَلَبُ اسْتِمْرَارِ الْهِدَايَةِ إِلَى طَرِيقِ مَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ; لِأَنَّ مَنْ صَدَرَ مِنْهُ حَمِدَ اللَّهَ وَأَخْبَرَ بِأَنَّهُ يَعْبُدُهُ وَيَسْتَعِينُهُ فَقَدْ حَصَلَتْ لَهُ الْهِدَايَةُ ، لَكِنْ يَسْأَلُ دَوَامَهَا وَاسْتِمْرَارَهَا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7غَيْرِ ) مُفْرَدٌ مُذَكَّرٌ دَائِمًا ، وَإِذَا أُرِيدَ بِهِ الْمُؤَنَّثَ جَازَ تَذْكِيرُ الْفِعْلِ حَمْلًا عَلَى اللَّفْظِ ، وَتَأْنِيثُهُ حَمْلًا عَلَى الْمَعْنَى ، وَمَدْلُولُهُ الْمُخَالَفَةُ بِوَجْهٍ مَا ، وَأَصْلُهُ الْوَصْفُ ، وَيُسْتَثْنَى بِهِ وَيَلْزَمُ الْإِضَافَةَ لَفْظًا أَوْ مَعْنًى ، وَإِدْخَالُ أَلْ عَلَيْهِ خَطَأٌ وَلَا يَتَعَرَّفُ ، وَإِنْ أُضِيفَ إِلَى مَعْرِفَةٍ . وَمَذْهَبُ
ابْنِ السَّرَّاجِ أَنَّهُ إِذَا كَانَ الْمُغَايِرُ وَاحِدًا تَعَرَّفَ بِإِضَافَتِهِ إِلَيْهِ ، وَتَقَدَّمَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ أَنَّ كُلَّ مَا إِضَافَتُهُ غَيْرُ مَحْضَةٍ قَدْ يُقْصَدُ بِهَا التَّعْرِيفُ ، فَتَصِيرُ مَحْضَةً ، فَتَتَعَرَّفُ إِذْ ذَاكَ غَيْرُ بِمَا تُضَافُ إِلَيْهِ إِذَا كَانَ مَعْرِفَةً ، وَتَقْرِيرُ هَذَا كُلِّهِ فِي كُتُبِ النَّحْوِ . وَزَعَمَ الْبَيَانِيُّونَ أَنَّ غَيْرًا أَوْ مِثْلًا فِي بَابِ الْإِسْنَادِ إِلَيْهِمَا مِمَّا يَكَادُ يَلْزَمُ تَقْدِيمُهُ ، قَالُوا نَحْوَ قَوْلِكَ غَيْرُكَ يُخْشَى ظُلْمَهُ ، وَمِثْلُكَ يَكُونُ لِلْمَكْرُمَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يُقْصَدُ فِيهِ بِمِثْلٍ إِلَى إِنْسَانٍ سِوَى الَّذِي أُضِيفَ إِلَيْهِ ، وَلَكِنَّهُمْ يَعْنُونَ أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ مِثْلَهُ فِي الصِّفَةِ كَانَ مِنْ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ ، وَمُوجَبِ الْعُرْفِ أَنْ يَفْعَلَ مَا ذُكِرَ ، وَقَوْلُهُ :
غَيْرِي بِأَكْثَرِ هَذَا النَّاسُ يَنْخَدِعُ
غَرَضُهُ أَنَّهُ لَيْسَ مِمَّنْ يَنْخَدِعُ وَيَغْتَرُّ ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَسْتَقِيمُ فِيهِمَا إِذَا لَمْ يُقَدَّمَا نَحْوَ : يَكُونُ لِلْمَكْرُمَاتِ مِثْلُكَ ، وَيَنْخَدِعُ بِأَكْثَرِ هَذَا النَّاسُ غَيْرِي ، فَأَنْتَ تَرَى الْكَلَامَ مَقْلُوبًا عَلَى جِهَتِهِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ) الْغَضَبُ : تَغَيُّرُ الطَّبْعِ لِمَكْرُوهٍ ، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْإِعْرَاضِ لِأَنَّهُ مِنْ ثَمَرَتِهِ . لَا حَرْفٌ يَكُونُ لِلنَّفْيِ وَلِلطَّلَبِ وَزَائِدًا ، وَلَا يَكُونُ اسْمًا خِلَافًا لِلْكُوفِيِّينَ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7وَلَا الضَّالِّينَ ) وَالضَّلَالُ : الْهَلَاكُ وَالْخَفَاءُ ، ضَلَّ اللَّبَنُ فِي الْمَاءِ ، وَقِيلَ : أَصْلُهُ الْغَيْبُوبَةُ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=52فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي ) ، وَضَلَلْتُ الشَّيْءَ جَهِلْتُ الْمَكَانَ الَّذِي وَضَعْتُهُ فِيهِ ، وَأَضْلَلْتُ الشَّيْءَ ضَيَّعْتُهُ ، وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ ، وَضَلَّ غَفَلَ وَنَسِيَ ، وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=282أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا ) ، وَالضَّلَالُ سُلُوكُ غَيْرَ الْقَصْدِ ، ضَلَّ عَنِ الطَّرِيقِ سَلَكَ غَيْرَ جَادَّتِهَا ، وَالضَّلَالُ الْحَيْرَةُ
[ ص: 29 ] وَالتَّرَدُّدُ ، وَمِنْهُ قِيلَ لِحَجَرٍ أَمْلَسٍ يُرَدِّدُهُ الْمَاءُ فِي الْوَادِي ضَلْضَلَهُ ، وَقَدْ فُسِّرَ الضَّلَالُ فِي الْقُرْآنِ بِعَدَمِ الْعِلْمِ بِتَفْصِيلِ الْأُمُورِ وَبِالْمَحَبَّةِ ، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ فِي مَوَاضِعِهِ ، وَالْجَرُّ فِي ( غَيْرِ ) قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ . وَرَوَى
الْخَلِيلُ عَنِ
ابْنِ كَثِيرٍ النَّصْبَ ، وَهِيَ قِرَاءَةُ
عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنِ مَسْعُودٍ وَعَلِيٍّ nindex.php?page=showalam&ids=16414وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ . فَالْجَرُّ عَلَى الْبَدَلِ مِنَ الَّذِينَ ، عَنْ
أَبِي عَلِيٍّ ، أَوْ مِنَ الضَّمِيرِ فِي عَلَيْهِمْ ، وَكِلَاهُمَا ضَعِيفٌ ; لِأَنَّ غَيْرًا أَصْلُ وَضْعِهِ الْوَصْفُ ، وَالْبَدَلُ بِالْوَصْفِ ضَعِيفٌ ، أَوْ عَلَى النَّعْتِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ ، وَيَكُونُ إِذْ ذَاكَ غَيْرُ تَعَرَّفَتْ بِمَا أُضِيفَتْ إِلَيْهِ ، إِذْ هُوَ مَعْرِفَةٌ عَلَى مَا نَقَلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ ، فِي أَنَّ كُلَّ مَا إِضَافَتُهُ غَيْرُ مَحْضَةٍ قَدْ تَتَمَحَّضُ فَيَتَعَرَّفُ إِلَّا فِي الصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ ، أَوْ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ
ابْنُ السَّرَّاجِ ، إِذْ وَقَعَتْ غَيْرُ عَلَى مَخْصُوصٍ لَا شَائِعٍ ، أَوْ عَلَى أَنَّ الَّذِينَ أُرِيدَ بِهِمُ الْجِنْسُ لَا قَوْمَ بِأَعْيَانِهِمْ . قَالُوا : كَمَا وَصَفُوا الْمُعَرَّفَ بَأَلِ الْجِنْسِيَّةِ بِالْجُمْلَةِ ، وَهَذَا هَدْمٌ لِمَا اعْتَزَمُوا عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ الْمَعْرِفَةَ لَا تُنْعَتُ إِلَّا بِالْمَعْرِفَةِ ، وَلَا أَخْتَارَ هَذَا الْمَذْهَبَ وَتَقْرِيرُ فَسَادِهِ فِي النَّحْوِ وَالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ مِنَ الضَّمِيرِ فِي عَلَيْهِمْ ، وَهُوَ الْوَجْهُ أَوْ مِنَ الَّذِينَ قَالَهُ
الْمَهْدَوِيُّ وَغَيْرُهُ ، وَهُوَ خَطَأٌ ; لِأَنَّ الْحَالَ مِنَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ الَّذِي لَا مَوْضِعَ لَهُ لَا يَجُوزُ ، أَوْ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ ، قَالَهُ
الْأَخْفَشُ وَالزَّجَّاجُ وَغَيْرُهُمَا ، وَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ إِذْ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ اللَّفْظُ السَّابِقُ ، وَمَنَعَهُ الْفَرَّاءُ مِنْ أَجْلِ لَا فِي قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7وَلَا الضَّالِّينَ ) ، وَلَمْ يُسَوِّغْ فِي النَّصْبِ غَيْرَ الْحَالِ ، قَالَ : لِأَنَّ لَا لَا تُزَادُ إِلَّا إِذَا تَقَدَّمَ النَّفْيُ ، نَحْوَ قَوْلِ الشَّاعِرِ :
مَا كَانَ يَرْضَى رَسُولُ اللَّهِ فِعْلَهُمُ وَالطَّيِّبَانِ أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ .
وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى الِاسْتِثْنَاءِ جَعْلَ لَا صِلَةً ، أَيْ زَائِدَةً مِثْلَهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=12مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ ) ، وَقَوْلِ الرَّاجِزِ :
فَمَا أَلُومُ الْبِيضَ أَنْ لَا تَسْخَرَا
وَقَوْلِ
الْأَحْوَصِ :
وَيَلْحِينَنِي فِي اللَّهْوِ أَنْ لَا أُحِبَّهُ وَلِلَّهْوُ دَاعٍ دَائِبٌ غَيْرُ غَافِلٍ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطَّبَرِيُّ : أَيْ أَنْ تَسْخَرَ وَأَنْ أُحِبَّهُ ، وَقَالَ غَيْرُهُ : مَعْنَاهُ إِرَادَةُ أَنْ لَا أُحِبَّهُ ، فَلَا فِيهِ مُتَمَكِّنَةٌ ، يَعْنِي فِي كَوْنِهَا نَافِيَةً لَا زَائِدَةً ، وَاسْتَدَلُّوا أَيْضًا عَلَى زِيَادَتِهَا بِبَيْتٍ أَنْشَدَهُ الْمُفَسِّرُونَ ، وَهُوَ :
أَبَى جُودُهُ لَا الْبُخْلَ وَاسْتَعْجَلَتْ بِهِ نَعَمْ مِنْ فَتًى لَا يَمْنَعُ الْجُودَ قَاتِلَهْ .
وَزَعَمُوا أَنَّ " لَا " زَائِدَةٌ ، وَالْبُخْلَ مَفْعُولٌ بِأَبَى ، أَيْ أَبَى جُودُهُ الْبُخْلَ ، وَلَا دَلِيلَ فِي ذَلِكَ ، بَلِ الْأَظْهَرُ أَنَّ لَا مَفْعُولٌ بِأَبَى ، وَأَنَّ لَفْظَةَ " لَا " لَا تَتَعَلَّقُ بِهَا ، وَصَارَ إِسْنَادًا لَفْظِيًّا ، وَلِذَلِكَ قَالَ : وَاسْتَعْجَلَتْ بِهِ نَعَمْ ، فَجَعَلَ نَعَمْ فَاعِلَةً بِقَوْلِهِ اسْتَعْجَلَتْ ، وَهُوَ إِسْنَادٌ لَفْظِيٌّ ، وَالْبُخْلُ بَدَلٌ مِنْ لَا أَوْ مَفْعُولٌ مِنْ أَجْلِهِ ، وَقِيلَ : انْتَصَبَ غَيْرُ بِإِضْمَارِ أَعْنِي وَعَزَى إِلَى الْخَلِيلِ ، وَهَذَا تَقْدِيرٌ سَهْلٌ ، وَعَلَيْهِمْ فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ بِالْمَغْضُوبِ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ ، وَفِي إِقَامَةِ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ مَقَامَ الْفَاعِلِ ، إِذَا حُذِفَ خِلَافٌ ذُكِرَ فِي النَّحْوِ . وَمِنْ دَقَائِقِ مَسَائِلِهِ مَسْأَلَةٌ يُغْنِي فِيهَا عَنْ خَبَرِ الْمُبْتَدَأِ ذُكِرَتْ فِي النَّحْوِ ، وَ " لَا " فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7وَلَا الضَّالِّينَ ) لِتَأْكِيدِ مَعْنَى النَّفْيِ ، لِأَنَّ غَيْرَ فِيهِ النَّفْيَ ، كَأَنَّهُ قِيلَ : لَا الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ، وَعَيَّنَ دُخُولَهَا الْعَطْفُ عَلَى قَوْلِهِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ) لِمُنَاسَبَةِ غَيْرَ ، وَلِئَلَّا يُتَوَهَّمَ بِتَرْكِهَا عَطْفُ الضَّالِّينَ عَلَى الَّذِينَ . وَقَرَأَ
عُمَرُ وَأُبَيٌّ : وَغَيْرِ الضَّالِّينَ ، وَرُوِيَ عَنْهُمَا فِي الرَّاءِ فِي الْحَرْفَيْنِ النَّصْبُ وَالْخَفْضُ ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَغْضُوبَ عَلَيْهِمْ هُمْ غَيْرُ الضَّالِّينَ ، وَالتَّأْكِيدُ فِيهَا أَبْعَدُ ، وَالتَّأْكِيدُ فِي لَا أَقْرَبُ ، وَلِتَقَارُبِ مَعْنَى غَيْرِ مِنْ مَعْنَى لَا ، أَتَى
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ بِمَسْأَلَةٍ لِيُبَيِّنَ بِهَا تَقَارُبَهُمَا فَقَالَ : وَتَقُولُ أَنَا
زَيْدًا غَيْرُ ضَارِبٍ ، مَعَ امْتِنَاعِ قَوْلِكَ أَنَا
زَيْدًا مِثْلُ ضَارِبٍ ; لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِكَ أَنَا
زَيْدًا لَا ضَارِبٌ ، يُرِيدُ أَنَّ الْعَامِلَ إِذَا كَانَ مَجْرُورًا بِالْإِضَافَةِ فَمَعْمُولُهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَقَدَّمَ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْمُضَافِ ، لَكِنَّهُمْ تَسَمَّحُوا فِي الْعَامِلِ الْمُضَافِ إِلَيْهِ غَيْرُ ، فَأَجَازُوا تَقْدِيمَ مَعْمُولِهِ عَلَى غَيْرِ إِجْرَاءً لِغَيْرِ مَجْرَى لَا ، فَكَمَا أَنَّ لَا يَجُوزَ تَقْدِيمُ مَعْمُولِ
[ ص: 30 ] مَا بَعْدَهَا عَلَيْهَا ، فَكَذَلِكَ غَيْرُ . وَأَوْرَدَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ عَلَى أَنَّهَا مَسْأَلَةٌ مُقَرَّرَةٌ مَفْرُوغٌ مِنْهَا ; لِيُقَوِّيَ بِهَا التَّنَاسُبَ بَيْنَ غَيْرِ وَلَا ، إِذْ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا خِلَافًا . وَهَذَا الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ مَذْهَبٌ ضَعِيفٌ جِدًّا ، بَنَاهُ عَلَى جَوَازِ أَنَا
زَيْدًا لَا ضَارِبٌ ، وَفِي تَقْدِيمِ مَعْمُولِ مَا بَعْدَ لَا عَلَيْهَا ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ ذُكِرَتْ فِي النَّحْوِ ، وَكَوْنُ اللَّفْظِ يُقَارِبُ اللَّفْظَ فِي الْمَعْنَى لَا يَقْضِي لَهُ بِأَنْ يُجْرَى أَحْكَامُهُ عَلَيْهِ ، وَلَا يَثْبُتُ تَرْكِيبٌ إِلَّا بِسَمَاعٍ مِنَ الْعَرَبِ ، وَلَمْ يُسْمَعْ أَنَا
زَيْدًا غَيْرُ ضَارِبٍ . وَقَدْ ذَكَرَ أَصْحَابُنَا قَوْلَ مَنْ ذَهَبَ إِلَى جَوَازِ ذَلِكَ وَرَدُّوهُ ، وَقَدَّرَ بَعْضُهُمْ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7غَيْرِ الْمَغْضُوبِ ) مَحْذُوفًا ، قَالَ : التَّقْدِيرُ غَيْرَ صِرَاطِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ، وَأَطْلَقَ هَذَا التَّقْدِيرَ فَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِجَرِّ غَيْرَ وَلَا نَصْبِهِ ، وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى إِلَّا بِنَصْبِ غَيْرَ ، فَيَكُونُ صِفَةً لِقَوْلِهِ ( الصِّرَاطَ ) ، وَهُوَ ضَعِيفٌ لِتَقَدُّمِ الْبَدَلِ عَلَى الْوَصْفِ ، وَالْأَصْلُ الْعَكْسُ ، أَوْ صِفَةٌ لِلْبَدَلِ ، وَهُوَ
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7صِرَاطَ الَّذِينَ ، أَوْ بَدَلًا مِنَ الصِّرَاطِ ، أَوْ مِنْ (
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7صِرَاطَ الَّذِينَ ) ، وَفِيهِ تَكْرَارُ الْإِبْدَالِ ، وَهِيَ مَسْأَلَةٌ لَمْ أَقِفْ عَلَى كَلَامِ أَحَدٍ فِيهَا ، إِلَّا أَنَّهُمْ ذَكَرُوا ذَلِكَ فِي بَدَلِ النِّدَاءِ ، أَوْ حَالًا مِنَ الصِّرَاطِ الْأَوَّلِ أَوِ الثَّانِي . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=12341أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ : وَلَا الضَّأْلِينَ ، بِإِبْدَالِ الْأَلِفِ هَمْزَةً فِرَارًا مِنِ الْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ . وَحَكَى
أَبُو زَيْدٍ دَأْبَةٌ وَشَأْبَةٌ فِي كِتَابِ الْهَمْزِ ، وَجَاءَتْ مِنْهُ أُلَيْفَاظٌ ، وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا يَنْقَاسُ هَذَا الْإِبْدَالُ لِأَنَّهُ لَمْ يَكْثُرْ كَثْرَةً تُوجِبُ الْقِيَاسَ ، نَصَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْقَاسُ النَّحْوِيُّونَ ، قَالَ
أَبُو زَيْدٍ : سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=16711عَمْرَو بْنَ عُبَيْدٍ يَقْرَأُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=39فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ ) ، فَظَنَنْتُهُ قَدْ لَحَنَ حَتَّى سَمِعْتُ مِنَ الْعَرَبِ دَأْبَةً وَشَأْبَةً . قَالَ
أَبُو الْفَتْحِ : وَعَلَى هَذِهِ اللُّغَةِ قَوْلُ
كُثَيِّرٍ :
إِذَا مَا الْعَوَالِي بِالْعَبِيطِ احْمَأَرَّتِ
وَقَوْلُ الْآخَرِ :
وَلِلْأَرْضِ إِمَّا سُودُهَا فَتَجَلَّتِ بَيَاضًا وَإِمَا بِيضُهَا فَادَّهْأَمَّتِ .
وَعَلَى مَا قَالَ
أَبُو الْفَتْحِ إِنَّهَا لُغَةٌ يَنْبَغِي أَنْ يَنْقَاسَ ذَلِكَ ، وَجُعِلَ الْإِنْعَامُ فِي صِلَةِ الَّذِينَ ، وَالْغَضَبُ فِي صِلَةِ أَلْ ; لِأَنَّ صِلَةَ الَّذِينَ تَكُونُ فِعْلًا فَيَتَعَيَّنُ زَمَانُهُ ، وَصِلَةُ أَلْ تَكُونُ اسْمًا فَيَنْبَهِمُ زَمَانُهُ ، وَالْمَقْصُودُ طَلَبُ الْهِدَايَةِ إِلَى صِرَاطِ مَنْ ثَبَتَ إِنْعَامُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَتَحَقَّقَ ذَلِكَ ، وَكَذَلِكَ أَتَى بِالْفِعْلِ مَاضِيًا وَأَتَى بِالِاسْمِ فِي صِلَةِ أَنَّ لِيَشْمَلَ سَائِرَ الْأَزْمَانِ ، وَبِنَاهِ لِلْمَفْعُولِ لِأَنَّ مَنْ طُلِبَ مِنْهُ الْهِدَايَةُ وَنُسِبَ الْإِنْعَامُ إِلَيْهِ لَا يُنَاسِبُ نِسْبَةَ الْغَضَبِ إِلَيْهِ ، لِأَنَّهُ مَقَامُ تَلَطُّفٍ وَتَرَفُقٍ وَتَذَلُّلٍ لِطَلَبِ الْإِحْسَانِ ، فَلَا يُنَاسِبُ مُوَاجَهَتَهُ بِوَصْفِ الِانْتِقَامِ ، وَلِيَكُونَ الْمَغْضُوبُ تَوْطِئَةً لِخَتْمِ السُّورَةِ بِالضَّالِّينَ لِعَطْفِ مَوْصُولٍ عَلَى مَوْصُولٍ مِثْلَهُ لِتَوَافُقِ آخِرِ الْآيِ . وَالْمُرَادُ بِالْإِنْعَامِ الْإِنْعَامُ الدِّينِيُّ ، وَالْمَغْضُوبُ عَلَيْهِمْ وَالضَّالِّينَ عَامٌّ فِي كُلِّ مَنْ غُضِبَ عَلَيْهِ وَضَلَّ . وَقِيلَ : الْمَغْضُوبُ عَلَيْهِمُ الْيَهُودُ ، وَالضَّالُّونَ النَّصَارَى ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ وَابْنُ زَيْدٍ . وَرُوِيَ هَذَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=76عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِذَا صَحَّ هَذَا وَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ ، وَقِيلَ : الْيَهُودُ وَالْمُشْرِكُونَ ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ . وَقَدْ رُوِيَ فِي كُتُبِ التَّفْسِيرِ فِي الْغَضَبِ وَالضَّلَالِ قُيُودٌ مِنَ
الْمُتَصَوِّفَةِ لَا يَدُلُّ اللَّفْظُ عَلَيْهَا ، كَقَوْلِ بَعْضِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ ، بِتَرْكِ حُسْنِ الْأَدَبِ فِي أَوْقَاتِ الْقِيَامِ بِخِدْمَتِهِ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7وَلَا الضَّالِّينَ ، بِرُؤْيَةِ ذَلِكَ ، وَقِيلَ غَيْرُ هَذَا . وَالْغَضَبُ مِنَ اللَّهِ - تَعَالَى - إِرَادَةُ الِانْتِقَامِ مِنَ الْعَاصِي لِأَنَّهُ عَالِمٌ بِالْعَبْدِ قَبْلَ خَلْقِهِ وَقَبْلَ صُدُورِ الْمَعْصِيَةِ مِنْهُ ، فَيَكُونُ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ ، أَوْ إِحْلَالُ الْعُقُوبَةِ بِهِ فَيَكُونُ مِنْ صِفَاتِ الْأَفْعَالِ ، وَقَدَّمَ الْغَضَبَ عَلَى الضَّلَالِ وَإِنْ كَانَ الْغَضَبُ مِنْ نَتِيجَةِ الضَّلَالِ ضَلَّ عَنِ الْحَقِّ فَغَضِبَ عَلَيْهِ لِمُجَاوَرَةِ الْإِنْعَامِ ، وَمُنَاسَبَةُ ذِكْرِهِ قَرِينَةٌ ، لِأَنَّ الْإِنْعَامَ يُقَابَلُ بِالِانْتِقَامِ ، وَلَا يُقَابِلُ الضَّلَالُ الْإِنْعَامَ ، فَالْإِنْعَامُ إِيصَالُ الْخَيْرِ إِلَى الْمُنْعَمِ عَلَيْهِ ، وَالِانْتِقَامُ إِيصَالُ الشَّرِّ إِلَى الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِ ، فَبَيْنَهُمَا تَطَابُقٌ مَعْنَوِيٌّ ، وَفِيهِ أَيْضًا تَنَاسُبُ التَّسْجِيعِ ; لِأَنَّ قَوْلَهُ وَلَا الضَّالِّينَ تَمَامُ السُّورَةِ ، فَنَاسَبَ أَوَاخِرَ الْآيِ ، وَلَوْ تَأَخَّرَ الْغَضَبُ وَمُتَعَلِّقُهُ لَمَا نَاسَبَ أَوَاخِرَ الْآيِ . وَكَانَ الْعَطْفُ بِالْوَاوِ الْجَامِعَةِ الَّتِي لَا دَلَالَةَ فِيهَا عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ لِحُصُولِ هَذَا
[ ص: 31 ] الْمَعْنَى مِنْ مُغَايَرَةِ جَمْعِ الْوَصْفَيْنِ الْغَضَبِ عَلَيْهِ وَالضَّلَالِ لِمَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ ، وَإِنْ فُسِّرَ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى ، فَالتَّقْدِيمُ إِمَّا لِلزَّمَانِ أَوْ لِشِدَّةِ الْعَدَاوَةِ ; لِأَنَّ الْيَهُودَ أَقْدَمُ وَأَشَدُّ عَدَاوَةً مِنَ النَّصَارَى .