وذكر الشيخ
تقي الدين في فتاويه إنه لا ينبغي أن يسلم على من لا يصلي ولا يجيب دعوته ، انتهى كلامه ، وقطع بعض أصحابنا أنه لا تجب إجابة من يجوز هجره .
وقطع جماعة منهم بأنه الذي لا تجب إجابته ، وحكاه في المغني عن الأصحاب ، وقال : إنه لا يأمن اختلاط طعامهم بالحرام والنجاسة فعلى مقتضى هذا التعليل لا تجب إجابة مسلم في ما له شبهة ولا سيما إذا كثرت ، ولا من لا يتحرز من النجاسة ، ويلابسها كثيرا ، وقد سئل
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد عن الرجل يدعى إلى الختان أو العرس وعنده المخنثون ، فيدعوه بعد ذلك بيوم أو ساعة وليس عنده أولئك ؟ فقال : أرجو أن لا يأثم إن لم يجب ، وإن أجاب فأرجو أن لا يكون آثما .
وقال في المغني بعد ذكره لهذا النص : فأسقط الوجوب لإسقاط الداعي حرمة نفسه باتخاذ المنكر ولم يمنع من الإجابة لكون المجيب لا يرى منكرا ولا يسمعه وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد أيضا : إنما تجب الإجابة إذا كان المكتسب طيبا ولم ير منكرا ، وهذا يؤيد ما تقدم من مقتضى كلامه في المغني وقال في المغني بعد ذكره لهذا النص : فعلى هذا لا تجب
nindex.php?page=treesubj&link=18311إجابة من طعامه من مكتسب خبيث ; لأن اتخاذه منكر والأكل منه منكر ، فهو أولى بالامتناع ، وإن حضر لم يأكل .
وقال
صالح لأبيه : ما تقول في رجل شرب الخمر يدعوني إلى غذائه وعشائه أجيبه ، وأجالسه قال : تأمره وتنهاه فإن كان كسبه كسبا طيبا وعصى الله في بعض أمره يدعو لا يجاب .
وقال
المروذي : قيل
لأبي عبد الله وأنا شاهد : الرجل يكون في القرية أو الرستاق وسئل عن الشيء من العلم
[ ص: 297 ] فأهدي له الثمار وربما استعان بقوم يعملون في أرضه فقال : إن كان يكافئ وإلا فلا يقبل .
وقال
إسحاق بن إبراهيم : سئل
أبو عبد الله عن الرجل يهدى إليه الشيء أفترى أن يقبل ؟ فقال : قد {
nindex.php?page=hadith&LINKID=27495كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب } ، أرى له إن هو قبل أن يثيب .
وذكر
إسحاق في الأدب من مسائله أن إنسانا أهدى
لأبي عبد الله مرة شيئا ما يساوي ثلاثة دراهم قال : فأعطاني دينارا . فقال : اذهب فاشتر بعشرة دراهم سكرا وبتسعة دراهم تمرا برنيا واذهب به إليه ، ففعلت ، فقال اذهب به إليه بالليل .
nindex.php?page=showalam&ids=12251ولأحمد وغيره كلام كثير في قبول الهدية وقد ذكرته وبعض الأخبار فيه في موضع آخر .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر قال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب رضي الله عنه : نعم الشيء الهدية أمام الحاجة .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم نعم العون الهدية على طلب الحاجة وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15464الهيثم بن عدي وهو وإن كان كذابا متروكا فإنه إخباري علامة فقال : يقال : ما ارتضي الغضبان ، ولا استعطف السلطان ، ولا سلت السخائم ، ولا دفعت المغارم ، ولا توقي المحذور ، ولا استميل المهجور ، بمثل الهدية والبر وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16622تجاوزوا وتزاوروا وتهادوا ، فإن الهدية تثبت المودة وتسل السخيمة } قال الشاعر :
هدايا الناس بعضهم لبعض تولد في قلوبهم الوصالا وتزرع في الضمير هوى وودا
وتلبسهم إذا حضروا جمالا
.
وَذَكَرَ الشَّيْخُ
تَقِيُّ الدِّينِ فِي فَتَاوِيهِ إنَّهُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى مَنْ لَا يُصَلِّي وَلَا يُجِيبُ دَعْوَتَهُ ، انْتَهَى كَلَامُهُ ، وَقَطَعَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا تَجِبُ إجَابَةُ مَنْ يَجُوزُ هَجْرُهُ .
وَقَطَعَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ بِأَنَّهُ الَّذِي لَا تَجِبُ إجَابَتُهُ ، وَحَكَاهُ فِي الْمُغْنِي عَنْ الْأَصْحَابِ ، وَقَالَ : إنَّهُ لَا يَأْمَنُ اخْتِلَاطَ طَعَامِهِمْ بِالْحَرَامِ وَالنَّجَاسَةِ فَعَلَى مُقْتَضَى هَذَا التَّعْلِيلِ لَا تَجِبُ إجَابَةُ مُسْلِمٍ فِي مَا لَهُ شُبْهَةٌ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَثُرَتْ ، وَلَا مَنْ لَا يَتَحَرَّزُ مِنْ النَّجَاسَةِ ، وَيُلَابِسُهَا كَثِيرًا ، وَقَدْ سُئِلَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ عَنْ الرَّجُلِ يُدْعَى إلَى الْخِتَانِ أَوْ الْعُرْسِ وَعِنْدَهُ الْمُخَنَّثُونَ ، فَيَدْعُوهُ بَعْد ذَلِكَ بِيَوْمٍ أَوْ سَاعَةٍ وَلَيْسَ عِنْدَهُ أُولَئِكَ ؟ فَقَالَ : أَرْجُو أَنْ لَا يَأْثَمَ إنْ لَمْ يُجِبْ ، وَإِنْ أَجَابَ فَأَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ آثِمًا .
وَقَالَ فِي الْمُغْنِي بَعْدَ ذِكْرِهِ لِهَذَا النَّصِّ : فَأُسْقِطَ الْوُجُوبُ لِإِسْقَاطِ الدَّاعِي حُرْمَةَ نَفْسِهِ بِاِتِّخَاذِ الْمُنْكَرِ وَلَمْ يُمْنَعْ مِنْ الْإِجَابَةِ لِكَوْنِ الْمُجِيبِ لَا يَرَى مُنْكَرًا وَلَا يَسْمَعُهُ وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ أَيْضًا : إنَّمَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ إذَا كَانَ الْمُكْتَسِبُ طَيِّبًا وَلَمْ يَرَ مُنْكَرًا ، وَهَذَا يُؤَيِّد مَا تَقَدَّمَ مِنْ مُقْتَضَى كَلَامِهِ فِي الْمُغْنِي وَقَالَ فِي الْمُغْنِي بَعْد ذِكْرِهِ لِهَذَا النَّصِّ : فَعَلَى هَذَا لَا تَجِبُ
nindex.php?page=treesubj&link=18311إجَابَةُ مَنْ طَعَامُهُ مِنْ مُكْتَسَبٍ خَبِيثٍ ; لِأَنَّ اتِّخَاذَهُ مُنْكَرٌ وَالْأَكْلُ مِنْهُ مُنْكَرٌ ، فَهُوَ أَوْلَى بِالِامْتِنَاعِ ، وَإِنْ حَضَرَ لَمْ يَأْكُلْ .
وَقَالَ
صَالِحُ لِأَبِيهِ : مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ شَرِبَ الْخَمْرَ يَدْعُونِي إلَى غِذَائِهِ وَعَشَائِهِ أُجِيبُهُ ، وَأُجَالِسُهُ قَالَ : تَأْمُرُهُ وَتَنْهَاهُ فَإِنْ كَانَ كَسْبُهُ كَسْبًا طَيِّبًا وَعَصَى اللَّه فِي بَعْضِ أَمْرِهِ يَدْعُو لَا يُجَابُ .
وَقَالَ
الْمَرُّوذِيُّ : قِيلَ
لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ وَأَنَا شَاهِدٌ : الرَّجُلُ يَكُونُ فِي الْقَرْيَةِ أَوْ الرُّسْتَاقِ وَسُئِلَ عَنْ الشَّيْءِ مِنْ الْعِلْمِ
[ ص: 297 ] فَأُهْدِيَ لَهُ الثِّمَارُ وَرُبَّمَا اسْتَعَانَ بِقَوْمٍ يَعْمَلُونَ فِي أَرْضِهِ فَقَالَ : إنْ كَانَ يُكَافِئُ وَإِلَّا فَلَا يَقْبَلُ .
وَقَالَ
إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ : سُئِلَ
أَبُو عَبْدِ اللَّه عَنْ الرَّجُلِ يُهْدَى إلَيْهِ الشَّيْءُ أَفَتَرَى أَنْ يَقْبَلَ ؟ فَقَالَ : قَدْ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=27495كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ } ، أَرَى لَهُ إنْ هُوَ قَبِلَ أَنْ يُثِيبَ .
وَذَكَرَ
إِسْحَاقُ فِي الْأَدَب مِنْ مَسَائِلِهِ أَنَّ إنْسَانًا أَهْدَى
لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ مَرَّةً شَيْئًا مَا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ قَالَ : فَأَعْطَانِي دِينَارًا . فَقَالَ : اذْهَبْ فَاشْتَرِ بِعَشْرَةِ دَرَاهِمَ سُكَّرًا وَبِتِسْعَةِ دَرَاهِمَ تَمْرًا بَرْنِيًّا وَاذْهَبْ بِهِ إلَيْهِ ، فَفَعَلْتُ ، فَقَالَ اذْهَبْ بِهِ إلَيْهِ بِاللَّيْلِ .
nindex.php?page=showalam&ids=12251وَلِأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ كَلَامٌ كَثِيرٌ فِي قَبُولِ الْهَدِيَّةِ وَقَدْ ذَكَرْتُهُ وَبَعْضَ الْأَخْبَارِ فِيهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : نِعْمَ الشَّيْءُ الْهَدِيَّةُ أَمَامَ الْحَاجَةِ .
وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=54أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نِعْمَ الْعَوْنُ الْهَدِيَّةُ عَلَى طَلَبِ الْحَاجَةِ وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15464الْهَيْثَمُ بْنُ عَدِيٍّ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ كَذَّابًا مَتْرُوكًا فَإِنَّهُ إخْبَارِيٌّ عَلَّامَةٌ فَقَالَ : يُقَالُ : مَا اُرْتُضِيَ الْغَضْبَانُ ، وَلَا اُسْتُعْطِفَ السُّلْطَانُ ، وَلَا سُلَّتْ السَّخَائِمُ ، وَلَا دُفِعَتْ الْمَغَارِمُ ، وَلَا تُوُقِّيَ الْمَحْذُورُ ، وَلَا اُسْتُمِيلَ الْمَهْجُورُ ، بِمِثْلِ الْهَدِيَّةِ وَالْبِرِّ وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابْنُ عَبْد الْبَرِّ : وَقَدْ وَرَدَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=16622تَجَاوَزُوا وَتَزَاوَرُوا وَتَهَادَوْا ، فَإِنَّ الْهَدِيَّةَ تُثْبِتُ الْمَوَدَّةَ وَتَسُلُّ السَّخِيمَةَ } قَالَ الشَّاعِرُ :
هَدَايَا النَّاسِ بَعْضَهُمْ لِبَعْضِ تُوَلِّدُ فِي قُلُوبِهِمْ الْوِصَالَا وَتَزْرَعُ فِي الضَّمِيرِ هَوًى وَوُدَّا
وَتُلْبِسُهُمْ إذَا حَضَرُوا جَمَالَا
.