[ ص: 343 ] وأما قوله سبحانه وتعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=13nindex.php?page=treesubj&link=28905_28914_29040فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة} nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=14وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة [الحاقة :13 - 14] ، فليس على وجه التأكيد المجرد ، بل [المراد] التقييد بالمرة الواحدة ، ولما كانت النفخة قد يراد بها الواحدة من الجنس ، وقد يراد بها مطلقة ، كما [في] البقلة ، وحبة الحنطة ، واللعنة ، والهمة ، ونحوها ، وكان المراد التقييد بالمرة الواحدة من هذا الجنس ، أتى بالواحدة ليدل على هذا المعنى ، أي : أن النفخ لم يكن نفختين ، ولم يك [دك] الأرض والجبال بعد حملهما دكتين ، بل واحدة فقط ، فعل المقتدر على الشيء المتمكن منه ، ونظيره قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=53إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون [يس :53] .
ونظيره قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=29إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون [يس :29] ، أي : لم يتابع عليهم الصيحة ، بل أهلكناهم من صيحة واحدة .
وأما قوله سبحانه وتعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=21كلا إذا دكت الأرض دكا دكا nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=22وجاء ربك والملك صفا صفا [الفجر :21 - 22] ، فليس للتأكيد كما يظنه طائفة من الناس ، وإنما المراد الدك المتتابع ، أي : دكا بعد دك .
وهذا لا يفهم من قوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=21دكت الأرض دكا ، فقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=21دكا دكا فيه قدر زائد على مجرد الدك ، وكذلك قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=22صفا صفا ، ليس للتأكيد إذ المراد صفا بعد صف ، أي : صفا يتلوه صف ، وهو لا يفهم من قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=22وجاء ربك والملك صفا ؛ لاحتمال أن يكونوا
[ ص: 344 ] صفا واحدا ، بل هذا يكون ظاهر الكلام .
ونظير هذا الحديث في صفة جماع أهل الجنة : «دحما دحما » ، أي : وطأ بعد وطء .
وأما قوله سبحانه وتعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=1إذا زلزلت الأرض زلزالها [الزلزلة :1] ، فليس من التكرار من شيء ، فإن إضافة الزلزال يفيد معنى زائدا ، وهو زلزالها المختص بها المعروف منها المتوقع منها ، كما تقول : غضب زيد غضبه ، وقاتل قتاله ، أي : غضبه الذي يعهد منه ، وقتاله المختص به الذي يعرف منه ، ومنه :
أنا أبو النجم وشعري شعري
وأما قوله سبحانه وتعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون [التحريم :6] ، فهما جملتان مفيدتان معنيين :
أحدهما : أن الله سبحانه إذا أمرهم بالأمر لا يعصونه في أمره .
والثانية : أنهم لا يفعلون شيئا من عند أنفسهم إنما فعلهم ما أمرهم به ربهم ، فهم يفعلون ما يؤمرون لا ما لا يؤمرون ، بل أفعالهم كلهم
[ ص: 345 ] ائتمار وطاعة [لأمر] ربهم .
وأما قوله سبحانه وتعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=99nindex.php?page=treesubj&link=28905_28914_28981ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا [يونس :99] ، فكلهم يفيد الإحاطة والعموم ، ولا يلزم من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=99لآمن من في الأرض أن يكونوا كلهم قال وذلك على الأكثر منهم ، فكلهم رافع لهذا التوهم .
وأما قوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=99جميعا ، فليس بتأكيد ، ولو كان تأكيدا لقال : أجمعون ، ولم يكن منصوبا ، وإنما هو حال ، أي : مجتمعون على الهدى ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35ولو شاء الله لجمعهم على الهدى [الأنعام :35] .
ومثله قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31أفلم ييأس الذين آمنوا أن لو يشاء الله لهدى الناس جميعا [الرعد :31] ، ولو كان «جميعا » هنا تأكيدا لقال : أجمعين .
وأما قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=30فسجد الملائكة كلهم أجمعون [الحجر :30 ، وص :73] ، فالكلام في كلهم كما في
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=99لآمن من في الأرض كلهم [يونس :99] .
وأما أجمعون فقد قالت طائفة منهم
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري وغيره : أنه يفيد معنى زائدا غير ما يفيده كلهم ، وهو أن سجودهم وقع في وقت واحد ، فاجتمعوا في السجود ولم يتخلف منهم أحد ، فهما فائدتان .
[ ص: 343 ] وَأَمَّا قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=13nindex.php?page=treesubj&link=28905_28914_29040فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ} nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=14وَحُمِلَتِ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً [الْحَاقَّةِ :13 - 14] ، فَلَيْسَ عَلَى وَجْهِ التَّأْكِيدِ الْمُجَرَّدِ ، بَلِ [الْمُرَادُ] التَّقْيِيدُ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ ، وَلَمَّا كَانَتِ النَّفْخَةُ قَدْ يُرَادُ بِهَا الْوَاحِدَةُ مِنَ الْجِنْسِ ، وَقَدْ يُرَادُ بِهَا مُطْلَقَةً ، كَمَا [فِي] الْبَقْلَةِ ، وَحَبَّةِ الْحِنْطَةِ ، وَاللَّعْنَةِ ، وَالْهِمَّةِ ، وَنَحْوِهَا ، وَكَانَ الْمُرَادُ التَّقْيِيدَ بِالْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ مِنْ هَذَا الْجِنْسِ ، أَتَى بِالْوَاحِدَةِ لِيَدُلَّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى ، أَيْ : أَنَّ النَّفْخَ لَمْ يَكُنْ نَفْخَتَيْنِ ، وَلَمْ يَكُ [دَكُّ] الْأَرْضِ وَالْجِبَالِ بَعْدَ حَمْلِهِمَا دَكَّتَيْنِ ، بَلْ وَاحِدَةً فَقَطْ ، فِعْلَ الْمُقْتَدِرِ عَلَى الشَّيْءِ الْمُتَمَكِّنِ مِنْهُ ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=53إِنْ كَانَتْ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ [يس :53] .
وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=29إِنْ كَانَتْ إِلا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ [يس :29] ، أَيْ : لَمْ يُتَابِعْ عَلَيْهِمُ الصَّيْحَةَ ، بَلْ أَهْلَكْنَاهُمْ مِنْ صَيْحَةٍ وَاحِدَةٍ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=21كَلا إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكًّا دَكًّا nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=22وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا [الْفَجْرِ :21 - 22] ، فَلَيْسَ لِلتَّأْكِيدِ كَمَا يَظُنُّهُ طَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الدَّكُّ الْمُتَتَابِعُ ، أَيْ : دَكًّا بَعْدَ دَكٍّ .
وَهَذَا لَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=21دُكَّتِ الأَرْضُ دَكًّا ، فَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=21دَكًّا دَكًّا فِيهِ قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى مُجَرَّدِ الدَّكِّ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=22صَفًّا صَفًّا ، لَيْسَ لِلتَّأْكِيدِ إِذِ الْمُرَادُ صَفًّا بَعْدَ صَفٍّ ، أَيْ : صَفًّا يَتْلُوهُ صَفٌّ ، وَهُوَ لَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=89&ayano=22وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا ؛ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونُوا
[ ص: 344 ] صَفًّا وَاحِدًا ، بَلْ هَذَا يَكُونُ ظَاهِرَ الْكَلَامِ .
وَنَظِيرُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي صِفَةِ جِمَاعِ أَهْلِ الْجَنَّةِ : «دَحْمًا دَحْمًا » ، أَيْ : وَطْأً بَعْدَ وَطْءٍ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=99&ayano=1إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا [الزَّلْزَلَةِ :1] ، فَلَيْسَ مِنَ التَّكْرَارِ مِنْ شَيْءٍ ، فَإِنَّ إِضَافَةَ الزِّلْزَالِ يُفِيدُ مَعْنًى زَائِدًا ، وَهُوَ زِلْزَالُهَا الْمُخْتَصُّ بِهَا الْمَعْرُوفُ مِنْهَا الْمُتَوَقَّعُ مِنْهَا ، كَمَا تَقُولُ : غَضِبَ زَيْدٌ غَضَبَهُ ، وَقَاتَلَ قِتَالَهُ ، أَيْ : غَضَبَهُ الَّذِي يُعْهَدُ مِنْهُ ، وَقِتَالَهُ الْمُخْتَصَّ بِهِ الَّذِي يُعْرَفُ مِنْهُ ، وَمِنْهُ :
أَنَا أَبُو النَّجْمِ وَشِعْرِي شِعْرِي
وَأَمَّا قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=6لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ [التَّحْرِيمِ :6] ، فَهُمَا جُمْلَتَانِ مُفِيدَتَانِ مَعْنَيَيْنِ :
أَحَدُهُمَا : أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ إِذَا أَمَرَهُمْ بِالْأَمْرِ لَا يَعْصُونَهُ فِي أَمْرِهِ .
وَالثَّانِيَةُ : أَنَّهُمْ لَا يَفْعَلُونَ شَيْئًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا فِعْلُهُمْ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ رَبُّهُمْ ، فَهُمْ يَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ لَا مَا لَا يُؤْمَرُونَ ، بَلْ أَفْعَالُهُمْ كُلُّهُمْ
[ ص: 345 ] ائْتِمَارٌ وَطَاعَةٌ [لِأَمْرِ] رَبِّهِمْ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=99nindex.php?page=treesubj&link=28905_28914_28981وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا [يُونُسَ :99] ، فَكُلُّهُمْ يُفِيدُ الْإِحَاطَةَ وَالْعُمُومَ ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=99لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ أَنْ يَكُونُوا كُلُّهُمْ قَالَ وَذَلِكَ عَلَى الْأَكْثَرِ مِنْهُمْ ، فَكُلُّهُمْ رَافِعٌ لِهَذَا التَّوَهُّمِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=99جَمِيعًا ، فَلَيْسَ بِتَأْكِيدٍ ، وَلَوْ كَانَ تَأْكِيدًا لَقَالَ : أَجْمَعُونَ ، وَلَمْ يَكُنْ مَنْصُوبًا ، وَإِنَّمَا هُوَ حَالٌ ، أَيْ : مُجْتَمِعُونَ عَلَى الْهُدَى ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=35وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى [الْأَنْعَامِ :35] .
وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=31أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا [الرَّعْدِ :31] ، وَلَوْ كَانَ «جَمِيعًا » هُنَا تَأْكِيدًا لَقَالَ : أَجْمَعِينَ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=30فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ [الْحِجْرِ :30 ، وَصَ :73] ، فَالْكَلَامُ فِي كُلِّهِمْ كَمَا فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=99لآمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ [يُونُسَ :99] .
وَأَمَّا أَجْمَعُونَ فَقَدْ قَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ وَغَيْرُهُ : أَنَّهُ يُفِيدُ مَعْنًى زَائِدًا غَيْرَ مَا يُفِيدُهُ كُلُّهُمْ ، وَهُوَ أَنَّ سُجُودَهُمْ وَقَعَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ ، فَاجْتَمَعُوا فِي السُّجُودِ وَلَمْ يَتَخَلَّفْ مِنْهُمْ أَحَدٌ ، فَهُمَا فَائِدَتَانِ .