[ ص: 488 ] الباب الأول في أسباب الوجوب والطرق .
أما الأسباب فستة : النذر ، وقتل الخطأ ، والظهار ، والحنث ، واختلال النسك - وستأتي ، وظهور الهلال .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=2380الطرق المثبتة للهلال ، قال صاحب التلخيص : هي ستة : رؤية الإنسان لنفسه ، والرؤية العامة والخاصة عند الحاكم ، وخبر الواحد في موضع ليس فيه إمام أو فيه لكن لا يعنى بأمور الناس ، أو تنقل إلى بلد عما ثبت في بلد آخر على المشهور .
فروع سبعة :
الأول : في الكتاب : لا تقبل شهادة الواحد ويصوم وحده ، فإن أفطر فعليه الكفارة ، ويجب أن يعلم الإمام لعل غيره يوافقه . قال
سند : إلا أن يكون عبدا أو فاسقا أو امرأة أو مجهولا لانعدام الفائدة ، وفي الجواهر قيل : يرفعه وإن كان لا يرجى قبول شهادته رجاء الاستفاضة ، ويثبت بشهادة عدلين ، ومنع
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون إن كانت السماء مصحية والمصر كبير ، ولا يثبت شوال إلا باثنين ، ونقل صاحب التلخيص ثبوته بالواحد ، وقال ( ش )
nindex.php?page=showalam&ids=12251وابن حنبل :
nindex.php?page=treesubj&link=2388يثبت رمضان بالواحد ، وخصصه ( ح ) بالغيم ، قال
اللخمي : جوز
nindex.php?page=showalam&ids=12873ابن الماجشون الصوم والفطر
[ ص: 489 ] بخبر الواحد عن رؤية نفسه أو رؤية غيره ; لقوله : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348461إن بلالا يؤذن بليل ; فكلوا واشربوا حتى يؤذن nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم " . فأجاز الصوم بخبر الواحد ، وقال
أبو الحسن : وعلى هذا يجوز الفطر آخر النهار بخبر الواحد .
فإن قيل : المؤذن كالوكيل للناس يخبرهم ، قلنا : يلزم إذا وكلوا من يترصد لهم الهلال أن يقبل وحده ، وفي
أبي داود :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348822قال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : تراءى الناس الهلال ، فأخبرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أني رأيته فصام وأمر الناس بصيامه .
جوابه : ليس فيه ما يمنع تقدم شهادة غيره فجاز تقدمه ، ويعضده ما في الصحيحين : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348823صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ، فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين ، وإن شهد ذوا عدل فصوموا وأفطروا وانسكوا " ، وقياسا على شوال ، وأما المؤذن فإنما قبل قوله في تعيين أول النهار ، وإلا فالصوم معلوم الوجوب لا بد منه ، بخلاف اليوم الأول : فإن الصوم منوط بالشاهد ، قال
سند : فلو حكم الإمام بالصوم بالواحد لم يخالف - وفيه نظر ; لأنه فتوى لا حكم .
تمهيد :
الأحكام على ثلاثة أقسام : منها ما لا يثبت إلا بالشهادة كوجوب تنفيذ الدعاوى عند الحكام ، وما يكفي فيه الواحد كالفتاوى من المجتهدين ، وما اختلف في لحوقه بأحدهما كمخبر المصلي بعدد الركعات ، ورمضان ، وغيرهما ، فما حكم الأول والثاني حتى يظهر الصواب في إلحاق الثالث بأيهما ؟
قال
المازري في شرح البرهان : الحقوق منها عام في الأشخاص والأزمان كالفتيا فيقبل فيه الواحد لعدم التهمة في معاداة جملة الأئمة ، وخاص لمعين كالدعوى عند الحاكم فيشترط العدد لدفع التهمة بعداوة الشاهد باطنا ، ورمضان
[ ص: 490 ] لا يعم الأزمان وإن عم البلدان فاجتمع فيه الشبهان ، فوقع الخلاف في أيهما يغلب ، وقوي انتفاء التهمة بمشاركة الشاهد في الحكم ، وكذلك ضعفت التهمة في الصلاة لعدم تصور المصلي لكونه ساعيا في قربة ، فأشبه الفتوى في عدم التهمة .
الثاني في الجلاب :
nindex.php?page=treesubj&link=2418إذا ثبت رمضان في بلد من البلدان ; لزم الصوم لكل بلد نقل إليهم . وقال
عبد الملك : إن كان ثبوته بالاستفاضة حتى لا يكون من باب الحكم وإلا فلا يلزم ، إلا أن يكون ثبوته عند الإمام لعموم حكمه ، وفي
أبي داود nindex.php?page=hadith&LINKID=10348824عن كريب : أن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس سأله لما قدم من الشام عن هلال رمضان : متى رأيتم الهلال ؟ قال : قلت : رأيته يوم الجمعة . قال : أنت رأيته . قلت : نعم ، ورآه الناس وصاموا وصام معاوية . قال nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصومه حتى نكمل الثلاثين أو نراه . فقلت له : أفلا نكتفي برؤية معاوية ؟ فقال : لا ، هكذا أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وأجاب : المشهور عن هذا أن
المدينة كانت مصحية ولم ير فيها ، فقدمت المشاهدة على الخبر : خبر
كريب ، ويكون ذلك معنى قوله : هكذا أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لا نرجع عن اليقين إلى الظن ، مع أن المشهور لا فرق بين أن يرصد مع الصحو أم لا ، بل قضي بالثبوت مطلقا فيشكل الحديث .
( قاعدة ) :
نصب الله تعالى الأوقات أسبابا للأحكام كالفجر والزوال ورؤية الهلال ، كما نصب الأفعال أسبابا نحو السرقة والزنا ، والأوقات تختلف بحسب الأقطار ، فما من زوال لقوم إلا وهو فجر لقوم ، وعصر لقوم ، ومغرب لقوم ونصف الليل لقوم ، بل كلما تحركت الشمس درجة ، فتلك الدرجة بعينها هي فجر وطلوع شمس وزوال وغروب ونصف ليل ونصف نهار وسائر أسماء الزمان ينسب إليها بحسب أقطار مختلفة ، وخاطب الله تعالى كل قوم بما يتحقق في قطرهم لا في قطر غيرهم ،
[ ص: 491 ] فلا يخاطب أحد بزوال غير بلده ولا بفجره ، وهذا مجمع عليه ، وكذلك الهلال مطالعه مختلفة فيظهر في المغرب ولا يظهر في المشرق إلا في الليلة الثانية بحسب احتباسه في الشعاع ، وهذا معلوم بالضرورة لمن ينظر فيه ، ومقتضى القاعدة أن يخاطب كل أحد بهلال قطره ، ولا يلزمه حكم غيره ولو ثبت بالطرق القاطعة ، كما لا يلزمنا الصبح وإن قطعنا بأن الفجر قد طلع على من شرق عنا كما قاله ( ح ) . إلى هذا أشار
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في هذا الحديث بقوله : بأن
nindex.php?page=treesubj&link=2418لأهل كل بلد رؤيتهم ، ولو كان ذلك لم ينقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، ولا غيره من الخلفاء : أنه كان يكتب إلى الأقطار ، ويبعث البريد : إني قد رأيت الهلال فصوموا ، بل كانوا يتركون الناس مع مرئيهم فيصير حدا مجمعا عليه ، ويشكل على هذا المشهور ، وقول
عبد الملك أيضا في قصره اللزوم على محل الولاية في الحكم دون الاستفاضة ، ( وكذلك ) إذا ثبت عند الإمام الأعظم وحكم به بالشاهدين - إن حكم به على أهل قطره لا يتعداهم ، أو على غيرهم فينبغي ألا ينفذ حكمه ; لأنه حكم بغير سبب ، وكل حكم بغير سبب لا يلزم ولا ينفذ .
الثالث : في الكتاب : لا يقبل في ذي الحجة إلا عدلان ، قال
سند : إن رأى شوالا واحد قال
مالك : لا يفطر سدا لذريعة المتهاونين . وقال
عبد الملك : في الفطر بقلبه ، وقال
ابن القاسم : يأكل بحيث لا يرى ، وقال
أشهب : إن ظهر عليه في . . . . . . ولم يذكره قبل ذلك عوقب إن اتهم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251ابن حنبل : لا يفطر لعدم ثبوته واحتياطا للصوم . لنا قوله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348825وأفطروا لرؤيته " - وقد رئي ، قال
أبو الطاهر : إن لم يخف . . . . . . . اتفاقا ، وإن كان مسافرا أو له عذر فالمذهب الفطر ;
[ ص: 492 ] وإن لم يكن له عذر وأمن من الاطلاع ، فالمشهور : لا يفطر سدا لذريعة المتهاونين . . . . . . . الفطر . . . . . . لوجود السبب ; فإن شهد على رمضان شاهدان ، ولم . . . . . مع الصحو فكمال العدة ، قال
مالك : يكمل عدة شعبان خلافا ل ( ش ) . . . لو شهد واحد برمضان وآخر بشوال ، قال
يحيى بن عمر : لا يفطر بشهادتهما لوجوب إكمال شعبان ورمضان بالبينة . قال
أبو الطاهر : إن كانت شهادة الثاني بعد تسعة وعشرين من شهادة الأول لا تلفق لعدم اجتماعهما ، أو بعد ثلاثين جرى تلفيقهما على الخلاف في تلفيق الشهادة على الأفعال .
الرابع : في الجلاب :
nindex.php?page=treesubj&link=2393لو رئي الهلال بعد الزوال فلليلة المستقبلة اتفاقا ، أو قبله فللمستقبلة عند
مالك و ( ح ) و ( ش ) ، وللماضية عند
ابن حبيب ، ووافق
nindex.php?page=showalam&ids=12251ابن حنبل في أول رمضان وخالف في آخره احتياطا للصوم . لنا أن في الحديث المتقدم رواية
زيد فيها بعد :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348825وأفطروا لرؤيته فإنه يتم الهلال أول النهار فلا تفطروا حتى يشهد شاهدان أنهما رأياه بالأمس . . . . سبب عدم رؤيته حصوله في شعاع الشمس ، فربما تخلص منه في العصر فهو الهلال الصغير ، وربما تخلص في الظهر أو قبله وهو الهلال الكبير ; فإنه كلما بعد زمان التخلص نقص الهلال من الشمس ، ولما كانت الأهلة تكبر وتصغر ويختلف زمان خروجها من الشعاع ، ترجح البقاء على ما تقدم من صوم أو فطر عملا بالأصل ، ولما كان الغالب تخلصه لليلة الآتية بعد الزوال ; كانت رؤيته متخلصة قبله ليشعر تخليصه من الليلة الماضية ، لا سيما أنه بعيد من الشمس جدا ، فهذا سبب الخلاف . . . قبل الزوال وبعده .
الخامس : في الجلاب : إذا أشهد عليه وجب الكف والقضاء ، وعلى شوال وجب الفطر والصلاة ; فإن كان بعد الزوال فلا يصلوا .
السادس : قال
سند :
nindex.php?page=treesubj&link=27478لو توالى الغيم شهورا ، قال
مالك : يكملون عدة الجميع حتى يظهر خلافه اتباعا للحديث ويقضون إن تيقن لهم خلاف . . . .
[ ص: 493 ] إثبات الهلال بالحساب خلافا
للداودي وبعض الشافعية . . . . وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348826فإن غم عليكم فاقدروا له " ، فليس المراد تقدير سير القمر في المنازل ; لقوله في
مسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348827فاقدروا له ثلاثين " ،
nindex.php?page=treesubj&link=21281والمطلق يحمل على المقيد ، ولأن معناه : اقدروا له قدره أي مقداره وهو ثلاثون ; لذلك لا يجيء شهر تسعة وعشرين إلا ناقصا .
فائدة : غم معناه خفي بغيم أو غيره ، ومنه الغيم لإخفائه السماء ، والغم ; لأنه ساتر للقلب ، والأغم مستور الجبهة .
لا أعلم خلافا في إثبات أوقات الصلاة بالحساب في الآلات بالماء والرمل وغيرهما ، وعلى ذلك أهل الأمصار في سائر الأعصار زمن الشتاء عند الأمطار والغيوم ، فما الفرق ؟
جوابه : أن للإثبات أسبابا منصوبة ، فإن علم السبب لزمه حكمه من غير شرع يتوقف عليه ، بل يكفي الحس والعقل ، وحصول الهلال خارج الشعاع ليس بسبب ، بل ظهوره للحس ، فمن تسبب له بغير البصر معتمدا على الحساب لم يوجد في حقه السبب فلا يرتب عليه حكم ، ويدل على ذلك قوله تعالى في الصلاة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78أقم الصلاة لدلوك الشمس ) . وما قال : صوموا للهلال ، بل قال (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) . فجعل السبب المشاهدة له دونه ، قال
سند : فلو
nindex.php?page=treesubj&link=2391كان الإمام يرى الحساب فأثبت الهلال به لم يتبع لإجماع السلف على خلافه .
[ ص: 488 ] الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي أَسْبَابِ الْوُجُوبِ وَالطُّرُقِ .
أَمَّا الْأَسْبَابُ فَسِتَّةٌ : النَّذْرُ ، وَقَتْلُ الْخَطَأِ ، وَالظِّهَارُ ، وَالْحِنْثُ ، وَاخْتِلَالُ النُّسُكِ - وَسَتَأْتِي ، وَظُهُورُ الْهِلَالِ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=2380الطُّرُقُ الْمُثْبِتَةُ لِلْهِلَالِ ، قَالَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ : هِيَ سِتَّةٌ : رُؤْيَةُ الْإِنْسَانِ لِنَفْسِهِ ، وَالرُّؤْيَةُ الْعَامَّةُ وَالْخَاصَّةُ عِنْدَ الْحَاكِمِ ، وَخَبَرُ الْوَاحِدِ فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ فِيهِ إِمَامٌ أَوْ فِيهِ لَكِنْ لَا يُعْنَى بِأُمُورِ النَّاسِ ، أَوْ تُنْقَلُ إِلَى بَلَدٍ عَمَّا ثَبَتَ فِي بَلَدٍ آخَرَ عَلَى الْمَشْهُورِ .
فُرُوعٌ سَبْعَةٌ :
الْأَوَّلُ : فِي الْكِتَابِ : لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَاحِدِ وَيَصُومُ وَحْدَهُ ، فَإِنْ أَفْطَرَ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ ، وَيَجِبُ أَنْ يُعْلِمَ الْإِمَامَ لَعَلَّ غَيْرَهُ يُوَافِقُهُ . قَالَ
سَنَدٌ : إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَبْدًا أَوْ فَاسِقًا أَوِ امْرَأَةً أَوْ مَجْهُولًا لِانْعِدَامِ الْفَائِدَةِ ، وَفِي الْجَوَاهِرِ قِيلَ : يَرْفَعُهُ وَإِنْ كَانَ لَا يُرْجَى قَبُولُ شَهَادَتِهِ رَجَاءَ الِاسْتِفَاضَةِ ، وَيَثْبُتُ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ ، وَمَنَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=15968سَحْنُونٌ إِنْ كَانَتِ السَّمَاءُ مُصْحِيَةً وَالْمِصْرُ كَبِيرٌ ، وَلَا يَثْبُتُ شَوَّالٌ إِلَّا بِاثْنَيْنِ ، وَنَقَلَ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ ثُبُوتَهُ بِالْوَاحِدِ ، وَقَالَ ( ش )
nindex.php?page=showalam&ids=12251وَابْنُ حَنْبَلٍ :
nindex.php?page=treesubj&link=2388يَثْبُتُ رَمَضَانُ بِالْوَاحِدِ ، وَخَصَّصَهُ ( ح ) بِالْغَيْمِ ، قَالَ
اللَّخْمِيُّ : جَوَّزَ
nindex.php?page=showalam&ids=12873ابْنُ الْمَاجِشُونِ الصَّوْمَ وَالْفِطْرَ
[ ص: 489 ] بِخَبَرِ الْوَاحِدِ عَنْ رُؤْيَةِ نَفْسِهِ أَوْ رُؤْيَةِ غَيْرِهِ ; لِقَوْلِهِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348461إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ ; فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ nindex.php?page=showalam&ids=100ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ " . فَأَجَازَ الصَّوْمَ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ ، وَقَالَ
أَبُو الْحَسَنِ : وَعَلَى هَذَا يَجُوزُ الْفِطْرُ آخِرَ النَّهَارِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ .
فَإِنْ قِيلَ : الْمُؤَذِّنُ كَالْوَكِيلِ لِلنَّاسِ يُخْبِرُهُمْ ، قُلْنَا : يَلْزَمُ إِذَا وَكَّلُوا مَنْ يَتَرَصَّدُ لَهُمُ الْهِلَالَ أَنْ يُقْبَلَ وَحْدَهُ ، وَفِي
أَبِي دَاوُدَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348822قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنُ عُمَرَ : تَرَاءَى النَّاسُ الْهِلَالَ ، فَأَخْبَرْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنِّي رَأَيْتُهُ فَصَامَ وَأَمَرَ النَّاسَ بِصِيَامِهِ .
جَوَابُهُ : لَيْسَ فِيهِ مَا يَمْنَعُ تَقَدُّمَ شَهَادَةِ غَيْرِهِ فَجَازَ تَقَدُّمُهُ ، وَيُعَضِّدُهُ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348823صُومُوا لِرُؤْيَتِهِ وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ ، وَإِنْ شَهِدَ ذَوَا عَدْلٍ فَصُومُوا وَأَفْطِرُوا وَانْسُكُوا " ، وَقِيَاسًا عَلَى شَوَّالٍ ، وَأَمَّا الْمُؤَذِّنُ فَإِنَّمَا قُبِلَ قَوْلُهُ فِي تَعْيِينِ أَوَّلِ النَّهَارِ ، وَإِلَّا فَالصَّوْمُ مَعْلُومُ الْوُجُوبِ لَا بُدَّ مِنْهُ ، بِخِلَافِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ : فَإِنَّ الصَّوْمَ مَنُوطٌ بِالشَّاهِدِ ، قَالَ
سَنَدٌ : فَلَوْ حَكَمَ الْإِمَامُ بِالصَّوْمِ بِالْوَاحِدِ لَمْ يُخَالَفْ - وَفِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّهُ فَتْوَى لَا حُكْمٌ .
تَمْهِيدٌ :
الْأَحْكَامُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ : مِنْهَا مَا لَا يَثْبُتُ إِلَّا بِالشَّهَادَةِ كَوُجُوبِ تَنْفِيذِ الدَّعَاوَى عِنْدَ الْحُكَّامِ ، وَمَا يَكْفِي فِيهِ الْوَاحِدُ كَالْفَتَاوَى مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ ، وَمَا اخْتُلِفَ فِي لُحُوقِهِ بِأَحَدِهِمَا كَمُخْبِرِ الْمُصَلِّي بِعَدَدِ الرَّكَعَاتِ ، وَرَمَضَانَ ، وَغَيْرِهِمَا ، فَمَا حُكْمُ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي حَتَّى يَظْهَرَ الصَّوَابُ فِي إِلْحَاقِ الثَّالِثِ بِأَيِّهِمَا ؟
قَالَ
الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ الْبُرْهَانِ : الْحُقُوقُ مِنْهَا عَامٌّ فِي الْأَشْخَاصِ وَالْأَزْمَانِ كَالْفُتْيَا فَيُقْبَلُ فِيهِ الْوَاحِدُ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ فِي مُعَادَاةِ جُمْلَةِ الْأَئِمَّةِ ، وَخَاصٌّ لِمُعَيَّنٍ كَالدَّعْوَى عِنْدَ الْحَاكِمِ فَيُشْتَرَطُ الْعَدَدُ لِدَفْعِ التُّهْمَةِ بِعَدَاوَةِ الشَّاهِدِ بَاطِنًا ، وَرَمَضَانُ
[ ص: 490 ] لَا يَعُمُّ الْأَزْمَانَ وَإِنْ عَمَّ الْبُلْدَانَ فَاجْتَمَعَ فِيهِ الشَّبَهَانِ ، فَوَقَعَ الْخِلَافُ فِي أَيِّهِمَا يُغَلَّبُ ، وَقَوِيَ انْتِفَاءُ التُّهْمَةِ بِمُشَارَكَةِ الشَّاهِدِ فِي الْحُكْمِ ، وَكَذَلِكَ ضَعُفَتِ التُّهْمَةُ فِي الصَّلَاةِ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ الْمُصَلِّي لِكَوْنِهِ سَاعِيًا فِي قُرْبَةٍ ، فَأَشْبَهَ الْفَتْوَى فِي عَدَمِ التُّهْمَةِ .
الثَّانِي فِي الْجُلَّابِ :
nindex.php?page=treesubj&link=2418إِذَا ثَبَتَ رَمَضَانُ فِي بَلَدٍ مِنَ الْبُلْدَانِ ; لَزِمَ الصَّوْمُ لِكُلِّ بَلَدٍ نُقِلَ إِلَيْهِمْ . وَقَالَ
عَبْدُ الْمَلِكِ : إِنْ كَانَ ثُبُوتُهُ بِالِاسْتِفَاضَةِ حَتَّى لَا يَكُونَ مِنْ بَابِ الْحُكْمِ وَإِلَّا فَلَا يَلْزَمُ ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ ثُبُوتُهُ عِنْدَ الْإِمَامِ لِعُمُومِ حُكْمِهِ ، وَفِي
أَبِي دَاوُدَ nindex.php?page=hadith&LINKID=10348824عَنْ كُرَيْبٍ : أَنَّ nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنَ عَبَّاسٍ سَأَلَهُ لَمَّا قَدِمَ مِنَ الشَّامِ عَنْ هِلَالِ رَمَضَانَ : مَتَى رَأَيْتُمُ الْهِلَالَ ؟ قَالَ : قُلْتُ : رَأَيْتُهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ . قَالَ : أَنْتَ رَأَيْتَهُ . قُلْتُ : نَعَمْ ، وَرَآهُ النَّاسُ وَصَامُوا وَصَامَ مُعَاوِيَةُ . قَالَ nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : لَكِنَّا رَأَيْنَاهُ لَيْلَةَ السَّبْتِ فَلَا نَزَالُ نَصُومُهُ حَتَّى نُكْمِلَ الثَّلَاثِينَ أَوْ نَرَاهُ . فَقُلْتُ لَهُ : أَفَلَا نَكْتَفِي بِرُؤْيَةِ مُعَاوِيَةَ ؟ فَقَالَ : لَا ، هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - . وَأَجَابَ : الْمَشْهُورُ عَنْ هَذَا أَنَّ
الْمَدِينَةَ كَانَتْ مُصْحِيَةً وَلَمْ يُرَ فِيهَا ، فَقُدِّمَتِ الْمُشَاهَدَةُ عَلَى الْخَبَرِ : خَبَرِ
كُرَيْبٍ ، وَيَكُونُ ذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ : هَكَذَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ لَا نَرْجِعَ عَنِ الْيَقِينِ إِلَى الظَّنِّ ، مَعَ أَنَّ الْمَشْهُورَ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُرْصَدَ مَعَ الصَّحْوِ أَمْ لَا ، بَلْ قُضِيَ بِالثُّبُوتِ مُطْلَقًا فَيُشَكِلُ الْحَدِيثُ .
( قَاعِدَةٌ ) :
نَصَبَ اللَّهُ تَعَالَى الْأَوْقَاتِ أَسْبَابًا لِلْأَحْكَامِ كَالْفَجْرِ وَالزَّوَالِ وَرُؤْيَةِ الْهِلَالِ ، كَمَا نَصَبَ الْأَفْعَالَ أَسْبَابًا نَحْوَ السَّرِقَةِ وَالزِّنَا ، وَالْأَوْقَاتُ تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْأَقْطَارِ ، فَمَا مِنْ زَوَالٍ لِقَوْمٍ إِلَّا وَهُوَ فَجْرٌ لِقَوْمٍ ، وَعَصْرٌ لِقَوْمٍ ، وَمَغْرِبٌ لِقَوْمٍ وَنِصْفُ اللَّيْلِ لِقَوْمٍ ، بَلْ كُلَّمَا تَحَرَّكَتِ الشَّمْسُ دَرَجَةً ، فَتِلْكَ الدَّرَجَةُ بِعَيْنِهَا هِيَ فَجْرٌ وَطُلُوعُ شَمْسٍ وَزَوَالٌ وَغُرُوبٌ وَنِصْفُ لَيْلٍ وَنِصْفُ نَهَارٍ وَسَائِرُ أَسْمَاءِ الزَّمَانِ يُنْسَبُ إِلَيْهَا بِحَسَبِ أَقْطَارٍ مُخْتَلِفَةٍ ، وَخَاطَبَ اللَّهُ تَعَالَى كُلَّ قَوْمٍ بِمَا يَتَحَقَّقُ فِي قُطْرِهِمْ لَا فِي قُطْرِ غَيْرِهِمْ ،
[ ص: 491 ] فَلَا يُخَاطَبُ أَحَدٌ بِزَوَالِ غَيْرِ بَلَدِهِ وَلَا بِفَجْرِهِ ، وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ ، وَكَذَلِكَ الْهِلَالُ مَطَالِعُهُ مُخْتَلِفَةٌ فَيَظْهَرُ فِي الْمَغْرِبِ وَلَا يَظْهَرُ فِي الْمَشْرِقِ إِلَّا فِي اللَّيْلَةِ الثَّانِيَةِ بِحَسَبِ احْتِبَاسِهِ فِي الشُّعَاعِ ، وَهَذَا مَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ لِمَنْ يَنْظُرُ فِيهِ ، وَمُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ أَنْ يُخَاطَبَ كُلُّ أَحَدٍ بِهِلَالِ قُطْرِهِ ، وَلَا يَلْزَمُهُ حُكْمُ غَيْرِهِ وَلَوْ ثَبَتَ بِالطُّرُقِ الْقَاطِعَةِ ، كَمَا لَا يَلْزَمُنَا الصُّبْحُ وَإِنْ قَطَعْنَا بِأَنَّ الْفَجْرَ قَدْ طَلَعَ عَلَى مَنْ شَرَّقَ عَنَّا كَمَا قَالَهُ ( ح ) . إِلَى هَذَا أَشَارَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ بِقَوْلِهِ : بِأَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=2418لِأَهْلِ كُلِّ بَلَدٍ رُؤْيَتَهُمْ ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، وَلَا غَيْرِهِ مِنَ الْخُلَفَاءِ : أَنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ إِلَى الْأَقْطَارِ ، وَيَبْعَثُ الْبَرِيدَ : إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ الْهِلَالَ فَصُومُوا ، بَلْ كَانُوا يَتْرُكُونَ النَّاسَ مَعَ مَرْئِيِّهِمْ فَيَصِيرُ حَدًّا مُجْمَعًا عَلَيْهِ ، وَيُشْكِلُ عَلَى هَذَا الْمَشْهُورُ ، وَقَوْلُ
عَبْدِ الْمَلِكِ أَيْضًا فِي قَصْرِهِ اللُّزُومُ عَلَى مَحَلِّ الْوِلَايَةِ فِي الْحُكْمِ دُونَ الِاسْتِفَاضَةِ ، ( وَكَذَلِكَ ) إِذَا ثَبَتَ عِنْدَ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَحُكِمَ بِهِ بِالشَّاهِدَيْنِ - إِنْ حُكِمَ بِهِ عَلَى أَهْلِ قُطْرِهِ لَا يَتَعَدَّاهُمْ ، أَوْ عَلَى غَيْرِهِمْ فَيَنْبَغِي أَلَّا يُنَفَّذَ حُكْمُهُ ; لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِغَيْرِ سَبَبٍ ، وَكُلُّ حُكْمٍ بِغَيْرِ سَبَبٍ لَا يَلْزَمُ وَلَا يُنَفَّذُ .
الثَّالِثُ : فِي الْكِتَابِ : لَا يُقْبَلُ فِي ذِي الْحِجَّةِ إِلَّا عَدْلَانِ ، قَالَ
سَنَدٌ : إِنْ رَأَى شَوَّالًا وَاحِدٌ قَالَ
مَالِكٌ : لَا يُفْطَرُ سَدًّا لِذَرِيعَةِ الْمُتَهَاوِنِينَ . وَقَالَ
عَبْدُ الْمَلِكِ : فِي الْفِطْرِ بِقَلْبِهِ ، وَقَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : يَأْكُلُ بِحَيْثُ لَا يُرَى ، وَقَالَ
أَشْهَبُ : إِنْ ظُهِرَ عَلَيْهِ فِي . . . . . . وَلَمْ يَذْكُرْهُ قَبْلَ ذَلِكَ عُوقِبَ إِنِ اتُّهِمَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251ابْنُ حَنْبَلٍ : لَا يُفْطِرُ لِعَدَمِ ثُبُوتِهِ وَاحْتِيَاطًا لِلصَّوْمِ . لَنَا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348825وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ " - وَقَدْ رُئِيَ ، قَالَ
أَبُو الطَّاهِرِ : إِنْ لَمْ يَخَفِ . . . . . . . اتِّفَاقًا ، وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا أَوْ لَهُ عُذْرٌ فَالْمَذْهَبُ الْفِطْرُ ;
[ ص: 492 ] وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُذْرٌ وَأَمِنَ مِنَ الِاطِّلَاعِ ، فَالْمَشْهُورُ : لَا يُفْطِرُ سَدًّا لِذَرِيعَةِ الْمُتَهَاوِنِينَ . . . . . . . الْفِطْر . . . . . . لِوُجُودِ السَّبَبِ ; فَإِنْ شَهِدَ عَلَى رَمَضَانَ شَاهِدَانِ ، وَلَمْ . . . . . مَعَ الصَّحْوِ فَكَمَالُ الْعِدَّةِ ، قَالَ
مَالِكٌ : يُكْمِلُ عِدَّةَ شَعْبَانَ خِلَافًا لِ ( ش ) . . . لَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِرَمَضَانَ وَآخَرُ بِشَوَّالٍ ، قَالَ
يَحْيَى بْنُ عُمَرَ : لَا يُفْطَرُ بِشَهَادَتِهِمَا لِوُجُوبِ إِكْمَالِ شَعْبَانَ وَرَمَضَانَ بِالْبَيِّنَةِ . قَالَ
أَبُو الطَّاهِرِ : إِنْ كَانَتْ شَهَادَةُ الثَّانِي بَعْدَ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ مِنْ شَهَادَةِ الْأَوَّلِ لَا تُلَفَّقُ لِعَدَمِ اجْتِمَاعِهِمَا ، أَوْ بَعْدَ ثَلَاثِينَ جَرَى تَلْفِيقُهُمَا عَلَى الْخِلَافِ فِي تَلْفِيقِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْأَفْعَالِ .
الرَّابِعُ : فِي الْجُلَّابِ :
nindex.php?page=treesubj&link=2393لَوْ رُئِيَ الْهِلَالُ بَعْدَ الزَّوَالِ فَلِلَّيْلَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ اتِّفَاقًا ، أَوْ قَبْلَهُ فَلِلْمُسْتَقْبَلَةِ عِنْدَ
مَالِكٍ وَ ( ح ) وَ ( ش ) ، وَلِلْمَاضِيَةِ عِنْدَ
ابْنِ حَبِيبٍ ، وَوَافَقَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251ابْنُ حَنْبَلٍ فِي أَوَّلِ رَمَضَانَ وَخَالَفَ فِي آخِرِهِ احْتِيَاطًا لِلصَّوْمِ . لَنَا أَنَّ فِي الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ رِوَايَةَ
زَيْدٍ فِيهَا بَعْدَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348825وَأَفْطِرُوا لِرُؤْيَتِهِ فَإِنَّهُ يَتِمُّ الْهِلَالُ أَوَّلَ النَّهَارِ فَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى يَشْهَدَ شَاهِدَانِ أَنَّهُمَا رَأَيَاهُ بِالْأَمْسِ . . . . سَبَبُ عَدَمِ رُؤْيَتِهِ حُصُولُهُ فِي شُعَاعِ الشَّمْسِ ، فَرُبَّمَا تَخَلَّصَ مِنْهُ فِي الْعَصْرِ فَهُوَ الْهِلَالُ الصَّغِيرُ ، وَرُبَّمَا تَخَلَّصَ فِي الظُّهْرِ أَوْ قَبْلَهُ وَهُوَ الْهِلَالُ الْكَبِيرُ ; فَإِنَّهُ كُلَّمَا بَعُدَ زَمَانُ التَّخَلُّصِ نَقَصَ الْهِلَالُ مِنَ الشَّمْسِ ، وَلَمَّا كَانَتِ الْأَهِلَّةُ تَكْبُرُ وَتَصْغُرُ وَيَخْتَلِفُ زَمَانُ خُرُوجِهَا مِنَ الشُّعَاعِ ، تَرَجَّحَ الْبَقَاءُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ صَوْمٍ أَوْ فِطْرٍ عَمَلًا بِالْأَصْلِ ، وَلَمَّا كَانَ الْغَالِبُ تَخَلُّصَهُ لِلَّيْلَةِ الْآتِيَةِ بَعْدَ الزَّوَالِ ; كَانَتْ رُؤْيَتُهُ مُتَخَلِّصَةً قَبْلَهُ لِيُشْعَرَ تَخْلِيصُهُ مِنَ اللَّيْلَةِ الْمَاضِيَةِ ، لَا سِيَّمَا أَنَّهُ بَعِيدٌ مِنَ الشَّمْسِ جِدًّا ، فَهَذَا سَبَبُ الْخِلَافِ . . . قَبْلَ الزَّوَالِ وَبَعْدَهُ .
الْخَامِسُ : فِي الْجُلَّابِ : إِذَا أُشْهِدَ عَلَيْهِ وَجَبَ الْكَفُّ وَالْقَضَاءُ ، وَعَلَى شَوَّالٍ وَجَبَ الْفِطْرُ وَالصَّلَاةُ ; فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الزَّوَالِ فَلَا يُصَلُّوا .
السَّادِسُ : قَالَ
سَنَدٌ :
nindex.php?page=treesubj&link=27478لَوْ تَوَالَى الْغَيْمُ شُهُورًا ، قَالَ
مَالِكٌ : يُكْمِلُونَ عِدَّةَ الْجَمِيعِ حَتَّى يَظْهَرَ خِلَافُهُ اتِّبَاعًا لِلْحَدِيثِ وَيَقْضُونَ إِنْ تَيَقَّنَ لَهُمْ خِلَافُ . . . .
[ ص: 493 ] إِثْبَات الْهِلَالِ بِالْحِسَابِ خِلَافًا
لِلدَّاوُدِيِّ وَبَعْضِ الشَّافِعِيَّةِ . . . . وَأَمَّا قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348826فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ " ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ تَقْدِيرَ سَيْرِ الْقَمَرِ فِي الْمَنَازِلِ ; لِقَوْلِهِ فِي
مُسْلِمٍ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10348827فَاقْدُرُوا لَهُ ثَلَاثِينَ " ،
nindex.php?page=treesubj&link=21281وَالْمُطْلَقُ يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ ، وَلِأَنَّ مَعْنَاهُ : اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ أَيْ مِقْدَارَهُ وَهُوَ ثَلَاثُونَ ; لِذَلِكَ لَا يَجِيءُ شَهْرٌ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ إِلَّا نَاقِصًا .
فَائِدَةٌ : غُمَّ مَعْنَاهُ خَفِيَ بِغَيْمٍ أَوْ غَيْرِهِ ، وَمِنْهُ الْغَيْمُ لِإِخْفَائِهِ السَّمَاءَ ، وَالْغَمُّ ; لِأَنَّهُ سَاتِرٌ لِلْقَلْبِ ، وَالْأَغَمُّ مَسْتُورُ الْجَبْهَةِ .
لَا أَعْلَمُ خِلَافًا فِي إِثْبَاتِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ بِالْحِسَابِ فِي الْآلَاتِ بِالْمَاءِ وَالرَّمْلِ وَغَيْرِهِمَا ، وَعَلَى ذَلِكَ أَهْلُ الْأَمْصَارِ فِي سَائِرِ الْأَعْصَارِ زَمَنَ الشِّتَاءِ عِنْدَ الْأَمْطَارِ وَالْغُيُومِ ، فَمَا الْفَرْقُ ؟
جَوَابُهُ : أَنَّ لِلْإِثْبَاتِ أَسْبَابًا مَنْصُوبَةً ، فَإِنْ عَلِمَ السَّبَبَ لَزِمَهُ حُكْمُهُ مِنْ غَيْرِ شَرْعٍ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ ، بَلْ يَكْفِي الْحِسُّ وَالْعَقْلُ ، وَحُصُولُ الْهِلَالِ خَارِجَ الشُّعَاعِ لَيْسَ بِسَبَبٍ ، بَلْ ظُهُورُهُ لِلْحِسِّ ، فَمَنْ تَسَبَّبَ لَهُ بِغَيْرِ الْبَصَرِ مُعْتَمِدًا عَلَى الْحِسَابِ لَمْ يُوجَدْ فِي حَقِّهِ السَّبَبُ فَلَا يُرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمٌ ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الصَّلَاةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=78أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ ) . وَمَا قَالَ : صُومُوا لِلْهِلَالِ ، بَلْ قَالَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) . فَجَعَلَ السَّبَبَ الْمُشَاهَدَةَ لَهُ دُونَهُ ، قَالَ
سَنَدٌ : فَلَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=2391كَانَ الْإِمَامُ يَرَى الْحِسَابَ فَأَثْبَتَ الْهِلَالَ بِهِ لَمْ يُتَّبَعْ لِإِجْمَاعِ السَّلَفِ عَلَى خِلَافِهِ .