( حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17052محمود بن غيلان ،
أبو داود أخبرنا ) وفي نسخة حدثنا (
شعبة عن
nindex.php?page=showalam&ids=17112معاوية بن قرة ) بضم فتشديد ( قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=5078عبد الله بن مغفل ) بتشديد الفاء المفتوحة ، وقد رواه عن
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345714يقول رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ناقته ) أي : راكبا ( يوم الفتح ) أي : يوم فتح
مكة ( وهو يقرأ
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=1إنا فتحنا لك فتحا مبينا ) وهو لا ينافي نزولها عام
الحديبية ; لأن صلحها كان مقدمة ، وتوطئة لفتح
مكة (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=2ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ) أي : التقصيرات السابقة ، واللاحقة ( قال ) أي :
ابن مغفل ( فقرأ ) وفي نسخة فقرأه ، أي : المقدار المذكور إلى آخر السورة كما اقتضته رواية قرأ سورة الفتح يوم الفتح ( ورجع ) بتشديد الجيم من الترجيع بمعنى التحسين ، وإشباع المد في موضعه ، ويوافقه حديث "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345715nindex.php?page=treesubj&link=18651زينوا القرآن بأصواتكم " أي : أظهروا زينته وحسنه بتحسين آدائكم ويؤيده حديث :
لكل شيء حلية وحلية القرآن حسن الصوت ، وهو لا ينافي حديث
زينوا أصواتكم بالقرآن أي : بقراءته فإن زينة الصوت تزيد بزينة المقروء ، فهو أولى أن يصرف في كلامه سبحانه لا في غيره من الأشعار والغناء فلا يحتاج إلى القول بالقلب في الكلام ، وورد "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345718ما أذن الله - أي ما استمع لشيء - كأذنه بالتحريك - أي : كاستماعه - لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن يجهر به " رواه
أحمد والشيخان ، وغيرهما وقد صح
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345719أنه - صلى الله عليه وسلم - لما سمع أبا موسى يقرأ قال : لقد أوتي هذا مزمارا من مزامير آل داود أي : داود نفسه .
وجاء في حديث "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345720ليس منا من لم يتغن بالقرآن " على أحد معانيه ، والمعنى من لم يتغن بالقراءة على وجه تحسين الصوت وتحزين القلب ، وتنشيط الروح ، وإظهار الفرح بالنصر والفتح ونحو
[ ص: 142 ] ذلك فليس منا أي : من أهل ملتنا تهديدا أو ليس من أهل سنتنا وطريقتنا تأكيدا ، وقيل معناه من لم يستغن به على أنه قد يقال المعنى من لم يستغن بغنائه ، وإن كان الظاهر المتبادر من لم يستغن بغنائه ، ولهذا قال
الصديق الأكبر عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=87ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=88لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم من أعطي القرآن وظن أنه أعطي أحد أفضل منه فقد حقر عظيما ، وعظم حقيرا .
هذا وقد قال في النهاية :
nindex.php?page=treesubj&link=32262الترجيع ترديد القراءة ، ومنه ترجيع الأذان وقيل هو تقارب ضروب الحركات في الصوت ، وقد حكى
nindex.php?page=showalam&ids=5078عبد الله بن مغفل بترجيعه بمد الصوت في القراءة نحو آ ا آ وهذا إنما حصل منه والله أعلم يوم الفتح ; لأنه كان راكبا فجعلت الناقة تحركه ، وتهتز به فحدث الترجيع في صوته ، وجاء في حديث آخر غير أنه كان لا يرجع ، ووجهه أنه لم يكن حينئذ راكبا ، فلم يحدث في قراءته الترجيع انتهى . أو كان لا يرجع قصدا وإنما كان يحصل الترجيع من غير اختيار ، وأغرب
ابن حجر حيث قال : الظاهر أنه - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك قصدا ، وتركه في الحديث الآتي لبيان الجواز .
وأما ما قاله بعضهم ردا على
ابن الأثير بأنه لو كان لهز الناقة كان بغير اختياره ، وحينئذ فلم يكن
nindex.php?page=showalam&ids=5078عبد الله بن مغفل يحكيه ويفعله اختيارا ليتأسى به فمدفوع بأنه يمكن حكايته ولو كان بغير اختياره وفعله اختيارا ليس للتأسي بل للعلم بكيفيته ثم قوله آ ا آ بهمزة مفتوحة بعدها ألف ساكنة ثم همزة أخرى على ما ذكره
ميرك ، والأظهر أنها ثلاث ألفات ممدودات ، وهو يحتمل أنه حدث بهز الناقة على ما سبق أو بإشباع المد في مواضعه ، وهو بسياق الحديث أوفق ولحمل فعله عليه أحق ( قال ) أي :
شعبة ( وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17112معاوية بن قرة : لولا أن يجتمع الناس علي ) أي : لولا مخافة الاجتماع لدي وخشية إنكار بعضهم علي ( لأخذت ) أي : لشرعت ( لكم في ذلك الصوت ) أي : وقرأت مثل قراءته ، قال شارح : من علمائنا : فيه دليل على أن ارتكاب أمر يوجب اجتماع الناس عليه مكروه ، وتعقبه
ابن حجر بما لا طائل تحته ، نعم هو مقيد بأن الذي ينبغي تركه ما يخشى أن يجتمعوا عليه اجتماعا يؤدي إلى فتنة أو معصية ، وهنا كذلك إذ ربما يتزاحم عليه الرجال ، والنساء والعبيد والإماء ، وربما يقتدون به بعض السفهاء أو ينكر عليه بعض الجهلة ، فيقعون في المعصية .
( أو قال ) أي :
معاوية وأو للشك ( اللحن ) بالجر أي : بدلا عن الصوت فقيل اللحن بمعنى الصوت ، وقيل بمعنى النغم ، ويقال لحن في قراءته إذا طرب ، وعرب أي : أتى باللغة العربية الفصيحة ، وقيل اللحون والألحان جمع لحن ، وهو التطريب ، وترجيع الصوت وتحسين القراءة والشعر ، ومنه الحديث :
اقرءوا القرآن بلحون العرب .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12486ابن أبي جمرة : معنى الترجيع تحسين التلاوة لا ترجيع الغناء ; لأن القراءة بترجيع الغناء ينافي الخشوع الذي هو مقصود التلاوة فكان المنفي من الترجيع في الحديث الآتي ترجيع الغناء انتهى . ويؤيده
أنه - صلى الله عليه وسلم - استمع لقراءة nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري فلما أخبره بذلك قال : لو كنت أعلم أنك تسمعه لحبرته تحبيرا ، أي : زدت في تحسينه بصوتي تزيينا ، ومن تأمل أحوال
[ ص: 143 ] السلف علم أنهم بريئون من التصنع في القراءة بالألحان المخترعة دون التطريب ، والتحسين الطبيعي ، فالحق أن ما كان منه طبيعة ، وسجية كان محمودا ، وإن أعانته طبيعته على زيادة تحسين وتزيين لتأثر التالي والسامع به ، وأما ما فيه تكلف وتصنع بتعلم أصوات الغناء ، وألحان مخصوصة فهذه هي التي كرهها السلف والأتقياء من الخلف .
( حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17052مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ ،
أَبُو دَاوُدَ أَخْبَرَنَا ) وَفِي نُسْخَةٍ حَدَّثَنَا (
شُعْبَةُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17112مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ ) بِضَمٍّ فَتَشْدِيدٍ ( قَالَ : سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=5078عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ ) بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ الْمَفْتُوحَةِ ، وَقَدْ رَوَاهُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ أَيْضًا (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345714يَقُولُ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى نَاقَتِهِ ) أَيْ : رَاكِبًا ( يَوْمَ الْفَتْحِ ) أَيْ : يَوْمَ فَتْحِ
مَكَّةَ ( وَهُوَ يَقْرَأُ
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=1إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا ) وَهُوَ لَا يُنَافِي نُزُولَهَا عَامَ
الْحُدَيْبِيَةَ ; لِأَنَّ صُلْحَهَا كَانَ مُقَدِّمَةً ، وَتَوْطِئَةً لِفَتْحِ
مَكَّةَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=2لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ) أَيِ : التَّقْصِيرَاتِ السَّابِقَةِ ، وَاللَّاحِقَةِ ( قَالَ ) أَيِ :
ابْنُ مُغَفَّلٍ ( فَقَرَأَ ) وَفِي نُسْخَةٍ فَقَرَأَهُ ، أَيِ : الْمِقْدَارَ الْمَذْكُورَ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ كَمَا اقْتَضَتْهُ رِوَايَةُ قَرَأَ سُورَةَ الْفَتْحِ يَوْمَ الْفَتْحِ ( وَرَجَّعَ ) بِتَشْدِيدِ الْجِيمِ مِنَ التَّرْجِيعِ بِمَعْنَى التَّحْسِينِ ، وَإِشْبَاعَ الْمَدِّ فِي مَوْضِعِهِ ، وَيُوَافِقُهُ حَدِيثُ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345715nindex.php?page=treesubj&link=18651زَيِّنُوا الْقُرْآنَ بِأَصْوَاتِكُمْ " أَيْ : أَظْهِرُوا زِينَتَهُ وَحُسْنَهُ بِتَحْسِينِ آدَائِكُمْ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ :
لِكُلِّ شَيْءٍ حِلْيَةٌ وَحِلْيَةُ الْقُرْآنِ حُسْنُ الصَّوْتِ ، وَهُوَ لَا يُنَافِي حَدِيثَ
زَيِّنُوا أَصْوَاتَكُمْ بِالْقُرْآنِ أَيْ : بِقِرَاءَتِهِ فَإِنَّ زِينَةَ الصَّوْتِ تَزِيدُ بِزِينَةِ الْمَقْرُوءِ ، فَهُوَ أَوْلَى أَنْ يُصْرَفَ فِي كَلَامِهِ سُبْحَانَهُ لَا فِي غَيْرِهِ مِنَ الْأَشْعَارِ وَالْغَنَاءِ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى الْقَوْلِ بِالْقَلْبِ فِي الْكَلَامِ ، وَوَرَدَ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345718مَا أَذِنَ اللَّهُ - أَيْ مَا اسْتَمَعَ لِشَيْءٍ - كَأَذَنِهِ بِالتَّحْرِيكِ - أَيْ : كَاسْتِمَاعِهِ - لِنَبِيٍّ حَسَنِ الصَّوْتِ يَتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ يَجْهَرُ بِهِ " رَوَاهُ
أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ ، وَغَيْرُهُمَا وَقَدْ صَحَّ
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345719أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا سَمِعَ أَبَا مُوسَى يَقْرَأُ قَالَ : لَقَدْ أُوتِيَ هَذَا مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ أَيْ : دَاوُدَ نَفْسِهِ .
وَجَاءَ فِي حَدِيثٍ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10345720لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ " عَلَى أَحَدِ مَعَانِيهِ ، وَالْمَعْنَى مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقِرَاءَةِ عَلَى وَجْهِ تَحْسِينِ الصَّوْتِ وَتَحْزِينِ الْقَلْبِ ، وَتَنْشِيطِ الرُّوحِ ، وَإِظْهَارِ الْفَرَحِ بِالنَّصْرِ وَالْفَتْحِ وَنَحْوِ
[ ص: 142 ] ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَّا أَيْ : مِنْ أَهْلِ مِلَّتِنَا تَهْدِيدًا أَوْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ سُنَّتِنَا وَطَرِيقَتِنَا تَأْكِيدًا ، وَقِيلَ مَعْنَاهُ مَنْ لَمْ يَسْتَغْنِ بِهِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُقَالُ الْمَعْنَى مَنْ لَمْ يَسْتَغْنِ بِغَنَائِهِ ، وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ الْمُتَبَادَرُ مَنْ لَمْ يَسْتَغْنِ بِغِنَائِهِ ، وَلِهَذَا قَالَ
الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=87وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=88لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ مَنْ أُعْطِيَ الْقُرْآنَ وَظَنَّ أَنَّهُ أُعْطِيَ أَحَدٌ أَفْضَلَ مِنْهُ فَقَدْ حَقَّرَ عَظِيمًا ، وَعَظَّمَ حَقِيرًا .
هَذَا وَقَدْ قَالَ فِي النِّهَايَةِ :
nindex.php?page=treesubj&link=32262التَّرْجِيعُ تَرْدِيدُ الْقِرَاءَةِ ، وَمِنْهُ تَرْجِيعُ الْأَذَانِ وَقِيلَ هُوَ تَقَارُبُ ضُرُوبِ الْحَرَكَاتِ فِي الصَّوْتِ ، وَقَدْ حَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=5078عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ بِتَرْجِيعِهِ بِمَدِّ الصَّوْتِ فِي الْقِرَاءَةِ نَحْوَ آ ا آ وَهَذَا إِنَّمَا حَصَلَ مِنْهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ يَوْمَ الْفَتْحِ ; لِأَنَّهُ كَانَ رَاكِبًا فَجَعَلَتِ النَّاقَةُ تَحَرِّكُهُ ، وَتَهْتَزُّ بِهِ فَحَدَثَ التَّرْجِيعُ فِي صَوْتِهِ ، وَجَاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ غَيْرَ أَنَّهُ كَانَ لَا يُرَجِّعُ ، وَوَجْهُهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حِينَئِذٍ رَاكِبًا ، فَلَمْ يَحْدُثْ فِي قِرَاءَتِهِ التَّرْجِيعُ انْتَهَى . أَوْ كَانَ لَا يُرَجِّعُ قَصْدًا وَإِنَّمَا كَانَ يَحْصُلُ التَّرْجِيعُ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ ، وَأَغْرَبَ
ابْنُ حَجَرٍ حَيْثُ قَالَ : الظَّاهِرُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَ ذَلِكَ قَصْدًا ، وَتَرَكَهُ فِي الْحَدِيثِ الْآتِي لِبَيَانِ الْجَوَازِ .
وَأَمَّا مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ رَدًّا عَلَى
ابْنِ الْأَثِيرِ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لِهَزِّ النَّاقَةِ كَانَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ ، وَحِينَئِذٍ فَلَمْ يَكُنْ
nindex.php?page=showalam&ids=5078عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُغَفَّلٍ يَحْكِيهِ وَيَفْعَلُهُ اخْتِيَارًا لِيَتَأَسَّى بِهِ فَمَدْفُوعٌ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ حِكَايَتُهُ وَلَوْ كَانَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَفِعْلِهِ اخْتِيَارًا لَيْسَ لِلتَّأَسِّي بَلْ لِلْعِلْمِ بِكَيْفِيَّتِهِ ثُمَّ قَوْلُهُ آ ا آ بِهَمْزَةٍ مَفْتُوحَةٍ بَعْدَهَا أَلِفٌ سَاكِنَةٌ ثُمَّ هَمْزَةٌ أُخْرَى عَلَى مَا ذَكَرَهُ
مِيرَكُ ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهَا ثَلَاثُ أَلِفَاتٍ مَمْدُودَاتٍ ، وَهُوَ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ حَدَثَ بِهَزِّ النَّاقَةِ عَلَى مَا سَبَقَ أَوْ بِإِشْبَاعِ الْمَدِّ فِي مَوَاضِعِهِ ، وَهُوَ بِسِيَاقِ الْحَدِيثِ أَوْفَقُ وَلِحَمْلِ فِعْلِهِ عَلَيْهِ أَحَقُّ ( قَالَ ) أَيْ :
شُعْبَةُ ( وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17112مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ : لَوْلَا أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ عَلَيَّ ) أَيْ : لَوْلَا مَخَافَةُ الِاجْتِمَاعِ لَدَيَّ وَخَشْيَةُ إِنْكَارِ بَعْضِهِمْ عَلَيَّ ( لَأَخَذْتُ ) أَيْ : لَشَرَعْتُ ( لَكُمْ فِي ذَلِكَ الصَّوْتِ ) أَيْ : وَقَرَأْتُ مِثْلَ قِرَاءَتِهِ ، قَالَ شَارِحٌ : مِنْ عُلَمَائِنَا : فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ ارْتِكَابَ أَمْرٍ يُوجِبُ اجْتِمَاعَ النَّاسِ عَلَيْهِ مَكْرُوهٌ ، وَتَعَقَّبَهُ
ابْنُ حَجَرٍ بِمَا لَا طَائِلَ تَحْتَهُ ، نَعَمْ هُوَ مُقَيَّدٌ بِأَنَّ الَّذِي يَنْبَغِي تَرْكُهُ مَا يُخْشَى أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَيْهِ اجْتِمَاعًا يُؤَدِّي إِلَى فِتْنَةٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ ، وَهُنَا كَذَلِكَ إِذْ رُبَّمَا يَتَزَاحَمُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ ، وَالنِّسَاءُ وَالْعَبِيدُ وَالْإِمَاءُ ، وَرُبَّمَا يَقْتَدُونَ بِهِ بَعْضُ السُّفَهَاءِ أَوْ يُنْكِرُ عَلَيْهِ بَعْضُ الْجَهَلَةِ ، فَيَقَعُونَ فِي الْمَعْصِيَةِ .
( أَوْ قَالَ ) أَيْ :
مُعَاوِيَةُ وَأَوْ لِلشَّكِ ( اللَّحْنِ ) بِالْجَرِّ أَيْ : بَدَلًا عَنِ الصَّوْتِ فَقِيلَ اللَّحْنُ بِمَعْنَى الصَّوْتِ ، وَقِيلَ بِمَعْنَى النَّغَمِ ، وَيُقَالُ لَحَنَ فِي قِرَاءَتِهِ إِذَا طَرِبَ ، وَعَرَّبَ أَيْ : أَتَى بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ الْفَصِيحَةِ ، وَقِيلَ اللُّحُونُ وَالْأَلْحَانُ جَمْعُ لَحْنٍ ، وَهُوَ التَّطْرِيبُ ، وَتَرْجِيعُ الصَّوْتِ وَتَحْسِينُ الْقِرَاءَةِ وَالشِّعْرِ ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ :
اقْرَءُوا الْقُرْآنَ بِلُحُونِ الْعَرَبِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12486ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ : مَعْنَى التَّرْجِيعِ تَحْسِينُ التِّلَاوَةِ لَا تَرْجِيعَ الْغِنَاءِ ; لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ بِتَرْجِيعِ الْغِنَاءِ يُنَافِي الْخُشُوعَ الَّذِي هُوَ مَقْصُودُ التِّلَاوَةِ فَكَانَ الْمَنْفِيُّ مِنَ التَّرْجِيعِ فِي الْحَدِيثِ الْآتِي تَرْجِيعَ الْغِنَاءِ انْتَهَى . وَيُؤَيِّدُهُ
أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اسْتَمَعَ لِقِرَاءَةِ nindex.php?page=showalam&ids=110أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فَلَمَّا أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ قَالَ : لَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّكَ تَسْمَعُهُ لَحَبَّرْتُهُ تَحْبِيرًا ، أَيْ : زِدْتُ فِي تَحْسِينِهِ بِصَوْتِي تَزْيِينًا ، وَمَنْ تَأَمَّلَ أَحْوَالَ
[ ص: 143 ] السَّلَفِ عَلِمَ أَنَّهُمْ بَرِيئُونَ مِنَ التَّصَنُّعِ فِي الْقِرَاءَةِ بِالْأَلْحَانِ الْمُخْتَرَعَةِ دُونَ التَّطْرِيبِ ، وَالتَّحْسِينِ الطَّبِيعِيِّ ، فَالْحَقُّ أَنَّ مَا كَانَ مِنْهُ طَبِيعَةً ، وَسَجِيَّةً كَانَ مَحْمُودًا ، وَإِنْ أَعَانَتْهُ طَبِيعَتُهُ عَلَى زِيَادَةِ تَحْسِينٍ وَتَزْيِينٍ لَتَأَثَّرَ التَّالِي وَالسَّامِعُ بِهِ ، وَأَمَّا مَا فِيهِ تَكَلُّفٌ وَتَصَنُّعٌ بِتَعَلُّمِ أَصْوَاتِ الْغِنَاءِ ، وَأَلْحَانٍ مَخْصُوصَةٍ فَهَذِهِ هِيَ الَّتِي كَرِهَهَا السَّلَفُ وَالْأَتْقِيَاءُ مِنَ الْخَلَفِ .