[ ص: 117 ] قوله : ( ذلك بأنه على كل شيء قدير ، وكل شيء إليه فقير ، وكل أمر عليه يسير ، لا يحتاج إلى شيء ،
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ) .
ش : ذلك إشارة إلى
nindex.php?page=treesubj&link=31743_29625ثبوت صفاته في الأزل قبل خلقه . والكلام على ( كل ) وشمولها وشمول كل [ في كل ] مقام بحسب ما يحتف به من القرائن ، يأتي في مسألة الكلام إن شاء الله تعالى .
وقد حرفت
المعتزلة المعنى المفهوم من قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=284والله على كل شيء قدير ( البقرة : 284 ) ، فقالوا : إنه قادر على كل ما هو مقدور له ، وأما نفس أفعال العباد فلا يقدر عليها عندهم ، وتنازعوا : هل يقدر على مثلها أم لا ؟ ! ولو كان المعنى على ما قالوا لكان هذا بمنزلة أن يقال : هو عالم بكل ما يعلمه ، وخالق لكل ما يخلقه ، ونحو ذلك من العبارات التي لا فائدة فيها . فسلبوا صفة كمال قدرته على كل شيء .
وأما أهل السنة ، فعندهم
nindex.php?page=treesubj&link=33679_33677أن الله على كل شيء قدير ، وكل ممكن فهو مندرج في هذا . وأما المحال لذاته ، مثل كون الشيء الواحد موجودا معدوما في حال واحدة ، فهذه لا حقيقة له ، ولا يتصور وجوده ، ولا يسمى شيئا ، باتفاق العقلاء . ومن هذا الباب : خلق مثل نفسه ، وإعدام نفسه وأمثال ذلك من المحال .
وهذا الأصل هو الإيمان بربوبيته العامة التامة ، فإنه لا يؤمن بأنه رب كل شيء إلا من آمن أنه قادر على تلك الأشياء ، ولا يؤمن بتمام ربوبيته وكمالها إلا من آمن بأنه على كل شيء قدير .
[ ص: 117 ] قَوْلُهُ : ( ذَلِكَ بِأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَكُلُّ شَيْءٍ إِلَيْهِ فَقِيرٌ ، وَكُلُّ أَمْرٍ عَلَيْهِ يَسِيرٌ ، لَا يَحْتَاجُ إِلَى شَيْءٍ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ) .
ش : ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى
nindex.php?page=treesubj&link=31743_29625ثُبُوتِ صِفَاتِهِ فِي الْأَزَلِ قَبْلَ خَلْقِهِ . وَالْكَلَامُ عَلَى ( كُلٍّ ) وَشُمُولِهَا وَشُمُولِ كُلٍّ [ فِي كُلِّ ] مَقَامٍ بِحَسَبِ مَا يَحْتَفُّ بِهِ مِنَ الْقَرَائِنِ ، يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الْكَلَامِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
وَقَدْ حَرَّفَتِ
الْمُعْتَزِلَةُ الْمَعْنَى الْمَفْهُومَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=284وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ( الْبَقَرَةِ : 284 ) ، فَقَالُوا : إِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى كُلِّ مَا هُوَ مَقْدُورٌ لَهُ ، وَأَمَّا نَفْسُ أَفْعَالِ الْعِبَادِ فَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهَا عِنْدَهُمْ ، وَتَنَازَعُوا : هَلْ يَقْدِرُ عَلَى مِثْلِهَا أَمْ لَا ؟ ! وَلَوْ كَانَ الْمَعْنَى عَلَى مَا قَالُوا لَكَانَ هَذَا بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُقَالَ : هُوَ عَالِمٌ بِكُلِّ مَا يَعْلَمُهُ ، وَخَالِقٌ لِكُلِّ مَا يَخْلُقُهُ ، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنَ الْعِبَارَاتِ الَّتِي لَا فَائِدَةَ فِيهَا . فَسَلَبُوا صِفَةَ كَمَالِ قُدْرَتِهِ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ .
وَأَمَّا أَهْلُ السُّنَّةِ ، فَعِنْدَهُمْ
nindex.php?page=treesubj&link=33679_33677أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ، وَكُلُّ مُمْكِنٍ فَهُوَ مُنْدَرِجٌ فِي هَذَا . وَأَمَّا الْمُحَالُ لِذَاتِهِ ، مِثْلُ كَوْنِ الشَّيْءِ الْوَاحِدِ مَوْجُودًا مَعْدُومًا فِي حَالٍ وَاحِدَةٍ ، فَهَذِهِ لَا حَقِيقَةَ لَهُ ، وَلَا يُتَصَوَّرُ وُجُودُهُ ، وَلَا يُسَمَّى شَيْئًا ، بِاتِّفَاقِ الْعُقَلَاءِ . وَمِنْ هَذَا الْبَابِ : خَلْقُ مِثْلِ نَفْسِهِ ، وَإِعْدَامُ نَفْسِهِ وَأَمْثَالُ ذَلِكَ مِنَ الْمُحَالِ .
وَهَذَا الْأَصْلُ هُوَ الْإِيمَانُ بِرُبُوبِيَّتِهِ الْعَامَّةِ التَّامَّةِ ، فَإِنَّهُ لَا يُؤْمِنُ بِأَنَّهُ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مَنْ آمَنَ أَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى تِلْكَ الْأَشْيَاءِ ، وَلَا يُؤْمِنُ بِتَمَامِ رُبُوبِيَّتِهِ وَكَمَالِهَا إِلَّا مَنْ آمَنَ بِأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .