الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

النسيان الشديد، أسبابه وعلاجه

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

مشكلتي أنني أنسى كثيراً، وأنسى بطريقة سريعة، حتى إني أنسى نفسي ومن حولي، لا أعرف أحداً من أهلي، وكأنه إنسان آخر، ولا أعرف شيئاً، حتى الجوال، وكأني من عصر آخر! تأتيني لمدة خمس دقائق، لكن هذه الـ 5 دقائق تكون طويلة، فهل هي مشكلة في مخي أم ماذا؟

أفيدوني، جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

النسيان له عدة أسباب، وعدة تشخيصات، فأسباب النسيان قد تكون نفسية، أو قد تكون عضوية، أو قد تكون غير ذلك.

أما بالنسبة للأسباب النفسية، وهي التي نراها أكثر وأعم في مرحلة الشباب، من أهم هذه الأسباب: القلق النفسي، تداخل الأفكار وتطايرها، الاكتئاب النفسي، عدم الاكتراث، عدم تنظيم الوقت بصورة صحيحة، عدم ممارسة الرياضة، وعدم المواظبة على ذكر الله تعالى وتلاوة القرآن؛ فالقرآن من المدعمات الأساسية للذاكرة، والحق عز وجل يقول: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ) [الكهف:24]، ويقول: (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ) [البقرة:282].

أما بالنسبة للأسباب العضوية فهي كثيرة، أهمها بالطبع الخرف بأنواعه المختلفة، وهذا قطعاً لا ينطبق على عمرك، أيضاً عجز الغدة الدرقية يعتبر سبباً أساسيا للنسيان، وهذا يكثر عند النساء، كما أن نقص فيتامين ب12 وحمض الفوليك، قد يؤديان أيضاً إلى النسيان، وهنالك أسباب أخرى كثيرة.

بصفة عامة: أرى أن نوعية النسيان الذي ذكرته، قد يكون ناتجاً من الإجهاد النفسي، أو من القلق النفسي، وليس أكثر من ذلك، وأنت ذكرت أيضاً نقطة تستحق التأمل والتفكير، وهي أن هذا النسيان فقط يأتي لمدة خمس دقائق، ربما يكون هذا هو الوقت الذي تحسين فيه بأنك أكثر قلقاً، وتتداخل عليك الأفكار، ومن ثم يصعب عليك التركيز في نقطة معينة.

هناك حالات نادرة، تكون فيها كهرباء الدماغ زائدة، وهذا يؤدي إلى نشاط داخل المخ، قد يؤدي إلى نوع من النسيان.

من وجهة نظري، أنت محتاجة لإجراء فحوصات بسيطة، قومي بالتأكد من قوة الدم، وكذلك وظائف الغدة الدرقية، وحبذا أيضاً لو قام الطبيب بفحص مستوى فيتامين ب12، للتأكد من مستواه في الدم، وإذا اتضح أن هنالك أي سبب عضوي سوف يتم علاجه، ولا أعتقد أن الأسباب عضوية، ولكن لابد من أن نأخذ في الاعتبار الأسباب العضوية -كما ذكرتها لك-؛ لأن الفحوصات سهلة ومتيسرة، وإذا اتضح أن هنالك سبباً فيمكن علاجه.

بالنسبة للحالات النفسية: فالقلق يأتي على رأسها، فإذا كنت قلقة أقول لك: لا تقلقي، كوني أكثر طمأنينة، مارسي الرياضة، مارسي تمارين الاسترخاء، أكثري من ذكر الله تعالى، وتلاوة القرآن بتؤدة، ولابد أن تأخذي قسطا كافياً من الراحة، هذا مهم جدّاً، والنوم الليلي المنتظم هو أفضل أنواع الراحة.

عليك أيضاً بممارسة ما نسميه بتمارين الاسترخاء، هذه التمارين لها عدة أنواع، أبسطها هو تمرين التنفس المتدرج، لتطبيق هذا التمرين:
1- اجلسي في مكان هادئ لا توجد به ضوضاء أو إضاءة ساطعة، ويمكن الاضطجاع على السرير.
2- أغمضي عينيك وافتحي فمك قليلاً.
3- خذي نفساً عميقاً وبطيئاً عن طريق الأنف.
4- اجعلي صدرك يمتلئ بالهواء تماماً.
5- قومي بعد ذلك بعملية الزفير، وإخراج الهواء من الصدر عن طريق الفم، ويجب أن يتم أيضاً بقوة وبطء.
6- كرري هذا التمرين خمس مرات متتالية، بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء، لمدة ثلاثة أسابيع، ثم بمعدل مرة واحدة، يومين لمدة أسبوعين، وبعد ذلك يمكنك ممارسته عند اللزوم.

هناك أدوية تنشط الذاكرة، ولكني لا أعتقد أنك في حاجة لمثل هذه الأدوية، ولكن سيكون من الأفضل أن نصف لك أحد الأدوية المضادة للقلق، هذا سوف يساعدك إن شاء الله كثيراً.

هنالك دواء يعرف تجارياً باسم (سبرالكس Cipralex) ويعرف علمياً باسم (استالوبرام Escitalopram)، أرجو أن تتناوليه بجرعة نصف حبة يومياً، أي خمسة مليجرام حيث أنه توجد حبة تحتوي على عشرة مليجرام ويسهل تقسيمها إلى جزئين، فتناولي نصف هذه الحبة فقط يومياً لمدة شهر، ثم ارفعي الجرعة إلى حبة كاملة (عشرة مليجرام) لمدة شهرين، ثم خفضيها إلى نصف حبة يومياً لمدة شهر، ثم نصف حبة يوماً بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناوله، هذا الدواء دواء سليم، وغير إدماني وغير تعودي، ولا يؤثر على الهرمونات النسوية، وإن شاء الله بتطبيقك للإرشادات السابقة، سوف تجدين أن مستوى التركيز لديك قد تحسن.

أنصحك أيضاً بأن تقرئي مواضيع معينة ببطء وسكينة، وكرري الموضوع أكثر من مرة، ثم بعد ذلك حاولي استذكاره، هذا يفيد في تنشيط الذاكرة، وحاولي أيضاً أن تركزي بكل حواسك على موضوع معين، إذا كنت تقرئين في موضوع معين، فبالطبع حاسة البصر هي الحاسة الرئيسية، ولكن اجعلي حتى السمع والإحساس، وكل الحواس، تكون مندمجة مع ما تقومين بقراءته، فهذا أيضاً يحسن التركيز -إن شاء الله-، ويمكنك أيضاً أن تقومي بنوع من الروابط، أي إذا أردت أن تتذكري شيئاً معيناً فاربطيه بشيء آخر، هذا وجد أنه مفيد كذلك لذهاب النسيان.

ختاماً: نشكر لك تواصلك مع إسلام ويب، نسأل الله لك التوفيق والسداد، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً