ولهذا كان
nindex.php?page=treesubj&link=32041أنفع الدعاء وأعظمه وأحكمه دعاء الفاتحة :
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين . فإنه إذا هداه هذا الصراط أعانه على طاعته وترك معصيته ، فلم يصبه شر ، لا في الدنيا ولا في الآخرة .
لكن الذنوب هي لوازم نفس الإنسان ، وهو محتاج إلى الهدى كل لحظة ، وهو إلى الهدى أحوج منه إلى الطعام والشراب . ليس كما يقوله بعض المفسرين : إنه قد هداه ! فلماذا يسأل الهدى ؟ ! وإن المراد التثبيت ، أو مزيد الهداية ! بل العبد محتاج إلى أن يعلمه الله ما يفعله من تفاصيل أحواله ، وإلى ما يتركه من تفاصيل الأمور ، في كل يوم ، وإلى أن يلهمه أن يعمل ذلك . فإنه لا يكفي مجرد علمه إن لم يجعله مريدا للعمل بما يعلمه ، وإلا كان العلم حجة عليه ، ولم يكن مهتديا . و [ العبد ] محتاج إلى أن يجعله [ الله ] قادرا على العمل بتلك الإرادة الصالحة ، فإن المجهول لنا من الحق أضعاف المعلوم ، وما لا نريد فعله تهاونا وكسلا مثل ما نريده أو أكثر منه أو دونه ، وما لا نقدر عليه مما نريده كذلك ، وما نعرف جملته ولا نهتدي لتفاصيله فأمر يفوت الحصر ،
[ ص: 520 ] ونحن محتاجون إلى الهداية التامة ، فمن كملت له هذه الأمور كان سؤاله سؤال تثبيت ، وهي آخر الرتب .
وبعد ذلك كله هداية أخرى ، وهي الهداية إلى طريق الجنة في الآخرة . ولهذا كان الناس مأمورين بهذا الدعاء في كل صلاة ، لفرط حاجتهم إليه ، فليسوا إلى شيء أحوج منهم إلى هذا الدعاء . فيجب أن يعلم أن الله بفضل رحمته جعل هذا
nindex.php?page=treesubj&link=19734الدعاء من أعظم الأسباب المقتضية للخير ، المانعة من الشر ، فقد بين القرآن أن
nindex.php?page=treesubj&link=28786السيئات من النفس ، وإن كانت بقدر الله ، وأن الحسنات كلها من الله تعالى .
وإذا كان الأمر كذلك وجب أن يشكر سبحانه ، وأن يستغفره العبد من ذنوبه ، وألا يتوكل إلا عليه وحده ، فلا يأتي بالحسنات إلا هو . فأوجب ذلك توحيده ، والتوكل عليه وحده ، والشكر له وحده ، والاستغفار من الذنوب .
وهذه الأمور كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمعها في الصلاة ، كما ثبت عنه في الصحيح : أنه كان إذا رفع رأسه من الركوع يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964420ربنا لك الحمد ، حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه . ملء السماوات ، وملء الأرض ، وملء [ ص: 521 ] ما شئت من شيء بعد ، أهل الثناء والمجد ، أحق ما قال العبد ، وكلنا لك عبد . فهذا حمد ، وهو شكر لله تعالى ، وبيان أن حمده أحق ما قاله العبد ، ثم يقول بعد ذلك :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964421لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد .
وَلِهَذَا كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=32041أَنْفَعُ الدُّعَاءِ وَأَعْظَمُهُ وَأَحْكَمُهُ دُعَاءَ الْفَاتِحَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ . فَإِنَّهُ إِذَا هَدَاهُ هَذَا الصِّرَاطَ أَعَانَهُ عَلَى طَاعَتِهِ وَتَرْكِ مَعْصِيَتِهِ ، فَلَمْ يُصِبْهُ شَرٌّ ، لَا فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ .
لَكِنَّ الذُّنُوبَ هِيَ لَوَازِمُ نَفْسِ الْإِنْسَانِ ، وَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى الْهُدَى كُلَّ لَحْظَةٍ ، وَهُوَ إِلَى الْهُدَى أَحْوَجُ مِنْهُ إِلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ . لَيْسَ كَمَا يَقُولُهُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ : إِنَّهُ قَدْ هَدَاهُ ! فَلِمَاذَا يَسْأَلُ الْهُدَى ؟ ! وَإِنَّ الْمُرَادَ التَّثْبِيتُ ، أَوْ مَزِيدُ الْهِدَايَةِ ! بَلِ الْعَبْدُ مُحْتَاجٌ إِلَى أَنْ يُعَلِّمَهُ اللَّهُ مَا يَفْعَلُهُ مِنْ تَفَاصِيلِ أَحْوَالِهِ ، وَإِلَى مَا يَتْرُكُهُ مِنْ تَفَاصِيلِ الْأُمُورِ ، فِي كُلِّ يَوْمٍ ، وَإِلَى أَنْ يُلْهِمَهُ أَنْ يَعْمَلَ ذَلِكَ . فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي مُجَرَّدُ عِلْمِهِ إِنْ لَمْ يَجْعَلْهُ مُرِيدًا لِلْعَمَلِ بِمَا يَعْلَمُهُ ، وَإِلَّا كَانَ الْعِلْمُ حُجَّةً عَلَيْهِ ، وَلَمْ يَكُنْ مُهْتَدِيًا . وَ [ الْعَبْدُ ] مُحْتَاجٌ إِلَى أَنْ يَجْعَلَهُ [ اللَّهُ ] قَادِرًا عَلَى الْعَمَلِ بِتِلْكَ الْإِرَادَةِ الصَّالِحَةِ ، فَإِنَّ الْمَجْهُولَ لَنَا مِنَ الْحَقِّ أَضْعَافُ الْمَعْلُومِ ، وَمَا لَا نُرِيدُ فِعْلَهُ تَهَاوُنًا وَكَسَلًا مِثْلُ مَا نُرِيدُهُ أَوْ أَكْثَرُ مِنْهُ أَوْ دُونَهُ ، وَمَا لَا نَقْدِرُ عَلَيْهِ مِمَّا نُرِيدُهُ كَذَلِكَ ، وَمَا نَعْرِفُ جُمْلَتَهُ وَلَا نَهْتَدِي لِتَفَاصِيلِهِ فَأَمْرٌ يَفُوتُ الْحَصْرَ ،
[ ص: 520 ] وَنَحْنُ مُحْتَاجُونَ إِلَى الْهِدَايَةِ التَّامَّةِ ، فَمَنْ كَمُلَتْ لَهُ هَذِهِ الْأُمُورُ كَانَ سُؤَالُهُ سُؤَالَ تَثْبِيتٍ ، وَهِيَ آخِرُ الرُّتَبِ .
وَبَعْدَ ذَلِكَ كُلِّهِ هِدَايَةٌ أُخْرَى ، وَهِيَ الْهِدَايَةُ إِلَى طَرِيقِ الْجَنَّةِ فِي الْآخِرَةِ . وَلِهَذَا كَانَ النَّاسُ مَأْمُورِينَ بِهَذَا الدُّعَاءِ فِي كُلِّ صَلَاةٍ ، لِفَرْطِ حَاجَتِهِمْ إِلَيْهِ ، فَلَيْسُوا إِلَى شَيْءٍ أَحْوَجَ مِنْهُمْ إِلَى هَذَا الدُّعَاءِ . فَيَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ جَعَلَ هَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=19734الدُّعَاءَ مِنْ أَعْظَمِ الْأَسْبَابِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْخَيْرِ ، الْمَانِعَةِ مِنَ الشَّرِّ ، فَقَدْ بَيَّنَ الْقُرْآنُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28786السَّيِّئَاتِ مِنَ النَّفْسِ ، وَإِنْ كَانَتْ بِقَدَرِ اللَّهِ ، وَأَنَّ الْحَسَنَاتِ كُلَّهَا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى .
وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يُشْكَرَ سُبْحَانَهُ ، وَأَنْ يَسْتَغْفِرَهُ الْعَبْدُ مِنْ ذُنُوبِهِ ، وَأَلَّا يَتَوَكَّلَ إِلَّا عَلَيْهِ وَحْدَهُ ، فَلَا يَأْتِي بِالْحَسَنَاتِ إِلَّا هُوَ . فَأَوْجَبَ ذَلِكَ تَوْحِيدَهُ ، وَالتَّوَكُّلَ عَلَيْهِ وَحْدَهُ ، وَالشُّكْرَ لَهُ وَحْدَهُ ، وَالِاسْتِغْفَارَ مِنَ الذُّنُوبِ .
وَهَذِهِ الْأُمُورُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْمَعُهَا فِي الصَّلَاةِ ، كَمَا ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ : أَنَّهُ كَانَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964420رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ ، حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ . مِلْءَ السَّمَاوَاتِ ، وَمِلْءَ الْأَرْضِ ، وَمِلْءَ [ ص: 521 ] مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ ، أَهْلَ الثَّنَاءِ وَالْمَجْدِ ، أَحَقُّ مَا قَالَ الْعَبْدُ ، وَكُلُّنَا لَكَ عَبْدٌ . فَهَذَا حَمْدٌ ، وَهُوَ شُكْرٌ لِلَّهِ تَعَالَى ، وَبَيَانُ أَنَّ حَمْدَهُ أَحَقُّ مَا قَالَهُ الْعَبْدُ ، ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=964421لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ ، وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ ، وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ .