قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3nindex.php?page=treesubj&link=28992_32116وأسروا النجوى الذين ظلموا هل هذا إلا بشر مثلكم .
ذكر - جل وعلا - في هذه الآية الكريمة أن الكفار أخفوا النجوى فيما بينهم ، قائلين : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما هو إلا بشر مثلهم ، فكيف يكون رسولا إليهم ؟ والنجوى : الإسرار بالكلام وإخفاؤه عن الناس . وما دلت عليه هذه الآية الكريمة من دعواهم أن بشرا مثلهم لا يمكن أن يكون رسولا ، وتكذيب الله لهم في ذلك جاء في آيات كثيرة ، وقد قدمنا كثيرا من ذلك ، كقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=94وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا [ 17 \ 94 ] وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=6فقالوا أبشر يهدوننا فكفروا وتولوا واستغنى الله الآية [ 64 \ 6 ] وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=24أبشرا منا واحدا نتبعه إنا إذا لفي ضلال وسعر [ 54 \ 24 ] وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=33ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون [ 23 \ 33 - 34 ] وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=7مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق الآية [ 25 \ 7 ] وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=10قالوا إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا الآية [ 14 \ 10 ] . والآيات بمثل ذلك كثيرة جدا ، كما تقدم إيضاح ذلك .
وقد رد الله عليهم هذه الدعوى الكاذبة التي هي منع إرسال البشر ، كقوله هنا في هذه السورة الكريمة :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=43وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون [ 21 \ 7 ] ، وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=38ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية الآية [ 13 \ 38 ] وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=20وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام [ ص: 134 ] ويمشون في الأسواق [ 25 \ 20 ] وقوله هنا :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=8وما جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام وما كانوا خالدين [ 21 \ 8 ] إلى غير ذلك من الآيات . وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3هل هذا إلا بشر مثلكم قيل : بدل من " النجوى " . أي : أسروا النجوى التي هي هذا الحديث الخفي الذي هو قولهم : هل هذا إلا بشر مثلكم . وصدر به
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ، وقيل : مفعول به للنجوى . لأنها بمعنى القول الخفي . أي : قالوا في خفية :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3هل هذا إلا بشر مثلكم . وقيل : معمول قول محذوف ، أي : قالوا هل هذا إلا بشر مثلكم ، وهو أظهرها ؛ لاطراد حذف القول مع بقاء مقوله . وفي قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=59الذين ظلموا أوجه كثيرة من الإعراب معروفة ، وأظهرها عندي أنها بدل من الواو في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=54وأسروا بدل بعض من كل ، وقد تقرر في الأصول : أن بدل البعض من الكل من المخصصات المتصلة ، كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=97ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا [ 3 \ 97 ] ، . فقوله من بدل من " الناس " : بدل بعض من كل ، وهي مخصصة لوجوب الحج بأنه لا يجب إلا على من استطاع إليه سبيلا . كما قدمنا هذا في سورة " المائدة " .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3nindex.php?page=treesubj&link=28992_32116وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هَذَا إِلَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ .
ذَكَرَ - جَلَّ وَعَلَا - فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَنَّ الْكُفَّارَ أَخْفَوُا النَّجْوَى فِيمَا بَيْنَهُمْ ، قَائِلِينَ : إِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا هُوَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُهُمْ ، فَكَيْفَ يَكُونُ رَسُولًا إِلَيْهِمْ ؟ وَالنَّجْوَى : الْإِسْرَارُ بِالْكَلَامِ وَإِخْفَاؤُهُ عَنِ النَّاسِ . وَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ مِنْ دَعْوَاهُمْ أَنَّ بَشَرًا مِثْلَهُمْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ رَسُولًا ، وَتَكْذِيبُ اللَّهِ لَهُمْ فِي ذَلِكَ جَاءَ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ ، وَقَدْ قَدَّمْنَا كَثِيرًا مِنْ ذَلِكَ ، كَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=94وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلَّا أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا [ 17 \ 94 ] وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=64&ayano=6فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ الْآيَةَ [ 64 \ 6 ] وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=24أَبَشَرًا مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ [ 54 \ 24 ] وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=33مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَخَاسِرُونَ [ 23 \ 33 - 34 ] وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=7مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ الْآيَةَ [ 25 \ 7 ] وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=10قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا الْآيَةَ [ 14 \ 10 ] . وَالْآيَاتُ بِمِثْلِ ذَلِكَ كَثِيرَةٌ جِدًّا ، كَمَا تَقَدَّمَ إِيضَاحُ ذَلِكَ .
وَقَدْ رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الدَّعْوَى الْكَاذِبَةَ الَّتِي هِيَ مَنْعُ إِرْسَالِ الْبَشَرِ ، كَقَوْلِهِ هُنَا فِي هَذِهِ السُّورَةِ الْكَرِيمَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=43وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [ 21 \ 7 ] ، وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=38وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً الْآيَةَ [ 13 \ 38 ] وَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=20وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ [ ص: 134 ] وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ [ 25 \ 20 ] وَقَوْلُهُ هُنَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=8وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ [ 21 \ 8 ] إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ . وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ قِيلَ : بَدَلٌ مِنَ " النَّجْوَى " . أَيْ : أَسَرُّوا النَّجْوَى الَّتِي هِيَ هَذَا الْحَدِيثُ الْخَفِيُّ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُمْ : هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ . وَصَدَّرَ بِهِ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ ، وَقِيلَ : مَفْعُولٌ بِهِ لِلنَّجْوَى . لِأَنَّهَا بِمَعْنَى الْقَوْلِ الْخَفِيِّ . أَيْ : قَالُوا فِي خُفْيَةٍ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=3هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ . وَقِيلَ : مَعْمُولُ قَوْلٍ مَحْذُوفٍ ، أَيْ : قَالُوا هَلْ هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ، وَهُوَ أَظْهَرُهَا ؛ لِاطِّرَادِ حَذْفِ الْقَوْلِ مَعَ بَقَاءِ مَقُولِهِ . وَفِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=59الَّذِينَ ظَلَمُوا أَوْجُهٌ كَثِيرَةٌ مِنَ الْإِعْرَابِ مَعْرُوفَةٌ ، وَأَظْهَرُهَا عِنْدِي أَنَّهَا بَدَلٌ مِنَ الْوَاوِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=54وَأَسَرُّوا بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ ، وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ : أَنَّ بَدَلَ الْبَعْضِ مِنَ الْكُلِّ مِنَ الْمُخَصِّصَاتِ الْمُتَّصِلَةِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=97وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [ 3 \ 97 ] ، . فَقَوْلُهُ مَنْ بَدَلٌ مِنْ " النَّاسِ " : بَدَلُ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ ، وَهِيَ مُخَصِّصَةٌ لِوُجُوبِ الْحَجِّ بِأَنَّهُ لَا يَجِبُ إِلَا عَلَى مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا . كَمَا قَدَّمْنَا هَذَا فِي سُورَةِ " الْمَائِدَةِ " .