قال ( وإذا
nindex.php?page=treesubj&link=5619_25482سلمه إليه فقبضه دخل في ضمانه )
[ ص: 141 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله : هو أمانة في يده ، ولا يسقط شيء من الدين بهلاكه لقوله عليه الصلاة والسلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=82523لا يغلق الرهن ، قالها ثلاثة ، لصاحبه غنمه وعليه غرمه }
قال : ومعناه لا يصير مضمونا بالدين ، ولأن الرهن وثيقة بالدين فبهلاكه لا يسقط الدين اعتبارا بهلاك الصك ، وهذا ; لأن بعد الوثيقة يزداد معنى الصيانة ، والسقوط بالهلاك يضاد ما اقتضاه العقد إذا لحق به يصير بعرض الهلاك وهو ضد الصيانة
ولنا قوله عليه الصلاة والسلام للمرتهن بعد ما نفق فرس الرهن عنده {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18981ذهب حقك } وقوله عليه الصلاة والسلام {
إذا غمى الرهن فهو بما فيه } معناه : على ما قالوا إذا اشتبهت قيمة الرهن بعد ما هلك
وإجماع الصحابة والتابعين رضي الله عنهم على أن الراهن مضمون مع اختلافهم في كيفيته ، والقول بالأمانة خرق له ، والمراد بقوله عليه الصلاة والسلام {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31799لا يغلق الرهن } على ما قالوا الاحتباس الكلي والتمكن بأن يصير مملوكا له
كذا ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي عن السلف
[ ص: 142 ] ولأن الثابت للمرتهن يد الاستيفاء وهو ملك اليد والحبس ; لأن الرهن ينبئ عن الحبس الدائم ، قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=38كل نفس بما كسبت رهينة } وقال قائلهم :
وفارقتك برهن لا فكاك له يوم الوداع فأمسى الرهن قد غلقا
والأحكام الشرعية تنعطف على الألفاظ على وفق الأنباء ، ولأن الرهن وثيقة لجانب الاستيفاء وهو أن تكون موصلة إليه وذلك ثابت له بملك اليد والحبس ليقع الأمن من الجحود مخافة جحود المرتهن الرهن ، وليكون
[ ص: 143 ] عاجزا عن الانتفاع به فيتسارع إلى قضاء الدين لحاجته أو لضجره ، وإذا كان كذلك يثبت الاستيفاء من وجه وقد تقرر بالهلاك ، فلو استوفاه ثانيا يؤدي إلى الربا ، بخلاف حالة القيام ; لأنه ينقض هذا الاستيفاء بالرد على الراهن فلا يتكرر ، ولا وجه إلى استيفاء الباقي بدونه ; لأنه لا يتصور ، والاستيفاء يقع بالمالية
أما العين فأمانة حتى كانت نفقة المرهون على الراهن في حياته وكفنه بعد مماته ، وكذا قبض الرهن لا ينوب عن قبض الشراء إذا اشتراه المرتهن ; لأن العين أمانة فلا تنوب عن قبض ضمان ، وموجب العقد ثبوت يد الاستيفاء وهذا يحقق
[ ص: 144 ] الصيانة ، وإن كان فراغ الذمة من ضروراته كما في الحوالة
فالحاصل أن عندنا حكم الرهن صيرورة الرهن محتبسا بدينه بإثبات يد الاستيفاء عليه وعنده تعلق الدين بالعين استيفاء منه عينا بالبيع ، فيخرج على هذين الأصلين عدة من المسائل المختلف فيها بيننا وبينه عددناها في كفاية المنتهى جملة : منها أن الراهن ممنوع عن الاسترداد للانتفاع ; لأنه يفوت موجبه وهو الاحتباس على الدوام ، وعنده لا يمنع منه ; لأنه لا ينافي موجبه وهو تعينه للبيع وسيأتيك البواقي في أثناء المسائل إن شاء الله تعالى .
nindex.php?page=treesubj&link=5619_25482
قَالَ ( وَإِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=5619_25482سَلَّمَهُ إلَيْهِ فَقَبَضَهُ دَخَلَ فِي ضَمَانِهِ )
[ ص: 141 ] وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : هُوَ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ ، وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ بِهَلَاكِهِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=82523لَا يُغْلَقُ الرَّهْنُ ، قَالَهَا ثَلَاثَةً ، لِصَاحِبِهِ غُنْمُهُ وَعَلَيْهِ غُرْمُهُ }
قَالَ : وَمَعْنَاهُ لَا يَصِيرُ مَضْمُونًا بِالدَّيْنِ ، وَلِأَنَّ الرَّهْنَ وَثِيقَةٌ بِالدَّيْنِ فَبِهَلَاكِهِ لَا يَسْقُطُ الدَّيْنُ اعْتِبَارًا بِهَلَاكِ الصَّكِّ ، وَهَذَا ; لِأَنَّ بَعْدَ الْوَثِيقَةِ يَزْدَادُ مَعْنَى الصِّيَانَةِ ، وَالسُّقُوطُ بِالْهَلَاكِ يُضَادُّ مَا اقْتَضَاهُ الْعَقْدُ إذَا لَحِقَ بِهِ يَصِيرُ بِعَرْضِ الْهَلَاكِ وَهُوَ ضِدُّ الصِّيَانَةِ
وَلَنَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ لِلْمُرْتَهِنِ بَعْدَ مَا نَفَقَ فَرَسُ الرَّهْنِ عِنْدَهُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18981ذَهَبَ حَقُّك } وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {
إذَا غَمَّى الرَّهْنَ فَهُوَ بِمَا فِيهِ } مَعْنَاهُ : عَلَى مَا قَالُوا إذَا اشْتَبَهَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ بَعْدَ مَا هَلَكَ
وَإِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ عَلَى أَنَّ الرَّاهِنَ مَضْمُونٌ مَعَ اخْتِلَافِهِمْ فِي كَيْفِيَّتِهِ ، وَالْقَوْلُ بِالْأَمَانَةِ خَرْقٌ لَهُ ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=31799لَا يُغْلَقُ الرَّهْنُ } عَلَى مَا قَالُوا الِاحْتِبَاسُ الْكُلِّيُّ وَالتَّمَكُّنُ بِأَنْ يَصِيرَ مَمْلُوكًا لَهُ
كَذَا ذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=15071الْكَرْخِيُّ عَنْ السَّلَفِ
[ ص: 142 ] وَلِأَنَّ الثَّابِتَ لِلْمُرْتَهِنِ يَدُ الِاسْتِيفَاءِ وَهُوَ مِلْكُ الْيَدِ وَالْحَبْسِ ; لِأَنَّ الرَّهْنَ يُنْبِئُ عَنْ الْحَبْسِ الدَّائِمِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=38كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ } وَقَالَ قَائِلُهُمْ :
وَفَارَقْتُك بِرَهْنٍ لَا فِكَاكَ لَهُ يَوْمَ الْوَدَاعِ فَأَمْسَى الرَّهْنُ قَدْ غَلِقَا
وَالْأَحْكَامُ الشَّرْعِيَّةُ تَنْعَطِفُ عَلَى الْأَلْفَاظِ عَلَى وَفْقِ الْأَنْبَاءِ ، وَلِأَنَّ الرَّهْنَ وَثِيقَةٌ لِجَانِبِ الِاسْتِيفَاءِ وَهُوَ أَنْ تَكُونَ مُوصِلَةً إلَيْهِ وَذَلِكَ ثَابِتٌ لَهُ بِمِلْكِ الْيَدِ وَالْحَبْسِ لِيَقَعَ الْأَمْنُ مِنْ الْجُحُودِ مَخَافَةَ جُحُودِ الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ ، وَلِيَكُونَ
[ ص: 143 ] عَاجِزًا عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ فَيَتَسَارَعُ إلَى قَضَاءِ الدَّيْنِ لِحَاجَتِهِ أَوْ لِضَجَرِهِ ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ يَثْبُتُ الِاسْتِيفَاءُ مِنْ وَجْهٍ وَقَدْ تَقَرَّرَ بِالْهَلَاكِ ، فَلَوْ اسْتَوْفَاهُ ثَانِيًا يُؤَدِّي إلَى الرِّبَا ، بِخِلَافِ حَالَةِ الْقِيَامِ ; لِأَنَّهُ يَنْقُضُ هَذَا الِاسْتِيفَاءَ بِالرَّدِّ عَلَى الرَّاهِنِ فَلَا يَتَكَرَّرُ ، وَلَا وَجْهَ إلَى اسْتِيفَاءِ الْبَاقِي بِدُونِهِ ; لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ ، وَالِاسْتِيفَاءُ يَقَعُ بِالْمَالِيَّةِ
أَمَّا الْعَيْنُ فَأَمَانَةٌ حَتَّى كَانَتْ نَفَقَةُ الْمَرْهُونِ عَلَى الرَّاهِنِ فِي حَيَاتِهِ وَكَفَنِهِ بَعْدَ مَمَاتِهِ ، وَكَذَا قَبْضُ الرَّهْنِ لَا يَنُوبُ عَنْ قَبْضِ الشِّرَاءِ إذَا اشْتَرَاهُ الْمُرْتَهِنُ ; لِأَنَّ الْعَيْنَ أَمَانَةٌ فَلَا تَنُوبُ عَنْ قَبْضِ ضَمَانٍ ، وَمُوجِبُ الْعَقْدِ ثُبُوتُ يَدِ الِاسْتِيفَاءِ وَهَذَا يُحَقِّقُ
[ ص: 144 ] الصِّيَانَةَ ، وَإِنْ كَانَ فَرَاغُ الذِّمَّةِ مِنْ ضَرُورَاتِهِ كَمَا فِي الْحَوَالَةِ
فَالْحَاصِلُ أَنَّ عِنْدَنَا حُكْمَ الرَّهْنِ صَيْرُورَةُ الرَّهْنِ مُحْتَبِسًا بِدَيْنِهِ بِإِثْبَاتِ يَدِ الِاسْتِيفَاءِ عَلَيْهِ وَعِنْدَهُ تَعَلُّقُ الدَّيْنِ بِالْعَيْنِ اسْتِيفَاءً مِنْهُ عَيْنًا بِالْبَيْعِ ، فَيُخَرَّجُ عَلَى هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ عِدَّةٌ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ عَدَدْنَاهَا فِي كِفَايَةِ الْمُنْتَهَى جُمْلَةً : مِنْهَا أَنَّ الرَّاهِنَ مَمْنُوعٌ عَنْ الِاسْتِرْدَادِ لِلِانْتِفَاعِ ; لِأَنَّهُ يَفُوتُ مُوجَبُهُ وَهُوَ الِاحْتِبَاسُ عَلَى الدَّوَامِ ، وَعِنْدَهُ لَا يَمْنَعُ مِنْهُ ; لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي مُوجِبَهُ وَهُوَ تَعَيُّنُهُ لِلْبَيْعِ وَسَيَأْتِيك الْبَوَاقِي فِي أَثْنَاءِ الْمَسَائِلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
nindex.php?page=treesubj&link=5619_25482