nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=29010_28675_19609إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم ولا تزر وازرة وزر أخرى ثم إلى ربكم مرجعكم فينبئكم بما كنتم تعملون إنه عليم بذات الصدور ( 7 )
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=8وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار ( 8 )
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=9أم من هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب ( 9 )
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=10قل يا عبادي الذين آمنوا اتقوا ربكم للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة وأرض الله واسعة إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ( 10 )
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=11قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين ( 11 )
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=12وأمرت لأن أكون أول المسلمين
لما ذكر - سبحانه - النعم التي أنعم بها على عباده وبين لهم من بديع صنعه وعجيب فعله ما يوجب على كل عاقل أن يؤمن به عقبه بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=7إن تكفروا فإن الله غني عنكم أي : غير محتاج إليكم ولا إلى إيمانكم ولا إلى عبادتكم له فإنه الغني المطلق ، " و " مع كون كفر الكافر لا يضره كما أنه لا ينفعه إيمان المؤمن ، فهو أيضا لا يرضى لعباده الكفر أي : لا يرضى لأحد من عباده الكفر ولا يحبه ولا يأمر به ، ومثل هذه الآية قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=8إن تكفروا أنتم ومن في الأرض جميعا فإن الله لغني حميد [ إبراهيم : 8 ] ومثلها ما ثبت في صحيح
مسلم من قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021300يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على قلب أفجر رجل منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئا " .
وقد اختلف المفسرون في هذه الآية هل هي على عمومها ، وإن
nindex.php?page=treesubj&link=28675الكفر غير مرضي لله - سبحانه - على كل حال كما هو الظاهر ، أو هي خاصة ؟ والمعنى : لا يرضى لعباده المؤمنين الكفر ، وقد ذهب إلى التخصيص حبر الأمة
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنه - كما سيأتي بيانه آخر البحث ، وتابعه على ذلك
عكرمة والسدي وغيرهما . ثم اختلفوا في الآية اختلافا آخر . فقال قوم : إنه يريد كفر الكافر ولا يرضاه ، وقال آخرون : إنه لا يريده ولا يرضاه ، والكلام في تحقيق مثل هذا يطول جدا .
وقد استدل القائلون بتخصيص هذه الآية ، والمثبتون للإرادة مع عدم الرضا بما ثبت في آيات كثيرة من الكتاب العزيز أنه - سبحانه - يضل من يشاء [ الرعد : 27 ] ويهدي من يشاء [ يونس : 25 ]
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=29وما تشاءون إلا أن يشاء الله [ الإنسان : 30 ، والتكوير : 29 ] ونحو هذا مما يؤدي معناه كثير في الكتاب العزيز .
ثم لما ذكر - سبحانه - أنه لا يرضى لعباده الكفر بين أنه يرضى لهم الشكر فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=7وإن تشكروا يرضه لكم أي : يرضى لكم الشكر المدلول عليه بقوله وإن تشكروا ويثبكم عليه ، وإنما
nindex.php?page=treesubj&link=19607رضي لهم - سبحانه - الشكر لأنه سبب سعادتهم في الدنيا والآخرة كما قال - سبحانه - :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=7لئن شكرتم لأزيدنكم [ إبراهيم : 7 ] قرأ
أبو جعفر وأبو عمرو وشيبة وهبيرة عن
عاصم بإسكان الهاء من " يرضه " ، وأشبع الضمة على الهاء
ابن ذكوان وابن كثير nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي وابن محيصن nindex.php?page=showalam&ids=17274وورش عن
نافع ، واختلس الباقون .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=7ولا تزر وازرة وزر أخرى أي : لا تحمل نفس حاملة للوزر حمل نفس أخرى ، وقد تقدم تفسير هذه الآية مستوفى .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=7ثم إلى ربكم مرجعكم يوم القيامة . فينبئكم بما كنتم تعملون من خير وشر ، وفيه تهديد شديد .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=7إنه عليم بذات الصدور أي : ما تضمره القلوب وتستره ، فكيف بما تظهره وتبديه .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=8وإذا مس الإنسان ضر أي : ضر كان من مرض أو فقر أو خوف
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=8دعا ربه منيبا إليه أي : راجعا إليه مستغيثا به في دفع ما نزل به تاركا ما كان يدعوه ويستغيث به من ميت أو حي أو صنم أو غير ذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=8ثم إذا خوله نعمة منه أي : أعطاه وملكه ، يقال : خوله أي : ملكه إياه ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو بن العلاء ينشد :
هنالك إن يستخبلوا المال يخبلوا وإن يسألوا يعطوا وإن ييسروا يغلوا
ومنه قول
أبي النجم :
أعطى فلم يبخل ولم يبخل كوم الذرى من خول المخول
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=8نسي ما كان يدعو إليه من قبل أي : نسي الضر الذي كان يدعو الله إلى كشفه عنه من قبل أن يخوله ما خوله وقيل : نسي الدعاء الذي كان يتضرع به وتركه أو نسي ربه الذي كان يدعوه ويتضرع إليه ، ثم جاوز ذلك إلى الشرك بالله ، وهو معنى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=8وجعل لله أندادا أي : شركاء من الأصنام أو غيرها يستغيث بها ويعبدها
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=8ليضل عن سبيله أي : ليضل الناس عن طريق الله التي هي الإسلام والتوحيد .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : يعني أندادا من الرجال يعتمد عليهم في جميع أموره .
ثم أمر الله - سبحانه - رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - أن يهدد من كان متصفا بتلك الصفة فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=8قل تمتع بكفرك قليلا أي : تمتعا قليلا أو زمانا قليلا ، فمتاع الدنيا قليل ، ثم علل ذلك بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=8إنك من أصحاب النار أي : مصيرك إليها عن قريب ، وفيه من التهديد أمر عظيم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : لفظه لفظ الأمر ، ومعناه التهديد والوعيد قرأ الجمهور ( ليضل ) بضم الياء ، وقرأ
ابن كثير وأبو عمرو بفتحها .
ثم لما ذكر - سبحانه - صفات المشركين وتمسكهم بغير الله عند اندفاع المكروهات عنهم ذكر صفات المؤمنين فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=9أمن هو قانت آناء الليل وهذا إلى آخره من تمام الكلام المأمور به رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - .
والمعنى ذلك الكافر
[ ص: 1277 ] أحسن حالا ومآلا ، أمن هو
nindex.php?page=treesubj&link=30415قائم بطاعات الله في السراء والضراء في ساعات الليل ، مستمر على ذلك غير مقتصر على دعاء الله - سبحانه - عند نزول الضرر به .
قرأ
الحسن وأبو عمرو ،
وابن عامر وعاصم nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي أمن بالتشديد ، وقرأ
نافع وابن كثير ،
وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=17340ويحيى بن وثاب ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش بالتخفيف ، فعلى القراءة الأولى " أم " داخلة على " من " الموصولة وأدغمت الميم في الميم و " أم " هي المتصلة ، ومعادلها محذوف تقديره : الكافر خير أم الذي هو قانت .
وقيل : هي المنقطعة المقدرة بـ : بل والهمزة أي : بل أمن هو قانت كالكافر ، وأما على القراءة الثانية فقيل : الهمزة للاستفهام دخلت على من ، والاستفهام للتقرير ومقابله محذوف أي : أمن هو قانت كمن كفر .
وقال
الفراء : إن الهمزة في هذه القراءة للنداء و " من " منادى ، وهي عبارة عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - المأمور بقوله قل تمتع والتقدير : يا من هو قانت ، قل : كيت وكيت ، وقيل : التقدير : يا من هو قانت إنك من أصحاب الجنة .
ومن القائلين بأن الهمزة للنداء
الفراء ، وضعف ذلك
أبو حيان ، وقال : هو أجنبي عما قبله وعما بعده ، وقد سبقه إلى هذا التضعيف أبو علي الفارسي ، واعترض على هذه القراءة من أصلها
أبو حاتم والأخفش ولا وجه لذلك فإنا إذا ثبتت الرواية بطلت الدراية .
وقد اختلف في تفسير القانت هنا فقيل : المطيع ، وقيل : الخاشع في صلاته ، وقيل : القائم في صلاته ، وقيل : الداعي لربه .
قال
النحاس : أصل القنوت الطاعة ، فكل ما قيل فيه فهو داخل في الطاعة ، والمراد بآناء الليل ساعاته ، وقيل : جوفه ، وقيل : ما بين المغرب والعشاء ، وانتصاب ساجدا وقائما على الحال أي : جامعا بين السجود والقيام ، وقدم السجود على القيام لكونه أدخل في العبادة ، ومحل
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=9يحذر الآخرة النصب على الحال أيضا أي : يحذر عذاب الآخرة قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ومقاتل nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=9ويرجو رحمة ربه فيجمع بين الرجاء والخوف ، وما اجتمعا في قلب رجل إلا فاز .
قيل : وفي الكلام حذف ، والتقدير : كمن لا يفعل شيئا من ذلك كما يدل عليه السياق .
ثم أمر الله - سبحانه - رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - أن يقول لهم قولا آخر يتبين به الحق من الباطل فقال
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=9قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون أي : الذين يعلمون أن ما وعد الله به من البعث والثواب والعقاب حق والذين لا يعلمون ذلك ، أو الذين يعلمون ما أنزل الله على رسله والذين لا يعلمون ذلك ، أو المراد العلماء والجهال ومعلوم عند كل من له عقل أنه لا استواء بين العلم والجهل ، ولا بين العالم والجاهل .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج أي : كما لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ، كذلك لا يستوي المطيع والعاصي .
وقيل : المراد بالذين يعلمون : هم العاملون بعلمهم فإنهم المنتفعون به ، لأن من لم يعمل بمنزلة من لم يعلم
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=9إنما يتذكر أولو الألباب أي : إنما يتعظ ويتدبر ويتفكر أصحاب العقول ، وهم المؤمنون لا الكفار ، فإنهم وإن زعموا أن لهم عقولا فهي كالعدم وهذه الجملة ليست من جملة الكلام المأمور به بل من جهة الله - سبحانه - .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=10nindex.php?page=treesubj&link=29010قل يا عبادي الذين آمنوا اتقوا ربكم لما نفى - سبحانه -
nindex.php?page=treesubj&link=18467المساواة بين من يعلم ومن لا يعلم ، وبين أنه
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=9إنما يتذكر أولو الألباب أمر رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - بأن يأمر المؤمنين من عباده بالثبات على تقواه والإيمان به .
والمعنى : يا أيها الذين صدقوا بتوحيد الله اتقوا ربكم بطاعته ، واجتناب معاصيه ، وإخلاص الإيمان له ، ونفي الشركاء عنه ، والمراد قل لهم قولي هذا بعينه .
ثم لما أمر الله - سبحانه - المؤمنين بالتقوى بين لهم ما في هذه التقوى من الفوائد فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=10للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة أي : للذين عملوا الأعمال الحسنة في هذه الدنيا على وجه الإخلاص حسنة عظيمة وهي الجنة ، وقوله : في هذه الدنيا متعلق بـ : أحسنوا ، وقيل : هو متعلق بحسنة على أنه بيان لمكانها ، فيكون المعنى : للذين أحسنوا في العمل حسنة في الدنيا بالصحة والعافية والظفر والغنيمة ، والأول أولى .
ثم لما كان بعض العباد قد يتعسر عليه فعل الطاعات والإحسان في وطنه أرشد الله - سبحانه - من كان كذلك إلى الهجرة فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=10وأرض الله واسعة أي : فليهاجر إلى حيث يمكنه طاعة الله .
والعمل بما أمر به ، والترك لما نهى عنه ، ومثل ذلك قوله - سبحانه - :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=97ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها [ النساء : 97 ] وقد مضى الكلام في الهجرة مستوفى في سورة النساء ، وقيل : المراد بالأرض هنا : أرض الجنة ، رغبهم في سعتها وسعة نعيمها كما في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=133وجنة عرضها السماوات والأرض [ آل عمران : 133 ] والأول أولى .
ثم لما بين - سبحانه - ما للمحسنين إذا أحسنوا ، وكان لا بد في ذلك من الصبر على فعل الطاعة وعلى كف النفس عن الشهوات ، أشار إلى
nindex.php?page=treesubj&link=19572_19579فضيلة الصبر وعظيم مقداره فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=10إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب أي : يوفيهم الله أجرهم في مقابلة صبرهم بغير حساب أي : بما لا يقدر على حصره حاصر ، ولا يستطيع حسبانه حاسب .
قال
عطاء : بما لا يهتدي إليه عقل ولا وصف . وقال
مقاتل : أجرهم الجنة ، وأرزاقهم فيها بغير حساب .
والحاصل أن الآية تدل على أن ثواب الصابرين وأجرهم لا نهاية له ، لأن كل شيء يدخل تحت الحساب فهو متناه ، وما كان لا يدخل تحت الحساب فهو غير متناه ، وهذه فضيلة عظيمة ومثوبة جليلة تقتضي أن على كل راغب في ثواب الله ، وطامع فيما عنده من الخير أن يتوفر على الصبر ويزم نفسه بزمامه ويقيدها بقيده ، فإن الجزع لا يرد قضاء قد نزل ، ولا يجلب خيرا قد سلب ، ولا يدفع مكروها قد وقع ، وإذا تصور العاقل هذا حق تصوره وتعقله حق تعقله علم أن الصابر على ما نزل به قد فاز بهذا الأجر العظيم ، وظفر بهذا الجزاء الخطير ، وغير الصابر قد نزل به القضاء شاء أم أبى ، ومع ذلك فاته من الأجر ما لا يقادر قدره ولا يبلغ مداه ، فضم إلى مصيبته مصيبة أخرى ولم يظفر بغير الجزع ، وما أحسن قول من قال :
أرى الصبر محمودا وعنه مذاهب فكيف إذا ما لم يكن عنه مذهب
[ ص: 1278 ] هناك يحق الصبر والصبر واجب وما كان منه للضرورة أوجب
ثم أمر الله - سبحانه - رسوله - صلى الله عليه وآله وسلم - أن يخبرهم بما أمر به من التوحيد والإخلاص فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=29010_19696قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين أي : أعبده عبادة خالصة من الشرك والرياء وغير ذلك .
قال
مقاتل : إن كفار قريش قالوا للنبي - صلى الله عليه وآله وسلم - : ما يحملك على الذي أتيتنا به ، ألا تنظر إلى ملة أبيك وجدك وسادات قومك يعبدون اللات والعزى فتأخذ بها ؟ فأنزل الله الآية ، وقد تقدم بيان معنى الآية في أول هذه السورة .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=12nindex.php?page=treesubj&link=29010وأمرت لأن أكون أول المسلمين أي : من هذه الأمة ، وكذلك كان - صلى الله عليه وآله وسلم - فإنه أول من خالف دين آبائه ودعا إلى التوحيد ، واللام للتعليل أي : وأمرت بما أمرت به لأجل أن أكون ، وقيل : إنها مزيدة للتأكيد ، والأول أولى .
وقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
والبيهقي في الأسماء والصفات عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=7إن تكفروا فإن الله غني عنكم يعني : الكفار الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم ، فيقولون : لا إله إلا الله ثم قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=7ولا يرضى لعباده الكفر وهم عباده المخلصون الذين قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=42إن عبادي ليس لك عليهم سلطان [ الحجر : 42 ] فألزمهم شهادة أن لا إله إلا الله وحببها إليهم .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد عن
عكرمة nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=7ولا يرضى لعباده الكفر قال : لا يرضى لعباده المسلمين الكفر .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد عن
قتادة قال : والله ما رضي الله لعبد ضلالة ولا أمره بها ولا دعا إليها ، ولكن رضي لكم طاعته وأمركم بها ونهاكم عن معصيته .
وأخرج
ابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية
nindex.php?page=showalam&ids=13359وابن عساكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه تلا هذه الآية :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=9أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة قال : ذاك
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان وفي لفظ : نزلت في
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان .
وأخرج
ابن سعد في طبقاته ،
وابن مردويه nindex.php?page=showalam&ids=13359وابن عساكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=9أمن هو قانت الآية قال : نزلت في
nindex.php?page=showalam&ids=56عمار بن ياسر .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ، عنه في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=9يحذر الآخرة يقول : يحذر عذاب الآخرة .
وأخرج
الترمذي ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه عن
أنس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021301دخل رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - على رجل وهو في الموت فقال : كيف تجدك ؟ قال : أرجو الله وأخاف ذنوبي ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - : لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله الذي يرجو وأمنه الذي يخاف .
أخرجوه من طريق
سيار بن حاتم عن
nindex.php?page=showalam&ids=15635جعفر بن سليمان عن
ثابت عن
أنس .
قال
الترمذي : غريب ، وقد رواه بعضهم عن
ثابت عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - مرسلا .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=29010_28675_19609إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ( 7 )
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=8وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ( 8 )
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=9أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ( 9 )
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=10قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ( 10 )
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=11قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ( 11 )
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=12وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ
لَمَّا ذَكَرَ - سُبْحَانَهُ - النِّعَمَ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَى عِبَادِهِ وَبَيَّنَ لَهُمْ مِنْ بَدِيعِ صُنْعِهِ وَعَجِيبِ فِعْلِهِ مَا يُوجِبُ عَلَى كُلِّ عَاقِلٍ أَنْ يُؤْمِنَ بِهِ عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=7إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ أَيْ : غَيْرُ مُحْتَاجٍ إِلَيْكُمْ وَلَا إِلَى إِيمَانِكُمْ وَلَا إِلَى عِبَادَتِكُمْ لَهُ فَإِنَّهُ الْغَنِيُّ الْمُطْلَقُ ، " وَ " مَعَ كَوْنِ كُفْرِ الْكَافِرِ لَا يَضُرُّهُ كَمَا أَنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ إِيمَانُ الْمُؤْمِنِ ، فَهُوَ أَيْضًا لَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ أَيْ : لَا يَرْضَى لِأَحَدٍ مِنْ عِبَادِهِ الْكُفْرَ وَلَا يُحِبُّهُ وَلَا يَأْمُرُ بِهِ ، وَمِثْلُ هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=8إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ [ إِبْرَاهِيمَ : 8 ] وَمِثْلُهَا مَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ
مُسْلِمٍ مِنْ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021300يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى قَلْبِ أَفْجَرِ رَجُلٍ مِنْكُمْ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا " .
وَقَدِ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ هَلْ هِيَ عَلَى عُمُومِهَا ، وَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28675الْكُفْرَ غَيْرُ مَرْضِيٍّ لِلَّهِ - سُبْحَانَهُ - عَلَى كُلِّ حَالٍ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ ، أَوْ هِيَ خَاصَّةٌ ؟ وَالْمَعْنَى : لَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ الْكُفْرَ ، وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى التَّخْصِيصِ حَبْرُ الْأُمَّةِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ آخِرَ الْبَحْثِ ، وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ
عِكْرِمَةُ وَالسُّدِّيُّ وَغَيْرُهُمَا . ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي الْآيَةِ اخْتِلَافًا آخَرَ . فَقَالَ قَوْمٌ : إِنَّهُ يُرِيدُ كُفْرَ الْكَافِرِ وَلَا يَرْضَاهُ ، وَقَالَ آخَرُونَ : إِنَّهُ لَا يُرِيدُهُ وَلَا يَرْضَاهُ ، وَالْكَلَامُ فِي تَحْقِيقِ مِثْلِ هَذَا يَطُولُ جِدًّا .
وَقَدِ اسْتَدَلَّ الْقَائِلُونَ بِتَخْصِيصِ هَذِهِ الْآيَةِ ، وَالْمُثْبِتُونَ لِلْإِرَادَةِ مَعَ عَدَمِ الرِّضَا بِمَا ثَبَتَ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنِ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ - سُبْحَانَهُ - يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ [ الرَّعْدِ : 27 ] وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [ يُونُسَ : 25 ]
nindex.php?page=tafseer&surano=81&ayano=29وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [ الْإِنْسَانِ : 30 ، وَالتَّكْوِيرِ : 29 ] وَنَحْوُ هَذَا مِمَّا يُؤَدِّي مَعْنَاهُ كَثِيرٌ فِي الْكِتَابِ الْعَزِيزِ .
ثُمَّ لَمَّا ذَكَرَ - سُبْحَانَهُ - أَنَّهُ لَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ بَيَّنَ أَنَّهُ يَرْضَى لَهُمُ الشُّكْرَ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=7وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ أَيْ : يَرْضَى لَكُمُ الشُّكْرَ الْمَدْلُولَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ تَشْكُرُوا وَيُثِبْكُمْ عَلَيْهِ ، وَإِنَّمَا
nindex.php?page=treesubj&link=19607رَضِيَ لَهُمْ - سُبْحَانَهُ - الشُّكْرَ لِأَنَّهُ سَبَبُ سَعَادَتِهِمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ كَمَا قَالَ - سُبْحَانَهُ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=7لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ [ إِبْرَاهِيمَ : 7 ] قَرَأَ
أَبُو جَعْفَرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَشَيْبَةُ وَهُبَيْرَةُ عَنْ
عَاصِمٍ بِإِسْكَانِ الْهَاءِ مَنْ " يَرْضَهُ " ، وَأَشْبَعَ الضَّمَّةَ عَلَى الْهَاءِ
ابْنُ ذَكْوَانَ وَابْنُ كَثِيرٍ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ وَابْنُ مُحَيْصِنٍ nindex.php?page=showalam&ids=17274وَوَرْشٌ عَنْ
نَافِعٍ ، وَاخْتَلَسَ الْبَاقُونَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=7وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى أَيْ : لَا تَحْمِلُ نَفْسٌ حَامِلَةٌ لِلْوِزْرِ حِمْلَ نَفْسٍ أُخْرَى ، وَقَدْ تَقَدَّمَ تَفْسِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ مُسْتَوْفًى .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=7ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ . فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ ، وَفِيهِ تَهْدِيدٌ شَدِيدٌ .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=7إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ أَيْ : مَا تُضْمِرُهُ الْقُلُوبُ وَتَسْتُرُهُ ، فَكَيْفَ بِمَا تُظْهِرُهُ وَتُبْدِيهِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=8وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ أَيْ : ضُرٌّ كَانَ مِنْ مَرَضٍ أَوْ فَقْرٍ أَوْ خَوْفٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=8دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ أَيْ : رَاجِعًا إِلَيْهِ مُسْتَغِيثًا بِهِ فِي دَفْعِ مَا نَزَلَ بِهِ تَارِكًا مَا كَانَ يَدْعُوهُ وَيَسْتَغِيثُ بِهِ مِنْ مَيِّتٍ أَوْ حَيٍّ أَوْ صَنَمٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=8ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ أَيْ : أَعْطَاهُ وَمَلَّكَهُ ، يُقَالُ : خَوَّلَهُ أَيْ : مَلَّكَهُ إِيَّاهُ ، وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ يُنْشِدُ :
هُنَالِكَ إِنْ يُسْتَخْبَلُوا الْمَالَ يُخْبِلُوا وَإِنْ يُسْأَلُوا يُعْطُوا وَإِنْ يَيْسِرُوا يَغْلُوا
وَمِنْهُ قَوْلُ
أَبِي النَّجْمِ :
أَعْطَى فَلَمْ يَبْخَلْ وَلَمْ يَبْخَلِ كُومُ الذُّرَى مَنْ خَوَلِ الْمُخَوَّلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=8نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ أَيْ : نَسِيَ الضُّرَّ الَّذِي كَانَ يَدْعُو اللَّهَ إِلَى كَشْفِهِ عَنْهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُخَوِّلَهُ مَا خَوَّلَهُ وَقِيلَ : نَسِيَ الدُّعَاءَ الَّذِي كَانَ يَتَضَرَّعُ بِهِ وَتَرَكَهُ أَوْ نَسِيَ رَبَّهِ الَّذِي كَانَ يَدْعُوهُ وَيَتَضَرَّعُ إِلَيْهِ ، ثُمَّ جَاوَزَ ذَلِكَ إِلَى الشِّرْكِ بِاللَّهِ ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=8وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْدَادًا أَيْ : شُرَكَاءَ مِنَ الْأَصْنَامِ أَوْ غَيْرِهَا يَسْتَغِيثُ بِهَا وَيَعْبُدُهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=8لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِهِ أَيْ : لِيُضِلَّ النَّاسَ عَنْ طَرِيقِ اللَّهِ الَّتِي هِيَ الْإِسْلَامُ وَالتَّوْحِيدُ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : يَعْنِي أَنْدَادًا مِنَ الرِّجَالِ يَعْتَمِدُ عَلَيْهِمْ فِي جَمِيعِ أُمُورِهِ .
ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ - رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُهَدِّدَ مَنْ كَانَ مُتَّصِفًا بِتِلْكَ الصِّفَةِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=8قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا أَيْ : تَمَتُّعًا قَلِيلًا أَوْ زَمَانًا قَلِيلًا ، فَمَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ ، ثُمَّ عَلَّلَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=8إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ أَيْ : مَصِيرُكَ إِلَيْهَا عَنْ قَرِيبٍ ، وَفِيهِ مِنَ التَّهْدِيدِ أَمْرٌ عَظِيمٌ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : لَفْظُهُ لَفْظُ الْأَمْرِ ، وَمَعْنَاهُ التَّهْدِيدُ وَالْوَعِيدُ قَرَأَ الْجُمْهُورُ ( لِيُضِلَّ ) بِضَمِّ الْيَاءِ ، وَقَرَأَ
ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو بِفَتْحِهَا .
ثُمَّ لَمَّا ذَكَرَ - سُبْحَانَهُ - صِفَاتِ الْمُشْرِكِينَ وَتَمَسُّكَهُمْ بِغَيْرِ اللَّهِ عِنْدَ انْدِفَاعِ الْمَكْرُوهَاتِ عَنْهُمْ ذَكَرَ صِفَاتِ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=9أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهَذَا إِلَى آخِرِهِ مِنْ تَمَامِ الْكَلَامِ الْمَأْمُورِ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - .
وَالْمَعْنَى ذَلِكَ الْكَافِرُ
[ ص: 1277 ] أَحْسَنُ حَالًا وَمَآلًا ، أَمَّنْ هُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=30415قَائِمٌ بِطَاعَاتِ اللَّهِ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ فِي سَاعَاتِ اللَّيْلِ ، مُسْتَمِرٌّ عَلَى ذَلِكَ غَيْرُ مُقْتَصِرٍ عَلَى دُعَاءِ اللَّهِ - سُبْحَانَهُ - عِنْدَ نُزُولِ الضَّرَرِ بِهِ .
قَرَأَ
الْحَسَنُ وَأَبُو عَمْرٍو ،
وَابْنُ عَامِرٍ وَعَاصِمٌ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ أَمَّنْ بِالتَّشْدِيدِ ، وَقَرَأَ
نَافِعٌ وَابْنُ كَثِيرٍ ،
وَحَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=17340وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ بِالتَّخْفِيفِ ، فَعَلَى الْقِرَاءَةِ الْأُولَى " أَمْ " دَاخِلَةٌ عَلَى " مَنْ " الْمَوْصُولَةِ وَأُدْغِمَتِ الْمِيمُ فِي الْمِيمِ وَ " أَمْ " هِيَ الْمُتَّصِلَةُ ، وَمُعَادِلُهَا مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ : الْكَافِرُ خَيْرٌ أَمِ الَّذِي هُوَ قَانِتٌ .
وَقِيلَ : هِيَ الْمُنْقَطِعَةُ الْمُقَدَّرَةُ بِـ : بَلْ وَالْهَمْزَةِ أَيْ : بَلْ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ كَالْكَافِرِ ، وَأَمَّا عَلَى الْقِرَاءَةِ الثَّانِيَةِ فَقِيلَ : الْهَمْزَةُ لِلِاسْتِفْهَامِ دَخَلَتْ عَلَى مَنْ ، وَالِاسْتِفْهَامُ لِلتَّقْرِيرِ وَمُقَابِلُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ : أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ كَمَنْ كَفَرَ .
وَقَالَ
الْفَرَّاءُ : إِنَّ الْهَمْزَةَ فِي هَذِهِ الْقِرَاءَةِ لِلنِّدَاءِ وَ " مَنْ " مُنَادَى ، وَهِيَ عِبَارَةٌ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - الْمَأْمُورِ بِقَوْلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ وَالتَّقْدِيرُ : يَا مَنْ هُوَ قَانِتٌ ، قُلْ : كَيْتَ وَكَيْتَ ، وَقِيلَ : التَّقْدِيرُ : يَا مَنْ هُوَ قَانِتٌ إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ الْجَنَّةِ .
وَمِنَ الْقَائِلِينَ بِأَنَّ الْهَمْزَةَ لِلنِّدَاءِ
الْفَرَّاءُ ، وَضَعَّفَ ذَلِكَ
أَبُو حَيَّانَ ، وَقَالَ : هُوَ أَجْنَبِيٌّ عَمَّا قَبْلَهُ وَعَمَّا بَعْدَهُ ، وَقَدْ سَبَقَهُ إِلَى هَذَا التَّضْعِيفِ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ ، وَاعْتَرَضَ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ مِنْ أَصْلِهَا
أَبُو حَاتِمٍ وَالْأَخْفَشُ وَلَا وَجْهَ لِذَلِكَ فَإِنَّا إِذَا ثَبَتَتِ الرِّوَايَةُ بَطَلَتِ الدِّرَايَةُ .
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَفْسِيرِ الْقَانِتِ هُنَا فَقِيلَ : الْمُطِيعُ ، وَقِيلَ : الْخَاشِعُ فِي صَلَاتِهِ ، وَقِيلَ : الْقَائِمُ فِي صَلَاتِهِ ، وَقِيلَ : الدَّاعِي لِرَبِّهِ .
قَالَ
النَّحَّاسُ : أَصْلُ الْقُنُوتَ الطَّاعَةُ ، فَكُلُّ مَا قِيلَ فِيهِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الطَّاعَةِ ، وَالْمُرَادُ بِآنَاءِ اللَّيْلِ سَاعَاتُهُ ، وَقِيلَ : جَوْفُهُ ، وَقِيلَ : مَا بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعَشَاءِ ، وَانْتِصَابُ سَاجِدًا وَقَائِمًا عَلَى الْحَالِ أَيْ : جَامَعًا بَيْنَ السُّجُودِ وَالْقِيَامِ ، وَقُدِّمَ السُّجُودُ عَلَى الْقِيَامِ لِكَوْنِهِ أَدْخَلَ فِي الْعِبَادَةِ ، وَمَحَلُّ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=9يَحْذَرُ الْآخِرَةَ النَّصْبُ عَلَى الْحَالِ أَيْضًا أَيْ : يَحْذَرُ عَذَابَ الْآخِرَةِ قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُقَاتِلٌ nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=9وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ فَيَجْمَعُ بَيْنَ الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ ، وَمَا اجْتَمَعَا فِي قَلْبِ رَجُلٍ إِلَّا فَازَ .
قِيلَ : وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ ، وَالتَّقْدِيرُ : كَمَنْ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ .
ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ - رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَقُولَ لَهُمْ قَوْلًا آخَرَ يَتَبَيَّنُ بِهِ الْحَقَّ مِنَ الْبَاطِلِ فَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=9قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ أَيِ : الَّذِينَ يَعْلَمُونَ أَنَّ مَا وَعَدَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْبَعْثِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ حَقٌّ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ذَلِكَ ، أَوِ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رُسُلِهِ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ذَلِكَ ، أَوِ الْمُرَادُ الْعُلَمَاءُ وَالْجُهَّالُ وَمَعْلُومٌ عِنْدَ كُلِّ مَنْ لَهُ عَقْلٌ أَنَّهُ لَا اسْتِوَاءَ بَيْنَ الْعِلْمِ وَالْجَهْلِ ، وَلَا بَيْنَ الْعَالِمِ وَالْجَاهِلِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ أَيْ : كَمَا لَا يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ، كَذَلِكَ لَا يَسْتَوِي الْمُطِيعُ وَالْعَاصِي .
وَقِيلَ : الْمُرَادُ بِالَّذِينِ يَعْلَمُونَ : هُمُ الْعَامِلُونَ بِعِلْمِهِمْ فَإِنَّهُمُ الْمُنْتَفِعُونَ بِهِ ، لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَمْ يَعْلَمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=9إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ أَيْ : إِنَّمَا يَتَّعِظُ وَيَتَدَبَّرُ وَيَتَفَكَّرُ أَصْحَابُ الْعُقُولِ ، وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ لَا الْكُفَّارُ ، فَإِنَّهُمْ وَإِنْ زَعَمُوا أَنَّ لَهُمْ عُقُولًا فَهِيَ كَالْعَدَمِ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ لَيْسَتْ مِنْ جُمْلَةِ الْكَلَامِ الْمَأْمُورِ بِهِ بَلْ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ - سُبْحَانَهُ - .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=10nindex.php?page=treesubj&link=29010قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لَمَّا نَفَى - سُبْحَانَهُ -
nindex.php?page=treesubj&link=18467الْمُسَاوَاةَ بَيْنَ مَنْ يَعْلَمُ وَمَنْ لَا يَعْلَمُ ، وَبَيَّنَ أَنَّهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=9إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ أَمَرَ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - بِأَنْ يَأْمُرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ عِبَادِهِ بِالثَّبَاتِ عَلَى تَقْوَاهُ وَالْإِيمَانِ بِهِ .
وَالْمَعْنَى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا بِتَوْحِيدِ اللَّهِ اتَّقُوا رَبَّكُمْ بِطَاعَتِهِ ، وَاجْتِنَابِ مَعَاصِيهِ ، وَإِخْلَاصِ الْإِيمَانِ لَهُ ، وَنَفْيِ الشُّرَكَاءِ عَنْهُ ، وَالْمُرَادُ قُلْ لَهُمْ قَوْلِي هَذَا بِعَيْنِهِ .
ثُمَّ لَمَّا أَمَرَ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ - الْمُؤْمِنِينَ بِالتَّقْوَى بَيَّنَ لَهُمْ مَا فِي هَذِهِ التَّقْوَى مِنَ الْفَوَائِدِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=10لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ أَيْ : لِلَّذِينِ عَمِلُوا الْأَعْمَالَ الْحَسَنَةَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا عَلَى وَجْهِ الْإِخْلَاصِ حَسَنَةٌ عَظِيمَةٌ وَهِيَ الْجَنَّةُ ، وَقَوْلُهُ : فِي هَذِهِ الدُّنْيَا مُتَعَلِّقٌ بِـ : أَحْسَنُوا ، وَقِيلَ : هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِحَسَنَةٍ عَلَى أَنَّهُ بَيَانٌ لِمَكَانِهَا ، فَيَكُونُ الْمَعْنَى : لِلَّذِينِ أَحْسَنُوا فِي الْعَمَلِ حَسَنَةٌ فِي الدُّنْيَا بِالصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ وَالظَّفَرِ وَالْغَنِيمَةِ ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى .
ثُمَّ لَمَّا كَانَ بَعْضُ الْعِبَادِ قَدْ يَتَعَسَّرُ عَلَيْهِ فِعْلُ الطَّاعَاتِ وَالْإِحْسَانِ فِي وَطَنِهِ أَرْشَدَ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ - مَنْ كَانَ كَذَلِكَ إِلَى الْهِجْرَةِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=10وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ أَيْ : فَلْيُهَاجِرْ إِلَى حَيْثُ يُمْكِنُهُ طَاعَةُ اللَّهِ .
وَالْعَمَلُ بِمَا أَمَرَ بِهِ ، وَالتَّرْكُ لِمَا نَهَى عَنْهُ ، وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ - سُبْحَانَهُ - :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=97أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا [ النِّسَاءِ : 97 ] وَقَدْ مَضَى الْكَلَامُ فِي الْهِجْرَةِ مُسْتَوْفًى فِي سُورَةِ النِّسَاءِ ، وَقِيلَ : الْمُرَادُ بِالْأَرْضِ هُنَا : أَرْضُ الْجَنَّةِ ، رَغَّبَهُمْ فِي سِعَتِهَا وَسِعَةِ نَعِيمِهَا كَمَا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=133وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ [ آلِ عِمْرَانَ : 133 ] وَالْأَوَّلُ أَوْلَى .
ثُمَّ لَمَّا بَيَّنَ - سُبْحَانَهُ - مَا لِلْمُحْسِنِينَ إِذَا أَحْسَنُوا ، وَكَانَ لَا بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى فِعْلِ الطَّاعَةِ وَعَلَى كَفِّ النَّفْسِ عَنِ الشَّهَوَاتِ ، أَشَارَ إِلَى
nindex.php?page=treesubj&link=19572_19579فَضِيلَةِ الصَّبْرِ وَعَظِيمِ مِقْدَارِهِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=10إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ أَيْ : يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ أَجْرَهُمْ فِي مُقَابَلَةِ صَبْرِهِمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ أَيْ : بِمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى حَصْرِهِ حَاصِرٌ ، وَلَا يَسْتَطِيعُ حُسْبَانَهُ حَاسِبٌ .
قَالَ
عَطَاءٌ : بِمَا لَا يَهْتَدِي إِلَيْهِ عَقْلٌ وَلَا وَصْفٌ . وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : أَجْرُهُمُ الْجَنَّةُ ، وَأَرْزَاقُهُمْ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ .
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ ثَوَابَ الصَّابِرِينَ وَأَجْرَهُمْ لَا نِهَايَةَ لَهُ ، لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَدْخُلُ تَحْتَ الْحِسَابِ فَهُوَ مُتَنَاهٍ ، وَمَا كَانَ لَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْحِسَابِ فَهُوَ غَيْرُ مُتَنَاهٍ ، وَهَذِهِ فَضِيلَةٌ عَظِيمَةٌ وَمَثُوبَةٌ جَلِيلَةٌ تَقْتَضِي أَنَّ عَلَى كُلِّ رَاغِبٍ فِي ثَوَابِ اللَّهِ ، وَطَامِعٍ فِيمَا عِنْدَهُ مِنَ الْخَيْرِ أَنْ يَتَوَفَّرَ عَلَى الصَّبْرِ وَيَزُمَّ نَفْسَهُ بِزِمَامِهِ وَيُقَيِّدَهَا بِقَيْدِهِ ، فَإِنَّ الْجَزَعَ لَا يَرُدُّ قَضَاءً قَدْ نَزَلَ ، وَلَا يَجْلِبُ خَيْرًا قَدْ سُلِبَ ، وَلَا يَدْفَعُ مَكْرُوهًا قَدْ وَقَعَ ، وَإِذَا تَصَوَّرَ الْعَاقِلُ هَذَا حَقَّ تَصَوُّرِهِ وَتَعَقَّلَهُ حَقَّ تَعَقُّلِهِ عَلِمَ أَنَّ الصَّابِرَ عَلَى مَا نَزَلَ بِهِ قَدْ فَازَ بِهَذَا الْأَجْرِ الْعَظِيمِ ، وَظَفِرَ بِهَذَا الْجَزَاءِ الْخَطِيرِ ، وَغَيْرَ الصَّابِرِ قَدْ نَزَلَ بِهِ الْقَضَاءُ شَاءَ أَمْ أَبَى ، وَمَعَ ذَلِكَ فَاتَهُ مِنَ الْأَجْرِ مَا لَا يُقَادَرُ قَدْرُهُ وَلَا يَبْلُغُ مَدَاهُ ، فَضَمَّ إِلَى مُصِيبَتِهِ مُصِيبَةً أُخْرَى وَلَمْ يَظْفَرْ بِغَيْرِ الْجَزَعِ ، وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ مَنْ قَالَ :
أَرَى الصَّبْرَ مَحْمُودًا وَعَنْهُ مَذَاهِبُ فَكَيْفَ إِذَا مَا لَمْ يَكُنْ عَنْهُ مَذْهَبُ
[ ص: 1278 ] هُنَاكَ يَحِقُّ الصَّبْرُ وَالصَّبْرُ وَاجِبٌ وَمَا كَانَ مِنْهُ لِلضَّرُورَةِ أَوْجَبُ
ثُمَّ أَمَرَ اللَّهُ - سُبْحَانَهُ - رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُخْبِرَهُمْ بِمَا أُمِرَ بِهِ مِنَ التَّوْحِيدِ وَالْإِخْلَاصِ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=11nindex.php?page=treesubj&link=29010_19696قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ أَيْ : أَعْبُدُهُ عِبَادَةً خَالِصَةً مِنَ الشِّرْكِ وَالرِّيَاءِ وَغَيْرِ ذَلِكَ .
قَالَ
مُقَاتِلٌ : إِنَّ كُفَّارَ قُرَيْشٍ قَالُوا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - : مَا يَحْمِلُكَ عَلَى الَّذِي أَتَيْتَنَا بِهِ ، أَلَا تَنْظُرُ إِلَى مِلَّةِ أَبِيكَ وَجَدِّكَ وَسَادَاتِ قَوْمِكَ يَعْبُدُونَ اللَّاتَ وَالْعُزَّى فَتَأْخُذُ بِهَا ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْآيَةَ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ مَعْنَى الْآيَةِ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=12nindex.php?page=treesubj&link=29010وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ أَيْ : مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ ، وَكَذَلِكَ كَانَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ خَالَفَ دِينَ آبَائِهِ وَدَعَا إِلَى التَّوْحِيدِ ، وَاللَّامُ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ : وَأَمَرْتُ بِمَا أَمَرْتُ بِهِ لِأَجْلِ أَنْ أَكُونَ ، وَقِيلَ : إِنَّهَا مَزِيدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى .
وَقَدْ أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ ،
وَابْنُ الْمُنْذِرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ،
وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=7إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ يَعْنِي : الْكُفَّارَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ ، فَيَقُولُونَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=7وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَهُمْ عِبَادُهُ الْمُخْلِصُونَ الَّذِينَ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=42إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ [ الْحِجْرِ : 42 ] فَأَلْزَمَهُمْ شَهَادَةَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحَبَّبَهَا إِلَيْهِمْ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16298عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ
عِكْرِمَةَ nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=7وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ قَالَ : لَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْمُسْلِمِينَ الْكُفْرَ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16298عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْ
قَتَادَةَ قَالَ : وَاللَّهِ مَا رَضِيَ اللَّهُ لِعَبْدٍ ضَلَالَةً وَلَا أَمَرَهُ بِهَا وَلَا دَعَا إِلَيْهَا ، وَلَكِنْ رَضِيَ لَكُمْ طَاعَتَهُ وَأَمَرَكُمْ بِهَا وَنَهَاكُمْ عَنْ مَعْصِيَتِهِ .
وَأَخْرَجَ
ابْنُ الْمُنْذِرِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ،
وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=13359وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=9أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ قَالَ : ذَاكَ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَفِي لَفْظٍ : نَزَلَتْ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ .
وَأَخْرَجَ
ابْنُ سَعْدٍ فِي طَبَقَاتِهِ ،
وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ nindex.php?page=showalam&ids=13359وَابْنُ عَسَاكِرَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=9أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ الْآيَةَ قَالَ : نَزَلَتْ فِي
nindex.php?page=showalam&ids=56عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ .
وَأَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، عَنْهُ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=9يَحْذَرُ الْآخِرَةَ يَقُولُ : يَحْذَرُ عَذَابَ الْآخِرَةِ .
وَأَخْرَجَ
التِّرْمِذِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ
أَنَسٍ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1021301دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - عَلَى رَجُلٍ وَهُوَ فِي الْمَوْتِ فَقَالَ : كَيْفَ تَجِدُكَ ؟ قَالَ : أَرْجُو اللَّهَ وَأَخَافُ ذُنُوبِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - : لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ الَّذِي يَرْجُو وَأَمَّنَهُ الَّذِي يَخَافُ .
أَخْرَجُوهُ مِنْ طَرِيقِ
سَيَّارِ بْنِ حَاتِمٍ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15635جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ
ثَابِتٍ عَنْ
أَنَسٍ .
قَالَ
التِّرْمِذِيُّ : غَرِيبٌ ، وَقَدْ رَوَاهُ بَعْضُهُمْ عَنْ
ثَابِتٍ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - مُرْسَلًا .