فصل
ومنها : أنه
nindex.php?page=treesubj&link=20758لا بد في فهم الشريعة من اتباع معهود الأميين ، وهم العرب الذين نزل القرآن بلسانهم ، فإن كان للعرب في لسانهم عرف مستمر; فلا يصح العدول عنه في فهم الشريعة ، وإن لم يكن ثم عرف ، فلا يصح أن يجرى في فهمها على ما لا تعرفه .
وهذا جار في المعاني والألفاظ والأساليب ، مثال ذلك أن معهود العرب أن لا ترى الألفاظ تعبدا عند محافظتها على المعاني ، وإن كانت تراعيها أيضا; فليس أحد الأمرين عندها بملتزم ، بل قد تبني على أحدهما مرة ، وعلى الآخر أخرى ، ولا يكون ذلك قادحا في صحة كلامها واستقامته .
والدليل على ذلك أشياء :
أحدها : خروجها في كثير من كلامها عن أحكام القوانين المطردة والضوابط المستمرة ، وجريانها في كثير من منثورها على طريق منظومها ، وإن
[ ص: 132 ] لم يكن بها حاجة ، وتركها لما هو أولى في مراميها ، ولا يعد ذلك قليلا في كلامها ولا ضعيفا ، بل هو كثير قوي ، وإن كان غيره أكثر منه .
والثاني : أن من شأنها الاستغناء ببعض الألفاظ عما يراد فيها أو يقاربها ، ولا يعد ذلك اختلافا ولا اضطرابا إذا كان المعنى المقصود على استقامة ، والكافي من ذلك نزول القرآن على سبعة أحرف ، كلها شاف كاف ، وفي هذا المعنى من الأحاديث وكلام السلف العارفين بالقرآن كثير ، وقد استمر أهل القراءات على أن يعملوا بالروايات التي صحت عندهم مما وافق المصحف ، وأنهم في ذلك قارئون للقرآن من غير شك ولا إشكال ، وإن كان بين القراءتين ما يعده الناظر ببادئ الرأي اختلافا في المعنى; لأن معنى الكلام من أوله إلى آخره على استقامة لا تفاوت فيه بحسب مقصود الخطاب ، كـ مالك [ الفاتحة : 4 ] .
و " ملك " [ الفاتحة : 4 ] .
"
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=9وما يخدعون إلا أنفسهم " [ البقرة : 9 ] .
" وما يخادعون إلا أنفسهم " [ البقرة : 9 ] .
[ ص: 133 ] nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=58لنبوئنهم من الجنة غرفا [ العنكبوت : 58 ] .
" لنبوئنهم من الجنة غرفا " .
إلى كثير من هذا; لأن جميع ذلك لا تفاوت فيه بحسب فهم ما أريد من الخطاب ، وهذا كان عادة العرب .
ألا ترى ما حكى
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابن جني عن
عيسى بن عمر ، وحكي عن غيره أيضا; قال : سمعت
ذا الرمة ينشد :
وظاهر لها من يابس الشخت واستعن عليها الصبا واجعل يديك لها سترا
.
فقلت : أنشدتني : من بائس; فقال : يابس وبائس واحد .
فأنت ترى
ذا الرمة لم يعبأ بالاختلاف بين البؤس واليبس; لما كان معنى البيت قائما على الوجهين ، وصوابا على كلتا الطريقتين ، وقد قال في رواية
أبي العباس الأحول : " البؤس واليبس واحد " ; يعني : بحسب قصد الكلام لا بحسب تفسير اللغة .
[ ص: 134 ] وعن
أحمد بن يحيى; قال : أنشدني
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي :
وموضع زين لا أريد مبيته كأني به من شدة الروع آنس
.
فقال له شيخ من أصحابه : ليس هكذا أنشدتنا ، وإنما أنشدتنا : وموضع ضيق ، فقال : سبحان الله ! تصحبنا منذ كذا وكذا ولا تعلم أن الزين والضيق واحد ؟ !
وقد جاءت أشعارهم على روايات مختلفة ، وبألفاظ متباينة ، يعلم من مجموعها أنهم كانوا لا يلتزمون لفظا واحدا على الخصوص ، بحيث يعد مرادفه أو مقاربه عيبا أو ضعفا ، إلا في مواضع مخصوصة لا يكون ما سواه من المواضع محمولا عليها ، وإنما معهودها الغالب ما تقدم .
والثالث : أنها قد تهمل بعض أحكام اللفظ وإن كانت تعتبره على الجملة; كما استقبحوا العطف على الضمير المرفوع المتصل مطلقا ، ولم يفرقوا بين ما له لفظ; وما ليس له لفظ ، فقبح " قمت وزيد " كما قبح " قام وزيد " وجمعوا في الردف بين عمود ويعود من غير استكراه ، وواو عمود أقوى في المد ،
[ ص: 135 ] وجمعوا بين سعيد وعمود مع اختلافهما ، وأشباه ذلك من الأحكام اللطيفة التي تقتضيها الألفاظ في قياسها النظري ، لكنها تهملها وتوليها جانب الإعراض ، وما ذلك إلا لعدم تعمقها في تنقيح لسانها .
والرابع : أن الممدوح من كلام العرب عند أرباب العربية ما كان بعيدا عن تكلف الاصطناع ، ولذلك إذا اشتغل الشاعر العربي بالتنقيح اختلف في الأخذ عنه; فقد كان
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي يعيب
الحطيئة ، واعتذر عن ذلك بأن قال : " وجدت شعره كله جيدا; فدلني على أنه كان يصنعه ، وليس هكذا الشاعر المطبوع ، إنما الشاعر المطبوع الذي يرمي بالكلام على عواهنه ، جيده على رديئه " ، وما قاله هو الباب المنتهج ، والطريق المهيع عند أهل اللسان ، وعلى الجملة; فالأدلة على هذا المعنى كثيرة ، ومن زاول كلام العرب وقف من هذا على علم .
وإذا كان كذلك; فلا يستقيم للمتكلم في كتاب الله أو سنة رسول الله أن يتكلف فيهما فوق ما يسعه لسان العرب ، وليكن شأنه الاعتناء بما شأنه أن تعتني العرب به ، والوقوف عند ما حدته .
فَصْلٌ
وَمِنْهَا : أَنَّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=20758لَا بُدَّ فِي فَهْمِ الشَّرِيعَةِ مِنِ اتِّبَاعِ مَعْهُودِ الْأُمِّيِّينَ ، وَهُمُ الْعَرَبُ الَّذِينَ نَزَلَ الْقُرْآنُ بِلِسَانِهِمْ ، فَإِنْ كَانَ لِلْعَرَبِ فِي لِسَانِهِمْ عُرْفٌ مُسْتَمِرٌّ; فَلَا يَصِحُّ الْعُدُولُ عَنْهُ فِي فَهْمِ الشَّرِيعَةِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ عُرْفٌ ، فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُجْرَى فِي فَهْمِهَا عَلَى مَا لَا تَعْرِفُهُ .
وَهَذَا جَارٍ فِي الْمَعَانِي وَالْأَلْفَاظِ وَالْأَسَالِيبِ ، مِثَالُ ذَلِكَ أَنَّ مَعْهُودَ الْعَرَبِ أَنْ لَا تَرَى الْأَلْفَاظَ تَعَبُّدًا عِنْدَ مُحَافَظَتِهَا عَلَى الْمَعَانِي ، وَإِنْ كَانَتْ تُرَاعِيهَا أَيْضًا; فَلَيْسَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ عِنْدَهَا بِمُلْتَزَمٍ ، بَلْ قَدْ تَبْنِي عَلَى أَحَدِهِمَا مَرَّةً ، وَعَلَى الْآخَرِ أُخْرَى ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ قَادِحًا فِي صِحَّةِ كَلَامِهَا وَاسْتِقَامَتِهِ .
وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَشْيَاءُ :
أَحَدُهَا : خُرُوجُهَا فِي كَثِيرٍ مِنْ كَلَامِهَا عَنْ أَحْكَامِ الْقَوَانِينِ الْمُطَّرِدَةِ وَالضَّوَابِطِ الْمُسْتَمِرَّةِ ، وَجَرَيَانُهَا فِي كَثِيرٍ مِنْ مَنْثُورِهَا عَلَى طَرِيقِ مَنْظُومِهَا ، وَإِنْ
[ ص: 132 ] لَمْ يَكُنْ بِهَا حَاجَةٌ ، وَتَرْكُهَا لِمَا هُوَ أَوْلَى فِي مَرَامِيهَا ، وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ قَلِيلًا فِي كَلَامِهَا وَلَا ضَعِيفًا ، بَلْ هُوَ كَثِيرٌ قَوِيٌّ ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَكْثَرَ مِنْهُ .
وَالثَّانِي : أَنَّ مِنْ شَأْنِهَا الِاسْتِغْنَاءَ بِبَعْضِ الْأَلْفَاظِ عَمَّا يُرَادُ فِيهَا أَوْ يُقَارِبُهَا ، وَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ اخْتِلَافًا وَلَا اضْطِرَابًا إِذَا كَانَ الْمَعْنَى الْمَقْصُودُ عَلَى اسْتِقَامَةٍ ، وَالْكَافِي مِنْ ذَلِكَ نُزُولُ الْقُرْآنِ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ ، كُلُّهَا شَافٍ كَافٍ ، وَفِي هَذَا الْمَعْنَى مِنَ الْأَحَادِيثِ وَكَلَامِ السَّلَفِ الْعَارِفِينَ بِالْقُرْآنِ كَثِيرٌ ، وَقَدِ اسْتَمَرَّ أَهْلُ الْقِرَاءَاتِ عَلَى أَنْ يَعْمَلُوا بِالرِّوَايَاتِ الَّتِي صَحَّتْ عِنْدَهُمْ مِمَّا وَافَقَ الْمُصْحَفَ ، وَأَنَّهُمْ فِي ذَلِكَ قَارِئُونَ لِلْقُرْآنِ مِنْ غَيْرِ شَكٍّ وَلَا إِشْكَالٍ ، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الْقِرَاءَتَيْنِ مَا يَعُدُّهُ النَّاظِرُ بِبَادِئِ الرَّأْيِ اخْتِلَافًا فِي الْمَعْنَى; لِأَنَّ مَعْنَى الْكَلَامِ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ عَلَى اسْتِقَامَةٍ لَا تَفَاوُتَ فِيهِ بِحَسَبِ مَقْصُودِ الْخِطَابِ ، كَـ مَالِكِ [ الْفَاتِحَةِ : 4 ] .
وَ " مَلِكِ " [ الْفَاتِحَةِ : 4 ] .
"
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=9وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ " [ الْبَقَرَةِ : 9 ] .
" وَمَا يُخَادِعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ " [ الْبَقَرَةِ : 9 ] .
[ ص: 133 ] nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=58لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا [ الْعَنْكَبُوتِ : 58 ] .
" لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا " .
إِلَى كَثِيرٍ مِنْ هَذَا; لِأَنَّ جَمِيعَ ذَلِكَ لَا تَفَاوُتَ فِيهِ بِحَسَبِ فَهْمِ مَا أُرِيدَ مِنَ الْخِطَابِ ، وَهَذَا كَانَ عَادَةَ الْعَرَبِ .
أَلَا تَرَى مَا حَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابْنُ جِنِّي عَنْ
عِيسَى بْنِ عُمَرَ ، وَحُكِيَ عَنْ غَيْرِهِ أَيْضًا; قَالَ : سَمِعْتُ
ذَا الرُّمَّةِ يُنْشِدُ :
وَظَاهِرْ لَهَا مِنْ يَابِسِ الشَّخْتِ وَاسْتَعِنْ عَلَيْهَا الصَّبَا وَاجْعَلْ يَدَيْكَ لَهَا سِتْرَا
.
فَقُلْتُ : أَنْشَدْتَنِي : مِنْ بَائِسِ; فَقَالَ : يَابِسٌ وَبَائِسٌ وَاحِدٌ .
فَأَنْتَ تَرَى
ذَا الرُّمَّةِ لَمْ يَعْبَأْ بِالِاخْتِلَافِ بَيْنَ الْبُؤْسِ وَالْيُبْسِ; لَمَّا كَانَ مَعْنَى الْبَيْتِ قَائِمًا عَلَى الْوَجْهَيْنِ ، وَصَوَابًا عَلَى كِلْتَا الطَّرِيقَتَيْنِ ، وَقَدْ قَالَ فِي رِوَايَةِ
أَبِي الْعَبَّاسِ الْأَحْوَلِ : " الْبُؤْسُ وَالْيُبْسُ وَاحِدٌ " ; يَعْنِي : بِحَسَبِ قَصْدِ الْكَلَامِ لَا بِحَسَبِ تَفْسِيرِ اللُّغَةِ .
[ ص: 134 ] وَعَنْ
أَحْمَدَ بْنِ يَحْيَى; قَالَ : أَنْشَدَنِي
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ :
وَمَوْضِعُ زَيْنٍ لَا أُرِيدُ مَبِيتَهُ كَأَنِّي بِهِ مِنْ شِدَّةِ الرَّوْعِ آنِسُ
.
فَقَالَ لَهُ شَيْخٌ مِنْ أَصْحَابِهِ : لَيْسَ هَكَذَا أَنْشَدْتَنَا ، وَإِنَّمَا أَنْشَدْتَنَا : وَمَوْضِعُ ضِيقٍ ، فَقَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ ! تَصْحَبُنَا مُنْذُ كَذَا وَكَذَا وَلَا تَعْلَمُ أَنَّ الزَّيْنَ وَالضِّيقَ وَاحِدٌ ؟ !
وَقَدْ جَاءَتْ أَشْعَارُهُمْ عَلَى رِوَايَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ ، وَبِأَلْفَاظٍ مُتَبَايِنَةٍ ، يُعْلَمُ مِنْ مَجْمُوعِهَا أَنَّهُمْ كَانُوا لَا يَلْتَزِمُونَ لَفْظًا وَاحِدًا عَلَى الْخُصُوصِ ، بِحَيْثُ يُعَدُّ مُرَادِفُهُ أَوْ مُقَارَبُهُ عَيْبًا أَوْ ضَعْفًا ، إِلَّا فِي مَوَاضِعَ مَخْصُوصَةٍ لَا يَكُونُ مَا سِوَاهُ مِنَ الْمَوَاضِعِ مَحْمُولًا عَلَيْهَا ، وَإِنَّمَا مَعْهُودُهَا الْغَالِبُ مَا تَقَدَّمَ .
وَالثَّالِثُ : أَنَّهَا قَدْ تُهْمِلُ بَعْضَ أَحْكَامِ اللَّفْظِ وَإِنْ كَانَتْ تَعْتَبِرُهُ عَلَى الْجُمْلَةِ; كَمَا اسْتَقْبَحُوا الْعَطْفَ عَلَى الضَّمِيرِ الْمَرْفُوعِ الْمُتَّصِلِ مُطْلَقًا ، وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ مَا لَهُ لَفْظٌ; وَمَا لَيْسَ لَهُ لَفْظٌ ، فَقُبِّحَ " قُمْتُ وَزِيدٌ " كَمَا قُبِّحَ " قَامَ وَزِيدٌ " وَجَمَعُوا فِي الرِّدْفِ بَيْنَ عَمُودٍ وَيَعُودُ مِنْ غَيْرِ اسْتِكْرَاهٍ ، وَوَاوُ عَمُودٍ أَقْوَى فِي الْمَدِّ ،
[ ص: 135 ] وَجَمَعُوا بَيْنَ سَعِيدٍ وَعَمُودٍ مَعَ اخْتِلَافِهِمَا ، وَأَشْبَاهُ ذَلِكَ مِنَ الْأَحْكَامِ اللَّطِيفَةِ الَّتِي تَقْتَضِيهَا الْأَلْفَاظُ فِي قِيَاسِهَا النَّظَرِيِّ ، لَكِنَّهَا تُهْمِلُهَا وَتُولِيهَا جَانِبَ الْإِعْرَاضِ ، وَمَا ذَلِكَ إِلَّا لِعَدَمِ تَعَمُّقِهَا فِي تَنْقِيحِ لِسَانِهَا .
وَالرَّابِعُ : أَنَّ الْمَمْدُوحَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ عِنْدَ أَرْبَابِ الْعَرَبِيَّةِ مَا كَانَ بَعِيدًا عَنْ تَكَلُّفِ الِاصْطِنَاعِ ، وَلِذَلِكَ إِذَا اشْتَغَلَ الشَّاعِرُ الْعَرَبِيُّ بِالتَّنْقِيحِ اخْتُلِفَ فِي الْأَخْذِ عَنْهُ; فَقَدْ كَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=13721الْأَصْمَعِيُّ يَعِيبُ
الْحُطَيْئَةَ ، وَاعْتَذَرَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ : " وَجَدْتُ شِعْرَهُ كُلَّهُ جَيِّدًا; فَدَلَّنِي عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَصْنَعُهُ ، وَلَيْسَ هَكَذَا الشَّاعِرُ الْمَطْبُوعُ ، إِنَّمَا الشَّاعِرُ الْمَطْبُوعُ الَّذِي يَرْمِي بِالْكَلَامِ عَلَى عَوَاهِنِهِ ، جَيِّدِهِ عَلَى رَدِيئِهِ " ، وَمَا قَالَهُ هُوَ الْبَابُ الْمُنْتَهَجُ ، وَالطَّرِيقُ الْمَهَيْعُ عِنْدَ أَهْلِ اللِّسَانِ ، وَعَلَى الْجُمْلَةِ; فَالْأَدِلَّةُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ ، وَمِنْ زَاوَلَ كَلَامَ الْعَرَبِ وَقَفَ مِنْ هَذَا عَلَى عِلْمٍ .
وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ; فَلَا يَسْتَقِيمُ لِلْمُتَكَلِّمِ فِي كِتَابِ اللَّهِ أَوْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ أَنْ يَتَكَلَّفَ فِيهِمَا فَوْقَ مَا يَسَعُهُ لِسَانُ الْعَرَبِ ، وَلْيَكُنْ شَأْنُهُ الِاعْتِنَاءَ بِمَا شَأْنُهُ أَنْ تَعْتَنِيَ الْعَرَبُ بِهِ ، وَالْوُقُوفَ عِنْدَ مَا حَدَّتْهُ .