الفصل الخامس : رؤيته لربه - صلى الله عليه وسلم -
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=30639رؤيته - صلى الله عليه وسلم - لربه - جل وعز - فاختلف السلف فيها ، فأنكرته
عائشة - رضي الله عنها - .
[ ص: 236 ] [ حدثنا أبو الحسين سراج بن عبد الملك الحافظ بقراءتي عليه ، قال حدثني أبي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16998وأبو عبد الله بن عتاب الفقيه ، قالا : حدثنا القاضي
يونس بن مغيث ، حدثنا
أبو الفضل الصقيلي ، حدثنا
ثابت بن قاسم بن ثابت ، عن أبيه ، وجده ، قالا : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16451عبد الله بن علي ، حدثنا
محمود بن آدم ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17277، وكيع ، عن
ابن أبي خالد ، عن
عامر ] عن
مسروق أنه قال
لعائشة - رضي الله عنها - يا أم المؤمنين ، هل رأى
محمد ربه ؟ فقالت : لقد قف شعري مما قلت . ثلاث من حدثك بهن فقد كذب : من حدثك أن
محمدا رأى ربه فقد كذب ، ثم قرأت :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=103لا تدركه الأبصار [ الأنعام : 103 ] ، وذكر الحديث .
وقال جماعة بقول
عائشة - رضي الله عنها - ، وهو المشهور عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود .
ومثله عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أنه قال : إنما رأى
جبريل . واختلف عنه وقال بإنكار هذا وامتناع رؤيته في الدنيا جماعة من المحدثين والفقهاء ، والمتكلمين .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه رآه بعينه . وروى
عطاء عنه أنه رآه بقلبه .
وعن
أبي العالية ، عنه : رآه بفؤاده مرتين .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق أن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أرسل إلى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - يسأله : هل رأى
محمد ربه ؟ فقال : نعم .
والأشهر عنه أنه رأى ربه بعينه ، روي ذلك عنه من طرق ، وقال : إن الله - تعالى - اختص
موسى بالكلام ،
وإبراهيم بالخلة ،
ومحمدا بالرؤية ، وحجته قوله - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=11ما كذب الفؤاد ما رأى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=12أفتمارونه على ما يرى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=13ولقد رآه نزلة أخرى [ النجم : 11 - 13 ] .
قال
الماوردي : قيل : إن الله - تعالى - قسم كلامه ، ورؤيته بين
موسى ،
ومحمد - صلى الله عليه وسلم - ، فرآه
محمد مرتين ، وكلمه
موسى مرتين .
وحكى
أبو الفتح الرازي ،
nindex.php?page=showalam&ids=11903وأبو الليث السمرقندي الحكاية عن
كعب . وروى
[ ص: 237 ] عبد الله بن الحارث ، قال : اجتمع
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
وكعب ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أما نحن
بنو هاشم فنقول : إن
محمدا قد رأى ربه مرتين ، فكبر
كعب حتى جاوبته الجبال ، وقال : إن الله قسم رؤيته ، وكلامه بين
محمد وموسى ، فكلمه
موسى ورآه
محمد بقلبه .
وروى
شريك عن
أبي ذر - رضي الله عنه - في تفسير الآية ، قال : رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - ربه .
وحكى
السمرقندي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14354وربيع بن أنس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سئل :
هل رأيت ربك ؟ قال : رأيته بفؤادي ، ولم أره بعيني .
وروى
مالك بن يخامر ، عن
معاذ ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989405رأيت ربي . . . وذكر كلمة ، فقال : يا محمد ، فيم يختصم الملأ الأعلى الحديث .
وحكى
عبد الرزاق أن
الحسن كان يحلف بالله لقد رأى
محمد ربه .
وحكاه
nindex.php?page=showalam&ids=14712أبو عمر الطلمنكي عن
عكرمة .
وحكى بعض المتكلمين هذا المذهب عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود .
وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق أن
مروان سأل
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة . هل رأى
محمد ربه ؟ فقال : نعم .
وحكى
النقاش ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل : أنه قال : أنا أقول بحديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بعينه رآه رآه حتى انقطع نفسه يعني نفس
أحمد .
وقال
أبو عمر : قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل : رآه بقلبه ، وجبن
[ ص: 238 ] عن القول برؤيته في الدنيا بالأبصار .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير : لا أقول رآه ، ولا لم يره .
وقد اختلف في تأويل الآية عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
وعكرمة ،
والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ، فحكي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
وعكرمة : رآه بقلبه . وعن
الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود : رأى
جبريل . وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه ، أنه قال : رآه .
وعن
ابن عطاء في قوله - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=1ألم نشرح لك صدرك [ الشرح : 1 ] قال : شرح صدره للرؤية ، وشرح صدر موسى للكلام .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13711أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري - رضي الله عنه - ، وجماعة من أصحابه أنه رأى الله - تعالى - ببصره ، وعيني رأسه ، وقال : كل آية أوتيها نبي من الأنبياء - عليهم السلام - فقد أوتي مثلها نبينا - صلى الله عليه وسلم - ، وخص من بينهم بتفضيل الرؤية .
ووقف بعض مشايخنا في هذا وقال : ليس عليه دليل واضح ، ولكنه جائز أن يكون .
قال
القاضي أبو الفضل وفقه الله : والحق الذي لا امتراء فيه أن
nindex.php?page=treesubj&link=28725رؤيته - تعالى - في الدنيا جائزة عقلا ، وليس في العقل ما يحيلها .
والدليل على جوازها في الدنيا سؤال
موسى - عليه السلام - لها . ومحال أن يجهل نبي ما يجوز على الله ، وما لا يجوز عليه ، بل لم يسأل إلا جائزا غير مستحيل ، ولكن وقوعه ، ومشاهدته من الغيب الذي لا يعلمه إلا من علمه الله ، فقال له الله - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=143لن تراني [ الأعراف : 142 ] ، أي لن تطيق ، ولا تحتمل رؤيتي ، ثم ضرب له مثلا مما هو أقوى من بنية
موسى ، وأثبت ، وهو الجبل .
وكل هذا ليس فيه ما يحيل رؤيته في الدنيا ، بل فيه جوازها على الجملة ، وليس في الشرح دليل قاطع على استحالتها ، ولا امتناعها ، إذ كل موجود فرؤيته جائزة غير مستحيلة .
ولا حجة لمن استدل على منعها بقوله - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=103لا تدركه الأبصار [ الأنعام : 103 ] ، لاختلاف التأويلات في الآية ، وإذ ليس يقتضي قول من قال في الدنيا الاستحالة .
وقد استدل بعضهم بهذه الآية نفسها على جواز الرؤية ، وعدم استحالتها على الجملة .
وقد قيل : لا تدركه أبصار الكفار ، وقيل :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=103لا تدركه الأبصار [ الأنعام : 103 ] لا تحيط به ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . وقد قيل : لا تدركه الأبصار ، وإنما يدركه المبصرون .
وكل هذه التأويلات لا تقتضي منع الرؤية ، ولا استحالتها . وكذلك لا حجة لهم بقوله - تعالى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=143لن تراني [ الأعراف : 142 ] . وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=143تبت إليك [ الأعراف : 143 ] لما قدمناه ، ولأنها
[ ص: 239 ] ليست على العموم ، ولأن من قال : معناها : لن تراني في الدنيا إنما هو تأويل .
وأيضا فليس فيه نص الامتناع ، وإنما جاءت في حق
موسى ، وحيث تتطرق التأويلات ، وتتسلط الاحتمالات ، فليس للقطع إليه سبيل .
وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=143تبت إليك أي من سؤالي ما لم تقدره لي .
وقد قال
أبو بكر الهذلي في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=143لن تراني أي ليس لبشر أن يطيق أن ينظر إلي في الدنيا ، وأنه من نظر إلي مات .
وقد رأيت لبعض السلف ، والمتأخرين ما معناه : أن رؤيته - تعالى - في الدنيا ممتنعة ، لضعف تركيب أهل الدنيا وقواهم وكونها متغيرة غرضا للآفات ، والفناء ، فلم تكن لهم قوة على الرؤية ، فإذا كان في الآخرة ، وركبوا تركيبا آخر ، ورزقوا قوى ثابتة باقية ، وأتم أنوار أبصارهم وقلوبهم قووا بها على الرؤية .
وقد رأيت نحو هذا
nindex.php?page=showalam&ids=16867لمالك بن أنس - رحمه الله - ، قال : لم ير في الدنيا ، لأنه باق ، ولا يرى الباقي بالفاني ، فإذا كان في الآخرة ، ورزقوا أبصارا باقية رئي الباقي بالباقي .
وهذا كلام حسن مليح ، وليس فيه دليل على الاستحالة إلا من حيث ضعف القدرة ، فإذا قوى الله - تعالى - من شاء من عباده ، وأقدره على حمل أعباء الرؤية لم تمتنع في حقه .
وقد تقدم ما ذكر في قوة بصر
موسى ،
ومحمد - صلى الله عليه وسلم - ، ونفوذ إدراكها بقوة إلهية منحها لإدراك ما أدركاه ، ورؤية ما رأياه . والله أعلم .
وقد ذكر
القاضي أبو بكر في أثناء أجوبته عن الآيتين ما معناه : إن
موسى - عليه السلام - رأى الله ، فلذلك خر صعقا ، وأن الجبل رأى ربه فصار دكا بإدراك خلقه الله له ، واستنبط ذلك ، والله أعلم ، من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=143ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني [ الأعراف : 143 ] . ثم قال :
[ ص: 240 ] nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=143فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا [ الأعراف : 143 ] .
وتجليه للجبل هو ظهوره له حتى رآه على هذا القول .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15639جعفر بن محمد : شغله بالجبل حتى تجلى ، ولولا ذلك لمات صعقا بلا إفاقة .
وقوله هذا يدل على أن
موسى رآه .
وقد وقع لبعض المفسرين في الجبل أنه رآه ، وبرؤية الجبل له استدل من قال برؤية
محمد نبينا له ، إذ جعله دليلا على الجواز . ولا مرية في الجواز ، إذ ليس في الآيات نص بالمنع .
وأما وجوبه لنبينا - صلى الله عليه وسلم - ، والقول بأنه رآه بعينه فليس فيه قاطع أيضا ، ولا نص إذ المعول فيه على آيتي [ النجم ] ، والتنازع فيهما مأثور ، والاحتمال لهما ممكن ، ولا أثر قاطع متواتر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك .
وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس خبر عن اعتقاده لم يسنده إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فيجب العمل باعتقاد مضمنه .
ومثله حديث
أبي ذر في تفسير الآية .
وحديث
معاذ محتمل للتأويل ، وهو مضطرب الإسناد ، والمتن .
وحديث
أبي ذر مختلف محتمل مشكل . فروي : [
nindex.php?page=hadith&LINKID=989406نور أنى أراه ] .
وحكى بعض شيوخنا أنه روي [
نوراني أراه ] .
وفي حديثه الآخر : سألته ، فقال : [
nindex.php?page=hadith&LINKID=989408رأيت نورا ] ، وليس يمكن الاحتجاج بواحد منها على صحة الرؤية ، فإن كان الصحيح رأيت نورا فهو قد أخبر أنه لم ير الله ، وإنما رأى نورا منعه ، وحجبه عن رؤية الله .
وإلى هذا يرجع قوله : [
نوراني أراه ] أي كيف أراه مع حجاب النور المغشي للبصر ، وهذا مثل باقي الحديث الآخر :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989409حجابه النور .
وفي
[ ص: 241 ] الحديث الآخر :
لم أره بعيني ، ولكن رأيته بقلبي مرتين ، وتلا : nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=8ثم دنا فتدلى [ النجم : 8 ] والله قادر على خلق الإدراك الذي في البصر في القلب ، أو كيف شاء ، لا إله غيره .
فإن ورد حديث نص بين في الباب اعتقد ووجب المصير إليه ، إذ لا استحالة فيه ، ولا مانع قطعي يرده ، والله الموفق للصواب .
الْفَصْلُ الْخَامِسُ : رُؤْيَتُهُ لِرَبِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=30639رُؤْيَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِرَبِّهِ - جَلَّ وَعَزَّ - فَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِيهَا ، فَأَنْكَرَتْهُ
عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - .
[ ص: 236 ] [ حَدَّثَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ سِرَاجُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْحَافِظُ بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16998وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَتَّابٍ الْفَقِيهُ ، قَالَا : حَدَّثَنَا الْقَاضِي
يُونُسُ بْنُ مُغِيثٍ ، حَدَّثَنَا
أَبُو الْفَضْلِ الصُّقَيْلِيُّ ، حَدَّثَنَا
ثَابِتُ بْنُ قَاسِمِ بْنِ ثَابِتٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، وَجَدِّهِ ، قَالَا : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16451عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَلِيٍّ ، حَدَّثَنَا
مَحْمُودُ بْنُ آدَمَ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=17277، وَكِيعٌ ، عَنِ
ابْنِ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ
عَامِرٍ ] عَنْ
مَسْرُوقٍ أَنَّهُ قَالَ
لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ ، هَلْ رَأَى
مُحَمَّدٌ رَبَّهُ ؟ فَقَالَتْ : لَقَدْ قَفَّ شَعْرِي مِمَّا قُلْتَ . ثَلَاثٌ مِنْ حَدَّثَكَ بِهِنَّ فَقَدْ كَذَبَ : مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ
مُحَمَّدًا رَأَى رَبَّهُ فَقَدْ كَذَبَ ، ثُمَّ قَرَأَتْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=103لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ [ الْأَنْعَامِ : 103 ] ، وَذَكَرَ الْحَدِيثَ .
وَقَالَ جَمَاعَةٌ بِقَوْلِ
عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ .
وَمِثْلُهُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّمَا رَأَى
جِبْرِيلَ . وَاخْتُلِفَ عَنْهُ وَقَالَ بِإِنْكَارِ هَذَا وَامْتِنَاعِ رُؤْيَتِهِ فِي الدُّنْيَا جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ ، وَالْمُتَكَلِّمِينَ .
وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ رَآهُ بِعَيْنِهِ . وَرَوَى
عَطَاءٌ عَنْهُ أَنَّهُ رَآهُ بِقَلْبِهِ .
وَعَنْ
أَبِي الْعَالِيَةِ ، عَنْهُ : رَآهُ بِفُؤَادِهِ مَرَّتَيْنِ .
وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنَ عُمَرَ أَرْسَلَ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - يَسْأَلُهُ : هَلْ رَأَى
مُحَمَّدٌ رَبَّهُ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ .
وَالْأَشْهَرُ عَنْهُ أَنَّهُ رَأَى رَبَّهُ بِعَيْنِهِ ، رُوِيَ ذَلِكَ عَنْهُ مَنْ طُرُقٍ ، وَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - اخْتَصَّ
مُوسَى بِالْكَلَامِ ،
وَإِبْرَاهِيمَ بِالْخِلَّةِ ،
وَمُحَمَّدًا بِالرُّؤْيَةِ ، وَحُجَّتُهُ قَوْلُهُ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=11مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=12أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=13وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى [ النَّجْمِ : 11 - 13 ] .
قَالَ
الْمَاوَرْدِيُّ : قِيلَ : إِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - قَسَمَ كَلَامَهُ ، وَرُؤْيَتَهُ بَيْنَ
مُوسَى ،
وَمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَرَآهُ
مُحَمَّدٌ مَرَّتَيْنِ ، وَكَلَّمَهُ
مُوسَى مَرَّتَيْنِ .
وَحَكَى
أَبُو الْفَتْحِ الرَّازِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=11903وَأَبُو اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيُّ الْحِكَايَةَ عَنْ
كَعْبٍ . وَرَوَى
[ ص: 237 ] عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ ، قَالَ : اجْتَمَعَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَكَعْبٌ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : أَمَّا نَحْنُ
بَنُو هَاشِمٍ فَنَقُولُ : إِنَّ
مُحَمَّدًا قَدْ رَأَى رَبَّهُ مَرَّتَيْنِ ، فَكَبَّرَ
كَعْبٌ حَتَّى جَاوَبَتْهُ الْجِبَالُ ، وَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ قَسَمَ رُؤْيَتَهُ ، وَكَلَامَهُ بَيْنَ
مُحَمَّدٍ وَمُوسَى ، فَكَلَّمَهُ
مُوسَى وَرَآهُ
مُحَمَّدٌ بِقَلْبِهِ .
وَرَوَى
شَرِيكٌ عَنْ
أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ ، قَالَ : رَأَى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَبَّهُ .
وَحَكَى
السَّمَرْقَنْدِيُّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14980مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14354وَرَبِيعِ بْنِ أَنَسٍ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُئِلَ :
هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ ؟ قَالَ : رَأَيْتُهُ بِفُؤَادِي ، وَلَمْ أَرَهُ بِعَيْنِي .
وَرَوَى
مَالِكُ بْنُ يُخَامِرَ ، عَنْ
مُعَاذٍ ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989405رَأَيْتُ رَبِّي . . . وَذَكَرَ كَلِمَةً ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، فِيمَ يَخْتَصِمُ الْمَلَأُ الْأَعْلَى الْحَدِيثَ .
وَحَكَى
عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَنَّ
الْحَسَنَ كَانَ يَحْلِفُ بِاللَّهِ لَقَدْ رَأَى
مُحَمَّدٌ رَبَّهُ .
وَحَكَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14712أَبُو عُمَرَ الطَّلَمَنْكِيُّ عَنْ
عِكْرِمَةَ .
وَحَكَى بَعْضُ الْمُتَكَلِّمِينَ هَذَا الْمَذْهَبَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ .
وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ
مَرْوَانَ سَأَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبَا هُرَيْرَةَ . هَلْ رَأَى
مُحَمَّدٌ رَبَّهُ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ .
وَحَكَى
النَّقَّاشُ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ : أَنَّهُ قَالَ : أَنَا أَقُولُ بِحَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ بِعَيْنِهِ رَآهُ رَآهُ حَتَّى انْقَطَعَ نَفَسُهُ يَعْنِي نَفَسُ
أَحْمَدَ .
وَقَالَ
أَبُو عُمَرَ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ : رَآهُ بِقَلْبِهِ ، وَجَبُنَ
[ ص: 238 ] عَنِ الْقَوْلِ بِرُؤْيَتِهِ فِي الدُّنْيَا بِالْأَبْصَارِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ : لَا أَقُولُ رَآهُ ، وَلَا لَمْ يَرَهُ .
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي تَأْوِيلِ الْآيَةِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ،
وَعِكْرِمَةَ ،
وَالْحَسَنِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنِ مَسْعُودٍ ، فَحُكِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ ،
وَعِكْرِمَةَ : رَآهُ بِقَلْبِهِ . وَعَنِ
الْحَسَنِ ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنِ مَسْعُودٍ : رَأَى
جِبْرِيلَ . وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=16408عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّهُ قَالَ : رَآهُ .
وَعَنِ
ابْنِ عَطَاءٍ فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=1أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ [ الشَّرْحِ : 1 ] قَالَ : شَرَحَ صَدْرَهُ لِلرُّؤْيَةِ ، وَشَرَحَ صَدْرَ مُوسَى لِلْكَلَامِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13711أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَشْعَرِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ رَأَى اللَّهَ - تَعَالَى - بِبَصَرِهِ ، وَعَيْنَيْ رَأْسِهِ ، وَقَالَ : كُلُّ آيَةٍ أُوتِيَهَا نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمُ السَّلَامُ - فَقَدْ أُوتِيَ مِثْلَهَا نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَخُصَّ مِنْ بَيْنِهِمْ بِتَفْضِيلِ الرُّؤْيَةِ .
وَوَقَفَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا فِي هَذَا وَقَالَ : لَيْسَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ ، وَلَكِنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ .
قَالَ
الْقَاضِي أَبُو الْفَضْلِ وَفَّقَهُ اللَّهُ : وَالْحَقُّ الَّذِي لَا امْتِرَاءَ فِيهِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28725رُؤْيَتَهُ - تَعَالَى - فِي الدُّنْيَا جَائِزَةٌ عَقْلًا ، وَلَيْسَ فِي الْعَقْلِ مَا يُحِيلُهَا .
وَالدَّلِيلُ عَلَى جَوَازِهَا فِي الدُّنْيَا سُؤَالُ
مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَهَا . وَمُحَالٌ أَنْ يَجْهَلَ نَبِيٌّ مَا يَجُوزُ عَلَى اللَّهِ ، وَمَا لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ ، بَلْ لَمْ يَسْأَلْ إِلَّا جَائِزًا غَيْرَ مُسْتَحِيلٍ ، وَلَكِنَّ وُقُوعَهُ ، وَمُشَاهَدَتَهُ مِنَ الْغَيْبِ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا مَنْ عَلَّمَهُ اللَّهُ ، فَقَالَ لَهُ اللَّهُ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=143لَنْ تَرَانِي [ الْأَعْرَافِ : 142 ] ، أَيْ لَنْ تُطِيقَ ، وَلَا تَحْتَمِلَ رُؤْيَتِي ، ثُمَّ ضَرَبَ لَهُ مَثَلًا مِمَّا هُوَ أَقْوَى مِنْ بِنْيَةِ
مُوسَى ، وَأَثْبَتُ ، وَهُوَ الْجَبَلُ .
وَكُلُّ هَذَا لَيْسَ فِيهِ مَا يُحِيلُ رُؤْيَتَهُ فِي الدُّنْيَا ، بَلْ فِيهِ جَوَازُهَا عَلَى الْجُمْلَةِ ، وَلَيْسَ فِي الشَّرْحِ دَلِيلٌ قَاطِعٌ عَلَى اسْتِحَالَتِهَا ، وَلَا امْتِنَاعِهَا ، إِذْ كَلُّ مَوْجُودٍ فَرُؤْيَتُهُ جَائِزَةٌ غَيْرُ مُسْتَحِيلَةٍ .
وَلَا حُجَّةَ لِمَنِ اسْتَدَلَّ عَلَى مَنْعِهَا بِقَوْلِهِ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=103لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ [ الْأَنْعَامِ : 103 ] ، لِاخْتِلَافِ التَّأْوِيلَاتِ فِي الْآيَةِ ، وَإِذْ لَيْسَ يَقْتَضِي قَوْلُ مَنْ قَالَ فِي الدُّنْيَا الِاسْتِحَالَةَ .
وَقَدِ اسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ بِهَذِهِ الْآيَةِ نَفْسِهَا عَلَى جَوَازِ الرُّؤْيَةِ ، وَعَدَمِ اسْتِحَالَتِهَا عَلَى الْجُمْلَةِ .
وَقَدْ قِيلَ : لَا تُدْرِكُهُ أَبْصَارُ الْكُفَّارِ ، وَقِيلَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=103لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ [ الْأَنْعَامِ : 103 ] لَا تُحِيطُ بِهِ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ . وَقَدْ قِيلَ : لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ ، وَإِنَّمَا يُدْرِكُهُ الْمُبْصِرُونَ .
وَكُلُّ هَذِهِ التَّأْوِيلَاتِ لَا تَقْتَضِي مَنْعَ الرُّؤْيَةِ ، وَلَا اسْتِحَالَتَهَا . وَكَذَلِكَ لَا حُجَّةَ لَهُمْ بِقَوْلِهِ - تَعَالَى - :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=143لَنْ تَرَانِي [ الْأَعْرَافِ : 142 ] . وَقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=143تُبْتُ إِلَيْكَ [ الْأَعْرَافِ : 143 ] لِمَا قَدَّمْنَاهُ ، وَلِأَنَّهَا
[ ص: 239 ] لَيْسَتْ عَلَى الْعُمُومِ ، وَلِأَنَّ مَنْ قَالَ : مَعْنَاهَا : لَنْ تَرَانِي فِي الدُّنْيَا إِنَّمَا هُوَ تَأْوِيلٌ .
وَأَيْضًا فَلَيْسَ فِيهِ نَصُّ الِامْتِنَاعِ ، وَإِنَّمَا جَاءَتْ فِي حَقِّ
مُوسَى ، وَحَيْثُ تَتَطَرَّقُ التَّأْوِيلَاتُ ، وَتَتَسَلَّطُ الِاحْتِمَالَاتُ ، فَلَيْسَ لِلْقَطْعِ إِلَيْهِ سَبِيلٌ .
وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=143تُبْتُ إِلَيْكَ أَيْ مِنْ سُؤَالِي مَا لَمْ تُقَدِّرْهُ لِي .
وَقَدْ قَالَ
أَبُو بَكْرٍ الْهُذَلِيُّ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=143لَنْ تَرَانِي أَيْ لَيْسَ لِبَشَرٍ أَنْ يُطِيقَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيَّ فِي الدُّنْيَا ، وَأَنَّهُ مَنْ نَظَرَ إِلَيَّ مَاتَ .
وَقَدْ رَأَيْتُ لِبَعْضِ السَّلَفِ ، وَالْمُتَأَخِّرِينَ مَا مَعْنَاهُ : أَنَّ رُؤْيَتَهُ - تَعَالَى - فِي الدُّنْيَا مُمْتَنِعَةٌ ، لِضَعْفِ تَرْكِيبِ أَهْلِ الدُّنْيَا وَقُوَاهُمْ وَكَوْنِهَا مُتَغَيِّرَةً غَرَضًا لِلْآفَاتِ ، وَالْفَنَاءِ ، فَلَمْ تَكُنْ لَهُمْ قُوَّةٌ عَلَى الرُّؤْيَةِ ، فَإِذَا كَانَ فِي الْآخِرَةِ ، وَرُكِّبُوا تَرْكِيبًا آخَرَ ، وَرُزِقُوا قُوًى ثَابِتَةً بَاقِيَةً ، وَأَتَمَّ أَنْوَارَ أَبْصَارِهِمْ وَقُلُوبِهِمْ قَوُوا بِهَا عَلَى الرُّؤْيَةِ .
وَقَدْ رَأَيْتُ نَحْوَ هَذَا
nindex.php?page=showalam&ids=16867لِمَالِكِ بْنِ أَنَسٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - ، قَالَ : لَمْ يُرَ فِي الدُّنْيَا ، لِأَنَّهُ بَاقٍ ، وَلَا يُرَى الْبَاقِي بِالْفَانِي ، فَإِذَا كَانَ فِي الْآخِرَةِ ، وَرُزِقُوا أَبْصَارًا بَاقِيَةً رُئِيَ الْبَاقِي بِالْبَاقِي .
وَهَذَا كَلَامٌ حَسَنٌ مَلِيحٌ ، وَلَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الِاسْتِحَالَةِ إِلَّا مِنْ حَيْثُ ضَعْفُ الْقُدْرَةِ ، فَإِذَا قَوَّى اللَّهُ - تَعَالَى - مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ ، وَأَقْدَرَهُ عَلَى حَمْلِ أَعْبَاءِ الرُّؤْيَةِ لَمْ تَمْتَنِعْ فِي حَقِّهِ .
وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا ذُكِرَ فِي قُوَّةِ بَصَرِ
مُوسَى ،
وَمُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَنُفُوذِ إِدْرَاكِهَا بِقُوَّةٍ إِلَهِيَّةٍ مَنَحَهَا لِإِدْرَاكِ مَا أَدْرَكَاهُ ، وَرُؤْيَةِ مَا رَأَيَاهُ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَدْ ذَكَرَ
الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ فِي أَثْنَاءِ أَجْوِبَتِهِ عَنِ الْآيَتَيْنِ مَا مَعْنَاهُ : إِنَّ
مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - رَأَى اللَّهَ ، فَلِذَلِكَ خَرَّ صَعِقًا ، وَأَنَّ الْجَبَلَ رَأَى رَبَّهُ فَصَارَ دَكًّا بِإِدْرَاكِ خَلْقِهِ اللَّهَ لَهُ ، وَاسْتَنْبَطَ ذَلِكَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=143وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي [ الْأَعْرَافِ : 143 ] . ثُمَّ قَالَ :
[ ص: 240 ] nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=143فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا [ الْأَعْرَافِ : 143 ] .
وَتَجَلِّيهِ لِلْجَبَلِ هُوَ ظُهُورُهُ لَهُ حَتَّى رَآهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15639جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ : شَغَلَهُ بِالْجَبَلِ حَتَّى تَجَلَّى ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمَاتَ صَعِقًا بِلَا إِفَاقَةٍ .
وَقَوْلُهُ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ
مُوسَى رَآهُ .
وَقَدْ وَقَعَ لِبَعْضِ الْمُفَسِّرِينَ فِي الْجَبَلِ أَنَّهُ رَآهُ ، وَبِرُؤْيَةِ الْجَبَلِ لَهُ اسْتَدَلَّ مَنْ قَالَ بِرُؤْيَةِ
مُحَمَّدٍ نَبِيِّنَا لَهُ ، إِذْ جَعَلَهُ دَلِيلًا عَلَى الْجَوَازِ . وَلَا مِرْيَةَ فِي الْجَوَازِ ، إِذْ لَيْسَ فِي الْآيَاتِ نَصٌّ بِالْمَنْعِ .
وَأَمَّا وُجُوبُهُ لِنَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ رَآهُ بِعَيْنِهِ فَلَيْسَ فِيهِ قَاطِعٌ أَيْضًا ، وَلَا نَصٌّ إِذِ الْمُعَوَّلُ فِيهِ عَلَى آيَتَيِ [ النَّجْمِ ] ، وَالتَّنَازُعُ فِيهِمَا مَأْثُورٌ ، وَالِاحْتِمَالُ لَهُمَا مُمْكِنٌ ، وَلَا أَثَرَ قَاطِعٌ مُتَوَاتِرٌ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِذَلِكَ .
وَحَدِيثُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ خَبَرٌ عَنِ اعْتِقَادِهِ لَمْ يُسْنِدْهُ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِاعْتِقَادِ مُضَمَّنِهِ .
وَمِثْلُهُ حَدِيثُ
أَبِي ذَرٍّ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ .
وَحَدِيثُ
مُعَاذٍ مُحْتَمِلٌ لِلتَّأْوِيلِ ، وَهُوَ مُضْطَرِبُ الْإِسْنَادِ ، وَالْمَتْنِ .
وَحَدِيثُ
أَبِي ذَرٍّ مُخْتَلِفٌ مُحْتَمَلٌ مُشْكِلٌ . فَرُوِيَ : [
nindex.php?page=hadith&LINKID=989406نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ ] .
وَحَكَى بَعْضُ شُيُوخِنَا أَنَّهُ رُوِيَ [
نُورَانِيٌّ أَرَاهُ ] .
وَفِي حَدِيثِهِ الْآخَرِ : سَأَلْتُهُ ، فَقَالَ : [
nindex.php?page=hadith&LINKID=989408رَأَيْتُ نُورًا ] ، وَلَيْسَ يُمْكِنُ الِاحْتِجَاجُ بِوَاحِدٍ مِنْهَا عَلَى صِحَّةِ الرُّؤْيَةِ ، فَإِنْ كَانَ الصَّحِيحَ رَأَيْتُ نُورًا فَهُوَ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَمْ يَرَ اللَّهَ ، وَإِنَّمَا رَأَى نُورًا مَنَعَهُ ، وَحَجَبَهُ عَنْ رُؤْيَةِ اللَّهِ .
وَإِلَى هَذَا يَرْجِعُ قَوْلُهُ : [
نُورَانِيٌّ أَرَاهُ ] أَيْ كَيْفَ أَرَاهُ مَعَ حِجَابِ النُّورِ الْمُغَشِّي لِلْبَصَرِ ، وَهَذَا مِثْلُ بَاقِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=989409حِجَابُهُ النُّورُ .
وَفِي
[ ص: 241 ] الْحَدِيثِ الْآخَرِ :
لَمْ أَرَهُ بِعَيْنِي ، وَلَكِنْ رَأَيْتُهُ بِقَلْبِي مَرَّتَيْنِ ، وَتَلَا : nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=8ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى [ النَّجْمِ : 8 ] وَاللَّهُ قَادِرٌ عَلَى خَلْقِ الْإِدْرَاكِ الَّذِي فِي الْبَصَرِ فِي الْقَلْبِ ، أَوْ كَيْفَ شَاءَ ، لَا إِلَهَ غَيْرُهُ .
فَإِنْ وَرَدَ حَدِيثٌ نَصٌّ بَيِّنٌ فِي الْبَابِ اعْتُقِدَ وَوَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ ، إِذْ لَا اسْتِحَالَةَ فِيهِ ، وَلَا مَانِعَ قَطْعِيٌّ يَرُدُّهُ ، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ .