nindex.php?page=treesubj&link=30532_30550_34202_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8وقالوا لولا أنزل عليه ملك الظاهر أنه استئناف لبيان قدحهم بنبوته عليه الصلاة والسلام بما هو أصرح من الأول، وقيل : إنه معطوف على جواب (لو) ويغتفر في الثواني ما يغتفر في الأوائل واعترض بأن تلك المقالة الشنعاء ليست مما يقدر صدوره عنهم على تقدير تنزيل الكتاب المذكور بل هي من أباطيلهم المحققة وخرافاتهم الملفقة التي يتعللون بها كلما ضاقت عليهم الحيل وعيت بهم العلل، وأجيب بأنه لا بعد في تقدير صدور هذه المقالة على تقدير ذلك التنزيل لأنه مما يوقع الكافر المعاند في حيص بيص فلا يدري بماذا يقابله، وأي شيء يتشبث به، وكلمة (لولا) هنا للتحضيض، والمقصود به التوبيخ على عدم الإتيان بملك يشاهد معه حتى تنتفي الشبهة بزعمهم
أخرج أبو المنذر
nindex.php?page=showalam&ids=11970وابن أبي حاتم عن
محمد بن إسحاق قال :
دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه إلى الإسلام وكلمهم فأبلغ إليهم فيما بلغني فقال له زمعة بن الأسود بن المطلب والنضر بن الحارث بن كلدة وعبدة بن عبد يغوث وابن أبي خلف بن وهب والعاص بن وائل بن هشام : لو جعل معك يا محمد ملك يحدث عنك الناس ويرى [ ص: 97 ] معك فأنزل الله تعالى قوله سبحانه : nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8وقالوا لولا أنزل إلخ أي هلا أنزل عليه ملك يكون معه يحدث الناس عنه ويخبرهم أنه رسول من ربه سبحانه إليهم، ولعل هذا نظير ما حكى الله تعالى عنهم بقوله جل شأنه :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=7لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا ولما كان مدار هذا الاقتراح على شيئين إنزال الملك على صورته وجعله معه صلى الله عليه وسلم يحدث الناس عنه وينذرهم أجيب عنه بأن ذلك مما لا يكاد يوجد لاشتماله على المتباينين فإن إنزال الملك على صورته يقتضي انتفاء جعله محدثا ونذيرا وجعله محدثا ونذيرا يستدعي عدم إنزاله على صورته، وقد أشير إلى الأول بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8ولو أنزلنا عليه ملكا على صورته الحقيقية فشاهدوه بأعينهم : لقضي الأمر أي لأتم أمر هلاكهم بسبب مشاهدتهم له لمزيد هول المنظر مع ما هم فيه من ضعف القوى وعدم اللياقة
وقد قيل : إن جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وهم هم إنما رأوا الملك في صورة البشر ولم يره أحد منهم على صورته غير النبي صلى الله عليه وسلم رآه كذلك مرتين مرة في الأرض بجياد ومرة في السماء ولا يخفى أن هذا محتاج إلى نقل عن الأحاديث الصحيحة والذي صح من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي عن
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة رضي الله تعالى عنها أن
nindex.php?page=treesubj&link=30600النبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل عليه السلام مرتين كما ذكر على صورته الأصلية لكن ليس فيه أحد أن أحدا من إخوانه الأنبياء غيره عليه الصلاة والسلام لم يره كذلك، ولم يرد هذا -كما قال
ابن حجر وناهيك به حافظا في شيء- من كتب الآثار، وأما رؤية النبي صلى الله عليه وسلم وكذا رؤية غيره من الأنبياء غير
جبريل عليه السلام على الصورة الأصلية فهي جائزة بلا ريب، وظاهر الأخبار وقوعها أيضا لنبينا عليه الصلاة والسلام، وأما وقوع رؤية سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فلم أقف فيها على شيء لا نفيا ولا إثباتا، وعدم وقوع رؤية
جبريل عليه السلام لو صح لا يدل على عدم رؤية غيره إذ ليست صور الملائكة كلهم كصورته عليه الصلاة والسلام في العظم، وخبر الخصمين والأضياف
لإبراهيم ولوط وداود عليهم السلام ليس فيه دلالة على أكثر من رؤية هؤلاء الأنبياء للملائكة بصورة الآدميين وهي لا تستلزم أنهم لا يرونهم إلا كذلك وإلا لاستلزمت رؤية نبينا صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام بصورة
دحية بن خليفة الكلبي رضي الله تعالى عنه مثلا عدم رؤيته عليه الصلاة والسلام إياهم إلا بالصورة الآدمية وهو خلاف ما تفهمه الأخبار، وبناء الفعل الأول في الجواب للفاعل مسندا إلى نون العظمة مع كونه في السؤال مبنيا للمفعول لتهويل الأمر وتربية المهابة، وبناء الثاني للمفعول للجري على سنن الكبرياء. وكلمة (ثم) في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8ثم لا ينظرون
8
- أي لا يمهلون بعد إنزاله ومشاهدتهم له طرفة عين فضلا عن أن يحظوا منه بكلمة أو يزيلوا به بزعمهم شبهة للتنبيه على بعد ما بين الأمرين قضاء الأمر وعدم الإنظار فإن مفاجأة الشدة أشد من نفس الشدة، وقيل : إنها للإشارة إلى أن لهم مهلة قدر أن يتأملوا
واعترض بأن قوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8ثم لا ينظرون عطف على قوله عز وجل : (لقضي) ولا يمهل للتأمل بعد قضاء الأمر
وقيل في سبب إهلاكهم على تقدير إنزال الملك حسبما اقترحوه : إنهم إذا عاينوه قد نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في صورته الأصلية وهي آية لا شيء أبين منها ثم لم يؤمنوا لم يكن بد من إهلاكهم فإن سنة الله تعالى قد جرت بذلك فيمن قبلهم ممن كفر بعد نزول ما اقترح. وروي هذا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة، وقيل : إنه يزول
[ ص: 98 ] اختيار الذي هو قاعدة التكليف عند نزوله لأن هذه آية ملجئة قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=85فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا فيجب إهلاكهم لئلا يبقى وجودهم عاريا عن الحكمة إذ ما خلقوا إلا للابتلاء بالتكليف وهو يبقى مع الإلجاء، وفيه أنه مخالف لقواعد أهل السنة ولا يتسنى إلا على قواعد المعتزلة وهي أوهن من بيت العنكبوت ومع هذا هو غير صاف عن الأشكال كما لا يخفى على المتتبع، وذكر بعض الفضلاء أن هذا الوجه ينافي ما قبله لدلالة ما قبل على بقاء الاختيار وأنهم لا يؤمنون إذا عاينوا الملك قد نزل ودلالة هذا على سلب الاختيار وزواله وأن الإيمان إيمان يأس
وقال
ابن المنير : لا يحسن أن يجعل سبب مناجزتهم بالهلك وضوح الآية في نزول الملك فإنه ربما يفهم من ذلك أن الآيات التي لزمهم الإيمان بها دون نزول الملك في الوضوح وليس الأمر كذلك فالوجه والله تعالى أعلم أن يكون سبب تعجيل عقوبتهم بتقدير نزول الملك وعدم إيمانهم أنهم اقترحوا ما يتوقف وجوب الإيمان عليه إذ الذي يتوقف الوجوب عليه المعجز من حيث كونه معجزا لا المعجز الخاص فإذا أجيبوا على وفق مقترحهم فلم ينجع فيهم كانوا حينئذ على غاية من الرسوخ في العناد المناسب لعدم النظرة، ولعل الوجه الذي عولنا عليه هو الأولى وقد أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=11970وابن أبي حاتم nindex.php?page=showalam&ids=11868وأبو الشيخ عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، والاعتراض عليه بأن
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8لا ينظرون يدل على إهلاكهم لا على هلاكهم برؤية الملك يندفع بما أشرنا إليه كما لا يخفى، وليس بتكلف يترك له كلام ترجمان القرآن، وقد أشير إلى الثاني بقوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=9ولو جعلناه ملكا لجعلناه رجلا على أن الضمير الأول للنذير المحدث للناس عنه عليه الصلاة والسلام المفهوم من فحوى الكلام بمعونة المقام، والضمير الثاني للملك لا لما رجع إليه الأول أي: ولو جعلنا النذير الذي اقترحتم إنزاله ملكا لمثلنا ذلك الملك رجلا لعدم استطاعتهم معاينة الملك على هيكله الأصلي، وفي إيثار (رجلا) على (بشرا) إيذان على ما قيل بأن الجعل بطريق التمثيل لا بطريق قلب الحقيقة وتعيين لما يقع به التمثيل، وفيه إشعار كما قال
عصام الدين وغيره بأن الرسول لا يكون امرأة وهو متفق عليه، وإنما الاختلاف في نبوتها
والعدول عن (ولو أنزلناه ملكا) إلى ما في النظم الجليل يعلم سره مما تقدم في بيان المراد وقيل : العدول لرعاية المشاكلة لما بعد، ووجه شيخ الإسلام عدم جعل الضمير الأول للملك المذكور قبل بأن يعكس ترتيب المفعولين، ويقال : ولو جعلناه نذيرا لجعلناه رجلا مع فهم المراد منه أيضا بأنه لتحقيق أن مناط إبراز الجعل الأول في معرض الفرض والتقدير، ومدار استلزامه الثاني إنما هو ملكية النذير لا نذيرية الملك وذلك لأن الجعل حقه أن يكون مفعوله الأول مبتدأ والثاني خبرا لكونه بمعنى التصيير المنقول من صار الداخل على المبتدإ والخبر، ولا ريب في أن مصب الفائدة ومدار اللزوم بين طرفي الشرطية هو محمول المقدم لا موضوعه فحيث كانت (لو) امتناعية أريد بيان انتفاء الجعل الأول لاستلزامه المحذور الذي هو الجعل الثاني وجب أن يجعل مدار الاستلزام في الأول مفعولا ثانيا لا محالة، ولذلك جعل مقابله في الجعل الثاني كذلك إبرازا لكمال التنافي بينهما الموجب لانتفاء الملزوم ولا يخلو عن حسن، وجوز غير واحد كون
nindex.php?page=treesubj&link=30532_30550_34202_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ الظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْتِئْنَافٌ لِبَيَانِ قَدْحِهِمْ بِنُبُوَّتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِمَا هُوَ أَصْرَحُ مِنَ الْأَوَّلِ، وَقِيلَ : إِنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى جَوَابِ (لَوْ) وَيُغْتَفَرُ فِي الثَّوَانِي مَا يُغْتَفَرُ فِي الْأَوَائِلِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ تِلْكَ الْمَقَالَةَ الشَّنْعَاءَ لَيْسَتْ مِمَّا يُقَدَّرُ صُدُورُهُ عَنْهُمْ عَلَى تَقْدِيرُ تَنْزِيلُ الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ بَلْ هِيَ مِنْ أَبَاطِيلِهِمُ الْمُحَقَّقَةِ وَخُرَافَاتِهِمُ الْمُلَفَّقَةِ الَّتِي يَتَعَلَّلُونَ بِهَا كُلَّمَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْحِيَلُ وَعَيَتْ بِهِمُ الْعِلَلُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا بُعْدَ فِي تَقْدِيرِ صُدُورِ هَذِهِ الْمَقَالَةِ عَلَى تَقْدِيرِ ذَلِكَ التَّنْزِيلِ لِأَنَّهُ مِمَّا يُوقِعُ الْكَافِرَ الْمُعَانِدَ فِي حَيْصَ بَيْصَ فَلَا يَدْرِي بِمَاذَا يُقَابِلُهُ، وَأَيَّ شَيْءٍ يَتَشَبَّثُ بِهِ، وَكَلِمَةُ (لَوْلَا) هُنَا لِلتَّحْضِيضِ، وَالْمَقْصُودُ بِهِ التَّوْبِيخُ عَلَى عَدَمِ الْإِتْيَانِ بِمَلَكٍ يُشَاهَدُ مَعَهُ حَتَّى تَنْتَفِيَ الشُّبْهَةُ بِزَعْمِهِمْ
أَخْرَجَ أَبُو الْمُنْذِرِ
nindex.php?page=showalam&ids=11970وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ :
دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمَهُ إِلَى الْإِسْلَامِ وَكَلَّمَهُمْ فَأَبْلَغَ إِلَيْهِمْ فِيمَا بَلَّغَنِي فَقَالَ لَهُ زَمْعَةُ بْنُ الْأَسْوَدِ بْنِ الْمُطَّلِبِ وَالنَّضِرُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ كَلْدَةَ وَعَبَدَةُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ وَابْنُ أَبِي خَلَفِ بْنُ وَهْبٍ وَالْعَاصُ بْنُ وَائِلِ بْنِ هِشَامٍ : لَوْ جُعِلَ مَعَكَ يَا مُحَمَّدُ مَلَكٌ يُحَدِّثُ عَنْكَ النَّاسَ وَيُرَى [ ص: 97 ] مَعَكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ : nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ إِلَخْ أَيْ هَلَّا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ يَكُونُ مَعَهُ يُحَدِّثُ النَّاسَ عَنْهُ وَيُخْبِرُهُمْ أَنَّهُ رَسُولٌ مِنْ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ إِلَيْهِمْ، وَلَعَلَّ هَذَا نَظِيرُ مَا حَكَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ جَلَّ شَأْنُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=7لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا وَلَمَّا كَانَ مَدَارُ هَذَا الِاقْتِرَاحِ عَلَى شَيْئَيْنِ إِنْزَالِ الْمَلَكِ عَلَى صُورَتِهِ وَجَعْلِهِ مَعَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ النَّاسَ عَنْهُ وَيُنْذِرُهُمْ أُجِيبُ عَنْهُ بِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَكَادُ يُوجَدُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى الْمُتَبَايِنَيْنِ فَإِنَّ إِنْزَالَ الْمَلَكِ عَلَى صُورَتِهِ يَقْتَضِي انْتِفَاءَ جَعْلِهِ مُحَدِّثًا وَنَذِيرًا وَجَعْلِهِ مُحَدِّثًا وَنَذِيرًا يَسْتَدْعِي عَدَمَ إِنْزَالِهِ عَلَى صُورَتِهِ، وَقَدْ أُشِيرَ إِلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8وَلَوْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِ مَلَكًا عَلَى صُورَتِهِ الْحَقِيقِيَّةِ فَشَاهَدُوهُ بِأَعْيُنِهِمْ : لَقُضِيَ الْأَمْرُ أَيْ لَأُتِمَّ أَمْرُ هَلَاكِهِمْ بِسَبَبِ مُشَاهَدَتِهِمْ لَهُ لِمَزِيدِ هَوْلِ الْمَنْظَرِ مَعَ مَا هُمْ فِيهِ مِنْ ضَعْفِ الْقُوَى وَعَدَمِ اللِّيَاقَةِ
وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ جَمِيعَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَهُمْ هُمْ إِنَّمَا رَأَوُا الْمَلَكَ فِي صُورَةِ الْبَشَرِ وَلَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ عَلَى صُورَتِهِ غَيْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَآهُ كَذَلِكَ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً فِي الْأَرْضِ بِجِيَادٍ وَمَرَّةً فِي السَّمَاءِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُحْتَاجٌ إِلَى نَقْلٍ عَنِ الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ وَالَّذِي صَحَّ مِنْ رِوَايَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=13948التِّرْمِذِيِّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=25عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=30600النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَرَّتَيْنِ كَمَا ذُكِرَ عَلَى صُورَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ أَحَدٌ أَنَّ أَحَدًا مِنْ إِخْوَانِهِ الْأَنْبِيَاءِ غَيْرَهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لَمْ يَرَهُ كَذَلِكَ، وَلَمْ يَرِدْ هَذَا -كَمَا قَالَ
ابْنُ حَجَرٍ وَنَاهِيكَ بِهِ حَافِظًا فِي شَيْءٍ- مِنْ كُتُبِ الْآثَارِ، وَأَمَّا رُؤْيَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَذَا رُؤْيَةُ غَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ غَيْرَ
جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى الصُّورَةِ الْأَصْلِيَّةِ فَهِيَ جَائِزَةٌ بِلَا رَيْبٍ، وَظَاهِرُ الْأَخْبَارِ وُقُوعُهَا أَيْضًا لِنَبِيِّنَا عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَأَمَّا وُقُوعُ رُؤْيَةِ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فَلَمْ أَقِفْ فِيهَا عَلَى شَيْءٍ لَا نَفْيًا وَلَا إِثْبَاتًا، وَعَدَمُ وُقُوعِ رُؤْيَةِ
جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَوْ صَحَّ لَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ رُؤْيَةِ غَيْرِهِ إِذْ لَيْسَتْ صُوَرُ الْمَلَائِكَةِ كُلُّهُمْ كَصُورَتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي الْعِظَمِ، وَخَبَرُ الْخَصْمَيْنِ وَالْأَضْيَافِ
لِإِبْرَاهِيمَ وَلُوطٍ وَدَاوُدَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ لَيْسَ فِيهِ دَلَالَةً عَلَى أَكْثَرِ مِنْ رُؤْيَةِ هَؤُلَاءِ الْأَنْبِيَاءِ لِلْمَلَائِكَةِ بِصُورَةِ الْآدَمِيِّينَ وَهِيَ لَا تَسْتَلْزِمُ أَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَهُمْ إِلَّا كَذَلِكَ وَإِلَّا لَاسْتَلْزَمَتْ رُؤْيَةُ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِصُورَةِ
دِحْيَةَ بْنِ خَلِيفَةَ الْكَلْبِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ مَثَلًا عَدَمَ رُؤْيَتِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِيَّاهُمْ إِلَّا بِالصُّورَةِ الْآدَمِيَّةِ وَهُوَ خِلَافُ مَا تَفْهَمُهُ الْأَخْبَارُ، وَبِنَاءُ الْفِعْلِ الْأَوَّلِ فِي الْجَوَابِ لِلْفَاعِلِ مُسْنَدًا إِلَى نُونِ الْعَظَمَةِ مَعَ كَوْنِهِ فِي السُّؤَالِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ لِتَهْوِيلِ الْأَمْرِ وَتَرْبِيَةِ الْمَهَابَةِ، وَبِنَاءُ الثَّانِي لِلْمَفْعُولِ لِلْجَرْيِ عَلَى سُنَنِ الْكِبْرِيَاءِ. وَكَلِمَةُ (ثُمَّ) فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ
8
- أَيْ لَا يُمْهَلُونَ بَعْدَ إِنْزَالِهِ وَمُشَاهَدَتِهِمْ لَهُ طَرْفَةَ عَيْنٍ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَحْظَوْا مِنْهُ بِكَلِمَةٍ أَوْ يُزِيلُوا بِهِ بِزَعْمِهِمْ شُبْهَةً لِلتَّنْبِيهِ عَلَى بُعْدِ مَا بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ قَضَاءُ الْأَمْرِ وَعَدَمُ الْإِنْظَارِ فَإِنَّ مُفَاجَأَةَ الشِّدَّةِ أَشَدُّ مِنْ نَفْسِ الشِّدَّةِ، وَقِيلَ : إِنَّهَا لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ لَهُمْ مُهْلَةً قُدِّرَ أَنْ يَتَأَمَّلُوا
وَاعْتُرِضَ بَأَنَّ قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ : (لَقُضِيَ) وَلَا يُمْهِلُ لِلتَّأَمُّلِ بَعْدَ قَضَاءِ الْأَمْرِ
وَقِيلَ فِي سَبَبِ إِهْلَاكِهِمْ عَلَى تَقْدِيرِ إِنْزَالِ الْمَلَكِ حَسْبَمَا اقْتَرَحُوهُ : إِنَّهُمْ إِذَا عَايَنُوهُ قَدْ نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صُورَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ وَهِيَ آية لَا شَيْءَ أَبْيَنُ مِنْهَا ثُمَّ لَمْ يُؤْمِنُوا لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ إِهْلَاكِهِمْ فَإِنَّ سُنَّةَ اللَّهِ تَعَالَى قَدْ جَرَتْ بِذَلِكَ فِيمَنْ قَبْلَهُمْ مِمَّنْ كَفَرَ بَعْدَ نُزُولِ مَا اقْتَرَحَ. وَرُوِيَ هَذَا عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةَ، وَقِيلَ : إِنَّهُ يَزُولُ
[ ص: 98 ] اخْتِيَارُ الَّذِي هُوَ قَاعِدَةُ التَّكْلِيفِ عِنْدَ نُزُولِهِ لِأَنَّ هَذِهِ آيَةٌ مُلْجِئَةٌ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=85فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا فَيَجِبُ إِهْلَاكُهُمْ لِئَلَّا يَبْقَى وَجُودُهُمْ عَارِيًا عَنِ الْحِكْمَةِ إِذْ مَا خُلِقُوا إِلَّا لِلِابْتِلَاءِ بِالتَّكْلِيفِ وَهُوَ يَبْقَى مَعَ الْإِلْجَاءِ، وَفِيهِ أَنَّهُ مُخَالِفٌ لِقَوَاعِدِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَلَا يَتَسَنَّى إِلَّا عَلَى قَوَاعِدِ الْمُعْتَزِلَةِ وَهِيَ أَوْهَنُ مِنْ بَيْتِ الْعَنْكَبُوتِ وَمَعَ هَذَا هُوَ غَيْرُ صَافٍ عَنِ الْأَشْكَالِ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَتَبِّعِ، وَذَكَرَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ أَنَّ هَذَا الْوَجْهَ يُنَافِي مَا قَبْلَهُ لِدَلَالَةِ مَا قَبْلُ عَلَى بَقَاءِ الِاخْتِيَارِ وَأَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ إِذَا عَايَنُوا الْمَلَكَ قَدْ نَزَلَ وَدَلَالَةُ هَذَا عَلَى سَلْبِ الِاخْتِيَارِ وَزَوَالِهِ وَأَنَّ الْإِيمَانَ إِيمَانُ يَأْسٍ
وَقَالَ
ابْنُ الْمُنِيرِ : لَا يُحْسُنُ أَنْ يُجْعَلَ سَبَبُ مُنَاجَزَتِهِمْ بِالْهَلَكِ وُضُوحَ الْآيَةِ فِي نُزُولِ الْمَلَكِ فَإِنَّهُ رُبَّمَا يُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْآيَاتِ الَّتِي لَزِمَهُمُ الْإِيمَانُ بِهَا دُونَ نُزُولِ الْمَلَكِ فِي الْوُضُوحِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَالْوَجْهُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنْ يَكُونَ سَبَبُ تَعْجِيلِ عُقُوبَتِهِمْ بِتَقْدِيرِ نُزُولِ الْمَلَكِ وَعَدَمِ إِيمَانِهِمْ أَنَّهُمُ اقْتَرَحُوا مَا يَتَوَقَّفُ وُجُوبُ الْإِيمَانِ عَلَيْهِ إِذِ الَّذِي يَتَوَقَّفُ الْوُجُوبُ عَلَيْهِ الْمُعْجِزُ مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ مُعْجِزًا لَا الْمُعْجِزُ الْخَاصُّ فَإِذَا أُجِيبُوا عَلَى وَفْقِ مُقْتَرَحِهِمْ فَلَمْ يَنْجَعْ فِيهِمْ كَانُوا حِينَئِذٍ عَلَى غَايَةٍ مِنَ الرُّسُوخِ فِي الْعِنَادِ الْمُنَاسِبِ لِعَدَمِ النَّظْرَةِ، وَلَعَلَّ الْوَجْهَ الَّذِي عَوَّلْنَا عَلَيْهِ هُوَ الْأَوْلَى وَقَدْ أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ nindex.php?page=showalam&ids=11970وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ nindex.php?page=showalam&ids=11868وَأَبُو الشَّيْخِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، وَالِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ بِأَنَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=8لا يُنْظَرُونَ يَدُلُّ عَلَى إِهْلَاكِهِمْ لَا عَلَى هَلَاكِهِمْ بِرُؤْيَةِ الْمَلَكِ يَنْدَفِعُ بِمَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ كَمَا لَا يَخْفَى، وَلَيْسَ بِتَكَلُّفٍ يُتْرَكُ لَهُ كَلَامُ تُرْجُمَانِ الْقُرْآنِ، وَقَدْ أُشِيرَ إِلَى الثَّانِي بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=9وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلا عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ الْأَوَّلَ لِلنَّذِيرِ الْمُحَدِّثِ لِلنَّاسِ عَنْهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الْمَفْهُومُ مِنْ فَحْوَى الْكَلَامِ بِمَعُونَةِ الْمَقَامِ، وَالضَّمِيرَ الثَّانِيَ لِلْمَلَكِ لَا لِمَا رَجَعَ إِلَيْهِ الْأَوَّلُ أَيْ: وَلَوْ جَعَلَنَا النَّذِيرَ الَّذِي اقْتَرَحْتُمْ إِنْزَالَهُ مَلَكًا لَمَثَّلْنَا ذَلِكَ الْمَلَكَ رَجُلًا لِعَدَمِ اسْتِطَاعَتِهِمْ مُعَايَنَةَ الْمَلَكِ عَلَى هَيْكَلِهِ الْأَصْلِيِّ، وَفِي إِيثَارِ (رَجُلًا) عَلَى (بَشَرًا) إِيذَانٌ عَلَى مَا قِيلَ بِأَنَّ الْجَعْلَ بِطَرِيقِ التَّمْثِيلِ لَا بِطْرِيقَ قَلْبِ الْحَقِيقَةِ وَتَعْيِينٌ لِمَا يَقَعُ بِهِ التَّمْثِيلُ، وَفِيهِ إِشْعَارٌ كَمَا قَالَ
عِصَامُ الدِّينِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الرَّسُولَ لَا يَكُونُ امْرَأَةً وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ فِي نُبُوَّتِهَا
وَالْعُدُولُ عَنْ (وَلَوْ أَنْزَلْنَاهُ مَلَكًا) إِلَى مَا فِي النَّظْمِ الْجَلِيلِ يُعْلَمُ سِرُّهُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي بَيَانِ الْمُرَادِ وَقِيلَ : الْعُدُولُ لِرِعَايَةِ الْمُشَاكَلَةِ لِمَا بَعْدُ، وَوَجَّهَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَدَمَ جَعْلِ الضَّمِيرِ الْأَوَّلِ لِلْمَلَكِ الْمَذْكُورِ قَبِلَ بِأَنْ يُعْكَسَ تَرْتِيبُ الْمَفْعُولَيْنِ، وَيُقَالَ : وَلَوْ جَعَلْنَاهُ نَذِيرًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا مَعَ فَهْمِ الْمُرَادِ مِنْهُ أَيْضًا بِأَنَّهُ لِتَحْقِيقِ أَنَّ مَنَاطَ إِبْرَازِ الْجَعْلِ الْأَوَّلِ فِي مَعْرِضِ الْفَرْضِ وَالتَّقْدِيرِ، وَمَدَارُ اسْتِلْزَامِهِ الثَّانِي إِنَّمَا هُوَ مَلَكِيَّةُ النَّذِيرِ لَا نَذِيرِيَّةُ الْمَلَكِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْجَعْلَ حَقُّهُ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولُهُ الْأَوَّلُ مُبْتَدَأً وَالثَّانِي خَبَرًا لِكَوْنِهِ بِمَعْنَى التَّصْيِيرِ الْمَنْقُولِ مِنْ صَارَ الدَّاخِلُ عَلَى الْمُبْتَدَإِ وَالْخَبَرِ، وَلَا رَيْبَ فِي أَنَّ مَصَبَّ الْفَائِدَةِ وَمَدَارَ اللُّزُومِ بَيْنَ طَرَفَيِ الشَّرْطِيَّةِ هُوَ مَحْمُولُ الْمُقَدَّمِ لَا مَوْضُوعُهُ فَحَيْثُ كَانَتْ (لَوِ) امْتِنَاعِيَّةً أُرِيدَ بَيَانُ انْتِفَاءِ الْجَعْلِ الْأَوَّلِ لِاسْتِلْزَامِهِ الْمَحْذُورَ الَّذِي هُوَ الْجَعْلُ الثَّانِي وَجَبَ أَنْ يَجْعَلَ مَدَارَ الِاسْتِلْزَامِ فِي الْأَوَّلِ مَفْعُولًا ثَانِيًا لَا مَحَالَةَ، وَلِذَلِكَ جَعَلَ مُقَابِلَهُ فِي الْجَعْلِ الثَّانِي كَذَلِكَ إِبْرَازًا لِكَمَالِ التَّنَافِي بَيْنَهُمَا الْمُوجِبِ لِانْتِفَاءِ الْمَلْزُومِ وَلَا يَخْلُو عَنْ حُسْنٍ، وَجَوَّزَ غَيْرُ وَاحِدٍ كَوْنَ