[ ص: 263 ] فصل ( ينبغي
nindex.php?page=treesubj&link=20201الإنكار على الفعل غير المشروع وإن كثر فاعلوه ) .
ينبغي أن يعرف أن كثيرا من الأمور يفعل فيها كثير من الناس خلاف الأمر الشرعي ، ويشتهر ذلك بينهم ويقتدي كثير من الناس بهم في فعلهم . والذي يتعين على العارف مخالفتهم في ذلك قولا وفعلا ، ولا يثبطه عن ذلك وحدته وقلة الرفيق ، وقد قال الشيخ
محيي الدين النووي : ولا يغتر الإنسان بكثرة الفاعلين لهذا الذي نهينا عنه ممن لا يراعي هذه الآداب ، وامتثل ما قاله السيد الجليل
nindex.php?page=showalam&ids=14919الفضيل بن عياض : لا تستوحش طرق الهدى لقلة أهلها ، ولا تغتر بكثرة الهالكين .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13372أبو الوفاء ابن عقيل في الفنون : من صدر اعتقاده عن برهان لم يبق عنده تلون يراعي به أحوال الرجال . {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=144أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم } .
كان
الصديق رضي الله عنه ممن يثبت على اختلاف الأحوال فلم تتقلب به الأحوال في كل مقام زلت به الأقدام إلى أن قال : وقد يكون الإنسان مسلما إلى أن يضيق به عيش ، وإنما ديننا مبني على شعث الدنيا وصلاح الآخرة فمن طلب به العاجلة أخطأ .
[ ص: 263 ] فَصْلٌ ( يَنْبَغِي
nindex.php?page=treesubj&link=20201الْإِنْكَارُ عَلَى الْفِعْلِ غَيْر الْمَشْرُوعِ وَإِنْ كَثُرَ فَاعِلُوهُ ) .
يَنْبَغِي أَنْ يُعْرَفَ أَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْأُمُورِ يَفْعَلُ فِيهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ خِلَافَ الْأَمْرِ الشَّرْعِيِّ ، وَيَشْتَهِرُ ذَلِكَ بَيْنَهُمْ وَيَقْتَدِي كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ بِهِمْ فِي فِعْلِهِمْ . وَاَلَّذِي يَتَعَيَّنُ عَلَى الْعَارِفِ مُخَالَفَتُهُمْ فِي ذَلِكَ قَوْلًا وَفِعْلًا ، وَلَا يُثَبِّطُهُ عَنْ ذَلِكَ وَحْدَتُهُ وَقِلَّةُ الرَّفِيقِ ، وَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ
مُحْيِي الدِّينِ النَّوَوِيُّ : وَلَا يَغْتَرُّ الْإِنْسَانُ بِكَثْرَةِ الْفَاعِلِينَ لِهَذَا الَّذِي نَهَيْنَا عَنْهُ مِمَّنْ لَا يُرَاعِي هَذِهِ الْآدَابَ ، وَامْتَثِلْ مَا قَالَهُ السَّيِّدُ الْجَلِيلُ
nindex.php?page=showalam&ids=14919الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ : لَا تَسْتَوْحِشْ طُرُقَ الْهُدَى لِقِلَّةِ أَهْلِهَا ، وَلَا تَغْتَرَّ بِكَثْرَةِ الْهَالِكِينَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13372أَبُو الْوَفَاءِ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ : مَنْ صَدَرَ اعْتِقَادُهُ عَنْ بُرْهَانٍ لَمْ يَبْقَ عِنْدَهُ تَلَوُّنٌ يُرَاعِي بِهِ أَحْوَالَ الرِّجَالِ . {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=144أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ } .
كَانَ
الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِمَّنْ يَثْبُتُ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ فَلَمْ تَتَقَلَّبْ بِهِ الْأَحْوَالُ فِي كُلِّ مَقَامٍ زَلَّتْ بِهِ الْأَقْدَامُ إلَى أَنْ قَالَ : وَقَدْ يَكُونُ الْإِنْسَانُ مُسْلِمًا إلَى أَنْ يَضِيقَ بِهِ عَيْشٌ ، وَإِنَّمَا دِينُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى شَعْثِ الدُّنْيَا وَصَلَاحِ الْآخِرَةِ فَمَنْ طَلَبَ بِهِ الْعَاجِلَةَ أَخْطَأَ .