وقد يجوز في بعض الأمور إظهار الموافقة وإبطان المخالفة، كالمكره على الكفر، كما هو مبسوط في غير هذا الموضع، إذ المقصود هنا أنه لا بد من الابتلاء بما يؤذي الناس، فلا خلاص لأحد مما يؤذيه البتة. ولهذا ذكر الله تعالى في غير موضع أنه لا بد أن يبتلي الناس،
nindex.php?page=treesubj&link=34308والابتلاء يكون بالسراء والضراء، ولا بد أن يبتلي الإنسان بما يسره ويسوؤه، فهو محتاج إلى أن يكون صابرا شكورا، قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=7إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا ، وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=168وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون ، وقال تعالى:
[ ص: 257 ] nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=123فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=124ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى ، وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=142أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين . هذا في آل عمران ، وقد قال قبل ذلك في البقرة، فإن
nindex.php?page=treesubj&link=32265البقرة نزل أكثرها قبل آل عمران: nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=214أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب .
وذلك أن
nindex.php?page=treesubj&link=34308النفس لا تزكو وتصلح حتى تمحص بالبلاء، كالذهب الذي لا يخلص جيده من رديئه حتى يفتن في كير الامتحان، إذ كانت النفس جاهلة ظالمة، وهي منشأ كل شر يحصل للعبد، فلا يحصل له شر إلا منها، قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=79ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك ، وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=165أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم ، وقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=30وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ، وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=53ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ،
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=11وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال .
[ ص: 258 ]
وقد ذكر عقوبات الأمم من
آدم إلى آخر وقت، وفي كل ذلك يقول: إنهم ظلموا أنفسهم فهم الظالمون لا المظلومون، وأول من اعترف بذلك أبواهم، قالا:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=23ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ، وقال لإبليس:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=85لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين ، وإبليس إنما تبعه الغواة منهم، كما قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=39بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=40إلا عبادك منهم المخلصين ، وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=42إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين . والغي: اتباع هوى النفس.
وما زال السلف معترفين بذلك كقول
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر nindex.php?page=showalam&ids=2وعمر nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود : أقول فيها برأيي، فإن يكن صوابا فمن الله، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان، والله ورسوله بريئان منه.
وفي الحديث الإلهي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=1584أبي ذر الذي يرويه الرسول عن ربه عز وجل:
nindex.php?page=hadith&LINKID=661682 "يا عبادي! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه".
وفي الحديث الصحيح حديث سيد الاستغفار أن يقول العبد:
[ ص: 259 ] nindex.php?page=hadith&LINKID=655831 "اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي، فاغفر لي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت". من قالها إذا أصبح موقنا بها فمات من يومه دخل الجنة، ومن قالها إذا أمسى موقنا بها فمات من ليلته دخل الجنة".
وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=13وعبد الله بن عمرو nindex.php?page=hadith&LINKID=943679أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علمه ما يقوله إذا أصبح وإذا أمسى وإذا أخذ مضجعه: "اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة رب كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه، وأن أقترف على نفسي سوءا أو أجره إلى مسلم". قله إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت مضجعك.
وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول في خطبته :
nindex.php?page=hadith&LINKID=678396 "الحمد لله، نستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا". وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=940000 "إني آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تتهافتون تهافت الفراش" .
شبههم بالفراش لجهله وخفة حركته، وهي صغيرة النفس، فإنها جاهلة سريعة الحركة.
[ ص: 260 ]
وفي الحديث:
nindex.php?page=hadith&LINKID=676598 "مثل القلب مثل ريشة ملقاة بأرض فلاة" . وفي حديث آخر:
nindex.php?page=hadith&LINKID=940008 "للقلب أشد تقلبا من القدر إذا استجمعت غليانا" . ومعلوم سرعة حركة الريشة والقدر مع الجهل. ولهذا يقال لمن أطاع من يغويه: إنه استخفه. قال عن
فرعون: nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=54فاستخف قومه فأطاعوه . وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=60فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون ، فإن الخفيف لا يثبت بل يطيش، وصاحب اليقين ثابت. يقال: أيقن، إذا كان مستقرا، واليقين: استقرار الإيمان في القلب علما وعملا، فقد يكون علم العبد جيدا، لكن نفسه لا تصبر عند المصائب بل تطيش. قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري: إذا شئت أن ترى بصيرا لا صبر له رأيته، وإذا شئت أن ترى صابرا لا بصيرة له رأيته، فإذا رأيت بصيرا صابرا فذاك. قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=24وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون .
ولهذا تشبه النفس بالنار في سرعة حركتها وإفسادها، وغضبها وشهوتها من النار، والشيطان من النار. وفي السنن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=676075 "الغضب من الشيطان، والشيطان من النار، وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ". وفي الحديث الآخر :
[ ص: 261 ] nindex.php?page=hadith&LINKID=691561 "الغضب جمر توقد في جوف ابن آدم، ألا ترى إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه"، وهو غليان دم القلب لطلب الانتقام. وفي الحديث المتفق على صحته :
nindex.php?page=hadith&LINKID=676019 "الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم".
وفي الصحيحين
nindex.php?page=hadith&LINKID=655650أن رجلين استبا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد اشتد غضب أحدهما، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد، لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم". وقد قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=34ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=35وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=36وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم ، وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=199خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=200وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه سميع عليم ، وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=96ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=97وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=98وأعوذ بك رب أن يحضرون .
وَقَدْ يَجُوزُ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ إِظْهَارُ الْمُوَافَقَةِ وَإِبْطَانُ الْمُخَالَفَةِ، كَالْمُكْرَهِ عَلَى الْكُفْرِ، كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ، إِذِ الْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنَ الِابْتِلَاءِ بِمَا يُؤْذِي النَّاسَ، فَلَا خَلَاصَ لِأَحَدٍ مِمَّا يُؤْذِيهِ الْبَتَّةَ. وَلِهَذَا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَبْتَلِيَ النَّاسَ،
nindex.php?page=treesubj&link=34308وَالِابْتِلَاءُ يَكُونُ بِالسَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَبْتَلِيَ الْإِنْسَانَ بِمَا يَسُرُّهُ وَيَسُوؤُهُ، فَهُوَ مُحْتَاجٌ إِلَى أَنْ يَكُونَ صَابِرًا شَكُورًا، قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=18&ayano=7إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلا ، وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=168وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ، وَقَالَ تَعَالَى:
[ ص: 257 ] nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=123فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=124وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ، وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=142أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ . هَذَا فِي آلِ عِمْرَانَ ، وَقَدْ قَالَ قَبْلَ ذَلِكَ فِي الْبَقَرَةِ، فَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32265الْبَقَرَةَ نَزَلَ أَكْثَرُهَا قَبْلَ آلِ عِمْرَانَ: nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=214أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرُ اللَّهِ قَرِيبٌ .
وَذَلِكَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=34308النَّفْسَ لَا تَزْكُو وَتَصْلُحُ حَتَّى تُمَحَّصَ بِالْبَلَاءِ، كَالذَّهَبِ الَّذِي لَا يَخْلُصُ جَيِّدُهُ مِنْ رَدِيئِهِ حَتَّى يُفْتَنَ فِي كِيْرِ الِامْتِحَانِ، إِذْ كَانَتِ النَّفْسُ جَاهِلَةً ظَالِمَةً، وَهِيَ مَنْشَأُ كُلِّ شَرٍّ يَحْصُلُ لِلْعَبْدِ، فَلَا يَحْصُلُ لَهُ شَرٌّ إِلَّا مِنْهَا، قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=79مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنَ نَفْسِكَ ، وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=165أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ ، وَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=30وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ، وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=53ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=11وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ .
[ ص: 258 ]
وَقَدْ ذَكَرَ عُقُوبَاتِ الْأُمَمِ مِنْ
آدَمَ إِلَى آخِرِ وَقْتٍ، وَفِي كُلِّ ذَلِكَ يَقُولُ: إِنَّهُمْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمُ الظَّالِمُونَ لَا الْمَظْلُومُونَ، وَأَوَّلُ مَنِ اعْتَرَفَ بِذَلِكَ أَبَوَاهُمْ، قَالَا:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=23رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ، وَقَالَ لِإِبْلِيسَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=85لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ ، وَإِبْلِيسُ إِنَّمَا تَبِعَهُ الْغُوَاةُ مِنْهُمْ، كَمَا قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=39بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=40إِلا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ، وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=42إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلا مَنِ اتَّبَعَكَ مَنِ الْغَاوِينَ . وَالْغَيُّ: اتِّبَاعُ هَوَى النَّفْسِ.
وَمَا زَالَ السَّلَفُ مُعْتَرِفِينَ بِذَلِكَ كَقَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ nindex.php?page=showalam&ids=2وَعُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنِ مَسْعُودٍ : أَقُولُ فِيهَا بِرَأْيِي، فَإِنْ يَكُنْ صَوَابًا فَمِنَ اللَّهِ، وَإِنْ يَكُنْ خَطَأً فَمِنِّي وَمِنَ الشَّيْطَانِ، وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ بَرِيئَانِ مِنْهُ.
وَفِي الْحَدِيثِ الْإِلَهِيِّ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=1584أَبِي ذَرٍّ الَّذِي يَرْوِيهِ الرَّسُولُ عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=661682 "يَا عِبَادِي! إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ".
وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ حَدِيثِ سَيِّدِ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ يَقُولَ الْعَبْدُ:
[ ص: 259 ] nindex.php?page=hadith&LINKID=655831 "اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتَ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ وَأَبُوءُ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي، إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ". مَنْ قَالَهَا إِذَا أَصْبَحَ مُوقِنًا بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ قَالَهَا إِذَا أَمْسَى مُوقِنًا بِهَا فَمَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ".
وَفِي حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ مِنْ طَرِيقِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ nindex.php?page=showalam&ids=13وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو nindex.php?page=hadith&LINKID=943679أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَّمَهُ مَا يَقُولُهُ إِذَا أَصْبَحَ وَإِذَا أَمْسَى وَإِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ: "اللَّهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ رَبَّ كُلِّ شَيْءٍ وَمَلِيكَهُ، أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ نَفْسِي وَشَرِّ الشَّيْطَانِ وَشِرْكِهِ، وَأَنْ أَقْتَرِفَ عَلَى نَفْسِي سُوءًا أَوْ أَجُرَّهُ إِلَى مُسْلِمٍ". قُلْهُ إِذَا أَصْبَحْتَ وَإِذَا أَمْسَيْتَ وَإِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ.
وَكَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=678396 "الْحَمْدُ لِلَّهِ، نَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا". وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
nindex.php?page=hadith&LINKID=940000 "إِنِّي آخُذُ بِحُجْزِكُمْ عَنِ النَّارِ وَأَنْتُمْ تَتَهَافَتُونَ تَهَافُتَ الْفَرَاشِ" .
شَبَّهَهُمْ بِالْفَرَاشِ لِجَهْلِهِ وَخِفَّةِ حَرَكَتِهِ، وَهِيَ صَغِيرَةُ النَّفْسِ، فَإِنَّهَا جَاهِلَةٌ سَرِيعَةُ الْحَرَكَةِ.
[ ص: 260 ]
وَفِي الْحَدِيثِ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=676598 "مَثَلُ الْقَلْبِ مَثَلُ رِيشَةٍ مُلْقَاةٍ بِأَرْضٍ فَلَاةٍ" . وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=940008 "لَلْقَلْبُ أَشَدُّ تَقَلُّبًا مِنَ الْقِدْرِ إِذَا اسْتَجْمَعَتْ غَلَيَانًا" . وَمَعْلُومٌ سُرْعَةُ حَرَكَةِ الرِّيشَةِ وَالْقِدْرِ مَعَ الْجَهْلِ. وَلِهَذَا يُقَالُ لِمَنْ أَطَاعَ مَنْ يُغْوِيهِ: إِنَّهُ اسْتَخَفَّهُ. قَالَ عَنْ
فِرْعَوْنَ: nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=54فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ . وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=60فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ ، فَإِنَّ الْخَفِيفَ لَا يَثْبُتُ بَلْ يَطِيشُ، وَصَاحِبُ الْيَقِينِ ثَابِتٌ. يُقَالُ: أَيْقَنَ، إِذَا كَانَ مُسْتَقِرًّا، وَالْيَقِينُ: اسْتِقْرَارُ الْإِيمَانِ فِي الْقَلْبِ عِلْمًا وَعَمَلًا، فَقَدْ يَكُونُ عِلْمُ الْعَبْدِ جَيِّدًا، لَكِنَّ نَفْسَهُ لَا تَصْبِرُ عِنْدَ الْمَصَائِبِ بَلْ تَطِيشُ. قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: إِذَا شِئْتَ أَنْ تَرَى بَصِيرًا لَا صَبْرَ لَهُ رَأَيْتَهُ، وَإِذَا شِئْتَ أَنْ تَرَى صَابِرًا لَا بَصِيرَةَ لَهُ رَأَيْتَهُ، فَإِذَا رَأَيْتَ بَصِيرًا صَابِرًا فَذَاكَ. قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=24وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ .
وَلِهَذَا تُشَبَّهُ النَّفْسُ بِالنَّارِ فِي سُرْعَةِ حَرَكَتِهَا وَإِفْسَادِهَا، وَغَضَبُهَا وَشَهْوَتُهَا مِنَ النَّارِ، وَالشَّيْطَانُ مِنَ النَّارِ. وَفِي السُّنَنِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=676075 "الْغَضَبُ مِنَ الشَّيْطَانِ، وَالشَّيْطَانُ مِنَ النَّارِ، وَإِنَّمَا تُطْفَأُ النَّارُ بِالْمَاءِ، فَإِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَوَضَّأْ". وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ :
[ ص: 261 ] nindex.php?page=hadith&LINKID=691561 "الْغَضَبُ جَمْرٌ تُوقَدُ فِي جَوْفِ ابْنِ آدَمَ، أَلَا تَرَى إِلَى حُمْرَةِ عَيْنَيْهِ وَانْتِفَاخِ أَوْدَاجِهِ"، وَهُوَ غَلَيَانُ دَمِ الْقَلْبِ لِطَلَبِ الِانْتِقَامِ. وَفِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَى صِحَّتِهِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=676019 "الشَّيْطَانُ يَجْرِي مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ".
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=655650أَنَّ رَجُلَيْنِ اسْتَبَّا عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدِ اشْتَدَّ غَضَبُ أَحَدِهِمَا، فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "إِنِّي لَأَعْلَمُ كَلِمَةً لَوْ قَالَهَا لَذَهَبَ عَنْهُ مَا يَجِدُ، لَوْ قَالَ: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ". وَقَدْ قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=34وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=35وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=36وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ، وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=199خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=200وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ، وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=96ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=97وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=98وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ .