( فصل ) :
وأما بيان مكان الإحرام فمكان الإحرام هو المسمى بالميقات فنحتاج إلى بيان المواقيت ، وما يتعلق بها من الأحكام فنقول : وبالله التوفيق المواقيت تختلف باختلاف الناس .
nindex.php?page=treesubj&link=3291_3292_3289_3288_3287_3286_3285_3284والناس في حق المواقيت أصناف ثلاثة [ ص: 164 ]
صنف منهم يسمون أهل الآفاق ، وهم الذين منازلهم خارج المواقيت التي وقت لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي خمسة ، كذا روي في الحديث {
nindex.php?page=hadith&LINKID=41677أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المدينة ذا الحليفة ، ولأهل الشام الجحفة ، ولأهل نجد قرن ، ولأهل اليمن يلملم ، ولأهل العراق ذات عرق ، وقال : صلى الله عليه وسلم هن لأهلهن ولمن مر بهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو العمرة } .
وصنف منهم يسمون أهل الحل ، وهم الذين منازلهم داخل المواقيت الخمسة خارج
الحرم كأهل
بستان بني عامر وغيرهم ، وصنف منهم يسمون أهل
الحرم ، وهم أهل
مكة ، أما الصنف الأول فميقاتهم ما وقت لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجوز لأحد منهم أن يجاوز ميقاته إذا أراد الحج أو العمرة إلا محرما ; لأنه لما وقت لهم ذلك فلا بد وأن يكون الوقت مقيدا ، وذلك إما المنع من تقديم الإحرام عليه ، وإما المنع من تأخيره عنه ، والأول ليس بمراد لإجماعنا على جواز تقديم الإحرام عليه فتعين الثاني ، وهو المنع من تأخير الإحرام عنه .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا سأله ، وقال : إني أحرمت بعد الميقات ، فقال له : ارجع إلى الميقات فلب ، وإلا فلا حج لك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31291لا يجاوز أحد الميقات إلا محرما } ، وكذلك لو أراد بمجاوزة هذه المواقيت دخول
مكة لا يجوز له أن يجاوزها إلا محرما ، سواء أراد بدخول
مكة النسك من الحج أو العمرة أو التجارة أو حاجة أخرى عندنا ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إن دخلها للنسك وجب عليه الإحرام ، وإن دخلها لحاجة جاز دخوله من غير إحرام ، وجه قوله أنه تجوز السكنى
بمكة من غير إحرام فالدخول أولى ; لأنه دون السكنى ، .
ولنا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=1680ألا إن مكة حرام منذ خلقها الله تعالى لم تحل لأحد قبلي ، ولا تحل لأحد بعدي ، وإنما أحلت لي ساعة من نهار ، ثم عادت حراما إلى يوم القيامة } الحديث .
والاستدلال به من ثلاثة أوجه : أحدها بقوله : صلى الله عليه وسلم .
ألا إن
مكة حرام ، والثاني بقوله : لا تحل لأحد بعدي ، والثالث بقوله : ثم عادت حراما إلى يوم القيامة مطلقا من غير فصل .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
لا يحل دخول مكة بغير إحرام } ، ولأن هذه بقعة شريفة لها قدر وخطر عند الله تعالى ، فالدخول فيها يقتضي التزام عبادة إظهارا لشرفها على سائر البقاع ، وأهل
مكة بسكناهم فيها جعلوا معظمين لها بقيامهم بعمارتها وسدانتها وحفظها وحمايتها ; لذلك أبيح لهم السكنى ، وكلما قدم الإحرام على المواقيت هو أفضل .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أن ذلك أفضل إذا كان يملك نفسه أن يمنعها ما يمنع منه الإحرام ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : الإحرام من الميقات أفضل بناء على أصله أن الإحرام ركن فيكون من أفعال الحج ، ولو كان كما زعم لما جاز تقديمه على الميقات ; لأن أفعال الحج لا يجوز تقديمها على أوقاتها ، وتقديم الإحرام على الميقات جائز بالإجماع إذا كان في أشهر الحج ، والخلاف في الأفضلية دون الجواز ، ولنا قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196 : وأتموا الحج والعمرة لله }
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود رضي الله عنهما أنهما قالا : إتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك ، وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=35346من أحرم من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام بحج أو عمرة غفر الله له ما تقدم من ذنبه ، وما تأخر ، ووجبت له الجنة ، } هذا إذا قصد
مكة من هذه المواقيت ، فأما إذا قصدها من طريق غير مسلوك فإنه يحرم إذا بلغ موضعا يحاذي ميقاتا من هذه المواقيت ; لأنه إذا حاذى ذلك الموضع ميقاتا من المواقيت صار في حكم الذي يحاذيه في القرب من
مكة ، ولو كان في البحر فصار في موضع لو كان مكان البحر بر لم يكن له أن يجاوزه إلا بإحرام ، فإنه يحرم .
كذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف ، ولو حصل في شيء من هذه المواقيت من ليس من أهلها فأراد الحج أو العمرة أو دخول
مكة ، فحكمه حكم أهل ذلك الميقات الذي حصل فيه لقول النبي : صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=38993هن لأهلهن ، ولمن مر بهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو العمرة } .
وروي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=37567من وقتنا له وقتا فهو له ولمن مر به من غير أهله ممن أراد الحج أو العمرة } ، ولأنه إذا مر به صار من أهله فكان حكمه في المجاوزة حكمهم ، ولو جاوز ميقاتا من هذه المواقيت من غير إحرام إلى ميقات آخر جاز له ; لأن الميقات الذي صار إليه صار ميقاتا له ، لما روينا من الحديثين إلا أن المستحب أن يحرم من الميقات الأول ، هكذا روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة أنه قال في غير أهل
المدينة : إذا مروا على
المدينة [ ص: 165 ] فجاوزوها إلى
الجحفة فلا بأس بذلك ، وأحب إلي أن يحرموا من
ذي الحليفة ; لأنهم إذا حصلوا في الميقات الأول لزمهم محافظة حرمته فيكره لهم تركها ، ولو جاوز ميقاتا من المواقيت الخمسة يريد الحج أو العمرة فجاوزه بغير إحرام ثم عاد قبل أن يحرم وأحرم من الميقات ، وجاوزه محرما لا يجب عليه دم بالإجماع ; لأنه لما عاد إلى الميقات قبل أن يحرم ، وأحرم التحقت تلك المجاوزة بالعدم ، وصار هذا ابتداء إحرام منه ، ولو أحرم بعد ما جاوز الميقات قبل أن يعمل شيئا من أفعال الحج ثم عاد إلى الميقات ، ولبى سقط عنه الدم ، وإن لم يلب لا يسقط ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف ،
nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد : يسقط لبى أو لم يلب ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر : لا يسقط لبى أو لم يلب ، وجه قول
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر : أن وجوب الدم بجنايته على الميقات بمجاوزته إياه من غير إحرام ، وجنايته لا تنعدم بعوده ، فلا يسقط الدم الذي وجب ، وجه قولهما أن حق الميقات في مجاوزته إياه محرما ، لا في إنشاء الإحرام منه ، بدليل أنه لو أحرم من دويرة أهله ، وجاوز الميقات ، ولم يلب لا شيء عليه ، فدل أن حق الميقات في مجاوزته إياه محرما ، لا في إنشاء الإحرام منه ، وبعد ما عاد إليه محرما فقد جاوزه محرما ، فلا يلزمه الدم
nindex.php?page=showalam&ids=11990ولأبي حنيفة ما روينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال للذي أحرم بعد الميقات : ارجع إلى الميقات فلب ، وإلا فلا حج لك أوجب التلبية من الميقات فلزم اعتبارها ، ولأن الفائت بالمجاوزة هو التلبية ، فلا يقع تدارك الفائت إلا بالتلبية ، بخلاف ما إذا أحرم من دويرة أهله ، ثم جاوز الميقات من غير إنشاء الإحرام ; لأنه إذا أحرم من دويرة أهله صار ذلك ميقاتا له .
وقد لبى منه فلا يلزمه تلبية ، وإذا لم يحرم من دويرة أهله كان ميقاته المكان الذي تجب التلبية منه ، وهو الميقات المعهود ، وما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر إن الدم إنما وجب عليه بجنايته على الميقات مسلم ، لكن لما عاد قبل دخوله في أفعال الحج فما جنى عليه ، بل ترك حقه في الحال فيحتاج إلى التدارك .
وقد تداركه بالعود إلى التلبية ، ولو جاوز الميقات بغير إحرام فأحرم ولم يعد إلى الميقات حتى طاف شوطا أو شوطين ، أو وقف
بعرفة ، أو كان إحرامه بالحج ثم عاد إلى الميقات : لا يسقط عنه الدم ; لأنه لما اتصل الإحرام بأفعال الحج تأكد عليه الدم ، فلا يسقط بالعود ، ولو عاد إلى ميقات آخر غير الذي جاوزه قبل أن يفعل شيئا من أفعال الحج سقط عنه الدم ، وعوده إلى هذا الميقات وإلى ميقات آخر سواء ، وعلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر لا يسقط على ما ذكرنا .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف أنه فصل في ذلك تفصيلا فقال : إن كان الميقات الذي عاد إليه يحاذي الميقات الأول أو أبعد من
الحرم يسقط عنه الدم ، وإلا فلا ، والصحيح جواب ظاهر الرواية لما ذكرنا أن كل واحد من هذه المواقيت الخمسة ميقات لأهله ، ولغير أهله بالنص مطلقا عن اعتبار المحاذاة ، ولو لم يعد إلى الميقات لكنه أفسد إحرامه بالجماع قبل طواف العمرة إن كان إحرامه بالعمرة أو قبل الوقوف
بعرفة ، إن كان إحرامه بالحج سقط عنه ذلك الدم ; لأنه يجب عليه القضاء ، وانجبر ذلك كله بالقضاء كمن سها في صلاته ثم أفسدها فقضاها أنه لا يجب عليه سجود السهو ، وكذلك إذا فاته الحج فإنه يتحلل بالعمرة ، وعليه قضاء الحج ، وسقط عنه ذلك الدم عند
أصحابنا الثلاثة ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر لا يسقط ، ولو جاوز الميقات يريد دخول
مكة أو
الحرم من غير إحرام يلزمه إما حجة وإما عمرة ; لأن مجاوزة الميقات على قصد دخول
مكة أو
الحرم بدون الإحرام لما كان حراما كانت المجاوزة التزاما للإحرام دلالة ، كأنه قال : لله تعالى علي إحرام ، ولو قال ذلك يلزمه حجة أو عمرة ، كذا إذا فعل ما يدل على الالتزام كمن شرع في صلاة التطوع ثم أفسدها يلزمه قضاء ركعتين ، كما إذا قال : لله تعالى علي أن أصلي ركعتين ، فإن أحرم بالحج أو بالعمرة قضاء لما عليه من ذلك لمجاوزته الميقات ، ولم يرجع إلى الميقات ، فعليه دم ; لأنه جنى على الميقات لمجاوزته إياه من غير إحرام ، ولم يتداركه فيلزمه الدم جبرا ، فإن أقام
بمكة حتى تحولت السنة ثم أحرم يريد قضاء ما وجب عليه بدخوله
مكة بغير إحرام ، أجزأه في ذلك ميقات أهل
مكة في الحج
بالحرم ، وفي العمرة بالحل ; لأنه لما أقام
بمكة صار في حكم أهل
مكة فيجزئه إحرامه من ميقاتهم ، فإن كان حين دخل
مكة عاد في تلك السنة إلى الميقات فأحرم بحجة عليه من حجة الإسلام أو حجة نذر أو عمرة نذر ، سقط ما وجب عليه لدخوله
مكة بغير إحرام استحسانا ، والقياس أن لا يسقط إلا أن ينوي ما وجب عليه لدخول
مكة ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=15922زفر ، ولا خلاف في أنه إذا تحولت السنة ثم عاد إلى الميقات ثم أحرم بحجة الإسلام ، أنه لا يجزئه عما لزمه إلا بتعيين النية .
وجه القياس : أنه قد وجب عليه حجة أو
[ ص: 166 ] عمرة بسبب المجاوزة ، فلا يسقط عنه بواجب آخر كما لو نذر بحجة أنه لا تسقط عنه بحجة الإسلام .
وكذا لو فعل ذلك بعد ما تحولت السنة ، وجه الاستحسان أن لزوم الحجة أو العمرة ثبت تعظيما للبقعة ، والواجب عليه تعظيمها بمطلق الإحرام لا بإحرام على حدة ، بدليل أنه يجوز دخولها ابتداء بإحرام حجة الإسلام ، فإنه لو أحرم من الميقات ابتداء بحجة الإسلام أجزأه ذلك عن حجة الإسلام ، وعن حرمة الميقات ، وصار كمن دخل المسجد وأدى فرض الوقت ، قام ذلك مقام تحية المسجد .
وكذا لو
nindex.php?page=treesubj&link=3955_25506_3393_2611_2609_4172نذر أن يعتكف شهر رمضان فصام رمضان معتكفا جاز ، وقام صوم رمضان مقام الصوم الذي هو شرط الاعتكاف ، بخلاف ما إذا تحولت السنة ; لأنه لما لم يقض حق البقعة حتى تحولت السنة صار مفوتا حقها فصار ذلك دينا عليه ، وصار أصلا ، ومقصودا بنفسه ، فلا يتأدى بغيره كمن نذر أن يعتكف شهر رمضان فلم يصم ، ولم يعتكف حتى قضى شهر رمضان مع الاعتكاف جاز ، فإن صام رمضان ، ولم يعتكف فيه حتى دخل شهر رمضان القابل فاعتكف فيه قضاء عما عليه لا يجوز ; لأن الصوم صار أصلا ومقصودا بنفسه كذا هذا ، وكذلك لو أحرم بعمرة منذورة في السنة الثانية لم يجزه ; لأنه يكره تأخير العمرة إلى يوم النحر ، وأيام التشريق ، فإذا صار إلى وقت يكره تأخير العمرة إليه صار تأخيرها كتفويتها ، فإن دخل
مكة بغير إحرام ثم خرج فعاد إلى أهله ثم عاد إلى
مكة فدخلها بغير إحرام ، وجب عليه لكل واحد من الدخولين حجة أو عمرة ; لأن كل واحد من الدخولين سبب الوجوب .
فإن أحرم بحجة الإسلام جاز عن الدخول الثاني إذا كان في سنته ، ولم يجز عن الدخول الأول ; لأن الواجب قبل الدخول الثاني صار دينا ، فلا يسقط إلا بتعيين النية ، هذا إذا جاوز أحد هذه المواقيت الخمسة يريد الحج أو العمرة أو دخول
مكة أو
الحرم بغير إحرام ، فأما إذا لم يرد ذلك ، وإنما أراد أن يأتي
بستان بني عامر أو غيره لحاجة فلا شيء عليه ; لأن لزوم الحج أو العمرة بالمجاوزة من غير إحرام لحرمة الميقات تعظيما للبقعة وتمييزا لها من بين سائر البقاع في الشرف والفضيلة ، فيصير ملتزما للإحرام منه ، فإذا لم يرد
البيت لم يصر ملتزما للإحرام فلا يلزمه شيء ، فإن حصل في البستان أو ما وراءه من الحل ثم بدا له أن يدخل
مكة لحاجة من غير إحرام ، فله ذلك ; لأنه بوصوله إلى أهل البستان صار كواحد من أهل البستان ، ولأهل البستان أن يدخلوا
مكة لحاجة من غير إحرام فكذا له ، وقيل : إن هذا هو الحيلة في إسقاط الإحرام عن نفسه .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف : أنه لا يسقط عنه الإحرام ، ولا يجوز له أن يدخل
مكة بغير إحرام ما لم يجاوز الميقات بنية أن يقيم بالبستان خمسة عشر يوما فصاعدا ; لأنه لا يثبت للبستان حكم الوطن في حقه إلا بنية مدة الإقامة ، وأقل مدة الإقامة خمسة عشر يوما .
( فَصْلٌ ) :
وَأَمَّا بَيَانُ مَكَانِ الْإِحْرَامِ فَمَكَانُ الْإِحْرَامِ هُوَ الْمُسَمَّى بِالْمِيقَاتِ فَنَحْتَاجُ إلَى بَيَانِ الْمَوَاقِيتِ ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ الْأَحْكَامِ فَنَقُولُ : وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ الْمَوَاقِيتُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ .
nindex.php?page=treesubj&link=3291_3292_3289_3288_3287_3286_3285_3284وَالنَّاسُ فِي حَقِّ الْمَوَاقِيتِ أَصْنَافٌ ثَلَاثَةٌ [ ص: 164 ]
صِنْفٌ مِنْهُمْ يُسَمَّوْنَ أَهْلَ الْآفَاقِ ، وَهُمْ الَّذِينَ مَنَازِلُهُمْ خَارِجَ الْمَوَاقِيتِ الَّتِي وَقَّتَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ خَمْسَةٌ ، كَذَا رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=41677أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَّتَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ ، وَلِأَهْلِ الشَّامِ الْجُحْفَةَ ، وَلِأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ ، وَلِأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ ، وَلِأَهْلِ الْعِرَاقِ ذَاتَ عَرْقٍ ، وَقَالَ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُنَّ لِأَهْلِهِنَّ وَلِمَنْ مَرَّ بِهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ } .
وَصِنْفٌ مِنْهُمْ يُسَمَّوْنَ أَهْلَ الْحِلِّ ، وَهُمْ الَّذِينَ مَنَازِلُهُمْ دَاخِلَ الْمَوَاقِيتِ الْخَمْسَةِ خَارِجَ
الْحَرَمِ كَأَهْلِ
بُسْتَانِ بَنِي عَامِرٍ وَغَيْرِهِمْ ، وَصِنْفٌ مِنْهُمْ يُسَمَّوْنَ أَهْلَ
الْحَرَمِ ، وَهُمْ أَهْلُ
مَكَّةَ ، أَمَّا الصِّنْفُ الْأَوَّلُ فَمِيقَاتُهُمْ مَا وَقَّتَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ أَنْ يُجَاوِزَ مِيقَاتَهُ إذَا أَرَادَ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ إلَّا مُحْرِمًا ; لِأَنَّهُ لَمَّا وُقِّتَ لَهُمْ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ الْوَقْتُ مُقَيَّدًا ، وَذَلِكَ إمَّا الْمَنْعُ مِنْ تَقْدِيمِ الْإِحْرَامِ عَلَيْهِ ، وَإِمَّا الْمَنْعُ مِنْ تَأْخِيرِهِ عَنْهُ ، وَالْأَوَّلُ لَيْسَ بِمُرَادٍ لِإِجْمَاعِنَا عَلَى جَوَازِ تَقْدِيمِ الْإِحْرَامِ عَلَيْهِ فَتَعَيَّنَ الثَّانِي ، وَهُوَ الْمَنْعُ مِنْ تَأْخِيرِ الْإِحْرَامِ عَنْهُ .
وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَجُلًا سَأَلَهُ ، وَقَالَ : إنِّي أَحْرَمْتُ بَعْدَ الْمِيقَاتِ ، فَقَالَ لَهُ : ارْجِعْ إلَى الْمِيقَاتِ فَلَبِّ ، وَإِلَّا فَلَا حَجَّ لَك فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31291لَا يُجَاوِزُ أَحَدٌ الْمِيقَاتَ إلَّا مُحْرِمًا } ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَرَادَ بِمُجَاوَزَةِ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ دُخُولَ
مَكَّةَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُجَاوِزَهَا إلَّا مُحْرِمًا ، سَوَاءٌ أَرَادَ بِدُخُولِ
مَكَّةَ النُّسُكَ مِنْ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ أَوْ التِّجَارَةِ أَوْ حَاجَةٍ أُخْرَى عِنْدَنَا ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : إنْ دَخَلَهَا لِلنُّسُكِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِحْرَامُ ، وَإِنْ دَخَلَهَا لِحَاجَةٍ جَازَ دُخُولُهُ مِنْ غَيْرِ إحْرَامٍ ، وَجْهُ قَوْلِهِ أَنَّهُ تَجُوزُ السُّكْنَى
بِمَكَّةَ مِنْ غَيْرِ إحْرَامٍ فَالدُّخُولُ أَوْلَى ; لِأَنَّهُ دُونَ السُّكْنَى ، .
وَلَنَا مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=1680أَلَا إنَّ مَكَّةَ حَرَامٌ مُنْذُ خَلَقَهَا اللَّهُ تَعَالَى لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي ، وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي ، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ ، ثُمَّ عَادَتْ حَرَامًا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ } الْحَدِيثَ .
وَالِاسْتِدْلَالُ بِهِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ : أَحَدُهَا بِقَوْلِهِ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
أَلَا إنَّ
مَكَّةَ حَرَامٌ ، وَالثَّانِي بِقَوْلِهِ : لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي ، وَالثَّالِثُ بِقَوْلِهِ : ثُمَّ عَادَتْ حَرَامًا إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ .
وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : {
لَا يَحِلُّ دُخُولُ مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ } ، وَلِأَنَّ هَذِهِ بُقْعَةٌ شَرِيفَةٌ لَهَا قَدْرٌ وَخَطَرٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى ، فَالدُّخُولُ فِيهَا يَقْتَضِي الْتِزَامَ عِبَادَةٍ إظْهَارًا لِشَرَفِهَا عَلَى سَائِرِ الْبِقَاعِ ، وَأَهْلُ
مَكَّةَ بِسُكْنَاهُمْ فِيهَا جُعِلُوا مُعَظِّمِينَ لَهَا بِقِيَامِهِمْ بِعِمَارَتِهَا وَسَدَانَتِهَا وَحِفْظِهَا وَحِمَايَتِهَا ; لِذَلِكَ أُبِيحَ لَهُمْ السُّكْنَى ، وَكُلَّمَا قُدِّمَ الْإِحْرَامُ عَلَى الْمَوَاقِيتِ هُوَ أَفْضَلُ .
وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ ذَلِكَ أَفْضَلُ إذَا كَانَ يَمْلِكُ نَفْسَهُ أَنْ يَمْنَعَهَا مَا يَمْنَعُ مِنْهُ الْإِحْرَامُ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ أَفْضَلُ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ الْإِحْرَامَ رُكْنٌ فَيَكُونُ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ ، وَلَوْ كَانَ كَمَا زَعَمَ لَمَا جَازَ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْمِيقَاتِ ; لِأَنَّ أَفْعَالَ الْحَجِّ لَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهَا عَلَى أَوْقَاتِهَا ، وَتَقْدِيمُ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمِيقَاتِ جَائِزٌ بِالْإِجْمَاعِ إذَا كَانَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ، وَالْخِلَافُ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ دُونَ الْجَوَازِ ، وَلَنَا قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=196 : وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ }
وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٍّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُمَا قَالَا : إتْمَامُهُمَا أَنْ تُحْرِمَ بِهِمَا مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِكَ ، وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=54أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=35346مَنْ أَحْرَمَ مِنْ الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ، وَمَا تَأَخَّرَ ، وَوَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ ، } هَذَا إذَا قَصَدَ
مَكَّةَ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ ، فَأَمَّا إذَا قَصَدَهَا مِنْ طَرِيقٍ غَيْرِ مَسْلُوكٍ فَإِنَّهُ يُحْرِمُ إذَا بَلَغَ مَوْضِعًا يُحَاذِي مِيقَاتًا مِنْ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ ; لِأَنَّهُ إذَا حَاذَى ذَلِكَ الْمَوْضِعَ مِيقَاتًا مِنْ الْمَوَاقِيتِ صَارَ فِي حُكْمِ الَّذِي يُحَاذِيهِ فِي الْقُرْبِ مِنْ
مَكَّةَ ، وَلَوْ كَانَ فِي الْبَحْرِ فَصَارَ فِي مَوْضِعٍ لَوْ كَانَ مَكَانَ الْبَحْرِ بَرٌّ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُجَاوِزَهُ إلَّا بِإِحْرَامٍ ، فَإِنَّهُ يُحْرِمُ .
كَذَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبُو يُوسُفَ ، وَلَوْ حَصَلَ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا فَأَرَادَ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ أَوْ دُخُولَ
مَكَّةَ ، فَحُكْمُهُ حُكْمُ أَهْلِ ذَلِكَ الْمِيقَاتِ الَّذِي حَصَلَ فِيهِ لِقَوْلِ النَّبِيِّ : صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=38993هُنَّ لِأَهْلِهِنَّ ، وَلِمَنْ مَرَّ بِهِنَّ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِنَّ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ } .
وَرُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=37567مَنْ وَقَّتْنَا لَهُ وَقْتًا فَهُوَ لَهُ وَلِمَنْ مَرَّ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهِ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ } ، وَلِأَنَّهُ إذَا مَرَّ بِهِ صَارَ مِنْ أَهْلِهِ فَكَانَ حُكْمُهُ فِي الْمُجَاوَزَةِ حُكْمَهُمْ ، وَلَوْ جَاوَزَ مِيقَاتًا مِنْ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ مِنْ غَيْرِ إحْرَامٍ إلَى مِيقَاتٍ آخَرَ جَازَ لَهُ ; لِأَنَّ الْمِيقَاتَ الَّذِي صَارَ إلَيْهِ صَارَ مِيقَاتًا لَهُ ، لِمَا رَوَيْنَا مِنْ الْحَدِيثَيْنِ إلَّا أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْمِيقَاتِ الْأَوَّلِ ، هَكَذَا رُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ فِي غَيْرِ أَهْلِ
الْمَدِينَةِ : إذَا مَرُّوا عَلَى
الْمَدِينَةِ [ ص: 165 ] فَجَاوَزُوهَا إلَى
الْجُحْفَةِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ ، وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُحْرِمُوا مِنْ
ذِي الْحُلَيْفَةِ ; لِأَنَّهُمْ إذَا حَصَلُوا فِي الْمِيقَاتِ الْأَوَّلِ لَزِمَهُمْ مُحَافَظَةُ حُرْمَتِهِ فَيُكْرَهُ لَهُمْ تَرْكُهَا ، وَلَوْ جَاوَزَ مِيقَاتًا مِنْ الْمَوَاقِيتِ الْخَمْسَةِ يُرِيدُ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ فَجَاوَزَهُ بِغَيْرِ إحْرَامٍ ثُمَّ عَادَ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ وَأَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ ، وَجَاوَزَهُ مُحْرِمًا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ دَمٌ بِالْإِجْمَاعِ ; لِأَنَّهُ لَمَّا عَادَ إلَى الْمِيقَاتِ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ ، وَأَحْرَمَ الْتَحَقَتْ تِلْكَ الْمُجَاوَزَةُ بِالْعَدَمِ ، وَصَارَ هَذَا ابْتِدَاءَ إحْرَامٍ مِنْهُ ، وَلَوْ أَحْرَمَ بَعْدَ مَا جَاوَزَ الْمِيقَاتَ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ شَيْئًا مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ ثُمَّ عَادَ إلَى الْمِيقَاتِ ، وَلَبَّى سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ ، وَإِنْ لَمْ يُلَبِّ لَا يَسْقُطُ ، وَهَذَا قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبُو يُوسُفَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16908وَمُحَمَّدٌ : يَسْقُطُ لَبَّى أَوْ لَمْ يُلَبِّ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15922زُفَرُ : لَا يَسْقُطُ لَبَّى أَوْ لَمْ يُلَبِّ ، وَجْهُ قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=15922زُفَرَ : أَنَّ وُجُوبَ الدَّمِ بِجِنَايَتِهِ عَلَى الْمِيقَاتِ بِمُجَاوَزَتِهِ إيَّاهُ مِنْ غَيْرِ إحْرَامٍ ، وَجِنَايَتُهُ لَا تَنْعَدِمُ بِعَوْدِهِ ، فَلَا يَسْقُطُ الدَّمُ الَّذِي وَجَبَ ، وَجْهُ قَوْلِهِمَا أَنَّ حَقَّ الْمِيقَاتِ فِي مُجَاوَزَتِهِ إيَّاهُ مُحْرِمًا ، لَا فِي إنْشَاءِ الْإِحْرَامِ مِنْهُ ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ ، وَجَاوَزَ الْمِيقَاتَ ، وَلَمْ يُلَبِّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ ، فَدَلَّ أَنَّ حَقَّ الْمِيقَاتِ فِي مُجَاوَزَتِهِ إيَّاهُ مُحْرِمًا ، لَا فِي إنْشَاءِ الْإِحْرَامِ مِنْهُ ، وَبَعْدَ مَا عَادَ إلَيْهِ مُحْرِمًا فَقَدْ جَاوَزَهُ مُحْرِمًا ، فَلَا يَلْزَمُهُ الدَّمُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990وَلِأَبِي حَنِيفَةَ مَا رَوَيْنَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ قَالَ لِلَّذِي أَحْرَمَ بَعْدَ الْمِيقَاتِ : ارْجِعْ إلَى الْمِيقَاتِ فَلَبِّ ، وَإِلَّا فَلَا حَجَّ لَكَ أَوْجَبَ التَّلْبِيَةَ مِنْ الْمِيقَاتِ فَلَزِمَ اعْتِبَارُهَا ، وَلِأَنَّ الْفَائِتَ بِالْمُجَاوَزَةِ هُوَ التَّلْبِيَةُ ، فَلَا يَقَعُ تَدَارُكُ الْفَائِتِ إلَّا بِالتَّلْبِيَةِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَحْرَمَ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ ، ثُمَّ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ مِنْ غَيْرِ إنْشَاءِ الْإِحْرَامِ ; لِأَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ صَارَ ذَلِكَ مِيقَاتًا لَهُ .
وَقَدْ لَبَّى مِنْهُ فَلَا يَلْزَمُهُ تَلْبِيَةٌ ، وَإِذَا لَمْ يُحْرِمْ مِنْ دُوَيْرَةِ أَهْلِهِ كَانَ مِيقَاتُهُ الْمَكَانَ الَّذِي تَجِبُ التَّلْبِيَةُ مِنْهُ ، وَهُوَ الْمِيقَاتُ الْمَعْهُودُ ، وَمَا قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15922زُفَرُ إنَّ الدَّمَ إنَّمَا وَجَبَ عَلَيْهِ بِجِنَايَتِهِ عَلَى الْمِيقَاتِ مُسَلَّمٌ ، لَكِنْ لَمَّا عَادَ قَبْلَ دُخُولِهِ فِي أَفْعَالِ الْحَجِّ فَمَا جَنَى عَلَيْهِ ، بَلْ تَرَكَ حَقَّهُ فِي الْحَالِ فَيَحْتَاجُ إلَى التَّدَارُكِ .
وَقَدْ تَدَارَكَهُ بِالْعَوْدِ إلَى التَّلْبِيَةِ ، وَلَوْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ فَأَحْرَمَ وَلَمْ يَعُدْ إلَى الْمِيقَاتِ حَتَّى طَافَ شَوْطًا أَوْ شَوْطَيْنِ ، أَوْ وَقَفَ
بِعَرَفَةَ ، أَوْ كَانَ إحْرَامُهُ بِالْحَجِّ ثُمَّ عَادَ إلَى الْمِيقَاتِ : لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الدَّمُ ; لِأَنَّهُ لَمَّا اتَّصَلَ الْإِحْرَامُ بِأَفْعَالِ الْحَجِّ تَأَكَّدَ عَلَيْهِ الدَّمُ ، فَلَا يَسْقُطُ بِالْعَوْدِ ، وَلَوْ عَادَ إلَى مِيقَاتٍ آخَرَ غَيْرِ الَّذِي جَاوَزَهُ قَبْلَ أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ سَقَطَ عَنْهُ الدَّمُ ، وَعَوْدُهُ إلَى هَذَا الْمِيقَاتِ وَإِلَى مِيقَاتٍ آخَرَ سَوَاءٌ ، وَعَلَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=15922زُفَرَ لَا يَسْقُطُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا .
وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ فَصَّلَ فِي ذَلِكَ تَفْصِيلًا فَقَالَ : إنْ كَانَ الْمِيقَاتُ الَّذِي عَادَ إلَيْهِ يُحَاذِي الْمِيقَاتَ الْأَوَّلَ أَوْ أَبْعَدَ مِنْ
الْحَرَمِ يَسْقُطُ عَنْهُ الدَّمُ ، وَإِلَّا فَلَا ، وَالصَّحِيحُ جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ الْخَمْسَةِ مِيقَاتٌ لِأَهْلِهِ ، وَلِغَيْرِ أَهْلِهِ بِالنَّصِّ مُطْلَقًا عَنْ اعْتِبَارِ الْمُحَاذَاةِ ، وَلَوْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْمِيقَاتِ لَكِنَّهُ أَفْسَدَ إحْرَامَهُ بِالْجِمَاعِ قَبْلَ طَوَافِ الْعُمْرَةِ إنْ كَانَ إحْرَامُهُ بِالْعُمْرَةِ أَوْ قَبْلَ الْوُقُوفِ
بِعَرَفَةَ ، إنْ كَانَ إحْرَامُهُ بِالْحَجِّ سَقَطَ عَنْهُ ذَلِكَ الدَّمُ ; لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ ، وَانْجَبَرَ ذَلِكَ كُلُّهُ بِالْقَضَاءِ كَمَنْ سَهَا فِي صَلَاتِهِ ثُمَّ أَفْسَدَهَا فَقَضَاهَا أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ ، وَكَذَلِكَ إذَا فَاتَهُ الْحَجُّ فَإِنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِالْعُمْرَةِ ، وَعَلَيْهِ قَضَاءُ الْحَجِّ ، وَسَقَطَ عَنْهُ ذَلِكَ الدَّمُ عِنْدَ
أَصْحَابِنَا الثَّلَاثَةِ ، وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=15922زُفَرَ لَا يَسْقُطُ ، وَلَوْ جَاوَزَ الْمِيقَاتَ يُرِيدُ دُخُولَ
مَكَّةَ أَوْ
الْحَرَمَ مِنْ غَيْرِ إحْرَامٍ يَلْزَمُهُ إمَّا حَجَّةٌ وَإِمَّا عُمْرَةٌ ; لِأَنَّ مُجَاوَزَةَ الْمِيقَاتِ عَلَى قَصْدِ دُخُولِ
مَكَّةَ أَوْ
الْحَرَمِ بِدُونِ الْإِحْرَامِ لَمَّا كَانَ حَرَامًا كَانَتْ الْمُجَاوَزَةُ الْتِزَامًا لِلْإِحْرَامِ دَلَالَةً ، كَأَنَّهُ قَالَ : لِلَّهِ تَعَالَى عَلَيَّ إحْرَامٌ ، وَلَوْ قَالَ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ ، كَذَا إذَا فَعَلَ مَا يَدُلُّ عَلَى الِالْتِزَامِ كَمَنْ شَرَعَ فِي صَلَاةِ التَّطَوُّعِ ثُمَّ أَفْسَدَهَا يَلْزَمُهُ قَضَاءُ رَكْعَتَيْنِ ، كَمَا إذَا قَالَ : لِلَّهِ تَعَالَى عَلَيَّ أَنْ أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ ، فَإِنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ أَوْ بِالْعُمْرَةِ قَضَاءً لِمَا عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ لِمُجَاوَزَتِهِ الْمِيقَاتَ ، وَلَمْ يَرْجِعْ إلَى الْمِيقَاتِ ، فَعَلَيْهِ دَمٌ ; لِأَنَّهُ جَنَى عَلَى الْمِيقَاتِ لِمُجَاوَزَتِهِ إيَّاهُ مِنْ غَيْرِ إحْرَامٍ ، وَلَمْ يَتَدَارَكْهُ فَيَلْزَمُهُ الدَّمُ جَبْرًا ، فَإِنْ أَقَامَ
بِمَكَّةَ حَتَّى تَحَوَّلَتْ السَّنَةُ ثُمَّ أَحْرَمَ يُرِيدُ قَضَاءَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ بِدُخُولِهِ
مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ ، أَجْزَأَهُ فِي ذَلِكَ مِيقَاتُ أَهْلِ
مَكَّةَ فِي الْحَجِّ
بِالْحَرَمِ ، وَفِي الْعُمْرَةِ بِالْحِلِّ ; لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَامَ
بِمَكَّةَ صَارَ فِي حُكْمِ أَهْلِ
مَكَّةَ فَيُجْزِئُهُ إحْرَامُهُ مِنْ مِيقَاتِهِمْ ، فَإِنْ كَانَ حِينَ دَخَلَ
مَكَّةَ عَادَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ إلَى الْمِيقَاتِ فَأَحْرَمَ بِحَجَّةٍ عَلَيْهِ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَوْ حَجَّةِ نَذْرٍ أَوْ عُمْرَةِ نَذْرٍ ، سَقَطَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِدُخُولِهِ
مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ اسْتِحْسَانًا ، وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَسْقُطَ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِدُخُولِ
مَكَّةَ ، وَهُوَ قَوْلُ
nindex.php?page=showalam&ids=15922زُفَرَ ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ إذَا تَحَوَّلَتْ السَّنَةُ ثُمَّ عَاد إلَى الْمِيقَاتِ ثُمَّ أَحْرَمَ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ ، أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ عَمَّا لَزِمَهُ إلَّا بِتَعْيِينِ النِّيَّةِ .
وَجْهُ الْقِيَاسِ : أَنَّهُ قَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ حَجَّةٌ أَوْ
[ ص: 166 ] عُمْرَةٌ بِسَبَبِ الْمُجَاوَزَةِ ، فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِوَاجِبٍ آخَرَ كَمَا لَوْ نَذَرَ بِحَجَّةٍ أَنَّهُ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ .
وَكَذَا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ بَعْدَ مَا تَحَوَّلَتْ السَّنَةُ ، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ لُزُومَ الْحَجَّةِ أَوْ الْعُمْرَةِ ثَبَتَ تَعْظِيمًا لِلْبُقْعَةِ ، وَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ تَعْظِيمُهَا بِمُطْلَقِ الْإِحْرَامِ لَا بِإِحْرَامٍ عَلَى حِدَةٍ ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجُوزُ دُخُولُهَا ابْتِدَاءً بِإِحْرَامِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ ، فَإِنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ مِنْ الْمِيقَاتِ ابْتِدَاءً بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ أَجْزَأَهُ ذَلِكَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ ، وَعَنْ حُرْمَةِ الْمِيقَاتِ ، وَصَارَ كَمَنْ دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَأَدَّى فَرْضَ الْوَقْتِ ، قَامَ ذَلِكَ مَقَامَ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ .
وَكَذَا لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=3955_25506_3393_2611_2609_4172نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ شَهْرَ رَمَضَانَ فَصَامَ رَمَضَانَ مُعْتَكِفًا جَازَ ، وَقَامَ صَوْمُ رَمَضَانَ مَقَامَ الصَّوْمِ الَّذِي هُوَ شَرْطُ الِاعْتِكَافِ ، بِخِلَافِ مَا إذَا تَحَوَّلَتْ السَّنَةُ ; لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَقْضِ حَقَّ الْبُقْعَةِ حَتَّى تَحَوَّلَتْ السَّنَةُ صَارَ مُفَوِّتًا حَقَّهَا فَصَارَ ذَلِكَ دَيْنًا عَلَيْهِ ، وَصَارَ أَصْلًا ، وَمَقْصُودًا بِنَفْسِهِ ، فَلَا يَتَأَدَّى بِغَيْرِهِ كَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ شَهْرَ رَمَضَانَ فَلَمْ يَصُمْ ، وَلَمْ يَعْتَكِفْ حَتَّى قَضَى شَهْرَ رَمَضَانَ مَعَ الِاعْتِكَافِ جَازَ ، فَإِنْ صَامَ رَمَضَانَ ، وَلَمْ يَعْتَكِفْ فِيهِ حَتَّى دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ الْقَابِلُ فَاعْتَكَفَ فِيهِ قَضَاءً عَمَّا عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ ; لِأَنَّ الصَّوْمَ صَارَ أَصْلًا وَمَقْصُودًا بِنَفْسِهِ كَذَا هَذَا ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ مَنْذُورَةٍ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لَمْ يُجْزِهِ ; لِأَنَّهُ يُكْرَهُ تَأْخِيرُ الْعُمْرَةِ إلَى يَوْمِ النَّحْرِ ، وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ ، فَإِذَا صَارَ إلَى وَقْتٍ يُكْرَهُ تَأْخِيرُ الْعُمْرَةِ إلَيْهِ صَارَ تَأْخِيرُهَا كَتَفْوِيتِهَا ، فَإِنْ دَخَلَ
مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ ثُمَّ خَرَجَ فَعَادَ إلَى أَهْلِهِ ثُمَّ عَادَ إلَى
مَكَّةَ فَدَخَلَهَا بِغَيْرِ إحْرَامٍ ، وَجَبَ عَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الدُّخُولَيْنِ حَجَّةٌ أَوْ عُمْرَةٌ ; لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الدُّخُولَيْنِ سَبَبُ الْوُجُوبِ .
فَإِنْ أَحْرَمَ بِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ جَازَ عَنْ الدُّخُولِ الثَّانِي إذَا كَانَ فِي سَنَتِهِ ، وَلَمْ يَجُزْ عَنْ الدُّخُولِ الْأَوَّلِ ; لِأَنَّ الْوَاجِبَ قَبْلَ الدُّخُولِ الثَّانِي صَارَ دَيْنًا ، فَلَا يَسْقُطُ إلَّا بِتَعْيِينِ النِّيَّةِ ، هَذَا إذَا جَاوَزَ أَحَدَ هَذِهِ الْمَوَاقِيتِ الْخَمْسَةِ يُرِيدُ الْحَجَّ أَوْ الْعُمْرَةَ أَوْ دُخُولَ
مَكَّةَ أَوْ
الْحَرَمِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ ، فَأَمَّا إذَا لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ ، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ
بُسْتَانَ بَنِي عَامِرٍ أَوْ غَيْرَهُ لِحَاجَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ ; لِأَنَّ لُزُومَ الْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَةِ بِالْمُجَاوَزَةِ مِنْ غَيْرِ إحْرَامٍ لِحُرْمَةِ الْمِيقَاتِ تَعْظِيمًا لِلْبُقْعَةِ وَتَمْيِيزًا لَهَا مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْبِقَاعِ فِي الشَّرَفِ وَالْفَضِيلَةِ ، فَيَصِيرُ مُلْتَزِمًا لِلْإِحْرَامِ مِنْهُ ، فَإِذَا لَمْ يُرِدْ
الْبَيْتَ لَمْ يَصِرْ مُلْتَزِمًا لِلْإِحْرَامِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ ، فَإِنْ حَصَلَ فِي الْبُسْتَانِ أَوْ مَا وَرَاءَهُ مِنْ الْحِلِّ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَدْخُلَ
مَكَّةَ لِحَاجَةٍ مِنْ غَيْرِ إحْرَامٍ ، فَلَهُ ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ بِوُصُولِهِ إلَى أَهْلِ الْبُسْتَانِ صَارَ كَوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْبُسْتَانِ ، وَلِأَهْلِ الْبُسْتَانِ أَنْ يَدْخُلُوا
مَكَّةَ لِحَاجَةٍ مِنْ غَيْرِ إحْرَامٍ فَكَذَا لَهُ ، وَقِيلَ : إنَّ هَذَا هُوَ الْحِيلَةُ فِي إسْقَاطِ الْإِحْرَامِ عَنْ نَفْسِهِ .
وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ : أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْإِحْرَامُ ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَدْخُلَ
مَكَّةَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ مَا لَمْ يُجَاوِزْ الْمِيقَاتَ بِنِيَّةِ أَنْ يُقِيمَ بِالْبُسْتَانِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَصَاعِدًا ; لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَلِبْسَتَانِ حُكْمُ الْوَطَنِ فِي حَقِّهِ إلَّا بِنِيَّةِ مُدَّةِ الْإِقَامَةِ ، وَأَقَلُّ مُدَّةِ الْإِقَامَةِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا .