قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=19nindex.php?page=treesubj&link=29038_19790_33679أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن إنه بكل شيء بصير .
الطير صافات : أي : مادات أجنحتها ( ويقبضن ) : أي : يضمنها إلى أجسامها .
قال
أبو حيان : عطف بالفعل ويقبضن على الاسم ، صافات ، ولم يعطف باسم قابضات ; لأن الأصل في الطيران هو بسط الجناح ، والقبض طارئ ، وهذا الذي قاله
أبو [ ص: 242 ] حيان : جار على القاعدة عندهم من أن الاسم للدوام والثبوت ، والفعل للتجدد والحدوث ، فالحركة الدائمة في الطيران هي صف الجناح ، والجديد عليه هو القبض .
وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=19ما يمسكهن إلا الرحمن دليل على قدرته تعالى وآية لخلقه ، كما في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=79ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إلا الله إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون [ 16 \ 79 ] .
فهي آية على القدرة ، وقد جاء في آيات أخرى أنه تعالى هو الذي يمسك السماوات والأرض بقدرته جل وعلا ، كما في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=41إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا [ 35 \ 41 ] .
فهو سبحانه ممسكهما بقدرته تعالى عن أن تزولا ، ولو قدر فرضا زوالهما لا يقدر على إمساكهما إلا هو ، وكما في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=65ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض والفلك تجري في البحر بأمره ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه [ 22 \ 65 ] .
تنبيه
ولعل مما يستدعي الانتباه توجيه النظر إلى الطير في الهواء ( صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن ) ، بعد التخويف بخسف الأرض بأن الأرض معلقة في الهواء كتعلق الطير المشاهد إليكم ما يمسكها إلا الله ، وإيقاع الخسف بها ، كإسقاط الطير من الهواء ; لأن الجميع ما يمسكه إلا الله تعالى ، وهو القادر على الخسف بها ، وعلى إسقاط الطير .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=19nindex.php?page=treesubj&link=29038_19790_33679أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ .
الطَّيْرُ صَافَّاتٌ : أَيْ : مَادَّاتٌ أَجْنِحَتَهَا ( وَيَقْبِضْنَ ) : أَيْ : يَضُمَّنَّهَا إِلَى أَجْسَامِهَا .
قَالَ
أَبُو حَيَّانَ : عَطْفٌ بِالْفِعْلِ وَيَقْبِضْنَ عَلَى الِاسْمِ ، صَافَّاتٍ ، وَلَمْ يَعْطِفْ بِاسْمِ قَابِضَاتٍ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الطَّيَرَانِ هُوَ بَسْطُ الْجَنَاحِ ، وَالْقَبْضُ طَارِئٌ ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ
أَبُو [ ص: 242 ] حَيَّانَ : جَارٍ عَلَى الْقَاعِدَةِ عِنْدَهُمْ مِنْ أَنَّ الِاسْمَ لِلدَّوَامِ وَالثُّبُوتِ ، وَالْفِعْلَ لِلتَّجَدُّدِ وَالْحُدُوثِ ، فَالْحَرَكَةُ الدَّائِمَةُ فِي الطَّيَرَانِ هِيَ صَفُّ الْجَنَاحِ ، وَالْجَدِيدُ عَلَيْهِ هُوَ الْقَبْضُ .
وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=67&ayano=19مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ دَلِيلٌ عَلَى قُدْرَتِهِ تَعَالَى وَآيَةٌ لِخَلْقِهِ ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=79أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [ 16 \ 79 ] .
فَهِيَ آيَةٌ عَلَى الْقُدْرَةِ ، وَقَدْ جَاءَ فِي آيَاتٍ أُخْرَى أَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الَّذِي يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقُدْرَتِهِ جَلَّ وَعَلَا ، كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=41إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا [ 35 \ 41 ] .
فَهُوَ سُبْحَانُهُ مُمْسِكُهُمَا بِقُدْرَتِهِ تَعَالَى عَنْ أَنْ تَزُولَا ، وَلَوْ قُدِّرَ فَرْضًا زَوَالُهُمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى إِمْسَاكِهِمَا إِلَّا هُوَ ، وَكَمَا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=65أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ وَالْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ [ 22 \ 65 ] .
تَنْبِيهٌ
وَلَعَلَّ مِمَّا يَسْتَدْعِي الِانْتِبَاهَ تَوْجِيهُ النَّظَرِ إِلَى الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ ( صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ ) ، بَعْدَ التَّخْوِيفِ بِخَسْفِ الْأَرْضِ بِأَنَّ الْأَرْضَ مُعَلَّقَةٌ فِي الْهَوَاءِ كَتَعَلُّقِ الطَّيْرِ الْمُشَاهَدِ إِلَيْكُمْ مَا يُمْسِكُهَا إِلَّا اللَّهُ ، وَإِيقَاعُ الْخَسْفِ بِهَا ، كَإِسْقَاطِ الطَّيْرِ مِنَ الْهَوَاءِ ; لِأَنَّ الْجَمِيعَ مَا يُمْسِكُهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى ، وَهُوَ الْقَادِرُ عَلَى الْخَسْفِ بِهَا ، وَعَلَى إِسْقَاطِ الطَّيْرِ .