( حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15614ثور بن يزيد ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15802خالد بن معدان ) يكنى أبا عبد الله الشامي الكلاعي من أهل
حمص ، قال : لقيت سبعين رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان من ثقات الشاميين ، مات
بطرسوس سنة أربع ومائة ( عن
أبي أمامة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفعت المائدة من بين يديه ) قد فسروا المائدة بأنها خوان عليه طعام ، وثبت في الصحيح برواية
أنس أنه صلى الله عليه وسلم لم يأكل على خوان قط ، كما تقدم في أول الكتاب ، فقيل : أكل عليه بعض الأحيان ; لبيان الجواز ، وأن
أنسا ما رأى ورآه غيره ، والمثبت مقدم على النافي أو يقال : إن المراد بالخوان ما يكون بخصوصه والمائدة تطلق على كل ما يوضع عليه الطعام ; لأنها مشتقة من ماد يميد إذا تحرك أو أطعم ، ولا يختص بصفة مخصوصة ، وقد تطلق المائدة ويراد بها نفس الطعام أو بقيته أو إناؤه ، فيكون مراد
أبي أمامة إذا رفع من عنده صلى الله عليه وسلم ما وضع عليه أو بقيته ( يقول ) أي رافعا صوته إذ من السنة أن لا يرفع صوته بالحمد عند الفراغ من الأكل ، إذا لم يفرغ جلساؤه ، كيلا يكون منعا لهم ( الحمد لله ) أي على ذاته وصفاته وأفعاله التي من جملتها الإنعام بالإطعام ( حمدا ) مفعول مطلق للحمد ، إما باعتبار ذاته أو باعتبار تضمنه معنى الفعل ، أو لفعل مقدر ( كثيرا ) أي لا نهاية لحمده كما لا غاية لنعمه ( طيبا )
[ ص: 291 ] أي خالصا من الرياء والسمعة ( مباركا ) هو وما قبله صفات لحمدا، وقوله : ( فيه ) ضميره راجع إلى الحمد أي حمدا ذا بركة دائما لا ينقطع ; لأن نعمه لا تنقطع عنا فينبغي أن يكون حمدنا غير منقطع أيضا ، ولو نية واعتقادا ( غير مودع ) بنصب غير في الأصول المعتمدة على أنه حال من الله ، أو من الحمد وهو الأقرب ، وفي نسخة برفعه على أنه خبر مبتدأ محذوف هو هو ، ومودع بفتح الدال المشددة ، أي غير متروك الطلب والرغبة فيما عنده ، ومنه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=3ما ودعك ربك أي ما تركك ، قيل : ويحتمل أن يكون بكسر الدال على أنه حال من القائل ، أي غير تارك الحمد أو تارك الطلب والرغبة ، فيما عنده وتعقب بأنه مع بعده لا يلائمه ما بعده ، وهو قوله : ( ولا مستغنى عنه ) إذ الرواية فيه ليست إلا على صيغة المجهول ، كما هو مقتضى الرسم ، ومعناه غير مطروح ، ولا معرض عنه ، بل محتاج إليه ، فهو تأكيد لما قبله بدليل لا .
لا أنه عطف تفسير كما قيل ، ونظر فيه بأنه بل فيه فائدة لم تستفد من سابقه نصا وهي أنه لا استغناء لأحد عن الحمد لوجوبه به على كل مكلف ، إذ لا يخلو أحد عن نعمه ، بل نعمه لا تحصى ، وهو في مقابلة النعم واجب ، كما صرحوا به لكن ليس المراد بوجوبه أن من تركه لفظا يأثم ، بل أن من أتى به بالمعنى الأعم في مقابلة النعم أثيب عليه ثواب الواجب ، ومن أتى به لا في مقابلة شيء أثيب عليه ثواب المندوب ، أما شكر النعم بمعنى امتثال أوامره واجتناب نواهيه ، فهو واجب شرعا على كل مكلف ، يأثم بتركه إجماعا ثم قوله : ( ربنا ) بتثليث الموحدة وسيأتي بيان وجهه وفي رواية
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من طريق
أبي أمامة أيضا " غير مكفي ولا مودع " الحديث ، فقيل : معناه غير محتاج إلى أحد ، فيكفي لكنه يطعم ولا يطعم ويكفي ولا يكفى ، وقيل : يحتمل أنه من كفأت الإناء أي : غير مردود عليه إنعامه ، ويحتمل أنه من الكفاية أي : أن الله تعالى غير مكفى ، رزق عباده ; لأنه لا يكفيهم أحد غيره ، ويحتمل أن يكون الضمير للطعام ، ومكفي بمعنى مقلوب من الإكفاء وهو القلب ، وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12663أبي منصور الجواليقي أن الصواب غير مكافأ بالهمزة ، أي أن نعمة الله لا تكافأ ، قال
العسقلاني : وثبت هذا اللفظ هكذا في حديث أبي أمامة بالياء ولكل معنى ، والله أعلم .
قال
ميرك : اعلم أن ضمير اسم المفعول في مودع لا يخلو إما أن يكون راجعا إلى الله تعالى ، أو إلى الحمد أو إلى الطعام الذي يدل عليه السياق ، فعلى الأول يجوز أن يقرأ " غير " منصوبا بإضمار أعني أو على أنه حال يعني من الله في الحمد لله ، باعتبار معنى المفعولية أو الفاعلية فيه ، أي الله سبحانه غير مودع ، أي غير متروك الطلب منه والرغبة فيما عنده ، ولا مستغنى عنه ; لأنه في جميع الأمور هو المرجع والمستغاث والمدعو ، ويجوز أن يقرأ مرفوعا أي هو غير مودع ، وعلى الثاني معناه أن الحمد غير متروك ، بل الاشتغال به دائم من غير انقطاع ، كما أن نعمه سبحانه وتعالى لا تنقطع عنا طرفة عين ، ولا مستغنى عنه ; لأن الإتيان به ضروري دائما ، ونصب " غير " ورفعه بحالهما ، وعلى الثالث معناه أن الطعام غير متروك ; لأن الحاجة إليه دائمة ، وجملة ولا مستغنى عنه مؤكدة للجملة السابقة ، والنصب والرفع في غير بحالهما ، وقوله : ربنا روي بالرفع والنصب والجر ، فالرفع على
[ ص: 292 ] تقدير هو ربنا ، أو أنت ربنا اسمع حمدنا ودعاءنا ، أو على أنه مبتدأ وخبره " غير " بالرفع مقدم عليه ، والنصب على أنه منادى حذف منه حرف النداء ، والجر على أنه بدل من الله ، انتهى .
قال
ابن حجر : والقول بأنه بدل من الضمير في عنه ، واضح الفساد ، إذ ضمير عنه للحمد كما لا يخفى على من له ذوق ، انتهى . وفيه أنه تقدم وجه أن ضميره لله تعالى أيضا فهو مبني عليه ، فلا فساد حينئذ أصلا ، وأغرب
الحنفي في إعراب قوله : " ربنا " ، حيث قال : مبتدأ خبره محذوف ، أي ربنا هذا ، ثم اعلم أنه جوز في نصبه على أنه على المدح ، أو الاختصاص أو إضمار ، أعني أيضا خلافا لمن اقتصر على النداء ، قال
ابن حجر : وصح أنه عليه السلام ، كان يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345365اللهم أطعمت وسقيت وأغنيت وأفضيت ، وهديت وأحييت ، فلك الحمد على ما أعطيت .
وكان صلى الله عليه وسلم إذا أكل عند قوم ، لم يخرج حتى يدعو لهم ، فدعا في منزل
nindex.php?page=showalam&ids=11788عبد الله بن بسر ، بقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345366اللهم بارك لهم فيما رزقتهم ، واغفر لهم وارحمهم ، رواه
مسلم ، وفي منزل
سعد ، بقوله :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345367أفطر عندكم الصائمون ، وأكل طعامكم الأبرار ، وصلت عليكم الملائكة ، رواه
أبو داود .
وسقاه آخر لبنا ، فقال : اللهم أمتعه بشبابه ، فمرت عليه ثمانون سنة لم ير شعرة بيضاء .
رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12769ابن السني ، وفي خبر مرسل عند
البيهقي أنه صلى الله عليه وسلم
كان إذا أكل مع قوم كان آخرهم أكلا ، وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه والبيهقي مرفوعا ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345370إذا وضعت المائدة فلا يقوم الرجل وإن شبع ، حتى يفرغ القوم ، فإن ذلك يخجل جليسه ، وعسى أن يكون له في الطعام حاجة .
( حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15573مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17314يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15614ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15802خَالِدُ بْنُ مَعْدَانَ ) يُكَنَّى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الشَّامِيَّ الْكُلَاعِيَّ مِنْ أَهْلِ
حِمْصَ ، قَالَ : لَقِيتُ سَبْعِينَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ مِنْ ثِقَاتِ الشَّامِيِّينَ ، مَاتَ
بِطَرَسُوسَ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَمِائَةٍ ( عَنْ
أَبِي أُمَامَةَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رُفِعَتِ الْمَائِدَةُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ ) قَدْ فَسَّرُوا الْمَائِدَةَ بِأَنَّهَا خِوَانٌ عَلَيْهِ طَعَامٌ ، وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ بِرِوَايَةِ
أَنَسٍ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَأْكُلْ عَلَى خِوَانٍ قَطُّ ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ ، فَقِيلَ : أَكَلَ عَلَيْهِ بَعْضَ الْأَحْيَانِ ; لِبَيَانِ الْجَوَازِ ، وَأَنَّ
أَنَسًا مَا رَأَى وَرَآهُ غَيْرُهُ ، وَالْمُثْبَتُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي أَوْ يُقَالُ : إِنَّ الْمُرَادَ بِالْخِوَانِ مَا يَكُونُ بِخُصُوصِهِ وَالْمَائِدَةُ تُطْلَقُ عَلَى كُلِّ مَا يُوضَعُ عَلَيْهِ الطَّعَامُ ; لِأَنَّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنْ مَادَ يَمِيدُ إِذَا تَحَرَّكَ أَوْ أَطْعَمَ ، وَلَا يَخْتَصُّ بِصِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ ، وَقَدْ تُطْلَقُ الْمَائِدَةُ وَيُرَادُ بِهَا نَفْسُ الطَّعَامِ أَوْ بَقِيَّتُهُ أَوْ إِنَاؤُهُ ، فَيَكُونُ مُرَادُ
أَبِي أُمَامَةَ إِذَا رُفِعَ مِنْ عِنْدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا وُضِعَ عَلَيْهِ أَوْ بَقِيَّتُهُ ( يَقُولُ ) أَيْ رَافِعًا صَوْتَهُ إِذْ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ لَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ بِالْحَمْدِ عِنْدَ الْفَرَاغِ مِنَ الْأَكْلِ ، إِذَا لَمْ يَفْرُغْ جُلَسَاؤُهُ ، كَيْلَا يَكُونَ مَنْعًا لَهُمْ ( الْحَمْدُ لِلَّهِ ) أَيْ عَلَى ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا الْإِنْعَامُ بِالْإِطْعَامِ ( حَمْدًا ) مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لِلْحَمْدِ ، إِمَّا بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ أَوْ بِاعْتِبَارِ تَضَمُّنِهِ مَعْنَى الْفِعْلِ ، أَوْ لِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ ( كَثِيرًا ) أَيْ لَا نِهَايَةَ لِحَمْدِهِ كَمَا لَا غَايَةَ لِنِعَمِهِ ( طَيِّبًا )
[ ص: 291 ] أَيْ خَالِصًا مِنَ الرِّيَاءِ وَالسُّمْعَةِ ( مُبَارَكًا ) هُوَ وَمَا قَبْلَهُ صِفَاتٌ لِحَمْدًا، وَقَوْلُهُ : ( فِيهِ ) ضَمِيرُهُ رَاجِعٌ إِلَى الْحَمْدِ أَيْ حَمْدًا ذَا بَرَكَةٍ دَائِمًا لَا يَنْقَطِعُ ; لِأَنَّ نِعَمَهُ لَا تَنْقَطِعُ عَنَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ حَمْدُنَا غَيْرَ مُنْقَطِعٍ أَيْضًا ، وَلَوْ نِيَّةً وَاعْتِقَادًا ( غَيْرَ مُوَدَّعٍ ) بِنَصْبِ غَيْرِ فِي الْأُصُولِ الْمُعْتَمَدَةِ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ مِنَ اللَّهِ ، أَوْ مِنَ الْحَمْدِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ ، وَفِي نُسْخَةٍ بِرَفْعِهِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ هُوَ هُوَ ، وَمُوَدَّعٍ بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُشَدَّدَةِ ، أَيْ غَيْرَ مَتْرُوكِ الطَّلَبِ وَالرَّغْبَةِ فِيمَا عِنْدَهُ ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=93&ayano=3مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ أَيْ مَا تَرَكَكَ ، قِيلَ : وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بِكَسْرِ الدَّالِ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ مِنَ الْقَائِلِ ، أَيْ غَيْرَ تَارِكِ الْحَمْدِ أَوْ تَارِكِ الطَّلَبِ وَالرَّغْبَةِ ، فِيمَا عِنْدَهُ وَتَعَقَّبَ بِأَنَّهُ مَعَ بُعْدِهِ لَا يُلَائِمُهُ مَا بَعْدَهُ ، وَهُوَ قَوْلُهُ : ( وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ ) إِذِ الرِّوَايَةُ فِيهِ لَيْسَتْ إِلَّا عَلَى صِيغَةِ الْمَجْهُولِ ، كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الرَّسْمِ ، وَمَعْنَاهُ غَيْرُ مَطْرُوحٍ ، وَلَا مُعْرِضٍ عَنْهُ ، بَلْ مُحْتَاجٌ إِلَيْهِ ، فَهُوَ تَأْكِيدٌ لِمَا قَبْلَهُ بِدَلِيلِ لَا .
لَا أَنَّهُ عَطْفُ تَفْسِيرٍ كَمَا قِيلَ ، وَنُظِرَ فِيهِ بِأَنَّهُ بَلْ فِيهِ فَائِدَةٌ لَمْ تُسْتَفَدْ مِنْ سَابِقِهِ نَصًّا وَهِيَ أَنَّهُ لَا اسْتِغْنَاءَ لِأَحَدٍ عَنِ الْحَمْدِ لِوُجُوبِهِ بِهِ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ ، إِذْ لَا يَخْلُو أَحَدٌ عَنْ نِعَمِهِ ، بَلْ نِعَمُهُ لَا تُحْصَى ، وَهُوَ فِي مُقَابَلَةِ النِّعَمِ وَاجِبٌ ، كَمَا صَرَّحُوا بِهِ لَكِنْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِوُجُوبِهِ أَنَّ مَنْ تَرَكَهُ لَفْظًا يَأْثَمُ ، بَلْ أَنَّ مَنْ أَتَى بِهِ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ فِي مُقَابَلَةِ النِّعَمِ أُثِيبَ عَلَيْهِ ثَوَابَ الْوَاجِبِ ، وَمَنْ أَتَى بِهِ لَا فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ أُثِيبَ عَلَيْهِ ثَوَابَ الْمَنْدُوبِ ، أَمَّا شُكْرُ النِّعَمِ بِمَعْنَى امْتِثَالِ أَوَامِرِهِ وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ ، فَهُوَ وَاجِبٌ شَرْعًا عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ ، يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ إِجْمَاعًا ثُمَّ قَوْلُهُ : ( رَبَّنَا ) بِتَثْلِيثِ الْمُوَحَّدَةِ وَسَيَأْتِي بَيَانُ وَجْهِهِ وَفِي رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ مِنْ طَرِيقِ
أَبِي أُمَامَةَ أَيْضًا " غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مُوَدَّعٍ " الْحَدِيثَ ، فَقِيلَ : مَعْنَاهُ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إِلَى أَحَدٍ ، فَيَكْفِي لَكِنَّهُ يُطْعِمُ وَلَا يُطْعَمُ وَيَكْفِي وَلَا يُكْفَى ، وَقِيلَ : يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ كَفَأْتُ الْإِنَاءَ أَيْ : غَيْرَ مَرْدُودٍ عَلَيْهِ إِنْعَامُهُ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنَ الْكِفَايَةِ أَيْ : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى غَيْرُ مُكْفًى ، رَزَقَ عِبَادَهُ ; لِأَنَّهُ لَا يَكْفِيهِمْ أَحَدٌ غَيْرُهُ ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الضَّمِيرُ لِلطَّعَامِ ، وَمَكْفِيٌّ بِمَعْنَى مَقْلُوبٍ مِنَ الْإِكْفَاءِ وَهُوَ الْقَلْبُ ، وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12663أَبِي مَنْصُورٍ الْجَوَالِيقِيِّ أَنَّ الصَّوَابَ غَيْرُ مُكَافَأٍ بِالْهَمْزَةِ ، أَيْ أَنَّ نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُكَافَأُ ، قَالَ
الْعَسْقَلَانِيُّ : وَثَبَتَ هَذَا اللَّفْظُ هَكَذَا فِي حَدِيثِ أَبِي أُمَامَةَ بِالْيَاءِ وَلِكُلٍّ مَعْنًى ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قَالَ
مِيرَكُ : اعْلَمْ أَنَّ ضَمِيرَ اسْمِ الْمَفْعُولِ فِي مُوَدَّعٍ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ رَاجِعًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، أَوْ إِلَى الْحَمْدِ أَوْ إِلَى الطَّعَامِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ ، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ " غَيْرَ " مَنْصُوبًا بِإِضْمَارِ أَعْنِي أَوْ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ يَعْنِي مِنَ اللَّهِ فِي الْحَمْدِ لِلَّهِ ، بِاعْتِبَارِ مَعْنَى الْمَفْعُولِيَّةِ أَوِ الْفَاعِلِيَّةِ فِيهِ ، أَيِ اللَّهُ سُبْحَانَهُ غَيْرُ مُوَدَّعٍ ، أَيْ غَيْرُ مَتْرُوكِ الطَّلَبِ مِنْهُ وَالرَّغْبَةِ فِيمَا عِنْدَهُ ، وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ ; لِأَنَّهُ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ هُوَ الْمَرْجِعُ وَالْمُسْتَغَاثُ وَالْمَدْعُوُّ ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ مَرْفُوعًا أَيْ هُوَ غَيْرُ مُوَدَّعٍ ، وَعَلَى الثَّانِي مَعْنَاهُ أَنَّ الْحَمْدَ غَيْرُ مَتْرُوكٍ ، بَلِ الِاشْتِغَالَ بِهِ دَائِمٌ مِنْ غَيْرِ انْقِطَاعٍ ، كَمَا أَنَّ نِعَمَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَا تَنْقَطِعُ عَنَّا طَرْفَةَ عَيْنٍ ، وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ ; لِأَنَّ الْإِتْيَانَ بِهِ ضَرُورِيٌّ دَائِمًا ، وَنَصْبُ " غَيْرَ " وَرَفْعُهُ بِحَالِهِمَا ، وَعَلَى الثَّالِثِ مَعْنَاهُ أَنَّ الطَّعَامَ غَيْرُ مَتْرُوكٍ ; لِأَنَّ الْحَاجَةَ إِلَيْهِ دَائِمَةٌ ، وَجُمْلَةُ وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ مُؤَكِّدَةٌ لِلْجُمْلَةِ السَّابِقَةِ ، وَالنَّصْبُ وَالرَّفْعُ فِي غَيْرٍ بِحَالِهِمَا ، وَقَوْلُهُ : رَبُّنَا رُوِيَ بِالرَّفْعِ وَالنَّصْبِ وَالْجَرِّ ، فَالرَّفْعُ عَلَى
[ ص: 292 ] تَقْدِيرِ هُوَ رَبُّنَا ، أَوْ أَنْتَ رَبُّنَا اسْمَعْ حَمْدَنَا وَدُعَاءَنَا ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ " غَيْرُ " بِالرَّفْعِ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ ، وَالنَّصْبُ عَلَى أَنَّهُ مُنَادَى حُذِفَ مِنْهُ حَرْفُ النِّدَاءِ ، وَالْجَرُّ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنَ اللَّهِ ، انْتَهَى .
قَالَ
ابْنُ حَجَرٍ : وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ بَدَلٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي عَنْهُ ، وَاضِحُ الْفَسَادِ ، إِذْ ضَمِيرُ عَنْهُ لِلْحَمْدِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ لَهُ ذَوْقٌ ، انْتَهَى . وَفِيهِ أَنَّهُ تَقَدَّمَ وَجْهُ أَنَّ ضَمِيرَهُ لِلَّهِ تَعَالَى أَيْضًا فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ ، فَلَا فَسَادَ حِينَئِذٍ أَصْلًا ، وَأَغْرَبَ
الْحَنَفِيُّ فِي إِعْرَابِ قَوْلِهِ : " رَبَّنَا " ، حَيْثُ قَالَ : مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ ، أَيْ رَبُّنَا هَذَا ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ جَوَّزَ فِي نَصْبِهِ عَلَى أَنَّهُ عَلَى الْمَدْحِ ، أَوِ الِاخْتِصَاصِ أَوْ إِضْمَارِ ، أَعْنِي أَيْضًا خِلَافًا لِمَنِ اقْتَصَرَ عَلَى النِّدَاءِ ، قَالَ
ابْنُ حَجَرٍ : وَصَحَّ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، كَانَ يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345365اللَّهُمَّ أَطْعَمْتَ وَسَقَيْتَ وَأَغْنَيْتَ وَأَفْضَيْتَ ، وَهَدَيْتَ وَأَحْيَيْتَ ، فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا أَعْطَيْتَ .
وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَكَلَ عِنْدَ قَوْمٍ ، لَمْ يَخْرُجْ حَتَّى يَدْعُوَ لَهُمْ ، فَدَعَا فِي مَنْزِلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11788عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ ، بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345366اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِيمَا رَزَقْتَهُمْ ، وَاغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ ، رَوَاهُ
مُسْلِمٌ ، وَفِي مَنْزِلِ
سَعْدٍ ، بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345367أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ ، وَأَكَلَ طَعَامَكُمُ الْأَبْرَارُ ، وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ الْمَلَائِكَةُ ، رَوَاهُ
أَبُو دَاوُدَ .
وَسَقَاهُ آخَرُ لَبَنًا ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ أَمْتِعْهُ بِشَبَابِهِ ، فَمَرَّتْ عَلَيْهِ ثَمَانُونَ سَنَةً لَمْ يَرَ شَعْرَةً بَيْضَاءَ .
رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12769ابْنُ السُّنِّيِّ ، وَفِي خَبَرٍ مُرْسَلٍ عِنْدَ
الْبَيْهَقِيِّ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
كَانَ إِذَا أَكَلَ مَعَ قَوْمٍ كَانَ آخِرَهُمْ أَكَلًا ، وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابْنُ مَاجَهْ وَالْبَيْهَقِيُّ مَرْفُوعًا ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345370إِذَا وُضِعَتِ الْمَائِدَةُ فَلَا يَقُومُ الرَّجُلُ وَإِنْ شَبِعَ ، حَتَّى يَفْرُغَ الْقَوْمُ ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُخْجِلُ جَلِيسَهُ ، وَعَسَى أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي الطَّعَامِ حَاجَةً .