مسألة
اختلف العلماء في
nindex.php?page=treesubj&link=30296وقت هذه الزلزلة المذكورة هنا ، هل هي بعد قيام الناس من قبورهم يوم نشورهم إلى عرصات القيامة ، أو هي عبارة عن زلزلة الأرض قبل قيام الناس من القبور ؟
فقالت جماعة من أهل العلم : هذه الزلزلة كائنة في آخر عمر الدنيا ، وأول أحوال الساعة ، وممن قال بهذا القول :
علقمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ،
وإبراهيم ،
nindex.php?page=showalam&ids=16531وعبيد بن عمير ،
nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج . وهذا القول من حيث المعنى له وجه من النظر ، ولكنه لم يثبت ما يؤيده من النقل ، بل الثابت من النقل يؤيد خلافه . وهو القول الآخر .
وحجة من قال بهذا القول حديث مرفوع جاء بذلك ، إلا أنه ضعيف لا يجوز الاحتجاج به .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير الطبري في تفسيره مبينا دليل من قال : إن الزلزلة المذكورة في آخر الدنيا قبل يوم القيامة : حدثنا
أبو كريب ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15164عبد الرحمن بن محمد المحاربي ، عن
إسماعيل بن رافع المدني ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17347يزيد بن أبي زياد ، عن رجل من الأنصار ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي ، عن رجل من الأنصار ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008434لما فرغ الله من خلق السموات والأرض خلق الصور ، فأعطي إسرافيل ، فهو واضعه على فيه ، شاخص ببصره إلى السماء ، ينظر متى يؤمر " قال
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008435يا رسول الله ، وما الصور ؟ قال : " قرن " ، قال : وكيف هو ؟ قال : " قرن عظيم ينفخ فيه ثلاث نفخات ، الأولى : نفخة الفزع ، والثانية : نفخة الصعق ، والثالثة : نفخة القيام لرب العالمين " يأمر الله عز وجل
إسرافيل بالنفخة الأولى : انفخ نفخة الفزع ، فتفزع أهل السماوات والأرض إلا من شاء الله ، ويأمره الله فيديمها ويطولها فلا يفتر ، وهي التي يقول الله :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=15وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق [ 38 \ 15 ] فيسير الله الجبال فتكون سرابا ، وترج الأرض بأهلها رجا ، وهي التي يقول الله :
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=6يوم ترجف الراجفة nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=7تتبعها الرادفة nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=8قلوب يومئذ واجفة [ 79 \ 6
[ ص: 258 ] - 8 ] فتكون الأرض كالسفينة الموبقة في البحر ، تضربها الأمواج تكفأ بأهلها ، أو كالقنديل المعلق بالعرش ، ترججه الأرواح ، فتميد الناس على ظهرها ، فتذهل المراضع ، وتضع الحوامل ، وتشيب الولدان ، وتطير الشياطين هاربة حتى تأتي الأقطار ، فتلقاها الملائكة ، فتضرب وجوهها ، ويولي الناس مدبرين ، ينادي بعضهم بعضا ، وهو الذي يقول الله :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=32يوم التناد nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=33يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم ومن يضلل الله فما له من هاد [ 40 - 33 ] فبينما هم على ذلك ، إذ تصدعت الأرض من قطر إلى قطر فرأوا أمرا عظيما ، وأخذهم لذلك من الكرب ما الله أعلم به ، ثم نظروا إلى السماء ، فإذا هي كالمهل ، ثم خسفت شمسها ، وخسف قمرها ، وانتثرت نجومها ، ثم كشطت عنهم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" والأموات لا يعلمون بشيء من ذلك " فقال
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة : فمن استثنى الله حين يقول :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=87ففزع من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله [ 27 \ 87 ] قال : " أولئك الشهداء ، وإنما يصل الفزع إلى الأحياء ، أولئك أحياء عند ربهم يرزقون ، وقاهم الله فزع ذلك اليوم ، وأمنهم ، وهو عذاب الله يبعثه على شرار خلقه ، وهو الذي يقول :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=1ياأيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم إلى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=2ولكن عذاب الله شديد [ 22 ] " . انتهى منه . ولا يخفى ضعف الإسناد المذكور كما ترى .
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير رحمه الله قبل أن يسوق الإسناد المذكور ، قال ما نصه : وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحو ما قال هؤلاء خبر في إسناده نظر ، وذلك ما حدثنا
أبو كريب . . . إلى آخر الإسناد ، كما سقناه عنه آنفا .
وقال
ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية : وقد أورد الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=16935أبو جعفر بن جرير مستند من قال ذلك في حديث الصور ، من رواية
إسماعيل بن رافع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17347يزيد بن أبي زياد ، عن رجل من
الأنصار ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي ، عن رجل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم ساق الحديث نحو ما ذكرناه بطوله ، ثم قال : هذا الحديث قد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، وغير واحد مطولا جدا .
والغرض منه : أنه دل على أن هذه الزلزلة كائنة قبل يوم القيامة أضيفت إلى الساعة لقربها منها ، كما يقال : أشراط الساعة ، ونحو ذلك ، والله أعلم . انتهى منه . وقد علمت ضعف الإسناد المذكور .
وأما حجة أهل القول الآخر القائلين بأن الزلزلة المذكورة كائنة يوم القيامة بعد
nindex.php?page=treesubj&link=30337البعث من القبور ، فهي ما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم من تصريحه بذلك . وبذلك تعلم
[ ص: 259 ] أن هذا القول هو الصواب كما لا يخفى .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري رحمه الله في صحيحه في التفسير في باب قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=2وترى الناس سكارى : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16665عمر بن حفص ، حدثنا أبي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، حدثنا
أبو صالح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008436يقول الله عز وجل يوم القيامة : يا آدم . فيقول : لبيك ربنا وسعديك . فينادى بصوت : إن الله يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثا إلى النار . قال : يا رب ، وما بعث النار ؟ قال : من كل ألف - أراه قال - تسعمائة وتسعة وتسعين ، فحينئذ تضع الحامل حملها ، ويشيب الوليد ، وترى الناس سكارى ، وما هم بسكارى ، ولكن عذاب الله شديد . فشق ذلك على الناس ، حتى تغيرت وجوههم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من يأجوج ومأجوج تسعمائة وتسعة وتسعين ، ومنكم واحد ، وأنتم في الناس كالشعرة السوداء في جنب الثور الأبيض ، أو كالشعرة البيضاء في جنب الثور الأسود ، وإني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة . فكبرنا ، ثم قال : ثلث أهل الجنة . فكبرنا ، ثم قال : شطر أهل الجنة . فكبرنا " .
وقال
أبو أسامة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=2وترى الناس سكارى وما هم بسكارى [ 22 سكارى وما هم بسكارى . انتهى من صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
وفيه تصريح النبي صلى الله عليه وسلم بأن
nindex.php?page=treesubj&link=30292الوقت الذي تضع فيه الحامل حملها ، وترى الناس سكارى ، وما هم بسكارى : هو يوم القيامة لا آخر الدنيا .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه أيضا في كتاب : الرقاق في باب :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=1إن زلزلة الساعة شيء عظيم : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=17410يوسف بن موسى ، حدثنا
جرير عن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، عن
أبي صالح ، عن
أبي سعيد قال : " يقول الله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008437يا آدم . فيقول : لبيك وسعديك ، والخير في يديك . قال : يقول : أخرج بعث النار . قال : وما بعث النار ؟ قال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين ، فذلك حين يشيب الصغير ، وتضع كل ذات حمل حملها ، وترى الناس سكارى ، وما هم بسكارى ; ولكن عذاب الله شديد . فاشتد ذلك عليهم فقالوا : يا رسول الله ، أينا ذلك الرجل ؟ قال : " أبشروا ، فإن من يأجوج ومأجوج ألفا ، ومنكم رجل ، ثم قال : والذي نفسي بيده إني لأطمع أن تكونوا ثلث أهل الجنة ، فحمدنا الله وكبرنا . ثم قال : والذي نفسي بيده إني لأطمع أن تكونوا شطر أهل الجنة ، إن مثلكم في الأمم كمثل الشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود ، أو كالرقمة في ذراع الحمار " . انتهى منه . ودلالته على المقصود ظاهرة .
[ ص: 260 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا في صحيحه في كتاب بدء الخلق ، في أحاديث الأنبياء ، في باب قول الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=83ويسألونك عن ذي القرنين إلى قوله : سببا [ 18 \ 83 - 84 ] حدثنا
إسحاق بن نصر ، حدثنا
أبو أسامة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، حدثنا
أبو صالح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008438يقول الله تعالى : يا آدم . فيقول : لبيك وسعديك ، والخير في يديك . فيقول : أخرج بعث النار . قال : وما بعث النار ؟ قال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين . فعنده يشيب الصغير ، وتضع كل ذات حمل حملها ، وترى الناس سكارى ، وما هم بسكارى ; ولكن عذاب الله شديد " إلى آخر الحديث نحو ما تقدم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بن الحجاج رحمه الله في صحيحه : في آخر كتاب الإيمان - بكسر الهمزة - في باب بيان كون هذه الأمة نصف أهل الجنة : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16544عثمان بن أبي شيبة العبسي ، حدثنا
جرير عن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، عن
أبي صالح ، عن
أبي سعيد ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يقول الله عز وجل :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008437يا آدم ، فيقول : لبيك وسعديك ، والخير في يديك ، قال : يقول : أخرج بعث النار ، قال : وما بعث النار ؟ قال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين ، قال : فذلك حين يشيب الصغير ، وتضع كل ذات حمل حملها ، وترى الناس سكارى ، وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد " إلى آخر الحديث نحو ما تقدم .
فحديث
أبي سعيد هذا الذي اتفق عليه الشيخان كما رأيت فيه التصريح من النبي صلى الله عليه وسلم بأن الوقت الذي تضع فيه كل ذات حمل حملها ، وترى الناس سكارى ، وما هم بسكارى ، بعد القيام من القبور كما ترى ، وذلك نص صحيح صريح في محل النزاع .
فإن قيل : هذا النص فيه إشكال ، لأنه بعد القيام من القبور لا تحمل الإناث حتى تضع حملها من الفزع ، ولا ترضع حتى تذهل عما أرضعت .
فالجواب عن ذلك من وجهين :
الأول : هو ما ذكره بعض أهل العلم ، من أن من ماتت حاملا تبعث حاملا ، فتضع حملها من شدة الهول والفزع ، ومن ماتت مرضعة بعثت كذلك ، ولكن هذا يحتاج إلى دليل .
الوجه الثاني : أن ذلك كناية عن شدة الهول ; كقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=17يوما يجعل الولدان شيبا [ 73 \ 17 ] ومثل ذلك من أساليب اللغة العربية المعروفة .
[ ص: 261 ] تنبيه
اعلم أن هذا الذي دلت عليه الأحاديث الصحيحة التي ذكرنا بعضها يرد عليه سؤال ، وهو أن يقال : إذا كانت الزلزلة المذكورة بعد القيام من القبور ، فما معناها ؟
والجواب : أن معناها : شدة الخوف والهول والفزع ; لأن ذلك يسمى زلزالا ، بدليل قوله تعالى فيما وقع بالمسلمين يوم الأحزاب من الخوف :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=10إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنون nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=11هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا [ 33 \ 10 - 11 ] ؛ أي : وهو زلزال فزع وخوف ، لا زلزال حركة الأرض ، وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=1اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم يدل على أن عظم الهول يوم القيامة موجب واضح
nindex.php?page=treesubj&link=19689للاستعداد لذلك الهول بالعمل الصالح في دار الدنيا قبل تعذر الإمكان ; لما قدمنا مرارا من أن إن المشددة المكسورة تدل على التعليل ، كما تقرر في الأصول في مسلك الإيماء والتنبيه ، ومسلك النص الظاهر ؛ أي : اتقوا الله ; لأن أمامكم أهوالا عظيمة ، لا نجاة منها إلا بتقواه جل وعلا .
مَسْأَلَةٌ
اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=30296وَقْتِ هَذِهِ الزَّلْزَلَةِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا ، هَلْ هِيَ بَعْدَ قِيَامِ النَّاسِ مِنْ قُبُورِهِمْ يَوْمَ نَشُورِهِمْ إِلَى عَرَصَاتِ الْقِيَامَةِ ، أَوْ هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ زَلْزَلَةِ الْأَرْضِ قَبْلَ قِيَامِ النَّاسِ مِنَ الْقُبُورِ ؟
فَقَالَتْ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ : هَذِهِ الزَّلْزَلَةُ كَائِنَةٌ فِي آخِرِ عُمْرِ الدُّنْيَا ، وَأَوَّلِ أَحْوَالِ السَّاعَةِ ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ :
عَلْقَمَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577وَالشَّعْبِيُّ ،
وَإِبْرَاهِيمُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16531وَعُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13036وَابْنُ جُرَيْجٍ . وَهَذَا الْقَوْلُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لَهُ وَجْهٌ مِنَ النَّظَرِ ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ مَا يُؤَيِّدُهُ مِنَ النَّقْلِ ، بَلِ الثَّابِتُ مِنَ النَّقْلِ يُؤَيِّدُ خِلَافَهُ . وَهُوَ الْقَوْلُ الْآخَرُ .
وَحُجَّةُ مَنْ قَالَ بِهَذَا الْقَوْلِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ جَاءَ بِذَلِكَ ، إِلَّا أَنَّهُ ضَعِيفٌ لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِهِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ مُبَيِّنًا دَلِيلَ مَنْ قَالَ : إِنَّ الزَّلْزَلَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي آخِرِ الدُّنْيَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ : حَدَّثَنَا
أَبُو كُرَيْبٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15164عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ ، عَنْ
إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَافِعٍ الْمَدَنِيِّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17347يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14980مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008434لَمَّا فَرَغَ اللَّهُ مِنْ خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ خَلَقَ الصُّورَ ، فَأُعْطِيَ إِسْرَافِيلَ ، فَهُوَ وَاضِعُهُ عَلَى فِيهِ ، شَاخِصٌ بِبَصَرِهِ إِلَى السَّمَاءِ ، يَنْظُرُ مَتَى يُؤْمَرُ " قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008435يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا الصُّورُ ؟ قَالَ : " قَرْنٌ " ، قَالَ : وَكَيْفَ هُوَ ؟ قَالَ : " قَرْنٌ عَظِيمٌ يُنْفَخُ فِيهِ ثَلَاثَ نَفْخَاتٍ ، الْأُولَى : نَفْخَةُ الْفَزَعِ ، وَالثَّانِيَةُ : نَفْخَةُ الصَّعْقِ ، وَالثَّالِثَةُ : نَفْخَةُ الْقِيَامِ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ " يَأْمُرُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
إِسْرَافِيلَ بِالنَّفْخَةِ الْأُولَى : انْفُخْ نَفْخَةَ الْفَزَعِ ، فَتُفْزِعُ أَهْلَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ، وَيَأْمُرُهُ اللَّهُ فَيُدِيمُهَا وَيُطَوِّلُهَا فَلَا يَفْتُرُ ، وَهِيَ الَّتِي يَقُولُ اللَّهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=15وَمَا يَنْظُرُ هَؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَا لَهَا مِنْ فَوَاقٍ [ 38 \ 15 ] فَيُسَيِّرُ اللَّهُ الْجِبَالَ فَتَكُونُ سَرَابًا ، وَتُرَجُّ الْأَرْضُ بِأَهْلِهَا رَجًّا ، وَهِيَ الَّتِي يَقُولُ اللَّهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=6يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=7تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=8قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ [ 79 \ 6
[ ص: 258 ] - 8 ] فَتَكُونُ الْأَرْضُ كَالسَّفِينَةِ الْمُوبَقَةِ فِي الْبَحْرِ ، تَضْرِبُهَا الْأَمْوَاجُ تُكْفَأُ بِأَهْلِهَا ، أَوْ كَالْقِنْدِيلِ الْمُعَلَّقِ بِالْعَرْشِ ، تُرَجِّجُهُ الْأَرْوَاحُ ، فَتَمِيدُ النَّاسُ عَلَى ظَهْرِهَا ، فَتَذْهَلُ الْمَرَاضِعُ ، وَتَضَعُ الْحَوَامِلُ ، وَتَشِيبُ الْوِلْدَانُ ، وَتَطِيرُ الشَّيَاطِينُ هَارِبَةً حَتَّى تَأْتِيَ الْأَقْطَارَ ، فَتَلَقَّاهَا الْمَلَائِكَةُ ، فَتَضْرِبُ وُجُوهَهَا ، وَيُوَلِّي النَّاسُ مُدْبِرِينَ ، يُنَادِي بَعْضُهُمْ بَعْضًا ، وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ اللَّهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=32يَوْمَ التَّنَادِ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=33يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ [ 40 - 33 ] فَبَيْنَمَا هُمْ عَلَى ذَلِكَ ، إِذْ تَصَدَّعَتِ الْأَرْضُ مِنْ قُطْرٍ إِلَى قُطْرٍ فَرَأَوْا أَمْرًا عَظِيمًا ، وَأَخَذَهُمْ لِذَلِكَ مِنَ الْكَرْبِ مَا اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ ، ثُمَّ نَظَرُوا إِلَى السَّمَاءِ ، فَإِذَا هِيَ كَالْمُهْلِ ، ثُمَّ خُسِفَتْ شَمْسُهَا ، وَخُسِفَ قَمَرُهَا ، وَانْتَثَرَتْ نُجُومُهَا ، ثُمَّ كُشِطَتْ عَنْهُمْ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" وَالْأَمْوَاتُ لَا يَعْلَمُونَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ " فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ : فَمَنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ حِينَ يَقُولُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=87فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ [ 27 \ 87 ] قَالَ : " أُولَئِكَ الشُّهَدَاءُ ، وَإِنَّمَا يَصِلُ الْفَزَعُ إِلَى الْأَحْيَاءِ ، أُولَئِكَ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ، وَقَاهُمُ اللَّهُ فَزَعَ ذَلِكَ الْيَوْمِ ، وَأَمَّنَهُمْ ، وَهُوَ عَذَابُ اللَّهِ يَبْعَثُهُ عَلَى شِرَارِ خَلْقِهِ ، وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=1يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ إِلَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=2وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ [ 22 ] " . انْتَهَى مِنْهُ . وَلَا يَخْفَى ضَعْفُ الْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ كَمَا تَرَى .
nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَبْلَ أَنْ يَسُوقَ الْإِسْنَادَ الْمَذْكُورَ ، قَالَ مَا نَصُّهُ : وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِ مَا قَالَ هَؤُلَاءِ خَبَرٌ فِي إِسْنَادِهِ نَظَرٌ ، وَذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا
أَبُو كُرَيْبٍ . . . إِلَى آخِرِ الْإِسْنَادِ ، كَمَا سُقْنَاهُ عَنْهُ آنِفًا .
وَقَالَ
ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ : وَقَدْ أَوْرَدَ الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ مُسْتَنَدَ مَنْ قَالَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ الصُّورِ ، مِنْ رِوَايَةِ
إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَافِعٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17347يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ
الْأَنْصَارِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14980مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ ، عَنْ رَجُلٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ نَحْوَ مَا ذَكَرْنَاهُ بِطُولِهِ ، ثُمَّ قَالَ : هَذَا الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطَّبَرَانِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=16935وَابْنُ جَرِيرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مُطَوَّلًا جِدًّا .
وَالْغَرَضُ مِنْهُ : أَنَّهُ دَلَّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الزَّلْزَلَةَ كَائِنَةٌ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أُضِيفَتْ إِلَى السَّاعَةِ لِقُرْبِهَا مِنْهَا ، كَمَا يُقَالُ : أَشْرَاطُ السَّاعَةِ ، وَنَحْوُ ذَلِكَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . انْتَهَى مِنْهُ . وَقَدْ عَلِمْتَ ضَعْفَ الْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ .
وَأَمَّا حُجَّةُ أَهْلِ الْقَوْلِ الْآخَرِ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الزَّلْزَلَةَ الْمَذْكُورَةَ كَائِنَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بَعْدَ
nindex.php?page=treesubj&link=30337الْبَعْثِ مِنَ الْقُبُورِ ، فَهِيَ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ تَصْرِيحِهِ بِذَلِكَ . وَبِذَلِكَ تَعْلَمُ
[ ص: 259 ] أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ هُوَ الصَّوَابُ كَمَا لَا يَخْفَى .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي صَحِيحِهِ فِي التَّفْسِيرِ فِي بَابِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=2وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16665عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ ، حَدَّثَنَا
أَبُو صَالِحٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008436يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : يَا آدَمُ . فَيَقُولُ : لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ . فَيُنَادَى بِصَوْتٍ : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكَ أَنْ تُخْرِجَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بَعْثًا إِلَى النَّارِ . قَالَ : يَا رَبِّ ، وَمَا بَعْثُ النَّارِ ؟ قَالَ : مِنْ كُلِّ أَلْفٍ - أُرَاهُ قَالَ - تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ ، فَحِينَئِذٍ تَضَعُ الْحَامِلُ حَمْلَهَا ، وَيَشِيبُ الْوَلِيدُ ، وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى ، وَمَا هُمْ بِسُكَارَى ، وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ . فَشَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ ، حَتَّى تَغَيَّرَتْ وُجُوهُهُمْ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ ، وَمِنْكُمْ وَاحِدٌ ، وَأَنْتُمْ فِي النَّاسِ كَالشَّعْرَةِ السَّوْدَاءِ فِي جَنْبِ الثَّوْرِ الْأَبْيَضِ ، أَوْ كَالشَّعْرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي جَنْبِ الثَّوْرِ الْأَسْوَدِ ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ تَكُونُوا رُبُعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ . فَكَبَّرْنَا ، ثُمَّ قَالَ : ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ . فَكَبَّرْنَا ، ثُمَّ قَالَ : شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ . فَكَبَّرْنَا " .
وَقَالَ
أَبُو أُسَامَةَ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=2وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى [ 22 سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى . انْتَهَى مِنْ صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ .
وَفِيهِ تَصْرِيحُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30292الْوَقْتَ الَّذِي تَضَعُ فِيهِ الْحَامِلُ حَمْلَهَا ، وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى ، وَمَا هُمْ بِسُكَارَى : هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ لَا آخِرُ الدُّنْيَا .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ أَيْضًا فِي كِتَابِ : الرِّقَاقِ فِي بَابِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=1إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ : حَدَّثَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=17410يُوسُفُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا
جَرِيرٌ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشِ ، عَنْ
أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ
أَبِي سَعِيدٍ قَالَ : " يَقُولُ اللَّهُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008437يَا آدَمُ . فَيَقُولُ : لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ ، وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ . قَالَ : يَقُولُ : أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ . قَالَ : وَمَا بَعْثُ النَّارِ ؟ قَالَ : مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ ، فَذَلِكَ حِينَ يَشِيبُ الصَّغِيرُ ، وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا ، وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى ، وَمَا هُمْ بِسُكَارَى ; وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ . فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَيُّنَا ذَلِكَ الرَّجُلُ ؟ قَالَ : " أَبْشِرُوا ، فَإِنَّ مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفًا ، وَمِنْكُمْ رَجُلٌ ، ثُمَّ قَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَطْمَعُ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، فَحَمِدْنَا اللَّهَ وَكَبَّرْنَا . ثُمَّ قَالَ : وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنِّي لَأَطْمَعُ أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، إِنَّ مَثَلَكُمْ فِي الْأُمَمِ كَمَثَلِ الشَّعْرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي جِلْدِ الثَّوْرِ الْأَسْوَدِ ، أَوْ كَالرَّقْمَةِ فِي ذِرَاعِ الْحِمَارِ " . انْتَهَى مِنْهُ . وَدَلَالَتُهُ عَلَى الْمَقْصُودِ ظَاهِرَةٌ .
[ ص: 260 ] وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ أَيْضًا فِي صَحِيحِهِ فِي كِتَابِ بَدْءِ الْخَلْقِ ، فِي أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ ، فِي بَابِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=83وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ إِلَى قَوْلِهِ : سَبَبًا [ 18 \ 83 - 84 ] حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ بْنُ نَصْرٍ ، حَدَّثَنَا
أَبُو أُسَامَةَ ، عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشِ ، حَدَّثَنَا
أَبُو صَالِحٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=44أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008438يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى : يَا آدَمُ . فَيَقُولُ : لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ ، وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ . فَيَقُولُ : أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ . قَالَ : وَمَا بَعْثُ النَّارِ ؟ قَالَ : مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ . فَعِنْدَهُ يَشِيبُ الصَّغِيرُ ، وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا ، وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى ، وَمَا هُمْ بِسُكَارَى ; وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ " إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي صَحِيحِهِ : فِي آخِرِ كِتَابِ الْإِيمَانِ - بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ - فِي بَابِ بَيَانِ كَوْنِ هَذِهِ الْأُمَّةِ نِصْفَ أَهْلِ الْجَنَّةِ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16544عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ الْعَبْسِيُّ ، حَدَّثَنَا
جَرِيرٌ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشِ ، عَنْ
أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ
أَبِي سَعِيدٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008437يَا آدَمُ ، فَيَقُولُ : لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ ، وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ ، قَالَ : يَقُولُ : أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ ، قَالَ : وَمَا بَعْثُ النَّارِ ؟ قَالَ : مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ ، قَالَ : فَذَلِكَ حِينَ يَشِيبُ الصَّغِيرُ ، وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا ، وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى ، وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ " إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ .
فَحَدِيثُ
أَبِي سَعِيدٍ هَذَا الَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ كَمَا رَأَيْتَ فِيهِ التَّصْرِيحُ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّ الْوَقْتَ الَّذِي تَضَعُ فِيهِ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا ، وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى ، وَمَا هُمْ بِسُكَارَى ، بَعْدَ الْقِيَامِ مِنَ الْقُبُورِ كَمَا تَرَى ، وَذَلِكَ نَصٌّ صَحِيحٌ صَرِيحٌ فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ .
فَإِنْ قِيلَ : هَذَا النَّصُّ فِيهِ إِشْكَالٌ ، لِأَنَّهُ بَعْدَ الْقِيَامِ مِنَ الْقُبُورِ لَا تَحْمِلُ الْإِنَاثُ حَتَّى تَضَعَ حَمْلَهَا مِنَ الْفَزَعِ ، وَلَا تُرْضِعَ حَتَّى تَذْهَلَ عَمَّا أَرْضَعَتْ .
فَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ :
الْأَوَّلُ : هُوَ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ ، مِنْ أَنَّ مَنْ مَاتَتْ حَامِلًا تُبْعَثُ حَامِلًا ، فَتَضَعُ حَمْلَهَا مِنْ شِدَّةِ الْهَوْلِ وَالْفَزَعِ ، وَمَنْ مَاتَتْ مُرْضِعَةً بُعِثَتْ كَذَلِكَ ، وَلَكِنَّ هَذَا يَحْتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ .
الْوَجْهُ الثَّانِي : أَنَّ ذَلِكَ كِنَايَةٌ عَنْ شِدَّةِ الْهَوْلِ ; كَقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=17يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا [ 73 \ 17 ] وَمِثْلُ ذَلِكَ مِنْ أَسَالِيبِ اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ الْمَعْرُوفَةِ .
[ ص: 261 ] تَنْبِيهٌ
اعْلَمْ أَنَّ هَذَا الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الَّتِي ذَكَرْنَا بَعْضَهَا يَرِدُ عَلَيْهِ سُؤَالٌ ، وَهُوَ أَنْ يُقَالَ : إِذَا كَانَتِ الزَّلْزَلَةُ الْمَذْكُورَةُ بَعْدَ الْقِيَامِ مِنَ الْقُبُورِ ، فَمَا مَعْنَاهَا ؟
وَالْجَوَابُ : أَنَّ مَعْنَاهَا : شِدَّةُ الْخَوْفِ وَالْهَوْلِ وَالْفَزَعِ ; لِأَنَّ ذَلِكَ يُسَمَّى زِلْزَالًا ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى فِيمَا وَقَعَ بِالْمُسْلِمِينَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ مِنَ الْخَوْفِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=10إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=11هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا [ 33 \ 10 - 11 ] ؛ أَيْ : وَهُوَ زِلْزَالُ فَزَعٍ وَخَوْفٍ ، لَا زِلْزَالُ حَرَكَةِ الْأَرْضِ ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=1اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عِظَمَ الْهَوْلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُوجِبٌ وَاضِحٌ
nindex.php?page=treesubj&link=19689لِلِاسْتِعْدَادِ لِذَلِكَ الْهَوْلِ بِالْعَمَلِ الصَّالِحِ فِي دَارِ الدُّنْيَا قَبْلَ تَعَذُّرِ الْإِمْكَانِ ; لِمَا قَدَّمْنَا مِرَارًا مِنْ أَنَّ إِنَّ الْمُشَدَّدَةَ الْمَكْسُورَةَ تَدُلُّ عَلَى التَّعْلِيلِ ، كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ فِي مَسْلَكِ الْإِيمَاءِ وَالتَّنْبِيهِ ، وَمَسْلَكِ النَّصِّ الظَّاهِرِ ؛ أَيْ : اتَّقُوا اللَّهَ ; لِأَنَّ أَمَامَكُمْ أَهْوَالًا عَظِيمَةً ، لَا نَجَاةَ مِنْهَا إِلَّا بِتَقْوَاهُ جَلَّ وَعَلَا .