[ ص: 368 ] الباب الثاني في
nindex.php?page=treesubj&link=8417الغنيمة
وقد ذكرنا ، أنها المال الذي يأخذه المسلمون من الكفار بإيجاف الخيل والركاب . قال
البغوي : سواء ما أخذناه من أيديهم قهرا وما استولينا عليه بعدما هزمناهم في القتال وتركوه .
nindex.php?page=treesubj&link=8418وحل الغنيمة مختص بهذه الأمة ، زادها الله شرفا ، وكانت في أول الإسلام لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاصة ، يصنع فيها ما يشاء ، وعليه يحمل إعطاؤه - صلى الله عليه وسلم - من لم يشهد
بدرا ، ثم نسخ ذلك ، فجعل خمسها مقسوما خمسة أسهم كالفيء ، قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=41واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل [ الأنفال : 41 ] وجعل أربعة أخماسها للغانمين . ويعرض في أموال الغنيمة النفل والرضخ والسلب والقسمة ، ويحصل بيانها في أربعة أطراف .
الأول :
nindex.php?page=treesubj&link=8488النفل بفتح النون والفاء ، وهو زيادة مال على سهم الغنيمة ، يشرطه الإمام أو أمير الجيش لمن يقوم بما فيه نكاية زائدة في العدو ، أو توقع ظفر ، أو دفع شر ، وذلك كالتقدم على طليعة ، أو التهجم على قلعة ، أو الدلالة عليها ، وكحفظ مكمن ، وتجسس حال وشبهها . وإنما ينفل إذا مست حاجة لكثرة العدو وقلة المسلمين ، واقتضى الحال بعث السرايا وحفظ المكامن ، ولذلك نفل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض الغزوات دون بعض . ثم الكلام فيمن شرط له ، وفي محل المشروط وقدره .
[ ص: 369 ] أما الأول ، فيجوز كونه شخصا معينا وجماعة ، ويجوز أن يطلق فيقول : من فعل كذا فله كذا .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=24468محله ، فيجوز أن يشرط النفل من مال المصالح المرصدة ببيت المال ، وحينئذ يشترط كونه معلوما ، ويجوز أن يشرطه مما سيغنم ويؤخذ من الكفار في هذا القتال ، وحينئذ يذكر جزءا كثلث أو ربع وغيرهما ، ويحتمل الجهالة للحاجة .
nindex.php?page=treesubj&link=8487وإذا نفل من الغنيمة ، فمم ينفل ؟ فيه أوجه ، ويقال : أقوال . أصحها : من خمس خمسها . والثاني : من أصلها . والثالث : من أربعة أخماسها .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=26339قدره ، فليس له حد مضبوط ، فيجتهد الإمام ويجعله بقدر العمل وخطره ، وقد صح في كتاب
الترمذي وغيره ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350746أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ينفل في البدأة الربع ، وفي الرجعة الثلث ، وفي رواية
الترمذي ( ( القفول ) ) بدل ( ( الرجعة ) ) ، وقيل : البدأة : السرية الأولى ، والرجعة : الثانية . وقال الجمهور : البدأة : السرية التي يبعثها الإمام قبل دخوله دار الحرب مقدمة له ، والرجعة : التي يأمرها بالرجوع بعد توجه الجيش إلى دار الإسلام . ونقص البدأة ؛ لأنهم مستريحون لم يطل بهم السفر ، ولأن الكفار في غفلة ، ولأن الإمام من ورائهم يستظهرون به ، والرجعة بخلافهم في كل ذلك .
واختلفوا في المراد بالحديث بحسب اختلافهم في محل النفل ، فقيل : المراد ، ثلث خمس الخمس ، أو ربعه . وقيل : ثلث الجميع ، أو ربعه . وقيل : ثلث أربعة أخماسها ، أو ربعها . وقيل : المراد : أنه يزاد نصيب كل شخص من الغنيمة مثل ثلثه أو ربعه ، ويجوز الزيادة على الثلث ، والنقص عن الربع بالاجتهاد .
[ ص: 370 ] فرع
إذا
nindex.php?page=treesubj&link=8496قال الأمير : من أخذ شيئا فهو له ، لم يصح شرطه على الأظهر .
فرع
من
nindex.php?page=treesubj&link=8498ظهر منه في الحرب مبارزة وحسن إقدام وأثر محمود ، أعطي سهمه ، وزيد من سهم المصالح ما يليق بالحال .
[ ص: 368 ] الْبَابُ الثَّانِي فِي
nindex.php?page=treesubj&link=8417الْغَنِيمَةِ
وَقَدْ ذَكَرْنَا ، أَنَّهَا الْمَالُ الَّذِي يَأْخُذُهُ الْمُسْلِمُونَ مِنَ الْكُفَّارِ بِإِيجَافِ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ . قَالَ
الْبَغَوِيُّ : سَوَاءٌ مَا أَخَذْنَاهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ قَهْرًا وَمَا اسْتَوْلَيْنَا عَلَيْهِ بَعْدَمَا هَزَمْنَاهُمْ فِي الْقِتَالِ وَتَرَكُوهُ .
nindex.php?page=treesubj&link=8418وَحِلُّ الْغَنِيمَةِ مُخْتَصٌّ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ ، زَادَهَا اللَّهُ شَرَفًا ، وَكَانَتْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاصَّةً ، يَصْنَعُ فِيهَا مَا يَشَاءُ ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ إِعْطَاؤُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ لَمْ يَشْهَدْ
بَدْرًا ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ ، فَجُعِلَ خُمُسُهَا مَقْسُومًا خَمْسَةَ أَسْهُمٍ كَالْفَيْءِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=41وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ [ الْأَنْفَالِ : 41 ] وَجُعِلَ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِهَا لِلْغَانِمِينَ . وَيَعْرِضُ فِي أَمْوَالِ الْغَنِيمَةِ النَّفَلُ وَالرَّضَخُ وَالسَّلَبُ وَالْقِسْمَةُ ، وَيَحْصُلُ بَيَانُهَا فِي أَرْبَعَةِ أَطْرَافٍ .
الْأَوَّلُ :
nindex.php?page=treesubj&link=8488النَّفَلُ بِفَتْحِ النُّونِ وَالْفَاءِ ، وَهُوَ زِيَادَةُ مَالٍ عَلَى سَهْمِ الْغَنِيمَةِ ، يَشْرُطُهُ الْإِمَامُ أَوْ أَمِيرُ الْجَيْشِ لِمَنْ يَقُومُ بِمَا فِيهِ نِكَايَةٌ زَائِدَةٌ فِي الْعَدُوِّ ، أَوْ تَوَقُّعُ ظَفَرٍ ، أَوْ دَفْعُ شَرٍّ ، وَذَلِكَ كَالتَّقَدُّمِ عَلَى طَلِيعَةٍ ، أَوِ التَّهَجُّمِ عَلَى قَلْعَةٍ ، أَوِ الدَّلَالَةِ عَلَيْهَا ، وَكَحِفْظِ مَكْمَنٍ ، وَتَجَسُّسِ حَالٍ وَشِبْهِهَا . وَإِنَّمَا يُنَفِّلُ إِذَا مَسَّتْ حَاجَةٌ لِكَثْرَةِ الْعَدُوِّ وَقِلَّةِ الْمُسْلِمِينَ ، وَاقْتَضَى الْحَالُ بَعْثَ السَّرَايَا وَحِفْظَ الْمَكَامِنِ ، وَلِذَلِكَ نَفَّلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بَعْضِ الْغَزَوَاتِ دُونَ بَعْضٍ . ثُمَّ الْكَلَامُ فِيمَنْ شَرَطَ لَهُ ، وَفِي مَحَلِّ الْمَشْرُوطِ وَقَدْرِهِ .
[ ص: 369 ] أَمَّا الْأَوَّلُ ، فَيَجُوزُ كَوْنُهُ شَخْصًا مُعَيَّنًا وَجَمَاعَةً ، وَيَجُوزُ أَنْ يُطْلِقَ فَيَقُولُ : مَنْ فَعَلَ كَذَا فَلَهُ كَذَا .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=24468مَحَلُّهُ ، فَيَجُوزُ أَنْ يَشْرُطَ النَّفَلَ مِنْ مَالِ الْمَصَالِحِ الْمُرْصَدَةِ بِبَيْتِ الْمَالِ ، وَحِينَئِذٍ يَشْتَرِطُ كَوْنَهُ مَعْلُومًا ، وَيَجُوزُ أَنْ يَشْرُطَهُ مِمَّا سَيُغْنَمُ وَيُؤْخَذُ مِنَ الْكُفَّارِ فِي هَذَا الْقِتَالِ ، وَحِينَئِذٍ يَذْكُرُ جُزْءًا كَثُلُثٍ أَوْ رُبُعٍ وَغَيْرِهِمَا ، وَيَحْتَمِلُ الْجَهَالَةَ لِلْحَاجَةِ .
nindex.php?page=treesubj&link=8487وَإِذَا نَفَّلَ مِنَ الْغَنِيمَةِ ، فَمِمَّ يُنَفِّلُ ؟ فِيهِ أَوْجُهٌ ، وَيُقَالُ : أَقْوَالٌ . أَصَحُّهَا : مِنْ خُمُسِ خُمُسِهَا . وَالثَّانِي : مِنْ أَصْلِهَا . وَالثَّالِثُ : مِنْ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهَا .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=26339قَدْرُهُ ، فَلَيْسَ لَهُ حَدٌّ مَضْبُوطٌ ، فَيَجْتَهِدُ الْإِمَامُ وَيَجْعَلُهُ بِقَدْرِ الْعَمَلِ وَخَطَرِهِ ، وَقَدْ صَحَّ فِي كِتَابِ
التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرِهِ ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350746أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُنَفِّلُ فِي الْبَدْأَةِ الرُّبُعَ ، وَفِي الرَّجْعَةِ الثُّلُثَ ، وَفِي رِوَايَةِ
التِّرْمِذِيِّ ( ( الْقُفُولُ ) ) بَدَلَ ( ( الرَّجْعَةِ ) ) ، وَقِيلَ : الْبَدْأَةُ : السَّرِيَّةُ الْأُولَى ، وَالرَّجْعَةُ : الثَّانِيَةُ . وَقَالَ الْجُمْهُورُ : الْبَدْأَةُ : السَّرِيَّةُ الَّتِي يَبْعَثُهَا الْإِمَامُ قَبْلَ دُخُولِهِ دَارَ الْحَرْبِ مُقَدِّمَةً لَهُ ، وَالرَّجْعَةُ : الَّتِي يَأْمُرُهَا بِالرُّجُوعِ بَعْدَ تَوَجُّهِ الْجَيْشِ إِلَى دَارِ الْإِسْلَامِ . وَنُقِصَ الْبَدْأَةُ ؛ لِأَنَّهُمْ مُسْتَرِيحُونَ لَمْ يَطُلْ بِهِمُ السَّفَرُ ، وَلِأَنَّ الْكُفَّارَ فِي غَفْلَةٍ ، وَلِأَنَّ الْإِمَامَ مِنْ وَرَائِهِمْ يَسْتَظْهِرُونَ بِهِ ، وَالرَّجْعَةُ بِخِلَافِهِمْ فِي كُلِّ ذَلِكَ .
وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِالْحَدِيثِ بِحَسَبِ اخْتِلَافِهِمْ فِي مَحَلِّ النَّفَلِ ، فَقِيلَ : الْمُرَادُ ، ثُلُثُ خُمُسِ الْخُمُسِ ، أَوْ رُبُعُهُ . وَقِيلَ : ثُلُثُ الْجَمِيعِ ، أَوْ رُبُعُهُ . وَقِيلَ : ثُلُثُ أَرْبَعَةِ أَخْمَاسِهَا ، أَوْ رُبُعُهَا . وَقِيلَ : الْمُرَادُ : أَنَّهُ يُزَادُ نَصِيبُ كُلُّ شَخْصٍ مِنَ الْغَنِيمَةِ مِثْلَ ثُلُثِهِ أَوْ رُبُعِهِ ، وَيَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَى الثُّلُثِ ، وَالنَّقْصُ عَنِ الرُّبُعِ بِالِاجْتِهَادِ .
[ ص: 370 ] فَرْعٌ
إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=8496قَالَ الْأَمِيرُ : مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ ، لَمْ يَصِحَّ شَرْطُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ .
فَرْعٌ
مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=8498ظَهَرَ مِنْهُ فِي الْحَرْبِ مُبَارَزَةٌ وَحُسْنُ إِقْدَامٍ وَأَثَرٌ مَحْمُودٌ ، أُعْطِيَ سَهْمُهُ ، وَزِيدَ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ مَا يَلِيقُ بِالْحَالِ .