nindex.php?page=treesubj&link=20024_20015_28974الكلام على قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=133وسارعوا إلى مغفرة من ربكم
لقد دعاكم إلى البدار مولاكم ، وفتح باب الإجابة ثم استدعاكم ، ودلكم على منافعكم وهداكم ، فالتفتوا عن الهوى فقد آذاكم ، وحثوا حزم جزمكم ، وصبوا ذنوب الحزن على ذنبكم
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=133وسارعوا إلى مغفرة من ربكم .
بابه مفتوح للطالبين ، وجنابه مبذول للراغبين ، وفضله ينادي : يا غافلين ، وإحسانه
[ ص: 41 ] ينادي الجاهلين ، فاخرجوا من دائرة المذنبين ، وبادروا مبادرة التائبين ، وتعرضوا لنسمات الرحمة تخلصوا من كربكم ،
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=133وسارعوا إلى مغفرة من ربكم .
كم شغلتم بالمعاصي فذهب الفرض ، وبارزتم بالخطايا ونسيتم العرض ، وأعرضتم عن النذير وهو الشعر المبيض ، وحضكم على اكتساب حظكم فما نفع الحض ، وطالت آمالكم بعد أن ذهب الشباب الغض ، ورأيتم سلب القرناء ولقد أنذر البعض بالبعض ، ففروا إلى الله من سجن الهوى فقد ضاق طوله والعرض
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=133وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض .
روى
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في أفراده
nindex.php?page=hadith&LINKID=660528من حديث nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك قال : انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى بدر حتى سبقوا المشركين ، وجاء المشركون ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض .
قال : يقول عمير بن الحمام الأنصاري : يا رسول الله جنة عرضها السماوات والأرض ؟ ! قال : نعم قال : بخ بخ يا رسول الله ، فقال : ما يحملك على قولك : بخ بخ ؟ قال : والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها ، قال : فإنك من أهلها .
قال : فأخرج تمرات من قرنه فجعل يأكلهن ثم قال : إن أنا حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة ، فرمى بما كان معه من التمر ثم قاتل حتى قتل .
وقد روينا
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أيضا في يوم أحد : قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض ، فقام nindex.php?page=showalam&ids=5899عمرو بن الجموح وهو أعرج فقال : والله لأحفزن بها في الجنة ، فقاتل حتى قتل .
قال
الواقدي : لما أراد nindex.php?page=showalam&ids=5899عمرو بن الجموح الخروج إلى أحد ، منعه بنوه ، وقالوا : قد عذرك الله ، فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إن بني يريدون حبسي عن الخروج معك ، وإني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة ، فقال : " أما أنت فقد عذرك الله " ثم قال لبنيه : لا عليكم أن تمنعوه لعل الله عز وجل يرزقه الشهادة ، فخلوا سبيله .
قالت امرأته
هند بنت عمرو بن حرام : كأني أنظر إليه موليا ، فقد أخذ درقته وهو يقول : اللهم لا تردني إلى خربي ، وهي منازل
بني سلمة . [ ص: 42 ]
قال
nindex.php?page=showalam&ids=86أبو طلحة : فنظرت إليه حين انكشف المسلمون ثم ثابوا ، وهو في الرعيل الأول ، لكأني أنظر إلى ظلع في رجله وهو يقول : أنا والله مشتاق إلى الجنة !
ثم أنظر إلى ابنه
خلاد ، وهو يعدو معه في إثره حتى قتلا جميعا .
وفي الحديث أنه دفن
nindex.php?page=showalam&ids=5899عمرو بن الجموح nindex.php?page=showalam&ids=12وعبد الله بن عمر وأبو جابر في قبر واحد ، فخرب السيل قبرهم ، فحفر عنهم بعد ست وأربعين سنة ، فوجدوا لم يتغيروا كأنهم ماتوا بأمس .
لله در قوم بادروا الأوقات ، واستدركوا الهفوات ، فالعين مشغولة بالدمع عن المحرمات ، واللسان محبوس في سجن الصمت عن الهلكات ، والكف قد كفت بالخوف عن الشهوات ، والقدم قد قيدت بقيد المحاسبات ، والليل لديهم يجأرون فيه بالأصوات ، فإذا جاء النهار قطعوه بمقاطعة اللذات ، فكم من شهوة ما بلغوها حتى الممات ، فتيقظ للحاقهم من هذه الرقدات ، ولا تطمعن في الخلاص مع عدم الإخلاص في الطاعات ، ولا تؤملن النجاة وأنت مقيم على الموبقات
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=21أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات .
عجبا لأمنك والحياة قصيرة وبفقد إلف لا تزال تروع أفقد رضيت بأن تعلل بالمنى
وإلى المنية كل يوم تدفع لا تخدعنك بعد طول تجارب
دنيا تغر بوصلها وستقطع أحلام نوم أو كظل زائل
إن اللبيب بمثلها لا يخدع وتزودن ليوم فقرك دائبا
ألغير نفسك - لا أبالك - تجمع
لما علم الصالحون قصر العمر ، وحثهم حادي
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=133وسارعوا طووا مراحل الليل مع النهار انتهابا للأوقات .
كان في مسجد
nindex.php?page=showalam&ids=12150أبي مسلم الخولاني سوط يخوف به نفسه ، فإذا فتر ضربها بالسوط .
وكان مصلى
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه فراشه أربعين سنة ، وبقي أربعين سنة يصلي الفجر بوضوء العشاء .
وكان
nindex.php?page=showalam&ids=12338أويس القرني يقول : لأعبدن الله تعالى عبادة الملائكة ، فيقطع ليلة قائما وليلة راكعا وليلة ساجدا .
وكان
علي بن عبد الله بن العباس يسجد كل يوم ألف سجدة ، فسمي السجاد .
[ ص: 43 ]
وكان
كرز بن وبرة يعصب رجليه بالخرق لكثرة صلاته ، فازدحم الناس على جسر ، فنزل يصلي لئلا يبطل .
ودخلوا على
زجلة العابدة ، وكانت قد صامت حتى اسودت ، وبكت حتى عميت ، وصلت حتى أقعدت ، فذاكروها شيئا من العفو ، فشهقت ثم قالت : علمي بنفسي قرح فؤادي وكلم كبدي ، والله لوددت أن الله تعالى لم يخلقني ، فقيل لها : ارفقي بنفسك ، فقالت : إنما هي أيام قلائل تسرع ، من فاته شيء اليوم لم يدركه غدا ، ثم قالت : يا إخوتاه لأصلين لله ما أقلتني جوارحي ، ولأصومن له أيام حياتي ، ولأبكين ما حملت الماء عيناي ، أيكم يحب أن يأمر عبده بأمر فيقصر !
فهذه والله صفات المجتهدين ، وهذه خصال المبادرين ، فانتبهوا يا غافلين .
دارك فما عمرك بالواني ولا تثق بالعمر الفاني
يأتي لك اليوم بما تشتهي فيه ولا يأتي لك الثاني
ويأمل الباني بقاء الذي يبني وقد يختلس الباني
تصبح في شأن بما تقتني الآمال والأيام في شان
فانظر بعين الحق مستبصرا إن كنت ذا عقل وعرفان
هل نال من جمع أمواله يوما سوى قبر وأكفان
أليس كسرى بعد ما ناله زحزح عن قصر وإيوان
وعاد في حفرته خاليا بتربة يبلى وديدان
كم تلعب الدنيا بأبنائها تلاعب الخمر بنشوان
والناس في صحبتها ضحكة قد رفضوا الباقي بالفاني
وهم نيام عن ملماتها تبصرهم في زي يقظان
nindex.php?page=treesubj&link=20024_20015_28974الْكَلَامُ عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=133وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ
لَقَدْ دَعَاكُمْ إِلَى الْبِدَارِ مَوْلَاكُمْ ، وَفَتَحَ بَابَ الْإِجَابَةِ ثُمَّ اسْتَدْعَاكُمْ ، وَدَلَّكُمْ عَلَى مَنَافِعِكُمْ وَهُدَاكُمْ ، فَالْتَفِتُوا عَنِ الْهَوَى فَقَدْ آذَاكُمْ ، وَحُثُّوا حَزْمَ جَزْمِكُمْ ، وَصُبُّوا ذُنُوبَ الْحُزْنِ عَلَى ذَنْبِكُمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=133وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ .
بَابُهُ مَفْتُوحٌ لِلطَّالِبِينَ ، وَجَنَابُهُ مَبْذُولٌ لِلرَّاغِبِينَ ، وَفَضْلُهُ يُنَادِي : يَا غَافِلِينَ ، وَإِحْسَانُهُ
[ ص: 41 ] يُنَادِي الْجَاهِلِينَ ، فَاخْرُجُوا مِنْ دَائِرَةِ الْمُذْنِبِينَ ، وَبَادِرُوا مُبَادَرَةَ التَّائِبِينَ ، وَتَعَرَّضُوا لِنَسَمَاتِ الرَّحْمَةِ تَخَلَّصُوا مِنْ كَرْبِكُمْ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=133وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ .
كَمْ شُغِلْتُمْ بِالْمَعَاصِي فَذَهَبَ الْفَرْضُ ، وَبَارَزْتُمْ بِالْخَطَايَا وَنَسِيتُمُ الْعَرْضَ ، وَأَعْرَضْتُمْ عَنِ النَّذِيرِ وَهُوَ الشَّعْرُ الْمُبْيَضُّ ، وَحَضَّكُمْ عَلَى اكْتِسَابِ حَظِّكُمْ فَمَا نَفَعَ الْحَضُّ ، وَطَالَتْ آمَالُكُمْ بَعْدَ أَنْ ذَهَبَ الشَّبَابُ الْغَضُّ ، وَرَأَيْتُمْ سَلْبَ الْقُرَنَاءِ وَلَقَدْ أُنْذِرَ الْبَعْضُ بِالْبَعْضِ ، فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ مِنْ سِجْنِ الْهَوَى فَقَدْ ضَاقَ طُولُهُ وَالْعَرْضُ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=133وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ .
رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=17080مُسْلِمٌ فِي أَفْرَادِهِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=660528مِنْ حَدِيثِ nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : انْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ إِلَى بَدْرٍ حَتَّى سَبَقُوا الْمُشْرِكِينَ ، وَجَاءَ الْمُشْرِكُونَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ .
قَالَ : يَقُولُ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ الْأَنْصَارِيُّ : يَا رَسُولَ اللَّهِ جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ؟ ! قَالَ : نَعَمْ قَالَ : بَخٍ بَخٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَالَ : مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ : بَخٍ بَخٍ ؟ قَالَ : وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَّا رَجَاءَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا ، قَالَ : فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا .
قَالَ : فَأَخْرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قِرْنِهِ فَجَعَلَ يَأْكُلُهُنَّ ثُمَّ قَالَ : إِنْ أَنَا حَيِيتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِي هَذِهِ إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ ، فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنَ التَّمْرِ ثُمَّ قَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ .
وَقَدْ رُوِّينَا
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَيْضًا فِي يَوْمِ أُحُدٍ : قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ ، فَقَامَ nindex.php?page=showalam&ids=5899عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ وَهُوَ أَعْرَجُ فَقَالَ : وَاللَّهِ لَأَحْفِزَنَّ بِهَا فِي الْجَنَّةِ ، فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ .
قَالَ
الْوَاقِدِيُّ : لَمَّا أَرَادَ nindex.php?page=showalam&ids=5899عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ الْخُرُوجَ إِلَى أُحُدٍ ، مَنَعَهُ بَنُوهُ ، وَقَالُوا : قَدْ عَذَرَكَ اللَّهُ ، فَجَاءَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنَّ بَنِيَّ يُرِيدُونَ حَبْسِي عَنِ الْخُرُوجِ مَعَكَ ، وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَطَأَ بِعَرَجَتِي هَذِهِ فِي الْجَنَّةِ ، فَقَالَ : " أَمَّا أَنْتَ فَقَدْ عَذَرَكَ اللَّهُ " ثُمَّ قَالَ لِبَنِيهِ : لَا عَلَيْكُمْ أَنْ تَمْنَعُوهُ لَعَلَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَرْزُقُهُ الشَّهَادَةَ ، فَخَلَّوْا سَبِيلَهُ .
قَالَتِ امْرَأَتُهُ
هِنْدُ بِنْتُ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ : كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ مُوَلِّيًا ، فَقَدْ أَخَذَ دَرَقَتَهُ وَهُوَ يَقُولُ : اللَّهُمَّ لَا تَرُدَّنِي إِلَى خَرَبِي ، وَهِيَ مَنَازِلُ
بَنِي سَلَمَةَ . [ ص: 42 ]
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=86أَبُو طَلْحَةَ : فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ حِينَ انْكَشَفَ الْمُسْلِمُونَ ثُمَّ ثَابُوا ، وَهُوَ فِي الرَّعِيلِ الْأَوَّلِ ، لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى ظَلْعٍ فِي رِجْلِهِ وَهُوَ يَقُولُ : أَنَا وَاللَّهِ مُشْتَاقٌ إِلَى الْجَنَّةِ !
ثُمَّ أَنْظُرُ إِلَى ابْنِهِ
خَلَّادٍ ، وَهُوَ يَعْدُو مَعَهُ فِي إِثْرِهِ حَتَّى قُتِلَا جَمِيعًا .
وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ دُفِنَ
nindex.php?page=showalam&ids=5899عَمْرُو بْنُ الْجَمُوحِ nindex.php?page=showalam&ids=12وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَأَبُو جَابِرٍ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ ، فَخَرَّبَ السَّيْلُ قَبْرَهُمْ ، فَحُفِرَ عَنْهُمْ بَعْدَ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً ، فَوُجِدُوا لَمْ يَتَغَيَّرُوا كَأَنَّهُمْ مَاتُوا بِأَمْسِ .
لِلَّهِ دَرُّ قَوْمٍ بَادَرُوا الْأَوْقَاتَ ، وَاسْتَدْرَكُوا الْهَفَوَاتَ ، فَالْعَيْنُ مَشْغُولَةٌ بِالدَّمْعِ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ ، وَاللِّسَانُ مَحْبُوسٌ فِي سِجْنِ الصَّمْتِ عَنِ الْهَلَكَاتِ ، وَالْكَفُّ قَدْ كُفَّتْ بِالْخَوْفِ عَنِ الشَّهَوَاتِ ، وَالْقَدَمُ قَدْ قُيِّدَتْ بِقَيْدِ الْمُحَاسَبَاتِ ، وَاللَّيْلُ لَدَيْهِمْ يَجْأَرُونَ فِيهِ بِالْأَصْوَاتِ ، فَإِذَا جَاءَ النَّهَارُ قَطَعُوهُ بِمُقَاطَعَةِ اللَّذَّاتِ ، فَكَمْ مِنْ شَهْوَةٍ مَا بَلَغُوهَا حَتَّى الْمَمَاتِ ، فَتَيَقَّظْ لِلِحَاقِهِمْ مِنْ هَذِهِ الرَّقَدَاتِ ، وَلَا تَطْمَعَنَّ فِي الْخَلَاصِ مَعَ عَدَمِ الْإِخْلَاصِ فِي الطَّاعَاتِ ، وَلَا تُؤَمِّلَنَّ النَّجَاةَ وَأَنْتَ مُقِيمٌ عَلَى الْمُوبِقَاتِ
nindex.php?page=tafseer&surano=45&ayano=21أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ .
عَجَبًا لِأَمْنِكَ وَالْحَيَاةُ قَصِيرَةٌ وَبِفَقْدِ إِلْفٍ لَا تَزَالُ تُرَوَّعُ أَفَقَدْ رَضِيتَ بِأَنْ تَعَلَّلَ بِالْمُنَى
وَإِلَى الْمَنِيَّةِ كُلَّ يَوْمٍ تُدْفَعُ لَا تَخْدَعَنَّكَ بَعْدَ طُولِ تَجَارِبٍ
دُنْيَا تَغِرُّ بِوَصْلِهَا وَسَتُقْطَعُ أَحْلَامُ نَوْمٍ أَوْ كَظِلِّ زَائِلٍ
إِنَّ اللَّبِيبَ بِمِثْلِهَا لَا يُخْدَعُ وَتَزَوَّدَنَّ لِيَوْمِ فَقْرِكَ دَائِبًا
أَلِغَيْرِ نَفْسِكَ - لَا أَبَالَكَ - تَجْمَعُ
لَمَّا عَلِمَ الصَّالِحُونَ قِصَرَ الْعُمْرِ ، وَحَثَّهُمْ حَادِي
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=133وَسَارِعُوا طَوَوْا مَرَاحِلَ اللَّيْلِ مَعَ النَّهَارِ انْتِهَابًا لِلْأَوْقَاتِ .
كَانَ فِي مَسْجِدِ
nindex.php?page=showalam&ids=12150أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ سَوْطٌ يُخَوِّفُ بِهِ نَفْسَهُ ، فَإِذَا فَتَرَ ضَرَبَهَا بِالسَّوْطِ .
وَكَانَ مُصَلَّى
nindex.php?page=showalam&ids=17285وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ فِرَاشَهُ أَرْبَعِينَ سَنَةً ، وَبَقِيَ أَرْبَعِينَ سَنَةً يُصَلِّي الْفَجْرَ بِوُضُوءِ الْعِشَاءِ .
وَكَانَ
nindex.php?page=showalam&ids=12338أُوَيْسٌ الْقَرَنِيُّ يَقُولُ : لَأَعْبُدَنَّ اللَّهَ تَعَالَى عِبَادَةَ الْمَلَائِكَةِ ، فَيَقْطَعُ لَيْلَةً قَائِمًا وَلَيْلَةً رَاكِعًا وَلَيْلَةً سَاجِدًا .
وَكَانَ
عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ يَسْجُدُ كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ سَجْدَةٍ ، فَسُمِّيَّ السَّجَّادَ .
[ ص: 43 ]
وَكَانَ
كُرْزُ بْنُ وَبَرَةَ يُعَصِّبُ رِجْلَيْهِ بِالْخِرَقِ لِكَثْرَةِ صَلَاتِهِ ، فَازْدَحَمَ النَّاسُ عَلَى جِسْرٍ ، فَنَزَلَ يُصَلِّي لِئَلَّا يَبْطُلَ .
وَدَخَلُوا عَلَى
زُجْلَةَ الْعَابِدَةِ ، وَكَانَتْ قَدْ صَامَتْ حَتَّى اسْوَدَّتْ ، وَبَكَتْ حَتَّى عَمِيَتْ ، وَصَلَّتْ حَتَّى أُقْعِدَتْ ، فَذَاكَرُوهَا شَيْئًا مِنَ الْعَفْوِ ، فَشَهَقَتْ ثُمَّ قَالَتْ : عِلْمِي بِنَفْسِي قَرَّحَ فُؤَادِي وَكَلَمَ كَبِدِي ، وَاللَّهِ لَوَدِدْتُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَخْلُقْنِي ، فَقِيلَ لَهَا : ارْفُقِي بِنَفْسِكَ ، فَقَالَتْ : إِنَّمَا هِيَ أَيَّامٌ قَلَائِلُ تُسْرِعُ ، مَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ الْيَوْمَ لَمْ يُدْرِكْهُ غَدًا ، ثُمَّ قَالَتْ : يَا إِخْوَتَاهُ لَأُصَلِّيَنَّ لِلَّهِ مَا أَقَلَّتْنِي جَوَارِحِي ، وَلَأَصُومَنَّ لَهُ أَيَّامَ حَيَاتِي ، وَلَأَبْكِيَنَّ مَا حَمَلَتِ الْمَاءَ عَيْنَايَ ، أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَأْمُرَ عَبْدَهُ بِأَمْرٍ فَيُقَصِّرَ !
فَهَذِهِ وَاللَّهِ صِفَاتُ الْمُجْتَهِدِينَ ، وَهَذِهِ خِصَالُ الْمُبَادِرِينَ ، فَانْتَبِهُوا يَا غَافِلِينَ .
دَارُكَ فَمَا عُمْرُكَ بِالْوَانِي وَلَا تَثِقْ بِالْعُمْرِ الْفَانِي
يَأْتِي لَكَ الْيَوْمُ بِمَا تَشْتَهِي فِيهِ وَلَا يَأْتِي لَكَ الثَّانِي
وَيَأْمُلُ الْبَانِي بَقَاءَ الَّذِي يَبْنِي وَقَدْ يُخْتَلَسُ الْبَانِي
تُصْبِحُ فِي شَأْنٍ بِمَا تَقْتَنِي الآمَالَ وَالْأَيَّامُ فِي شَانِ
فَانْظُرْ بِعَيْنِ الْحَقِّ مُسْتَبْصِرًا إِنْ كُنْتَ ذَا عَقْلٍ وَعِرْفَانِ
هَلْ نَالَ مِنْ جَمَّعَ أَمْوَالَهُ يَوْمًا سِوَى قَبْرٍ وَأَكْفَانِ
أَلَيْسَ كِسْرَى بَعْدَ مَا نَالَهُ زُحْزِحَ عَنْ قَصْرٍ وَإِيوَانِ
وَعَادَ فِي حُفْرَتِهِ خَالِيًا بِتُرْبَةٍ يَبْلَى وَدِيدَانِ
كَمْ تَلْعَبُ الدُّنْيَا بِأَبْنَائِهَا تَلَاعُبَ الْخَمْرِ بِنَشْوَانِ
وَالنَّاسُ فِي صُحْبَتِهَا ضِحْكَةٌ قَدْ رَفَضُوا الْبَاقِي بِالْفَانِي
وَهُمْ نِيَامٌ عَنْ مَلَمَّاتِهَا تُبْصِرُهُمْ فِي زِيِّ يَقْظَانِ