[ ص: 28 ] nindex.php?page=treesubj&link=28859كيفية وحي الله إلى ملائكته
1- جاء في القرآن الكريم ما ينص على كلام الله لملائكته :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها .
وعلى إيحائه إليهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=12إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا .
وعلى قيامهم بتدبير شئون الكون حسب أمره :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=4فالمقسمات أمرا ،
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=5فالمدبرات أمرا .
وهذه النصوص متآزرة تدل على أن الله يكلم الملائكة دون واسطة بكلام يفهمونه .
ويؤيد هذا ما جاء في الحديث عن
النواس بن سمعان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=890706 " إذا أراد الله تعالى أن يوحي بالأمر تكلم بالوحي ، أخذت السماوات منه رجفة -أو قال : رعدة- شديدة خوفا من الله عز وجل ، فإذا سمع ذلك أهل السماوات صعقوا وخروا لله سجدا ، فيكون أول من يرفع رأسه جبريل ، فيكلمه الله من وحيه بما أراد ، ثم يمر جبريل على الملائكة ، كلما مر بسماء سأله ملائكتها : ماذا قال ربنا يا جبريل ؟ فيقول جبريل : " قال الحق وهو العلي الكبير " فيقولون كلهم مثل ما قال جبريل ، فينتهي جبريل بالوحي إلى حيث أمره الله عز وجل “ .
فهذا الحديث يبين أن كيفية الوحي تكلم من الله ، وسماع من الملائكة ، وهول شديد لأثره ، وإذا كان ظاهره -في مرور جبريل وانتهائه بالوحي- يدل على أن ذلك خاص بالقرآن فإن صدره يبين كيفية عامة ، وأصله في الصحيح :
nindex.php?page=hadith&LINKID=656927 " إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانا لقوله كأنه سلسلة على صفوان " . .
[ ص: 29 ] 2- وثبت أن القرآن الكريم كتب في اللوح المحفوظ لقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=21بل هو قرآن مجيد nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=22في لوح محفوظ .
كما ثبت إنزاله جملة إلى بيت العزة من السماء الدنيا في ليلة القدر من شهر رمضان :
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=1إنا أنزلناه في ليلة القدر ،
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=3إنا أنزلناه في ليلة مباركة ،
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن . .
وفي السنة ما يوضح هذا النزول ، ويدل على أنه غير النزول الذي كان على قلب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس موقوفا : " أنزل القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا ليلة القدر ، ثم أنزل بعد ذلك بعشرين سنة ثم قرأ :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=33ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا ،
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=106وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا ، وفي رواية : " فصل القرآن من الذكر فوضع في بيت العزة من السماء الدنيا ، فجعل
جبريل ينزل به على النبي صلى الله عليه وسلم “ .
ولذلك ذهب العلماء في
nindex.php?page=treesubj&link=28859كيفية وحي الله إلى جبريل بالقرآن إلى المذاهب الآتية :
أ- أن
جبريل تلقفه سماعا من الله بلفظه المخصوص .
ب- أن
جبريل حفظه من اللوح المحفوظ .
جـ- أن
جبريل ألقي إليه المعنى - والألفاظ
لجبريل ، أو
لمحمد صلى الله عليه وسلم .
والرأي الأول هو الصواب ، وهو ما عليه أهل السنة والجماعة ، ويؤيده حديث
النواس بن سمعان السابق .
ونسبة القرآن إلى الله في أكثر من آية :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=6وإنك لتلقى القرآن من لدن حكيم عليم . .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=6وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله . .
[ ص: 30 ] nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا ائت بقرآن غير هذا أو بدله قل ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي إن أتبع إلا ما يوحى إلي .
فالقرآن الكريم كلام الله بألفاظه لا كلام
جبريل أو
محمد .
أما الرأي الثاني فلا اعتبار له ، إذ إن ثبوت القرآن في اللوح المحفوظ كثبوت سائر المغيبات التي لا يخرج القرآن عن أن يكون من جملتها .
والرأي الثالث أنسب بالسنة لأنها وحي من الله أوحي إلى
جبريل ، ثم إلى
محمد -صلى الله عليه وسلم- بالمعنى ، فعبر عنه رسول الله بعبارته :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=3وما ينطق عن الهوى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=4إن هو إلا وحي يوحى . . ولذا جازت
nindex.php?page=treesubj&link=21560_29213رواية السنة بالمعنى لعارف بما لا يحيل المعاني دون القرآن . .
ويجاب على من قال : إنه كلام
جبريل ، بأن هذا قول فاسد لوجوه :
أحدها : أن المسلمين أجمعين إذا تلوا آية قالوا : قال الله تعالى ، ولو كان هذا قول
جبريل لقالوا : قال
جبريل .
الثاني : أن هذا الذي بين دفتي المصحف بإجماع المسلمين هو كتاب الله ، وعلى قولهم فإنه يكون كتاب
جبريل .
الثالث : أن الله تعالى قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=102قل نزله روح القدس من ربك بالحق . وعلى قولهم ، ما نزله من ربك ، إنما نزله من كلام نفسه .
الرابع : أن الله تعالى قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=6فأجره حتى يسمع كلام ، وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=75وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله . . وعلى قولهم لا يكون هذا صحيحا ، وإنما يكون المسموع كلام
جبريل .
ويجاب على من قال : إنه كلام
محمد بأن هذا باطل لتلك الوجوه الآنفة الذكر
[ ص: 31 ] كلها . ومن وجه آخر ، فإنهم وافقوا
الوليد بن المغيرة في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=25إن هذا إلا قول البشر . . فدخلوا معه في الوعيد بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=26سأصليه سقر . .
ويرد عليهم من الجواب ما أجاب الله تعالى به المشركين بقوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=33أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=34فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين . .
وسبق أن ذكرنا الفرق بين القرآن والحديث القدسي والحديث النبوي .
فمن
nindex.php?page=treesubj&link=29568خصائص القرآن :
1- أنه معجز .
2- قطعي الثبوت .
3- يتعبد بتلاوته .
4- ويجب أداؤه بلفظه ، والحديث القدسي -على القول بنزول لفظه- ليس كذلك .
والحديث النبوي قسمان : الأول : ما اجتهد فيه الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهذا ليس وحيا ويكون إقرار الوحي له بسكوته إذا كان صوابا .
والثاني : ما أوحي إليه بمعناه واللفظ لرسول الله ، ولذا يجوز روايته بالمعنى . والحديث القدسي -على القول الراجح بنزول معناه دون لفظه- يكون من هذا القسم ونسبته إلى الله في الرواية لورود النص الشرعي على ذلك دون الأحاديث النبوية .
"
[ ص: 28 ] nindex.php?page=treesubj&link=28859كَيْفِيَّةُ وَحْيِ اللَّهِ إِلَى مَلَائِكَتِهِ
1- جَاءَ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ مَا يَنُصُّ عَلَى كَلَامِ اللَّهِ لِمَلَائِكَتِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=30وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا .
وَعَلَى إِيحَائِهِ إِلَيْهِمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=12إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا .
وَعَلَى قِيَامِهِمْ بِتَدْبِيرِ شُئُونِ الْكَوْنِ حَسَبَ أَمْرِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=51&ayano=4فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا ،
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=5فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا .
وَهَذِهِ النُّصُوصُ مُتَآزِرَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ اللَّهَ يُكَلِّمُ الْمَلَائِكَةَ دُونَ وَاسِطَةٍ بِكَلَامٍ يَفْهَمُونَهُ .
وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنِ
النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=890706 " إِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُوحِيَ بِالْأَمْرِ تَكَلَّمَ بِالْوَحْيِ ، أَخَذَتِ السَّمَاوَاتُ مِنْهُ رَجْفَةً -أَوْ قَالَ : رِعْدَةً- شَدِيدَةً خَوْفًا مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَإِذَا سَمِعَ ذَلِكَ أَهْلُ السَّمَاوَاتِ صُعِقُوا وَخَرُّوا لِلَّهِ سُجَّدًا ، فَيَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَرْفَعُ رَأْسَهُ جِبْرِيلُ ، فَيُكَلِّمُهُ اللَّهُ مِنْ وَحْيِهِ بِمَا أَرَادَ ، ثُمَّ يَمُرُّ جِبْرِيلُ عَلَى الْمَلَائِكَةِ ، كُلَّمَا مَرَّ بِسَمَاءٍ سَأَلَهُ مَلَائِكَتُهَا : مَاذَا قَالَ رَبُّنَا يَا جِبْرِيلُ ؟ فَيَقُولُ جِبْرِيلُ : " قَالَ الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ " فَيَقُولُونَ كُلُّهُمْ مِثْلَ مَا قَالَ جِبْرِيلُ ، فَيَنْتَهِي جِبْرِيلُ بِالْوَحْيِ إِلَى حَيْثُ أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ “ .
فَهَذَا الْحَدِيثُ يُبَيِّنُ أَنَّ كَيْفِيَّةَ الْوَحْيِ تَكَلُّمٌ مِنَ اللَّهِ ، وَسَمَاعٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ ، وَهَوْلٌ شَدِيدٌ لِأَثَرِهِ ، وَإِذَا كَانَ ظَاهِرُهُ -فِي مُرُورِ جِبْرِيلَ وَانْتِهَائِهِ بِالْوَحْيِ- يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالْقُرْآنِ فَإِنَّ صَدْرَهُ يُبَيِّنُ كَيْفِيَّةً عَامَّةً ، وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=656927 " إِذَا قَضَى اللَّهُ الْأَمْرَ فِي السَّمَاءِ ضَرَبَتِ الْمَلَائِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ سِلْسِلَةٌ عَلَى صَفْوَانٍ " . .
[ ص: 29 ] 2- وَثَبَتَ أَنَّ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ كُتِبَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=21بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=22فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ .
كَمَا ثَبَتَ إِنْزَالُهُ جُمْلَةً إِلَى بَيْتِ الْعِزَّةِ مِنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=97&ayano=1إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=3إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ . .
وَفِي السُّنَّةِ مَا يُوَضِّحُ هَذَا النُّزُولَ ، وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ النُّزُولِ الَّذِي كَانَ عَلَى قَلْبِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا : " أُنْزِلَ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا لَيْلَةَ الْقَدْرِ ، ثُمَّ أُنْزِلَ بَعْدَ ذَلِكَ بِعِشْرِينَ سَنَةً ثُمَّ قَرَأَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=33وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ،
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=106وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلا ، وَفِي رِوَايَةٍ : " فُصِلَ الْقُرْآنُ مِنَ الذِّكْرِ فَوُضِعَ فِي بَيْتِ الْعِزَّةِ مِنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، فَجَعَلَ
جِبْرِيلُ يَنْزِلُ بِهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “ .
وَلِذَلِكَ ذَهَبَ الْعُلَمَاءُ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=28859كَيْفِيَّةِ وَحْيِ اللَّهِ إِلَى جِبْرِيلَ بِالْقُرْآنِ إِلَى الْمَذَاهِبِ الْآتِيَةِ :
أ- أَنَّ
جِبْرِيلَ تَلَقَّفَهُ سَمَاعًا مِنَ اللَّهِ بِلَفْظِهِ الْمَخْصُوصِ .
ب- أَنَّ
جِبْرِيلَ حَفِظَهُ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ .
جـ- أَنَّ
جِبْرِيلَ أُلْقِيَ إِلَيْهِ الْمَعْنَى - وَالْأَلْفَاظُ
لِجِبْرِيلَ ، أَوْ
لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَالرَّأْيُ الْأَوَّلُ هُوَ الصَّوَابُ ، وَهُوَ مَا عَلَيْهِ أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ ، وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ
النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ السَّابِقُ .
وَنِسْبَةُ الْقُرْآنِ إِلَى اللَّهِ فِي أَكْثَرَ مِنْ آيَةٍ :
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=6وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ . .
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=6وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللَّهِ . .
[ ص: 30 ] nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=15وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلا مَا يُوحَى إِلَيَّ .
فَالْقُرْآنُ الْكَرِيمُ كَلَامُ اللَّهِ بِأَلْفَاظِهِ لَا كَلَامَ
جِبْرِيلَ أَوْ
مُحَمَّدٍ .
أَمَّا الرَّأْيُ الثَّانِي فَلَا اعْتِبَارَ لَهُ ، إِذْ إِنَّ ثُبُوتَ الْقُرْآنِ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ كَثُبُوتِ سَائِرِ الْمُغَيَّبَاتِ الَّتِي لَا يَخْرُجُ الْقُرْآنُ عَنْ أَنْ يَكُونَ مِنْ جُمْلَتِهَا .
وَالرَّأْيُ الثَّالِثُ أَنْسَبُ بِالسُّنَّةِ لِأَنَّهَا وَحْيٌ مِنَ اللَّهِ أُوحِيَ إِلَى
جِبْرِيلَ ، ثُمَّ إِلَى
مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِالْمَعْنَى ، فَعَبَّرَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ بِعِبَارَتِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=3وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=4إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى . . وَلِذَا جَازَتْ
nindex.php?page=treesubj&link=21560_29213رِوَايَةُ السُّنَّةِ بِالْمَعْنَى لِعَارِفٍ بِمَا لَا يُحِيلُ الْمَعَانِيَ دُونَ الْقُرْآنِ . .
وَيُجَابُ عَلَى مَنْ قَالَ : إِنَّهُ كَلَامُ
جِبْرِيلَ ، بِأَنَّ هَذَا قَوْلٌ فَاسِدٌ لِوُجُوهٍ :
أَحَدُهَا : أَنَّ الْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ إِذَا تَلَوْا آيَةً قَالُوا : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَلَوْ كَانَ هَذَا قَوْلَ
جِبْرِيلَ لَقَالُوا : قَالَ
جِبْرِيلُ .
الثَّانِي : أَنَّ هَذَا الَّذِي بَيْنَ دَفَّتَيِ الْمُصْحَفِ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ هُوَ كِتَابُ اللَّهِ ، وَعَلَى قَوْلِهِمْ فَإِنَّهُ يَكُونُ كِتَابَ
جِبْرِيلَ .
الثَّالِثُ : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=102قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ . وَعَلَى قَوْلِهِمْ ، مَا نَزَّلَهُ مِنْ رَبِّكَ ، إِنَّمَا نَزَّلَهُ مِنْ كَلَامِ نَفْسِهِ .
الرَّابِعُ : أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=6فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ ، وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=75وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ . . وَعَلَى قَوْلِهِمْ لَا يَكُونُ هَذَا صَحِيحًا ، وَإِنَّمَا يَكُونُ الْمَسْمُوعُ كَلَامَ
جِبْرِيلَ .
وَيُجَابُ عَلَى مَنْ قَالَ : إِنَّهُ كَلَامُ
مُحَمَّدٍ بِأَنَّ هَذَا بَاطِلٌ لِتِلْكَ الْوُجُوهِ الْآنِفَةِ الذِّكْرِ
[ ص: 31 ] كُلِّهَا . وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، فَإِنَّهُمْ وَافَقُوا
الْوَلِيدَ بْنَ الْمُغِيرَةِ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=25إِنْ هَذَا إِلا قَوْلُ الْبَشَرِ . . فَدَخَلُوا مَعَهُ فِي الْوَعِيدِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=26سَأُصْلِيهِ سَقَرَ . .
وَيَرُدُّ عَلَيْهِمْ مِنَ الْجَوَابِ مَا أَجَابَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ الْمُشْرِكِينَ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=33أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=34فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ . .
وَسَبَقَ أَنْ ذَكَرْنَا الْفَرْقَ بَيْنَ الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ وَالْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ .
فَمِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=29568خَصَائِصِ الْقُرْآنِ :
1- أَنَّهُ مُعْجِزٌ .
2- قَطْعِيُّ الثُّبُوتِ .
3- يُتَعَبَّدُ بِتِلَاوَتِهِ .
4- وَيَجِبُ أَدَاؤُهُ بِلَفْظِهِ ، وَالْحَدِيثُ الْقُدْسِيُّ -عَلَى الْقَوْلِ بِنُزُولِ لَفْظِهِ- لَيْسَ كَذَلِكَ .
وَالْحَدِيثُ النَّبَوِيُّ قِسْمَانِ : الْأَوَّلُ : مَا اجْتَهَدَ فِيهِ الرَّسُولُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهَذَا لَيْسَ وَحْيًا وَيَكُونُ إِقْرَارُ الْوَحْيِ لَهُ بِسُكُوتِهِ إِذَا كَانَ صَوَابًا .
وَالثَّانِي : مَا أُوحِيَ إِلَيْهِ بِمَعْنَاهُ وَاللَّفْظُ لِرَسُولِ اللَّهِ ، وَلِذَا يَجُوزُ رِوَايَتُهُ بِالْمَعْنَى . وَالْحَدِيثُ الْقُدْسِيُّ -عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ بِنُزُولِ مَعْنَاهُ دُونَ لَفْظِهِ- يَكُونُ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ وَنِسْبَتِهِ إِلَى اللَّهِ فِي الرِّوَايَةِ لِوُرُودِ النَّصِّ الشَّرْعِيِّ عَلَى ذَلِكَ دُونَ الْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ .
"