( المسألة الخامسة عشرة :
nindex.php?page=treesubj&link=18984_29706افتراء الكذب على الله تعالى ) :
الدين في حقيقته وطبيعته وعرف جميع الملل تشريع إلهي موضوعه معرفة الله - تعالى - وعبادته وشكره ، وتزكية النفس وتهذيبها باجتناب الشر وفعل الخير ، والتعاون بين الناس على البر والتقوى إلخ . ومصدره وحيه - تعالى - لمن اصطفى من عباده لرسالته ، وتبليغهم لما ارتضاه وشرعه لهم من الدين ، فليس لأحد غيره - تعالى - أن يشرع لهم عبادة ولا حكما دينيا من حرام أو حلال ، ومن فعل ذلك كان مفتريا على الله الكذب ، سواء أسنده إليه - تعالى - بالقول أم لا ، لأن كل ما يتخذ دينا من قول أو فعل أو ترك فهو يتضمن معنى نسبته إلى الله وادعاء أنه هو الذي شرعه ، لأن الدين لا يكون إلا منه وله ، وآيات القرآن صريحة في هذا .
سبق بعضها في السور التي فسرناها ولا سيما الأنعام والأعراف والتوبة ويونس ، ومنه في هذه السورة : -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=18ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا - 18 الآية ، أي لا أحد أظلم ممن افترى على الله كذبا ما ، ومنه القول في الدين بغير علم من عقيدة وعبادة وتحليل وتحريم ، وهو شرك بالله يتعدى ضرره إلى عباده ، وبهذا كان أشد جرما وكفرا من عبادة الأصنام وغيرها كما تقدم بيانه في تفسير : -
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=33وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون - 7 : 33 ومن ثم كان ابتداع العبادات والتحليل والتحريم في الدين شركا وكفرانا ، إذ الجاهلون يعدونها عبادة يرجون بها ثوابا ، ويسمون مبتدعيها أولياء الله وأحبابا ، ويجهلون أنهم اتخذوهم من دونه أندادا وأربابا .
( الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ :
nindex.php?page=treesubj&link=18984_29706افْتِرَاءُ الْكَذِبِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى ) :
الدِّينُ فِي حَقِيقَتِهِ وَطَبِيعَتِهِ وَعُرْفِ جَمِيعِ الْمِلَلِ تَشْرِيعٌ إِلَهِيٌّ مَوْضُوعُهُ مَعْرِفَةُ اللَّهِ - تَعَالَى - وَعِبَادَتُهُ وَشُكْرُهُ ، وَتَزْكِيَةُ النَّفْسِ وَتَهْذِيبُهَا بِاجْتِنَابِ الشَّرِّ وَفِعْلِ الْخَيْرِ ، وَالتَّعَاوُنِ بَيْنَ النَّاسِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى إِلَخْ . وَمَصْدَرُهُ وَحْيُهُ - تَعَالَى - لِمَنِ اصْطَفَى مِنْ عِبَادِهِ لِرِسَالَتِهِ ، وَتَبْلِيغُهُمْ لِمَا ارْتَضَاهُ وَشَرَعَهُ لَهُمْ مِنَ الدِّينِ ، فَلَيْسَ لِأَحَدٍ غَيْرِهِ - تَعَالَى - أَنْ يُشَرِّعَ لَهُمْ عِبَادَةً وَلَا حُكْمًا دِينِيًّا مِنْ حَرَامٍ أَوْ حَلَالٍ ، وَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ مُفْتَرِيًا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ، سَوَاءٌ أَسْنَدَهُ إِلَيْهِ - تَعَالَى - بِالْقَوْلِ أَمْ لَا ، لِأَنَّ كُلَّ مَا يُتَّخَذُ دِينًا مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ أَوْ تَرْكٍ فَهُوَ يَتَضَمَّنُ مَعْنَى نِسْبَتِهِ إِلَى اللَّهِ وَادِّعَاءِ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي شَرَعَهُ ، لِأَنَّ الدِّينَ لَا يَكُونُ إِلَّا مِنْهُ وَلَهُ ، وَآيَاتُ الْقُرْآنِ صَرِيحَةٌ فِي هَذَا .
سَبَقَ بَعْضُهَا فِي السُّوَرِ الَّتِي فَسَّرْنَاهَا وَلَا سِيَّمَا الْأَنْعَامُ وَالْأَعْرَافُ وَالتَّوْبَةُ وَيُونُسُ ، وَمِنْهُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ : -
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=18وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا - 18 الْآيَةَ ، أَيْ لَا أَحَدَ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا مَا ، وَمِنْهُ الْقَوْلُ فِي الدِّينِ بِغَيْرِ عِلْمٍ مِنْ عَقِيدَةٍ وَعِبَادَةٍ وَتَحْلِيلٍ وَتَحْرِيمٍ ، وَهُوَ شِرْكٌ بِاللَّهِ يَتَعَدَّى ضَرَرُهُ إِلَى عِبَادِهِ ، وَبِهَذَا كَانَ أَشَدَّ جُرْمًا وَكُفْرًا مِنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَغَيْرِهَا كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي تَفْسِيرِ : -
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=33وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ - 7 : 33 وَمِنْ ثَمَّ كَانَ ابْتِدَاعُ الْعِبَادَاتِ وَالتَّحْلِيلِ وَالتَّحْرِيمِ فِي الدِّينِ شِرْكًا وَكُفْرَانًا ، إِذِ الْجَاهِلُونَ يَعُدُّونَهَا عِبَادَةً يَرْجُونَ بِهَا ثَوَابًا ، وَيُسَمُّونَ مُبْتَدِعِيهَا أَوْلِيَاءَ اللَّهِ وَأَحْبَابًا ، وَيَجْهَلُونَ أَنَّهُمُ اتَّخَذُوهُمْ مِنْ دُونِهِ أَنْدَادًا وَأَرْبَابًا .