1021 - وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11798أبو أحمد أيضا ، قال : حدثنا
مكرم ، قال : حدثني
يحيى بن قرة الخزاعي ثم الكعبي ، قال
يحيى : لما أن هتف الهاتف
بمكة لمخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لم يبق بيت من بيوت المشركين ، إلا انتبه بهتف الهاتف فاستيقظوا ، فلما أن أصبحوا اجتمعوا ، ثم قال بعضهم لبعضهم : سمعتم ما كان البارحة ؟ قالوا : نعم ، سمعنا ، قالوا : فقد بان لكم مخرج صاحبكم على طريق
الشام ، من حيث تأتيكم الميرة ، على خيمتي
nindex.php?page=showalam&ids=24508أم معبد بقديد ، اطلبوه ، فردوه من قبل أن يستعين عليكم بكلبان العرب ، فجمعوا سرية من خيل ضخمة ، فخرجت في طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى نزلوا
بأم معبد ، وقد أسلمت وحسن إسلامها ، فسألوها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأشفقت عليه منهم ، وتعاجمت ، فقالت : إنكم سألتموني عن أمر ما سمعت به قبل عامي هذا ، - وهي صادقة ، فلم تسمعه إلا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، - تخبروني أن رجلا يخبركم بما في السماء ، إنى لأستوحش منكم ، لئن لم تنصرفوا عني ، لأصيحن في قومي عليكم .
[ ص: 1504 ] فانصرفوا ، ولم يعلموا من رسول الله صلى الله عليه وسلم توجه ، ولو قضى الله الكريم : أن يسألوا الشاة من حلبك ؟ لقالت :
محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذلك لأنها جعلت شاهدة ، فعمى الله الكريم عليهم مساءلة الشاة ، وسألوا
nindex.php?page=showalam&ids=24508أم معبد فكتمتهم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14179محمد بن الحسين رحمه الله :
وقد حدثنا بهذا الحديث
nindex.php?page=showalam&ids=13298ابن صاعد في كتاب : دلائل النبوة ، عن
مكرم وغيره ، من طرق مختصر في باب دلائل النبوة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14179محمد بن الحسين رحمه الله :
وقد تكلم
nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد ، وغيره في غريب حديث
nindex.php?page=showalam&ids=24508أم معبد ، فأنا أذكره فإنه حسن ، يزيد الناظر فيه علما ومعرفة .
قوله في أول الحديث : ( وكان القوم مرملين مشتين ) يعني مرملين : قد نفد زادهم .
وقوله ( مشتين ) يعني : دائبين في الشتاء ، وهو الوقت الذي يكون فيه الجدب ، وضيق الأمر على الأعراب .
وقوله في الشاة : ( فتفاجت عليه ) يعني : فتحت ما بين رجليها للحلب .
[ ص: 1505 ] وقوله : ( دعا بإناء يربض الرهط ) : أي يرويهم ، حتى يثقلوا فيربضوا . والرهط : ما بين الثلاثة إلى العشرة .
وقوله : ( فحلب فيه ثجا ) الثج : السيلان . قال الله عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=78&ayano=14وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا ) أي : سيالا .
وقوله : ( حتى علاه البهاء ) يريد : علا الإناء بهاء اللبن ، وهو وبيص رغوته ، يريد : أنه ملأه .
وقوله : ( فسقى أصحابه حتى أراضوا ) يعني : حتى رووا ، حتى يقعوا بالري .
وقوله في الأعنز : ( يتشاركن هزلا ) يعني : قد عمهن الهزال ، فليس فيهن منفعة ولا ذات طرق ، فهو من الاشتراك : إنهن اشتركن ، فصار لكل واحدة منهن حظ .
وقوله : ( والشاء عازب ) أي : بعيد في المرعى ، يقال : عزب عنا إذا بعد . ويقال للشيء إذا انفرد : عزب .
ثم
nindex.php?page=hadith&LINKID=938566nindex.php?page=treesubj&link=29301_31160_30669_29397_31031وصفت النبي صلى الله عليه وسلم لزوجها أبي معبد لما قال : صفيه لي ، فقالت : رأيت رجلا ظاهر الوضاءة ، أبلج الوجه ، حسن الخلق ، لم تعبه نحلة ولم تزر به صعلة ، وسيم قسيم ، في عينيه دعج ، وفي أشفاره غطف ، وفي صوته صحل ، وفي عنقه سطع ، وفي لحيته كثاثة ، أزج أقرن ، إن صمت فعليه الوقار ، وإن [ ص: 1506 ] تكلم سما وعلاه البهاء ، أجمل الناس وأبهاه من بعيد ، وأحسنه وأحلاه من قريب ، حلو المنطق ، لا نزر ولا هذر ، كأنما منطقه خرزات نظم ينحدرن ، ربعة ، لا بائن من طول ، ولا تقتحمه عين من قصر ، غصن بين غصنين ، فهو أنظر الثلاثة منظرا ، وأحسنهم قدرا ، له رفقاء يحفونه ، إن قال أنصتوا لقوله ، وإذا أمر تبادروا إلى أمره ، محفود محشود ، لا عابس ، ولا مفند .
قولها : ( أبلج الوجه ) : تريد مشرق الوجه .
وقولها : ( لم تعبه نحلة ) : والنحلة : الدقة .
وقولها : ( ولم تزريه صعلة ) ، والصعل : أي : ولا ناحل الخاصرة .
وقولها : ( وسيم ) الحسن الوضيء : يقال : وسيم بين الوسامة ، وعليه ميسم الحسن .
و( القسيم ) : الحسن ، والقسامة : الحسن .
و( الدعج ) : السواد في العين .
وقولها : ( وفي أشفاره عطف ) - بالغين عندهم أشبه - وهو أن تطول الأشفار ثم تنعطف ، إذا كان بالغين ، كأنه يقال : غطف . ومن قال : بالعين قال :
[ ص: 1507 ] هو في الأذن ، وهو أن تدبر إلى الرأس ، وينكسر طرفها .
وقولها : ( وفي صوته صحل ) تريد : في صوته كالبحة ، وهو ألا يكون حادا . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه كان يرفع صوته بالتلبية ، حتى يصحل صوته بالتلبية ، يعني "بح صوته" .
وقد قال الشاعر :
وقد صحلت من النوح الحلوق
قولها : ( في عنقه سطع ) أي : طول . يقال : في الفرس ؛ عنق سطعاء : إذا طالت عنقها وانتصبت .
وقولها : ( أزج أقرن ) يعني : أزج الحواجب . والزجج : طول الحاجبين ودقتهما ، والقرن : أن يطول الحاجبان حتى يلتقي طرفاهما ، ويقال : الأبلج هو أن ينقطع الحاجبان ، فيكون بينهما نقيا .
وقولها ( إذا تكلم سما ) تريد : علا برأسه أو يده .
وقولها في وصف منطقه : ( فصل ، لا نزر ولا هذر ) أي : أنه وسط ، ليس بقليل ولا كثير .
[ ص: 1508 ]
وقولها : ( معتدل القامة ) كأنها تقول : معتدل القامة ، كما
nindex.php?page=hadith&LINKID=693876روى nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك ، ليس بالقصير ، ولا بالطويل .
قولها : ( ولا تقتحمه عين من قصر ) أي : لا تحتقره ولا تزدريه .
وقولها : ( محفود ) : أي مخدوم . يقال : الحفدة ؛ الأعوان يخدمونه .
قولها : ( محشود ) : هو من قولك : حشدت لفلان في كذا ، إذا أردت أنك اعتددت له ، وصنعت له .
وقولها : ( لا عابس ) تعني : لا عابس الوجه . من العبوس .
( ولا معتد ) تعني بالمعتدي : الظالم ، ليس بظالم صلى الله عليه وسلم .
1021 - وَحَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=11798أَبُو أَحْمَدَ أَيْضًا ، قَالَ : حَدَّثَنَا
مُكْرَمٌ ، قَالَ : حَدَّثَنِي
يَحْيَى بْنُ قُرَّةَ الْخُزَاعِيُّ ثُمَّ الْكَعْبِيُّ ، قَالَ
يَحْيَى : لَمَّا أَنْ هَتَفَ الْهَاتِفُ
بِمَكَّةَ لِمَخْرَجِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَمْ يَبْقَ بَيْتٌ مِنْ بُيُوتِ الْمُشْرِكِينَ ، إِلَّا انْتَبَهَ بَهَتْفِ الْهَاتِفِ فَاسْتَيْقَظُوا ، فَلَمَّا أَنْ أَصْبَحُوا اجْتَمَعُوا ، ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضِهِمْ : سَمِعْتُمْ مَا كَانَ الْبَارِحَةَ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، سَمِعْنَا ، قَالُوا : فَقَدْ بَانَ لَكُمْ مَخْرَجُ صَاحِبِكُمْ عَلَى طَرِيقِ
الشَّامِ ، مِنْ حَيْثِ تَأْتِيكُمُ الْمِيرَةُ ، عَلَى خَيْمَتَيْ
nindex.php?page=showalam&ids=24508أُمِّ مَعْبَدٍ بِقُدَيْدٍ ، اطْلُبُوهُ ، فَرُدُّوهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَسْتَعِينَ عَلَيْكُمْ بِكِلْبَانِ الْعَرَبِ ، فَجَمَعُوا سَرِيَّةً مِنْ خَيْلٍ ضَخْمَةٍ ، فَخَرَجَتْ فِي طَلَبِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، حَتَّى نَزَلُوا
بِأُمِّ مَعْبَدٍ ، وَقَدْ أَسْلَمَتْ وَحَسُنَ إِسْلَامُهَا ، فَسَأَلُوهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَشْفَقَتْ عَلَيْهِ مِنْهُمْ ، وَتَعَاجَمَتْ ، فَقَالَتْ : إِنَّكُمْ سَأَلْتُمُونِي عَنْ أَمْرٍ مَا سَمِعْتُ بِهِ قَبْلَ عَامِي هَذَا ، - وَهِيَ صَادِقَةٌ ، فَلَمْ تَسْمَعْهُ إِلَّا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، - تُخْبِرُونِي أَنَّ رَجُلًا يُخْبِرُكُمْ بِمَا فِي السَّمَاءِ ، إِنَّى لَأَسْتَوْحِشُ مِنْكُمْ ، لَئِنْ لَمْ تَنْصَرِفُوا عَنِّي ، لَأَصِيحَنَّ فِي قَوْمِي عَلَيْكُمْ .
[ ص: 1504 ] فَانْصَرَفُوا ، وَلَمْ يَعْلَمُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَجَّهَ ، وَلَوْ قَضَى اللَّهُ الْكَرِيمُ : أَنْ يَسْأَلُوا الشَّاةَ مَنْ حَلَبَكِ ؟ لَقَالَتْ :
مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَذَلِكَ لِأَنَّهَا جُعِلَتْ شَاهِدَةً ، فَعَمَّى اللَّهُ الْكَرِيمُ عَلَيْهِمْ مُسَاءَلَةَ الشَّاةِ ، وَسَأَلُوا
nindex.php?page=showalam&ids=24508أُمَّ مَعْبَدٍ فَكَتَمَتْهُمْ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14179مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ :
وَقَدْ حَدَّثَنَا بِهَذَا الْحَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=13298ابْنُ صَاعِدٍ فِي كِتَابِ : دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ ، عَنْ
مُكْرَمٍ وَغَيْرِهِ ، مِنْ طَرَقٍ مُخْتَصَرٍ فِي بَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14179مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ رَحِمَهُ اللَّهُ :
وَقَدْ تَكَلَّمَ
nindex.php?page=showalam&ids=12074أَبُو عُبَيْدٍ ، وَغَيْرُهُ فِي غَرِيبِ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=24508أُمِّ مَعْبَدٍ ، فَأَنَا أَذْكُرُهُ فَإِنَّهُ حَسَنٌ ، يَزِيدُ النَّاظِرَ فِيهِ عِلْمًا وَمَعْرِفَةً .
قَوْلُهُ فِي أَوَّلِ الْحَدِيثِ : ( وَكَانَ الْقَوْمُ مُرْمِلِينَ مُشَتِّينَ ) يَعْنِي مُرْمِلِينَ : قَدْ نَفِدَ زَادُهُمْ .
وَقَوْلُهُ ( مُشَتِّينَ ) يَعْنِي : دَائِبِينَ فِي الشِّتَاءِ ، وَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الْجَدْبُ ، وَضِيقُ الْأَمْرِ عَلَى الْأَعْرَابِ .
وَقَوْلُهُ فِي الشَّاةِ : ( فَتَفَاجَّتْ عَلَيْهِ ) يَعْنِي : فَتَحَتْ مَا بَيْنَ رِجْلَيْهَا لِلْحَلْبِ .
[ ص: 1505 ] وَقَوْلُهُ : ( دَعَا بِإِنَاءٍ يَرْبِضُ الرَّهْطَ ) : أَيْ يَرْوِيهِمْ ، حَتَّى يَثْقُلُوا فَيَرْبِضُوا . وَالرَّهْطُ : مَا بَيْنَ الثَّلَاثَةِ إِلَى الْعَشَرَةِ .
وَقَوْلُهُ : ( فَحَلَبَ فِيهِ ثَجًّا ) الثَّجُّ : السَّيَلَانُ . قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=78&ayano=14وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجًا ) أَيْ : سَيَّالًا .
وَقَوْلُهُ : ( حَتَّى عَلَاهُ الْبَهَاءُ ) يُرِيدُ : عَلَا الْإِنَاءَ بَهَاءُ اللَّبَنِ ، وَهُوَ وَبِيصُ رَغْوَتِهِ ، يُرِيدُ : أَنَّهُ مَلَأَهُ .
وَقَوْلُهُ : ( فَسَقَى أَصْحَابَهُ حَتَّى أَرَاضُوا ) يَعْنِي : حَتَّى رَوَوْا ، حَتَّى يَقَعُوا بِالرِّيِّ .
وَقَوْلُهُ فِي الْأَعْنُزِ : ( يَتَشَارَكْنَ هَزْلًا ) يَعْنِي : قَدْ عَمَّهُنَّ الْهُزَالُ ، فَلَيْسَ فِيهِنَّ مَنْفَعَةٌ وَلَا ذَاتُ طَرْقٍ ، فَهُوَ مِنَ الِاشْتِرَاكِ : إِنَّهُنَّ اشْتَرَكْنَ ، فَصَارَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ حَظٌّ .
وَقَوْلُهُ : ( وَالشَّاءُ عَازِبٌ ) أَيْ : بَعِيدٌ فِي الْمَرْعَى ، يُقَالُ : عَزَبَ عَنَّا إِذَا بَعُدَ . وَيُقَالُ لِلشَّيْءِ إِذَا انْفَرَدَ : عَزَبَ .
ثُمَّ
nindex.php?page=hadith&LINKID=938566nindex.php?page=treesubj&link=29301_31160_30669_29397_31031وَصَفَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِزَوْجِهَا أَبِي مَعْبَدٍ لَمَّا قَالَ : صِفِيهِ لِي ، فَقَالَتْ : رَأَيْتُ رَجُلًا ظَاهِرَ الْوَضَاءَةِ ، أَبْلَجَ الْوَجْهِ ، حَسَنَ الْخَلْقِ ، لَمْ تَعِبْهُ نُحْلَةٌ وَلَمْ تُزْرِ بِهِ صَعْلَةٌ ، وَسِيمٌ قَسِيمٌ ، فِي عَيْنَيْهِ دَعَجٌ ، وَفِي أَشْفَارِهِ غَطَفٌ ، وَفِي صَوْتِهِ صَحَلٌ ، وَفِي عُنُقِهِ سَطَعٌ ، وَفِي لِحْيَتِهِ كَثَاثَةٌ ، أَزَجُّ أَقْرَنُ ، إِنْ صَمَتَ فَعَلَيْهِ الْوَقَارُ ، وَإِنْ [ ص: 1506 ] تَكَلَّمَ سَمَا وَعَلَاهُ الْبَهَاءُ ، أَجْمَلُ النَّاسِ وَأَبْهَاهُ مِنْ بَعِيدٍ ، وَأَحْسَنُهُ وَأَحْلَاهُ مِنْ قَرِيبٍ ، حُلْوُ الْمَنْطِقِ ، لَا نَزْرٌ وَلَا هَذْرٌ ، كَأَنَّمَا مَنْطِقَهُ خَرَزَاتُ نَظْمٍ يَنْحَدِرْنَ ، رَبْعَةً ، لَا بَائِنٌ مِنْ طُولٍ ، وَلَا تَقْتَحِمْهُ عَيْنٌ مِنْ قِصَرٍ ، غُصْنٌ بَيْنَ غُصْنَيْنِ ، فَهُوَ أَنْظَرُ الثَّلَاثَةِ مَنْظَرًا ، وَأَحْسَنُهُمْ قَدْرًا ، لَهُ رُفَقَاءُ يَحُفُّونَهُ ، إِنْ قَالَ أَنْصَتُوا لِقَوْلِهِ ، وَإِذَا أَمَرَ تَبَادَرُوا إِلَى أَمْرِهِ ، مَحْفُودٌ مَحْشُودٌ ، لَا عَابِسٌ ، وَلَا مُفْنَدٍ .
قَوْلُهَا : ( أَبْلَجُ الْوَجْهِ ) : تُرِيدُ مُشْرِقُ الْوَجْهِ .
وَقَوْلُهَا : ( لَمْ تَعِبْهُ نُحْلَةٌ ) : وَالنُّحْلَةُ : الدِّقَّةُ .
وَقَوْلُهَا : ( وَلَمْ تُزْرِيهِ صَعْلَةٌ ) ، وَالصَّعْلُ : أَيْ : وَلَا نَاحِلُ الْخَاصِرَةِ .
وَقَوْلُهَا : ( وَسِيمٌ ) الْحَسَنُ الْوَضِيءُ : يُقَالُ : وَسِيمٌ بَيِّنُ الْوَسَامَةِ ، وَعَلَيْهِ مِيسَمُ الْحُسْنِ .
وَ( الْقَسِيمُ ) : الْحَسَنُ ، وَالْقَسَامَةُ : الْحُسْنُ .
وَ( الدَّعَجُ ) : السَّوَادُ فِي الْعَيْنِ .
وَقَوْلُهَا : ( وَفِي أَشْفَارِهِ عَطَفٌ ) - بِالْغَيْنِ عِنْدَهُمْ أَشْبَهُ - وَهُوَ أَنْ تَطُولَ الْأَشْفَارُ ثُمَّ تَنْعَطِفُ ، إِذَا كَانَ بِالْغَيْنِ ، كَأَنَّهُ يُقَالُ : غَطَفٌ . وَمَنْ قَالَ : بِالْعَيْنِ قَالَ :
[ ص: 1507 ] هُوَ فِي الْأُذُنِ ، وَهُوَ أَنْ تُدْبِرَ إِلَى الرَّأْسِ ، وَيَنْكَسِرَ طَرَفُهَا .
وَقَوْلُهَا : ( وَفِي صَوْتِهِ صَحَلٌ ) تُرِيدُ : فِي صَوْتِهِ كَالْبَحَّةِ ، وَهُوَ أَلَا يَكُونَ حَادًا . وَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالتَّلْبِيَةِ ، حَتَّى يَصْحَلَ صَوْتُهُ بِالتَّلْبِيَةِ ، يَعْنِي "بَحَّ صَوْتُهُ" .
وَقَدْ قَالَ الشَّاعِرُ :
وَقَدْ صَحِلَتْ مِنَ النَّوْحِ الْحُلُوقُ
قَوْلُهَا : ( فِي عُنُقِهِ سَطَعٌ ) أَيْ : طُولٌ . يُقَالُ : فِي الْفَرَسِ ؛ عُنُقٌ سَطْعَاءُ : إِذَا طَالَتْ عُنُقُهَا وَانْتَصَبَتْ .
وَقَوْلُهَا : ( أَزَجُّ أَقْرَنُ ) يَعْنِي : أَزَجَّ الْحَوَاجِبِ . وَالزَّجَجُ : طُولُ الْحَاجِبَيْنِ وَدِقَّتُهُمَا ، وَالْقَرْنُ : أَنْ يَطُولَ الْحَاجِبَانِ حَتَّى يَلْتَقِيَ طَرَفَاهُمَا ، وَيُقَالُ : الْأَبْلَجُ هُوَ أَنْ يَنْقَطِعَ الْحَاجِبَانِ ، فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا نَقِيًّا .
وَقَوْلُهَا ( إِذَا تَكَلَّمَ سَمَا ) تُرِيدُ : عَلَا بِرَأْسِهِ أَوْ يَدِهِ .
وَقَوْلُهَا فِي وَصْفِ مَنْطِقِهِ : ( فَصْلٌ ، لَا نَزْرَ وَلَا هَذْرَ ) أَيْ : أَنَّهُ وَسَطٌ ، لَيْسَ بِقَلِيلٍ وَلَا كَثِيرٍ .
[ ص: 1508 ]
وَقَوْلُهَا : ( مُعْتَدِلُ الْقَامَةِ ) كَأَنَّهَا تَقُولُ : مُعْتَدِلُ الْقَامَةِ ، كَمَا
nindex.php?page=hadith&LINKID=693876رَوَى nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ، لَيْسَ بِالْقَصِيرِ ، وَلَا بِالطَّوِيلِ .
قَوْلُهَا : ( وَلَا تَقْتَحِمُهُ عَيْنٌ مِنْ قِصَرٍ ) أَيْ : لَا تَحْتَقِرُهُ وَلَا تَزْدَرِيهِ .
وَقَوْلُهَا : ( مَحْفُودٌ ) : أَيْ مَخْدُومٌ . يُقَالُ : الْحَفَدَةُ ؛ الْأَعْوَانُ يَخْدِمُونَهُ .
قَوْلُهَا : ( مَحْشُودٌ ) : هُوَ مِنْ قَوْلِكَ : حَشَدْتُ لِفُلَانٍ فِي كَذَا ، إِذَا أَرَدْتَ أَنَّكَ اعْتَدَدْتَ لَهُ ، وَصَنَعَتْ لَهُ .
وَقَوْلُهَا : ( لَا عَابِسٌ ) تَعْنِي : لَا عَابِسُ الْوَجْهِ . مِنَ الْعُبُوسِ .
( وَلَا مُعْتَدٍ ) تَعْنِي بِالْمِعْتَدِي : الظَّالِمَ ، لَيْسَ بِظَالِمٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .