ثم ذكر حكم
nindex.php?page=treesubj&link=18177_18178_10043السجود لغير الله ; لأنه من متعلقات السلام .
مطلب : السجود يرد لمعان : وليس لغير الله حل سجودنا ويكره تقبيل الثرى بتشدد ( وليس لغير الله ) عز وجل ( حل ) أي شرع ( سجودنا ) معشر العباد ، وأما للملك الجواد ، فقد شرعه جل شأنه ، فتارة يكون فرضا ، وأخرى طاعة ونفلا .
قال
أبو بكر بن الأنباري من أئمة مذهبنا : السجود يرد لمعان ، منها الانحناء والميل من قولهم سجدت الدابة وأسجدت إذا خفضت رأسها لتركب . ومنها الخشوع والتواضع .
ومنها التحية ، وقال في قوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=100وخروا له سجدا } أنهم سجدوا
ليوسف إكراما وتحية ، وأنه كان يحيي بعضهم بعضا بذلك وبالانحناء فحظره رسول الله صلى الله عليه وسلم . وذكر كلامه الإمام الحافظ
ابن الجوزي ولم يخالفه ، فدل على موافقته .
وأما الإمام
ابن القيم في الهدي فجزم بتحريم السجود والانحناء والقيام على الرأس وهو
[ ص: 330 ] جالس . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12758ابن السكيت : يقال : سجد الرجل إذا طأطأ رأسه ، وسجد إذا وضع جبهته بالأرض انتهى .
فإذا كان السجود بوضع الجبهة على الأرض لا يحل لغير الله ; لأنه لا خضوع أعظم منه ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33671لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها } رواه الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد .
وروى
الحافظ أبو نعيم من طريق
غيلان بن سلمة الثقفي قال {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18462خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فرأينا منه عجبا ، جاء رجل فقال يا رسول الله إنه كان لي حائط فيه عيش عيالي ولي فيه ناضحان فحلان قد منعاني أنفسهما وحائطي وما فيه فلا يقدر أحد أن يدنو منهما ، فنهض نبي صلى الله عليه وسلم حتى أتى الحائط فقال لصاحبه : افتح ، فقال أمرهما عظيم ، فقال افتح ، فلما حرك الباب أقبلا ولهما جلبة أي صوت ورغاء فلما انفرج الباب ونظرا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بركا ثم سجدا ، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم برءوسهما ثم دفعهما لصاحبهما وقال استعملهما وأحسن علفهما ، فقال القوم تسجد لك البهائم أفلا تأذن لنا في السجود ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ؟ } ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنه عنهما ورواته ثقات .
وروى الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس رضي الله عنه قال {
كان أهل بيت من الأنصار لهم جمل يستنون عليه ، وإن الجمل استصعب عليهم فمنعهم ظهره ، فجاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكوا إليه استصعابه وقالوا : قد عطش الزرع ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه قوموا فقاموا ، فدخل الحائط ، والجمل في ناحيته ، فمشى النبي صلى الله عليه وسلم نحوه ، فقالت الأنصار يا نبي الله إنه قد صار مثل الكلب وإنا نخاف عليك صولته ، فقال ليس علي منه بأس ، فلما نظر الجمل إلى رسول الله أقبل نحوه حتى خر ساجدا بين يديه ، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 331 ] بناصيته أذل ما كانت حتى أدخله في العمل ، فقال له أصحابه يا رسول الله هذه بهيمة لا تعقل تسجد لك ، ونحن نعقل فنحن أحق أن نسجد لك قال لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر ، ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها } . وأخرج أيضا نحوه من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر رضي الله عنه
. وقال الإمام الحافظ
ابن رجب في كتابه الذل والانكسار للعزيز الجبار : السجود أعظم ما يظهر فيه ذل العبد لربه عز وجل ، حيث جعل العبد أشرف ما له من الأعضاء وأعزها عليه وأعلاها حقيقة أوضع ما يمكنه فيضعه في التراب معفرا ، ويتبع ذلك انكسار القلب وتواضعه وخشوعه ، ولذا كان جزاء العبد إذا فعل ذلك أن يقربه الله إليه ، فإن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم . وقال تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=19واسجد واقترب } وهو مما كان يأنف منه المشركون المتكبرون عن عبادة الله ، وكان بعضهم يقول : أكره أن أسجد فتعلوني استي . وإنما طرد الله إبليس لما استكبر عن السجود حين أمره الله به ، ولذا يبكي إذا سجد المؤمن ، ويقول أمر ابن
آدم بالسجود ففعل فله الجنة ، وأمرت فعصيت فلي النار .
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ليلة في سجوده {
أقول كما قال أخي داود عليه السلام أعفر وجهي في التراب لسيدي وحق لوجه سيدي أن تعفر الوجوه لوجهه } .
قال ومر
عصام بن يوسف nindex.php?page=showalam&ids=15665بحاتم الأصم وهو يتكلم في مجلسه ، فقال يا
حاتم تحسن تصلي ؟ قال نعم قال : كيف تصلي ؟ قال
حاتم أقوم بالأمر ، وأمشي بالخشية وأدخل بالنية ، وأكبر بالعظمة ، وأقرأ بالترسل والتفكر ، وأركع بالخشوع ، وأسجد بالتواضع ، وأجلس للتشهد بالتمام ، وأسلم بالسبيل والسنة ، وأسلمها إلى الله عز وجل ، وأرجع على نفسي بالخوف فأخاف أن لا تقبل مني ، وأحفظه بالجهد إلى الموت . فقال : تكلم فأنت تحسن تصلي . فالسجود من أعظم ما يظهر به التواضع والذل للمعبود وهو المقصود الأعظم من الصلاة فلهذا لا يحل إلا لله عز وجل فيحرم لأحد من الخلق .
ثُمَّ ذَكَرَ حُكْمَ
nindex.php?page=treesubj&link=18177_18178_10043السُّجُودِ لِغَيْرِ اللَّهِ ; لِأَنَّهُ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ السَّلَامِ .
مَطْلَبٌ : السُّجُودُ يَرِدُ لِمَعَانٍ : وَلَيْسَ لِغَيْرِ اللَّهِ حَلَّ سُجُودُنَا وَيُكْرَهُ تَقْبِيلُ الثَّرَى بِتَشَدُّدِ ( وَلَيْسَ لِغَيْرِ اللَّهِ ) عَزَّ وَجَلَّ ( حَلَّ ) أَيْ شُرِعَ ( سُجُودُنَا ) مَعْشَرَ الْعِبَادِ ، وَأَمَّا لِلْمَلِكِ الْجَوَّادِ ، فَقَدْ شَرَعَهُ جَلَّ شَأْنُهُ ، فَتَارَةً يَكُونُ فَرْضًا ، وَأُخْرَى طَاعَةً وَنَفْلًا .
قَالَ
أَبُو بَكْرِ بْنُ الْأَنْبَارِيِّ مِنْ أَئِمَّةِ مَذْهَبِنَا : السُّجُودُ يَرِدُ لِمَعَانٍ ، مِنْهَا الِانْحِنَاءُ وَالْمَيْلُ مِنْ قَوْلِهِمْ سَجَدَتْ الدَّابَّةُ وَأَسْجَدَتْ إذَا خَفَضَتْ رَأْسَهَا لِتُرْكَبَ . وَمِنْهَا الْخُشُوعُ وَالتَّوَاضُعُ .
وَمِنْهَا التَّحِيَّةُ ، وَقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=100وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا } أَنَّهُمْ سَجَدُوا
لِيُوسُفَ إكْرَامًا وَتَحِيَّةً ، وَأَنَّهُ كَانَ يُحَيِّي بَعْضُهُمْ بَعْضًا بِذَلِكَ وَبِالِانْحِنَاءِ فَحَظَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَذَكَرَ كَلَامَهُ الْإِمَامُ الْحَافِظُ
ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَلَمْ يُخَالِفْهُ ، فَدَلَّ عَلَى مُوَافَقَتِهِ .
وَأَمَّا الْإِمَامُ
ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الْهَدْيِ فَجَزَمَ بِتَحْرِيمِ السُّجُودِ وَالِانْحِنَاءِ وَالْقِيَامِ عَلَى الرَّأْسِ وَهُوَ
[ ص: 330 ] جَالِسٌ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12758ابْنُ السِّكِّيتِ : يُقَالُ : سَجَدَ الرَّجُلُ إذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ ، وَسَجَدَ إذَا وَضَعَ جَبْهَتَهُ بِالْأَرْضِ انْتَهَى .
فَإِذَا كَانَ السُّجُودُ بِوَضْعِ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ لَا يَحِلُّ لِغَيْرِ اللَّهِ ; لِأَنَّهُ لَا خُضُوعَ أَعْظَمُ مِنْهُ ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=33671لَوْ كُنْت آمِرًا أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْت الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا } رَوَاهُ الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ .
وَرَوَى
الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ مِنْ طَرِيقِ
غَيْلَانَ بْنِ سَلَمَةَ الثَّقَفِيِّ قَالَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18462خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فَرَأَيْنَا مِنْهُ عَجَبًا ، جَاءَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهُ كَانَ لِي حَائِطٌ فِيهِ عَيْشُ عِيَالِي وَلِي فِيهِ نَاضِحَانِ فَحْلَانِ قَدْ مَنَعَانِي أَنْفُسَهُمَا وَحَائِطِي وَمَا فِيهِ فَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يَدْنُوَ مِنْهُمَا ، فَنَهَضَ نَبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَتَى الْحَائِطَ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ : افْتَحْ ، فَقَالَ أَمْرُهُمَا عَظِيمٌ ، فَقَالَ افْتَحْ ، فَلَمَّا حُرِّكَ الْبَابُ أَقْبَلَا وَلَهُمَا جَلَبَةٌ أَيْ صَوْتٌ وَرُغَاءٌ فَلَمَّا انْفَرَجَ الْبَابُ وَنَظَرَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَرَكَا ثُمَّ سَجَدَا ، فَأَخَذَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرُءُوسِهِمَا ثُمَّ دَفَعَهُمَا لِصَاحِبِهِمَا وَقَالَ اسْتَعْمِلْهُمَا وَأَحْسِنْ عَلَفَهُمَا ، فَقَالَ الْقَوْمُ تَسْجُدُ لَك الْبَهَائِمُ أَفَلَا تَأْذَنُ لَنَا فِي السُّجُودِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ أَمَرْت أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ لَأَمَرْت الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا ؟ } وَرَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْهُمَا وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ .
وَرَوَى الْإِمَامُ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=9أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ {
كَانَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ الْأَنْصَارِ لَهُمْ جَمَلٌ يَسْتَنُّونَ عَلَيْهِ ، وَإِنَّ الْجَمَلَ اسْتَصْعَبَ عَلَيْهِمْ فَمَنَعَهُمْ ظَهْرَهُ ، فَجَاءُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَكَوْا إلَيْهِ اسْتِصْعَابَهُ وَقَالُوا : قَدْ عَطِشَ الزَّرْعُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَصْحَابِهِ قُومُوا فَقَامُوا ، فَدَخَلَ الْحَائِطَ ، وَالْجَمَلُ فِي نَاحِيَتِهِ ، فَمَشَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ ، فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إنَّهُ قَدْ صَارَ مِثْلَ الْكَلْبِ وَإِنَّا نَخَافُ عَلَيْك صَوْلَتَهُ ، فَقَالَ لَيْسَ عَلَيَّ مِنْهُ بَأْسٌ ، فَلَمَّا نَظَرَ الْجَمَلُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ أَقْبَلَ نَحْوَهُ حَتَّى خَرَّ سَاجِدًا بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [ ص: 331 ] بِنَاصِيَتِهِ أَذَلَّ مَا كَانَتْ حَتَّى أَدْخَلَهُ فِي الْعَمَلِ ، فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ بَهِيمَةٌ لَا تَعْقِلُ تَسْجُدُ لَك ، وَنَحْنُ نَعْقِلُ فَنَحْنُ أَحَقُّ أَنْ نَسْجُدَ لَك قَالَ لَا يَصْلُحُ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ ، وَلَوْ صَلَحَ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ لَأَمَرْت الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا مِنْ عِظَمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا } . وَأَخْرَجَ أَيْضًا نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
. وَقَالَ الْإِمَام الْحَافِظُ
ابْنُ رَجَبٍ فِي كِتَابِهِ الذُّلُّ وَالِانْكِسَارُ لِلْعَزِيزِ الْجَبَّارِ : السُّجُودُ أَعْظَمُ مَا يَظْهَرُ فِيهِ ذُلُّ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، حَيْثُ جَعَلَ الْعَبْدُ أَشْرَفَ مَا لَهُ مِنْ الْأَعْضَاءِ وَأَعَزَّهَا عَلَيْهِ وَأَعْلَاهَا حَقِيقَةً أَوْضَعَ مَا يُمْكِنُهُ فَيَضَعُهُ فِي التُّرَابِ مُعَفَّرًا ، وَيَتْبَعُ ذَلِكَ انْكِسَارُ الْقَلْبِ وَتَوَاضُعُهُ وَخُشُوعُهُ ، وَلِذَا كَانَ جَزَاءُ الْعَبْدِ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ أَنْ يُقَرِّبَهُ اللَّهُ إلَيْهِ ، فَإِنَّ أَقْرَبَ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ كَمَا صَحَّ ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقَالَ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=19وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ } وَهُوَ مِمَّا كَانَ يَأْنَفُ مِنْهُ الْمُشْرِكُونَ الْمُتَكَبِّرُونَ عَنْ عِبَادَةِ اللَّهِ ، وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ : أَكْرَهُ أَنْ أَسْجُدَ فَتَعْلُونِي اسْتِي . وَإِنَّمَا طَرَدَ اللَّهُ إبْلِيسَ لَمَّا اسْتَكْبَرَ عَنْ السُّجُودِ حِينَ أَمَرَهُ اللَّهُ بِهِ ، وَلِذَا يَبْكِي إذَا سَجَدَ الْمُؤْمِنُ ، وَيَقُولُ أُمِرَ ابْنُ
آدَمَ بِالسُّجُودِ فَفَعَلَ فَلَهُ الْجَنَّةُ ، وَأُمِرْت فَعَصَيْت فَلِيَ النَّارُ .
وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ لَيْلَةً فِي سُجُودِهِ {
أَقُولُ كَمَا قَالَ أَخِي دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَامُ أُعَفِّرُ وَجْهِي فِي التُّرَابِ لِسَيِّدِي وَحُقَّ لِوَجْهِ سَيِّدِي أَنْ تُعَفَّرَ الْوُجُوهُ لِوَجْهِهِ } .
قَالَ وَمَرَّ
عِصَامُ بْنُ يُوسُفَ nindex.php?page=showalam&ids=15665بِحَاتِمٍ الْأَصَمِّ وَهُوَ يَتَكَلَّمُ فِي مَجْلِسِهِ ، فَقَالَ يَا
حَاتِمُ تُحْسِنُ تُصَلِّي ؟ قَالَ نَعَمْ قَالَ : كَيْفَ تُصَلِّي ؟ قَالَ
حَاتِمٌ أَقُومُ بِالْأَمْرِ ، وَأَمْشِي بِالْخَشْيَةِ وَأَدْخُلُ بِالنِّيَّةِ ، وَأُكَبِّرُ بِالْعَظَمَةِ ، وَأَقْرَأُ بِالتَّرَسُّلِ وَالتَّفَكُّرِ ، وَأَرْكَعُ بِالْخُشُوعِ ، وَأَسْجُدُ بِالتَّوَاضُعِ ، وَأَجْلِسُ لِلتَّشَهُّدِ بِالتَّمَامِ ، وَأُسَلَّمُ بِالسَّبِيلِ وَالسُّنَّةِ ، وَأُسَلِّمُهَا إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَأَرْجِعُ عَلَى نَفْسِي بِالْخَوْفِ فَأَخَافُ أَنْ لَا تُقْبَلَ مِنِّي ، وَأَحْفَظُهُ بِالْجَهْدِ إلَى الْمَوْتِ . فَقَالَ : تَكَلَّمْ فَأَنْتَ تُحْسِنُ تُصَلِّي . فَالسُّجُودُ مِنْ أَعْظَمِ مَا يَظْهَرُ بِهِ التَّوَاضُعُ وَالذُّلُّ لِلْمَعْبُودِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ مِنْ الصَّلَاةِ فَلِهَذَا لَا يَحِلُّ إلَّا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيَحْرُمُ لِأَحَدٍ مِنْ الْخَلْقِ .