الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
nindex.php?page=treesubj&link=25730وحبس النساء عند أمينة ، أو ذات أمين ، والسيد لمكاتبه ، [ ص: 57 ] والجد ، والولد لأبيه ، لا عكسه كاليمين إلا المنقلبة [ ص: 58 ] والمتعلق بها حق لغيره ، ولم يفرق بين كالأخوين ، والزوجين إن خلا ، [ ص: 59 ] ولا يمنع مسلما ، أو خادما ; بخلاف زوجة ،
ولما كان جميع ما تقدم من أحكام هذا الباب لا يختص بالرجال ويجري في النساء ذكر ما يختص بهن فقال ( وحبس ) بضم فكسر ( النساء ) المفلسات ( عند ) امرأة ( أمينة أو ذات ) رجل ( أمين ) زوج أو أب أو ابن . وظاهر كلامه أي ذات أمين عطف على أمينة فيفيد جواز nindex.php?page=treesubj&link=25730الحبس عند ذات الأمين وإن لم تكن هي أمينة لاقتضاء العطف المغايرة مع أنه لا بد من أمانتها أيضا . وأجيب بأن المعطوف عليه محذوف وهو أيم أو منفردة عن رجال فيستفاد منه كونها أمينة سواء كانت وحدها أم لا .
( و ) nindex.php?page=treesubj&link=24316حبس ( السيد ) في دين عليه ( لمكاتبه ) إن لم يحل من نجوم كتابته ما يفي بدينه ولم يكن في قيمتها ما يفي به ، ولا يقاصصه السيد جبرا عليه بها إذا كان دينه حالا أو اختلفت قيمتها وقيمة الدين اختلافا لا تجوز المقاصة معه nindex.php?page=treesubj&link=24316ويحبس السيد لعبده إذا شهد له شاهد بعتقه ولم يحلف السيد لرد شهادته وحبس السيد لمكاتبه لإحرازه نفسه وماله ولأن الحقوق لا يراعى فيها الحرية ولا علو المنزلة بدليل حبس المسلم في دين الكافر . وهذا يقتضي حبس السيد لعبده المأذون المدين إذا احتيج في وفاء دينه لماله على سيده وحبس [ ص: 57 ] المكاتب لسيده في دين غير الكتابة لا فيها إلا على القول بأنه لا يعجزه إلا السلطان ، فله حبسه فيها إن رأى أنه كتم ما لا رغبة في العجز . أبو الحسن ويحبس القن المأذون له في التجارة أفاده عب . البناني والسيد لمكاتبه كذا في المدونة ، فقال ابن عرفة ابن محرز عن nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون هذا إذا كان أكثر مما على المكاتب من الكتابة وإن كان مثلها فأقل فلا يحبس لأن للسيد بيع الكتابة بنقد . ابن عبد الرحمن هل يحبس على كل حال إن لم يبعها لأن الحاكم يضيق عليه ليبيعها ولا يبيعها عليه الحاكم لأنه لا يبيع إلا على المفلس . ابن عرفة الحق أن nindex.php?page=treesubj&link=14860البيع على المفلس جبري nindex.php?page=treesubj&link=24497وعلى المدين اختياري .
nindex.php?page=treesubj&link=24303 ( و ) يحبس ( الجد ) لولد ولده لأن حقه دون حق الأب في الجملة nindex.php?page=treesubj&link=24312 ( و ) يحبس ( الولد لأبيه ) وأولى لأمه لأن حقها آكد ( لا ) يثبت ولا يجوز ( العكس ) أي حبس الولد نسبا لولده ولو ألد ويعزره الحاكم بغير الحبس من حيث اللدد لا من حيث حق الولد ، ويستثنى من عدم حبسه مسألتان إحداهما إذا nindex.php?page=treesubj&link=24311أخذ الأب مال ولده وادعى ذهابه ، وعلى الولد دين توقف وفاؤه على ما أخذه الأب من ماله فيحبس الأب لتعلق حق الأجنبي بما أخذه قوله في المقدمات . ثانيتهما nindex.php?page=treesubj&link=25656_23543يحبس الأب لامتناعه من إنفاقه على ابنه الصغير ونحوه . ابن يونس ويحبس الأب إذا امتنع من النفقة على ولده الصغير لأنه يضرهم ويقتلهم . ابن عبد الحكم nindex.php?page=treesubj&link=24311يحبس الأب في دين على الابن إن كان له بيده مال ا هـ .
وشبه في الثبوت والنفي فقال ( كاليمين ) فيحلف الولد لوالده لا العكس لأنه عقوق ولا يقتضي به للولد إن شح ولا يمكن منه على المذهب ، وقوله الآتي وله حد أبيه وفسق ضعيف ( إلا ) اليمين ( المنقلبة ) من الولد على أبيه بأن ادعى الوالد على ولده بحق ، وتوجهت اليمين على الولد لرد دعواه فنكل فردت على الوالد فيحلفها الوالد اتفاقا .
وكشهادة شاهد للولد بحق على أبيه ولم يحلف معه الولد فردت على الوالد فيحلفها لرد شهادة الشاهد قاله عب . البناني هذا غير صواب وقد صرح ابن رشد بأن مذهب المدونة [ ص: 58 ] أنه لا يحلف الأب في شيء مما يدعيه الولد عليه ، ونصه وقال nindex.php?page=showalam&ids=17098مطرف وابن الماجشون وابن عبد الحكم nindex.php?page=showalam&ids=15968وسحنون لا يقضي بتحليفه أباه ولا يمكن منه إن ادعى إليه ولا أن يحده في حد يقع له عليه لأنه من العقوق وهو مذهب nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك رضي الله تعالى عنه . في المدونة في اليمين في كتاب المديان وفي الحد في كتاب القذف وهو أظهر الأقوال لقول الله تعالى { nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=23ولا تنهرهما وقل لهما } ، ولما جاء أنه ما بر والديه من شد النظر إليهما أو إلى أحدهما ، وقد روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال { nindex.php?page=hadith&LINKID=46473لا يمين للولد على والده } ، ويشهد لصحته قوله عليه الصلاة والسلام { nindex.php?page=hadith&LINKID=7028أنت ومالك لأبيك } . وقد روي عن ابن القاسم في كتاب الشهادات أنه يقضي له بتحليفه في حق يدعيه عليه وبحده في قذفه ، ويكون عاقا به ولا يعذر فيه بجهل وهو بعيد لأن العقوق من الكبائر فلا ينبغي أن يمكن منه أحد ، وهذا فيما ادعاه الولد على والده ، وأما إن nindex.php?page=treesubj&link=15261_15218_15227_15246ادعى الوالد على ولده فنكل عن اليمين وردها عليه أو كان له شاهد بحقه على ولده فلا اختلاف أنه لا يقضي له عليه في الوجهين إلا بعد يمينه ، وكذا إن تعلق بيمينه حق لغير ابنه فتلزمه اليمين باتفاق كدعوى الأب تلف صداق ابنته وطلبه الزوج بجهازها ، وكدعوى زوج البنت على أبيها نحلته لها انعقد عليه نكاحها وأنكر الأب ، ا هـ .
( و ) إلا اليمين ( المتعلق بها حق لغيره ) أي الولد كدعوى الأب تلف صداق ابنته وطلبه زوجها بجهازها ، أو أنه أعارها شيئا من الجهاز في السنة الأولى فيحلف الوالد ( ولم يفرق ) بضم ففتح مثقلا في السجن ( بين كالأخوين ) من الأقارب nindex.php?page=treesubj&link=25730 ( والزوجين ) المحبوسين في حق عليهما ( إن خلا ) السجن فلا يجاب الطالب للتفريق ، فإن لم يخل حبس الرجل مع الرجال والمرأة مع النساء . البناني هذا قول ابن المواز وقوله الآتي بخلاف زوجة قول nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون وجعلهما ابن رشد خلافا واستظهر ما nindex.php?page=showalam&ids=15968لسحنون ، ونقل ابن عرفة كلامه وقبله ، وجمع المصنف بينهما لأنهما عنده بخلاف لعدم تواردهما على محل واحد [ ص: 59 ] ونحوه للباجي في المنتقى ، ووجه ما لابن المواز بأنه لم يقصد بكونها معه إدخال الراحة عليه والرفق به ، وإنما قصد به استيفاء الحق منهما والتفريق ليس بمشروع . ( ولا يمنع ) بضم المثناة نائبه ضمير المحبوس ( مسلما ) بفتح السين وشد اللام لا يخشى تعليمه حيلة يتخلص بها من حبسه وإلا منع ( و ) لا يمنع ( خادما ) يخدمه في مرض شديد لا خفيف ولا في صحة نقله في توضيحه عن ابن المواز وتبعه شراحه ، وظاهره عدم مراعاة العرف وكونه أهلا لأن يخدم .
( بخلاف زوجة ) غير محبوسة فتمنع من سلامها عليه حيث دخلت لبياتها عنده وهو محبوس في حق غيرها وإلا فلا تمنع . " غ " هذا قول nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون وليس مخالفا عند المصنف لقول محمد فوقه إذ لم يتواردا على محل واحد ، لكن ابن رشد جعله خلافه ، وقول nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون أظهر وقبله ابن عرفة .
الإمام العلامة ، فقيه المغرب ، أبو سعيد ، عبد السلام بن حبيب بن [ ص: 64 ] حسان بن هلال بن بكار بن ربيعة بن عبد الله التنوخي ، الحمصي الأصل ، المغربي القيرواني المالكي ، قاضي القيروان وصاحب " المدونة " ، ويلقب بسحنون ارتحل وحج .
وسمع من : سفيان بن عيينة ، والوليد بن مسلم ، وعبد الله بن وهب ، وعبد الرحمن بن القاسم ، ووكيع بن الجراح ، وأشهب ، وطائفة .
ولم يتوسع في الحديث كما توسع في الفروع .
لازم ابن وهب ، وابن القاسم ، وأشهب ، حتى صار من نظرائهم . وساد أهل المغرب في تحرير المذهب ، وانتهت إليه رئاسة العلم . وعلى قوله المعول بتلك الناحية ، وتفقه به عدد كثير . وكان قد تفقه أولا بإفريقية على ابن غانم وغيره . وكان ارتحاله في سنة ثمان وثمانين ومائة ، وكان موصوفا بالعقل والديانة التامة والورع ، مشهورا بالجود والبذل ، وافر الحرمة ، عديم النظير .
أخذ عنه : ولده محمد فقيه القيروان ، وأصبغ بن خليل القرطبي ، وبقي بن مخلد ، وسعيد بن نمر الغافقي الإلبيري الفقيه ، وعبد الله بن غافق التونسي ، ومحمد بن عبد الله بن عبدوس المغربي ، ووهب بن نافع فقيه قرطبة ، ويحيى بن القاسم بن هلال الزاهد ، ومطرف بن عبد الرحمن المرواني مولاهم ، ويحيى بن عمر الكناني الأندلسي ، وعيسى بن مسكين ، وحمديس ، وابن مغيث ، وابن الحداد ، وعدد كثير من الفقهاء . [ ص: 65 ] فعن أشهب قال : ما قدم علينا أحد مثل سحنون . وعن يونس بن عبد الأعلى قال : سحنون سيد أهل المغرب .
وروي عن ابن عجلان الأندلسي قال : ما بورك لأحد بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- في أصحابه ما بورك لسحنون في أصحابه . فإنهم كانوا في كل بلد أئمة .
وروي عن سحنون قال : من لم يعمل بعلمه ، لم ينفعه علمه ، بل يضره .
وقال سحنون : إذا أتى الرجل مجلس القاضي ثلاثة أيام متوالية بلا حاجة ، فينبغي أن لا تقبل شهادته .
وسئل سحنون : أيسع العالم أن يقول : لا أدري فيما يدري ؟ قال : أما ما فيه كتاب أو سنة ثابتة فلا ، وأما ما كان من هذا الرأي ، فإنه يسعه ذلك ، لأنه لا يدري أمصيب هو أم مخطئ .
قال الحافظ أحمد بن خالد : كان محمد بن وضاح لا يفضل أحدا ممن لقي على سحنون في الفقه وبدقيق المسائل . وعن سحنون قال : أكل بالمسكنة ، ولا أكل بالعلم . محب الدنيا أعمى ، لم ينوره العلم . ما أقبح بالعالم أن يأتي الأمراء ، والله ما دخلت على السلطان إلا وإذا خرجت حاسبت نفسي ، فوجدت عليها الدرك ، وأنتم ترون مخالفتي لهواه ، وما ألقاه به من الغلظة ، والله ما [ ص: 66 ] أخذت ، ولا لبست لهم ثوبا . وعن سحنون قال : كان بعض من مضى يريد أن يتكلم بالكلمة ، ولو تكلم بها لانتفع بها خلق كثير ، فيحبسها ، ولا يتكلم بها مخافة المباهاة . وكان إذا أعجبه الصمت تكلم ، ويقول : أجرأ الناس على الفتيا أقلهم علما .
وعنه قال : أنا أحفظ مسائل فيها ثمانية أقاويل من ثمانية أئمة ، فكيف ينبغي أن أعجل بالجواب ؟ .
وقيل : إن زيادة الله الأمير بعث يسأل سحنونا عن مسألة ، فلم يجبه ، فقال له محمد بن عبدوس : اخرج من بلد القوم ، أمس ترجع عن الصلاة خلف قاضيهم ، واليوم لا تجيبهم ؟ ! . قال : أفأجيب من يريد أن يتفكه ، يريد أن يأخذ قولي وقول غيري ، ولو كان شيئا يقصد به الدين لأجبته .
وعنه قال : ما وجدت من باع آخرته بدنيا غيره إلا المفتي .
وعن عبد الجبار بن خالد قال : كنا نسمع من سحنون بقريته ، فصلى الصبح ، وخرج ، وعلى كتفه محراث ، وبين يديه زوج بقر . فقال لنا : حم الغلام البارحة ، فأنا أحرث اليوم عنه ، وأجيئكم . فقلت : أنا أحرث عنك ، فقرب إلي غداءه ، خبز شعير وزيتا .
وعن إسماعيل بن إبراهيم قال : دخلت على سحنون ، وهو يومئذ قاض ، وفي عنقه تسبيح يسبح به . [ ص: 67 ]
وعن أبي داود العطار قال : باع سحنون زيتونا له بثمانمائة ، فدفعها إلي ، ففرقتها عنه صدقة .
وقيل : كان إذا قرئت عليه " مغازي " ابن وهب تسيل دموعه ، وإذا قرئ عليه " الزهد " لابن وهب يبكي . وعن يحيى بن عون : قال : دخلت مع سحنون على ابن القصار وهو مريض ، فقال : ما هذا القلق ؟ قال له : الموت والقدوم على الله . قال له سحنون : ألست مصدقا بالرسل والبعث والحساب ، والجنة والنار ، وأن أفضل هذه الأمة أبو بكر ، ثم عمر ، والقرآن كلام الله غير مخلوق ، وأن الله يرى يوم القيامة ، وأنه على العرش استوى ، ولا تخرج على الأئمة بالسيف ، وإن جاروا . قال : إي والله ، فقال : مت إذا شئت ، مت إذا شئت . وعن سحنون قال : كبرنا وساءت أخلاقنا ، ويعلم الله ما أصيح عليكم إلا لأؤدبكم . وعن سحنون قال : ما عميت علي مسألة إلا وجدت فرجها في كتب ابن وهب .
وقيل : إن طالبا قال : رأيت في النوم كأن سحنونا يبني الكعبة ، قال : فغدوت إليه ، فوجدته يقرأ للناس " مناسك الحج " الذي جمعه .
وقيل : إنه سمع من حفص بن غياث ، وإسحاق الأزرق ، ووكيع ، ويحيى بن سليم الطائفي ، وعبد الله بن طليب المرادي ، وبهلول بن راشد ، وعلي بن زياد التونسي ، وعبد الله بن عمر بن غانم الرعيني ، وشعيب بن الليث المصري ، ومعن القزاز ، وأبي ضمرة الليثي ، ويزيد بن هارون ، وعدة . [ ص: 68 ]
قال أبو العرب عمن حدثه : كان الذين يحضرون مجلس سحنون من العباد أكثر من الطلبة ، كانوا يأتون إليه من أقطار الأرض . ولما ولي سحنون القضاء بأخرة عوتب ، فقال : ما زلت في القضاء منذ أربعين سنة ، هل الفتيا إلا القضاء ؟ . . ! قيل : إن الرواة عن سحنون بلغوا تسعمائة .
وأصل " المدونة " أسئلة . سألها أسد بن الفرات لابن القاسم . فلما ارتحل سحنون بها عرضها على ابن القاسم ، فأصلح فيها كثيرا ، وأسقط ، ثم رتبها سحنون ، وبوبها . واحتج لكثير من مسائلها بالآثار من مروياته ، مع أن فيها أشياء لا ينهض دليلها ، بل رأي محض . وحكوا أن سحنونا في أواخر الأمر علم عليها ، وهم بإسقاطها وتهذيب " المدونة " ، فأدركته المنية رحمه الله . فكبراء المالكية ، يعرفون تلك المسائل ، ويقررون منها ما قدروا عليه ، ويوهنون ما ضعف دليله . فهي لها أسوة بغيرها من دواوين الفقه . وكل أحد فيؤخذ من قوله ويترك إلا صاحب ذاك القبر -صلى الله عليه وسلم- تسليما . فالعلم بحر بلا ساحل ، هو مفرق في الأمة ، موجود لمن التمسه .
وتفسير سحنون بأنه اسم طائر بالمغرب ، يوصف بالفطنة والتحرز ، وهو بفتح السين وبضمها . [ ص: 69 ] توفي الإمام سحنون في شهر رجب سنة أربعين ومائتين . وله ثمانون سنة ، وخلفه ولده محمد .
قرأت في " تاريخ القيروان " لأبي بكر عبد الله بن محمد المالكي قال : قال أبو العرب : اجتمعت في سحنون خلال قلما اجتمعت في غيره : الفقه البارع ، والورع الصادق ، والصرامة في الحق ، والزهادة في الدنيا ، والتخشن في الملبس والمطعم ، والسماحة . كان ربما وصل إخوانه بالثلاثين دينارا ، وكان لا يقبل من أحد شيئا . ولم يكن يهاب سلطانا في حق ، شديدا على أهل البدع ، انتشرت إمامته ، وأجمعوا على فضله ، قدم به أبوه مع جند الحمصيين ، وهو من تنوخ صليبة .
وعن سحنون قال : حججت زميل ابن وهب .
وقال عيسى بن مسكين : سحنون راهب هذه الأمة ، ولم يكن بين مالك وسحنون أحد أفقه من سحنون .
وعن سحنون قال : إني حفظت هذه الكتب ، حتى صارت في صدري كأم القرآن . وعنه قال : إني لأخرج من الدنيا ، ولا يسألني الله عن مسألة قلت فيها برأيي ، وما أكثر ما لا أعرف . وعنه : سرعة الجواب بالصواب أشد فتنة من فتنة المال .