[ ص: 215 ] ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=33800حصر تكريت ووقعة بكمزا
في هذه السنة أرسل الخليفة
nindex.php?page=showalam&ids=15299المقتفي لأمر الله رسولا إلى والي
تكريت ، بسبب من عندهم من المأسورين ، وهم ابن الوزير وغيره ، فقبضوا على الرسول ، فسير الخليفة عسكرا إليهم ، فخرج
أهل تكريت ، فقاتلوا العسكر ومنعوه من الدخول إلى البلد ، فسار الخليفة بنفسه مستهل صفر فنزل على البلد ، فهرب أهله ، فدخل العسكر فشعثوا ونهبوا بعضه ، ونصب على القلعة ثلاثة عشر منجنيقا ، فسقط من أسوارها برج وبقي الحصر كذلك إلى الخامس والعشرين من ربيع الأول .
وأمر الخليفة بالقتال والزحف ، فاشتد القتال ، وكثر القتلى ، ولم يبلغ منها غرضا ، فرحل عائدا إلى
بغداد ، فدخلها آخر الشهر ، ثم أمر الوزير
nindex.php?page=showalam&ids=13615عون الدين بن هبيرة بالعود إلى محاصرتها ، والاستعداد ، والاستكثار من الآلات للحصار ، فسار إليها سابع ربيع الآخر ، ونازلها وضيق عليها ، فوصل الخبر بأن
مسعود بلال وصل إلى
شهرابان ومعه
البقش كون خر وترشك في عسكر كثير ونهبوا البلاد ، فعاد الوزير إلى
بغداد .
وكان سبب وصول هذا العسكر أنهم حثوا
الملك محمدا ابن السلطان محمود على قصد
العراق ، فلم يتهيأ له ذلك ، فسير هذا العسكر ، وانضاف إليهم خلق كثير من
التركمان ، فخرج الخليفة إليهم ، فأرسل
مسعود بلال إلى
تكريت ، وأخرج منها الملك
أرسلان ابن السلطان طغرل بن محمد ، وكان محبوسا
بتكريت ، وقال : هذا السلطان نقاتل بين يديه بإزاء الخليفة .
والتقى العسكران عند
بكمزا بالقرب من
بعقوبا ، ودام بينهم المناوشة والمحاربة ثمانية عشر يوما ، ثم إنهم التقوا آخر رجب فاقتتلوا ، فانهزمت ميمنة عسكر الخليفة وبعض القلب ، حتى بلغت الهزيمة
بغداد ، ونهبت خزائنه ، وقتل خازنه ، فحمل الخليفة بنفسه هو وولي عهده وصاح : يا
آل هاشم ! كذب الشيطان ; وقرأ :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=25ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا ،
[ ص: 216 ] وحمل باقي العسكر معه فانهزم
مسعود والبقش وجميع من معهم ، وتمت الهزيمة ، وظفر الخليفة بهم ، وغنم عسكره جميع مال
التركمان من دواب وغنم وغير ذلك ، فبيع كل كبش بدانق ; وكانوا قد حضروا بنسائهم وأولادهم وخركاهاتهم وجميع مالهم ، فأخذ جميعه ، ونودي : من أخذ من أولاد
التركمان ونسائهم شيئا فليرده ; فردوه ، فأخذ
البقش كون خر الملك
أرسلان ، وانهزم إلى بلد
اللحف وقلعة الماهكي .
وفي هذه الحرب غدر
بنو عوف من عسكر الخليفة ، ولحقوا بالعجم ، ومضى
هندي الكردي أيضا معهم . وكان الملك
محمد قد أرسل عسكرا مع
خاص بك بن آقسنقر نجدة
لكون خر ، فلما وصلوا إلى
الراذان بلغهم خبر الهزيمة فعادوا ، ورجع الخليفة إلى
بغداد فدخلها أوائل شعبان ، فوصله الخبر أن
مسعود بلال وترشك قصدا مدينة
واسط فنهبا وخربا ، فسير الخليفة الوزير
ابن هبيرة في عسكر خامس عشر شعبان ، فانهزم العجم فلقيهم عسكر الخليفة ، ونهب منهم شيئا كثيرا ، وعادوا إلى
بغداد ، فلقب الوزير سلطان
العراق ملك الجيوش .
وسير الخليفة عسكرا إلى بلد
اللحف فأخذه وصار في جملته ، وأما الملك
ألب أرسلان بن طغرل فإن
البقش أخذه معه إلى بلده ، فأرسل إليه الملك
محمد يقول له ليحضر عنده
وأرسلان معه ، فمات
البقش كون خر في رمضان في هذه السنة ، وبقي
أرسلان مع
ابن البقش ،
وحسن الجاندار ، فحملاه [ إلى ] الجبل ، فخاف الملك
محمد أن يصل
أرسلان إلى زوج أمه
إيلدكز فيجعله ذريعة إلى قصد البلاد ، فلم ينفعه حذره ، واتصل
أرسلان بإيلدكز زوج أمه فصار معه ، وهو أخو
nindex.php?page=showalam&ids=13915البهلوان بن إيلدكز لأمه ،
وطغرل الذي قتله
خوارزم شاه ولد أرسلان هذا ، وكان
طغرل آخر
السلجوقية .
[ ص: 215 ] ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=33800حَصْرِ تَكْرِيتَ وَوَقْعَةِ بِكَمْزَا
فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَرْسَلَ الْخَلِيفَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=15299الْمُقْتَفِي لِأَمْرِ اللَّهِ رَسُولًا إِلَى وَالِي
تَكْرِيتَ ، بِسَبَبِ مَنْ عِنْدَهُمْ مِنَ الْمَأْسُورِينَ ، وَهُمُ ابْنُ الْوَزِيرِ وَغَيْرُهُ ، فَقَبَضُوا عَلَى الرَّسُولِ ، فَسَيَّرَ الْخَلِيفَةُ عَسْكَرًا إِلَيْهِمْ ، فَخَرَجَ
أَهْلُ تَكْرِيتَ ، فَقَاتَلُوا الْعَسْكَرَ وَمَنَعُوهُ مِنَ الدُّخُولِ إِلَى الْبَلَدِ ، فَسَارَ الْخَلِيفَةُ بِنَفْسِهِ مُسْتَهَلَّ صَفَرٍ فَنَزَلَ عَلَى الْبَلَدِ ، فَهَرَبَ أَهْلُهُ ، فَدَخَلَ الْعَسْكَرُ فَشَعَّثُوا وَنَهَبُوا بَعْضَهُ ، وَنَصَبَ عَلَى الْقَلْعَةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ مَنْجَنِيقًا ، فَسَقَطَ مِنْ أَسْوَارِهَا بُرْجٌ وَبَقِيَ الْحَصْرُ كَذَلِكَ إِلَى الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ .
وَأَمَرَ الْخَلِيفَةُ بِالْقِتَالِ وَالزَّحْفِ ، فَاشْتَدَّ الْقِتَالُ ، وَكَثُرَ الْقَتْلَى ، وَلَمْ يَبْلُغْ مِنْهَا غَرَضًا ، فَرَحَلَ عَائِدًا إِلَى
بَغْدَادَ ، فَدَخَلَهَا آخِرَ الشَّهْرِ ، ثُمَّ أَمَرَ الْوَزِيرَ
nindex.php?page=showalam&ids=13615عَوْنَ الدِّينِ بْنَ هُبَيْرَةَ بِالْعَوْدِ إِلَى مُحَاصَرَتِهَا ، وَالِاسْتِعْدَادِ ، وَالِاسْتِكْثَارِ مِنَ الْآلَاتِ لِلْحِصَارِ ، فَسَارَ إِلَيْهَا سَابِعَ رَبِيعٍ الْآخَرِ ، وَنَازَلَهَا وَضَيَّقَ عَلَيْهَا ، فَوَصَلَ الْخَبَرُ بِأَنَّ
مَسْعُودَ بِلَالٍ وَصَلَ إِلَى
شَهْرَابَانَ وَمَعَهُ
الْبَقْشُ كُونْ خَرْ وَتُرْشَكُ فِي عَسْكَرٍ كَثِيرٍ وَنَهَبُوا الْبِلَادَ ، فَعَادَ الْوَزِيرُ إِلَى
بَغْدَادَ .
وَكَانَ سَبَبَ وُصُولِ هَذَا الْعَسْكَرِ أَنَّهُمْ حَثُّوا
الْمَلِكَ مُحَمَّدًا ابْنَ السُّلْطَانِ مَحْمُودٍ عَلَى قَصْدِ
الْعِرَاقِ ، فَلَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُ ذَلِكَ ، فَسَيَّرَ هَذَا الْعَسْكَرَ ، وَانْضَافَ إِلَيْهِمْ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ
التُّرْكُمَانِ ، فَخَرَجَ الْخَلِيفَةُ إِلَيْهِمْ ، فَأَرْسَلَ
مَسْعُودُ بِلَالٍ إِلَى
تَكْرِيتَ ، وَأَخْرَجَ مِنْهَا الْمَلِكَ
أَرْسَلَانَ ابْنَ السُّلْطَانِ طُغْرُلَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، وَكَانَ مَحْبُوسًا
بِتَكْرِيتَ ، وَقَالَ : هَذَا السُّلْطَانُ نُقَاتِلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِزَاءِ الْخَلِيفَةِ .
وَالْتَقَى الْعَسْكَرَانِ عِنْدَ
بِكَمْزَا بِالْقُرْبِ مِنْ
بَعْقُوبَا ، وَدَامَ بَيْنَهُمُ الْمُنَاوَشَةُ وَالْمُحَارَبَةُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا ، ثُمَّ إِنَّهُمُ الْتَقَوْا آخِرَ رَجَبٍ فَاقْتَتَلُوا ، فَانْهَزَمَتْ مَيْمَنَةُ عَسْكَرِ الْخَلِيفَةِ وَبَعْضُ الْقَلْبِ ، حَتَّى بَلَغَتِ الْهَزِيمَةُ
بَغْدَادَ ، وَنُهِبَتْ خَزَائِنُهُ ، وَقُتِلَ خَازِنُهُ ، فَحَمَلَ الْخَلِيفَةُ بِنَفْسِهِ هُوَ وَوَلِيُّ عَهْدِهِ وَصَاحَ : يَا
آلَ هَاشِمٍ ! كَذَبَ الشَّيْطَانُ ; وَقَرَأَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=25وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا ،
[ ص: 216 ] وَحَمَلَ بَاقِي الْعَسْكَرِ مَعَهُ فَانْهَزَمَ
مَسْعُودٌ وَالْبَقْشُ وَجَمِيعُ مَنْ مَعَهُمْ ، وَتَمَّتِ الْهَزِيمَةُ ، وَظَفَرَ الْخَلِيفَةُ بِهِمْ ، وَغَنَمَ عَسْكَرُهُ جَمِيعَ مَالِ
التُّرْكُمَانِ مِنْ دَوَابَّ وَغَنَمٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، فَبِيعَ كُلُّ كَبْشٍ بِدَانَقٍ ; وَكَانُوا قَدْ حَضَرُوا بِنِسَائِهِمْ وَأَوْلَادِهِمْ وَخَرَكَاهَاتِهِمْ وَجَمِيعِ مَالِهِمْ ، فَأُخِذَ جَمِيعُهُ ، وَنُودِيَ : مَنْ أَخَذَ مِنْ أَوْلَادِ
التُّرْكُمَانِ وَنِسَائِهِمْ شَيْئًا فَلْيَرُدَّهُ ; فَرَدُّوهُ ، فَأَخَذَ
الْبَقْشُ كُونْ خَرْ الْمَلِكَ
أَرْسَلَانَ ، وَانْهَزَمَ إِلَى بَلَدِ
اللِّحْفِ وَقَلْعَةِ الْمَاهِكِي .
وَفِي هَذِهِ الْحَرْبِ غَدَرَ
بَنُو عَوْفٍ مِنْ عَسْكَرِ الْخَلِيفَةِ ، وَلَحِقُوا بِالْعَجَمِ ، وَمَضَى
هِنْدِيٌّ الْكُرْدِيُّ أَيْضًا مَعَهُمْ . وَكَانَ الْمَلِكُ
مُحَمَّدٌ قَدْ أَرْسَلَ عَسْكَرًا مَعَ
خَاصِّ بِكْ بْنِ آقْسُنْقُرْ نَجْدَةً
لِكُونْ خَرْ ، فَلَمَّا وَصَلُوا إِلَى
الرَّاذَانِ بَلَغَهُمْ خَبَرُ الْهَزِيمَةِ فَعَادُوا ، وَرَجَعَ الْخَلِيفَةُ إِلَى
بَغْدَادَ فَدَخَلَهَا أَوَائِلَ شَعْبَانَ ، فَوَصَلَهُ الْخَبَرُ أَنَّ
مَسْعُودَ بِلَالٍ وَتُرْشَكُ قَصْدَا مَدِينَةَ
وَاسِطَ فَنَهَبَا وَخَرَّبَا ، فَسَيَّرَ الْخَلِيفَةُ الْوَزِيرَ
ابْنَ هُبَيْرَةَ فِي عَسْكَرٍ خَامِسَ عَشَرَ شَعْبَانَ ، فَانْهَزَمَ الْعَجَمُ فَلَقِيَهُمْ عَسْكَرُ الْخَلِيفَةِ ، وَنَهَبَ مِنْهُمْ شَيْئًا كَثِيرًا ، وَعَادُوا إِلَى
بَغْدَادَ ، فَلُقِّبَ الْوَزِيرُ سُلْطَانُ
الْعِرَاقِ مَلِكَ الْجُيُوشِ .
وَسَيَّرَ الْخَلِيفَةُ عَسْكَرًا إِلَى بَلَدِ
اللِّحْفِ فَأَخَذَهُ وَصَارَ فِي جُمْلَتِهِ ، وَأَمَّا الْمَلِكُ
أَلْبُ أَرْسَلَانْ بْنُ طُغْرُلَ فَإِنَّ
الْبَقْشُ أَخَذَهُ مَعَهُ إِلَى بَلَدِهِ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ الْمَلِكُ
مُحَمَّدٌ يَقُولُ لَهُ لِيَحْضُرَ عِنْدَهُ
وَأَرْسَلَانُ مَعَهُ ، فَمَاتَ
الْبَقْشُ كُونْ خَرْ فِي رَمَضَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ ، وَبَقِيَ
أَرْسَلَانُ مَعَ
ابْنِ الْبَقْشِ ،
وَحَسَنٍ الْجَانْدَارِ ، فَحَمَلَاهُ [ إِلَى ] الْجَبَلِ ، فَخَافَ الْمَلِكُ
مُحَمَّدٌ أَنْ يَصِلَ
أَرْسَلَانُ إِلَى زَوْجِ أُمِّهِ
إِيلْدِكْزَ فَيَجْعَلَهُ ذَرِيعَةً إِلَى قَصْدِ الْبِلَادِ ، فَلَمْ يَنْفَعْهُ حَذَرُهُ ، وَاتَّصَلَ
أَرْسَلَانُ بِإِيلْدِكْزَ زَوْجِ أُمِّهِ فَصَارَ مَعَهُ ، وَهُوَ أَخُو
nindex.php?page=showalam&ids=13915الْبَهْلَوَانِ بْنِ إِيلْدِكْزَ لِأُمِّهِ ،
وَطُغْرُلُ الَّذِي قَتَلَهُ
خَوَارَزْمُ شَاهْ وَلَدُ أَرْسَلَانَ هَذَا ، وَكَانَ
طُغْرُلُ آخِرَ
السَّلْجُوقِيَّةِ .