nindex.php?page=treesubj&link=31907_32416_33952_34513_28991nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=70فألقي السحرة أي فألقاهم ما رأوا من أمر الله بغاية السرعة وبأيسر أمر
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=70سجدا على وجوههم; قال
الأصبهاني: سبحان الله! ما أعظم شأنهم! ألقوا حبالهم وعصيهم للكفر والجحود، ثم ألقوا رؤوسهم بعد ساعة للشكر والسجود، فما أعظم الفرق بين الإلقائين. فكأن قائلا قال: هذا فعلهم فما قالوا؟ فقيل:
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=70قالوا آمنا أي صدقنا.
ولما كان سياق هذه السورة مقتضيا لتقديم
هارون عليه السلام قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=70برب هارون وموسى بشارة للنبي صلى الله عليه وسلم بأنه سبحانه لا يشقيه بهذا القرآن بل يهدي الناس [به -] ويذلهم له، فيجعل
العرب على شماختها أذل شيء لوزرائه وأنصاره وخلفائه وإن كانوا أضعف الناس، وقبائلهم أقل القبائل، مع ما في ذلك من الدليل على صدق إيمانهم وخلوص ادعائهم بتقديم الوزير المترجم ترقيا في درج المعرفة ممن أوصل ذلك إليهم إلى من أمره بذلك ثم إلى من أرسله شكرا للمنعمين بالتدريج
nindex.php?page=hadith&LINKID=688521 "لا يشكر الله من لم يشكر الناس" وهذا لما أوجب تقديمه هنا لا لهذا فقط، وذكروا اسم الرب إشارة إلى أنه سبحانه أحسن إليهما بإعلاء شأنهما على السحرة، وعلى من كانوا يقرون بالربوبية، وهو
فرعون الذي لم يغن عنهم شيئا، فكانوا أول النهار سحرة، وآخره شهداء بررة، وهذه الآية في أمثالها من آي هذه السورة
[ ص: 310 ] وغيرها مما قدم فيه ما يتبادر أن حقه التأخير وبالعكس لأنحاء من المعاني دقيقة، هي التي حملت بعض من لم يرسخ إلى أن يقول: إن القرآن يراعي الفواصل كما يتكلف بلغاء
العرب السجع، وتبعه جمع من المتأخرين تقليدا، وقد عاب النبي صلى الله عليه وسلم ذلك حين قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=671002 "سجع كسجع الجاهلية أو قال: الكهان" وقد علم مما ذكرته أن المعنى الذي بنيت عليه السورة ما كان ينتظم إلا بتقديم
هارون، ويؤيد ذلك أنه قال هنا
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47إنا رسولا وفي الشعراء "رسول"، وقد قال الإمام
فخر الدين الرازي كما حكاه عنه الشيخ
أبو حيان في [سورة فاطر] من النهر: لا يقال في شيء من القرآن: أنه قدم أو أخر لأجل السجع، لأن معجزة القرآن ليست في مجرد اللفظ، بل فيه و في المعنى، [و -] قال
nindex.php?page=showalam&ids=12604القاضي أبو بكر الباقلاني في كتاب إعجاز القرآن: ذهب أصحابنا كلهم إلى نفي السجع من القرآن وذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13711أبو الحسن الأشعري في غير موضع من كتبه، ثم رد على المخالف بأن قال: والذي يقدرونه أنه سجع فهو وهم، لأنه قد يكون الكلام على مثال السجع وإن لم يكن سجعا لأن
[ ص: 311 ] السجع يتبع المعنى فيه اللفظ الذي يؤدي السجع. وليس كذلك ما اتفق مما هو في تقدير السجع من القرآن، لأن اللفظ يقع فيه تابعا للمعنى، وفصل بين أن ينتظم الكلام في نفسه بألفاظه التي تؤدي المعنى المقصود فيه وبين أن يكون المعنى منتظما دون اللفظ. ومتى ارتبط المعنى بالسجع كان إفادة السجع كإفادة غيره. ومتى انتظم المعنى بنفسه دون السجع كان مستجلبا لتحسين الكلام دون تصحيح المعنى، ثم استدل على ذلك بأشياء نفيسة أطال فيها وأجاد - رحمه الله، وقد تقدم في آخر [سورة التوبة] ما ينفع جدا في هذا المرام.
nindex.php?page=treesubj&link=31907_32416_33952_34513_28991nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=70فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ أَيْ فَأَلْقَاهُمْ مَا رَأَوْا مِنْ أَمْرِ اللَّهِ بِغَايَةِ السُّرْعَةِ وَبِأَيْسَرِ أَمْرٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=70سُجَّدًا عَلَى وُجُوهِهِمْ; قَالَ
الْأَصْبَهَانِيُّ: سُبْحَانَ اللَّهِ! مَا أَعْظَمَ شَأْنَهُمْ! أَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ لِلْكُفْرِ وَالْجُحُودِ، ثُمَّ أَلْقَوْا رُؤُوسَهُمْ بَعْدَ سَاعَةٍ لِلشُّكْرِ وَالسُّجُودِ، فَمَا أَعْظَمَ الْفَرْقَ بَيْنَ الْإِلْقَائَيْنِ. فَكَأَنَّ قَائِلًا قَالَ: هَذَا فِعْلُهُمْ فَمَا قَالُوا؟ فَقِيلَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=70قَالُوا آمَنَّا أَيْ صَدَّقْنَا.
وَلَمَّا كَانَ سِيَاقُ هَذِهِ السُّورَةِ مُقْتَضِيًا لِتَقْدِيمِ
هَارُونَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=70بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى بِشَارَةً لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يُشْقِيهِ بِهَذَا الْقُرْآنِ بَلْ يَهْدِي النَّاسَ [بِهِ -] وَيُذِلُّهُمْ لَهُ، فَيَجْعَلُ
الْعَرَبَ عَلَى شَمَاخَتِهَا أَذَلَّ شَيْءٍ لِوُزَرَائِهِ وَأَنْصَارِهِ وَخُلَفَائِهِ وَإِنْ كَانُوا أَضْعَفَ النَّاسِ، وَقَبَائِلُهُمْ أَقَلَّ الْقَبَائِلِ، مَعَ مَا فِي ذَلِكَ مِنَ الدَّلِيلِ عَلَى صِدْقِ إِيمَانِهِمْ وَخُلُوصِ ادِّعَائِهِمْ بِتَقْدِيمِ الْوَزِيرِ الْمُتَرْجِمِ تَرَقِّيًا فِي دَرَجِ الْمَعْرِفَةِ مِمَّنْ أَوْصَلَ ذَلِكَ إِلَيْهِمْ إِلَى مَنْ أَمَرَهُ بِذَلِكَ ثُمَّ إِلَى مَنْ أَرْسَلَهُ شُكْرًا لِلْمُنْعِمِينَ بِالتَّدْرِيجِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=688521 "لَا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لَمْ يَشْكُرِ النَّاسَ" وَهَذَا لِمَا أَوْجَبَ تَقْدِيمَهُ هُنَا لَا لِهَذَا فَقَطْ، وَذَكَرُوا اسْمَ الرَّبِّ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ أَحْسَنَ إِلَيْهِمَا بِإِعْلَاءِ شَأْنِهِمَا عَلَى السَّحَرَةِ، وَعَلَى مَنْ كَانُوا يُقِرُّونَ بِالرُّبُوبِيَّةِ، وَهُوَ
فِرْعَوْنُ الَّذِي لَمْ يُغْنِ عَنْهُمْ شَيْئًا، فَكَانُوا أَوَّلَ النَّهَارِ سَحَرَةً، وَآخِرَهُ شُهَدَاءَ بَرَرَةً، وَهَذِهِ الْآيَةُ فِي أَمْثَالِهَا مِنْ آيِ هَذِهِ السُّورَةِ
[ ص: 310 ] وَغَيْرِهَا مِمَّا قَدَّمَ فِيهِ مَا يَتَبَادَرُ أَنَّ حَقَّهُ التَّأْخِيرُ وَبِالْعَكْسِ لِأَنْحَاءٍ مِنَ الْمَعَانِي دَقِيقَةٍ، هِيَ الَّتِي حَمَلَتْ بَعْضَ مَنْ لَمْ يَرْسَخْ إِلَى أَنْ يَقُولَ: إِنَّ الْقُرْآنَ يُرَاعِي الْفَوَاصِلَ كَمَا يَتَكَلَّفُ بُلَغَاءُ
الْعَرَبِ السَّجْعَ، وَتَبِعَهُ جَمْعٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ تَقْلِيدًا، وَقَدْ عَابَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ حِينَ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=671002 "سَجْعٌ كَسَجْعِ الْجَاهِلِيَّةِ أَوْ قَالَ: الْكُهَّانِ" وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا ذَكَرْتُهُ أَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي بُنِيَتْ عَلَيْهِ السُّورَةُ مَا كَانَ يَنْتَظِمُ إِلَّا بِتَقْدِيمِ
هَارُونَ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ هُنَا
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=47إِنَّا رَسُولا وَفِي الشُّعَرَاءِ "رَسُولُ"، وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ
فَخْرُ الدِّينِ الرَّازِيُّ كَمَا حَكَاهُ عَنْهُ الشَّيْخُ
أَبُو حَيَّانَ فِي [سُورَةِ فَاطِرٍ] مِنَ النَّهْرِ: لَا يُقَالُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْقُرْآنِ: أَنَّهُ قُدِّمَ أَوْ أُخِّرَ لِأَجْلِ السَّجْعِ، لِأَنَّ مُعْجِزَةَ الْقُرْآنِ لَيْسَتْ فِي مُجَرَّدِ اللَّفْظِ، بَلْ فِيهِ وَ فِي الْمَعْنَى، [وَ -] قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12604الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ فِي كِتَابِ إِعْجَازِ الْقُرْآنِ: ذَهَبَ أَصْحَابُنَا كُلُّهُمْ إِلَى نَفْيِ السَّجْعِ مِنَ الْقُرْآنِ وَذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13711أَبُو الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيُّ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كُتُبِهِ، ثُمَّ رَدَّ عَلَى الْمُخَالِفِ بِأَنْ قَالَ: وَالَّذِي يُقَدِّرُونَهُ أَنَّهُ سَجْعٌ فَهُوَ وَهْمٌ، لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْكَلَامُ عَلَى مِثَالِ السَّجْعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَجْعًا لِأَنَّ
[ ص: 311 ] السَّجْعَ يَتْبَعُ الْمَعْنَى فِيهِ اللَّفْظَ الَّذِي يُؤَدِّي السَّجْعَ. وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَا اتَّفَقَ مِمَّا هُوَ فِي تَقْدِيرِ السَّجْعِ مِنَ الْقُرْآنِ، لِأَنَّ اللَّفْظَ يَقَعُ فِيهِ تَابِعًا لِلْمَعْنَى، وَفَصْلٌ بَيْنَ أَنْ يَنْتَظِمَ الْكَلَامُ فِي نَفْسِهِ بِأَلْفَاظِهِ الَّتِي تُؤَدِّي الْمَعْنَى الْمَقْصُودَ فِيهِ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى مُنْتَظِمًا دُونَ اللَّفْظِ. وَمَتَى ارْتَبَطَ الْمَعْنَى بِالسَّجْعِ كَانَ إِفَادَةُ السَّجْعِ كَإِفَادَةِ غَيْرِهِ. وَمَتَى انْتَظَمَ الْمَعْنَى بِنَفْسِهِ دُونَ السَّجْعِ كَانَ مُسْتَجْلَبًا لِتَحْسِينِ الْكَلَامِ دُونَ تَصْحِيحِ الْمَعْنَى، ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ بِأَشْيَاءَ نَفِيسَةٍ أَطَالَ فِيهَا وَأَجَادَ - رَحِمَهُ اللَّهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي آخِرِ [سُورَةِ التَّوْبَةِ] مَا يَنْفَعُ جِدًّا فِي هَذَا الْمَرَامِ.