( وضرب آخر من السحر ) وهو
nindex.php?page=treesubj&link=25591الاحتيال في إطعامه بعض الأدوية المبلدة المؤثرة في العقل والدخن المسدرة السكرة ، نحو دماغ الحمار إذا طعمه إنسان تبلد عقله ، وقلت فطنته مع أدوية كثيرة هي مذكورة في كتب الطب ، ويتوصلون إلى أن يجعلوه في طعام حتى يأكله فتذهب فطنته ، ويجوز عليه أشياء مما لو كان تام الفطنة لأنكرها ، فيقول الناس : إنه مسحور .
" وحكمة كافية تبين لك أن هذا كله " مخاريق وحيل لما يدعون لها أن الساحر والمعزم لو قدرا على ما يدعيانه من النفع والضر من الوجوه التي يدعون ، وأمكنهما الطيران والعلم بالغيوب وأخبار البلدان النائية والخبيئات والسرق ، والإضرار بالناس من غير الوجوه التي ذكرنا لقدروا على إزالة الممالك ، واستخراج الكنوز ، والغلبة على البلدان بقتل الملوك بحيث لا يبدؤهم مكروه ، ولما مسهم السوء ، ولامتنعوا ممن قصدهم بمكروه ، ولاستغنوا عن الطلب لما في أيدي الناس . فإذا لم يكن كذلك ، وكان المدعون لذلك أسوأ الناس حالا ، وأكثرهم طمعا واختيالا وتواصلا لأخذ دراهم الناس ، وأظهرهم فقرا وإملاقا . علمت أنهم لا يقدرون على شيء من ذلك .
" ورؤساء الحشو والجهال من العامة من أسرع الناس إلى التصديق لدعوة السحرة والمعزمين ، وأشدهم نكيرا على من جحدها ، ويرون في ذلك أخبارا مفتعلة متخرصة يعتقدون صحتها ، كالحديث الذي يرون أن امرأة أتت
عائشة قالت : إني ساحرة فهل لي توبة ؟ فقالت : وما سحرك ؟ قالت : سرت إلى الموضع الذي فيه
هاروت وماروت ببابل لطلب السحر ، فقالا لي : يا أمة الله لا تختاري عذاب الآخرة بأمر الدنيا ، فأبيت ، فقالا لي : اذهبي فبولي على ذلك الرماد ، فذهبت لأبول عليه ففكرت في نفسي فقلت : لا فعلت ، وجئت إليهما فقلت : قد فعلت ، فقالا : ما رأيت ؟ فقلت : ما رأيت شيئا ، فقالا : ما فعلت ، اذهبي فبولي عليه ، فذهبت وفعلت ، فرأيت كأن فارسا قد خرج من فرجي مقنعا بالحديد حتى صعد إلى السماء ، فأخبرتهما فقالا : ذلك إيمانك خرج عنك
[ ص: 51 ] وقد أحسنت السحر ، فقلت : وما هو ؟ فقالا : لا تريدين شيئا فتصورينه في وهمك إلا كان ، فصورت في نفسي حبا من حنطة فإذا أنا بالحب ، فقلت له : انزرع ، فانزرع وخرج من ساعته سنبلا ، فقلت له : انطحن وانخبز إلى آخر الأمر حتى صار خبزا ، وإلى كنت لا أصور في نفسي شيئا إلا كان ، فقالت لها
عائشة : ليست لك توبة .
" فيروي القصاص والمحدثون الجهال مثل هذا للعامة فتصدقه وتستعيده وتسأل بعضهم أن يحدثها بحديث ساحرة
ابن هبيرة فيقول لها : إن
ابن هبيرة أخذ ساحرة فأقرت له بالسحر فدعا الفقهاء فسألهم عن حكمها فقالوا : القتل ، فقال
ابن هبيرة : لست أقتلها إلا تغريقا ، قال : فأخذ رحى البزر فشدها في رجلها ، وقذفها في
الفرات فقامت فوق الماء مع الحجر تنحدر مع الماء فخافا أن تفوتهم ، فقال
ابن هبيرة : من يمسكها وله كذا وكذا ؟ فرغب رجل من السحرة كان حاضرا فيما بذله ، فقال : أعطوني قدح زجاج فيه ماء ، فجاءوه به فقعد على القدح ، ومضى إلى الحجر فشق الحجر بالقدح فتقطع الحجر قطعة قطعة فغرقت الساحرة - فيصدقونه ، ومن صدق هذا فليس يعرف النبوة ولا يأمن أن تكون معجزات الأنبياء عليهم السلام من هذا النوع ، وأنهم كانوا سحرة ، وقال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=69ولا يفلح الساحر حيث أتى ( 20 : 69 ) .
وقد أجازوا من فعل الساحر ما هو أطم من هذا وأفظع ، وذلك أنهم زعموا أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ سحر ، وأن السحر عمل فيه حتى قال فيه : "
إنه يخيل إلي أني أقول الشيء وأفعله ، ولم أقله ولم أفعله " وأن امرأة يهودية سحرته في جف طلعة ومشط ومشاقة حتى أتاه
جبريل عليه السلام فأخبره أنها سحرته في جف طلعة ، وهو تحت راعوفة البئر فاستخرج ، وزال عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذلك العارض . وقد قال الله تعالى مكذبا للكفار فيما ادعوه من ذلك للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال جل من قائل :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=8وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا ( 25 : 8 ) ومثل هذه الأخبار من وضع الملحدين تلعبا بالحشو والطغام ، واستجرارا لهم إلى القول بإبطال معجزات الأنبياء عليهم السلام والقدح فيها ، وأنه لا فرق بين معجزات الأنبياء وفعل السحرة ، وأن جميعه من نوع واحد . والعجب ممن يجمع بين تصديق الأنبياء عليهم السلام وإثبات معجزاتهم ، وبين التصديق بمثل هذا من فعل السحرة مع قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=69ولا يفلح الساحر حيث أتى ( 20 : 69 ) فصدق هؤلاء من كذبه الله وأخبر
[ ص: 52 ] ببطلان دعواه وانتحاله . وجائز أن تكون المرأة اليهودية بجهلها فعلت ذلك ظنا منها بأن ذلك يعمل في الأجساد ، وقصدت به النبي عليه السلام فأطلع الله نبيه على موضع سرها ، وأظهر جهلها فيما ارتكبت وظنت ؛ ليكون ذلك من دلائل نبوته ، لا أن ذلك ضره ، وخلط عليه أمره ، ولم يقل كل الرواة : إنه اختلط عليه أمره ، وإنما هذا اللفظ زيد في الحديث ، ولا أصل له .
( وَضَرْبٌ آخَرُ مِنَ السِّحْرِ ) وَهُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=25591الِاحْتِيَالُ فِي إِطْعَامِهِ بَعْضَ الْأَدْوِيَةِ الْمُبَلَّدَةِ الْمُؤَثِّرَةِ فِي الْعَقْلِ وَالدُّخْنِ الْمُسْدِرَةِ السَّكْرَةِ ، نَحْوَ دِمَاغِ الْحِمَارِ إِذَا طَعِمَهُ إِنْسَانٌ تَبَلَّدَ عَقْلُهُ ، وَقَلَّتْ فِطْنَتُهُ مَعَ أَدْوِيَةٍ كَثِيرَةٍ هِيَ مَذْكُورَةٌ فِي كُتُبِ الطِّبِّ ، وَيَتَوَصَّلُونَ إِلَى أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي طَعَامٍ حَتَّى يَأْكُلَهُ فَتَذْهَبَ فِطْنَتُهُ ، وَيَجُوزُ عَلَيْهِ أَشْيَاءُ مِمَّا لَوْ كَانَ تَامَّ الْفِطْنَةِ لَأَنْكَرَهَا ، فَيَقُولُ النَّاسُ : إِنَّهُ مَسْحُورٌ .
" وَحِكْمَةٌ كَافِيَةٌ تُبَيِّنُ لَكَ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ " مَخَارِيقُ وَحِيَلٌ لِمَا يَدَّعُونَ لَهَا أَنَّ السَّاحِرَ وَالْمُعَزِّمَ لَوْ قَدَرَا عَلَى مَا يَدَّعِيَانِهِ مِنَ النَّفْعِ وَالضُّرِّ مِنَ الْوُجُوهِ الَّتِي يَدَّعُونَ ، وَأَمْكَنَهُمَا الطَّيَرَانُ وَالْعِلْمُ بِالْغُيُوبِ وَأَخْبَارِ الْبُلْدَانِ النَّائِيَةِ وَالْخَبِيئَاتِ وَالسَّرَقِ ، وَالْإِضْرَارُ بِالنَّاسِ مِنْ غَيْرِ الْوُجُوهِ الَّتِي ذَكَرْنَا لَقَدَرُوا عَلَى إِزَالَةِ الْمَمَالِكِ ، وَاسْتِخْرَاجِ الْكُنُوزِ ، وَالْغَلَبَةِ عَلَى الْبُلْدَانِ بِقَتْلِ الْمُلُوكِ بِحَيْثُ لَا يَبْدَؤُهُمْ مَكْرُوهٌ ، وَلَمَا مَسَّهُمُ السُّوءُ ، وَلَامْتَنَعُوا مِمَّنْ قَصَدَهُمْ بِمَكْرُوهٍ ، وَلَاسَتَغْنَوْا عَنِ الطَّلَبِ لِمَا فِي أَيْدِي النَّاسِ . فَإِذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ ، وَكَانَ الْمُدَّعُونَ لِذَلِكَ أَسْوَأَ النَّاسِ حَالًا ، وَأَكْثَرَهُمْ طَمَعًا وَاخْتِيَالًا وَتَوَاصُلًا لِأَخْذِ دَرَاهِمِ النَّاسِ ، وَأَظْهَرَهُمْ فَقْرًا وَإِمْلَاقًا . عَلِمْتَ أَنَّهُمْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ .
" وَرُؤَسَاءُ الْحَشْوِ وَالْجُهَّالُ مِنَ الْعَامَّةِ مِنْ أَسْرَعِ النَّاسِ إِلَى التَّصْدِيقِ لِدَعْوَةِ السَّحَرَةِ وَالْمُعَزِّمِينَ ، وَأَشَدِّهِمْ نَكِيرًا عَلَى مَنْ جَحَدَهَا ، وَيَرَوْنَ فِي ذَلِكَ أَخْبَارًا مُفْتَعَلَةً مُتَخَرِّصَةً يَعْتَقِدُونَ صِحَّتَهَا ، كَالْحَدِيثِ الَّذِي يَرَوْنَ أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ
عَائِشَةَ قَالَتْ : إِنِّي سَاحِرَةٌ فَهَلْ لِي تَوْبَةٌ ؟ فَقَالَتْ : وَمَا سِحْرُكِ ؟ قَالَتْ : سِرْتُ إِلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ
هَارُوتُ وَمَارُوتُ بِبَابِلَ لِطَلَبِ السِّحْرِ ، فَقَالَا لِي : يَا أَمَةَ اللَّهِ لَا تَخْتَارِي عَذَابَ الْآخِرَةِ بِأَمْرِ الدُّنْيَا ، فَأَبَيْتُ ، فَقَالَا لِي : اذْهَبِي فَبُولِي عَلَى ذَلِكَ الرَّمَادِ ، فَذَهَبْتُ لِأَبُولَ عَلَيْهِ فَفَكَّرْتُ فِي نَفْسِي فَقُلْتُ : لَا فَعَلْتُ ، وَجِئْتُ إِلَيْهِمَا فَقُلْتُ : قَدْ فَعَلْتُ ، فَقَالَا : مَا رَأَيْتِ ؟ فَقُلْتُ : مَا رَأَيْتُ شَيْئًا ، فَقَالَا : مَا فَعَلْتِ ، اذْهَبِي فَبُولِي عَلَيْهِ ، فَذَهَبْتُ وَفَعَلْتُ ، فَرَأَيْتُ كَأَنَّ فَارِسًا قَدْ خَرَجَ مِنْ فَرَجِي مُقَنَّعًا بِالْحَدِيدِ حَتَّى صَعِدَ إِلَى السَّمَاءِ ، فَأَخْبَرْتُهُمَا فَقَالَا : ذَلِكَ إِيمَانُكِ خَرَجَ عَنْكِ
[ ص: 51 ] وَقَدْ أَحْسَنْتُ السِّحْرَ ، فَقُلْتُ : وَمَا هُوَ ؟ فَقَالَا : لَا تُرِيدِينَ شَيْئًا فَتُصَوِّرِينَهُ فِي وَهْمِكِ إِلَّا كَانَ ، فَصَوَّرْتُ فِي نَفْسِي حَبًّا مِنْ حِنْطَةٍ فَإِذَا أَنَا بِالْحَبِّ ، فَقُلْتُ لَهُ : انْزَرِعْ ، فَانْزَرَعَ وَخَرَجَ مِنْ سَاعَتِهِ سُنْبُلًا ، فَقُلْتُ لَهُ : انْطَحِنْ وَانْخَبِزْ إِلَى آخِرِ الْأَمْرِ حَتَّى صَارَ خُبْزًا ، وَإِلَى كُنْتُ لَا أُصَوِّرُ فِي نَفْسِي شَيْئًا إِلَّا كَانَ ، فَقَالَتْ لَهَا
عَائِشَةُ : لَيْسَتْ لَكِ تَوْبَةٌ .
" فَيَرْوِي الْقُصَّاصُ وَالْمُحَدِّثُونَ الْجُهَّالُ مِثْلَ هَذَا لِلْعَامَّةِ فَتُصَدِّقُهُ وَتَسْتَعِيدُهُ وَتَسْأَلُ بَعْضَهُمْ أَنْ يُحَدِّثَهَا بِحَدِيثِ سَاحِرَةِ
ابْنِ هُبَيْرَةَ فَيَقُولُ لَهَا : إِنَّ
ابْنَ هُبَيْرَةَ أَخَذَ سَاحِرَةً فَأَقَرَّتْ لَهُ بِالسِّحْرِ فَدَعَا الْفُقَهَاءَ فَسَأَلَهُمْ عَنْ حُكْمِهَا فَقَالُوا : الْقَتْلُ ، فَقَالَ
ابْنُ هُبَيْرَةَ : لَسْتُ أَقْتُلُهَا إِلَّا تَغْرِيقًا ، قَالَ : فَأَخَذَ رَحَى الْبِزْرِ فَشَدَّهَا فِي رِجْلِهَا ، وَقَذَفَهَا فِي
الْفُرَاتِ فَقَامَتْ فَوْقَ الْمَاءِ مَعَ الْحَجَرِ تَنْحَدِرُ مَعَ الْمَاءِ فَخَافَا أَنْ تَفُوتَهُمْ ، فَقَالَ
ابْنُ هُبَيْرَةَ : مَنْ يُمْسِكُهَا وَلَهُ كَذَا وَكَذَا ؟ فَرَغِبَ رَجُلٌ مِنَ السَّحَرَةِ كَانَ حَاضِرًا فِيمَا بَذَلَهُ ، فَقَالَ : أَعْطُونِي قَدَحَ زُجَاجٍ فِيهِ مَاءٌ ، فَجَاءُوهُ بِهِ فَقَعَدَ عَلَى الْقَدَحِ ، وَمَضَى إِلَى الْحَجَرِ فَشَقَّ الْحَجَرَ بِالْقَدَحِ فَتَقَطَّعَ الْحَجَرُ قِطْعَةً قِطْعَةً فَغَرَقَتِ السَّاحِرَةُ - فَيُصَدِّقُونَهُ ، وَمَنْ صَدَّقَ هَذَا فَلَيْسَ يَعْرِفُ النُّبُوَّةَ وَلَا يَأْمَنُ أَنْ تَكُونَ مُعْجِزَاتُ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ مِنْ هَذَا النَّوْعِ ، وَأَنَّهُمْ كَانُوا سَحَرَةً ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=69وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ( 20 : 69 ) .
وَقَدْ أَجَازُوا مِنْ فِعْلِ السَّاحِرِ مَا هُوَ أَطَمُّ مِنْ هَذَا وَأَفْظَعُ ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ زَعَمُوا أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ سُحِرَ ، وَأَنَّ السِّحْرَ عَمِلَ فِيهِ حَتَّى قَالَ فِيهِ : "
إِنَّهُ يُخَيَّلُ إِلَيَّ أَنِّي أَقُولُ الشَّيْءَ وَأَفْعَلُهُ ، وَلَمْ أَقُلْهُ وَلَمْ أَفْعَلْهُ " وَأَنَّ امْرَأَةً يَهُودِيَّةً سَحَرَتْهُ فِي جُفِّ طَلْعَةٍ وَمِشْطٍ وَمُشَاقَةٍ حَتَّى أَتَاهُ
جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهَا سَحَرَتْهُ فِي جُفِّ طَلْعَةٍ ، وَهُوَ تَحْتَ رَاعُوفَةِ الْبِئْرِ فَاسْتُخْرِجَ ، وَزَالَ عَنِ النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ ذَلِكَ الْعَارِضُ . وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى مُكَذِّبًا لِلْكُفَّارِ فِيمَا ادَّعَوْهُ مِنْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَقَالَ جَلَّ مِنْ قَائِلٍ :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=8وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتْبَعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا ( 25 : 8 ) وَمِثْلُ هَذِهِ الْأَخْبَارِ مِنْ وَضْعِ الْمُلْحِدِينَ تَلَعُّبًا بِالْحَشْوِ وَالطَّغَامِ ، وَاسْتِجْرَارًا لَهُمْ إِلَى الْقَوْلِ بِإِبْطَالِ مُعْجِزَاتِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَالْقَدْحِ فِيهَا ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مُعْجِزَاتِ الْأَنْبِيَاءِ وَفِعْلِ السَّحَرَةِ ، وَأَنَّ جَمِيعَهُ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ . وَالْعَجَبُ مِمَّنْ يَجْمَعُ بَيْنَ تَصْدِيقِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَإِثْبَاتِ مُعْجِزَاتِهِمْ ، وَبَيْنَ التَّصْدِيقِ بِمِثْلِ هَذَا مِنْ فِعْلِ السَّحَرَةِ مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=69وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ( 20 : 69 ) فَصَدَّقَ هَؤُلَاءِ مَنْ كَذَّبَهُ اللَّهُ وَأَخْبَرَ
[ ص: 52 ] بِبُطْلَانِ دَعْوَاهُ وَانْتِحَالِهِ . وَجَائِزٌ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ الْيَهُودِيَّةُ بِجَهْلِهَا فَعَلَتْ ذَلِكَ ظَنًّا مِنْهَا بِأَنَّ ذَلِكَ يَعْمَلُ فِي الْأَجْسَادِ ، وَقَصَدَتْ بِهِ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَطْلَعَ اللَّهُ نَبِيَّهُ عَلَى مَوْضِعِ سِرِّهَا ، وَأَظْهَرَ جَهْلَهَا فِيمَا ارْتَكَبَتْ وَظَنَّتْ ؛ لِيَكُونَ ذَلِكَ مِنْ دَلَائِلَ نُبُوَّتِهِ ، لَا أَنَّ ذَلِكَ ضَرَّهُ ، وَخَلَطَ عَلَيْهِ أَمْرَهُ ، وَلَمْ يَقُلْ كُلُّ الرُّوَاةِ : إِنَّهُ اخْتَلَطَ عَلَيْهِ أَمْرُهُ ، وَإِنَّمَا هَذَا اللَّفْظُ زِيدَ فِي الْحَدِيثِ ، وَلَا أَصْلَ لَهُ .