[ ص: 67 ] nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171ياأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=172لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=173فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله وأما الذين استنكفوا واستكبروا فيعذبهم عذابا أليما ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا .
هذه الآيات نزلت في
nindex.php?page=treesubj&link=28975_29434محاجة النصارى خاصة بعد محاجة اليهود وإقامة الحجة عليهم ، وقد غلت اليهود في تحقير
عيسى وإهانته والكفر به ، ففرطوا كل التفريط ، فغلت
النصارى في تعظيمه وتقديسه فأفرطوا كل الإفراط ، فلما دحض - تعالى - شبهات أولئك قفى بدحض شبهات هؤلاء ، فقال عز من قائل :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم فتتجاوزوا الحدود التي حدها الله لكم ، فإن الزيادة في الدين كالنقص منه ، كلاهما مخرج له عن وضعه
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171ولا تقولوا على الله إلا الحق أي الثابت المتحقق في نفسه ، إما بنص ديني متواتر ، وإما ببرهان عقلي قاطع ، وليس لكم على مزاعمكم في المسيح شيء منهما
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله إلى
بني إسرائيل أمرهم بأن يعبدوا الله وحده ولا يشركوا به شيئا ، وأن يرجعوا عن الإيمان بالجبت والطاغوت ، وعن اتباع الهوى وعبادة المال ، وإيثار شهوات الأرض على ملكوت
[ ص: 68 ] السماء ، وزهدهم في الحياة الدنيا ، وحثهم على التقوى ، وبشرهم بالنبي الخاتم الذي يبين لهم كل شيء ، ويقيمهم على صراط الاعتدال ، ويهديهم إلى الجمع بين حقوق الأرواح وحقوق الأجساد
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171وكلمته ألقاها إلى مريم أي وهو تحقيق كلمته التي ألقاها إلى أمه
مريم ومصداقها ، والمراد : كلمة التكوين أو البشارة ، فإنه لما أرسل إليها الروح الأمين
جبريل عليه السلام ، بشرها بأنه مأمور بأن يهب لها غلاما زكيا ، فاستنكرت أن يكون لها ولد وهي عذراء لم تتزوج ، فقال لها :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=47كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ( 3 : 47 ) فكلمة ( كن ) هي الكلمة الدالة على التكوين بمحض قدرة الله - تعالى - عند إرادته خلق الشيء وإيجاده ، وقد خلق
المسيح بهذه الكلمة ، وفي تفسيرها وجوه أخرى سبقت في الجزء الثالث من التفسير ( ص 250 من هذه الطبعة ) والإلقاء يستعمل في المعاني والكلام كما يستعمل في المتاع ، قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=86فألقوا إليهم القول إنكم لكاذبون nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=87وألقوا إلى الله يومئذ السلم ( 16 : 86 ، 87 ) ومعناه الطرح والنبذ ، فلما عبر الله عن التكوين أو البشارة بالكلمة حسن التعبير بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171وكلمته ألقاها إلى مريم أي أوصلها إليها وبلغها إياها .
[ ص: 67 ] nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=172لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=173فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا .
هَذِهِ الْآيَاتُ نَزَلَتْ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28975_29434مُحَاجَّةِ النَّصَارَى خَاصَّةً بَعْدَ مُحَاجَّةِ الْيَهُودِ وَإِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ ، وَقَدْ غَلَتِ الْيَهُودُ فِي تَحْقِيرِ
عِيسَى وَإِهَانَتِهِ وَالْكُفْرِ بِهِ ، فَفَرَّطُوا كُلَّ التَّفْرِيطِ ، فَغَلَتِ
النَّصَارَى فِي تَعْظِيمِهِ وَتَقْدِيسِهِ فَأَفْرَطُوا كُلَّ الْإِفْرَاطِ ، فَلَمَّا دَحَضَ - تَعَالَى - شُبُهَاتِ أُولَئِكَ قَفَّى بِدَحْضِ شُبُهَاتِ هَؤُلَاءِ ، فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ فَتَتَجَاوَزُوا الْحُدُودَ الَّتِي حَدَّهَا اللَّهُ لَكُمْ ، فَإِنَّ الزِّيَادَةَ فِي الدِّينِ كَالنَّقْصِ مِنْهُ ، كِلَاهُمَا مُخْرِجٌ لَهُ عَنْ وَضْعِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ أَيِ الثَّابِتَ الْمُتَحَقِّقَ فِي نَفْسِهِ ، إِمَّا بِنَصٍّ دِينِيٍّ مُتَوَاتِرٍ ، وَإِمَّا بِبُرْهَانٍ عَقْلِيٍّ قَاطِعٍ ، وَلَيْسَ لَكُمْ عَلَى مَزَاعِمِكُمْ فِي الْمَسِيحِ شَيْءٌ مِنْهُمَا
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى
بَنِي إِسْرَائِيلَ أَمَرَهُمْ بِأَنْ يَعْبُدُوا اللَّهَ وَحْدَهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وَأَنْ يَرْجِعُوا عَنِ الْإِيمَانِ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ ، وَعَنِ اتِّبَاعِ الْهَوَى وَعِبَادَةِ الْمَالِ ، وَإِيثَارِ شَهَوَاتِ الْأَرْضِ عَلَى مَلَكُوتِ
[ ص: 68 ] السَّمَاءِ ، وَزَهَّدَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ، وَحَثَّهُمْ عَلَى التَّقْوَى ، وَبَشَّرَهُمْ بِالنَّبِيِّ الْخَاتَمِ الَّذِي يُبَيِّنُ لَهُمْ كُلَّ شَيْءٍ ، وَيُقِيمُهُمْ عَلَى صِرَاطِ الِاعْتِدَالِ ، وَيَهْدِيهِمْ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَ حُقُوقِ الْأَرْوَاحِ وَحُقُوقِ الْأَجْسَادِ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ أَيْ وَهُوَ تَحْقِيقُ كَلِمَتِهِ الَّتِي أَلْقَاهَا إِلَى أُمِّهِ
مَرْيَمَ وَمِصْدَاقُهَا ، وَالْمُرَادُ : كَلِمَةُ التَّكْوِينِ أَوِ الْبِشَارَةُ ، فَإِنَّهُ لَمَّا أَرْسَلَ إِلَيْهَا الرُّوحَ الْأَمِينَ
جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، بَشَّرَهَا بِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِأَنْ يَهَبَ لَهَا غُلَامًا زَكِيًّا ، فَاسْتَنْكَرَتْ أَنْ يَكُونَ لَهَا وَلَدٌ وَهِيَ عَذْرَاءُ لَمْ تَتَزَوَّجْ ، فَقَالَ لَهَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=47كَذَلِكِ اللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ( 3 : 47 ) فَكَلِمَةُ ( كُنْ ) هِيَ الْكَلِمَةُ الدَّالَّةُ عَلَى التَّكْوِينِ بِمَحْضِ قُدْرَةِ اللَّهِ - تَعَالَى - عِنْدَ إِرَادَتِهِ خَلْقَ الشَّيْءِ وَإِيجَادَهُ ، وَقَدْ خَلَقَ
الْمَسِيحَ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ ، وَفِي تَفْسِيرِهَا وُجُوهٌ أُخْرَى سَبَقَتْ فِي الْجُزْءِ الثَّالِثِ مِنَ التَّفْسِيرِ ( ص 250 مِنْ هَذِهِ الطَّبْعَةِ ) وَالْإِلْقَاءُ يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَعَانِي وَالْكَلَامِ كَمَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْمَتَاعِ ، قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=86فَأَلْقَوْا إِلَيْهِمُ الْقَوْلَ إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=87وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ ( 16 : 86 ، 87 ) وَمَعْنَاهُ الطَّرْحُ وَالنَّبْذُ ، فَلَمَّا عَبَّرَ اللَّهُ عَنِ التَّكْوِينِ أَوِ الْبِشَارَةِ بِالْكَلِمَةِ حَسُنَ التَّعْبِيرُ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=171وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ أَيْ أَوْصَلَهَا إِلَيْهَا وَبَلَّغَهَا إِيَّاهَا .