قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=112nindex.php?page=treesubj&link=28991_30531_29468ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا هضما .
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن من يعمل من الصالحات وهو مؤمن بربه فإنه لا يخاف ظلما ، ولا هضما . وقد بين هذا المعنى في غير هذا الموضع . كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=40إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما [ 4 \ 40 ] ، وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=44إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون [ 60 \ 44 ] ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=49ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا [ 18 \ 49 ] ، إلى غير ذلك من الآيات ، كما قدمنا ذلك .
وفرق بعض أهل العلم بين الظلم ، والهضم بأن الظلم المنع من الحق كله . والهضم : النقص والمنع من بعض الحق . فكل هضم ظلم ، ولا ينعكس . ومن إطلاق الهضم على ما ذكر قول
المتوكل الليثي :
إن الأذلة واللئام لمعشر مولاهم المنهضم المظلوم
فالمنهضم : اسم مفعول تهضمه إذا اهتضمه في بعض حقوقه وظلمه فيها .
وقرأ هذا الحرف عامة السبعة ما عدا
ابن كثير nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=13بربه فلا يخاف [ 20 \ 111 ] ، بضم الفاء وبألف بعد الخاء مرفوعا ، ولا نافية . أي : فهو لا يخاف ، أو فإنه لا يخاف . وقرأه
ابن كثير " فلا يخف " بالجزم من غير ألف بعد الخاء . وعليه فـ " لا " ناهية جازمة المضارع . وقول
القرطبي في تفسيره : إنه على قراءة
ابن كثير مجزوم . لأنه جواب لقوله ومن يعمل غلط منه . لأن الفاء في قوله فلا يخاف مانعة من ذلك . والتحقيق هو ما ذكرنا من أن " لا " ناهية على قراءة
ابن كثير ، والجملة الطلبية جزاء الشرط ، فيلزم اقترانها بالفاء . لأنها لا تصلح فعلا للشرط كما قدمناه مرارا .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=112nindex.php?page=treesubj&link=28991_30531_29468وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا .
ذَكَرَ جَلَّ وَعَلَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ : أَنَّ مَنْ يَعْمَلُ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ بِرَبِّهِ فَإِنَّهُ لَا يَخَافُ ظُلْمًا ، وَلَا هَضْمًا . وَقَدْ بَيَّنَ هَذَا الْمَعْنَى فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ . كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=40إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا [ 4 \ 40 ] ، وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=44إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [ 60 \ 44 ] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=49وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا [ 18 \ 49 ] ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ ، كَمَا قَدَّمْنَا ذَلِكَ .
وَفَرَّقَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بَيْنَ الظُّلْمِ ، وَالْهَضْمِ بِأَنَّ الظُّلْمَ الْمَنْعُ مِنَ الْحَقِّ كُلِّهِ . وَالْهَضْمَ : النَّقْصُ وَالْمَنْعُ مِنْ بَعْضِ الْحَقِّ . فَكُلُّ هَضْمٍ ظُلْمٌ ، وَلَا يَنْعَكِسُ . وَمِنْ إِطْلَاقِ الْهَضْمِ عَلَى مَا ذُكِرَ قَوْلُ
الْمُتَوَكِّلِ اللَّيْثِيِّ :
إِنَّ الْأَذِلَّةَ وَاللِّئَامَ لَمَعْشَرٌ مَوْلَاهُمُ الْمُنْهَضِمُ الْمَظْلُومُ
فَالْمُنْهَضِمُ : اسْمُ مَفْعُولٍ تَهْضِمُهُ إِذَا اهْتَضَمَهُ فِي بَعْضِ حُقُوقِهِ وَظَلَمَهُ فِيهَا .
وَقَرَأَ هَذَا الْحَرْفَ عَامَّةُ السَّبْعَةِ مَا عَدَا
ابْنَ كَثِيرٍ nindex.php?page=tafseer&surano=72&ayano=13بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ [ 20 \ 111 ] ، بِضَمِّ الْفَاءِ وَبِأَلِفٍ بَعْدَ الْخَاءِ مَرْفُوعًا ، وَلَا نَافِيَةٍ . أَيْ : فَهُوَ لَا يَخَافُ ، أَوْ فَإِنَّهُ لَا يَخَافُ . وَقَرَأَهُ
ابْنُ كَثِيرٍ " فَلَا يَخَفْ " بِالْجَزْمِ مِنْ غَيْرِ أَلِفٍ بَعْدَ الْخَاءِ . وَعَلَيْهِ فَـ " لَا " نَاهِيَةٌ جَازِمَةُ الْمُضَارِعِ . وَقَوْلُ
الْقُرْطُبِيِّ فِي تَفْسِيرِهِ : إِنَّهُ عَلَى قِرَاءَةِ
ابْنِ كَثِيرٍ مَجْزُومٌ . لِأَنَّهُ جَوَابٌ لِقَوْلِهِ وَمَنْ يَعْمَلْ غَلَطٌ مِنْهُ . لِأَنَّ الْفَاءَ فِي قَوْلِهِ فَلَا يَخَافُ مَانِعَةٌ مِنْ ذَلِكَ . وَالتَّحْقِيقُ هُوَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ " لَا " نَاهِيَةٌ عَلَى قِرَاءَةِ
ابْنِ كَثِيرٍ ، وَالْجُمْلَةُ الطَّلَبِيَّةُ جَزَاءُ الشَّرْطِ ، فَيَلْزَمُ اقْتِرَانُهَا بِالْفَاءِ . لِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ فِعْلًا لِلشَّرْطِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ مِرَارًا .