nindex.php?page=treesubj&link=29007_32408_32438_32688nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=77أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين nindex.php?page=treesubj&link=29007_28760nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=78وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم nindex.php?page=treesubj&link=29007_28723_30340nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=79قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم nindex.php?page=treesubj&link=29007_32446_34250_34276nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=80الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون nindex.php?page=treesubj&link=29007_28723_30340_33679nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=81أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم nindex.php?page=treesubj&link=29007_29723_33679nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=82إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون nindex.php?page=treesubj&link=29007_29687_30347_33143nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=83فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون
قبح الله عز وجل إنكارهم البعث تقبيحا لا ترى أعجب منه وأبلغ ، ودل على تمادي
nindex.php?page=treesubj&link=30549_32409كفر الإنسان وإفراطه في جحود النعم وعقوق الأيادي ، وتوغله في الخسة وتغلغله في القحة ، حيث قرره بأن عنصره الذي خلقه منه هو أخس شيء وأمهنه ، وهو النطفة المذرة الخارجة من الإحليل الذي هو قناة النجاسة ، ثم عجب من حاله بأن يتصدى مثله على مهانة أصله ودناءة أوله لمخاصمة الجبار ، وشرر صفحته لمجادلته ، ويركب متن الباطل ويلج ، ويمحك ويقول : من يقدر على إحياء الميت بعد ما رمت عظامه ، ثم يكون خصامه في ألزم وصف له وألصقه به ، وهو كونه منشأ من موات ، وهو ينكر إنشاءه من موات ، وهي المكابرة التي لا مطمح وراءها ، وروي :
أن جماعة من كفار [ ص: 196 ] قريش منهم أبي بن خلف الجمحي وأبو جهل والعاصي بن وائل والوليد بن المغيرة تكلموا في ذلك ، فقال لهم nindex.php?page=showalam&ids=34أبي : ألا ترون إلى ما يقول محمد ، إن الله يبعث الأموات ، ثم قال : واللات والعزى لأصيرن إليه ولأخصمنه ، وأخذ عظما باليا فجعل يفته بيده وهو يقول : يا محمد ، أترى الله يحيي هذا بعد ما قد رم ؟ ! قال صلى الله عليه وسلم : "نعم ، ويبعثك ويدخلك جهنم " وقيل : معنى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=77فإذا هو خصيم مبين فإذا هو بعد ما كان ماء مهينا رجل مميز منطبق قادر على الخصام ، مبين : معرب عما في نفسه فصيح ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=18أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين [الزخرف : 18 ] . فإن قلت : لم سمى قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=78من يحيي العظام وهي رميم مثلا ؟ قلت : لما دل عليه من قصة عجيبة شبيهة بالمثل ، وهي إنكار قدرة الله تعالى على إحياء الموتى ، أو لما فيه من التشبيه ; لأن ما أنكر من قبيل ما يوصف الله بالقدرة عليه ، بدليل النشأة الأولى ، فإذا قيل : من يحيي العظام على طريق الإنكار لأن يكون ذلك مما يوصف الله تعالى بكونه قادرا عليه ، كان تعجيزا لله وتشبيها له بخلقه في أنهم غير موصوفين بالقدرة عليه . والرميم : اسم لما بلي من العظام غير صفة ، كالرمة والرفات ، فلا يقال : لم لم يؤنث وقد وقع خبر المؤنث ؟ ولا هو فعيل بمعنى فاعل أو مفعول ، ولقد استشهد بهذه الآية من يثبت الحياة في العظام ، ويقول : إن عظام الميتة نجسة ; لأن الموت يؤثر فيها من قبل أن الحياة تحلها . وأما أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي [ ص: 197 ] حنيفة فهي عندهم طاهرة ، وكذلك الشعر والعصب ، ويزعمون أن الحياة لا تحلها فلا يؤثر فيها الموت ، ويقولون : المراد بإحياء العظام في الآية ردها إلى ما كانت عليه غضة رطبة في بدن حي حساس
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=79وهو بكل خلق عليم يعلم كيف يخلق ، لا يتعاظمه شيء من خلق المنشآت والمعادات ومن أجناسها وأنواعها وجلائلها ودقائقها . ثم ذكر من بدائع خلقه انقداح النار من الشجر الأخضر ، مع مضادة النار الماء وانطفائها به ، وهي الزناد التي ترى بها الأعراض وأكثرها من المرخ والعفار ، وفى أمثالهم : "فى كل شجر نار ، واستمجد المرخ والعفار " ، يقطع الرجل منهما غصنين مثل السواكين وهما خضراوان ، يفطر منهما الماء فيسحق المرخ وهو ذكر ، على العفار وهي أنثى فتنقدح النار بإذن الله . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما : ليس من شجرة إلا وفيها النار إلا العناب . قالوا : ولذلك تتخذ منه كذينقات القصارين . قرئ : (الأخضر ) على اللفظ . وقرئ : (الخضراء ) على المعنى ، ونحو قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=52من شجر من زقوم nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=53فمالئون منها البطون nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=54فشاربون عليه من الحميم [الواقعة : 54 ] . من قدر على خلق السماوات والأرض من عظم شأنهما فهو على خلق الأناسي أقدر ، وفى معناه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=57لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس [غافر : 57 ] . وقرئ : (يقدر ) . وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=81أن يخلق مثلهم يحتمل معنيين : أن يخلق مثلهم في الصغر والقماءة بالإضافة إلى السماوات والأرض أو أن يعيدهم ; لأن المعاد مثل للمبتدأ وليس به
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=81وهو الخلاق الكثير المخلوقات "العليم " الكثير المعلومات . وقرئ : (الخالق ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=82إنما أمره : إنما شأنه
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=82إذا أراد شيئا إذا دعاه داعي حكمة إلى تكوينه ولا صارف
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=82أن يقول له كن أن يكونه من غير توقف "فيكون " فيحدث ، أي : فهو كائن موجود لا محالة . فإن قلت : ما حقيقة قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=82أن يقول له كن فيكون ؟ قلت : هو مجاز من الكلام وتمثيل ; لأنه لا يمتنع عليه شيء من المكونات ، وأنه بمنزلة المأمور المطيع إذا ورد عليه أمر الآمر المطاع . فإن قلت : فما وجه القراءتين في "فيكون " ؟ قلت : أما الرفع فلأنها جملة من مبتدأ وخبر ; لأن تقديرها : فهو يكون ، معطوفة على مثلها ، وهي أمره أن يقول له : كن . وأما النصب فللعطف على "يقول " ، والمعنى : أنه لا يجوز عليه شيء مما يجوز على الأجسام إذا فعلت شيئا مما تقدر عليه ، من المباشرة بمحال القدرة ، واستعمال الآلات ، وما يتبع ذلك من المشقة والتعب واللغوب ، إنما أمره وهو القادر العالم لذاته أن يخلص داعيه إلى الفعل ، فيتكون ، فمثله كيف يعجز عن مقدور حتى يعجز
[ ص: 198 ] عن الإعادة ؟ ! "فسبحان " تنزيه له مما وصفه به المشركون ، وتعجيب من أن يقولوا فيه ما قالوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=83بيده ملكوت كل شيء هو مالك كل شيء والمتصرف فيه بمواجب مشيئته وقضايا حكمته . وقرئ : (ملكة كل شيء ) و (ملك كل شيء ) . والمعنى واحد "ترجعون " بضم التاء وفتحها . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما : كنت لا أعلم ما روي في فضائل يس وقراءتها كيف خصت بذلك ، فإذا أنه لهذه الآية .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"إن لكل شيء قلبا ، وإن قلب القرآن يس ، من قرأ يس يريد بها وجه الله ، غفر الله تعالى له ، وأعطي من الأجر كأنما قرأ القرآن اثنتين وعشرين مرة ، وأيما مسلم قرئ عنده إذا نزل به ملك الموت سورة يس ، نزل بكل حرف منها عشرة أملاك يقومون بين يديه صفوفا يصلون عليه ويستغفرون له ، ويشهدون غسله ويتبعون جنازته ويصلون عليه ويشهدون دفنه ، وأيما مسلم قرأ يس وهو في سكرات الموت ، لم يقبض ملك الموت روحه حتى يحييه رضوان خازن الجنة بشربة من شراب الجنة يشربها وهو على فراشه ، فيقبض ملك الموت روحه وهو ريان ، ويمكث في قبره وهو ريان ، ولا يحتاج إلى حوض من حياض الأنبياء حتى يدخل الجنة وهو ريان " . وقال عليه الصلاة والسلام :
"إن في القرآن سورة يشفع لقارئها ، ويغفر لمستمعها ، ألا وهي سورة يس " .
nindex.php?page=treesubj&link=29007_32408_32438_32688nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=77أَوَلَمْ يَرَ الإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ nindex.php?page=treesubj&link=29007_28760nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=78وَضَرَبَ لَنَا مَثَلا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ nindex.php?page=treesubj&link=29007_28723_30340nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=79قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ nindex.php?page=treesubj&link=29007_32446_34250_34276nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=80الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ nindex.php?page=treesubj&link=29007_28723_30340_33679nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=81أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلاقُ الْعَلِيمُ nindex.php?page=treesubj&link=29007_29723_33679nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=82إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ nindex.php?page=treesubj&link=29007_29687_30347_33143nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=83فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
قَبَّحَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِنْكَارَهُمُ الْبَعْثَ تَقْبِيحًا لَا تَرَى أَعْجَبَ مِنْهُ وَأَبْلَغَ ، وَدَلَّ عَلَى تَمَادِي
nindex.php?page=treesubj&link=30549_32409كُفْرِ الْإِنْسَانِ وَإِفْرَاطِهِ في جُحُودِ النِّعَمِ وَعُقُوقِ الْأَيَادِي ، وَتَوَغُّلِهِ في الْخِسَّةِ وَتَغَلْغُلِهِ في الْقِحَةِ ، حَيْثُ قَرَّرَهُ بِأَنَّ عُنْصُرَهُ الَّذِي خَلَقَهُ مِنْهُ هُوَ أَخَسُّ شَيْءٍ وَأَمْهَنُهُ ، وَهُوَ النُّطْفَةُ الْمَذِرَةُ الْخَارِجَةُ مِنَ الْإِحْلِيلِ الَّذِي هُوَ قَنَاةُ النَّجَاسَةِ ، ثُمَّ عَجِبَ مِنْ حَالِهِ بِأَنْ يَتَصَدَّى مِثْلُهُ عَلَى مَهَانَةِ أَصْلِهِ وَدَنَاءَةِ أَوَّلِهِ لِمُخَاصَمَةِ الْجَبَّارِ ، وَشَرَرِ صَفْحَتِهِ لِمُجَادَلَتِهِ ، وَيَرْكَبُ مَتْنَ الْبَاطِلِ وَيَلُجُّ ، وَيَمْحُكَ وَيَقُولُ : مَنْ يَقْدِرُ عَلَى إِحْيَاءِ الْمَيِّتِ بَعْدَ مَا رَمَتْ عِظَامُهُ ، ثُمَّ يَكُونُ خِصَامُهُ في أَلْزَمِ وَصْفٍ لَهُ وَأَلْصَقِهِ بِهِ ، وَهُوَ كَوْنُهُ مُنْشَأً مِنْ مَوَاتٍ ، وَهُوَ يُنْكِرُ إِنْشَاءَهُ مِنْ مَوَاتٍ ، وَهِيَ الْمُكَابَرَةُ الَّتِي لَا مَطْمَحَ وَرَاءَهَا ، وَرُوِيَ :
أَنَّ جَمَاعَةً مِنْ كُفَّارِ [ ص: 196 ] قُرَيْشٍ مِنْهُمْ أُبَيُّ بْنُ خَلَفٍ الْجُمَحِيُّ وَأَبُو جَهْلٍ وَالْعَاصِي بْنُ وَائِلٍ وَالْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ تَكَلَّمُوا في ذَلِكَ ، فَقَالَ لَهُمْ nindex.php?page=showalam&ids=34أُبَيٌّ : أَلَا تَرَوْنَ إِلَى مَا يَقُولُ مُحَمَّدٌ ، إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ الْأَمْوَاتَ ، ثُمَّ قَالَ : وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى لَأَصِيرَنَّ إِلَيْهِ وَلَأَخْصِمَنَّهُ ، وَأَخَذَ عَظْمًا بَالِيًا فَجَعَلَ يَفُتُّهُ بِيَدِهِ وَهُوَ يَقُولُ : يَا مُحَمَّدُ ، أَتَرَى اللَّهَ يُحْيِي هَذَا بَعْدَ مَا قَدْ رَمَّ ؟ ! قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "نَعَمْ ، وَيَبْعَثُكَ وَيُدْخِلُكَ جَهَنَّمَ " وَقِيلَ : مَعْنَى قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=77فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ فَإِذَا هُوَ بَعْدَ مَا كَانَ مَاءً مَهِينًا رَجُلٌ مُمَيِّزٌ مُنْطَبِقٌ قَادِرٌ عَلَى الْخِصَامِ ، مُبِينٌ : مُعْرِبٌ عَمَّا في نَفْسِهِ فَصِيحٌ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=18أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ [الزُّخْرُفَ : 18 ] . فَإِنْ قُلْتَ : لِمَ سَمَّى قَوْلَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=78مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ مَثَلًا ؟ قُلْتُ : لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ مِنْ قِصَّةٍ عَجِيبَةٍ شَبِيهَةٍ بِالْمَثَلِ ، وَهِيَ إِنْكَارُ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى إِحْيَاءِ الْمَوْتَى ، أَوْ لِمَا فيهِ مِنَ التَّشْبِيهِ ; لِأَنَّ مَا أُنْكِرَ مِنْ قَبِيلِ مَا يُوصَفُ اللَّهُ بِالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ ، بِدَلِيلِ النَّشْأَةِ الْأُولَى ، فَإِذَا قِيلَ : مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ عَلَى طَرِيقِ الْإِنْكَارِ لِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِمَّا يُوصَفُ اللَّهُ تَعَالَى بِكَوْنِهِ قَادِرًا عَلَيْهِ ، كَانَ تَعْجِيزًا لِلَّهِ وَتَشْبِيهًا لَهُ بِخَلْقِهِ في أَنَّهُمْ غَيْرُ مَوْصُوفينَ بِالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ . وَالرَّمِيمُ : اسْمٌ لِمَا بَلِيَ مِنَ الْعِظَامِ غَيْرِ صِفَةٍ ، كَالرِّمَّةِ وَالرُّفَاتِ ، فَلَا يُقَالُ : لِمَ لَمْ يُؤَنَّثْ وَقَدْ وَقَعَ خَبَرَ الْمُؤَنَّثِ ؟ وَلَا هُوَ فَعِيلٌ بِمَعْنَى فَاعِلٍ أَوْ مَفْعُولٍ ، وَلَقَدِ اسْتَشْهَدَ بِهَذِهِ الْآيَةِ مَنْ يُثْبِتُ الْحَيَاةَ في الْعِظَامِ ، وَيَقُولُ : إِنَّ عِظَامَ الْمَيْتَةِ نَجِسَةٌ ; لِأَنَّ الْمَوْتَ يُؤَثِّرُ فيها مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْحَيَاةَ تُحِلُّهَا . وَأَمَّا أَصْحَابُ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي [ ص: 197 ] حَنِيفَةَ فَهِيَ عِنْدَهُمْ طَاهِرَةٌ ، وَكَذَلِكَ الشَّعَرُ وَالْعَصَبُ ، وَيَزْعُمُونَ أَنَّ الْحَيَاةَ لَا تُحِلُّهَا فَلَا يُؤَثِّرُ فيها الْمَوْتُ ، وَيَقُولُونَ : الْمُرَادُ بِإِحْيَاءِ الْعِظَامِ في الْآيَةِ رَدُّهَا إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ غَضَّةً رَطْبَةً في بَدَنٍ حَيٍّ حَسَّاسٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=79وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ يَعْلَمُ كَيْفَ يَخْلُقُ ، لَا يَتَعَاظَمُهُ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِ الْمُنْشَآتِ وَالْمُعَادَّاتِ وَمِنْ أَجْنَاسِهَا وَأَنْوَاعِهَا وَجَلَائِلِهَا وَدَقَائِقِهَا . ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ بَدَائِعِ خَلْقِهِ انْقِدَاحَ النَّارِ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ، مَعَ مُضَادَّةِ النَّارِ الْمَاءَ وَانْطِفَائِهَا بِهِ ، وَهِيَ الزِّنَادُ الَّتِي تَرَى بِهَا الْأَعْرَاضَ وَأَكْثَرَهَا مِنَ الْمَرْخِ وَالْعِفَارِ ، وَفى أَمْثَالِهِمْ : "فى كُلِّ شَجَرِ نَارٍ ، وَاسْتَمْجَدَ الْمَرْخُ وَالْعِفَارُ " ، يَقْطَعُ الرَّجُلُ مِنْهُمَا غُصْنَيْنِ مِثْلَ السِّوَاكَيْنِ وَهُمَا خَضْرَاوَانِ ، يَفْطُرُ مِنْهُمَا الْمَاءَ فيسْحَقُ الْمَرْخَ وَهُوَ ذَكَرٌ ، عَلَى الْعِفَارِ وَهِيَ أُنْثَى فَتَنْقَدِحُ النَّارُ بِإِذْنِ اللَّهِ . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : لَيْسَ مِنْ شَجَرَةٍ إِلَّا وَفيها النَّارُ إِلَّا الْعُنَّابَ . قَالُوا : وَلِذَلِكَ تَتَّخِذُ مِنْهُ كَذَيْنَقَاتِ الْقَصَّارِينَ . قُرِئَ : (الْأَخْضَرُ ) عَلَى اللَّفْظِ . وَقُرِئَ : (الْخَضْرَاءُ ) عَلَى الْمَعْنَى ، وَنَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=52مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=53فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=54فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ [الْوَاقِعَةَ : 54 ] . مَنْ قَدَرَ عَلَى خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنْ عِظَمِ شَأْنِهِمَا فَهُوَ عَلَى خَلْقِ الْأَنَاسِيِّ أَقْدَرُ ، وَفى مَعْنَاهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=57لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ [غَافِرَ : 57 ] . وَقُرِئَ : (يَقْدِرُ ) . وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=81أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ يَحْتَمِلُ مَعْنَيَيْنِ : أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ في الصِّغَرِ وَالْقَمَاءَةِ بِالْإِضَافَةِ إِلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَوْ أَنْ يُعِيدَهُمْ ; لِأَنَّ الْمَعَادَ مَثَلٌ لِلْمُبْتَدَأِ وَلَيْسَ بِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=81وَهُوَ الْخَلاقُ الْكَثِيرُ الْمَخْلُوقَاتِ "الْعَلِيمُ " الْكَثِيرُ الْمَعْلُومَاتِ . وَقُرِئَ : (الْخَالِقُ ) .
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=82إِنَّمَا أَمْرُهُ : إِنَّمَا شَأْنُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=82إِذَا أَرَادَ شَيْئًا إِذَا دَعَاهُ دَاعِي حِكْمَةٍ إِلَى تَكْوِينِهِ وَلَا صَارِفٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=82أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ أَنْ يَكُونَهُ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ "فيكُونُ " فيحْدُثُ ، أَيْ : فَهُوَ كَائِنٌ مَوْجُودٌ لَا مَحَالَةَ . فَإِنْ قُلْتَ : مَا حَقِيقَةُ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=82أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ؟ قُلْتُ : هُوَ مَجَازٌ مِنَ الْكَلَامِ وَتَمْثِيلٌ ; لِأَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الْمُكَوِّنَاتِ ، وَأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَأْمُورِ الْمُطِيعِ إِذَا وَرَدَ عَلَيْهِ أَمْرُ الْآمِرِ الْمُطَاعِ . فَإِنْ قُلْتَ : فَمَا وَجْهُ الْقِرَاءَتَيْنِ في "فيكُونُ " ؟ قُلْتُ : أَمَّا الرَّفْعُ فَلِأَنَّهَا جُمْلَةٌ مِنْ مُبْتَدَأٍ وَخَبَرٍ ; لِأَنَّ تَقْدِيرَهَا : فَهُوَ يَكُونُ ، مَعْطُوفَةً عَلَى مِثْلِهَا ، وَهِيَ أَمْرُهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ : كُنْ . وَأَمَّا النَّصْبُ فَلِلْعَطْفِ عَلَى "يَقُولُ " ، وَالْمَعْنَى : أَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا يَجُوزُ عَلَى الْأَجْسَامِ إِذَا فَعَلْتَ شَيْئًا مِمَّا تَقْدِرُ عَلَيْهِ ، مِنَ الْمُبَاشَرَةِ بِمُحَالِ الْقُدْرَةِ ، وَاسْتِعْمَالِ الْآلَاتِ ، وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنَ الْمَشَقَّةِ وَالتَّعَبِ وَاللُّغُوبِ ، إِنَّمَا أَمْرُهُ وَهُوَ الْقَادِرُ الْعَالِمُ لِذَاتِهِ أَنْ يَخْلُصَ دَاعِيهِ إِلَى الْفِعْلِ ، فيتَكَوَّنُ ، فَمِثْلُهُ كَيْفَ يَعْجَزُ عَنْ مَقْدُورٍ حَتَّى يَعْجَزَ
[ ص: 198 ] عَنِ الْإِعَادَةِ ؟ ! "فَسُبْحَانَ " تَنْزِيهٌ لَهُ مِمَّا وَصَفَهُ بِهِ الْمُشْرِكُونَ ، وَتَعْجِيبٌ مِنْ أَنْ يَقُولُوا فيهِ مَا قَالُوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=83بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ هُوَ مَالِكٌ كُلَّ شَيْءٍ وَالْمُتَصَرِّفُ فيهِ بِمُوَاجِبِ مَشِيئَتِهِ وَقَضَايَا حِكْمَتِهِ . وَقُرِئَ : (مَلَكَةُ كُلِّ شَيْءٍ ) وَ (مَلِكُ كُلِّ شَيْءٍ ) . وَالْمَعْنَى وَاحِدٌ "تُرْجَعُونَ " بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِهَا . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا : كُنْتُ لَا أَعْلَمُ مَا رُوِيَ في فَضَائِلِ يس وَقِرَاءَتِهَا كَيْفَ خُصَّتْ بِذَلِكَ ، فَإِذَا أَنَّهُ لِهَذِهِ الْآيَةِ .
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
"إِنَّ لِكُلِّ شَيْءٍ قَلْبًا ، وَإِنَّ قَلْبَ الْقُرْآنِ يس ، مَنْ قَرَأَ يس يُرِيدُ بِهَا وَجْهَ اللَّهِ ، غَفَرَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ ، وَأُعْطِيَ مِنَ الْأَجْرِ كَأَنَّمَا قَرَأَ الْقُرْآنَ اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ مَرَّةً ، وَأَيُّمَا مُسْلِمٍ قُرِئَ عِنْدَهُ إِذَا نَزَلَ بِهِ مَلَكُ الْمَوْتِ سُورَةُ يس ، نَزَلَ بِكُلِّ حَرْفٍ مِنْهَا عَشْرَةُ أَمْلَاكٍ يَقُومُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ صُفُوفًا يُصَلُّونَ عَلَيْهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لَهُ ، وَيَشْهَدُونَ غُسْلَهُ وَيَتْبَعُونَ جِنَازَتَهُ وَيُصَلُّونَ عَلَيْهِ وَيَشْهَدُونَ دَفْنَهُ ، وَأَيُّمَا مُسْلِمٍ قَرَأَ يس وَهُوَ في سَكَرَاتِ الْمَوْتِ ، لَمْ يَقْبِضْ مَلَكُ الْمَوْتِ رُوحَهُ حَتَّى يُحْيِيَهُ رِضْوَانُ خَازِنُ الْجَنَّةِ بِشَرْبَةٍ مِنْ شَرَابِ الْجَنَّةِ يَشْرَبُهَا وَهُوَ عَلَى فِرَاشِهِ ، فيقْبِضُ مَلَكُ الْمَوْتِ رُوحَهُ وَهُوَ رَيَّانُ ، وَيَمْكُثُ في قَبْرِهِ وَهُوَ رَيَّانُ ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى حَوْضٍ مِنْ حِيَاضِ الْأَنْبِيَاءِ حَتَّى يَدْخُلَ الْجَنَّةَ وَهُوَ رَيَّانُ " . وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ :
"إِنَّ في الْقُرْآنِ سُورَةً يُشْفَعُ لِقَارِئِهَا ، وَيُغْفَرُ لِمُسْتَمِعِهَا ، أَلَا وَهِيَ سُورَةُ يس " .