الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      وقوله: ويعقوب  

                                                                                                                                                                                                                                      أي ويعقوب وصى بهذا أيضا. وفي إحدى القراءتين قراءة عبد الله أو قراءة أبي : "أن يا بني إن الله اصطفى لكم الدين" يوقع وصى على "أن" يريد وصاهم "بأن" ، وليس في قراءتنا "أن"، وكل صواب. فمن ألقاها قال: الوصية قول، وكل كلام رجع إلى القول جاز فيه دخول أن، وجاز إلقاء أن كما قال الله عز وجل في النساء : يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين ؛ لأن الوصية كالقول وأنشدني الكسائي :


                                                                                                                                                                                                                                      إني سأبدي لك فيما أبدي لي شجنان شجن بنجد     وشجن لي ببلاد السند



                                                                                                                                                                                                                                      لأن الإبداء في المعنى بلسانه ومثله قول الله عز وجل وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة ؛ لأن العدة قول. فعلى هذا يبنى ما ورد من نحوه.

                                                                                                                                                                                                                                      وقول النحويين: إنما أراد: أن فألقيت ليس بشيء؛ لأن هذا لو كان لجاز إلقاؤها مع ما يكون في معنى القول وغيره. [ ص: 81 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      وإذا كان الموضع فيه ما يكون معناه معنى القول ثم ظهرت فيه أن فهي منصوبة الألف. وإذا لم يكن ذلك الحرف يرجع إلى معنى القول سقطت أن من الكلام.

                                                                                                                                                                                                                                      فأما الذي يأتي بمعنى القول فتظهر فيه أن مفتوحة فقول الله تبارك وتعالى: إنا أرسلنا نوحا إلى قومه أن أنذر قومك جاءت أن مفتوحة؛ لأن الرسالة قول. وكذلك قوله فانطلقوا وهم يتخافتون أن لا يدخلنها والتخافت قول. وكذلك كل ما كان في القرآن. وهو كثير. منه قول الله وآخر دعواهم أن الحمد لله .

                                                                                                                                                                                                                                      ومثله: فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين الأذان قول، والدعوى قول في الأصل.

                                                                                                                                                                                                                                      وأما ما ليس فيه معنى القول فلم تدخله أن فقول الله ولو ترى إذ المجرمون ناكسو رءوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا فلما لم يكن في أبصرنا كلام يدل على القول أضمرت القول فأسقطت أن؛ لأن ما بعد القول حكاية لا تحدث معها أن. ومنه قول الله والملائكة باسطو أيديهم أخرجوا أنفسكم . معناه: يقولون أخرجوا. ومنه قول الله تبارك وتعالى: وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا . معناه يقولان ربنا تقبل منا وهو كثير. فقس بهذا ما ورد عليك. [ ص: 82 ] .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية